Skip to main content

Full text of "هكذا تكلم #زرادشت ♣نيتشه"

See other formats


فريدريش نيتشه 


هكذا د تكلم زرادشت 


كتاب للجميع ولغير أحد 





عن الألمانيّة 


علي مصباح 


منشورات الجمل 





فريدريش نيتشه: هكذا تكلم زرادشت 


فريدريش نيتشه 


هكذا تكلم زرادشت 


كتاب للجميع ولغير أحد 


عن الألمانيّة 


علي مصباح 


نوتسن وتوفي يمدينه قايمار بألمانيا. 
ت AA . ۸A۲(‏ ما وراء الخير 
ضبة فاغثر )۸۸۸(. 





ولد علي مصباح عام 140۲ يتودس. رواتي ومار جم توئسي بقيم بيرلين. صدر له 
عن منشورات الجمل: بيدر سلوتردابك: «الإنجبل» الخامس لنيتشه (ترجمة) 
۰۰۲. فريدريش نيتشه: هذا هو الإنسان (ترجمة) ۲۰۰۲. 


فريدريش نيتشه: هكذا تكلم زرادشت» كتاب للجميع ولغير أحد 
ترجمها عن الآلمانيّة: علي مصباح 
الطبعة الأولى ۲-۷ 
كافة حقوق النشر والاقتباس 
محفوظة لمنشورات الجملء كولونيا (ألمانيا) ‏ بغداد ۲١٠١۷‏ 


Fricdrich Nictzsche: Also sprach لامك‎ 


Ein Buch für Alle und Kcincıu (888) 


O Al-Kamel Verlag 2007 
Postfach 210149. 50527 Köln. Germany 
Tel: 0221 736982. Fax: 0221 7326763 


E-Mail: KAlmaalyttaol.com 


OTS‏ باتعا يه على لاني أن 
على لسان اللاأخلاقي الأول إسم زرادشت. ذلك أن ما كان يمل الطابع 
الفريد الهائل لهذه الشخصيّة الفارسيّة عبر التاريخ هو بالضبط نقيض هذا 
الذي نحن بصدده الآن. لقد رأى زرادشت في الصراع القائم بين الخير 
NSA NE OLA EAE‏ لين أنها 
طاقة. وسبب» وهدف فى ذاتهء هى من صنيعه . إلا أن هذا السؤال بإمكانه 
أن يكون في حد ذاته 000 فقد ابتدع زرادشت هذا الخطأ الشنيع؛ 
الأخلاق» وبالتالي كان عليه أن يكون أل من يعترف بهذا الخطأ. ليس 
فقط لكونه يملك أطول وأكثر تجربة من كل المفكرين ‏ فالتاريخ بكليته هو 
التفنيد التجريبي لمقولة «النظام الكوني للقيم» المزعومة ‏ بل الأهمّ هنا هو 
أن زرادشت أكثر مصداقيّة من أيّ مفكر آخرء فتعاليمهء وتعاليمه وحدهاء 
تعتمد الحقيقة قيمة أعلى؛ بما يعني أنّها النقيض لجبن «المثاليّين» الذين 
يعمدون إلى الهروب من الحقيقة. إن زرادشت يمتلك من الشجاعة ما يفوق 
شجاعة كل المفكرين مجتمعين. التكلّم بالحقائق وإتقان الرّماية؛ تلك هي 
الفضيلة الفارسيّة. ‏ هل فهمتموني؟ تجاوز الأخلاق لذاتها من منطلق 
الصدق» وتجاوز الأخلاقيّ لذاته ليحل في نقيضه ‏ في آنا - ذلك هو ما 

يعنيه إسم زرادشت على لساني . 
فريدريش نيتشه؛ «هذا هو الإنسان» (00زمط (Ecce‏ 


(لم آنا أقدر؟) ‏ نشر: منشورات الجمل» ٠٠٠۳‏ 


بإمكان أي متأوّل من أي اتجاه أو مذهب فكري أن يقول ما يريد 
عن نيتشه وفلسفته؛ أن ينبذه أو سس تنه أو يعتبره مجنوناء شاعرا 
أهوج . تیا ديفا إلا آله سيظل إحدى العلامات الكبرى في تاريخ 
الفلسفة الكونيّة. بل علامة مميّزة وحرًا وقطيعة في تاريخ الفكر عامة. 

عندما قرأنا «هكذا تكلم زرادشت» ونحن ما نزال نتلمس طرقنا إلى 
المعرفة (وهنا أتكلم بنون الجماعة عن جيلي الذي فتح عينيه على 
المعارف الكونية في أواخر الستينات وبداية السبعينات من القرن 
المنصرم)» وعودنا ما يزال طريّاً وتجاربنا محدودة وضئيلة» وكذلك 
معارفناء البهرنا وفتنًا بالنبرة الحاذة والعبارة الراجمة والنغمة الراقصة 
لذلك. النضص . كنا آنذاك مفعونين ينص أدب في المقام الأول لم تكن 
لدينا من الأدوات المعرفية والتكوين الفلسفي ما يمكننا من تجاوز 
الطبقة الأولى للنص والعبور إلى طبقاته الخفية وتمتّل الأبعاد الفكرية 
الخطيرة التي ينطوي عليها. كان لدينا فقط مجرد إحساس بأننا أمام 
نص جميل وقويّ جعلنا نتنفس من هواء جبليَ نقيّ وحاد. ونشعر 
بنشوة حريّة لا معهودة تسري في كياننا. إلى عند هذا الحد كان يقف 
انبهارنا بذلك الكتاب انذاك . 


لعل ما يميز هذا الكتاب عن المؤلفات الفلسفية جميعها تقريبا هو 
طابعه الأدبى الشعري الذي يجعل منه كتابا «للجميع» كما يسميه 
صاحبه. ولعله لا بد أن نعود أكثر من ألفى سنة إلى الوراء؛ أي إلى 
أفلاطون كي نعثر على كتب فلسفية محررة بشكل أدبي يمكن أن 
يجعل منها كتبا للمطالعة تستطيع أن تكون في متناول «الجميع». 


لكن هنا بالذات تكمن إحدى المخاطر التي يمكن أن تتربص بكاتب 
كبير» وبنص عظيم . ويظل السؤال هنا إلى أي حذ يستطيع كتاب من هذا 
النوع أن يحصّن نفسه من تكالب المتطفلين» والمعجبين الزائفين؟ «هل 
ينبغى علينا أن نؤكد مرة أخرى على الغرابة التى ميّزت «التأثير التاريخى» 
الذي كان لهء بحيث لم يُكتب لأحد غيره إلى حد الآن أن نظل بغر تناع 
عن التميّز والتفرّد» وينجح في استقطاب الخساسة والغوغاء؟» هكذا يكتب 
بيتر سلوتردايك في مستهل كتابه «الإنجيل الخامس لليتشه» الصادر سنة 
١‏ بمناسبة لذكرى المئوية لوفاة نيتشه. 


هناك أمر مهم في عنوان الكتاب قد أهمله أغلب مترجمي نيتشه 
وحتى بعض واضعي النسخ المتنوعة باللغة الألمانية» وهو العنوان 
الفرعي الذي جاء كالاتي: «كتاب للجميع ولغير أحد». لا أدري ما 
هو سر هذا الإهمالء لكنه إقصاء لعنصر مهم في العنوان: نبرة معايثة 
ومشاغبة ومستفِرّة كان يمكن للقارئ أن يقف عليها قبل الشروع في 
القراءة» ويتوقف عندها إن طويلا أو للحظة قصيرة. وإذا ما عدنا إلى 
جملة سلوتردايك آنفة الذكر فسنلمس الخطورة الناجمة عن هذا 
الإهمال أو التناسي للعنوان الفرعي للكتاب. إذ يبدو أن أغلب القراء 
(«الجميع») قد ا عند المستوى الأولى والطبقة السطحية للكتاب؛ 


أي ذلك الجانب ادي الشعري والمستوى السردي الذي يجعله كتابا 


A 


اللجميع؛ في حين هو في الان كمه مولت تد الخو أو :كما يدق 
المسلك إليه» حسب عبارة الخليل بن أحمد. أو ذلك القول الذي 
«بعضه كالغائب عنه وبعضه كالبعيد الحضرة لا يُنال إلا بعد قطع مسافة 
إليه» وفضل تعطف بالفكر عليه». 


الحدث النيتشوي كان حدثا كارثيا داخل تاريخ الفلسفة. أول 
فيلسوف يعلن حربا مفتوحة على الفلاسفة والفلسفة السائدة ويطرح 
أسئلة مقلقة ومزعجة على الفكر وعلى «ضمير الفكر» أيضا. أسئلة 
حول الدين والأخلاق والمجتمع وقيم الخير والس محرجة ومقلقة 
كانت تلك الأسئلة لأنها تواجه أكاذيب آلاف السنين بصراحة نادرةء أو 
غير معهودة من طرف فيلسوف على الأقل. يراهن نيتشه بكل شيء من 
أجل مغامرة فكرية غير مريحة ولا آمنة؛ يراهن بأكاليل المجد 
والاعتراف وبكل ما يمكن لمفكر أو كاتب «عاقل» و«رصين» أن ينال 
بو الاكتبازانة ل وک ا كل ذلك ان کون مر ا أو 
أفبشوكة: ريد :أن أكون قدا يل أففكل أن أكون هه ا 
ولعلني بالفعل أضحوكة». يكتب في هذا هو الإنسان. من أجل ماذا 
يقدم نيتشه على هذا الرهان؟ من أجل الحقيقة التي هي مبتغاه الأول 
والأخير. أداته فى ذلك ملازمة الصدق الذي يجعل منه القيمة 
الأخلاقية الأولى للعقول النبيلة . 

من يجعل من الصدق مبدأه الأول لن بول اعتبارا للمحاملة 
والمداراة والمصالحات» ويعدو بذلك مزعجاء وقد يرى فيه الكثيرون 
(«مجرد أحمق» أهوج. بل مهرجا وأضحوكة. ا(اومع ذلك؟ فالحقيقة 
هى التى تنطق من خلالى. لكنّ حقيقتى فظيعة. ذلك أنّ الكذب هو 
الذي ظل يدعى حقيقة حتى الآن»» يضيف في نفس الفقرة. 


84 


أكثر ن ماكة مح رت على ها كه هذا الفلهورف الدى مى 
نفسه «عبوة ديناميت». واليوم» ونحن في بداية القرن الواحد N‏ 
مازالت هذه المواجهة الصريحة والصادقة تحرج وتربك الكثيرين» لأن 
نيتشه الذي كان يعرف أنه لا يكتب لعصره آنذاك يبدو كما لو أنه 
ينهض من سباته» وذلك منذ النصف الثاني من القرن المنصرم. بل 
لنقل أن آخر القرن العشرين» وهو يتعثر في ركام الأفكار والقيم 
الإنسانية التي بعثرتها الحربان العالميتان قد اكتشف نيتشه من جديد. 
وها هو ذلك الحلم الذي راوده ذات مرة مثل يتوبيا: أن يشهد العالم 
في يوم ما اهتماما بفكره وأن تنشأ كراسي محاضرات جامعية حول 
زرادشت. هاهو يتحقق على نطاق واسع» في فرنسا وأميركا أولا ثم 
في ألمانيا وهولندا واليابان - وربما في البلاد العربية في القرن القادم» 
لم لا؟ ‏ هناك اليوم كراسي محاضرات جامعية حول زرادشت» بل 
وهناك أيضا مجلات علمية مختصة» مثل مجلة «الدراسات النيتشوية» 
باألهانياب ومجموعات بحوث مثل مجموعة جامعة نايُمِيحَنّْ (معوعدزئلا) 
بهولندا التي تنكب حاليا على تأليف معجم «القاموس النيتشوي» الذي 
صدر منه إلى حد الآن الجزء الأول ٠٠٠(‏ صفحة) من مجمل أربعة 
أجزاء. وهناك مجموعة Nietzsche Circle‏ اnlernationa!‏ التي تضم 
باحثين في الحقل الفلسفي وفنانين من رسامين وسنمائيين ومسرحيين 
وتتركز أعمال هذه المجموعة بين نيويورك وفيينا. 

بعد أكثر من مائة سنة ما زال «الممسكون بالحقيقة» الرسمية 
يرفعون ثنائية الخير والشرّ لافتة فوق محل بضاعتهم القديمة المتجددة. 
وعندما تطلع علينا رسالة «البشرى السعيدة» في صيغتها الحديثة 
بمصطلح «محور الشر» الذي أتى في بداية هذا القرن ملمّعا ببريق 


1 


عن الحقيقة لن يجد له من سند فلسفى فى مسعاه الفكري المستقل لا 
في هيغل ولا في كنط ولا في ماركس» ولا في أفلاطون أيضاء بل 


فی نمتشه» وليتشه وحله. 


وعندما تتحول قوة إمبريالية بطموحات إمبراطورية كونية إلى كيان 
تخ لنيدا الخ الكو وال آدن لق وشالة إنقاة هن الله 
مباشرة (إنه فعلا لإله E‏ الشفقة هذا الذي لم يجد له من قناة 
لإبلاغ رسالته غير أذن جورج دابل يو بوش!)» وإلى يد الله المرتبة 
لفوضى الكونء فإن المفكر الذي يريد أن يفهم أوَلا ويتمتّل آليات هذه 
الأكذوبة الأبدية المتجددة سيجد نفسه يطرح الأسئلة النيتشوية القلقة 
المقلقة والمشاغية . 


إن الأمر لا يتعلق هنا بالبحث عن سند نظري لإديولوجيا سلموية 
تناشد التناغم الكوني ضمن سلام دائم شامل ومطلق. بل يتعلق الأمر 
بالببحث عن مرتكز فكري لمراجعة وتدقيق مبدأ «إرادة القوة» التى تقود 
مسيرة العالم والحياة في مجملها. «إرادة القوة»». لا بمعنى النزوع 
العنفوي إلى التسلط كما يذهب إلى ذلك التأويل السطحى (وبالمناسبة 
كثيرا ما ترجمت العبارة ب«إرادة السلطة) نتيجة لفهم خاطيئع لعبارة 
Macht‏ الألمانية» أو هه الفرنسية» وكلاهما تفيدان: القوةء 
وكذلك السلطة فك سياق محدد)» بل كقانون طبيعى مداخل لمبداً 
الحياة نفسه؛ المبداً القائم على الحركة والتناقض والتقاتل والتجاوز 
والتغيير: قانون قد أثبتته العلوم الطبيعية والبيولوجيا والفيزياء. فالحياة 
قائمة في أبسط جزئياتها (الأجسام المعدنية» النبات» الحيوان) على 
مبدأ صراع المتناقضات: صراع الجديد ضد القديم» صراع العناصر 


1١١ 


الناشئة المتوثبة ضد عناصر الخمول والتداعى والتفكك . إنه مبدأ «إرادة 
القوّة» الذي يحرك الحياة» وليست «إرادة الحياة» بما معناه أن الكائن 
هو الذي يريد الحياة؛ إذ ما هو حيّ لا يريد الحياة» بما هي متحققة 
فيه» وما هو ليس حي لا يستطيع أن يريد. E j‏ يهال E‏ 
«حيثما تكون هناك حياة فقطء. تكون هناك أيضا إرادة؛ لكن ليست 
إرادة الحياةء بل وهذا ما أعلمك إيّاه ‏ إرادة القَوّة!» إذأء من خلال 
إرادة القوّة. فإن عناصر القوة والنموٌ والتطور والتجدد داخل الكائن هى 
التي تدفع عنها العناصر المتراخية والمتخاذلة التي لم تعد قادرة ل 
الحركة والتطورء ولا تسحرها غير أنغام الاستسلام إلى خدر الموت. 
«إرادة القوة» هو القانون الذي يدفع إلى المغامرة باتجاه المجهول ‏ 
لا ذلك الذي يشد إلى اليقين والأمان والثبات فى المحافظة على 
المنجز. القلق الذي يدفع بالمفكر إلى حالة من ا الدائم؛ إن 
زرادشت مسافر رخالة جوّال» وهو شبيه في ذلك إلى حد بعيد 
بدراويش المتصوفةء لأنهم هم أيضا بحّاثون قلقون لا يرتاحون إلى 
دفء اليقين والحقائق المتأسسة في الثبات: «رحالة أنا ومتسلق 
جبال(. . .) / وكل ما سيحل بي بعدها من وقائع وأقدار/ ترحالا 
سيكون ذلك» وتسلق جبال: / فالمرء لا يعيش سوى ذاته في كل 
شيء بالنهاية» . 1 


د د ”د 
محنة نيتشه على ثلاثة وجوه؛ أو هى ثلاث محن: 
- أوّلها الوحدة القاسية التي كانت تحيط به وبفكره المارق المتنطع 
على كل السلطات والأعراف. وحدة جحود ونكران رافقته طوال حياته 
وما انفك يتذمر منها فى كل رسائله إلى أصدقائه وخاصة فى مراسلاته 


1 


مع صديقه عالم اللاهوت من جامعة بازل فرانز أوفربك. وحدة كان 
يغذيها مع ذلك بمزيد من التنطع والمثابرة على دربه الفلسفى المتفردء 
وكثيرا ما تجد اصدا مديحه لها غلى لشان زرادشت: افر إلى 
وحدتك يا صديقي!». كان نيتشه يدرك تمام الإدراك أنه يكتب لأجيال 
من غير عصره وأن «ساعته» لم تحل بعد كما يكرر ذلك في الكثير من 
المواقع من كتاباته وعلى لسان زرادشت بصفة مكثفة. 


عندما كنت مقيما في قصر فيبرسدورف في إطار منحة من أجل 
التفرغ للكتابة» وكنت عندها بصدد إنهاء ترجمة كتاب «هذا هو 
الإنسان»» وكان حولي أكثر من عشرين كاتبا وكاتبة ورسامين ومؤلفين 
موسيقيين» كانت العيون تجحظ عندما أسأل عن نوعية العمل الذي 
جئت للقيام به هناك وأجيب بأنني:بصدد ترجمة نيتشه. «نيتشه باللغة 
العربية!» كنت غالبا ما أسمع. وكنت أجيب بأن نيتشه يكتب بلغة 
شرقيّة هي لغة الأناجيل ولها قرابة كبيرة مع لغة المتصوّفة العرب. 
فيذهل الناس أكثر» وهناك من كان يعتقد إنني مشعوذ. بل هناك من 
يسألني أحيانا: وهل للناس هناك اهتمام بمثل هذه الأمور؟ ليضيف 
بعدها: نحن الألمان أنفسنا لا نستطيع أن نفهمه. وكنت دوما أجيب: 
إننا هناك («ءطتعل هل) غالبا ما نشعر بالملل في صحارينا الشاسعة 
وفيافينا القاحلة وراء قطعان الجمال فنتسلى بين الحين والحين بمثل 
هذه الحماقات. ثم أن لا يكون الألمان غير قادرين على فهم نيتشه 
فذلك ما لا يفاجئني» فقد سبق أن قال هو نفسه بان الألمان آخر من 
يمكنهم أن يفهموه. وكنت في الأثناء ألاحظ حماساً أكثر لدى الشباب 
والفتيات لمشروعي الجنوني» وأدركت أيضا أنهم يعرفون نيتشه 
ويرف كتاباته اکر مخ المتقدميق: هيا فى البمن+ 


1۳ 


إنه فى كلمة واحدة فيلسوف القرن الواحد والعشرين. لذلك ظل 
وحيدا و ظوال ما قارف قرا هن :الرمن ؛ 

- المحنة الثانية هي محنة استعماله وتأويله ذلك التأول الشنيع الذي 
وظف أفكاره الفلسفية ‏ وذلك بالرغم من تحذيراته المتكررة وتخوفاته 
التي عبر عنها مرارا وآخرها في كتاب «هذا هو الإنسان» لأغراض 
إديولوجية وسياسية شنيعة حتى غدا إسمه مقترنا بتلك الشناعات 
والفظاعة الكبرى التي وسمت القرن العشرين بميسم الإجرام الجنوني . 
لقد كان ذلك هو تأويل (الجميع؟. 

- النتهما محنة ترجمته» أو ما أصيبت به كتاباته من عمل رجم 
وترجيم من طرف عدد غير قليل من المتطفلين («الجميع» مرة 
أخرى). نوع آخر من السطو والاغتصاب ما يزال متواصلا إلى يومنا 
هذا. 

© © © 

لعل الصعوبة الكبرى التي يلاقيها مترجم «هكذا تكلم زرادشت» 
تكمن في ذلك التفرد اللغوي الذي جاء عليه. ويتمثل هذا التفرّد في 
أن نيتشه يكتب هنا بلغتين متلاحمتين مندمجتين داخل لغة واحدة: لغة 
الأناجيل من جهة» وهو اختيار واع لأنه كان يضع نصب عينيه آنذاك 
غاية محددة من وراء هذا الكتاب الذي حوصل فيه وجمع كل أفكاره 
الفلسفية التى وردت فى كتاباته الأخرى» فى شكل أدبن مكتّف أراد 
أن يجعل 5 «إنجيلا) 00 أو «خامسا». أو إنجيلا ا وبكلمة 
واحدةء نَقْضٌ للأناجيل في كتاب يتكلم لغة تلك الأناجيل. 

ولنقراً ما يرد في الرسالة التي حررها إلى الناشر أرنست شمايتسنز 
في الثالث عشر 60 فبراير ۳ : 


١ 


«حضرة السيد الناشر المحترم» 

إن لدي اليوم خبرا جميلا أزفه إليكم: لقد قمت بخطوة حاسمة - 
أعنى بذلك» وعلى سبيل الإشارة» أنها خطوة من المفترض أن تكون 
مفيدة بالنسبة لكم أيضا. يتعلق الأمر بمؤلئف صغير (ما يقل عن ٠‏ 
صفحة مرقونة) يعنوان: 

هكذا تكلم زرادشت 

«مقطوعة شعرية» أو «إنجيل خامس»» أو أى شىء آخر لا يوجد له 
إسم بعد: إنه أكثر مؤلفاتي جديّة وجرأة. وهو في متناول 
الجميع E‏ ولا 

زفق ٠١‏ أبريل من نفشاليئتة يكنب ية إلى فيد يقته مالفيلذا 
فون مايزنبورغ: «إنها قصة رائعة: لقد تحدّيت كل الديانات ووضعت 
«کتابا مقدسا» جديدا! 

وبكل جديّة أقول إنه على غاية من الجد كما لم يسبق لكتاب آخر 
أن يكون. وإن کان قد استوعب الضحك وأدمحه داخل الدين» . 

الأسلوب الإنجيلي واضح جليّ في هذا الكتاب من خلال العبارة 
والنبرة وطريقة المخاطبة واعتماد الصور الانجيلية النمطية والكلام 
بافعاك واستعارات» وكذلك البناء الذي يعتمد تقطيع النص حسب 
أبيات أو ما يمكن أن نسميه آيات باللغة القرآنية» ذلك أنها غير موزونة 
ولا مقفاة . 

هذا هو الوجه الأول لهذه اللغة» وهو ما أهمله العديد من 
المترجمين ولم ينجح في الإيفاء به غير قلة قليلة. ولعله تجدر الإشارة 


10٥ 


هنا إلى أن الترجمة الأنكليزية قد أفلحت أكثر من الترجمات الفرنسية 
في الحفاظ على مكونات هذه اللغة المتميزة. 

أما الوجه الثانى لهذه اللغة فيتمثل فى الكتابة بلغة ألمانية» شعرية 
لكنها دقيقة إلى ا الحدود. ويذهب م فى هوسه بالدقة إلى حد 
اجتراح عبارات ومصطلحات كن I‏ اللغة الألمانية 
التي تعتمد التركيب اللفظي بطريقة قلما تسمح بها لغة أخرى. وأرقى 
ما تتوصل إليه هذه اللغة من الدقة يتجسد فى ذلك التلاعب اللفظى 
الذي تمنحه التنويعات العديدة عن لفظة ا واحدة بفضل السو 5 
المتنوعة المنضافة إليهاء مما يسهّل عمليات الجناس والطباق وأحيانا 
اللعب على الغموض والالتباس المفتعل» أو المقصود» وعلى 
التشطيق: والكنانة : 

هذه التوليفة الفلسفية الشعرية هي التي جعلت نيتشه مبدعا في 
مجال اللغة أيضا. لقد أعطى نيتشه للغة المفهومية حرارة جديدة غير 
مألوفة فى لغة الفلاسفة إلى حد ذلك الزمن. اللغة فى كتابات نيتشه 
رقن الشكرا الكل رمدي » طداضية كاه شن بنانقو بالبع ةدر 
بحركات عديدة هادرة متدافعه متعارضة. فالكلمات لديه هي «الحيّز 
الذي يعلن فيه الوجود عن هويّته متسترا متكنّما على نفسه» كما يقول 
هايدغر. اللغة ليست قوالب جامدة» وليست ترسانة أدوات محايدة» 
أو قوالب تُصبٌ فيها المعاني» بل كيانات نابضة بالحياة. ونبضها لا 
ينتعش في ثبات المعاني - أو أحاديّة المعنى ‏ بل في اضطراب العبارة 
بحشد من الحركات. كلاء لم يُمنح الإنسان قاموسا جاهزا من أسماء 
الأشياء كلهاء بل هو الذي ابتدع اللغة ونحتها من حركية الحياةء ومن 
الحشود المتضاربة المتصادمة المتداخلة من الحركات التي تعج بها 


11 


الحياة. للكلمات أنفاس وشهقات مكتومة وإيماءات خجولة أحيانا 
متستّرة غاية التستّر» متسئّعة متغنّجة. والكاتب المبدع هو ذلك الذي 
يغازل اللغة ويراودها ويتوسّلها حتى تنتهي إلى الانقياد إليه. وفقط 
عندما ينجح الكاتب في استمالتهاء عنم فل درل إلى قناة ووسيط 
تنهال عليه المعاني موكيا مرحا معربدا من الكلسات والصور 
والاستعارات في ما يشبه حالة من الغيبوبة كما يقول نيتشه. في مثل 
هذه الحالة د مكزياك اللغة من كلمات وصور واستعارات 
وإيقاع لتكوّن ذلك الكل الموخد الذي سيغدو نضًا. وأريد أن أسوق 
هنا فق کا ني كات هذا هق لاان نارول فا ته عاذ 
باللغة ويصف فيها بلغة شعرية رائعة هذه انحالة: حالة الكتابة . 


«هل لأحد في نهاية القرن التاسع عشر فكرة واضحة عمّا كان 
شعراء العصور الكبرى يسمّونه بالإلهام؟ إِنْ لاء فسأشرح هنا هذا 
الآمر. يكفى أن يكون المرء حاملا بعد لشىء ولو ضئيل من الاعتقاد 
الخرافى کی لا يستطيع الامتناع عن الاعتقاد بأنه محرد مُثول» محرد 
قناة صوتيّة» محرد وسيط 2400107 لقوى فوقبشرية عظمى. إن عبارة 
الإلهام بما تعنيه من أن شيئا ما يغدو فجأة مرئياً ومسموعاً بدقة ووثوق 
يتستعصيان على الوصف؛ شيء يهرّنا ويرجنا في الأعماق» لهي التعبير 
البسيط عن واقع الأمر. يسمع المرء ولا يبحث»› يتسلم ولا يسأل من 
هو المانح. مثل التماعة برق تومض الفكرة بموجب ضرورة. واثقة لا 
تعرف التردّد ‏ لم يكن لي أبدا أن أختار. نشوة عارمة ينفرج توترها 
وبطيء حينا آخر من دون أي تحكم إرادي؛ حالة غيبوية. لكن مع 


1۷ 


والارتعاشات التي تتخلل الجسد من قمة الرأس حتى أخمص القدمين ؛ 
غمرة سعادة حيث أشد أنواع الألم والقتامة لا تتراءى داخلها كنقائضء 

بل کش مامت ومسسدعن ١‏ كتلوينة ضرورية: واخ هذا الدفق 
النوراني . غريزة إيقاع تحتضن عالما بأسره من الأشكال . إن الحجم. 

أو الحاجة إلى إيقاع رحب لهي تقريبا مقياس لمدى عنف الإلهام. 

وضرب من الموازنة والتعويض عن حذة الضغط والتوتر اللذين 
يحدثهما عنف الإلهام. يحدث كل هذا بصفة لا إرادية مطلقة. لكن 
بما يشبه إعصارا من الشعور بالحرية وبالسيادة التامة والقدرة 
والألوهية. . . وأغرب ما في ذلك هي تلك الحتمية التي تفرض بها 
الصورة والاستعارة نفسها؛ يفقد المرء كل سيطرة م على كنه 
الصورة والاستعارة؛ إنها تمنح نفسها هكذا مثل التعبير الأكثر طبيعية. 

الأكثر قربا والأكثر ملاءمة وبساطة. إنه ليبدو لي فعلا ‏ كي نتذكر 
عبارة لزرادشت - كما لو أن الأشياء هي التي تسعى إلينا مانحة نفسها 
للتحؤل إلى رموز: «تهرع الأشياء كلها إلى خطابك متحتنة زلفى. 

تتملقك لأنها تبتغي أن تسافر فوق كتفيك. على صهوة كل رمز تمضي 
إلى كل حقيقة». هنا تنفتح أمامك كل حروف الوجود وخزائن الكلمة : 

كل كيان يريد أن يصير حرفاء وكل صيرورة تريد أن تتعلم الكلام 
بواسطتك) . 


ههنا يذهب الاعتقاد بالقارئ المتعجل إلى أنه أمام لغة مفتتنة بذاتها 
موغلة في التلاعب اللفظي (الذي تعتقده مجانيا)ء مولعة بالتنغيم 
الصوتي والأكروباتيك اللغوي المجاني أكثر من أي شيء غيرها. وهنا 
يجد المترجم العربي المتعجل» أو الذي يتناول من السطحء. يجد نفسه 


as‏ إغراءات العامة العفه العوية التديية قياف لكي ناروش 


A 


مثلا إلى هذا الإغراء ليخرج عليذا يصن قن ا ف حا 5 
وتحول إلى مجرد تمرين إنشائي لطالب إعدادية ر و 


على الأسلوب والنبرة والإيقاعء أو لجهل بلغة الأناجيل وأسلوبها 
واستعاراتهاء أو لعدم تفطنه إلى أن هذا الكتاب هو أيضا «مقطوعة 
جافة. شيء شبيه بالقيام بصفقة مبادلات تجارية إجرائية محايدة فاترة 
قل اناك العديد هين الت من رار ها وها ومو وها مم 
شعريتها. أذكر على سبيل المثال إحدى المقطوعات الرائعة في هذا 
الكتاب وهمى الأغنية لليل». ذلك المة المستوحى من خرير نافورة 
مائية في ساحة Pa Berbeni‏ بمدينة روما كان نيتشه يقيم في فندق 
قبالتها: «في عريشة معلقة فوق الساحة المذكورة أشرف منها على 
كامل سدينة روماء وأصغى إلى هدير نافورة ال عدمانه! الصاعد من 
ت المت ولك الغ داكو توعد وفزلة دن مين کل ها اشد 
(أغنية الليل)». كل ذلك التدفق المائى والخرير المتكرر يعبر عنه فى 
لازمة متكررة: «هو ذا الليل!». تلك اللازمة التى يكسر نسقها 
الإيقاعي مترجم عديم الحيلة (شعريا وسمعيًا أيضا) فإذا هي ترد في 
البداية : «ها قد نشر الليل رداءه على الأرضص... .2 ثم تصبح في 
البيت الموالى: «ها قد جن الليل» لتغدو بعدها «لقد جن الليل»» فى 
حين أن اللازمة تتردد دوما مقتضبة مختصرة مكثفة مثل ضربة واحدة 


مقتضبه على آلة إيقاعية في آخر جملة موسيقية: "لطعلا Es isl‏ (إس 


EE 


إيست ناخث)؛ ليْصغ القارئ إلى هذه النغمة. أو الإيقاع الذي تحدثه 


8 
ر 


13 


هله الحارة ال ترا وليفارتيا هذه الجملة الط الى تعن عل 
التثاؤب : «ها قد نشر الليل رداءه على الأزض»!! لكأن المترجم نفسه 
يشعر بالضيق من عبارته هذه فيتخلى عنها في البيت الموالي مباشرة 
ويختصرها فى (ها قل جن الليل» ليختصرها بدورها فى ما بعد فى 
«لقد جِنّ الليل» وهو لا يعى على ما يبدو أنه إنما يبيد إيقاع اللازمة» 
ومن وراته إيقاع النص بكامله بهذا التنويع الذي يفصح عن تردد قلق 
يشوش بدوره بهجة النص بكليته فيما هو يكسر الإيقاع . 

هذا مثال من بين كوارث عديدة امجن بها هذا الكتاب الرائع الذي 
تم التدكيل به على أيدي المترجمين الردئين: 

بكترا ما يتحول المترجم إلى قاتل. وكتيرآ ميري العبارة 
الإيطالية التي تعرّف الترجمة بأنها خيانة. وأنا أقرأ أغلب الترجمات 
العربية» سواء فى الأدب أو الفكر والفلسفةء يعاودنى السؤال نفسه 
دوما: لم يستسهل العرب الترجمة إلى هذا الحد؟ والاستسهال هنا 
استهانة واستباحة واعتداء. وأكثر ما يظل يزعجنى فى الترجمات العربية 
عامة هو نقلها عن ترجمات اشرق دوو غود إلى الأصل . وهي كارنة 
تعاني منها الثقافة العربية المعاصرة بحكم افتقارنا المخجل إلى معرفة 
اللغات . 

وعندما نعود إلى نيتشه نجد أن الترجمات كلها قد تمت نقلا عن 
اللغة الفرنسية (مع استتتتناء كتاب «ما وراء الخير والشر» الذي عربته 
جريلا حجار عن الألمانية مباشرة د دار لاغعروب في» للنشر 3 بيروت). 
EE‏ اننا بعرفهاأن هناك O E‏ فرسية كقرة ET‏ لمعن 
ولزرادشت بالذات. فإنه لا يسعنا إلا أن نتساءل: عن أي مترجم من 
هؤلاء المترجمين الكثيرين نقل المترجم العربي؟ خاصة وأن هؤلاء 
السادة لا يتفضلون أبدا بذكر المترجم الفرنسي الذي نقلوا عنه. 


Y ° 


من الأكيد أن المترجمين العرب لم يكلفوا أنفسهم عناء المقارنة 
بين الترجسات المختلفة. وتنحن نعرف عن تجربة مدى الاختلافات 
التي تتخلل مختلف الترجمات. وأمامي الآن ثلاث ترجمات فرنسية 
ل«هكذا تكلم زرادشت»: كرجمة مارتا روبرت > وترجمة جينفييف 
بيانكى › وترجمة موريس دي كوندياك. الترجمات الثلاث تختلف من 
حيث الأسلوب أولا؛ فبينما حاولت مارتا روبرت الالتصاق بالنص 
حرا وعداو لعفي أغلدي: ن أن تبجل الإيقاع والصورة على 
خرف التفن» ركان اتيت من الأشطاء: التي كانت يتاية: الكمن 
الذي تكلفته من أجل شعرية النص» وأحيانا لمجرّد فهم خاطئ لعبارة 
أو صورة أو استعارة خاصة باللغة الألمانية. أما موريس دي كوندياك 
فقد بالغ في نظرنا في التقعر اللغوي والتكلف الأسلوبي مما جعل 
النص يبدو أحيانا وكأنه قد انفصل عن صاحبه الأول وتليّست به الروح 
المتكلفة للمترجم؛ الأمر الذي يجعله يصبح غير مستسامٌ في الكثير 
من الأحيانء مثل سيّدة تفرط في الزيئة دون اعتبار لمقاييس التناغم 
والتحفظ الذي يميّز كل كائن تلقائي قليل التصنع. 


ثم إن هذه الترجمات الثلاث الذي استعئت بها خلال ترجمتي 
للات تلتق" أحبانا ‏ وتفترق أحبانا آخر ئ لا على عر يالاات 
فقطء بل فى تأوّل معنى هذه العبارة أو تلك الاستعارة أيضا. تتكامل 
وتتناقض» وتتعارض في مواقع عديدة. وسؤالنا الأول هو: بحسب أية 
معايير سيختار المترجم العربي هذه الترجمة أو تلك مصدرا لترجمته؟ 
وما أدراه بأمانة هذه وبطلان تلك؟ إنه فعلا أمر شبيه بتلمّس درب فى 
العتمة. أو مثل عكاز الأعمى الذي يقع مرّة على مكان نقي ومرة في 
النجاسات . فالعكاز آلة مساعدة لكنه لن يتحوّل إلى عين البنّة . 


۲١ 


وحتى إذا ما افترضنا أن مترجما عربيا نزيها متقنا وحريصا على 

الدقة قد 5 ته من مصادر فرنسية متعددةء فإن السؤال يظل 

على أية حال: إلى من سيحتكم السيد الفاضل النزيه عندما يختلف 
المتر جسون ا وتتعارض تأويلاتهم وتتضارب؟ 


ثم ماذا عن المترجم الذي لا يتقن اللغة التي ينقل عنها (أعني هنا 
الفرنسية) فإذا هو لا يستطيع أن يميز بين المعاني المختلفة لعبارة 
ronnie‏ مثلا (كتاب «المعرفة المرحة» أو «العلم المرح» كما 
جاء في هله ال ا ى خطأ نقلها إلى ١‏ 


عمارة «استكشاف - اله د ع * الاعتر أف بالج 
نان لقصو بو 


في جين 
Dankbarkci1)‏ ة فى النص الا وتخونه معرفته اللغوية مرة أخرى 
(فى هكذا تكلم اي فيتر جم لنا عدونه بإشارة. فى حين أنها تعنى 
فى ذلك الفصل الأخير من الكتاب «العلامة»» كقولك علامة من 
غلانات الساغةة أي “العلامة المشرة بار ات لول الإنسان الأعلن:: 
وتتواصل الأخطاء مس :تسق منتظم حتى أنه لا تكاد تخلو صشيحة 
من خطأين أو ثلااث - على الأقل 55 فتصبح عبارة «خطب زرادشت» 
«محاضرات» (آية محاضرات والرجل مسافر جوال يكرز في الأسواق 
والسا حاتت العمومية؟!). وتغعذدو عبارة (صبوات الآفر حم عم 
«الملذات والأهو اع والجناية أذ و الجريمة «عملا جا وفعلا ج 
آخرء و«المرتدّون»: «المارقون». و«الصمت الأكبر»: «الهدوء المطلق» 
(لو أنه استعمل «السكون» على الأقل!)» و«السعادة رغم الأنف»: 
«الغبطة المجلوبة»ء و”«قربان العسل»: «تقديم العسل»ء والتهور: 
((مرحا» و«القرف): «الضجر؛اء و«الغيور»: «الحسود» وعين ملؤها 


الرغبة «عين جشعة». وعبارة «اشمئزازي الأعظم من الإنسان» تغدو 


53 


عنده «فرط تشبّعي بالإنسان» و«ما يتسلون به»: «ما يتحدّثون عنه»» 
وابيت الوجود يعاد بناؤه: «نفس المنزل يعاد بناؤه» واحيث الآلهة 
تخجل من كل لباس»: «حيث كل الآلهة ترقص عارية غير خجلى» 
وعتازة #اتببامة مخحلية موغلة فن الغواية»: #اتغسامة تتحاؤزت درد 
الابتسام» ... .إل 

وهناك إلى جانب هذا الحشد الهائل من الأخطاء جمل بأكملها 
يأتى المعنى فيها مناقضا لما يريد أن يقوله نيتشه مثل: «الحق أقول 
2 دوا متهي افر مما ينبغي كي ما نموت . . ٠.‏ (والقصد 
منها هو أن المتعبين قد بلغ بهم التعب من الحياة مبلغا لم يعد يسمح 
لهم حتى بإرادة الموت؛ أو ما يسميه نيتشه في فصل آخر ب«الموت في 
الأوان» و«الموت طوعا واختيارا») تصبح لدى المترجم العربي: 
«والحقيقة أن التعب قد هدنا وشارفنا على الهلاك. .٠.‏ 

أو عندما يتكلم زرادشت الذي ينفي كل إرادة فوقية خارجية أو 
إرادة تعمل من داخلناء مؤكدا مبدأ الحرية المطلقة: «هذه الحرتّة وهذه 
البهجة السماوية وضعنُها مثل ناقوس لازورديي فوق الأشياء كلها عندما 
علمثُ أن لا «إرادة خالدة» فوقها أو داخلها ‏ تريد». (فصل قبل 
الشروق) هنا يتغافل المترجم عن النفي ويؤكد: «وهكذا رفعت هذه 
الحرية وهذا الصفاء الخالد مثل قبّة فوق كل الأشياء حين علمت 
الناس أن هناك «إرادة أبدية» تريد من فوقها ومن خلالها كذلك». وهذا 
التأكيد» أو إثبات «إرادة خالدة» نقيض لمجمل الفلسفة النيتشوية القائمة 

كا 


الأشياء. وتكون بالتالى نفيا لمبدأ الحرية وقانون الصدفة. 


أما عن التراكيب اللغوية العرجاء والأخطاء النحوية فحدث ولا 


على نفي وجود إرادة فوقية» متعالية كانت أم محايثة» تريد من خلال 


TT 


حرجء ولنا في هذه الجملة نموذج عكر «اسألا رجلي إن كان ثنائهم 
(آترك رسم الهمزة كما جاء في نصه) وخطبهم المغرية يروقون لهماء 
إنهما في الحقيقة لا تحبّان الرقص ولا الوقوف على هذا الإيقاع وهذه 
التكتكة» . 

رحم الله الشيخ الوهراني الذي كتب: 

«سخف الزمان فقد أتى بعجاب 

وبكتاب لو أطلقت يدي فيهم 

لردذتهم إلى الكتاب». 

نكتفي بهذا القدر من الشناعات لآن حصرها والتدقيق فيها يتطلب 
مجلدا خاصا قد لا يكون فائضا عن اللزوم مع ذلك. ولنعد إلى مسألة 
أكثر آهمية»ء بل هي مفتاح لفهم أو لعدم فهم الفكرة الرئيسية لهذا 
الكتاب . 

هذه الفكرة الرئيسية تدور حول ضرورة تجاوز الإنسان» تلك 
الضرورة التي يعبر عنها زرادشت في مواضع عديدة من الكتاب 
وتغدو مثل لازمة: «الإنسان شىء لابد من تجاوزه». إلى ماذا؟ إلى 
«الإنسان الأعلى» يقول me‏ هذا المصطاح الذي نحته نيتشه 
خصّيصا لتسمية النوع الجديد الذي سيبعث إلى الوجود من خلال 
تجاوز الإنسان لنفسه وجهود تجاوز نفسه. يسمه طءوسصعمدعطنا وقد 
ترجمته اللغة الفرنسية بعمصصهطإں؟ والأنكليزية بمفدنعمن5. وكل من 
ber‏ واSu‏ وءعمن5 تشير إلى منزلة أعلىء لا منزلة عليا ولا منزلة 
راقية» بل منزلة فوق منئزلة الإنسان. إذ المطلوب والمنشود هنا ليس 
تفوقا داخل النوع. بل تجاوزا للنوع. هنا تجد الترجمات العربية نفسها 


5 


أمام معضلة لغوية. فالتركيب اللغوي هنا (على غرار «ما فوق الإنسان» 
أو «فوقإنساني») غير مستحب وإن كان يعكس المعنى أفضل من 
غيره. لذلك وجد المترجمون أنفسهم في حيرة وذهبوا كلهم إلى 
عبارة: «الإنسان الأرقى»» «الإنسان المتفوّق4» «الإنسان الراقى»» 
«الإنسان الأسمى». وقد وقفنا على نفس الصعوبة وطالت مدة 0 
والأخذ والرد وسألنا واستشرنا العديد من الأصدقاء من كناب وشعراء 
ومترجمين. وأخيرا انتهينا إلى اختيار عبارة «الإنسان الأعلى» مع عدم 
الرضا التام على هذه العبارة التي مازالت تبدو لنا غير سعيدة وإن 
كانت أقرب إلى المعنى من غيرها كما وضحنا ذلك في الهامش رقم١‏ 
ص .1٠‏ ولا نريد العودة إلى تفاصيل هذا التوضيح هناء ونكتفي 
بدعوة القارئ إلى النظر في الهامش المذكور. 

لكن ما نريد أن نقوله هنا هو أن من أخطأ في ترجمة هذا 
المصطلحء أو أخطأ ضربته الأولى في هذه الترجمة سيكون قد أخطأ 
فهم الكتاب بكليتهء ولا يرجى بالتالي أي خير من ترجمته. ولعل أبعد 
صيغة عن الفكرة الفلسفية الرئيسة لهذا الكتاب هي تلك التي اختارت 
عبارة «الإنسان الراقي» التي كانت فأل نحس في 5 تلك الترجمة 
(ترجمة محمد الناجي؛ نشر دار إفريقيا الشرق ‏ لمغرب .۲٠٠١‏ وهي 
الترجمة التي ذكرنا نماذج من أخطائها أعلاه) . 

لن نفاجاً بعدها بما سيرد من أفكار سخيفة حول هذا المفهوم في 
ذلك النص الذي عن للمترجم أن يجعله مقدّمة للكتاب» وحيث أراد 
أن يفسر لنا معنى (إنسائاه) الراقي» لينتهي بنا إلى خطبة وعظية أصولية 
وو ا والقحما تح الا ار عه الزائفة. وإذا كل فلسفة 
ته ا على هذه الصخرة الأديولوجية السلفية إلى حد يجعل 


9 


القاوي تناف 1 لي كلمي NC‏ فكي سناء 'تزجية 'كفاسه ل يرق 
فائدة من وراء ما يتضمنه من أفكار؟ بل أن فكرته الرئيسية ذاتها تبدو 
من خلال هذه المقدمة كما لو أنها أفكار مكررة لأمر حصل فى 
الماضي وانتّهي منه؛ أو قد تحقق ما هو أفضل منه وأرقى - وأين؟ 
عندنا؛ داخل حضارتنا العربية الإسلامية فى ما غبّر من الدهور. إذ 
هكذا يكتب صاحبنا: «هذا الإنسان الراقي الذي سيسود الأرض كنوع 
يظل حلما لا ندرى متى سيتحقق». أما الرجل الراقى الذى يدعو إليه 
حصر لها عبر مختلف عصور التاريخ الإسلامي . رجال ذوو عزم وقوة 
«أشداء على الأعداء رحماء بينهم». ليواصل بعد جمل أخرى لاحقة : 
«وهذا النسوذج يفوق ذاك بروحانيته وبرحمته» بعدم احتقاره للعامة أو 
تشريعه لنفسه حقوقا يتسلط بها عليهم». إنه كلام أرهاط من ذلك 
النوع الذي تتمازج وتختلط داخل شخصياتهم وأفكارهم شخصية معلم 
الان دة الواعظا الج اوفرتعا هنا ف ج ال اة 
الأديولوجي والمحرض السياسي؛ جميعها داخل خليط يفوح بعفونة 
السطحية الفكرية والجهل والحماسة الرتانة الخاوية: «ولا سبيل أمامنا 
اليوم إن نحن شئنا البقاء مرفوعي الرأس (أليست هذه لغة صحف 
ودعاية سياسية مجترة ومملة؟) ونتبوأ مكانتنا بين الأمم إلا تربية النشء 
على قيم الإسلام وأخلاقه. فى زمن ننادى فيه بتخليق الحياة العامة 
دون جدوى» وجعله يتشبع بها منذ تعليمه الأوّلي». 


هل من تعليق يمكن أن يكون نافعا يعد هذا؟ 


كلمة واحدة فقط يمكن للمرء أن يقولها أمام مثل هذا التطاول. 
ونع ما رايا من ويلاك وشنائع الأخطاء التق يرتكبها هدا المترهم د 


۲۹ 


والحال أن هذا ليس الكتاب الأول الذي ترجمه لنيتشه!!-» أخطاء 
مرتكبة» لا في فهم العبارات وتأوّلها ‏ ناهيك عن المفاهيم الفلسفية - 
بل كذلك الأخطاء اللغوية والتراكيب السقيمة وركاكة العبارة وجقاف 
الأسلوب مما يجعل اللغة العربية نفسها تبدو في هذه الترجمة مثل 
كائن متيبّس المفاصل مصاب بالروماتيزم: كائن منفر. أمام كل هذا لا 
يسعنا إلا أن نذكر بعض الإخوان بقولة الشاعر: إن لم تستطع شيئا 


فدعة/ وجاوزه إلى ما تستطيع». 
أو أن نكتفي بأن نقول لمثل هؤلاء المتطفلين: إن لم تستح فافعل 


ما شت 


تمت هذه الترجمة عن النص الألماني من منشورات اطبعة 
الدراسات النقدية»”* التي أشرف على إعدادها الإيطاليان جيوجيو 
كوللي ومازيئو مونتيناري اللذان عملا لسنوات عديدة على إنجاز طبعة 
للأعمال الكاملة لنيتشه تتجاوز مطبات الطبعات المتداولة حتى 
الستينات .والتى تغرضت إلى التتقية والتحريفه والقشويه. كان على 
الباحثين أن يعودا إلى أرشيف نيتشه بمدينة فايمار ويطلعا على 
المخطوطات الأصلية ويقوما بعمل تنقيب وتدقيق طويل ليخرجا بهذه 


Also sprach Zarathustra (sk) 
Ein Buch für Alle und Keinen 

Kritische Studicnausga be 

Herausgegeben von 

Giorgio Colli und Mazzino Montinarı 

Walter de Gruyter 

Deutscher Taschenbuch Verlag 


¥ 


الطبعة التي أصبحت النسخة الأكثر مصداقية والأكثر تداولا لدى 
' الناشرين الجديين في العالم. هذه الطبعة مرفوقة بمجلد مستقل 
مخصص للتعليقات والإحالات ومصادر ومراجع متنوعة. وهي التي 
ساعدتنا بصفة رئيسية في ضبط هوامش هذه الترجمة. 

كما اعتهدنا أثناء غملنا على تلات "ترجنات فر ية جك ذكرها 
أعلاه. وأخيرا ومن أجل مزيد من التثبت في مواقع كانت لنا فيها 
بعض الإشكالات عدنا إلى ترجمة أنكليزية Thus spake Zarathus(ra,)‏ 
(By Manuel Konmarolf - Tudor Publishing Company - New York‏ بمعية 
صديقنا الأستاذ عمر الشامي الذي سبق لنا أن عملنا معا على تدقيق 
ترجمتنا لكتاب حوارات مع برتراند راسل (نشر لدى دار المعرفة 
بتونس سنة 4 .)5١١‏ 

إحدى العبارات التي طرحت علينا إشكالا في الترجمة هي عبارة 
1 وبصفة خاصة في القصيدة القصيرة التي اختتم بها فصل «نشيد آخر 
للرقص» (الجزء الثالث) وكذلك فصل «نشيد التهوام الليلي». لهذه 
العبارة أكثر .من مي في اللعة الاليانية» فهى تعني الرغية د.الرغية 
الشبقية أولاء وكذلك اللذة والمتعة والفرح والغبطة وذلك حسب السياق 
الذي تستعمل فيه. إلا أن الإشكال يتمثل هنا بالتحديد في أن السياق 
الذي وردت فيه في هذه القصيدة بالذات يمكن أن يبرر كل التأويلات 
ويجعل كل من هذه المعاني سائغة. وهو الأمر الذي حيّر أغلب 
التمكر مين الف رسيي وقد ذهب كل مترجم إلى واحد من هذه 
المعاني : مامز ها . ,تفل ما ,عفنام ما. وهناك من ظل يراوح بين هذه 
العبارة وتلك فاستعمل 48517 في موقع ثم أأه[ في موقع ثان من القصيدة 
نفسها. وذهب المترجم العربي فيليكس فارس الذي لا يذكر لنا المترجم 


۲A۸ 


الفرنسي الذي ترجم عنه إلى عبارة «الأفراح» حينا و«المسرّة» حينا آخر» ثم 
«اللذة» في الأخير . والغريب في الأمر أنه عندما يعود إلى ترجمة القصيدة 
نفسها في فصل «نشيد التهوام الليلي» (وقد جاء عنوان الفصل في ترجمته 
«انشيد السكران»)» يعدل هنا عن عبارة «أفراح» ويضع مكانها «اللذة» في 
الموقع نفسه والسياق نفسه (ذلك أن نيتشه لم يغير حرفا واحدا أو فاصلة في 
هذه القصيدة عندما استحضرها ثانية في نهاية هذا الفصل)ء وهو ما يدل 
على ارتباك شديد وعدم تملك بالنص وبمعانيه. بل هناك أيضا نوع من 
التملص والتحايل في هذا التبديل الذي لا مبرر له. 

نفشن الا رباك والارتعال بلاحط الذى االمعرجم ‏ العردي الثاني 
تة دان إقريقيا الشوق' ال فسن ار وة اها نما تاا تك 
وذلك استنادا على مواضع أخرى أيضا من ترجمته» بأنه في أحيان 
aC e EE‏ عن e‏ وهو أيضا يستعمل عبارة 
«لذة» في فصل «نشيد اخر للرقص». لكنه عندما يستعيد القصيدة 
نفسها في اخر فصل «نشيد التهوام الليلي» («نشيد الانتشاء» في 
ترجمته) يستعيض عنها بعبارة «فرحة»!! وهو لم يفعل هنا كما يلاحظ 
لار سوق أنه عكس اتجاه المراوحة في تردده بين العبارتين. 

ولا أدري ما الذي جعل هذا المترجم الأخير يستعمل في القصيدة 
نفسها عبارة «عناء الحبّ» كترجمة للنهادسه!] الألمانية التي تعني بكل 
بساطة الام القلب». التي يمكن أن يكون مصدرها لني كما الشقاء 
أو الوحدة أو أية معاناة أخرى. لكن» ها هو في استعادته للقصيدة في 
آخر فصل «نشيد التهوام الليلي» يعدل عن عبارته الأولى ع 
باعناء القلب»!!! 

غريب أمر هؤلاء المترجمين الذين يبدون كما لو أنهم يترجمون 
وهم ناعسون! 


۹ 


فى البعض منهاء وهناك أحيانا بعض الإعادات وهوامش تحيل على 
هوامش سابقة أو لاحقة. إنما فعلنا ذلك لسببين على الأقل : 


أولهما أن كتاب «هكذا تكلم زرادشت» وكما ذكرنا سابقا يعد 
خلاصة لمجمل أفكار نيتشه وشكلا أدبيا تكثفت فيه كل أفكاره التي 
وردت في مؤلفاته الأخرى. شكل أدبي يجعله يعتمد الاستعارة 
والكلام بأمثال والاقتضاب والتكثيف بحيث يمكن للمعاني المتخفية 
بين طبقاته المتعددة أن تغدو حفيّةء وأحيانا غامضة أو غير دقيقة. وهو 
ما عابه وما زال يعيبه الكثيرون من منتقدي نيتشه على هذا الكتاب 
الرائع . وبما أنه أيضا «كتاب للجميع» فانه بامكان القارئ أن يقف عند 
حدود النص ويغفل الهوامش وكل الجزئيات التي تثيرها وتستحضرهاء 
وهكذا يمكن أن تكون قراءته خفيفة وخالية من العناء بالنسبة 
0006 لكن ولد السب الداع ای ی هذا الفكتيف» الذى 
راد 1 شكل أدبي شعري يعتمد الإشارة والتلميح أكثر من الإفصاح 


في اغ لى الأحيان أردنا أن نساعد القارئ (أو من يريد ذلك من القراء) 


على 0 الطبقة الأولى للنص ,و والغوص في الأعماق التي يتستر 


عليهاء أو ملا حفة الإشارات والإيماءات والمضى فى ملا حمتها باتجاه 
الفكرة الفلسفية التى تختبى وراءها. 


- ثانيهما: أردنا في أحيان كثيرة» وخاصة أمام الإشكالات التي 
تطرحها عاينا ترجمة غبارة ما أو تلاعب لغويء أو نقل صورة 35 
محيطها الثقافي الألماني إلى محيط غريب أن نقرب هذه الإشكالات 
إلى ذهن انار : العربي الذي لا يعرف اللغة الألمانيةء ونجعله على 
نه من الامو أن تكرت له لحظة محاناة يشاركنا مها معاتاتنا» اة 


e 


تلك خولة E a‏ يتور و دل" قا كنا كا ET‏ 
مساعدة من القارئ أو طمعا في أن AEE‏ .وزو السسورانة 
أيضاء متمئين أن 00 له طريقتنا في استعراض الإشكالاات في أن 
جوت تيه اق ا قله يوق أفضل منا في الوقوع على العبارة 
المناسبة. وإذا ما حصل ذلك فإننا نكون قد بلغنا غايتنا. إد هذه 
سابقاتهاء كما استفادت أيضا من المواقع التي أصابت فيها تلك 
الترجمات» ويتمنى صاحيها أن تساعد بدورها محاولاات لاحقة على 
والتجاوز في المجال المعرفي 
الذي 0 0 على 8 النسخة ما 0 يي ة من هذه 
الترجمة وأفاداني بسلاحظاتهما وتصحيحاتهما في العديد من المواقع. 
لقد استفدت من التجربة الطويلة للأستاذ عبد اللطيف , بن سالم في 
محال الترجمة وترحاله بين اللغات الفرنسية والإسيانية والعربية. كما 
اشتفذت هن التكويخ اللعوى المتيخ ف الغخرتة 'والأتكليزية, للا ساد عمر 
الشامي . 

كما أتوجه بشكر خاص للأستاذ أرنو بوهلر من جامعة فيينا وعضو 
مجموعة Nietzsche Research Circle- Wien-New York‏ على التوضيحات 
القيمة التي قدمها لي عندما وقفت متردداً أمام بعض الإشكالات 
اللي أو الوادت الفلسفية لمصطلح أو عبارة ماء وخاصة أمام 
الإشكال الذي كانت تضعه أمامى عبارة ا1 كما جاء ذكر هذا أعلاه. 


علي مصباح. برلين ۳۹ ديسمر “۲۹۹ 


7١ 


الكتاب الأول 


ا 


ديباجه زرادشت 


١ 
لما بلغ زرادشت سن الثلاثين غادر موطنه وبحيرة موطنه ومضى‎ 
إلى اا هناك استطاع أن ينعم بعقله وبوحدته؛ ولعشر سئوات‎ 
لم يعرف كللا. لكنّ قلبه تغيّر فجأة  ذات صباح نهض ساعة‎ 
: الشروق» ثم وقف#إقبالة»الشمس وخاطبها بهذه الكلمات‎ 
«أية سعادة ستكو للك أيها الكوكب العظيم لو لم يكن لديك‎ 
هؤلاء الذين تنيرهم!‎ 
لعشر سنوات وأنت عل ګر تي هذه؛ ولولاي أنا ونسري‎ 
. وحيّتي لكان أصابك الملل من نورك 1 ومره#هذه الطريق‎ 


)١(‏ سن الثلاثين هي سنّ يسوع المسيح عند بدء رسالته © أنظر إنجيل لوقا؛ الاصحاح 
الثالث؛ ۲۳ : «ولما ابتدأ يسوع كان له نحو ثلاثين سنة وهو على ما كان يُظنَ ابن يوسف بن 
هالي». ‏ مع فارق أن يسوع لم يقض عشر سنوات في عزلته داخل الصحراء؛ بل أربعين 
يوما فقط . 
- فى شذرات العسوذآلت المشورة بعد وفاة ثينشة ضمن الأغمال المعتوثة يمشورات 
«التركة» نقرأ في المجلد التاسع من الأعمال الكاملة التي أعدها الإيطاليان مونتي 
وكولليناري (عطدودناث دم 1لكن)5 eاKritisc‏ _ طبعة الدراسات النقدية) فى الشذرة ١965‏ 
من القسم .١١‏ تحت عنوان: الظهيرة والابدية (إشارة إلى حياة جذيدة) : «في الثلاثين من 
عمره غادر زرادشت المولود بالقرب من بحيرة إيرمي» موطنه وارتحل إلى مقاطعة اريا 
حيث دزن خلال السنوات. العشر لعزثيه كعاب فزند فسا 


م 


لكقناة اعا بطر كل صاخ لسع قاض بورك وتباركك 
لأجله. 

أنظر! ها قد قرفت من حكمتي» كالنحلة كثر عليها ما جمّعت من 
العسلء وأنا في حاجة إلى أيادٍ تمتدٌ إلىّ. 

ارفك أن اعت وأوزع حتى يجد العقلاء , صن اليشر. فة كن 
جنونهم» والفقراء يستعيدون ابتهاجهم بثرائهم . 

لذلك علي أن أنحدر إلى الأعماق؛ لوي انت كل عبداء ندا 

تمضي إلى ما وراء البحر وتحمل حتّى العالمَ الأسفل نورك أيّها 

الكوكب الفائق الثراء! 

لالت اوم أن رن" “كن مر ل EN‏ أركه أت تسد 
الع 

لشاركتي ذاه انث العيق المطيعتة القن تستطيع :أن حطر إلى افا 
السعادة دون شعور بحسد! 

لتبارك الكأس التي تريد أن تفيض فيتدفق ماؤها مشعا ذهبيا ويغمر 
الدنيا من حوله ببريق غبطتك! 


)١(‏ نامع «هاصنا تعنى فى الألمانية الهبوط والانحدار والغروبء. والغرق. والهلاك 
ر اكول والزران رال اب تنما ل ترجا نم الا على االات الق 
التى يومى: إليها لعب نيتشه على الكلمات أمرا صعبا. 
رر يدي ایی قن فاا لای دل ر ن ا تلت 
والفيلسوف: سخاء شمسى لا يستثنى أحدا. ومن أجل ذلك ينبغى عليه أن يلقى حتفه فى 
العطاء انطو رات كنات اة طروت بي ی ور 
18 بعنوان «في شرط الفيلسوف»: «يا لهذا لقلة المحبة لدى هؤلاء الفلاسفة الذين 
لا يفكرون على الدوام سوى في صفوة المختارين وليس لهم من إيمان كبير بحكمتهم. 
على الحكمة أن تكون مثل الشمس» تشع على الجميع» وأن يكون بوسعها أن تقذف ولو 
بشعاع باهت إلى أكثر الأنفس حطة واتضاعا». 


۳71 


أنظر! هذه الكأس تريد أن تفرغ» وزرادشت يريد أن يغدو إنساناً 
من جديد)ا. 


كذ عدا ادان زرا دقف هو امول 


۲ 

انحدر زرادشت من الجبل وحيداً باتجاه السفح» ولم يلتق بأحد 
في الطريق. لكنّه حالما بلغ الغاب وقف أمامه فجأة شيخ مسن قد 
غار لا كيقة" الا ااك روق الا عات ا ووو اللات 
حاطت اليح المشن زرادشت: 

الليين غوضا عتن هذا الا و ل شتواك وج 
رواشت كان دغر الكو فير ان 

که مهيل ار 
اليوم إلى السهول والأودية؟ ألا تخشى العقاب الذي ينال مولّع 
الحرائق؟ 

أجلء إتني أتعرّف على زرادشت .ضنافية غيت ولا شيء هن 
ادمات الاه رار فال فيس ال راه كف شين فقيل اراق 

هو ذا قد تغيّر؛ طفلا غدا زرادشت. يقظ زرادشت الآن: عم 
تبحث إذاً هنا بين التيام؟ 

له كنت فى عر ا لو كناف بحر وكان" اليس بيحييلت. 
وحك. أتريد أن تخرج إلى اليابسة؟ وبُحكء. أتريد أن تجرجر جسدك 
بنفسك من جديد؟». 


)١(‏ أنظر فصل «الرائي؛ من الجزء الثاني من كتاب زرادشت . الهامش رقم ۲ ص519. 


۳Y 


إلى اعت ابره اجات زرادشت. 

«ولم أنا أمضي وحيدا في الغاب وفي الخلاء يا ترى؟ قال الشيخ». 
ال معني ماك أكنه عن خت و ا 

لكئني الآن أحب الله: أمًا البشر فلا أحبّهم. فالإنسان شيء فادح 

«مالي والكلام عن الحبّ! أجاب زرادشت إتني أحمل هديّة إلى 
البشر !». 

«كلاء لا تعطهم شيئاً» أجاب الشيخ» «بل خذ عنهم شيثاً من 
وزرهم نله عنهم إن ذلك سيسعدهم ما تعفاد إن كان ذلك 

وإذا ما أردت أن تمنح فلا تعطهم أكثر من صدقة» على أن 
تجعلهم يستجدونك متسولين!». 

«كلاء لا أمنح صدقةء أجابه زرادشت. فأنا لست فقيراً بما فيه 
الكفاية لمثل هذا الصنيع». 

عندها ضحك القدّيس من زرادشت وخاطبه قائلا: «فلتنظر إذاً 
كيف تجعلهم يقبلون كنوزك! إنهم لا يثقون بنا معشر المتوحدين» ولا 
يصدقون بآننا نأتى من أجل العطاء . 

خط اناهير رة وقعْ وحدة لا متناهية في أسماعهم . وكما لو 
كانوا يسمعون ليلا وعم في الفراش خطى رجل يمر قبل طلوع الشمس 
بساعات» يتساءلون: ترى إلى أبن يمضى هذا اللص؟ 

لا تذهب إلى البشرء وابق هنا في الغاب! بل من الأفضل أن 
نعضي إلى الا 1 لم لا ريد أن كرد م :دنا بين الذبية:وظائرا بين 
الطيور؟». 


۳۸ 


«وما الذى يفعله القديس فى الغاب؟» سأله زرادشت عندئذ. 


«أنظم أناشيد وأغئّيهاء وعندما أنظم الأناشيد أضحك وأبكي 
وأدمدم : هكذا أسبّح لر 

بالغناء والضحك والبكاء والدمدمة أسبّح لاله :الذق هنو وتى: 
EG ET‏ 

لما سمع زرادشت هذا الكلام حيًا القديس وقال له: «وهل لدي 


من شىء یمکننی أن أمنحك إياه؟ بل دعنى اض الآن بسرعة لعل 
ابلك ا 


هكذا افترق الرجل والشيخ»ء ومضيا كل في طريقه ضاحكيّن 
كلاهماء كما يضحك طفلان. 


لكن حالما وجد زرادشت نمسه eT‏ حدث قلبه بهذا الكلام : 
أيعقل هذا؟! هذا القديس العجوز لم يسمع هنا في غابه بعد أن الله 


قد مات!». 


)١(‏ «موت الله الموضوع المركزي في كتاب زرادشت» يدور حوله مجمل التصور الذي 
يطور مفهوم «الإنسان الأعلى» - أنظر البدايات أو ما يشبه الفكرة الأولية التي برزت في 
«المعرفة المرحة» الشذرة ٠٠١‏ : «الرجل المسعور» ‏ ألم تسمعوا بذلك الرجل المسعور 
الذي كان يركض في السوق ضحى وبيده قنديل ولا يكف عن الصراخ : الإننى أبحث عن 
الله! إنني أبحث عن الله!». وبما أنه كان هناك الكثيرون ممن لا يؤمنون بإله فقد أثار ذلك 
الرجل عاصفة من الضحك. هل تاه وضاع؟ كان أحدهم يقول. هل أضاع طريقه مثل 
صبى؟ يقول واحد آخر. أم هو قد أخفى نفسه؟ تراه خائفا ما؟ هل ركب إحدى السفد؟ 
هاجر؟ 9 هكذا كانوا يصرخود ويضحكون شش جلبة متداخاة . لكن الرجل المسعور قمر 
وسط الجمع وراح يحد جهم بنذلراته الثاقبة . إلى أين ذهب إلله؟» صاح فيهم . سأقول 
لكم ذلك! لقد قتلناه؛ أنتم وأنا معا!» (. . .) ويروى أن ذلك الرجل المسعور قد ولج 
العديد من الکنائس في ذلك اليوم وصلى فيها صلاة الجنازة» ولما كان يطرد من هناك 
ونال تفسيرا عن عمله ذلك كان لا يجيب دوما سوى بهذه الكلمات : «آي شىء إذا هى 
هذه الكنائس إن لم تكن أقبية وقبورا لله؟٠.‏ 


۳۹ 


۳ 


عزنا كل تواتشاعه ل راقع على طرف الغانة وعد ا 


كثيراً متجمّعاً هناك في ساحة السوق؛ وكان قد أعلن بينهم عن قدوم 
بهلوانيَ إلى هناك. وهكذا تكلم زرادشت مخاطباً ذلك الشعب: 


إنني أعلمكم الإنسان الأعلى'''. الإنسان شيء لا ب من تجاوزه. 
فما الذي فعلتم کي تتجاوزوه؟ 


)١(‏ هذا مصطلح دقيق وجدنا صعوبة كبيرة في نقله بما يمكن أن يكون ترجمة صحيحة إلى 
اللغة العربية. لقد ا-ختلفت مجمل الترجمات العربية إلى حد الآن فى محاولاتها لإيجاد 
العبارة المناسبة لكلمة O bermenseh‏ الألمانيةء أو Surbomme‏ ا بما أن كل 
الترجمات قد تمت إلى حد الآن نقلا عن الترجمة الفرنسية ولا أكاد أذكر من ترجمة مباشرة 
عن الآلمانية غير ترجمة كتاب ما وراء الخير والشر» التى قامت بها جيزيلا فالور حجار. 
Ober - mensch‏ (هكذا يكتبها نيتشه أحيانا) عبارة ف من ۲ط Û‏ وتعني افوق» وما 
فوق؟؛ والنهن9 وتعني الإنسان. إلى حد الآن كل الترجمات العربية تقريبا متفقة على 
عبارة «الإنسان الأرقى». وقد استعمل فيلكس فارس عبارة «الإنسان المتفوق». وهي 
ترجمة غير صائبة في نظرناء لأن عبارة التفوق لا تفي بما تشير إليه وتدل علية عبارة :8م 0] 
الألمانية وتعنى ا وهناك طبعا فرق اتات بين ماهو «فوق) وما هو متفوق. 
افو زيظل وج أرقن الكى خر ر اا أى واحل ولد ال ارب ا ما 
فوق» تشير إلى منزلة أخرى. أي أن المنزلة الجديدة هى التى تتفوق على المنزلة القديمة» 
وليس إنسان المنزلة القديمة هو المتفوق على يقن هو له لذ لقو ردقيه رةه 
منذ بداية الكتاب حتى آخره: «الإنسان شيء لا بد من تجاوزه» . فالمعنى واضح هنا على 
ما أعتقد. يعني ان زرادشت يطمح إلى نوع جديد وكيان مختلف نوعيا وليس متفوقا ضمن 
النوع نفسه. اننظر فقط إلى الجمل اللاحقة ونقرأ بشيء من الانتباه والتمعن : «كل الأشياء 
ظلت تبدع ما يفوق منزلتها» (التشديد هنا من عندنا). . «مجاوزة الإنسان». . . «القرد 
بالنسبة للإنسان أضحركة وموضوع خجل آليم . . وهكذا يجب أن يغدو الإنسان بالنسبة 
للإنسان الأعلى؛ أضحوكة وموضوع خجل أليم». . . «لقد سلكتم الطريق الطويلة من 
الدودة إلى الإنسان»» وهي إشارة إلى مسيرة التحولات والارتقاء التي عرفتها الأنواع . 
أما أسامة الجاج (في ترجمنه لكتابي «نيتشه والفلسفة» لجيل دولوز و«زرادشت نيتشه» لبيار 
هيبر - سوفرين) فيستعمل عبارة «الإنسان الأسمى». 


30 


کل الكائتات:ظلت حتى الساعة تبادع ا فوق منزلتها؛ وأنتم» 


> وفى ترجمة جديدة للكتاب تم استعمال عبارة «الإنسان الراقى»» وهى عبارة أبعد ما 
يكون عن المعنى الذي يرمي إليه نيتشه باجتراحه لهذا المقهوم الذي يريد منه الإشارة إلى 
كائن جديد قد تجاوز منزلة الإنسان إلى منزلة فوق - إنسانية . ولو انتبه هذا المترجم قليلا 
إلى الجمل اللاحقةء ولو فكر بشيء من التبصر في عبارة الفرنسية التي تقل 
عنها ‏ على أن نفترض أنه يجيد فهم اللغة الفرنسية ‏ لأدرك بسهولة آنا تختلف عدم ددن!! 
supericur‏ التي توافق «höherer Men$¢l1‏ كما سيأتي في فصل لاحق من الجزء الرابع 
من کتاب ر رادشت» وهو الفصل الذي يحمل هذا الى لعنوان. 5 لو أن ea‏ 
نصف انتباه لرأى أن زرادشت قد صرف عنه كل «الر جال الراة قين» في آخر الكتاب قا 
«کالا» لستم أنتم من أنتظر» . لأنه ليس من بينهم واحد يمكنه أن يكون إنسانه الأعلى 0 
يننظرء وهم في نظره في أحسن ¿ الحالات يمكن أن يكونوا جسورا ومعابر نحو كائنه الجديد 
الذي لم يقبل عليه إلى حد اللحظة إلا فى هيأة طيف» أو كصرخة قادمة من مكان بعيد. 
ئم ألم ينتبه ينتبه المترجم إلى ما ورد بصريح العبارة في «كلمة الترحاب» التي ألناها زرادشت 
على ضيوفه المجتمعين في مغار رته وهم جميعهم «أناس راقون» كما يدعوهم هو؟ ألم ينتبه 
المترجم إلى هذا الكلام : «ولئن كنتم راقين ومن النوع الأرقى (التشديد من عندنا). فإن 
لديكم مع ذلك الكثير من الأشياء المعوجة والمشوهة؛ وليس هناك في الدنيا من حداد 
لمكا أن شا عر جاب | ويجعلكم م قويمير ین ن ./ لستم سوى جسور؟ فليكن لآخرين 
آرقی منكم أن يعبروا فوقكم إلى الضغة نة الأخرى. درجات سلم أنتم؛ O‏ 
تلوموا إذأ من يعبر فوقكم متسلقا دربه إلى أعاليه! / وليكن لي من بذرتكم في يوم ما إبن 
حقیغی ووريث حفيق بی ؟ لكن ذلك ما يزال بعيدا: ولستم بأولئك الذين ستعود إليهم 
تركتي ويككونوا الحاملين لإسمي ./ كلا لستم أنتم من أنتظر هنا فوق هذ الجبل» ولیس 
معكم أنتم سيحق لي أن أنحدر للمرة ة الأخيرة./ كعلامة فقط أتيتم نم إليّ وطالعا مبشرا بأن 
آخرين أرقى منكم في طريقهم إليّء  /-‏ لا آصحاب الشوق الأعظم والقرف الأعظم 
والإشمنزاز الأعظمء ولا ذلك الذي سميتموه بآخر ما تبقى من القبس الإلهي 
الآدميين. / لا! لاد ال كي ويس م ار ا م 
الموضع من دونهم؛  /-‏ 1 خرين» أرقى وأصلب. أكثر قدرة على الانتصار وأكثر مرحاء 
أولئك الذين قُدَوا بتيانا | متينا حصيناء قلبا وقالبا: أريد أسودا ضاحكة تأتي إليّ!» 
أنظر أيضا قبلها فصل «عن القساوسة»: أبدا لم يكن هناك إنسان أعلى . عارييّن رأيت كلا 
من الإنسان العظيم والإنسان الحقير :/ متشابهيْن جدا أراهما. والحق أقول لكم حتى 
أعظم التاس قد بدا لي - مغرطا فى الإنسائية !1 . 
فصل «عن الحيلة البشرية؟: تأكم يا أرقن الال ج ن وقعت عليهم عيني! هذه ر يمني = 


1 


أتريدون أن تكونوا حركة الجزر في هذا الدفق العظيم فتفضلوا العودة 
إلى خرلة الجران على ا 


«ما القرد بالنسبة للإنسان؟ أضحوكة؛ أو موضوع خجل أليم. كذا 
يجب أن يكون الإنسان بالنسبة للإنسان الأعلى: أضحوكة أو موضوع 
خجل أليم. 

لقد سلكتم الطريق الطويلة من الدودة إلى الإنسان لكتكم ما زلتم 
تحملون الكثير من الدودة في داخلكم. كنتم قِرّدة ذات يوم» وإلى 
الآن ما يزال الإنسان أ كثر قردية أن قرد. 


آه» «لقد مللت هؤلاء الأرقى والأفضل من الرجال» (التشديد من عندنا)؛ وكانت بي رغبة 
إلى الهروب إلى ما فوق وخار ج اسموهم" موليا عنه باتجاه الإنسان الأعلى!؟. 

ولنستمع ال تیه مره ة أخرى كيف یعرف «إنسانه الأعلى! في كتاب هذا هوالإنسان»: ان 
عبارة الإنسان الاعلى كصيغة للتعبير عن نموذج الاكتمال الأعلى» أي كنقيض للإنسان 
«الحديث» والإنسان «الخير اء وللمسيحيين وغيرهم من العدميين ‏ العبارة التي تتخذ على 
لسان زرادشت مدر الأخلاق معنى يدعو إلى التفكير ‏ نراها تُّنْهم في كل مكان تقريبا 
وببراءة تامة طبقا للقيم التي تتناقض كليا وتلك التي جاء ينادي بها زرادشت؛ أعني بذلك 
کنمودج «مثالي» لنوع ان مر , البشر : بعت «قديس» ونصف عبر يي 9 وقد بلغ الأمر 
ببعض الدواب العالمة من ذوات القرون أن اتهمتني بالداروينية بسبب هذه العبارة. بل هناك 
من ظن أنه قد استشف من خلالها حتى «عبادة الأبطال؛ على النحو الذي يدعو إليه ذلك 
المزور الجاهل وعديم الإرادة كارليلء تلك العبادة التي كنت قد رفضتها بشدة». (هذا هو 
من هنا احترازي وعدم ارتياحي تعبارة «الإنسان الأرقى» 

فكرت إذاً فى القياس على العبارة الفرويدية «الأنا الأعلى» التى توافق العبارة الألمانية 
Uber - 1h‏ _ وبما أن كل من فرويد ونيتشه قد استخدما نفس الصيغة التركيبية فى 
اجتر احهما لمفهوميهما ‏ فكرت إذا في عبارة «الإنسان الأعلى» قياسا على «الأنا الأعلى». 
ا | لا تبدو ر مع أنها تظل أقرب إلى الصحة من بقية 


5 


والأكثر حكمة من بينكم لا يعدو كونه خلقة خِلْطأً ومزيجاً من 
نبات ومن شبح. لكن هل دعوتكم لأن تصيروا نباتات وآشباحا؟ 

انظرواء إِنّني أعلمكم الإنسان الأعلى! 

ال تمان الا علي نة ارهن قعل ادك ليكن الان 
الأعلى هو معنى الأرض ! 

أناشدكم أن تظلوا أوفياء للأرض يا إخوتي؛ وألا تصدّقوا أولئك 
الذين يحدثونكم عن آمال فوقأرضيّة! مُعدَوا سموم أولئنك. سّواء أكانوا 
يعلمون ذلك أو لا يعلمون”''. مستخفون بالحياة همء محتضرون 
ومتسمّمون بدورهمء مَلتهم الحياة: فليرحلوا إذاً! 

لقد مضى زمن كان فيه الإثم تجاه الله أكبر الآثام» لكنْ الله 
مات وبهذا مات أيضاً كل أولتك الاين 

أن يأثم امرؤ في حقّ الأرض ويمنح أحشاء ما لا يُدركه عقل ولا 
نظرُ تقديراً أكثر من المعنى الذي في الأرضء فذلك هو أفظع آيات 
الكفر الآن! 

في زمن ما كانت الروح تنظر إلى الجسد باحتقار؛ وكان ذلك 
الاحتقار أكثر الأمور سموًا فى ما مضى - كانت تريده هزيلاء بشعاء 
اا وکات تقد أنها ر الأرض. 

لكم كانت تلك الروح هزيلة هي نفسهاء بشعة وجائعة: وكانت 
الفظاعة شهوةً تلك الروح! 

لكن» قولوا لي أنتم أيضاً يا إخوتي: ما الذي ينبئ به جسدكم عن 
روحکم؟ للست روحكم فاقة وقذارة وطمأنينة بائسة؟ 


)١(‏ سيطور نيتشه هذه الفكرة أكثر فى الفقرة الثانية من فصل «الفضيلة الواهبة». 





و 


الحقّ أقول لكم إن الإنسان نهر قذر. ولا بذ أن يكون المرء بكرا 
لكي تتكل. هرأ ر مون أن دو متها : 

انظرواء ها ا أعلمكم الإتسنان علي :ا ذلك الجر :الدئ 
ا 2 
الاحتقار اش الساعة التي تغدو فيها e‏ الى قرفا فی 
أعينكم وكذلك عقلكم وفضيلتكم. 

الساعة التي تقولون فيها: «ما أهمّية سعادتي! إنّها فاقة وقذارة 

ساعة تقولون: «ما أهمّية عقلى! هل يتلهف للمعرفة كما الأسد 
AD‏ وكذاوة وطمائنة AS‏ 

ساعة تقولون: «ما أهمية فضيلتي! إنّها لم تحوّلني بعد إلى مسعور. 
لكمْ سئمت خيري وشرّي! إذ فاقة وقذارة وطمأنينة بائسة كل هذا!». 

O‏ ولوق :ها أعمنة عهذالت: N ١!‏ أنت اتحول سوا 
ولا الكة الحادل من ولا ا 

ساعة تقولون: "ما أهمية شفقتي! أليست الشفقة الصليبَ الذي 
غاى سلوذللك اللا كان شهدا للم" O‏ تق اميك عبليا»: 

هل تكلمتم مرّة هكذا؟ هل صرحتم مرّة هكذا؟ آه» لكم وددت لو 
أي سمعتكم تصرخون هكذا!». 
)١(‏ أنظر العلم المرح الكتاب5 الشذرة ۳۷۹: «كم من الفرح الرفيع وكم من الصبر وكم من 

الطيبة أيضا ندين بها لاحتقارنا! فضلا عن كوننا «رهط الله المختار؛: الاحتقار الرفيع ذوقُنا 


وامتيازنا وفنا ورتما فضيلتناء نحن الأكثر حداثة من بين الحداثيين»!). 


(؟) إشارة إلى واقعة صلب المسيح . 


٤ 


1 


ا د يتتكم ‏ بل رضاكم هو الذي يصرخ في وجه السماءء 
شخكم ذاته الذي في خطيئتكم هو الذي يصرخ في وجه السماء"! 
أين الصّاعقة التي تلعقكم باسانها؟ أين الجنون الذي كان عليكم أن 
تارا 

أنظرواء ها أنني أعلمكم الإنسان الأعلى: إِنّه تلك الصاعقة. إن 
5 

ولما فرغ زرادشت من هذا الكلام صرخ واحد من الشعب: «كفانا 
TEED E‏ الآن تراك ؤاذا"القفت: كله قمعت 
باک من روا وار الل طن إن ذلك اكاك کن و 
يعنيه » يشرع الآن في أداء عمله. 


٤ 
لک واف ا ينظو الى ولك الجا وجي نم تكلم‎ 
هكذا:‎ 
الإنسان حبل معقود بين الحيوان والإنسان الأعلى  حبل فوق‎ 
ا‎ 


خطير هو العبور إلى الضفّة الأخرى» خطير مسلك الطريق» خطير 
النظر إلى الوراءء خطير هو الارتعاش» والتوقف خطيرٌ. 

ما هو عظيم في الإنسان إنما كونه جسراً لا هدفاً؛ ما يمكن أن 
يكون جديرا بالحب في الإنسان هو كونه معبرا وصيرورة اندثار. 

أحت أؤلكك الذين لا رفون كيف یشون دون أن يكؤنؤا فى 
ذلك متخدرين إلى اللاك إد عم الدين عرو اند E‏ 


)١(‏ انظر سفر التكوين (العهد القديم) - الإصحاح :٠١/٤‏ «ماذا فعلت؟ صوت دم أخيك 
صارخ إلى من الأرض». 


0 


حب أولئك المحتقرين الكبارء لأنهم أكبر المُجلينء وهم سهام 
الشوق إلى الضقة الأخرى. 

أحبّ أولئك الذين لا يتطلعون إلى النجوم بحثاً عن مبرّر للهلاك 
وللتضحية بأنفسهم؛ يل ينفقون أنفسهم لصالح الأرض» كي تصير 
الأرض ملكا للإنسان الأعلى في يوم ما. 

حب ذلك الذي يحيا من أجل أن يعرف والذي يعرف من أجل 
أن يحيا الإنسان الأعلى في يوم ماء وهكذا هو يريد هلاكه. 

أحت :ذلك النق يعمل وکر کی بيت بيت الإنشنان الأعلق وه 
له الأرض والدابّة والزرع؛ وهكذا يمضي بإرادته إلى الهلاك . 

أحبّ ذلك الذي يحبّ فضيلته: إذ الفضيلة إرادة الهلاك وسهم 
الرغبة المتأججة . 

أحبٍ ذلك الذي لا يحتفظ لنفسه بقطرة واحدة من الروح 
ريك أن تون كلع روس فة وهكذاء روجا عي الج 


٠‏ بل 

أحبّ ذلك الذي يجعل من فضيلته نزوعه وقدره؛ وهكذا يريد أن 
يحيا من أجل فضيلته وأن يكف عن الحياة. 

أحبّ ذلك الذي لا يرغب فى كثير من الفضائل» إذ فى فضيلة 
واحدة أكثر فضيلة مما فى إثنتين» لأن تلك هى العقدة التى ينشد إليها 
القدر . 

أحبٌ ذلك الذي يسرف في تبذير روحه» الذي لا يريد شكراً ولا 
يقضى دیا ؛ إذ هو يهب دوما ولا يريد حفاظاً على نفسه. 
سال هدا هل اا عا ذلك أنه بريد الف إلى تحتف 


٤1 


حت ذلك الذي يُلقى بوعود ذهبيّة تستبق أفعاله» ويغفى ا ا 
ما بعد ذلك أنه يزيد هلذكة: 

أحبٌ ذلك الذي يبرّر أجيال المستقبل ويخلص أجيال الماضي ؛ 
ذلك آنه يريد أن يلقى حتفه في معاصريه. 

أحت ذلك الذى يعتف ربهء لأنه يحت ربّه؛ ذلك أنه سيلقى حتفه 
حدما نكن عضب ركه 

حت ذلك الذي تكون روحه عميقة حتى وهو جريحء والذي 
نمك أن هلك لامع الوادت هكذا سي طواعة فرق الخ 
SATO La EN‏ ده 

أحت ذلك الذی يكون عقلا حرا وقلبا خرا؟ وهكذا يكون رأسه 
أحشاءً لقلبهء لكنْ قلبه يقوده إلى حتفه. 

أحبّ كل الذين هم مثل القطرات الثقيلة التي تنزل متفرّقة من 
السحابة الداكنة المعلقة فوق رؤوس البشر؛ إِنّهم ينبئون بقدوم الصاعقة 
ويمضون كمنبئين إلى حتفهم . 

انظرواء إِنْني المنبئ بقدوم الصاعقةء والقطرةٌ الثقيلة النازلة من 
السحابة : تلك الصاعقة إسمها الإنسان الأعلى. 


نت 
وبعدك أن تكلم زرادشت بكلماته هذه نظر إلى الشعب مجدداً 
وصمت. «ها هم يقفون هنااء قال مخاطبا قلبه» «ها هم يضحكون: 


¥ 


إِنْهم لا يفهمونني؛ لست الفم الذي يصلح لهذه الآذان”'“2. أينبغي أن 
تقطع أذنيهم أوّلا كي يتعلموا السّماع بأعينهم؟ أينبغي أن يقرقع المرء 
بمثل دوي الطبول وخطب وعآظ الكفارات؟ أم تراهم لا يصدّقون 
وى N E‏ 

إن لديهم شيئاً يفخرون به. ماذا يسمّون ذلك الشيء الذي يجعلهم 
فخورين؟ ثقافة يسمّونه» وهو ما يميّزهم عن رعاة الماعز. 

لذلك لا يروقهم أن يُنطق في شأنهم بعبارة «احتقار». فلأخاطب 
نخوتهم إذاً! سأحدّثهم عن أكثر الكائنات حقارة إذاً: لكنّ ذلك هو 
الانبياق ل س 

«إنّها الساعة التي على الإنسان أن يرسم فيها هدفاً لنفسه. إِنّها 
الساعة التي ينبغي على الإنسان أن يزرع فيها بذار أمله الأعظم . 

تربته ما تزال ثرية بما فيه الكفاية لهذا الغرس. لكنّ هذه التربة 
ستغدو ذات يوم فقيرة و عق عقيمة» وما من شجرة سامقة تست تستطيع أن تنبت 
فوقها. 

الويل» الويل! سيأتي الوقت الذي لن يكون للإنسان فيه أن يقذف 


أقول لكم: على المرء أن يكون حاملا بعد لشيء من الفوضى كي 


)۱( كتاب العهد الجديد: إنجيل منّى ؛ الإصحاح 7 1۳ امن أجل هذا أكلمهم بأمثال» 
«إنهم يسمعون ولا يفهمون وهم أشبه بالصمّ. عليهم ينطبق المثل القائل : في حضورهم 
هم غائبون». 


۸ 


بلك ا اقفن ب اقول لكت + ما وال نک کےا هن الوك تن 
داخلكم”''. 

الويل» الويل! سيأتي الوقت الذي لن يلد المرء فيه نجماً. الويل» 
الويل! سياتى زمن الإتسان الأكثر حقازة»: ذلك الذي لم يعد قادرا 


انظروا! ها أنا أرسم لكم صورة الإنسان الأخير! 

«ما الحب؟ ما الخلق؟ ما الرغبة؟ ما التجم؟» هكذا يسأل الإنسان 
الأخير وهو يغمز بعينيه. 

ثم ها هي الأرض وقد غدت صغيرةء وفوقها ينط الإنسان الأخير 
الذي يصغْر كل شيء. نوعه غير قابل للانقراض مثل فصيلة البراغيث؛ 
إن الأتفيان ES‏ 9 الأطول يا 

«القد ابتكرنا السعادة». يقول البشر الأخيرون» ويغمزون بأعينهم. 


هجروا الأماكن التى كان العيش فيها مرهقاً؛ فالمرء بحاجة إلى دفء. 

وما يزال الواحد يحب جاره ويتحكك به ؟ فالمرء بحاجة إلى دفاء. 

أن يمرض الواحد أو تكون له ريبة» فذلك ما يعد لديهم خطيئة : 
لا بك من التقدم بحذرء واحمق هو الذي ما يزال يتعكر في حجر او 

في بشر! 

)١(‏ أنظر في ما وراء الخير والشر: «الخليقة والخالق متحدان داخل الإنسان: الإنسان خليط 
من مادة وشغايا وزواتد وطين وروث وسخافة وفوضى؛ لكن في الإنسان أيضا مبدع 
ومصور وحدة مطرقة وإله متفرّج ويوم سابع هل تفهمون هذا التناقض؟» إنه المعنى الذي 
عه نيتشه للإنسان كصيرورة و مشروع - شير مكتمل - يظل منمتحا على الدوام على عمل 
الصةل والتشذيب والتتمّة» والتهذيب؛ لكنه فى الوقت ذاته هو الذي يصقل ويشذّب 


ويهذب ويطور.. 


۹ 


قليلا من 0 بين الحين والآخر: إذ ذلك يجعل الأحلام لذيذة. 
OS‏ فى النهاية» من أجل موت لذيذ. 

ا 07 ا أيضاء فالعمل تسلية بالنهاية . لكن مع الحرص 
على أن لا تكون التسلية مرهقة 

لن يغدو الإنسان فقيرا ولا غنيًاً؛ إذ كلا الأمرين مرهقان. من تراه 
سيريد بعدها أن يحكم؟ ومن سيُطيع؟ فكلا الأمرين مرهقان. 

ما من راعء وقطيعٌ واحدٌ"''! كل يريد الشيء نفسه» والكل سواء: 
والذي يحس بطريقة مغايرة يقود نفسه إلى مأوى المجانين. 

في ما مضى كان العالم بأكمله أحمق»» يقول الأكثر لباقة من 
ينهم ويغمزون بأعينهم . 

الكل ذكيّ وعلى علم بما جرى: وهكذا فإِنَ استهزاءهم لا يعرف 
حدًا. ما زالوا يتشاحنون» لكتهم سرعان ما يتراضون ‏ وإلاأ اضطربت 
معدتهم وتكدرت. 

للمرء ملذاته الصغيرة للنهار» وملذاته الصغيرة لليل؛ لكن على 
المرء أنْ يظل حريصا على العافية . 

(لقد ابتكرنا السعادة)ء يقول البشر الأخيرون ويغمزون بأعبنهم» 


عند هذا الحد انتهى خطاب زرادشت الأول أو ما يسمّى «ديباجة» 


(Y۲) 


)١(‏ بمثابة الجواب على المقولة الإنجيلية ‏ يوحنا؛ الإصحاح ۱١/٠١‏ : «ولي خراف ليست 
من هذه الحظيرة ينبغي أن آتي بتلك أيضا فتسمع صوتي وتكون رعيّة واحدة وراع واحد». 

(؟) أنظر مقطع «قربان العسل» في الجزء الرابع من هذا الكتاب: «أي زرادشت. قلا 
يخاطبانه» تراك تبحث عن سعادتك هناك بعيدا حيث ترسل نظرك فى هذا المدى البعيد؟) 
«ما لي والسعادة! أجابهما زرادشت» منذ زمن بعيد لم أعد أتوق إلى السعادة» بل أتوق 
إلى عملى» . نفس العبارات سيكررها زرادشت مخاطبا نفسه فى الفصل الأخير من الكتاب 
(العلامة) . ْ 


أيضاً؛ إذ عند هذا الموضع قاطعه صراخ الجمع وتهيّجه. «إلينا بهذا 
الإنسان الأخير يا زرادشت!» ‏ هكذا كانوا يصيحون به. اجعل متا 
فولاة النشر الأحيرية! وشتترك لك الإتسان الأعلى !4 وكات ي 
الشعب تهليل وابتهاج وطقطقة بالألسن. لكنْ زرادشت تكذر وحزن 

(إنهم لا يفهموننيى: لست الفم المناسب لهذه الآذان. 

اقل ست اطول مما ينبغي بين الجبالء وأصغيت أكثر مما يلبغي 
للبحيرات والجداول والأشجار: وها أنا أخاطبهم الآن مثل رعاة 
الماعز . 

هادته رو حي ومشعة» صافية كالجبل عند الضحى . لكنهم يرودني 
ارا ومستهزئا ذا هزار شنيع . 

والآن هم ينظرون إلىّ ويضحكون: وفيما هم يضحكرون يحقدون 
علي أيضا. صقيع يتوج في ضحكتهم». 


5 

لكن ها قد حدث الآن شيء ألجم الألسنة وأجحظ كل العيون. 

ففي الأثناء كان البهلوان قد شرع في عمله: خرج من بوابة صغيرة 
وتقدم سائراً فوق الحبل الذي كان مشدوداً إلى قلعتين متقابلتين» معلقا 
عندما انفتحت البوّابة الصغيرة ثانية ومنها اندلف فتى مزوّق في هيأة 
مهرّج وانطلق يلاحقه بخطى سريعة: «تقدم يا مشلول الساق!» صاح 
بصوت حاد مريع» «تقدم أيّتها الدايّة المتلكئة» المهرّب المتسلل» يا 
شاحب الوجه» تقدم! لعل أدغدغك بقدمى! ما الذي تصنده هنا بين 
قلعتين؟ داخل القلعة مكاتك» والحيس أولن بك إنك سد الطريق 


0١ 


على من هو أفضل مناك!» - ومع كل كلمة كان يقترب منه أكثر فأكثر ؛ 
ولما لم تعد تفصله عنه سوى خطوة واحدة حدث الأمر الفظيع الذي 
ألجم الألسنة وأجحظ كل العيون» فقد أطلق الفتى صرخة شيطان وقفز 
من فوق ذلك الذي كان يسد عليه الطريق. لكنّ البهلوان وهو يرى 
خصمه ينتصر عليه هكذاء أضاع الحبل والعقل معاء فرمى بقضيب 
التوازن وبأسرع منه هوى في الفراغ لولبة تتلاحق ذراعاه فيها 
بالقدمين. اضطربت الساحة والجمع المحتشد هناك مثل بحر لحظة 
اندلاع العاصفة؛ الكل فار في تفرّق وتلاحم» مخلين المكان في ذلك 
الموضع الذي كان سينسحق فية. 

لكنَ زرادشت ظل واقفاً مكانهء وبجانبه وقع الجسد منسحقا 
محطماء لكن غير ميّت بعد. 

بعد برهة من الرّمن عاد إلى المهشم وة ورای زر اذشتت جاتنا 
على ركبتيه إلى جانيه. «ماذا تفعل هنا؟» قال يسأله أخيراء ١كنت‏ 
أعرف منذ زمن طويل أن الشيطان يعد لي مقلباً. وها هو الآن 
يجر جرني إلى الجحيم؛ أتريد أن تمنعه؟ 1 

الوشرفي» أيّها الصديق» ليس هناك شيء مما ذكرت»», أجابه 
زرادشت: 0 شيطان هناك ولا جحيم. 0 روحك سيسرع إليها 
الموت قبل جسدك فلا تخش شيا إذا» . 


بعينين ملؤهما الشك والرّيبة ظل الرجل يتطلع في الفضاءء ثم 
قال: «إن صدقت فى ما قلت فإثنى لن أخسر شيئا إذا بفقدان 
الاق كان لت أكثر وا ل 2 بالعصا وبلقم حقيرة؟ . 

«كلا». خاطبه زرادشتء. «بل إِنّك اتخذت من الخطر حرفتك» 
وا هذا ا مر ها خی ا قار زالان تمضي في حرفتك إلى 
حتفك؛ لهذا أريد أن أدفنك بيدي». 


25 


تعد أن نطق ر رادت بهذه الكلمات لم يضف المحتضر أي جواس» 
لكتاعد ليده کیا كان يدق عن بب زر ایت رون أن کر 


۷ 
وفي الأثناء حل المساءء ولمت العتمة ساحة السوق؛ عندها 
تغرقت ميو الشعب»ء ذلك أن التعب بعسيسا حتى الذعر 
والفضول». اها زرادشت فطل خالا على الا رضن ,إلى حاتي المت 
غازفاد ف التشكترة ی ا ل 0 
وعلى الرجل الجالس وحيداً هبّت ريح باردة. عندها نهض 
«صيدا جميلا حقّاً اصطاد زرادشت هذا اليوم! لم يصطد إنساناء 

بل e‏ 
رهيب هو الوجود الإنسانى ولا معئلى له مع ذلك: إنه بإمكان 

مهرج ان يحكم على قدره المحتوم . 
رند أن أعلّم النشق معنی وجودهم؟ ألا وهو الإنسان الأعلى. 

الإنسان الصاعقة النازلة من السحابة الداكنة . 
لكئني ما زلت بعيداً عنهم وعقلي لا يستطيع مخاطبة عقولهم. 
قاتم هو الليلء ومعتّمة طريق زرادشت. تعال إذا أيّها الرفيق البارد 


١8/5 إحالة على يسوع وقولته للأخوين الصياديُن  بطرس وآندراووس : متى ؛ الإصحاح‎ )١( 
وأندراووس أخاه يلقيان شبكة في البحر فإنهما كانا صيادين؛ فقال لهما هلم ورائي‎ 
فأجعلكما صيّادى الناس ؛ فللوقت تركا الشباك وتيعاه؛».‎ 


۳ 


۸ 


مل( ê‏ ا 0 0 12( یی د 
وبعد أن خاطب زرادشت قلبه بهذا الكلام'” حمل الجنّة فوق 
ظهره وانطلق. ولم يسر مائة خطوة حتّى تسلل إلى جانيه شخص 


وهمس في اتو ذلك الخدت اله ل خا اجر سوى مهزج 
القلعة! ‏ «ارحل عر هذه المدينة يا زرادشت»2»2 قال له. «كثيرون هم 
الحاقدون عليك هنا. يحقد عليك أهل الصلاح والعدلء ويدعونك 
عدوهم والمستهزئ بهم ؛ ويحقد عليك المؤّمنون بالعقيدة الح 
وكذفورتك فط غل الور ومن احم طت انك جاك الان 
يضحكون عليك؛ وقد كنت بحق تتكلم مثل مهرّج . وطن کی ف 
اقا أن تنك ا ت الم ولاف و لتساك 


E E الآن هه هده‎ O E E 
وإلا فإثني سأقفز فرقك غداً؛ حي يقفز فوق ميّت».‎ 


ولمًا فرغ الرجل من هذا الكلام اختفى ثانية؛ لكنّ زرادشت واصل 


عند بوّابة المدينة اعترضه حماروا القبور: رفعوا مشعلهم في وجهه 
وتعرّفوا على زرادشت فراحوا يستهزئون به. «هو ذا زرادشت يأخدذ 
العلت الت لطفه أن غدا“ززادقت عفار قبون! إذ أندينا اق مد 


أن تمس مثل هذا الغذاء. أيريد زرادشت أن يسرق من الشيطان لقمته؟ 


)20 ستر د هله عبارة #حذث قله كثير! 1 HES‏ الكتاب. وقد فخلا الإبقاء عليها ىّ صيغتها 
هذه عوضا عن استعمال عبارة #حدث نفسهاء» أو «قال لنفسه» حرصا على الحفاظ على ما 
فيها من إحالة على لغة الأاجيل : التكوين؛ الإصحاح الثامن  1١‏ : «وقال الرب في قلبه 
لا أعود آلعن الأرض أيضا من أجل الإنسان. . .٠ء‏ كما ترد أيضا لدى هوميروس في 
الإلياذة وفى الأوديسة. 


2 


حظأ سعيداً إذاً! ووقتا ممتعاً مع هذه الوجبة! إن لم يكن الشيطان طبعا 
ماوكا أكنر قتطارة هن راد ا معا و یا ی ان 
راحوا فی فا ينهم متلاضقين برؤوسهم سا رین 

لم ا زرادشت بكلمة وواصل طريقه. وبعد ساعتين من السير 
عبر الغابات والمستنقعات كان قد استمع كثيراً لعواء الذئاب الجائعة 
EE‏ الجوع و ام ودا و فنا أمام بيت منعزل كأن 

«الجوع ينقض علي مثل | لص قال زرادشت. بين الغابات 
والمستنقعات. وفي عمق الليل يداهمني جوعي . 

غريب الأطوار هو جوعي. غالبا ما يأتيني مباشرة بعد الأكل» 
واليوم لم يأئتى طوال التهار؛ ترئ أين تأخر إذا طوال كل هذا 
الى ٠‏ 

محدثاً نفسه بهذا الكلام طرق زرادشت باب البيت. وإذا شيخ بيده 
مصباح يطل ويسأل: من القادم علي وعلى نومي القلقى؟». 

حي وميّت» أجاب زرادشت» ناولني أكلا وشرابا فقد نسيت ذلك 
طوال اليوم. إِنْ من يطعم جائعاً ينعش بذلك روحّه الخاصّة؛ هكذا 
تقول الحكمة). 

واختفى العجوز ليعود بعد برهة وجيزة ويقدم حبرا ودا 
لزرادشت. «مكان قاس علي ی الجائع هو هذا المكان. قال العجوز. 
لذلك أنا أسكن هتاة البشر والبهائم تأت إل آنا الناسلك 'المتوحه»: 
فك أله تدرط علق وا فيا عد الأكل والشراب» إِنّه يبدو 
أكثر تعبا منك». ميت هو مرافقي»» أجاب زرادشت» ولن يكون من 


00 


العا آذ انعد 9 هرا لن اتخات العجوز ما 
بتجهّم» من يطرق باب بيتي عليه أيضاً أن يتسلم ما أقدم إليه. كلا إذا 
ولتصحبكما السلامة!». 

بعدها سار زرادشت لساعتين متقَمَياً الطريق على ضوء النجوم؛ إذ 
كان متعوّداً على السير ليلاء وكان يحب النظر في وجه كل نائم. لكن 
عندما طلع الفجر وجد زرادشت نفسه في عمق غابة وما من طريق 
هناك تلوح أمام عينيه. عندها وضع الجنّة داخل جذع مجوّف غير بعيد 
aa‏ كان E E E x‏ اماقم م بواشلين Ie‏ 
الأرض فوق الطحالب . وللحين استسلم إلى النوم متعت الجسد» لکن 
بقلب تغمره السكينة . 


8 

نام زرادشت طويلاء ولم يمر على وجهه نور الفجر فقطء. بل 
وقناة الف ها لكو اة امتا ارا دهف نظن ررادشت 
إلى الغاب من حوله محدقا في السكون» مندهشاً نظر في دخيلة 
نفسه. ثمّ نهض بسرعة مثل بخار تراءت له اليابسة فجأةء وأطلق 
صيحة فرح؛ إذ رأى حقيقة جديدة. وهكذا خاطب قلبه: 

«لقد أنيرت بصيرتي: إنّني بحاجة إلى رفاق» وإلى أحياء ‏ لا 
اا وا اا اا 

بل رفاقاً من الأحياء أحتاج» رفاقاً يتبعونني لأنّهم يريدون أن يتبعوا 
اتج وال فياك یت ارين 

القد ارت يضيرتي ليس إلى القتعبا ين أن يتكلم زرادشت»ه 
بل إلى رفاق! ليس راعيّ قطيع وكلباً ينبغي أن يصير زرادشت! 


05 


«أن أستميل الكثير إلى الخروج عن القطيع ‏ ذلك هو العمل الذي 
جٿت من أجله. وسيبغضني عندها الراعي والقطيع : لصا سيسمي 
الا 

زغ اقول لكتهم يدعون أنفسهم بالصالحين والعادلين. رعاةٌ 
أقول» لكنهم يدعون أنفسهم مؤمنين بالعقيدة الحقَ. 

انظ هؤلاء الصالحين والعادلين! على من يحقدون أكثر من أي 
كان؟ على ذلك الذي يكسر ألواح قيمهم القديمة؛ المخْرّب» المجرم 
لکن ذلك هو الدع : 

انظرْ إلى المؤمنين من كل عقيدة! على من يحقدون أكثر من أي 
كان؟ على ذلك الذي يكسر الواح قيمهم القديمة؛ المخرّب» المجرم 
لكنّ ذلك هو المبدع . 

رفاقاً يريد المبدع لا جثثاًء ولا قطعاناً ومؤمنين أيضاً. رفاق إبداع 
يريد المبدعٌء يخطون قيماً جديدة على ألواح جديدة. 

رفاقاً يريد المبدع ومشاركين في الحصاد؛ إذ كل شيء لديه ناضج 


)١(‏ أنظر «المعرفة المرحة», الكتاب الأول؛ الشذرة ٤‏ : إن العقول الأكثر قوة والأكثر خبثا/ 
شرا هي الني ظلت إلى حد الآن تدفع بالبشرية نحو التطور: على الدوام ظل هؤلاء 
يشحذون جذوة الهمم الغافية - كل مجتمع مرئّب يخدر الهمم ‏ » هؤلاء لا يكفون عن 
إيقاظ روح المنافسة والتناقض والرغبة في ما هو جديد وجسور وما هو غير معهود» 
ويرغمون الناس على مقارعة الرأي بالرأي ومواجهة أمثلة نمطية بأمثلة نمطية أخرى. . ٠.‏ 
أنظر أيضا «الفجر 11 الفقرة ٠١‏ فُعَلة أحرار ومفكرون أحرار : «كل من قام بقلب القانون 
الأخلاقي القائم ظل إلى حد الان يعتبر إنسانا سيئا؛؟ لكن عندما تغدو من بعدها إعادة بسط 
ذلك القانون أمرا غير ممكن وعندما يتعود الناس على الأمر المقضي يشرع ذلك الاعتبار 
في التبدل شيئا فشينا؛ ‏ إن التاريخ قائم كليا تقريبا على هؤلاء الناس السيئين الذين 
يكرسون أناسا صالحين فيما بعد». 


o¥ 


لصاف الك و لذلك هو يقتلع السنابل اقتلاعاً 
ويستشيط غيضا. 
رفاقا يريد المبدع. وأولتك الذين يعرفون كيف يشحذون مناجلهم. 
مخرّبين سيدعوهم النأس ومستهزئين بالخير والشْر» لكنهم هم 
اا 
رفاق إبداع يريد زرادشت؛ رفاق حصاد ورفاق احتفال بالعيد يريد 
زرادشت : ها الذى سيصنعه مع القطعان والرعاة والجحثث؟ !ا 
أما آنت يا رفيقي الأوّل»ء فلتصحبك السلامة! ها قد دفنتك جيّدا 


a 


ې 
اک و فقن اق ا وق ا ی فج ور 
ظهرت لي حقيقة جديدة. 
لارا ولا جماز قبور يسغي على أن أكوت:. لن اريك تى التكلم 
ال الع وان هده لاحر هزه اتات فيا الل ف 
«أريد أن أنضمٌ إلى المبدعين والحاصدين والمحتفلين بالعيد: أريد 
أن أريهم قوس قزح وكل درجات سلم الإنسان الأعلى. 
للنساك المتوخدين سأغني نشيدي وللوحيدين داخل الاجتماع؛ 
ون له أذدين بعد لكل «حارق. عحيت أريك أن" اقل قله ادي 


والمتلكئين. وليكن مضبّى انحدارهم وأفولهم إذاً! 
)١(‏ متّى الاصحاح ۹/ ۳۷؛ «حينئذ قال لتلاميذه الحصادٌ كثير ولكنّ الفْعَلةَ قليلون». 


9۸ 


1۰ 
ا ا 

متوسطة قبّة السماء: عندها تطلع في السماء مستفسرا ‏ إذ سمع صوت 
اكع بترا ا اهو قن ل بطر اخواض وا 
في الفضاء وحيّة تتدلى منه» لا كالفريسة بل كرفيقة؛ إذ كانت ملتفة 


«ها هما Ea‏ فال زرادشت وفرح من کل قلبه , 


أ ا وا ا تيت ال وا کو الحيوانات دک ت 
الشمس - إنهما فى رحلة استكشاف . 

يريدان أن يعرفا إذا ما كان زرادشت حيّاً بعد؟ وفي الحقيقة. هل 
أنني مازلت حا 


أكثرٌ خطرا وجدث الحياة بين الآدميّين» وخطيرة هى الطرق التى 
ا ر قدي و ا 


ولا تحدث زرادشت بهذا الكلام تذكر كلمات الناسك الذي القتاه 


)١(‏ النسر والحية رمزا السماء والأرضء والقوة والذكاء والحيلة. لكأنها لحظة اتحاد الأرض 
بالسماءء الفتوّة (النسرء مثل ديونيزوس) بالتجدد الدائم (الحية التى تغير جلدها بصفة 
منتظمة) . قي ال نة أرق د لالت هل الاتصار 4 لمرد إلى اسیا که 
نيتشه في المعرفة المرحة؛ الشذرة :۳۷١‏ انحن المبهمون»: «إننا عرضة للخلط ‏ 
والحقيقة أننا نحن الذين ننمو وما ننفك نتغيرء نخلع عنا قشرة قديمة» نغير جلدتنا مع كل 
ربيعء نغدو أكثر فكثر شباباء مستقبليين أكثرء أرقى وأكثر قوة» نرمي بعروقنا في الأعماق 
بأكثر قوة ‏ فى الشرّ  ٠‏ بينما نعانق السماء بأكثر تحنان وأكثر رحابةء وبكل أغصاننا 
وأوراقنا م ضوءها بتعطش متزايد؟. 


0۹ 


(أريد أن أكون أكثر ذكاءً! أريد أن أكون ذكياً في طبعي مثل حيتي ! 

لكئني أطلب المستحيل هنا: فأنا أطلب من أنّفتي أن تظل دوما 

وإذا ما تخلى عنّي ذكائي في يوم ما: - أف إِنّه ليحبٌ أن يهرب 
مٽي هكذا! ‏ فلترافق نخوتي طيران جنوني إذا! 


فكذا هذا فول رادت 


خطب زرادشت 


عن التحؤلات الثلاثة 


أذكر لكم ثلاث تحوّلات للعقل: كيف يتحول العقل إلى جملء 
والجمل إلى أسدء والأسد إلى طفل بالنهاية . 

أثقال كثيرة هناك بالنسبة للعقل القوىّ المكابدء العقل الممتلئ 
احتراما؛ إلى الثقيل والأكثر ثقلاً ترنو قوته. 

ا بمكذا اسان العقل المكايد)» وهكذا متو على رقت 
مثل الجمل ويطلب حملا جيّداً. 

ما هو الأكثر ثقلا أيّها الأبطال؟ يسأل العقل المكابدء كي أحمله 
وأغتبط لقوّتي . 

أليس هذا ما يعني أن يحط الواحد من نفسه كي يكسر شوكة 
غروره؟ وأن يدع حمقه يشمّ كي يسخر من حكمته؟ 

أم ترى هذا: أن نتخلى عن قضيّتنا في اللحظة التي نحتفل فيها 
ااا قيلي خالا ا بو اج ان لسكب ا 


)١(‏ متّى: الإصحاح ١/4‏ : «فتقدم إليه المجرّب وقال له إن كنت ابن الله فقل أن تصير هذه 
الحجارة حبزاة؛ ۷: «قال له يسوع مكتوبٌ أيضا لا تجرّب الرت إلهّكا. 


53١ 


ام هو هذا: أن نتغذى من عروق وأعشاب المعرفة. ونجعل الروح 
تكابد الجوع من أجل الحقيقة؟ 

أم هو هذا: أن تكون مهيا ل المواسين وتعقد صدذاقة مح 
الصمّ الذين لن يسمعوا أبدا ما الذي تريده؟ 

أم هو هذا: أن يلج الواحد المياه القذرة إن كانت تلك ماء 

0 ١ 3 | 5 5 اا‎ 5 EE 
الحقيقة. وان لا يدفع عنه لضفادع البارد والعلاجيم السامة؟‎ 

آم هو هذا: أن نحت أولنك الذين يحتقرونناء وأن نهنك یدنا إلى 

بكل هذه الآثقال يأخذ العقل المكابد على عاتقه؛ وكما الجمل 
الذى يسعى حشيتاً محماد بأثقاله عبر الص حراءء كذلك بسہ یی هشو شقا 
في صحراثه 3 

لك في الصحر َء 00 خلاع بلع يحدث أسداً 
الخاصة . 

هنا يبحث عن آخر أسياده : عدوا يريد أن يصير لآخر أسياده 
ولااخر الهتهء ومن اجل النصر يريد الاشتاك مع اعظم ن 

ما هو هذا التتين الأكبر الذي لم يعد يرغب فيه العقل سيّداً وإلها؟ 
«ينبغى عليك» يُدعى التنين الأكبر . لکن عقل الاق يقو ل : ا 
)١(‏ يمكن أن نراجع بخصوص موضوع الإرادة الحرة والانعتاق من سلطة الوجوب الخارجية 

كتاب المعرقة المرحة ‏ الكتاب الخامس ؛ الفقرة ۳٤۷‏ : «المؤمنون وحاجتهم إلى الإيمان" 

في اللحظة التي ينتهي المرء فيها إلى القناعة الآساسية بأنه لابد أن تملى عليه أوامر من 

الخارجح: يصبح "مؤمنا»؛ وبالمقابل فإنه بالإمكان تصور رغبة وقدرة على استقلالية 

القراره أي حرية إرادة بموجبها يودع عقل ما كل إيمان وكل رغبة في لعن وقد امتلك 

الحو سي E‏ 0 > بل على الرقص فرق 

الهوى السحهة 2 يضأ ٠‏ مثل هذا العقل سيكون هو هو العقل الحر بامتياز) 0 


1۲ 


اينبغي عليك» تسد عليه الطريق ملتمعة ببريق الذهب؛ حيوان 
حرشفيّ» وفوق كل حرشفة تلتمع مقولة «ينبغي عليك!١‏ ببريق ذهبي. 

قيم آلاف السنين تلتمع فوق تلك الحراشف» وهكذا يتكلم التلّين 
الأشد قوّة: قيمة الأشياء بكليتها ‏ تلتمع فوق جسدي». 

كل القيم قد تم خلقهاء ‏ وکل الق القن ر ادها فى : ا 
عقا لم يعد هناك من مكان لأيّ «أريد»! هكذا يتكلم التثين. 

لكن ما ضرورة الأسد بالنسبة للعقل يا إخوتي؟ ما الذي ينقص دابة 
الحم واا ا وا عورا 
خلق قيم جديدة ‏ ذلك ما لا يقدر عليه الأسد بعد؛ أمّا اكتساب 
الحريّة من أجل إبداع جديد ‏ فذلك ما تقدر عليه قوّة الأسد. 

اكات ا تواغلةن: 11 الندية او ا کا 
هو ما يحتاج إليه الأسد. 

اكتساب حرية ابتداع قيم جديدة ‏ إِنّه الكسب الأكثر فظاعة بالنسبة 
لعقل مكابد ومفعم بالاحترام. لكنّه في الحقيقة مجرّد صيد وعمل 
حيوان مفترس . 

في ما مضى كان العقل يحبٌ «ينبغي عليك» ويجلها كأرقى 
مقدّساته: أمّا الآن فلا بد أنّه واج جنونا واستبداداً في أكبر المقدّسات 
أيضاء كي ينزع إلى افتكاك حرّيته من هل a‏ إلى الأسد 
من أجل هذه الغنيمة المنتزعة. 

لكن قولوا لي يا إخوتي» ما الذي يقدر عليه الطفل ممًا لا يقدر 
عليه حى الأسد؟ ولم ينبغي على الأسد المفترس أن يتحول أيضاً إلى 
طفل؟ 


1۳ 


براءة هو الطفل ونسيان. بدء جديد» لعب» دولاب يدفع نفسه 
بنفسهء حركة أولى» «نعما ا 

أجل إن لعبة الابتكار يا إخوتي تتطلب نعم مقدسة: إرادته 
الخاصّة يريد العمل الآن؛ والذي يكون غريباً في العالم يكسب عالمه 
الحا 


ثلاث تحؤلات للعقل ذكرت لكم: كيف تحول العقل إلى جملء 
والجمل إلى أسدء والأسد إلى طفل بالنهاية. - 

هكذا تكلّم زرادشت. وكان آنذاك مقيماً في المدينة التي تدعى : 
البقرة الس فط : 


)١(‏ ثيمة الطفل لدى هيرقليطس تعود كثيرا في الفكر النيتشوي مولد الفلسفة في عصر 
التراجيديا + ولعي الان ولخت الطفل وجذهما ها الذان يتتطيعان أن اورا ويعنيساة 
فى هذه الحياة الدنياء أن يشيّدا ويهدما بكل براءة. وهكذاء مثل الفنان والطفل» تلعب 
النار النشطة بصفة أبدية؛ تكوّن وتهدم ببراءة» وهذه اللعبة إنما الدهر هو الذي يلعبها مع 
نفسه. متحوّلة إلى تراب وإلى ماء. تكدس النار مثل الطفل كوما من الرمل على حافة 
البحر» ترفعها وتهدمهاء وتعيد لعبتها بين الحين والآخر . لحظة من الاكتفاءء ثم تستبد بها 
الحاجة من جديد» كما تدفع الحاجة بالفنان إلى الخلق . ليس غرورا مذنبا هذاء بل غريزة 
اللعب المستيقظلة مجددا هي التي تستدعي ظهور عوالم جديدة. يرمي الطفل من حين 
لآخر بلعبتهء لكنه سرعان ما يعود إليها بحسب نزوة بريئة . غير أنه حالما يشر ع في البناءء 
ينطلق يجمّع ويربط بين الأشياء ويسوّي الأشكال طبقا لقانون وبحسب انتظام داخلي 
صارم»» أنظر أيضا جنيالوجيا الأخلاق 16 - 11)/ / أما هيرقليطس الذي يستمد منه نيتشه 
هذه الرؤية فيقول فى إحدى شذراته المكثفة : «الدهر طفل يلعب النرد : إنه مملكة طفل». 

(bunte Kuh) (Y)‏ ترجمتها حرفيا «البقرة الملوّنة» وهى عبارة ساخرة من اللسان الشعبى 
الألمانى وتستعمل لتسمية النواتاة العمرانية ا ذات التركيبة E E‏ 
والمافرة والتي لا تتوفر في أهاليها خصال الحس المدني والوطني التي تميز «الحاضرة» 
أو «الأمة؛». 


عن منابر الفضيلة 


امتدح الئاس لزرادشت حكيماً زعموا أن له حديثٌ العارف في 
مسائل الوم والفضيلة» وكان على ما يبدو يحظى مقابل ذلك ببالغ 
التقدير ويغدق عليه بالمكافات». وإلى منبره يجلس كل الفتيان. ذهب 
إليه زرادشت إذاً وجلس مع كل الفتيان هناك. وهكذا تكلم الحكيم: 

الاحترام والحياء تجاه النوّم! إِنّها أولى الأمور! ولتبتعد عن طريق 
ال افون سيدا ويسيرون الليل ! 

بحياء يتصرف اللص أيضا أمام النوم: إِنّه يتسلل دوماً بهدوء بين 
طيات الليل. لكن المولع بالسهر لا يعرف الحياءء ودون حياء يرفع 
قرنه . 

ليس عملاً سهلا هو التوم: على المرء أن يهيّء نفسه له بالصحو 
طوال النهار . 

عشر مرّات في اليوم عليك أن تتجاوز نفسك؛ فذلك يمنح تعبا 
جيّداء وهو زهرة الخشخاش المهدئة للروح. 

عشر مرّات عليك أن تتصالح مع نفسك؛ ذلك أن المغالبة مرارةء 
والذي لم يتصالح مع نفسه نوما قلقا ينام . 

عشر حقائق عليك أن تجد في نهارك؛ وإلا فإك ستبحث عن 
الحقيقة في ليلك أيضاء وتظل نفسك على الطوى. 


10 


عشر مرّات عليك أن تضحك في يومك وأن تكون فرحاًء وإلاً 
أزعجتك معدتك ليلا؛ بيت الداء وآ الأحزان. 

قليلون هم الذين يعرفون هذا: لكن على المرء أن يكون حاملا 
لكل الفضائل كي يستطيع أن كام نوها ناقهد شهادة و 
أن أزني 


أن أراود خادمة جاري؟ كل هذا ما لا يتلاءم ونوماً جِيّدا”" . 


وحتّى وإن كان المرء حائزاً على كل الفضائلء» فإنّه عليه أن يكون 
على دراية بأمر آخر؛ أن يبعث بالفضائل نفسها إلى النوم في الوقت 
الوناسيي. 

كي لا تتناوش في ما بينهاء تلك الإناث اللطيفات ‏ وذلك فوق 
e REO‏ 

سلام مع الله ومع الجار: ذلك ما يبتغيه النوم الجيّد. وسلام 
كذلك حتى مع جارك الشيطان! وإلا ظلّ يقض مضجعك طوال الليل. 

احترام السلطة وطاعتهاء بما في ذلك ما كان سلطة معوجّة! ذلك 
ما يتطلبه النوم الجيّد. وما ذنبي أنا إن كانت الساطة تحبّذ السير على 
قدم عرجاء؟ 1 

راع جيّد في نظري دوماً ذاك الذي يقود خرافه إلى المراعي الأكثر 
خضرة: كذا 00 التلاؤم مع نوم جيّد. 


)00 إحالة على ما يرد باطراد في العهد القديم حول نوم الطمأنينة والسلام أنظر مثلا: المزامير - 
Aft‏ البسالام أضطجع بل أيضًا أنام . لآنك آنت يارت منفردا في طمأنيئة تسكنني » 
والأمتال _ "/ 5 7: : «إذا اضطجعت فلا تخاف بل تضطجم ويلذ وماك 

20( أنظر العهد القديم ؛ ؛ الخروج ‏ الاصحاح ١4 /٠ ٠‏ : ل تزن» و۱۷ : لا تشته بيت قريبك» 
ولا عبده ولا أمته ولا ثوره ولا حماره ولا شنا مما لقريبك» ‏ 


11 


وي كدر قاف کو اقنور کے لوبي ا 
والطحال. لكنْ نوما قلقاً سينام المرء دون سمعة جيّدة وكنز صغير. 

إن علاقات محدودة أحبّ إلى من رفقة السوء؛ لكن على أن تأتي 
وتمضي في الوقت المناسب. ذلك هو ما يتلاءم ونوماً جيّداً. 

جي كيرا السداكين ارو اا ا لون رة 
سعداء هم وهنيئين» خاصّة إذا ما شهد المرء لهم بالحق في كل أمر. 

هكذا ينقضي يوم الرجل الفاضل» لكنني عندما يأتي الليل أحترس 
جِيْداً من طلب التوم! لأنه لا يحبّذ البتة أن يُستدعى» سيّد الفضائل 
كلها! 

بل إنني أفكر في ما فعلت طوال نهاري وفي ما فكرت به. مجترًا 
بصبر مثل بقرة أسأل نفسي : ماهي التجاوزات العشرة ليومك؟ 

ونان تمس 1اشضات الك انمادق العتدن والفيسكاتة السكتر 
الي a‏ الا ووا ف 

ممصأ هكذا ومهدمّداً بأربعين خاطرة يداهمني النوم دفعة واحدةء 
ذاك الذي لم أطلبه؛ سيّد الفضائل كلها. 

يطرق النوم عيني ؛ وإذا عيني قد ثقلت. ويللامس النوم فمي› 
فيظل مفتوحاً. 

حقّاء على نعال خفيفة ناعمة يأتيني» أَحَبُُ اللصوص إلى القلب. 
ويسرق مني خواطري وأفكاري: متبلدا أظل واقفاً مكاني مثل هذا 


الكرسي . 


)١(‏ متى؛ الاصحاح :۳/١‏ «طوبى للمساكين بالروحء لأن لهم ملكوت السماوات». 


1۷ 


لكن وقوفي لن يطول بعدها: وإذا أنا مستلق. - 

ولما سمع زرادشت ذلك الحكيم مدل رك بهذا الكلام ضحك في 
مابينه وبين نفسه: إذء وهو يستمع إليه أشرق في ذهنه وضوح جديد. 
وهكذا تحدث إلى قلبه : 

أحمق في نظري هو هذا الحكيم بخواطره الأربعين؛ لكتني أظنّه 
على دراية جيّدة بأمر النوم. 

سعيد من يسكن إلى جوار هذا الحكيم؛ إن نوما كهذا لمعد وهو 
اور ان ارت على غر ار م 

هناك سحرٌ يسكن حتى داخل كرسيّه . ولا غرابة إذاً أن يجلس أمام 
خطيب الفضيلة هذا كل هؤلاء الفتيان. 

حكمته تعني: أن تصحو من أجل أن تنام جيّداً. وحقّاء لو كانت 
هذه الحياة خالية من أيّ معنىء وكان على أن أختار سخافة ما لبدت 
هذه لي أنا أيضاً السخافة الأكثر جدارة بالاختيار. 

الآن أصبحت أفهم بوضوح ما الذي كان يبحث عنه المرء أكثر من 
أي شيء في ما مضى عندما كان يبحث عن معلم فضائل. نوما جيّدا 
وفضائل بخصائص زهرة الخشخاش كان المرء يريد. 

النوم دون أحلام هي الحكمة بالنسبة لحكماء المنابر المنوّه بهم 
على الدوام؛ فهؤلاء لم يعرفوا من معنى أفضل للحياة. 

واليوم أيضاً ما يزال هناك بعض ممّن يشبهون داعية الفضيلة هذا 
دون أن يكونوا بمثل صدقه دوما؛ لكنّ زمنهم قد ولَى ومضىء ولن 
يتسئى لهم الوقوف طويلا بعد الآن: وهاهم الآن يضطجعون. 

طوبى لهؤلاء الناعسين» فهم عما قريب سيغفون». 

هكذا تكلم زرادشت. 


1A۸ 


دعاة الماوراء 


لقد حدث لزرادشت في ما مضى أن جنح بوهمه في ما وراء 
الإياة ضع كز دغاة اوو ا ا اة ومد بدا ل 
العالم آنذاك . 1 

حلما بدا لي العالم وصنعة إله؛ د-غان متعدد الألوان أمام عينيٰ 
كائن إلهي قلق . 

الخير والشرّ واللذة والألمء وأنا وأنت؛ دخاناً متعدّد الألوان أمام 
عينيٰ مبدع تراءت لي جميعها آنذاك. أراد المبدع أن يحوّل نظره عن 
ذاته - فخلق العالم. 

غبطة سكرى يجد المتألم في تحويل نظره عن ألمه وفي الهروب 
من نفسه. غبطة سكرى وتبديد للذات تراءى لي العالم ذات مرّة. 


)١(‏ أنظر : هذا هو الإنسان ‏ المقدمة: «. . . بمجرد أن ابدعت أكذوبة عالم المُثل تم تجريد 
الواقع من قيمته ومن معناه ومن حقيقته . . . «العالم الحقيقي» و«العالم الظاهري» ‏ وبعبارة 
أكثر وضوحا: العالم المبتذع والعالم الواقعي. . . إن أكذوبة المُثل ظلت إلى حد الآن 
اللعنة الحائمة فوق الواقع» وعبرها غدت الإنسانية نفسها مشوهة ومزيفة حتى في غرائزها 
الأكثر عمقا ‏ تزييف قد بلغ حد تقديس القيم المعكوسة المناقضة لتلك التي كان بإمكانها 
أن تضمن النموّ والمستقبل» والحق المقدس فى مستقبل». عن منشورات الجمل 
*“2900). وفي كتاب «أفول الأصنام» يحمل نيتشه أفلاطون مسؤولية ابتداع هذا العالم 
الموهوم. أو ما ينعته ب«الخرافة»؛ «عالم المثل»» ويعتبره بناء على ذلك «منحطا» 
و«جبانا» : «أفلاطون جبان أمام الواقعء ونتيجة لذلك يبحث له عن ملجئ في المُثل» . 


1۹ 


هذا العالم الناقص على الدّوام صورة لتناقض أبديّ» والصورة 
المنقوصة؛ الغيطة السكرى لمبدعه المنقوص - هكذا تراءى لي العالم 
ذات مرة. ْ 

وهكذا جنحت بوهمي إذا في ماوراء الإنسان مثل كل دعاة 
الماوراء. في ماوراء الإنسان حمًا؟ 

آه يا إخوتي» حمقا وصنيعة إنسان» مثل كل الآلهةء كان ذلك 
الإله الذي ابتدعثه ! 

اسان کان ولا شىء غير جرع بانس مق إنسان و آنا دق 
جمري ورمادي طلع لي ذلك الطيف حمًا! وليس من الماوراء جاءني! 

ما الذي حدث يا إخوتي؟ تحاملت على نفسيء آنا العليلء 
وحملت رمادي إلى الجبل وابتدعت لي شعلة مضيئة. لكن ها أن 
الطيف يفلت متي ! 

ألما سيكون بالنسبة لي وعذاباء أن أعتقدء أنا المعافى الآن في 
مثل هذا الشبح: ألما سيكون بالنسبة ليّ الآن وإهانة. هكذا أتكلم إلى 
دعاة الماوراء. 

ألم وعجز؛ ذلك هو ما خلق كل كل العوالم الماورائيّة» وتلك السعادة 
الحمقاء :المقتضبة" التي لا يشعر .بها سوئ أكثر النان سقما. 

إعياء يريد في قفزة أخيرة أن يبلغ المنتهى» إعياء جاهل في 
انتفاضة الموت لم يعد يريد حتّى أن يريد: هو الذي ابتدع كل الآلهة 
وكل العوالم الماورائية. 

ضدفونى يا إخوتي! إنه الجسد الذي يعس من الجسد» والذى 
لن :أحثر كنات اماي غقلة. المستلوض. 


/ا 


صدَقوني يا إخوتي! إنّه الجسد الذي يئس من الأرضء هو الذي 
سمع أحشاء الكائن تتحدّث إليه. 

وهكذا أراد أن يقتحم آخر الجدران برأسه ‏ وليس برأسه فقط ‏ » 
ويمرٌ إلى «ذلك العالم». 

لكنّ «ذلك العالم» محتجب عن أنظار البشرء ذلك العالم 
اللاإنساني المجرّد من كل صفة بشريةء الذي هو عدم سماويٌ؛ وإن 
أحشاء الوجود لا تتكلم إلى الإنسانء سوى أن تكون هي ذاتها إنساناً. 

حقّاء إنه لمن الصعب إقامة الدليل على أيّ وجودء ومن الصعب 
حمله على الكلام. 

أخبروني آيها الإخوة» أليست أكثر الأشياء غرابة هي تلك التي بقع 
إثباتها على أفضل وجه؟ 

أجل. هذه الأناء وتناقض هذه الأنا وبلبلتها هي التي تتحذث عن 
وجودها بأكثر صدق» هذه الأنا المبدعة المريدة المقيّمة» والتي هي 
مقياس حجم الأشياء وقيمتها. 

هذا :الكائن الأكتز صدقا ٠‏ الان .يتطق بده :ويريدك: جحسده تن 
وهو يقول شعرا ويهيم ويخفق بأجنحة مكسورة. 

على الدّوام تظل تتعلم كيف تتكلم بأكثر صدق هذه الأنا: وكلما 
لمت اکر كلما وعدت مدا من الكلينات وعازات الاجلكل لين 
والأرض. 

نخوة جديدة علمتني اناي وأنا بدوري أعلم البشر هذه النخوة: 
لا دوا رؤوسكم في رمل الأشياء السماويّة بعد الآن» بل ارفعوها 
بحرّية رؤوساً أرضيّة تبتدع معنى للأرض! 


۷1 


إرادة جديدة أعلم البشر: أن يريدوا هذه الطريق التي ظل الإنسان 
يسلكها بعفويّة» أن يباركوها وألا ينسحبوا متسللين جانباً مثل المرضى 
والمحتضرين! 

موعى وهر أولنك الاين كاتا سرون البعسنه والارضى 
وابتدعؤا العالم السماوق وقطزات الدم المخاصة"'2؟ لكن :هذه السموم 
القاتمة والحلوة قد أخذوها أيضا من الجسد ومن الأرض! 

كانوا يرومون الفرار من بؤسهم» وكانت النجوم بعيدة عنهمء 
فتنهدوا إذا: «آهء لو أنْ هناك طرقاً سماويّة نتسلّل عبرها إلى كيان آخر 
وسعادة أخرى!» - وهكذا ابتدعوا أحابيلهم وجرعة شرابهم الدموي'"! 

وإذا هم الآن يتوهمون التخلص من جسدهم ومن هذه الأرض»ء 
أولتك الجحودون! لكن لمن يدينون بملاصهم وبتشتّح ونشوة غيابهم؟ 
إنما لجسدهم ولهذه الأرض. 

لكنّ زرادشت حليم تجاه المرضى. وحمقّاً لا يغتاظ لهذا الضرب 
من سلوانهم وجحودهم. ليْشْفوا ويتعافؤا ويتغلبوا على أنفسهم 
ويتدغوا ليع ندا من ن¿ فصيلة أرقى! 

وزرداشت لا يغتاظ أيضاً للنقيه عندما يرنو بنظره بتحنان إلى 
وهمه. وفي منتصف الليل يتسلّل حائماً حول قبر إلهه: لكنْ مرضاً 
وعلةَ جسدٍ تظل دموعه في نظري. 


)001 إشارة إلى التأويل الذي يقدمه بولس عن واقعة صلب المسيح والذي يعتبر أن المسيح قد 
وهب دمه على الصليب من أجل خلاص البشرية؛ أنظر رسالة بطرس الأولى:١/19:‏ 
«إنكم افتُديتم لا بأشياء تفنى بفضة أو ذهب من سيرتكم الباطلة لتي تقلّدتموها من الآباءى 
بل يدم كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس دم المسيح». 

(۲) می 77/57 : «وأخذ الكأس وأعطاهم قائلا اشربوا منها كلكم. لأن هذا هو دمي للعهد 
الجديد الذي يُسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا؛ . 


VY 


بالعشق الإلهى ؛ بحنق يحقدون على الذي يسعى إلى المعرفة وعلى 
القضيلة الجديدة التي 'إسجها : صدق" . 

على الدوام يرنون بنظرهم إلى الوراء باتجاه الأزمنة القاتمة؛ ذلك 
أن الأوهام والإيمان كانت شيئاً آخر حقاء فانفلاتات العقل الحمقاء 
أت تعد هخ فاك" الا اة ما الل بخطيية . 

أغرفهم حبّدا أولك الشبيهين تالآلهة : يريدون :أن وسن الناس 
بهم » وأن يكون الشك خطيئة. وأعرف جيّداً أيضاً ما الذي يؤمنون به 
بدورهم ويفضلون الإيمان به أكثر من آي شيء آخر. 

وفي الحقيقة هم لا يؤمنون لا بالعوالم الماورائيّة ولا بقطرات الدّم 
اللسعلسة بل نعم أيفا لا روت بء اكور من ايعان 

لكنه شيء مريض بالنسبة لهم؛ وبوذهم لو يخرجوا من جلدتهم. 
لذلك هم يستمعون إلى الذين يكرزون للموت» ويكرزون بدورهم 
لعوالم الماوراء. 

استمعوا بالأحرى إلى صوت الجسد المعافى يا إخوتي: إِنَّه 
الصوت الأكثر صدقاً وأكثر نقاءً . 


فضيلة جديدة لم تعرفها لا الفلسفة الأرسطية ولا الديانة المسيحية ؛ أنظر «الفجر»؛ الجزء 
الخامس» الفقرة 455 : الئلاحظ جيدا أن الصدق لا ينتمى لا إلى الفضاتل السقراطية ولا 
إلى الفضائل المسيحية: وهي ما تزال غير تامة النضج وغالبا ما يتم الخاط بينها وبين أشياء 
وأخرى وعدم الاعتراق بهاء بالكاد تكون واعية بنفسها - شيء في طور الصيرورة بإمكاننا 


أن تشجعه أو أن نشبطهء وذلك بحسب مشاعرنا». 


ا 


يأك "عيرق کک اا وا كر نقاءة کو الاق کا 
قائم الزاوية : نه يتكلم بمعنى الأرض . 


هكذا تكلم زرادشت. 


Vt 


عن المستهينين بالجسد 


للمستهينين بالف اریت أن أقول كلمتى . ليل عليه أن لما 
من جديد ولا أن يعيدوا تعليم الآخرين» بل فقط أن يقولوا وداعاً 
لجسدهم ‏ وأن يصيروا بُكما إذا. 

«جسد وروح أنا» ‏ هكذا يتكلم الطفلى. ولم لا ينبغي على الناس 
أن لرا هل الأطفال؟ 

لكنّ اليقظ العارف يقول: جسد أنا بكلي وكليتي ولا شيء غير 

الجسد عقل عظيم» ES‏ ومعنى موحد حرب وسلام» راع 
وقطيع . 

داه لجسدك هو عقلك الصغير ياأخى هذا الذي تسمّيه «روحا»ء 
أداة صغيرة ولعبة لعقلك الكبير. 

تقول: «أنا»» وتشعر بالفخر لهذه الكلمة. لكنّ ما هو أعظم هو 
ذلك الذي لا تريد أن تؤمن بهء ‏ جسدك وعقله الكبير: ذلك العقل 
لا يقول «أناك بل يفعل «أنا». 

ما يشعر به الحسّ» وما يميّزه العقل لا غاية له فى ذاته البتّة. لكنّ 
الحس والعقل يحاولان إقناعك بأنهما غاية ومنتهى كل الأشياء: إلى 
هذا الحد يصل بهما الغرور. 


Vo 


اواو لس ا ی رو الك + اتيب مك الداشبي والدات 

على الدوام تصعر الذات وتبحث: تقارن» ا تحضع » 7 تستولي» 
تدمّر. تسود وهى صاحبة السيادة على الأنا أيضا. 
وحكيم غير معروف إسمه الذات: بيك مأواف وجسدك هو . 

ثمّة أكثر حكمة في جسدك ممًا في أفضل ما لديك من حكمة. 
ومن الذي يعرف إذا ما حاجة جسدك بالذات إلى أفضل ما لديك من 
الحكم؟ 

او و اا و و ی المزهيو ةب ا تع 
بالنسبة لي كل قفزات وتحليقات الفكر هذه؟» تقول لنفسها. «الطريق 
الملتوية باتجاه أهدافي. إِنّني رسن «الأنا» والملقّن الذي يهمس لها 
بأفكارها» . 

تقول الذات للأنا: «ذوقي الآن ألما!» فتتألم الأنا وتشرع في 
التفكير في وسيلة لدرء الألم ‏ ومن أجل هذا بالذات يكون عليها أن 

تقول الذات للأنا: «ذوقى الآن لذّة!» فتلتذ وتشرع في التفكير في 
وسيلة تعيد إليها مرارا هذه اللذة - ومن أجل هذا بالذات يكون عليها 
أ کن 
يصنع صفة اعتبارهم. لکن ى شيء هو هذا الذي ابتدع الاعتبار 
والااحتقار والقيمة والإرادة؟ 


۷٦1 


الذات المبدعة هى التى ابتدعت الاعتبار والاحتقارء وابتدعت 
اللذة والألم. الجسد ال هر الذي ابتدع لنفسه العقل يدا لإرادته . 

ذاذٌ ‏ كم تخدمون حتى في حمقكم وفي احتقاركم أيها المستهينون 
بالجسد. أقول لكم: إن ذاتكم ذاتها تريد أن تموت وتدبر عن الحياة. 

لم يعد باستطاعتها أن تبلغ ذلك الذي تريده أكثر من آي شيء؛ - 
أن تبدع ما يفوق منزلتها؛ ذلك هو ما تريده أكثر من أيّ شيء. وذلك 
هو اله الأول والكس ‏ لايديا الو ةة 

لكن قد فاتها الأوان للك وها كروي دا أن كييك 
وتضمحل» أيها المستهينون بالجسد. 

ذانكم تريد آل تهلك:وتضمحل» لذلك عدون مستهشق بالجسد! 
إذ لا طاقة لكم بعد الآن بآن تبدعوا ما يفوق منزلتكم! 

ولذلك تصبون الآن جام حنقكم على الحياة وعلى الأرض. حسّد 
ميق کو في النطرات الشوراء جارىم 

آنا لا أمضي على طريقكم آيها المستهينون بالجسد! فلستم جسور 
العبور إلى الإنسان الأعلى في نظري! 


هكذا تكلم زرادشت . 


V¥ 


عن صبوات الأفراح والآلام 


غندما تكرت لك :فضيلة يا أخنى) وتكون تلك فلك فاته لن 
يكون هناك من أخد يقاسمك إياها: 

أكيد أنك تريد أن تسمّيها بإسم وتلاطفها؛ تريد أن تجذبها من 
ا وی ا 

لكن ها أنّك تتقاسم إسمها مع الشعب» وها أنت قد غدوت شعبا 
وقطيعاً بفضيلتك! 

كان من الأفضل لو أنك قلت: «لا يحيط به النطق ولا الإسم ذلك 
الذي يترع روحي عذايا وحلاوة» والذي هو أيضاً جوع أحشائي» . 

لتكن:فضيلتك أرقى من حميمية الأسم : وإذا ما كان عليك أن 
تتكلم عنهاء فلا تخجل من أن تلجلج في النطق بها. 

فتحدّث ولجلج هكذا: «هذا متاعى آناء وهذا ما أحبّء هكذا 

لقره إلينا أرقف ولا قانوناً وحاجة بشريّين: درفنا يدلو 
إلى طريق الجنة وعوالم فوقأرضيّة . 

فضيلة أرضيّة هي تلك التي أحبت: ليس فيها سوئ القليل من 
الفطنة» وأقل ما يمكن من صواب العموم. 


VA 


لكنّ هذا الطائر قد بنى عشه لديّ: لذلك أله وأعره؛ وها هو 
يحضن الآن بيضاته الذهبيّة لدي». 

فى ا مق :كاف ال وات و کی هوه اشر تلان 

لقد وضعت هدفك الأسمى فى قلب هذه الصبوات ؛ وها قد غدت 
فضائلك وأفراخك . 
الإيمان الساخط أو المتعطشين للانتقام : 

فان كل صبواتك ستغدو فضائل بالنهاية» وكلّ شياطينك ملائكة 

فى ما مضى كانت لديك كلاب متوخشة فى قبوك؛ لكنها تحولت 
بالنهاية إلى عصافير ومغتيات بأصوات عذبة. 

مو تك" فوت اك ا ر لكات نهنا 
اليه | لاو نك کل جر عا 


)١(‏ أنظر «إنساني مفرط الإنسانية»؛ الكتاب الخامس. الشذرة ۲۹۲: «.. .لم تتعلم بعد أنه 
ليس هناك من عسل أكثر حلاوة من حليب المعرفة» وأن سحب الأسى التى تحلق فوقك 
لايك :أن تعزن بالسبية لك الضرع الذى تركس من الي اللا مك اوح أن 
نيتشه يماهى بين العسل والحليب. وهذه فكرة قديمة لدى نيتشه منذ كتاباته الآولى؛ مثلا 
55-007 أطروحة تلميذه القديم جاكوب فاكرناغلس «حول أصول البراهمانية» 
وعلاقة الانتشاء بالمسكرات بحالة الانتشاء الروحى والوجد والمشاعر الروحانية. وكل 
من فاكرناغلس ونيتشه يؤكدان على أن الإغريق القدامی لم يكونوا يتناولون مسكرات من 
الخمرء بل يجدون نشوتهم في الحليب والعسل . نيتشه : «كان اليونانيون القدامى يعتبرون 
الحليب والعسل غذاء الآلهة ‏ إذ لم يكن ذلك الزمن زمن شراب خمرة». ‏ عن ماركو= 


۷۹ 


تعاض قتف أى تقو به انعا ولف ا الاق عو له 
من اقتتال فضائلك . 

إن كنت محظوظاً ياأخي فستكون لك فضيلة واحدة 
هكذا تمضي حفيفا فوق الجسر. 

إنه امتياز أن تكون لك فضائل كثيرة» لكنه عبء ثقيل؛ وهناك من. 
مضى إلى الصحراء وقتل نفسه لأنه تعب من كونه قتالا وساحة قتال 
للفضائل . 

قل الشعرسه والقعال شوريا'أحى؟ ‏ لكر ذلك ضروري هدا الشء 
مروت كو E a‏ لاسر لدي E‏ 

أنظر كم هي , متعطشة كل واحدة من فضائلك إلى نيل أقصى ما 
متك E‏ بكلهنة اتريزه أن دو السادف: وتيا 
وتريك أن هزد علي طاقاتك كلها في الغضب والحقد الحا 

غيورة كل فضيلة من كل فضيلة آخرى» والغيرة أمر فظيع. حتّى 
الفضائل يمكنها أن تهلك من جرّاء الغيرة» هي الأخرى. 

رال ال عله می ال انبتك شلوك لفرت ال انهه بان 
نوكه شير ها ات إلى با ل 

أما رأيت أبداً فضيلة تشئع بنفسها وتوجّه شوكتها السامة إلى نفسها 
يا آخي' 

أ الان فل دامن اون2 للك غنيك "أن فحت 
فضائلك ؛ فهي التي توكو يلت ا ی 


ا 
بروزوتى: «التضحية ة والقوة»: عن قراءة نيتشه لمقالة جاكوبت فاكرناغلس ‏ 


0 عام‎ und Machl, Zu Nietzsches Lektüre von Jacob Wackernagels Über den 


Ursprung des Brahmanismus. in Nietzsche Studien Band 22, 1993. 


A» 


عن المجرم الشاحب 


لا تريدون القتل قبل أن يحنى الحيوان رقبته أيها القضاة ومقدمى 
القرابين؟ انظرواء ر اکرو ا و و ا 
بالاستقان الأكيرة, 

«أنايٌ شىء ينبغى تجاوزه: أناي هى الاحتقار الأكبر الذي أكنه 
للبشر»؛ هكذا تتكلّم تلك العين. ۰ 

أ تقاض الجان تة فخلك الحظيه الأرفي ل هوا 
ا إل ا 

ما من خلاص لذلك الذي يتعذب بنفسه سوى في موتة عاجلة. 

ليكن قتلكم شفقة أيها القضاة لا انتقاماً. وفيما أنتم تقتلون اعملوا 
على أن تعطوا بأنفسكم مبرّرا للحياة! 

ليس كافيا أن تتصالحوا مع الذي تقتلونه. ليكن حزنكم حب 
للإنسان الأعلى: هكذا تبررون بقاءكم على قيد الحياة! 


«عدو» ينبغي أن تقولواء وليس «شريرأ»؛ «مصاب» ينبغي أن 
تقولواء وليسن اوغدا»» «أحمق» شعي أن ولوا ولش «خطيتاً» . 

وأنت» أيها القاضي ذو العباءة الحمراء لو أنك قلت بصوت 
مسموع ما يجول بصمت في خاطرك» فسيصرخ كل امرء: «لتبعدوا 
عتا هذه القذارة والدودة السامة!». 


ام 


لكل الفكرة شيء والفعل شيء٠‏ وشيء آخر هي صورة الفعل؛ 
وبينها ا يتحرك دولاب البنسنة:. 

ور ھی التى جعلت هل الرجل الشاحب شاحبا. لقد كان نذا 
لفعلته عندما أتى تلك الفعلة ؛ لكنّ صورتها هى التى استعصى عليه 
تحملها بعد القيام بها. 
جنون ما بعد الجريمة أسحّي ذلك . 

اتا انها لقنا هاه عدون عن أنفيا ‏ عو ن اي 
الجريمة. اه إنكم لا تغوصون بما يكفى من العمق فى أغوار هذه 
النفس! 

هكذا يتكلم القاضي الأحسر: «بم أَجرَمَ هذا المجرم؟ كان يريد أن 
يسرق؟" أمَا آنا فأقول لكم: دما كانت تبتغي نفسه وليس غنيمة: لقد 
كان متعطشا لغبطة السكين! 

لكنَ عقله البانس لم يفقه هذا الجنونء وهكذا أقنعه محدثا إياه 
بهذا الكلام: «مالك والدم؟ ألا تربد غنيمة على الأقل من وراء هذا؟ 
تآرأ تغأرم ؟) 0 

وكان ان أصخى ا عقله الان يبمثل الرصاص وقح عليه 

وها هو رصاص ذنبه يحط بثقله عليه من جديدء وإذا عقله البائس 
يغدو متحججراً من جديدء كسيحاً وثقيلاً. 


AY 


قوف لکن من ذا الذق حك .هذه الراش؟ 

أي إنسان هو هذا؟ ركام من الأمراض تنتشر في العالم عبر هذا 
العقل : فهي تريد أن تظفر بمريستها. 

أي إنسان هو هذا؟ كتلة متشابكة من الأفاعي لا تجد الراحة في ما 
بتنهاء 'فتتفرّق إذأ التبحت عن افريستها في الأرض. 

أنظروا هذا الجسد البائس! وذلك الذي يعانيه ويبتغيه قد تأوّلته 
النفس تأويلها الخاص ‏ رغبة فى القتل ولهفة على غبطة السكين 
تأوّلت ذلك الأمر. 

من يغدو الآن مريضاء إنما يقع عليه الشرّ الذي هو الآن شرٌ: إِنْه 
يريد أن يحدث ألما بذلك الذي يؤلمه. لكن في ما مضى كانت هناك 
آزمنة أخرى وخير آخر وشر آخر. 

في ما مضي كان الك شرا وكذلك إراذة الذات:. في ذلك الرمن 
جعل من المرضى كفرة وساحرات: وككفرة وسحرة كانوا يتألمون 
ويريدون الإيلام. 
تفولون” لی لکن ما الذي زعوي فی جرک 

ليس شرّكمء بل الكثير من خيركم هو الذي يقرفني في الحقيقة. 
ولكم وددت لو أن بكم جنونا تجدون فيه هلاككم مثل ذلك المجرم 
لاتا 

الحق أقول لكم» كنت أوذ لو أن جنونكم يدعى حقيقة أو وفاء أو 


Ar 


عدالة : لكن لديكم فضيلتكم لكي تعيشوا طويلا وفي كنف رضى بائس 
يدعو إلى الشفقة . 

سياج على حافة نهر أنا: ليمسك بي من استطاع أن يلمسني! 
لک لبيك کارا تو كوون علدب 


At 


عن القراءة والكتابة 


من بين كل ما هو مكتوب لا أحبَ غير ذلك الذي يكتبه امرؤ 
بدمه. اكتبٌ بالدم ؛ وستكتشف أنّ الدم عقل . 


)١(‏ حول العلاقة بين ما يُكتب وما يعاش» وحول استحالة الفهم دون تمثل للمكتوب من 
خلال التجربة الحياتية المماثلة يمكننا مراجعة كتاب «هذا هو الإنسان» في مواقع عديدةء 
منها على وجه الخصوص فصل : ما الذي يجعلني أكتب كتبا جيدة: «ليس بإمكان أحد 
بالنهاية أن يسمع من الأشياءء بما في ذلك الكتب» أكثر مما يعرف مسبقا. فما لم يكن 
للمرء من معرفة به عن تجربة معاشة» لا يمكن له أن يسمعه»» «... وعندما عبر لى 
اقزر ها و م ن عن ا العاد و انكل يفي كلية ولحدة ين 
زرادشتي» أجبته بأنه لا بأس في ذلك : أن يكون الواحد قد فهم ست جمل من زرادشت؛ 
بمعنى أن يكون قد عاشها (التشديد من عندنا)؛ فإن ذلك سيرفعه إلى متام فوق منزلة 
الفانين ليس بإمكان «إنسان حديث» أن يرتقي إليه. كيف يمكتني إذاء مع هذا الحس 
بالمسافة أن أطمع في أن أقرأ من قبل هؤلاء «الحديثين» الذين أعرفهم! 
تبدو الكتابة إذأ كما لو أنها عامل فصل لا وصل بين الكاتب والقارئ؛ عامل عزلة ووحدة. 
هذه الوحدة يعبر عنها نيتشه في نفس الكتاب : «كل من يعتقد أنه فهم شيئا من كتاباتي فقد 
فهم متي ما فهم طبقا لصورته الخاصّةء وفي أغلب الأحيان شيثا مناقضا لي تماما مثل 
اعتباري «مثاليا». أما من لم يفهم مني أي شيء فقد أنكر حتى إمكانية أن أدخل في 
الحسبان. . . . إن زرادشت بكليته نشيد مدائحي للعزلة. أو للنقاوة. إذا ما تم فهمي 
جيّدا» e‏ 
إنه لن يكون غذاء يقاسمنا إياه النجسون! جمرا سيحسبون ذلك الذي يتناولونه»= 


Ao 


وإ من يعرف القارئ لن يفعل بعدها شيئا من أجله. قرن آخر من 
القراء. وسيغدو العمل ذاته نتنا. أن يغدو من حى أي كان أن يتعلم 
القراءة» فدلك ما سفنل بمرور الزمن لا الكتابة وحدها» بل . والتفكير 


4 0 


اا 
ا ر 0 
رعاعا. 
وإن أقصر طريق في الجبل لهي تلك التي تمضي من قمّة إلى 
قَمَة: لكن لا بد لك من ساقين طويلتين لأجل ذلك. على الأحكام أن 
تكون فسة؛ و ين يُتوجه إليهم بالكلام عمالقة ينبغي أن يكونوا وذوي 
اا ا 


الهواء خقيفا وك 1 نقىَ والخطر قريباء والعقل مفعم بخبث مرج : : كذا 
الأشياء كلها في توافق وانسجام . 


د عغاريت من حولي ٠‏ لز E‏ إن الشجاعة التي تطرد 


>وستحترق به أشداقهم». «لكن ما الذي يقوله زرادشت لنفسه وهو يؤوب للمرة الأولى 
إلى وحدته من جديد؟ تماما عكس ما يمكن أن يقول أي «حكيم» أو «قديس» أو مخلّص" 
أو أي من المنحطين الآخرين فى مثل هذا الظرف. . . إنه لا يتكلم بطريقة مختلفة 
فحسب» بل إنه مختلئف أيضاً (التشديد من عندنا). . . : «وحيدا أمضى الآن يا تلامذتى! 
وأنتم أيضا ستمضون الآن وحيدين! هكذا أردت لكم». ۰ 1 
() يحضر في ذهني أبو القاسم الشابي وبإلحاحء وأنا أترجم هذا الكلام الشبيه بالرجم 
والصواعق : «نشيد الجبار»» «النبى المجهول»!! 


81م 


لم يعد لي من إحساس بما تحسون: وهذه السحابة التي أراها 
تحتي» هذه القتامة والتقل التي أضحك منها ‏ تلك هي سحابة غيثكم . 

ترنون بأعينكم إلى الفوق وأنتم تطلبون العُلىء وأنظر إلى الأسفل 
اتی فی الأعالى: 

من منكم بمستطاعه أن يضحك ويكون في الوقت نفسه ساميا؟ 

الى يتصعد إلى الجبال الشواهق» يضحك من كل المافى» 
مسرحيات كانت أم حقيقيّة . ٠‏ 

شجعان» سادرينء ساخرين» عنيفين - هكذا تريدنا الحكمة: إتها 
افع وله ا اا و ا 

تقولون لي : إن الحياة عبء ثقيل». لكن ما جدوى نخوتكم 
ضحى والاستسلام الذي يتلبس بكم مساء؟ 

إن الحياة عبء ثقيل؛ لكن لتكفوا عن مثل هذه الرقّة! إننا جميعنا 
حمير وأتانات جيّدة لحمل الأثقال. 

ما الذي يجمعنا ببرعم الوردة الذي يرتعش لان قطرة ندى وقعت 
على جلدته؟ 

إنها الحقيقة: نحن نحب الحياةء لا لأننا تعوّدنا على الحياة» بل 
لااو على الحا 

هناك دوما شيء من الجنون في الحبٌ. لکن هناك دوما شيء من 
العقل فى الجنون أيضا. 

وأنا الذي أكنّ موذة للحياةء أنا أيضا تتراءى لي الفراشات وفقاقيع 
الصابون وما هو على شاكلتها من بني البشر أكثر الكائنات دراية 
بالسعادة . 


AV 


إن رؤية هذه الأرواح الصغيرة الخفيفة الحمقاء اللطيفة التي تخفق 
طائرة لهي ما يستفرٌ دموع رادت انا سدة 

إنني لن أؤمن إلا بإله واحد يكون قادرا على الرقص. 

وفنتها رامت ا و ا تناه ا و أرية )“كان 
صورة لروح الثقل. إنه هو الذي يجعل كل الأشياء تسقط. كلاء ليس 
بالحنق» بل بالضحك يقثُل المرء. هبّوا إذأء ودعونا نقتل روح 
الثقل “! 

لقد تعلمت المشي؛ ومنذئذ صرت أدع نفسي أتمشّى. وتعلمت 
الطيران؛ ومنذئذ لم أعد أنتظر أن أدفع كي أتحرك من موقعي. 

ا أطمو الآن أو یی :دون م لق ول اون 
يرقص إله من خلالي . 


هكذا تكلم زرادشت. 


)١(‏ سيعود نيتشه إلى موضوع روح الثقل في فصول لاحقة؛ أنظر خاصة فصل «روح الثقل» من 
الكتاب الثالث . أنظر أيضا «المعرفة المرحة»؛ الكتاب الخامس - الفقرة :۳۸١‏ «المسافر 
يتحدث»: إن السؤال المطروح هو هل نستطيع حقا أن نبلغ الذرى التي نريد بلوغها. إن 
هذا الأمر يبدو مرتبطا بجملة من الشروط ؛ ويظل المهم والأساسي هو أن نعرف إلى أي 
حد نحن خفيفون أم ثقيلون؛ إشكال «ثقلنا الخصوصي". على المرء أن يكون خفينا جدا 
كي يستطيع الدفع بإرادة المعرفة لديه إلى هذه الذرى وفي الآن نفسه إلى ما وراء حدود 
الزمن الذي يعيش فيه. . . على المرء أن يتخلص من الكثير من القيود التي تجثم بثقلها 
علينا نحن أوروبيو اليوم» تكبلنا وتشدنا إلى التحت؛ تجعلنا ثقيلين» . 


A۸ 


عن شجرة الجبل 


ليست عين زرادشت فتى كان يتحاشاه دوما. ودات فشاو بيثما 
كان يتمشى وحيدا عبر الجبال المحيطة بالمدينة التى تدعى «البقرة 
إلى جذع شجرة يرمق الوادي من تحته بنظرات متعبة. وضع زرادشت 
بده على جذع الشجرة التى كان يجلس إليها الفتى وخاطه قائلا : 

«لو ردت أن رج هده الشجرة نیدی 58 ان ظ۰ 

لكن الريح التي لا نرى تعذبها وتحني هامتها كيفما شاءت. ونحن 
تعذبنا أفظع الأيادي الخفيّة وتحني قامتنا». 

فنهض الفتى فزعا وقال: «إننى أسمع زرادشت» وللساعة كان قد 
خطر بذهني» . 

«وما الذي أفزعك هكذا إذاً؟ أجابه زرادشت - إن الإنسان مثله مثل 


ل 


كلما رنا إلى الأعالي وإلى النور إلا ونححتُ جذوره إلى التوغل في 
الأرضء ی التحت» فى العتمة والعمق - فى الشرّ» . 

«أجل» في الشرّ!» صاح الفتى. «كيف استعطت أن تسبر أغوار 
نفسى؟1 . 


44 


فابتسم زرادشت وقال: إن بعض الأنفس لا يمكن اكتشافها البتَةء 
إلا أن يكون على المرء أولا أن يبتدعها». 

«نعم؛ في الشرٌ!» صاح الفتى ثانية. 

احقا تكلمت يا زرادشت. لم أعد أثق بنفسي منذ أن صرت أريد 
بلوغ الأعالي» ولم يعد يثق بي أحد. كيف حصل ذلك يا ترى؟ 

إنني أتغيّر بسرعة فائقة: يومي ينقض أمسي. وغالبا ما أقفز فوق 
الدرجات وأنا أصعدء ‏ وذلك هو ما لا تغفره لي أيّةَ درجة. 

وعند بلوغي القمة. أجدني وها تیدا ل هد يكلمني» وصقيع 
الوحدة يجعلني أرتجف . أي شأن لي في الأعالي إذا؟ 

احتقاري وحنيني ينموان يدأ بيد؛ وكلما ارتفعت أكثر ازداد 
احتقاري لذلك الذي يصعد. أي شأن له في الأعالي إذاً؟ 

لكم يخجلني صعودي وتعثري! ولكم أسخر من نهيجي الحاذ! 
لكم أنا متعب في الأعالي! 

وهنا صمت الفتى. أما زرادشت فظل يرمق الشجرة التي كانا يقفان 
إليهاء وتكلم قائلا : 

هذه الشجرة تقف وحيدة هنا فوق الجبل؛ لقد امتدت عاليا فوق 
الإثبيان والتحيوات: 


)١(‏ أنظر المعرفة المرحة/ «فكاهة ومكر وانتقام“ الفقرة 17: «قسوتي»: 
على أن أمضى متسلقا مائة درجة 
علىَ أن اشن صاعدا وأسمعكم تنادون: 
«قاس أنت! فهل نحن من حجر؟». 
على أن أمضى متسلقا مائة درجة 
ولا ادي ا كوو 


ولو أرادت الكلام لما وجدت أحدا ليفهمها؛ لطالما نمت وامتد 
علوها. 

الال کی دی حطر ور ےا الذى تتظره يا توق ؟ اها کن 
راجا فن رط الي 9 خف أنيا "تفظن أرل اع 
ور ا ها و ار ی و اه إلى عاد کی 
عندما أردت الصعودء وأنت هو الصاعقة التى كنت أنتظرها! أنظرء 
هكذا تكلم الفتى وهو يبكي بحرقة. لکن زرادشت أحاطه بذراعه 
راف لقنا مها . 

و أن مضيا شوطا معا شرع زرادشت فى الكلام هكذا: 


إن قلبي يتفتت لهذا الأمر الذي أنت فيه. وبأبلغ مما تقول 
فاتك تد عاك يمدي :حطر الذي أت اه 


ا ع ا تتم هه اة مرها ارا 
خا سك بهذا : 

تريد الصعود إلى أعالى الفضاء الرحب» وروحك تتوق إلى 
النجوم. لكنّ غرائزك السيئة هي أيضاً تتوق إلى الحرية. 

كلايك المتوحشة تريد الخروج إلى الفضاء الر حس؟ إنها شح غبطة 
في قبوها عندما يكون عقلك متطلعا إلى نسف كل السجون. 

سجيناً ما تزال في نظري؛ سجين يهفو بخياله إلى الحرية: يالنفس 
مثل هذا السجين؟ إنها دو ذكيّة: لكنها ماكرة وة أنضاً. 


4١ 


لن من ر العقل "أن يظهر هه افا كتيب امن الجن ومن 
الأوحال ما يزال يحمل في واه لأا ان تقفو غ أرقا 

أجل» أعنرف المخاطر التى تحدق نكم لكنتي أناشدك ياس 
محبتي وأملي: لا تلق بمحبتك وبأملك! 

نتيا مارت تشعر كونبلا عارالت فى أغين :الا خرین: 
أولئك الحانقون عليك الذين يقذفونك بنظرات مسعورة. ولتعلم أن 
للجميع نبيلا ما" يقف دوما عقبة في طريقهم. 

للإنسان الصّالح أيضا نبيل يقف عقبة في طريقه: وحتّى عندما 
يدعونه صالحا فإنما يريدون بذلك أن يزيحوه جانبا. 

شيئاً جديداً يريد النبيل أن يبدع وفضيلةٌ جديدةً. بينما الإنسان 
الصالح يريد القديمء وأن يظل القديم مصانا. 

لكنّ الخطر الذي يحدّق بالنبيل ليس أن يغدو صالحاء بل أن يغدو 
وقحاء ومستهزئاء ومخربا. 

آه» لكم عرفت من نبلاء أضاعوا أرقى آمالهم. وغدوا بعدها 
يفترون على كل الامال السامية! 

والآن يعيشون وقحين في ملذات آنية قصيرة» وقلما يرنون إلى 
هدف في ما وراء اليوم الذي هم فيه. 

«الروح رغبة شبقة هي أيضاً» ‏ هكذا كانوا يقولون. وإذا روحهم 
ينكسر جناحاها؛ وإذا هي الآن تتنقّل زاحفة ملطخة بما تقضمه. 


)١(‏ النبالة هنا ليست بمعنى اللقب الاجتماعي الأرستقراطي ؛ أي نبالة مرتبة اجتماعية أو انبالة 
دم موروثة» بل هي تلك «النيالة الجديدة التي تتحدد بالأخلاقيات الجديدة التي يضعها 
نيتشه؟ أنظر فصل «الآلراح القديمة والألواح الجديدة» الذي سيرد لاحما. 


۹۲ 


فى ما مضى كانوا يحلمون بأنفسهم أبطالا؛ والآن» عبّاد ملذات 
غدوا. غم وهول هو البطل الآن في أعينهم. 


لكتين أناشدك باسم محبتي وأملى* لا تلق بالبطل الذي في قلبك! 
واجعل أملك الأسمى أمرا مقدّسا! 


هكذا تكلم زرافشت. 


4۳ 


عن دعاة الموت 


هناك دعاة يكرزون للموت: والأرض مليئة بأولنك الذين ينبغي أن 
يكرز فيهم للإعراض عن الحياة. 

مليئة هي الأرض بالفاتضين عن اللزوم» والحياة قد داخلها الفساد 
بسبب هذا الفائض من الفائضين. لنكن «الحياة الخالدة» طعما 
يستدرجهم إلى لارتحال عن هذه الحياة! 

«صفر»؛ هكذا يسمي الناس دعاةً الموت» أو «سود». لكنني أريد 
أن أظهرهم لكم تحت ألوان أخرى. 

اولنناك هم الفظيعون الذين يحملون الحيوان المفتر في داخلهم 
ولا خيار لهم سوى الشهوة أو الافتراس الذاتي. لكن 0 هي 
اا لوقن واا ادات 

إنهم لم يبلغوا بعد مرتبة الإنسان أولائك الفظيعون: فليكرزوا 
للإعراض عن الحياة» وليرحلوا عنها! 

دوو اك المسلولة هم هؤلاء: لا يكاد واحدهم يرى نور 
الحياة يشرع في الموت وفي التوق إلى تعاليم العياء والزهد في 
TT‏ 

يودون لو أنهم يموتونء وعلينا أن نقبل بإرادتهم! 
إيقاظ هؤلاء الموتى ومن تحطيم هذه النعوش المتحرّكة! 


لنحترس من 


غ 


تقؤلوك فن ا «باطل هى 0 
لكنهم هم الباطلون وكذلك أعينهم التى لا ترى من الوجود غير 
ذلك الوجه الواحد. 


ملفوفون داخل كابة ثقيلة ومتلهفون على الصدف الصغيرة التي 
تجلب الموت؛ هكذا يظلوا ينتظرون وهم يصرّون بأسنانهم . 


أو أنهم أيضا: ينقصّون على قطع الحلوى ويسخرون في الوقت 
زالوا E‏ 


حكمتهم هي التي تقول: أحمق هو من يظل على قيد الحياة 
لكننا على غاية من الحمق! وذلك بالضبط > شو الاعف حمقا ف 
اا 


او و ی عا ی ا "مك و 
آخرون. وهم لا يكذبون: فلتعملوا إذاً على أن تكموا عن الحياة! 
ولتعملوا إذأ على أن تضعوا حذًا لحياتكم هذه التي ليست سوى عذاب! 


200 إشثار ة إلى ) المقولة الإنجيلية «الكل باضز ل وقبض اتريح ١‏ » أو #باطل الأباطيل 2 الكل باطل ۴ 

)۲( عن موضوع «الحياةة والعلاقة ا تی یتیمها نبتشه بين الحياة والحكمة. والحياة والحمق 
أنظر ما سيطوره في فصلي اانشيد لا و سيد آخر للرقص» 5 أنظر كذلك كتاف أفورل 
الآصنام ؛ فصل تسكعات رجل غير ملائم للعصر . الفقرة 1۷ : «إن ذوي العقول الأرفع» 
وبشرط أن يكونوا أكثر الناس شجاعةء يعيشون أيضا أكثر المآسي ألما؛ إلا أنهم ومن 7 
ذلك بالذات يجلون الحيأة انها تمتحهم صنذامية أكبر الب م 

22 مره ا ری تلميح إلى ما يرد في مو افع من الأناجيل 1 أنظر على صسبيل المثال #المزاميرة من 
العهد القديم ل لمزعور التسعود : (صلوات لموسى رجل الله»: :١١- ٠‏ لأيام سنينا 
سعرل سَنة؛ وإن كانت مع القوّة ثمانون سنه وأفخرها تع وبليّة؛ . 


۹۵ 


هكذا تقضي تعاليمهم: «عليك أن تقتل نفسك بنفسك! عليك أن 
تنجو بنفسك من نفسك!24. 

«اللذة خطيئة» ‏ هكذا يقول البعض من أولنك الذين يكرزون 
ت ا جانا ول حل ولد !4د 

«أمر مرهق أن يلد المرء ولداءء يقول الآخرونء فلم الإنجاب 
1 1ل LENET OLEN A‏ همعان مكر ون 
للموت. 

«الشفقة أمر ضروري»» يقول صنف ثالث. «فلتأخذوا ما أملك! 
ولتأخذوا ما به أنا أنا! وبذلك يتضاءل ما يشذنى إلى الحياة!٠.‏ 


وإذا ما كانت شفقتهم عميقة وجذرية فسيعملون على تنفير ذويهم 
من الحياة؛ سيكونوا شزيرين - وسيكون ذلك هو خيرهم الحقيقي. 

لكتهم يريدون الملاص من الحياة؛ فما ضرّهم أن يحكموا 
بقيودهم وهباتهم رباط الاخرين إليها! 

وأنتم أيضا أيّها الذين لا تعدو حياتكم كوئها كذا مجهدا وقلقا: 
ألم يصبكم التعب من الحياة؟ ألم تنضجوا بعد كي تطلبوا الموت؟ 

أنتم جميعاء أيها الذين تؤثرون العمل الشاق» وكل سريع» وكل 
جديدء وكل غريب؛ إنكم لا تستطيعون تحمل أنفسكم وما اجتهادكم 
سوئ: لعنة وإرادة ملاضن من :الذات:. 

لو كنتم تؤمنون أكثر بالحياة لكنتم أقل تكالبا على اللحظة الآنية. 
لکن ليس لديكم ما يكفي من محتوى في داخلكم للانتظار - ولا حتى 
للكسل! 

في كل مكان يصدح صوت الداعين إلى الموت؛ والأرض تعجّ 
بأولئنك الذين ينبغي أن يُكرز فيهم للموت» 


43 


1 


فقط بالرحيل! 


ل«الحياة الخالدة»: فذلك عندى سيّانء» ‏ لكن بشرط أن يسرعوا 


۹۷ 


عن الحرب والشعوب المحارية 


لا نريد مداراة من قبل أفضل أعدائناء ولا من أولئك الذين نحبهم 
من الأعماق أيضا. دعوني اذا أقول لكم الحقيقة! 

إخواتي في الب i‏ إنني أحبكم ن الأعتماق؟ 'لمد كنت 
ومازلت واحدا منكم. وأنا أيضاً عدوكم الأفضل. فدعوني إذأ أقول 





)١(‏ مفهوم المحارب أو المقاتل لدى نيتشه يتميز عن الجندي أو العسكري. بل هو الإنسان 
الذي بجند كل قواه وطاقاته الاثباتية في الصراع من أجل التطور والتجاوز. أنظر على 
سبيل المثال ما يرد في كتاب أفول الأصنام أو تعاطي الفلسفة بالمطرقة؛؟ تسكعات رجل 

غير ملاثم للعصرء الفقرة ۳۸: مفهومي للحرية : «وإن الحرب تربي الإنسان على الحرية. 
إذ ما هى الحرية؟ هى أن تكون للإنسان إرادة مسؤولية ذاتيّة. أن يظل الإنسان متمسكا 
بالبعياة O TD‏ تجاء الج والتموة والجرفاك 
ابطر ؟تداء ا ا ا الخ سعارت ها عر الها ای قاس بد لقره 
لدى الأفراد كما لدى الشعوب؟ إنه حجم الممانعة التي ينبغي التغلب عليها وتجاوزهاء 
ومدى الجهد الذي يتطلبه البقاء في المرتبة العليا. على المرء أن يبحث عن الصنف الأرقى 
للإنسان الحر هناك حيث يتم التوفق إلى التغلب على آرقى أنواع الصمود والممائعة: على 
بعد خمس خطوات من الاستبداد» وفي موقم ملاصى لعتبة خطر العبودية. . . لقد كان 
للجماعات الأرستقراطية من نوع أهالي روما وفينيسيا أن يفهموا معنى الحرية كما أفهم آنا 
شخصيا عبارة الحرية هذه: كشيء يملكه المرء ولا يمتلكه. شيء يريده المرء» شيء 
0ك 

انظر أيضا ما سيرد لاحقا فى فصل «عن التغلب على الذات؛ وفصل «كلمة الترحاب». 


۹۸ 


إنني أعلم بالحقد والحسد الذي في قلوبكم. إذ لستم كبارا بما فيه 
الكفاية كي لا تعرف قلوبكم الحقد والحسد. لتكونوا إذاً كباراً بما فيه 
الكفاية > کي لا تخجلوا بسبب ذلك! 

ا قديسي معرفة» 8 فلفكوتواعلي الأفل الجنود 
المقاتلين من أجلها. أولئك هم الرفقاء ورواد مثل هذه القداسة . 

أرى کردا کر :واا أرغب في رؤية كثير ER E‏ 
ااموحذا») يدعو الناس ذلك الذي يرتدونه: Ec‏ أن لا يكون ذلك 
الذي يخفونه تحتها موخدا هو أيضا! 
عن عدوكم. وليكن لدى الكثيرين منكم حقد من النظرة الاو 

لتبحثوا عن عدوکم» ولتخوضوا حربکم والكل من ا 
فكرتكم. وإذا ما هُزمت فكرتكم فليظل إخلاصكم يهتف دوما بنداء 
النهيز! 

عليكم أن تحبوا السلم كوسيلة لحروب جديلة» والة لقصيرة مر 
السلم أكثر من الطويلة. 

لن أنصحكم بالعمل. بل بالقتال أنصحكم. ولن أنصحكم بالسلمء 

لا يسع المرء إلا أن ر وو ا و و 

تقولون إن قضيّة جيّدة هي التي تبرر الحرب أيضاء وآنا أقول لكم 
إن حربا جيّدة هي التي تبرر كل قضيّة. 


۹4 


لقذ حققت الحرب والتجاغة من الأغمال العظمى أكنو مما فعلت 
وحن الفرسيي اذك لتك ا كو دعن الى لل تنفد 
الضحايا حتى الآن. 

تتساءلؤن لها هو کح أن: تكوق اسا ذلك حي ولموعوا 
الفتيات الصغيرات يرددن: «احَسنٌُ كل ما هو مليح ورقيق» ومؤثر في 
لوقت زفسه». 

أفظاظا غليظي القلب يدعوكم الناس “الك | قلبكم صادق» وإني 
لأحت حياء طيبتكم القلبتّة . إنكم تستحون من مذكمء E‏ 
يستحول من جزرهم. 

هل أنتم قبيحون؟ لتلتحفوا إذا بالجليل السامي يا إخوتي! لحاف 


وعندما تصبح نفسكم عظيمة فإنها ستغدو مغرورة» ويكون خبث 
في سموكم . إنني أعرفكم. 

في الخبث يلتقي الم.غرور والضعيف. لكن يكون هناك دوما سوء 
تفاهم بينهما. فآنا أعرفكم. 

بي آنل بكرن الك من الأعداء إلا أولعك الذيخ يعون إلى 
الحقد. لا أعداء يدعون إلى الاحتقار. لا بد أن تكونوا فخورين 
بعدوكم: عندها يكون نجاح عدوكم هو نجاحكم أيضا. 

التمرد - فضيلة العبيد. فلتكن فضيلتكم في الطاعة إذاً! ولتكن 
أوامركم ضربا من الطاعة هي أيضا! 

إن محاربا جيدا يجد «ينبغي عليك» أكثر استساغة من «أريد». 


1و٠‎ 


وکل ما هو محبذ لدیک كمء عليكم أن لا تجدوه إلا ذ فى ما تؤمرون 
)2230 
نك 7 


لکن جک للعياه جا لأملكم الا تر ولیک ابلك الأكمر 
فكرتكم الاس عن الحاة! 


لكك كوكم DS‏ اتا سيك IRE‏ الم 
ومقادها: الإنسان شيء ينبغي تجاوزه. 


لتعيشوا حياتكم إذاً حياة طاعة وقتال"! ما لنا والعيش طويلا 


واي E‏ يريد أن ع به 6 سلامته! 


الحرب! 1 


. أنظر فصل «التحولات الثلائة' (إرادة الآسد)‎ )١( 

)۲( حياة القتال والمعاناة والطولة الحربية ۾ كمعبر نحو السعادة الد ا للحم ر۶ من المعرفة» 
المحرفة التى ) يكتسبها هم ن الص راع من ا ل تجاوز الذات؛ هذه ال تعود كثيرا في فلسهة 
نيتشه » لينظر القارئ سييل المثال هذه الغغرة 0 ن المعرفة المرحة؛ الكتاب الرابع 

قرة ۳۲٤‏ : تكلاء إن الحياة لم تصبني بخيبة الأمل! بل إنني ما أنفك أجدها سنة بعد سنة 
أكثر حقيقانية. مرغوبة أكثر وأكثر سرا ‏ منذ ذلك اليوم الذي ارتادني فيه المحرر الأكبر؛ 
تلك الفكرة بأن الحياة ينبغي أن > تكون تمجرابا يقوم به الساعي إلى المعرفة. وليست لا 
واجبا ولا كدرا ولا خدعة! ا ن المعرفة ذاتها: قد تكون شیا شیا مغايرا بالنسبة لآحخرين 
عير ې ١‏ شيئا مثل سرير للراحة. أو الطريق إلى سرير لنراحة» أو تشسلة أو.وقت فراع - فهي 
بالنسبة لى عالم من المخاطر والانتصارات تجد فيها المشاعر اليطولية أيضا حلية للرقص 
وللعبث . «الحياة كوسيلة للمعرفة١ ‏ عندما يكون المرء حاملا لهذا المبدأ فى قلبه سيكون 
بو سعه ليه أن يكون باسلا محسب » بل أن يعيش مرحا أيضاء وأن يضحك بمرح! ومن ذا 
الذي يحكله أصلا أن یعرف كيف يحيا مرحا ويضحك بمرح إن کن أولا وقبل کل 
شيع على دراية جيدة بالیحرب والانتصار؟». 


1۰۲ 


عن الصنم الجديد 


إخرتى؛ هنا توجد دول. 

دولة؟ أي شيء هو هذا؟ والآن لتمنحوني آذانا ضاغيةء لأنني الآن 
سأقول لكم كلمتي عن موت الشعوب. 

الدولة تعني أكثر الغيلان الفظيعة الباردة برودةً. كذبا باردا يكذب 
هذا الغول أيضاء وكذبته تلك تخرج زاحفة من فمه: «أنا هو 
ا 


)١(‏ فى الشذرات المنشورة بعد وفاة نيتشه يجد المرء فى الكراس ۷ N‏ ۸ أغلب المسودات 
الأولية لهذا الفصل . في الفقرة ۸۸ نقرأ: «يسمون انهم بالشرعيين وأصدقاء الشعب أو 
أهل الصلاح والعدل. أو المستقلين (. . ) لكنهم جميعهم يفوحون عفونة؟. ثم في ۷ ۸ 
٩۰‏ : اذا كانوا يمتلكون قوة فإنهم يكذيون بضمير لا يعرف القلق. إما إذا ما كانوا يفتقرون 
إلى القوة فانهم سيكذبون مع قلق في الضمير: ولكن كذبا أكثر». 

0 ,8 ۷ : #أصدقاتي» إنني أبغض الدولة : «أنا المعنى» تقول الدولة؛ المعنى الذي ياطخ 
بالعار الإيمان بالحياة». (عن هوامش موريس دي كوندياك ‏ طبعة غاليمار الفرنسية). 

- يعود نيتشه إلى مفهومه للدولة في سياق تحليله لنشأة تأنيب الضمير لدى الإنسان» في 
جنيالوجيا الأخلاق المطارحة الثانية . فصل «الذنب وتأنيب الضمير وأشياء ا 
مشابهة؛ الفقرة 1۷١‏ : إن تأطير مجموعات سكانية كانت إلى -حد اللحظة غير مقيدة وغير 
منتظمة داخل شكل قارء وكيف تأسست بدايته في عمل عنيف وكيف مضى به أصحابه إلى 
نهايته عبر أعمال عنف شديدة ‏ بحيث أن أقدم «دولة» قد عرفت بدايتها وفقا لذلك كشكل 
من الاستبداد الشنيع وآلة قهر طاحنة لا تعرف الورع» وعلى ذلك المنوال واصلت عملها- 


١ 


كذبٌ هذا! فالمبدعون هم الذين أبدعوا شعوبا وبسطوا عقيدة بينها 
ومحبّة: هكذا كانوا يخدمون الحياة. 

مدمّرون هم أولئك الذين يضعون فخاخا للكثيرين ويسمونها دولة: 
إنهم يعلقون سيفا فوق رؤوسهم وألف رغبة جشعة. 

وحيثما يوجد شعب بعد فإنه لا يفهم ما الدولة ويحقد عليها مثل 
عين سوء وخطيئة في حق القيم والشرائع. 

إليكم مني هذه العلامة: كل شعب يتحذث بلسان خيره وشره 
الخاص: وهذا اللسان لا يفهمه جاره. فلغته قد صاغها لنفسه فى 
الأغراف .الشرام . 1 

لكن الدولة تكذب على كل لسان للشر وللخير: وباي كلام نطقت 
فهي تكذب - وکل ما في يدهاء إنما هو مما سرقته. 

مزا كل “شيع 'لذيها؟ اسان فسروقة تعض هى الشرسة 
العقور. ر به أحشاؤها. ٠‏ 

خلط وتشويش في لغة الخير والشرّ: هذه العلامة» أعطيكم إياها 
كعلامة للدولة. إرادةً الموت تعنى هذه العلامة حمًا! حقاء إنها تغمز 


إل :دعاف الما 


#إلى أن انتهت تلك المادة الخام للشعب» ذلك الصنف الشبيه بالحيوان لا إلى التحول إلى 
عجين مطاوع ومطيعء بل أن غدت متشكلة أيضا» . (. . .) على هذه الشاكلة بدأ وجود 
«الدولة» فوق الأرض: لقد تخلصناء على ما أعتقد. من ذلك الحلم الموهوم الذي جعلها 
تبدأ ب«تعاقد» ‏ (إشارة هنا إلى فكرة العقد الاجتماعى لروسو). 

)١(‏ هذه النسبية القّمية التي يطرحها نيتشه هنا وآليات اشتغالها نجدها مفصلة أكثر في شذرات 
سنة ۱۸۸۷ : «هناك إذأ إرادة قوة هي التي تعبر عن نفسها من خلال تاريخ الأخلاق» 
ويكون العبيد والمضطهدون تأارة» وتارة الفاشلون والذين يعانون من تحمل ذاتهم» وثارة 
أخرى الرديؤون. هم الذين يحاولون أن يفرضوا بواسطتها القيم التي تكون أكثر تلاؤما مع 


مصالحهم». 


1 


كثير من الفائضين عن اللزوم يأتون إلى الحياة: ولأجل هذا 
الفائض الكثير ابتدعت الدولة! 

أنظروا معي كيف تستدرجهم إليهاء أولئك الفائضين عن اللزوم! 
كيف تاتف عليهم وتطحنهم بأسنانها وتجترّهم! 

١‏ شيء فوق الأرض أعظم مني؛ يد الله المرتّبة أنا». هكذا 
يدمدم الوحش؛ وليست طويلات الأذنين وقصيرات البصر وحدها التي 
موتو کے کا أنانه! 

في داخلكم أنتم أيضاء يا للأسفء أيتها الأنفس العظيمةء يهمس 
الوحش بأكاذيبه القاتمة! آهء إنه يستشف القلوب الثريّة التى تبدد نفسها 

أجلء إنّه يستشف أنفسكم أنتم أيضا أيها المنتصرون على الإله 
القديم! متعبول قد غدوتم جراء صراعکم» والان هر دا تعبکم يصح 
فى خدمة الصنم الجديد! 

أبطالا وشرفاء يريد الصنم الجديد أن يجعل من حوله! وإنه ليعجبه 
اقا يشمن الضميز الى ذلك الوخض الارة! 

2 3 كل شيء ذلك الصنم الجديد إن أنتم عبدثموه: مكنا 


ماع و E ers‏ 2 .0( 
يبتاع بريق فضيلتكم ونظرة أعينكم الفخورة 5 


طَعْما يريد أن يجعلكم لاستدراج الفائضين عن اللزوم! خدعة 


)١(‏ كأن نيتشه بستبدل صورة الغواية الإبليسية التى ترد فى الإنجيل بصورة غراية الدولة فى 
«إنجيذ ۾ الخامس» كما يسمي هو كتاب زرادشت؛ أنظر متّى ‏ الإصحاح 8/4و9: اثم 
أخذه إبليس أيضا إلى جبل عال جداً وأراه جميع ممالك العالم ومجدهاء وقال له أعطيك 


هذه كلها إن حررت وسجدت لى؟. 


جهتمية تم ابتداعهاء وحصان موت مقرقعا بحلية المكارم الإلهية! 

نعم» موتا يزين نفسه في حلة الحياة قد تم ابتداعه هنا: خدمة 
جليلة حقا لكل دعاة الموت! 

دولة أسمي موضع كل الذين يكرعون من السموم؛ الصالحون 
والسيئون معا: دولة هناك حيث يُضيع الجميع أنفسهم؛ الصالحون 
والسيئون معا: دولة هناك حيث الانتحار الجماعي البطيء يُدعى 
-حياة» . 

أنظروا هؤلاء الفائضين عن اللزوم! إنهم يختلسون أعمال المبتكرين 
وكنوز الحكماء. يسمُون سرقتهم تلك ثقافة - وكل شيء يستحيل 
لديهم مرضاً وأذى! 

أنظروا هؤلاء الفائضين عن اللزوم! مرضى هم دوما؛ يتقيؤون 
مرتهم ويسمون ذلك صحافة. يلتهمون بعضهم البعض ولا يقدرون 
حتى على الهضم . 

أنظروا هؤلاء الفائضين عن للزوم! يسعون في تحصيل الثروات 
ويغدون أكثر فقرا بذلك. يريدون السلطة وفي المقام الأول عمّلة 
السلطة : كيرا و الال وكات المعدمون! 

أنظروا إليهم كيف يتسلقون ‏ جنس القردة خفيفة الحركة! ‏ 
يتسلقون الواحد فوق الآخر ويدفعون بعضهم البعض متمرّغين في 
الأوحال والحفر 

جميعهم يريدون الوصول إلى العرش: ذلك هو حمقهم ‏ كما لو 
أن السعادة جالسة على العرش! بل الأوحال هي التي غالبا ما تكون 
متربعة على العرش ؛ وغالبا ما يكون العرش فوق الأوحال. 


١١6 


مجانين كلهم في نظري» و مسطلفة و مقرفة رائحة 
ضدمهم فى أنفى؛ ذلك الوحش البارد! مقرفة رائحتهم جميعا في 
أنفي. خدم الأصنام هؤلاء. 

أتريدون الاختناق بعطونة أشداقهم ورغباتهم الجشعة يا إخوتي؟ 
أولى بكم وأحرى أن تحطموا النوافذ وأن تقفزوا في الهواء الطلق! 
للأصنام! 

اجتنبوا الروائح الكريهة إذاً! وابتعدوا عن دخان هذا القربان 
البشري! 

ما يزال هناك مكان للأنفس العظيمة فوق الأرض. ما تزال هناك 
أماكن شاغرة للأفراد وللأزواج» وحولها تتضوّع نفحات البحر الهادئ. 

ما يزال هناك مجال حياة حرّة للأنفس العظيمة . حقّاً أقول لكم. من لا 
يملك سوى القليل سيكون أقلّ ملكا للهوس: مبارك هو الفقر الصغير”"' . 

هناك» حيث تنتهي الدولة يبدأ الإنسان الذي ليس فائضاً عن اللزوم : 
هناك يبدأ نشيد الضرورةء والطريقة الوحيدة التي لا مثيل لها للوجود. 

هناك» حيث تنتهي الدولة؛ أنظروا إلى هناك إذاً يا إخوتي! ألا 
ترون قوس قزح وجسر الإنسان الأعلى؟ - 

هكذا تكلم زرادشت . 


)١(‏ أنظر إنسانى مفرط الإنسانية؛ فصل «المسافر وظله؛ الفقرة :۲٠۹‏ «الخجل من الثروة ‏ إن 
يسمع المرء عن واحد ب«آنه غني» فإنه يشعر مباشرة بإحساس تجاهه شه بذلك الذي ينتابه 
لرؤية مر 2 ذي ورم معزر أو سمانة أو استسقاء (بالمعنى الطبى) . 


ال 


عن ذياب السوق 


فر إلى وحدتك يا صديقي”''! إني أراك مخدرا بصراخ الرجالات 


مجددا مثل الشجرة التي تحبهاء الشجرة ذات الجذع العريض : ساكنة 


ومصغية تقف معلّقةٌ فوق البحر. 


)١(‏ ستتردد الدعوة إلى الوحدة ومديح الوحدة كثيرا في الفصول القادمة من هذا الكتاب» كما 
تمثل ثيمة قارة فى العديد من كتابات نيتشهء كما فى سلوكه وحياته. الوحدة إذاً إحدى 
الثوابت القارة في فضائل المفكر الحقيقي لديهء يقابلها سلوك القطيع وتفكير القطيع. 
كما يتضح مما يرد في الكثير من المواضع من كتاب زرادشت بدءأ من لقائه مع الناسك في 
طريق عودته من الجبل في مستهل الكتاب حتى لقائه في الجزء الرابع من الكتاب بالملكيْن 
والعلقة والظل والساحر والعاطل والمتسول الطوعي وأقبح إنسان. . . كما تخترق هذه 
الموضوعة مجمل كتاباته الأخرى؛ راجع على سبيل المثال ما جاء في كتاب «في ما وراء 
الخير والشر» الفقرة 785: «.. .وليظل المرء متمسكا بتملكه بفضائله الأريع ؟ فضيلة 
الشجاعة وفضيلة التبصّر وفضيلة التعاطف وفضيلة الوحدة. ذلك أن الوحدة فضيلة عندناء 
كنزوع مقدس للنقاوة يجعلنا نحدس كيف أنْ احتكاك الإنسان بالإنسان ‏ داخل المجتمع ‏ 
«-خسيسا» (مع الملاحظة أن عبارة «عصعع القريبة سلاليا/ لسانيا من عبارة Gemeioschaft‏ 
التى ترجمناها هنا راجماعة»ء يمكن أن تفيد فى الألمانية أيضا عموميا وعاما ومتاعا 
مشتركا. هكذا يجد القارئ نفسه دوما أمام تلاعب بالكلمات عزيز على نيتشه يمكنه من 
خلاله أن يضمن العبارة الواحدة معانى مختلفة لكنها متقاربة الدلالات فى الآن نفسه). 


1۰%۷ 


ته ال دة كد السوق الحو هة اوت عدا السؤى ذا 
ضغب السكل الجر وظتين الديات السام أففضن"الآشياء تظل لا 
تساوي شيئا في هذا العالم طالما لم يكن هناك من أحد ليعرضها. 
وهؤلاء المستعرضون يسمّيهم الناس رجالا عظاما. 

الشعب لا يفهم كثيرا ما هو عظيم؛ أي ما هو مبدع. لكنه يملك 
عا لكل 'الممعو هبين ؤكل الممتلين الآذوان الامو العطيية: 

إن العالم يتوقف في مسيرته على مبدعي القيم الجديدة ‏ بطريقة لا 
مرئية يدور العالم حول هؤلاء. لكن حول الممثلين يلف الشعب 
والشهرة : كذا هى مسيرة العالم . 

الممثل ذو عقل» لكن ينقصه :الوعى بالعقل : إنة لا يوم إلا نهنا 
يجعل الناس يؤمئون بقوة؛ ما يجعل الناس يؤمنون به هو! 

وغداً سيكون له إيمان جديد» وبعد غدٍ إيمان آخر. إنه» تماما 
مثل الشعب. يتمتع بحواس شديدة التوفزء وبتقلبات مزاجية متجددة. 

الإبهار يعني لديه برهاناء وبلبلة العقول إقناعاً. والدم حجته 
الفضلى . 

أما الحقيقة التى لا تتسلل إلا إلى الأذن المرهفة فيسميها كذبا 
وعدماً. حقا إنه لا يؤمن إلا بالآلهة التي تقرقع في الدنيا بدويّ هائل! 

مهزجون كُثْرٌ تعجّ بهم السوق العمومية ‏ والشعب يهلل بالعظماء 
من رجاله! إنهم أسياد الساعة فى نظره. 

لكنْ الساعة تستحثهم؛ وهكذا يستحتّونك بدورهم: تطاليوتك: انت 
أيضاً بنعم أو لا. الويل لك». أتريد أن تضع كرسيّك بين المع والضد؟ 


1٩۸ 


لتكن بلا غيرة تجاه هؤلاء القطعبّين والمستحثين يا محبّ الحقيقة! 
أبداً لم تكن الحقيقة لتتعلّق بذراع ذي قطعيّة وإطلاق. 

للذ بموقعك الآمن أمام هؤلاء المندفعين النزقين: في السوق فقط 
يُغتصب المرء ب: نعم؟ أو لا؟ 

طعا کرد ا فوا كل كد ع يذ تعر العنيقة أن 
تنتظر طويلا قبل أن تعرف ما الذي حدث في قاعها. 

بعيدا عن الأسواق والأمجاد ينأى كل عظيم بنفسه؛ بعيدا عن 
الأسواق: والامتجاد كان دوما موطن مبتكري القيم الجديدة. 

فر اهاي إلى وج إتى أراك فريسة للسع الذباب السامَّ. 
فر إلى حيث يهب هواء حاد قوي ! 

EST RTOS EO EE 
والحقيرين. فر من انتقامهم الخفئ! إنهم رغبة انتقام ولا شيء غير‎ 
رغبة انتقام مستعر ضدك.‎ 

لا ترفع يدك عليهم منذ الآن! فعددهم لا يحصى» وليس قدرك أن 
تكون منشة لطرد الذباب . 

كثيرون لا يحصى لهم عدد هؤلاء الصغار الحقيرين؛ وإنْ بعض 
البنايات الشامخة لتكفيها قطرات الندى والأعشاب الطفيلية كي تنهار 
وتلهدم . 

لست حجراء ومع ذلك ها أنت قد تجوّفت من جراء القطرات 
الكثيرة . .وإني لأخاف عليك أن تتصدع وتتفتت. بسبب: القطر الكثير. 

متعباً أراك من جرّاء لسعات الذباب السامّ. مضرّجا بالدماء أراك 
في مائة موقع؛ لكنّ كبرياءك تأبى حتى أن تبديّ سخطا. 


1۰۹ 


دماً يريد منك الذباب السام بكل براءة» وإلى الدم تتعطش روحه 
التي تشكو فقرا في الدم ‏ لذلك يلسع بكل براءة. 

لكنك أنت العميق» تتألم في الأعماق من جراء الجراح الصغيرة 
أيضاًء وقبل أن تكون قد ضمّدت جراحك وتعافيت ها هي الحشرة 
السامة نفسها تربض على كفك . 

غير أنك تبدو لي ذا كبرياء عالية كيما تقتل ذاك الكائن الشرة. 
لكة -حدان من أن يعدن ذلك قدرك أن نظل تحرج عب كل 
مظالمها السامة! 

يطئون من حولك بمدائحم أيضاً: تطمَل هي مدائحهم. فهم لا 
يريدون سوى الاقتراب من جلدتك ومن دمك. 

يتملقونك مثل إله أو شيطان» ويهرّون مستعطفين أمامك كما أمام 
إله أو شيطان. ما الذي يهمّ! متملقون هم ومستعطفون أذلاء. ولا 
شيء عدن قن وط اذل 

غالبا ما يظطلهرون :المودة تجاهئك أيضا» لكن ذلك كان دوما من 
فطنة في طبع الجبناء. أي نعمء إِنْ الجبناء ذوي فطنة أيضا! 

يفكرون فيك كثيرا بروحهم الضيّقة ‏ إِنّك محل ريبة لديهم على 
الدوام! ومحل ريبة هو كل ما يدعو كثيرا إلى التفكير. 

يعاقيونك عن كل فضائلك. ولا يغفرون لك من الأعماق غير 
أخطائك. ولأنك حليم وذي حس عادل: «إنهم ليسوا مسؤولين عن 
حقارة وجودهم». لكن روحهم الضيقة تفكر: «مذنب هو كل وجود 
عظيم» . 


: تی عندما تكون حليما تجاههم» فإنهم يشعرون بأنفسهم مهانين 
من قبلك ويردون على عملك الخيّر بعمل سوء مستتر. 
لك أن تكون على قدر من التواضع كي تكون E‏ 

ذلك الذي ندركه فى امرئ ماء نؤججه أيضا فى داخله. فلتحترس 
إذا“ش بغار الا ! 

إنهم يشعرون بأنفسهم صغارا أمامك. وفي سر دواخلهم يضطرم 
ويتأجج انتقامهم . ألم تر كيف أنهم غالبا ما يصيبهم البكم عندما كنت 
تقبل عليهم. وكيف كانت طاقاتهم تغادرهم مثل دخان يصعد من نار 
أطفئت للتد؟ 

أ تعنم وا مدق الجر القلق. أن بالسية لا رانك ذلك 
أنهم غير جديرين بك؛ هكذا يحقدون عليك ويودّون امتصاص دمك . 

ذبابا ساما سيكون ذوو قرباك دوما؛ وإن ما هو عظيم لديك هو 
الذي لا بد أن يجعلهم أكثر سما وأكثر فأكثر ذبابية. 
فليس قدّرك أن تغدو منشّة لطرد الذباب. - 


هكذا تكلم زرادشت . 


. ص۲۷۹‎ ١ أنطر فصل «الحيلة البشرية» في الجزء الثاني من هذا الكتاب» والهامش رقم‎ )١( 


١1١ 


عن العفة 


الكت« العا فى العدن لا لالض يالك الك من 
المتأججين اغتلاما. 

أليس من الأفضل أن يقع المرء بين يدي مجرم سماح من أن يقح 
فى أحلام امرأة مغتلمة؟ 
شيء أفضل يفعلونه على الأرض سوى أن يضطجعوا إلى جانب 
امرأة . 

أوحال ملتصقة بقاع روحهمء والويل إذا ما كان لأوحالهم هذه 
عقل علاوة على ذلك! 

لو انكم كنم كاملين كحيؤانات على الأقل! لحن لا يدن البراءة 
كي يكون الواحد حيوانا. 

هل أنصحكم بأن تقتلوا شهواتكم؟ بل ببراءة الشهوات أنصحكم. 

هل أنصحكم بالعفة؟ إن العفة فضيلة لدى البعض» لكنها لدى 

إن هؤلاء متعقفون بلا شك؛ لكن كلبة الشهوانيّة تتبدئ في هيأة 
الحسد من خلال كل ما يفعلونه. 


11۲ 


ذلك الحيوان يظل يتبعهم هو وشغبّه فوق أعالي فضيلتهم وحتى 
الأعماق الباردة لروحهم. 

وأيّة مقدرة لكلبة الشهوانية على توسّل قليل من عقل عندما لا 
تفلح في الحصول على قطعة من اللحم! 

تحبّون مسرحيات المآسي وكل ما يمرّق القلب؟ لكنني شديد الريبة 
تجاه كلبتكم . 

عيونكم تتراءى لي شنيعة» وبلهفة ترنون بأنظاركم إلى الذين 
يتألمون. أليست هذه شهوتكم متنكرةً وقد سمت نفسها شفقة؟ 

ضرت لكم هذا الل اغا لوا القن اوك الديق ارادا 
أن يطردوا شيطانهم واقتحموا عوضا عنه أرواح الخنازير" . أما الذي 
تثقل عليه العفة فذاك لا يُنصح بها؛ وليحذر بالأحرى أن لا تغدو 
طريقه إلى الجحيم ‏ أي أن تصبح أوحالا ونارا متأججة في 
الروح”" . 

هل أتكلم عن أشياء قذرة؟ إن هذا ليس أسوأ الأشياء بالنسبة لي . 





(۱) أنظر إنجيل متّى ‏ الإصحاح 8/ ۲۸ - 737: «ولما جاء إلى العبر من كورة الجرجسيين 
استقبله مجنونان خارجان من القبور هائجان جذا حتى لم يكن أحد يقدر أن يجتاز من تلك 
الطريق ؛ وإذا هما قد صرخا قائليْن ما لنا ولك يا يسوع ابن الله؛ أجئت إلى هنا قبل الوقت 
لتعذّبنا. وكان بعيد منهم قطيع خنازير كثيرة ترعى» فالشياطين طلبوا إليه قائلين إن كنت 
تخرجنا فأذنّ لنا أن نذهب إلى قطيم الخنازير . . . ٠.‏ - أنظر أيضا الأوذيسة لهوميروس» 
عندما حوّلت كيكا الإلهة الساحرة أصحاب عوليس إلى خنازير . لكن يبدو أن نيتشه كان 
يفكر بالأحرى في الإنجيل أكثر من الأوذيسة في هذا الموضع. 

(؟) أنظر العهد الجديد ‏ أعمال الرسل؛ رسالة بولس إلى أهل كورنثوس - الاصحاح ۷/ 
۸و : «ولكن آقول لغير المتزوجين وللأرامل إنه حسنٌ لهم إذا لبثوا كما أنا؛ ولكن إن لم 


1۱1۳ 


إذ ليس عندما تكون الحقيقة قذرةً»ء بل عندما تكون ضحلة قريبة 
القاع ينفر العارف من الخوض في مياهها. 

الحق أقول لكم هناك عفيفون في عمق أعماقهم؛ وأولئك أكثر لينا 
في قلوبهم» وهم يضحكون طواعية وبأكثر سخاء مما تفعلون. 

يضحكون أيضا من العفة ويسألون: «لكن ما العمة؟». 

«أليست العفة حمقا؟ لكنْ هذا الحمق هو الذي أتى إلينا ولسنا 
نحن الذين ذهبنا إليه. 

الإننا نمنح 
فليبق ما طاب له إذا!». 


١1 


عن الصديق 


«واحد فقط إلى جانبي كاف ليكون فائضا عن اللزوم» ‏ هكذا يفكر 
الناسك المتوخد. «واحد وحيد مع نفسه على الدوام ‏ ذلك ما سينتج 
عنه إثنان مع مرور الزمن؟). 

آنا وأناي في جدال ساخن لا ينقطع: من أين للمرء أن يتحمّل 
ذلك لو لو يكن هناك دی 

الصديق شخص ثالث دوما بالنسبة للناسك المتوخد: الثالث هو 
الفلينة التي تمنع محادثة الإثنين من الانحدار إلى الأعماق . 

آم هنالك أعماق كثيرة لكل المتوحدين: لذلك تتوق أنفسهم إلى 
صديق وإلى المرتفع الذي يقف فوقه صديق. 

إن اعتقادنا في الآخرين يفضح ذلك الذي بودنا أن نؤمن به في 
إيماننا بأنفسنا. توقنا إلى صديق هو الذي يفضحنا. 

غالناتنا کر امسن الت سرف مر اوغة الحسيد غالا ا 
يهاجم المرء ويخلق له عدو! كي يخفي أنه عرضة للاعتداء . 

«كن عدرًا لي على الأقل!» ‏ هكذا يتكلم ورع الاحترام الذي لا 
وة قلع الاس "العيداقة: 

وإذا ما كان المرء يريد صديقاء فعليه أن يريد خوض حرب من 
أجله: ولكي يخوض حربا لا بد أن يكون قادراً على أن يكون عدوًاً. 


١16 


على المرء أن يُكبر العدؤ في صديقه أيضا. هل تستطيع أن تقترب 
كثيرا من صديقك دون أن تنضمٌ إليه؟ 


على المرء أن يجد له فى الصديق عدوه الأفضل. إنك ستكون 


أكثر قربا من قلبه عندما تناهضه. 


9 أن تكون ا 0 صديقك؟ 000 ذلك د شرفا لصديقك أن 


0 00 أ كنتم آلهة لكان اا أن ا 2 اسک ! 


)١(‏ يتناول نيتشه مسألة العري والتستر بأكثر تفصيل فى المعرفة المرحة ‏ الكتاب الخامس» 
الفقرة ل «الإنسان العاري يمنح عادة منظرا باب كلد عنا نحن الأوروبيين رولا 
أتكلم هنا عن الأوروبيات!). لنفترض مجموعة ضيوف من اشد الناس مرحا تری نفسها 
بفعل خدعة ساحر قد تجردت من ملابسها وتعزت» فإنني أعتقد أن أمرا أكثر من انطغاء 
مرح الأمسية و تلغخص شهية الأكل سيحدث عندهاء - يبدو ل آنا نحن الأوروبيون لا 
نستطيع البتة أن نتخلى عن تلك المسخرة التي تسمى لباسا. لكن تُرى قنع «الأخلاقيين' 
000 تحت الصيخ الأخلاقية ومفاهيم الاستقامةء وكل التستر بحسن نية على أفعالنا 
تحت شيع لزاني واا وال المدنى ودواعى الشرفء ونكران الذاتء ثراها 
دون موجبات وأسباب معقولة؟ لا أعنى بهذا طبعا أنه ينبغى أن يُغْطى على الخبث 
والوضاعة البشرية. 0 على ذلك إل لحيوان وتان 2 ع داخلنا ؛ بل إن 
e 58 1‏ تبعا a‏ إلى : ري التقنع 1 ا خلاقي ؛ وأن #الإنسان الباطني» في و 
أوروبا لم بخد سينا بما فيه الكفاية كي يستطيع أن «يمنح نفسه للنظر؛ (كي يكون جميلا) . 
إن الأوروبي يتنكر في زي الأخلاق لأنه قد تحوّل إلى حيوان مريض» هش e‏ له من 
الدواعر مأ يجعاه يريد أن يكون ما جنا إذ هو سقط تقريباء شيء منقوص وأخرق. . 
لتك افظاعة الحيوان المقترس هي التي تحتاج 00 ٠‏ بل الحيوان الع 
برداءته العميقة وخوفه وملله من ذاته . إن الأخلاق ۔ لنقر بذلك ۔ هھ نى حلية الأور روبي التي 
تظهره في مظهر الأرفع انا والأكثر أهمية والأكثر جدارة ار في هيأة «الألو 


115 


إناك لن تستطيع أن تتجمّل بما فيه الكفاية من أجل صديقك: إذ 
N E‏ نيه وتز نا الى E OCA‏ 

هل حدث أن رأيت صديقك وهو نائم - كي تعرف ملامحه؟ فما 
هو بالنهاية وجه صديقك؟ إنه وجهك أنت منعكسا فى مرآة خشنة 
وغير صقيلة . 

هل حدث أن رأيت صديقك وهو نائم؟ ألم يصبك الفزع لروية 
وجهه على تلك الهيأة؟ ce‏ آخی إن الإنسان شىء ينبغى تجاوزه. 

في الحدس والصمت يلبغي أن يكون الصديق معلما: لا ينبغي لك 
انمه انافرع E‏ سباق شان ماك اواك بجا ييل 

حدسا ينبغي أن تكون شفقتك: أن عرفت اول إن كان حنديقف 
يريد شفقة. فلعله يحب فيك العين الباردة ونظرة الاأبدية. 

لتكن شفقتك على الصديق مغمورة مخفيّة تحت قشرة صلبة تتكسر 
عليها ستك. هكذا تكون لها رهافتها وحلاوتها. 

هل تستطيع أن تكون هواء نميا ووحدة وخيزا ودواء لصديقك؟ 
هناك من لا يقدر على فك قيوده الخاصة وهو مع ذلك الموخلصن 
لصديقه . 


هل افق غيد؟ ا لا خطع أن بكرن يديا إذا:. هل انث 


طاغية؟ لا يمكن أن يكون لك أصدقاء إذاً. 

داخل المرأة كان هناك دوما عبد وطاغية متسترين . 

لذلك ماتزال المرأة غير قادرة على الصداقة : إنها لا تعرف سوى 
ل 


فى حب المرأة هناك ظلم وعماء تجاه كل ما لا تحبّه. وحتى 
داخل الحت الواعى للمرأة هناك دوما هجوم مباغت وصاعقة وليل إلى 
ا 

اال اا غ اة على ااا كا ا ل ا 
وعصافير. أو فى أحسن الحالات أبقارا. 

غير قادرة بعد على الصداقة ما تزال المرآة. لكن قولولي أنتمء 
أيها الرجال من منكم قادر على الحبّ إذا؟ 

وو يا لفقركم أنتم أيها الرجال ويا لشخ روحكم! ما ستمتحونه 
لاد سأمنح مثله لعدوي أيضا من دون أن أغدو فقيرا بسبب ذلك . 

ليست هناك سوى علاقات زمالة؛ لتكن هناك صداقة! 


هكذ تكلم زرادشت . 


11۸ 


عن ألف هدف وهدف 


تلذانا كتير E‏ رافقيع و تسو عند كنا امتح لخو و 
سلطة الخير والشرٌ. 

ليس هناك شعب يستطيع أن يعيش دون أن يقيّم؛ لكنه إذا ما أراد 
البقاء فسيكون عليه أن لا يقيّم مثلما يقَيّم جاره. 

الكثير مما يجده هذا الشعب خيرا يعني عارا وشتيمة لدى شعب 
بينما يخلع عليها معطف الشرف القرمزيّ هناك . 

أبدا لم يكن لجار أن يفهم جاره: على الدوام ظل الجار يتعجب 
من حمق وخبث الجار. 

هناك لوح قيم خير معلق فوق كل شعب؛ أنظر إنه لوح انتصاراته؛ 
انظ ' ٠أ‏ او ت إزاقة ال ةة 

محمود لديه كل ما يرى أنه صعب؛ ما لا غنى عنه وهو صعب 
يسمه خيرا؛ وما ا e‏ المحن» ما هو نادر وأصعب الأمور 

وكل ما يجعله يسيطر وينتصر ويلمع مثيرا للفزع والحسد لدى 


14۹ 


الجار يضعه في المقام الأسمى والمرتبة الأولى» وهو المقياس ومعنى 
الاما كلها 

AAI‏ إن أنت عرفت أولا دة تعن وبلده 
وسماءه وجاره» فستحزر دون عناء قانون جهود تغلبه وما الذي يجعله 
ا هذا ال ا 

«لا بذ أن تكون الأول دوما وأن تتجاوز الآخرين: ولا ينبغي 
CN O‏ ركوين سبدينا نا ذلك ما كانم 
تخفق به روح اليوناني: وهكذا راح يسلك دربه إلى العظمة. 

«التكلم بالحقيقة وحسن اتتعمالن المقوس والسهم» 2 عذيا كان ذلك 
يبدو وثقيلا في الآن ذاته لذلك الشعب الذي أستمد منه ا 
الإسم الذي أجده عذبا وثقيلا في الآن ذاته. 

«أكرمْ أباك وأمّك وأطعهما من أعماق أعماقك»: هذا القانون 
السطوة والخلود. 

«كن وفيا ومن أجل وفائك لتبذل دمك وشرفك في أكثر الأشياء ضررا 
ومخاطرة» : بمثل هذه التعاليم استطاع شعب آخر أن يتغلب على نفسه. 
وفي التغلب على نفسه على هذا النحو غدا أخبل ومثقلا بعظيم الآمال”” . 


)١(‏ إشارة إلى الفرس. 

(۲) إشارة إلى اليهود. ويمكننا أن نعرّب هذه العبارة» ب: «واخفض لهما جناح الذل» ولن 
نبتعد بذلك كثيرا عن الفضاء الثقافي الذي يشير إليه نيتشه . 

(۳) إشارة إلى الإغريق الفا دوين إلن الالمان ا ذلك موريس دي كونديّاك 
في تعليقاته الواردة في هوامش ترجمته الفرنسية لكتاب زرادشت (نشر دار غاليمار 
١9/١‏ ). 


11۰ 


حقاً أقول لكمء إن البشر هم الذين ابتدعوا لأنفسهم كل الخير 
والشر. حقاء لم يتسلموا ذلك» ولم يجدوا ذلك» ولاشيء من ذلك 
جاءهم وحيا من السماء. 

الإنسان هو الذي ابتدع القيم أولاء من أجل البقاء ‏ هو الذي 
ابتدع معنى للأشياء؛ معنى إنسانيا! لذلك يسمي نفسه «إنسانا»؛ يعني 
أنه : المقيّم . 

التقييم هو الإبداع: اسمعوا هذا أيها المبدعون! التقييم ذاته هو 
الذي يجعل من كل الأشياء المقيّمة كنوزا ومجوهرات. 

عبر التقييم فقط تغدو هناك قيمة: ومن دون التقييم ستكون جوزة 
الوحوة خوفاء عخاوية.. أسمعوا هذا أيها المبعوة! 

تبدل القيم ‏ » إنما هو تبدل المبدعين. وعلى الدوام يظل يدمر 
كل مخ كان غل أن ركون مدعا 

شعوبا كان المبدعون أوّلاء ثمّ أفراداً؛ وفي الحقيقةء إن الفرد ذاته 
هو اخر الابتكارات. 

لقد علقت الشعوب ذات يوم لوح قوانين الخير فوقها. الحبَ 
الذي يبتغي سيطرةً والحبّ الذي يبتغي طاعة هما اللذان ابتدعا معا 
ذلك اللوخ . 

وإن المتعة التي يجدها المرء في القطيع أقدم من المتعة التي في 
الأنا: وطالما يظل الضمير الهنيء يعني القطيع فإِنّ الضمير القلق وحده 
هو الذي يقول: أنا. 

وفي الحقيقة» إن الأنا الماكرة وعديمة المحبة» التي تريد مصلحتها 
الخاصة في مصلحة الجماعة؛ تلك الأنا ليست أصل القطيع» بل 
انحطاطه . 


1۲۹ 


الخير والشرّ. نار المحبّة تضطرم داخل كل أسماء الفضائلء ونار 
الغضب. 

RR SUS + كقير‎ UES در اتنس‎ EEE 
وشرٌ الكثير من الشعوب. ولم يجد زرادشت على الأرض سلطة أقوى‎ 
ن اعمال الو #الشيرة واا هق إعيمها.‎ 

حقّاء مسخ فظيع هي سلطة هذا الإطراء وهذا اللوم. قولوا لي من 
سيوثق لي هذا المسخ. يا إخوتي؟ من يُحكم الوثاق على هذه الألف 
ركبة؟ 

لقد كان هناك ألف هدف إلى حذ الآنء ثم كان هناك ألف 
شعب. فقط وثاق الألف رقبة هو الذي ظل ناقصا؛ الهدف الواحد هو 
الذي مازال ينقصنا. إن الإنسانية مازالت تفتقر إلى هدف. 


لكن قولوا لي يا إخوتي: إذا ما كانت الإنسانيّة تفتقر بعد إلى 


الهدف» ألا تفتقر أيضا ‏ إلى ذاتها؟ 


عن محبّة القريب 


أراكم تتكالبون على القريب ولكم كلمات جميلة عن ذلك. لكنني 
أقول لكم: إن محبتكم للقريب إنما هي قلة محبتكم لأنفسكم. 

تفرون من أنفسكم إلى القريب وتريدون أن تجعلوا لكم فضيلة من 
ذلك: لكنني أنظر في ماوراء «نكران ذاتكلكم. 

الأنت أقدم عهدا من الأنا؛ والأنت قد كُرّست كقداسةء أما الأنا 
فلم يُكتب لها ذلك بعد: هكذا يتدافع الناس نحو القريب. 


هل أنصحكم بحب القريب؟ بل إنني لأفضل أن أنصحكم بالهروب 


وا و 


)١(‏ كنقيض لمحبة القريب التي يدعو لها المسيح والأناجيل» وتمثل في نظر نيتشه تجسيدا 
وتقنيناً لغريزة القطيع» يكرز زرادشت بالمقابل لمحبة البعيد والأكثر بعداء موقف يعبر عنه 
أيضا بمصطلح «حس المسافة» ‏ 10151807 066 و۳10 . يعتبر نيتشه في جنيالوجيا 
الأخلاق ‏ الأطروحة الأولى :الفقرة ۲ أن «الأشخاص النبلاء والأقوياء وذوي المرتبة 
السامية والعقل الرفيع هم الذين أحسوا بأنفسهم من نوع حسنء وبأعمالهم كأعمال 
حسنة ؛ أي أنهم أحسوا بها بأنفسهم ووضعوها في المقام الأعلىء كنقيض ومقابل لكل ما 
هو متدن ومتدني الذهن وعمومي وذي طايع عامّي. ومن منطلق هذا الحس بالمسافة 
استمدوا لأنفسهم الحق في ابتداع قيم وإعطاء إسم لتلك القيم. . ٠.‏ المسافة عنصر مكوّن 
لإرادة القوة فى فلسفة نيتشهء بل عنصر محرك بموجبه تتحدد المكانات والتراتب 
التفاضلي «هاكم مبدأ فلسفة الطبيعة لدى نيتشه» يكتب جيل دولوزه إنه تعدد قوی تفعل 
وتتعذب من مسافة (عن بعد)» حيث المسافة هي العنصر التفاضلي الموجود في كل- 


١1 


أسمى من محبّة القريب هي محبة البعيد والمستقبلي؛ وأسمى من 
الان چ والأشباح . 

ذلك الشبح الذي يركض أمامك أجمل منك يا أخي؛ فلم لا 
تخ الحمك وعظادك ؟ لحك تناف وف إل فريك 

إنكم لا تطيقون أنفسكم. ولا تحبون أنفسكم بما فيه الكفاية؛ وها 
أتتم تريدون استدراج قريبكم إلى الحبٌ وتلمّعون سحنتكم بخطئه. 

كنت أوذ لو أنكم لا تطيقون كل نوع من الأقرباء ومن جاورهم؛ 
هكذا يكون عليكم أن تصنعوا لأنفسكم من أنفسكم ذاتها صديقكم 
وقلبه الفيّاض . 

تدعون إليكم شاهدا عندما تريدون الكلام بالخير عن أنفسكم؛ 
وعندما تفلحون في استدراجه لكي يُحسن الظنّ بكمء يَحسّن ظنكم 
بأنفسكم أيضا. 

ليس الكاذب من يتكلم بما يناقض معرفته فقطء بل هو أولا ذاك 
الذي يتكلم ضذ عدم معرفته. هكذا تتحدثون عن .أنفسكم في 
علاقاتكم وتكذبون على جاركم فيما تكذبون على أنفسكم. 


-قوّة. . ٠.‏ (جيل دولوز؛ نيتشه والفلسفة ‏ ترجمة أسامة الحاج ‏ المؤسسة الجامعية 
للدراسات والنشر والتوزيع - بيروت ۱۹۹۳). من هو «القريب» الذي لا ينصح نيتشه 
بمحبته . لعله الإنسان (أخوك الذي يجب أن تحب له ما تحب لنفسك بلغة الإسلام)؛ أي 
الإنسان في عموميتهء دون تمييز ولا تمايز (تلك الخراف : الرعيّة واحدة وراع واحدا ‏ 
راجع الهامش رقم ١‏ ص١2).‏ لكن الإنسان «شيء يشوبه النقص» وهو: «ليس جديرا 
بالمحبة". بل يظل مشروعا للتجاوز» وجسرا نحو «الإنسان الأعلى؛- لعل «الإنسان 
الأعلى إذاً هو هذا «البعيد» و*الأبعد» الذي ينصح نيتشه بمحبته. أو بعبارة أخرى هي دعوة 
للتخلي عن محبة المكتمل في النقص. وللتعلق بما لم يلجز بعد ويظل مشروع تجاوز 
للمنجز المنقوص . 


١ 


هكذا يتكلم الأحمق: «إن التعامل مع الناس يفسد الطبع» خاصة 
عندما لا يكون للمرء طبع» . 

واد يذاه إلى القريب انه خا عن نميه وا لاه يزيد أن 
يضيع نفسه. إن قلة حبكم لأنفسكم تجعل لكم من الوحدة سجنا. 

أولئك الأكثر بعدا هم الذين يدفعون ثمن محبتكم للقريب؛ ويكفي 
أن تكونوا خمسة معا كي ينبغي على سادس دوما أن يموت . 

أنا لا أحبّ احتفالاتكم أيضا؛ لقد وجدت فيها الكثير من 
الممثلين» وحتى المتفرجين غالبا ما يتصرفون هم أيضا كممثلين. 

لا اعلمكم القروتة من الصديق اعلمكي» لعي الصدية. حفل 
الأرض بالنسبة لكم ونكهة أولى تستبق مجيء الإنسان الأعلى . 

أعلمكم الصديق وقلبه الطافح. لكن على المرء أن يعرف كيف 
يكون إسفنجة إذا ما أراد أن يُحَبَ من قبل القلوب الطافحة. 

أعلمكم الصديق الذي يحمل العالم جاهزا في داخله» قدحا يطفح 
خيرا - الصديق المبدع الذي لديه دوما عالم جاهز للهبة. 

وكما ينبسط العالم أمامه مثل سجاد يُفتح له كذلك يلتف أمامه 
مجدّداً طيّات تطلع صيرورة الخير داخلها من خلال الشرّء وصيرورة 
الغايات من صلب الصدف. 

ليك االمستقل :وما هو أبخة غلة يومك الذي تحنا:: لتحت فى 
صديقك الإنسانَ الأعلى الذي هو علة وجودك. ۰ 

لا أنصحكم بمحبة القريب يا إخوتي: بل أنصحكم بحب الأبعد. 

هكذا تكلم زرادشت 


عن طريق المبدع 


TEE E N E,‏ الطرين 
إلى نفسك؟ تمهّل قليلا إذاً واصغ إلىّ. 

إن من يبحث يمضي بدوره إلى الضياع بسهولة. وكل اعتزال 
خطيئة»: هكذا يتكلم القطيع. ولزمن طويل كنت مع القطيع . 

أنظر» ذلك الوجع ذاته إنما منشؤه ذاك الضمير هو أيضا: وآخر 
بع مو داك ال ما وال يشتعل درق لرك 

لكنك تريد المضى على درب لوعتك الذي هو دربك إلى ذاتك؟ 
أرني إذاً إن كنت حقيقاً بذلك وذا طاقة عليه! 

هل أنت طاقة جديدة وحقّ جديد؟ حركة أولى؟ دولاب يدفع نفسه 
بنفسه؟ سيكون بإمكانك إذا أن ترغم النجوم على الدوران حولك. 

أ لكم هناك من طمع متلهف على الأعالي! وكم هناك من 
صراعات طموحين! أرني أنك لست واحدا من الطماعين والطموحين! 

آم كم هتاك من الأنعار الكبيرة التي لا تفعل أكثر من قحل 


١75 


حرا تسمّي نفسك؟ أريد إذاً أن أستمع إلى فكرتك المسيطرة» لا 
إلى كونك تخلصت من نير. 

هل أنت واحد ممن حقّ لهم أن يتخلصوا من نير؟ فهناك من رمى 
بآخر قيمة له عندما رمى بآخر أواصر عبوديته . 

حر من ماذا؟ ما هم زرادشت في هذا؟ بل لتقل لي نظرتثك 
بوضوح : من أجل ماذا؟ 

هل تستطيع أن تمنح نفسك خيرك وشرك وأن تعلق إرادتك مثل 
قانون فوقك؟ هل تستطيع أن تكون قاضي نفسك والمقتص لقانونك؟ 

فظيع أن تكون على انفراد مع قاضي قانونك والمقتص له. نجم 
يُقذف به هكذا في فضاءٍ خلاءٍ وفي الوهج الجليدي للوحدة. 

إلى 'النوم مازلت تعاتى من أولقك الكثيرين» أنث الواحد: إلى 
اليوم ماتزال شجاعتك كاملة وكذلك آمالك. 

لكنك ستتعب في يوم ما من جراء وحدتك» في يوم ما ستنثني 
كبرياؤك وستصر دواليب شجاعتك. في يوم ما ستصرخ: «إنني 
وحید!». 

في يوم ما لن تستطيع أن ترى علوّك» وستكون أقرب ما يكون من 
حضيضك ؛ مقدسك ذاته سيغدو مثل شبح مرعب بالنسبة لك. 
وستصرخ ذات يوم: «الكل باطل!». 

هناك أحاسيس تريد قتل المتوخد؛ وإذا ما لم تفلح في ذلك فإنه 
سيكون عليها هي إذاً أن تموت! هل أنت قادر على أن تكون قاتلا؟ 

هل تعرف كلمة «احتقار» يا أخي؟ وعذاب عدالتك في إنصاف 
أولئك الذين يحتقرونك؟ 1 


YY 


إنك ترغم الكتيرين غلى مراجعة معرفتهع بك ذلك هو سا 
يحاسبونك عليه حسابا عسيرا. لقد اقتربت منهم لكنك مضيت في 
طريقك؛ ذلك ما لن يغفروه لك أبدا. 

إنك تقفز من فوقهم: لكن كلما ازددت ارتفاعا إلا وتراءيت صغيرا 
في أعين حسّادك. غير أنّ الذي يطير عاليا هو الذي يكون هدفا للنقمة 
0 

"كيف تريدون أن تكونوا عادلين تجاهي!» ‏ كذا ينبغي عليك أن 
تتكلم ‏ «بل إنني أختار لنفسي ظلمكم كنصيب مستحق». 

ظلما وقذارات يقذفون على رأس المتوخد: لكن إذا ما أردت أن 
تكون نجما فلا يمنعتك ذلك من أن تضيء عليهم! 

ولتحذر أهل الصلاح والعدل! فلا شيء يحلو لهم مثل صلب 
أولئك الذين يبتدعون فضائلهم الخاصّة ‏ إنهم يحقدون على المتوخد. 

ولتحذر السذاجة المقدسة أيضا! فكل ما ليس ساذجا مدنس في 
نظرها؛ وإنه ليحلو لها أيضا أن تلعب بالنار - نار المحرقة . 

ولتحذر أيضا اندفاعات محبّتك! إن المتوخد يمد يده بسرعة لكل 
من ر 

بعض الناس لا يحقّ لك أن تمد يدك إليهمء بل كف الوحش: 
وأريك أن تكون لكك خاب اقا 

لكنَّ أشرس الأعداء ممن يمكنك أن تلتقي ستكون ذاتك دوما؛ 
أنت الذي تربص بنفسك داخل الكهوف ااا 

ردا ی على ر إلى واا عرد ات ا وعير 
شياطينك السبع تمرّ طريقك! 


۸ 


زنديقا ستكون في عين نفسك وساحرا وعرّافا ومهرّجا ومشككا 
مدنا وشزيراء .سرك أن 'تحرق:نفسلك في لهيك الخاض: كيت 
سكيلف أن ر :يديد إن لم تتحوّل أولا إلى رماد! 

وحيدا تمضي على طريق المبدع: إِلَّها تريد أن تصنع لنفسك من 
شياطينك السبع! 

و توصي على ر لمحب« تك ا ختير 
فتك كتادلة E‏ 

خلقا يريد المحبّ لأنه يحتقر! ماذا يعرف عن الحبٌ ذلك الذي 
لم يكن عليه أن يحتقر بالذات ذلك الذي يحت! 

لتمفن بحتك: إلى عزلتك» وبإنذاغك يا أحئى؟ بعدها ستتيعك 
العدالة مجرجرة قدمها العرجاء من ورائتك. 

لتمض برفقة دموعي إلى عزلتك يا أخي. إنني أحبّ ذاك الذي 
يريد أن يبدع ما يفوق منزلته ويمضي هكذا إلى حتفه. - 

هكذا تكلم زرادشت. 


۹ 


عن المرأة شَابَةَ وعجوز 


کا 


الم أنت تتسلل هكذا وجلا عبر الغروب يازرادشت؟ وما الذي 
تخبؤه بهذا الحذر تحت معطفك؟ 

أهو كنز وهبته؟ أم صبيّ قد ولد لك؟ أم تراك تسلك الآن درب 
اللضوسن ‏ أنف: ا ها نيا ديق الأشزان؟). 

حقأء يا أخي! أجاب زرادشت. إنه كنز قد هب لي: حقيقة 
صغيرة أحملها معي . 

لكنها مشاغبة مثل صبيّ؛ وإن أنا لم أكمم فمهاء فستصرخ بأعلى 
صوتها. 

وبينما كنت ماضيا في طريقي اليوم عند ساعة انحدار الشمس 
اعتر ضتني امرأة عجوز وهكذا تحدثت إلى روحي: 

القد حدثنا زرادشت عن كثير من الأشياء نحن النساء أيضاء لكنه 
لم يكلمنا أبدأ عن المرأة'. 

وأجبتها: "لا ينبغي الحديث عن النساء إلا إلى الرجال». 

«حدذثني عن النساء آنا أيضاءء قالت لي العجوزء «إنني مسنّة يما 
فيه الكفاية كي أنسى ذلك في الحين». 

ونزولا عند رغبة العجوز تكلمت إليها هكذا: 


1١ 


كل شيء في المرأة لغزء ولكل شيء في المرأة هناك حل واحد: 
إنه الحبل . 

الرجل وسيلة بالنسبة للمرأة؛ وهدفها دوما هو الطفل. لكن ماذا 
تمثل المرأة بالنسبة للرجا؟ 

8 00 الحقيقى: الخطر واللعب. لذلك هو يحت 

ينبغي أن يربى الرجل للحرب والمرأة لاستراحة المحارب: وكل 
ما عدا ذلك فحمق. 

إن المحارب لا يستسيغ الثمار الحلوة. لذلك هو يحب المرأة؛ 
فلأكثر النساء حلاوة مذاقها المرّ. 

للمرأة قدرة على فهم الأطفال أكثر من أي رجلء لكنّ الرجل أكثر 
صبيانية من المرأة. 

داخل كل رجل حقيقي يختبى طفل: طفل يريد أن يلعب. هلمّوا 

لتكن المرأة لعبة» نقيّة ورقيقة. مثل الحجارة الكريمة» فوقها تشع 
نوار فضائل عالم ليس له من وجود بعد. 

لتلتمع داخل حبكنّ أشعَة نجم! وليكن رجاؤكنّ: «ليكن لي أن 
أصير الام التي ستلد الإنسان الأعلى!». 
للخوف. 

ليكن حبَكن هو الشرف الخاصٌ بكن! إن المرأة قليلة الحس عادة 


۳۱ 


ناعون الخو ليك إذا هذاهو فوفك :6 أن كح وها ار هما 
تنلن من الحبّ» وأن لا تكنّ صاحيات المرتبة الثانية في الحبٌّ. 

لكن ليحذر الرجل المرأة إذا أحبّت: إنها تضخي بكل شيء» وكل 
ESSER‏ ا 

ليحذر الرجل المرأة إذا حقدت: فالرجل في أعماق نفسه خبيث. 
أما المرأة فسيّئة في العمق. 

من هو الرجل الذي تحقد غليه المرأة أكثر من غيره؟ - هكذا 
خاطب الحديد المغنطيس: «إنني أحقد عليك أكثر من أيّ شيء لأنك 
تجذب. لكن ليس لديك ما يكفي من الطاقة كي تجعلني لا أنفصل 
عنك)» . 

سعادة الرجل تدعى: أريد. وسعادة المرأة تدعى: يريد. 

«أنظرء لقد غدا العالم الآن مكتملا!» ‏ هكذا تفكر كل امرأة عندما 

على المرأة أن تطيع وأن تجد عمقا لسطحها. سطح هي نفس 
المرأة» قشرة متحركة ومضطربة فوق ماء قريب القاع . 

لكل نفس الرجل عميقة» وتيار سيله يهدر داخل كهوف ضاربة في 
أعماق الأرض : إن المرأة تحدس قوّتهء لكنها لا تدرك كنهها. ٠‏ 

هنا أجابتنى تلك العجوز: «كثيرا من الأشياء اللطيفة قال زرادشت» 
خاصة الع نرت اللائي مازلن في سن مناسب لمثل هذا الكلام. 

إنه لأمر غريب» فزرادشت لا يعرف النساء كثيرا ومع ذلك فرأيه 
فيهن مصيب! هل مردّ هذا أنه ليس هناك من شيء مستحيل لدى 
المرأة؟ 


۲۲ 


والآن إليك مني هذه الحقيقة الصغيرة كعربون شكر! فهل أنا مسئة 
بما فيه الكفاية لمثل هذه الحقيقة؟ 

مها جيدا واكمم فمها؛ وإلا فإنها ستصرخ بأعلى صوتها هذه 
الحقيقة الصغيرة». 

«ناولينى حقيقتك الصغيرة أيتها المرأة!» قلت لها. وهكذا تكلمت 
العجوز المسئة: 

«إذا ذهبت إلى النساءء فلا تنس السوط!». 

هكذا تكلم زرادشت. 


1 


استلقى زرادشت ذات يوم قائظ تحت شجرة تين ونام محكما 
ذراعيه على وجهه. فجاءت أفعى ولدغته في رقبته مما جعله يصرخ 
من شذة الألم. ولما أزاح ذراعيه عن وجهه نظر إلى الأفعى؛ عندها 
تعرّفت على عيني زرادشت فاستدارت بحركة مضطربة تريد 
الأنضرافة. ١ل‏ تفعلى» قال له اازرادشت فاك لم بلي بعد 
عبارات شكري! لقد أيقظتني في الوقت المناسبء لأنّه ما تزال أمامي 
طريق طويلة». ‏ (إِنْ طريقك قد غدت قصيرة» قالت الأفعى بشيء من 
اا ذلك أن سمي قاتل». ابتسم زرادشت قائلا: «متى انه ما 
يموت بسمّ ثعبان؟ بل لتستردتي سمك! فأنت مازلت غير غنيّة بما فيه 
الكفاية كي تمنحيني إياه". وإذا الحيّة ترتمي مجددا على عنقه وتلعق 
حر چ 

ولما رزوی رادت هدا الآمن لتلامدية دات فة سال هو لاه :“وما 
هو مغزى حكايتك يازرادشت؟» فأجابهم زرادشت هكنا”: 

مدمّر الأخلاق يدعوني أهل الصلاح والعدل: إِنْ حكايتي لا 
تنطوي على حكم أخلاقي. 

لكن إذا ما كان لديكم عدو فلا تجازوا شرّه بحسنة؛ إن ذلك 
سيجعله يشعر بالخجل . بل برهنوا له بأنه قد أحسن إليكم . 


3 


ولتنفجروا غضبا بالأحرى فذلك أفضل من أن تخجلوا أحداً. وإذا 
ها لعب قإنه لن يعني أن اراك تاركو عك بل من الأحسن 
أن تلعنوا قليلا بدوركه''؟! 

وإذا ما أصبتم بمظلمة كبيرة» فلتسارعوا لي بإتيان خمسة مظالم 

4 ا )۲( کک ١ s11:‏ 8 35 
صغيرة مقابلها""!ء لأنه فظيع مظهر ذلك الذي يرزح لوحده تحت 
وطأة مَظلمة . 

أما عرفتم هذا بعد؟ إن ظلما مقتسما يساوي نصف عدالة. وليأخذ 
الظلمّ على عاتقه ذلك الذي يقدر على تحمّله! 

إن قصاصا صغيرا لأكثر إنسانيّة من عدم القصاص . وإذا لم تكن 
العقوبة أيضا حقاً وشرفا بالنسبة للمنتهك» فإنني لا أرغب في عقوبتكم 
اها : 

وإئة لأسدى أن يسند الوائجد له مظلمة اسن أن يحتقط باحق 
قبس اه فعيها كرون الغ حلن جر لكر على الهره أن يكوك 
غنيّاً بما فيه الكفاية لمثل هذا الأمر. 

لا حت عدالتكم الباردة؛ وفي عينئ قضاتكم يتراءى لي دوما وجه 
الجلاد ونصله البارد. 


قولوا لى أين توجد العدالة التى هى حب بعينين بصيرتين؟ 


)١(‏ متى؛ الاصحاح 44/6 55 : «باركوا لاعنيكم. أحسنوا إلى مبغضيكم. وصلوا للذين 
يسيئون إليكم ويطردونكم لكي تكونو أبناء أبيكم الذي في السموات». 

(؟) نقيض ما يدعو إليه المسيح : متّى ؛ الاصحاح 5/ 4١-۳۸‏ : اسمعتم أنه قيل عين بعين 
وسن بسن . وأما أنا فأقول لكم لا تقاوموا الشرّ. بل من لطمك على حذَك الأيمن فحوّل له 
الآخر أيضا. ومن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء أيضا» . 


ادا 


فلتبتدعوا لي إذاً الحبّ الذي لا يحمل كل العقاب فقطء بل كل 
الذنب أيضاً! 

ولتبتدعوا لي إذاً العدالة التي تبرّئ الجميعء عدا القاضي . 

أتريدون الاستماع إلى هذا الآمر أيضا؟ من يريد أن كوت غاد 
كل العدل سيجعل من الكذب أيضاً سماحة تجاه البشر. 

لكن كيف يمكنني أن أكون عادلا كل العدل! كيف يمكنني إعطاء 
كلّ حقّه؟ بل يكفيني هذا: أن أمنح كل أحد حقي الخاص"" . 

وأخيراء احذروا يا إخوتي أن تظلموا كل متوحّد! من أين للمتوخد 
أن ينسى؟ ومن أين له أن يجازي بالمثل! 

مثل بئر عميقة هو المتوخد. ليس صعبا أن يُقذف فيها بحجر؛ 
لكن قولوا لي من بإمكانه استخراج ذلك الحجر إذا ما استقر في 
الماع ؟ 

احذروا من إهانة المتوحّد! لكن إذا ما فعلتم ذلك» فلتقتلوه بعدها 


إذا! 


هكذا تكلم زرادشت. 


)١(‏ يجد القارئ فى كنشات صائفة ‏ خريف ۱۸۸۲ ؛ الشذرة ١11‏ من الكراس :]1١1731١‏ «تريد 
أن تكون عادلا؟ كيف لك آبها الشقيّ» ان تمنح كلا حقّه (نصيبه)؟ ‏ كلاء لا أريد ذلك. 
بل أعطى كل أحد حصتى الخاصة: إن ذلك كاف بالنسية لمن ليس بأغنى الناس». 


۳1 


عن الزواج والولد 


لى سوال اسك هرك اح تسكن .راض العطهز ادف 
بهذا السؤال في روحك لاخ بد يا 

أنت شاب وترغب لنفسك في زواج ويتين.. لكي شالك حل 
أنت بالإنسان الذي يحق له أن يرغب لنفسه فى ولد؟ 

ها اا الكت عله نشتيك الان حو املك سيد 
فضائلك؟ هذا هو سؤالى لك. 

أم ترى الحيوان هو الذي يتكلم من خلال رغبتك» والحاجة؟ أم 
هى الوحدة؟ أم عدم رضى عن نفسك؟ 

أريد أن تكون حريتك ونصرك هي التي تتوق إلى ولد. معالم حي 
EEE‏ و سرك 

له نذأت فقيل ها :فرق عدر اناك لعن ليد أن ككون الع ذانك 
تام البناءء مستقيم البنيان جسدا وروحا. 


م ت 


حديقة الزوجية على ذلك! 


حسدا ارق بی أن تبعث إلى الوجود» وحركة أولى. ودولايا 
يدفع نفسه بنفسه ‏ مبدعا ينبغي عليك أن تبعث إلى الوجود. 


۳Y 


زواجا أسمّى إرادة إثنين لخلق الواحد الذي يتجاوز ذيْنك اللذين 
أنجياه . ا أسمي الزواج؛ احترام تجاه من يريد بمثل هذه 
الارادة . 

ليكن هذا هو معنى وحقيقة زواجك. أما ذلك الذي يسميه الكثر 
الزائدون عن اللزوم زواجا؛ أواهء ماذا أسمّي ذلك؟ 

أواهء تلك الفاقة الروحية لإثنين معا! آه. تلك القذارة الروحية 
لإثنين معا! أواهء تلك الطمأنينة البائسة لإثنين معا! 

زواجا يسمون هذا كله؛ ويدعون أن زيجاتهم هذه قد عقد وثاقها 
فق اسما : 

كلا لا أحبّهاء سماء الفائضين عن اللزوم هذه! لاء إنني لخا 
تلك الحيوانات الملتفة على بعضها داخل وكرها السماويّ! 

ليظل بعيدا عني أيضا هذا الإله الذي يتقدم عَرجاً ليبارك ما لم 


يجمع له شملا" . 
لا تضحكوا من مثل هذه الزيجات! نأي طفل ليس له من سيب 
للبكاء على والديه؟ 


)١(‏ إن قانون الرابطة الزوجية الذي يلمح إليه نيتشه هنا هو قانون الناموس المسيحي. أنظر 
رسالة بولس الأولى إلى آهل كورنشس؛ الاصحاح السابع بكليته . 

(Y}‏ حول صورة الإله الأعرج يمكن أن نقارن مع أسطورة هيعايستوس وأريس وأفروديت 
الإغريقية. لكن يبدو أن نيتشه يسخر هنا من زعم الديانة المسيحية بأ الله هو الذي يجمع 
بين الذكر والأنثى برابطة الزوجيةء في حين يرى نيتشه أنه هو الذي خلقهما متفرقين ولم 
SS OT‏ مت قار لكر كنا عدي a‏ وكا 
لهم أما قرأتم أنْ الذي خلق في البدء خلقهما ذكرا وأنثى وقال من أجل هذا يترك الرجل 
أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون الإثنان جسدا واحدا . إذأ ليس بعد إثنين بل جسد واحد. 
فالذي جمعه الله لا يغرّقه إنسان». 


۳A 


جديرا بالاحترام بدا لي ذلك الرجل وناضجا بما فيه الكفاية لإدراك 
معنى الأرض ؛ لک فكت راتت زو خت عدت لى الارن مأوى 
للمجانين . 

نعمء كنت أريد أن ترتجٌ الأرض وتدك عندما يقترن قديس بإوزة 

هذا يخرح مثل بطل يسعى وراء الحقائق: ليظفر له في النهاية 
بكذبة صغيرة منمقة» ويسمى ذلك زيجته. 

وذاك كان عسير المعاشرة صعب المراس. صارم الانتقاء. لكن ها 
هو يُفسد دفعة واحدة محيط علاقاته وإلى الأبد؛ ويسمي ذلك زيجته . 

وذا آخر كان يبحث له عن خادمة بفضائل ملاك. لكن هو ذا يغدو 
دفعة واحدة خادما لامرأةء والآن ها هو بحاجة إلى أن يتحول بدوره 
إلى ملاك : 

كل المشترين أراهم حريصين» وماكرة عيونهم جميعا. لكن الأكثر 
مکرا من نهم «يشتزئ: اقرأته: قلا ذال كيس 

نزوات جنون عابرة كثيرة - ذلك ما تسمونه حبا. ثم يأتي الزواج. 
حماقة دائمة تضع حدا لكل النزوات العابرة . 

حبكم للمرأة وحب المرأة للرجل؛ ليت ذلك كان شفقة على الهة 
معذبة ومحتجبة! لكن غالبا ما يكون الأمر مجرد حدس يجمع بين 
حيوانين . 

وحتى حبكم الأسمى ليس سوى أمثولة ساحرة وصبوة مؤلمة. 
مشعل تنتظرون منه أن ينير لكم سبل الأعالي. 

حبّاً يفوق منزلتكم لا بد أن تحبّوا! عندها فقط ستتعلمون الحبّ! 
ولأجل ذلك لا بد أن تتجرعوا الكأس المرة لحبكم. 


۳۹ 


شراب مر في كأس أفضل أنواع الحبّ؛ هكذا بوقظ فيك الشوق 
إلى الإنسان الأعلى» وهكذا يؤجح تعطشك لمنزلة المبدع! 

ظمأ اشتهاء المبدع» سهم واشتياق إلى الإنسان الأعلى: تكلم يا 
خي هل هذه هي إرادة الزواج لديك؟ 

مقدسة في عيني هذه الإرادة وهذا الزواج! 


هكذا تكلم زرادشت. 


عن الموت اختيارا 


الكتير من الئان يموت في وقت تاخز والبعضن يموت قبل 
الآران. الك لقان المت ف الوت المناتب !)ا مازالت قدو 


غريبة . 

لوقي في E E‏ هكذا يعلّم زرادشت. 

لكن كيف يمكن لمن لم يعش في الوقت المناسب أن يموت في 
الوقت المناسب؟ ليته لم يولد أصلا! ‏ هكذا أنصح الفائضين عن 
اللزوم . 
والجوزة الفارغة هي أيضا تود أن تُكسر. 

الكل يرى بعين الجد إلى الموت؛ لكن الموت لم يتحول بعد إلى 
عيد. والناس لم يتعلموا بعد كيف يُحتفل بأجمل الأعياد. 

سأحدثكم عن الموت المتوّج؛ الموت الذي يغدو حافزا ووعدا 
بالنسبة للأحياء . 

ظافرا يموت المتوّحٌُ موتهء محاطا بالآملين والموعودين. 


هكذا ينبغي على المرء أن يتعلم كيف يموت؛ وحيث لا يعهد 
الذاهب إلى الموت عهدا للأحياء لا ينبغى أن يكون هناك احتفال! 


٤١ 


أن يموت المرء هكذا لهو أفضل أنواع الموت؛ أما الثاني فهو: أن 
يموت الانسان مصارعا ويبدد بذلك نفسا عظيمة. 

لكنْ ما ينبذه المقاتل وكذلك الظافر إنما هو موتكم ذاك المكشر 
بابتسامته الصفراءء الذي يتقدم متسللا كاللص - ومع ذلك يحل 
كالسيد. 

موتي أمتدح أمامكمء الموت الحرّ الذي يأتي إلىَء لأنني آنا الذي 
أرب ذللك:: 

ومتى يريك ذلك؟ ‏ من كان لديه غاية ووريث» ذاك سيريد موته 
في الوقت المناسب لغايته ولوريثه. 
الحياة . 

حقا أقول لكم إنني لا أريد أن أتشبّه بفتالي الحبال؛ يجذبون 
الخيط ويمططونه فيما هم يتراجعون دوما إلى الوراء . 

من الناس من يبلغ العمر الذي لا يليق بحقائقه وانتصاراته؛ وإن 
فما خاويا من الأسنان يغدو غير حقيق بالنطق بكل الحقائق . 

وكل من يطمح إلى المجد عليه أن يتخلى عن مواكب التشريفات 
قبل فوات الأوان وأن يشرع في ممارسة الدربة الصعبة على الانصراف 


في ا قالاس 


)١(‏ ليس نيتشه بداعية إلى الموت ونبذ الحياةء إنما يدعو إلى «التغلب على الذات» و«تجاوز 
الذات»؛ الدعرة التى تتردد كثيرا على لسان زرادشت» من أجل العبور إلى منزلة «الإنسان 
الأعلى». هناك شذرة من كنشات ربيع 18854 تلخص مسألة «الموت الطوعي» كالآتي : 
«الموت. لا بد من قلب الظاهرة البيولوجية التافهة إلى ضرورة آخلاقة . أن يحيا المرء= 


١47 


على المرء أن يتوقف عن منح نفسه للأكل في الوقت الذي يكون 
فيه مستساغا أكثر: يعرف هذا الأمر كل أولئك الذين يريدون الحفاظ 
طويلا على محبة الناس لهم. 

صحيح أن هناك تفاحا حامضا قدره أن يظل ينتظر حتى آخر يوم 
من الخريف : بذلك يغدو ناضجا أصفر ومحززا بالتجاعيد فى الوقت 

لدى البعض يكون القلب هو الذي يهرم» والعقل لدى البعض 
الآخر. وهناك من تراهم عجائز وهم في سن الشباب: إلا أن شبابا 
بيد إلى سق متقومة سف الات لمدة اطول : 

هناك من لم يوفق في الحياة: في قلبه دودة سامة تنخرهء فليعمل 
إذا على أن يكون أكثر توفيقا في مماته. 

هناك ثمار لن يكتب لها أن تصير حلوةء وتتعفن في عر الصائفة ؛ 
وإن الجبن وحده هو الذي يجعلها تظل متشبثة بأغصانها. 

الكثير من الفائضين عن اللزوم يعيشون ويتشبثون بأغصانهم أطول 
مما ينبغي. فليكن إعصار يهب عليها وينفض عن الشجرة كل هذه 
الثمار المتعفنة التي ينخرها الدود! 

ليأت الداعون إلى الموت السريع! وسيكونون الإعصار واليد التي 
ترج لي شجرة الحياة! غير أنني لا أسمع من حولي سوى من يكرز 
للموت البطيء والصبر على كل ما هو (دنيوي». 

تكرزون للصبر على الدنيوي؟ بل إن هذا الدنيوي هو الذي يُظهر 
أكثر مما ينبغي من الصبر تجاهكمء أيتها الأشداق الناطقة بالتجديف! 


-على نحر يجعله يمتلك إرادة موته فى الوقت المناسب . «من منشورات التركة» (إرادة 
القوة) ‏ طبعة كونتي وكولليناري المجلد١١).‏ 


1١ 


حقاء لقد مات مبكرا جذا ذاه العيراتي ”© الذي يمجده الذاعون 
ا اوت الط ودد عدا الكابالسية ال كنا نطوم أن 
مات في سن مبكرة . 


لم يعرف بعد سوى دموع وكآبة العبرانيين إلى جانب حقد أهل 
اا والخول د جر العرانئ 3 وإذا هن ول عليه الرفية فى 
الموت . 


لو أنه ظل ل في چ بعيدا ع اا و لعله کان 
0 


)١(‏ بإمكان القارئ أن يقارن هذا الفصل بما ورد في المقطع المشابه في أفول الأصنام؛ 
اتسكعات رجل غير ملائم للعصر» ‏ الفقرة 71. مقو لات لها طابع قاس وغير معهود غالبا 
ما صنفت داخل ما يسمى بالاداروينية الاجتماعية» وقد غدت محرجة بالنسبة لمحبى 
عقن خافية يعد ما جارس ا ال فی ار اا تقب ا قا سي 
بالمساعدة على الموت»4 ءاوه ١۴)11‏ للتخلص من المرضى والمقعدين. سنكتفى هنا 
بهذا الجزء من هذا المقطعء حيث الموقف أقل حدة مما يرد في بداية المقطع. أو لتقل 
أقل شبهة: «أن يموت المرء بكرامة عندما يغدو مستحيلا عليه أن يحيا بكرامة. موتا 
اختياريا برغبة طوعية» موتا في الوقت المناسب» يتم في حالة من الوضوح الذهني 
والحبور بين الأبناء وشهود آخرين» حيث تكون هناك إمكانية لوداع حقيقي بينما المودع ما 
يزال هناء واو اراس مو ام ا ا 
كنقيض لتلك الكوميديا البائسة التى تحيط بها المسيحية ساعة الوفاة (. . .) إن المرء لا 

مضي إلى الماك على بتر بل بس بی انبره ء إلى حتفه . فقط يظل الموت فى 
Ea‏ قن الوقك: ا مرت جات وعلى المزة من 
اتا ا ا لحرن ا ا وا دون صدف ودون مباعتة. . .٠.‏ 
(؟) يعتبر نيتشه الديانة المسيحية ديانة تنبذ الضحك وتعلى من شأن الكآبة والبكاء ‏ والقنرطء 
لذلاث بصنمل اتر ةا , الضحك إحدى الدعائم التي تقوم عليها تعاليمه؟ أي كنقيض 
للمسيحية . لعل هذا العنصر من تأثيرات اهتمامه في فترة ما بالديانة البوذية التي يعتبرها 
أرقى من المسيحية » ومن ورائها مجمل الديانات التوحيدية المنحدرة من الفضاء الثقافي= 


١ 


صدقونى يا إخوتى! لقد مات قبل الأوان؛ لأنه كان سينقض 
تعاليمه تلك لو أنه بلع المن القن 1 لقن عاك يا يما احم ا 
كي يقوى على النقض والتراجع ! 

لكنه لم ينضج بعد. دون نضج كان الفتى يحبٌ» غير ناضج كان 
في حبه» وغير ناضج في حقده أيضا على الأرض والإنسان. موثوقة 
وله كات اانه اا عق 

فى الرجل هناك أكثر طفولة ما فى الشان»+ واقل كابةة إزاله 
زان نفيك تشالت الوت والتحياة: 1 

خا لمت وزاك ر مد نوما كدو الوت 
غير مداسب ل العم 2 يكون المرء على دراية بمسألتي الموت 
والحياة. 

أن لا يكون موتكم تجديفا على الإنسان والأرض يا أصدقائي: 
ذلك هو ما آلتمسه من الرحيق العسلي لأرواحكم. 

ينبغي على موتكم أن يكون متوقدا بروحكم وفضيلتكم تماما مثل 
التهاب الشفق على حافة الأرض؛ وإلا فإنكم لم توفقوا في موتكم. 


=العبراني . وقد جاء في الرسالة التي كتبها إلى مالفيدا فون مايزنبورغ في ٠١‏ أبريل ٠۸۲۳‏ 
ليعلن لها فيها عن كتابه الجديد «هكذا تكلم زرادشت» : ل .إنها قصة رائعة : لعد 
تحديت كل الديانات ووضعت «كتابا مقدسا» جديدا! وبكل جدية أقول إنه على غاية من 
الجد كما لم يسبق لكتاب آخر أن يكون» وإن استوعب الضحك وأدمجه في الدين». - 
الرسائل الكاملة؛ Friedrich Nietzsche ;Sãmiliche Briefe - Kritische Studien‏ 
Ausgabe, Band 6.‏ 

أنظر أيضا فصل «عن الإنسان الراقي» في الكتاب الرابع من زرادشت . الفقرة 16. والإشارة 
هنا لما جاء في إنجيل لوقا؛ الاصحاح السادسء 25: «ويل لكم أيها الضاحكون الآن 
لانکم ستحزنون وتبكون». 


هكذا أريد لنفسي أن أموت كي تحبوا الأرض أكثر من أجلي أي 
أصدقائي؛ وترابا أريد أن أستحيل في الأرض كي أعرف الراحة داخل 
الحفين :لدی اج : 

حقاء لقد كان لزرادشت هدفء وهو قد رمى بكرته: والآن أنتم 
ورثة هدفي أيها الأصدقاءء وإليكم أقذف بالكرة الذهبية. 

وإنه لأحبّ إل من أي شيء أن أراكم وأنتم تقذفون بالكرة الذهبية 
نحو هدفكم يا أصدقائي! لذلك أنا أرجئ قليلا رحيلي عن الأرض: 
فلتغفروا لي ذلك! 

هكذا تكلم زرادشت. 


عن الفضيلة الواهبة 


١ 

لما ودّع زرادشت المدينة التي كانت عزيزة على قلبه والتي تسمى 
«البقرة المرقطة» تبعه الكثيرون ممن يدعون أنفسهم تلامذته وكوّنوا 
موكبا يصطحبه إلى أن بلغوا مفترق طرق. عندها قال لهم زرادشت إنه 
زوذ الآن أن فى و ذلك أنه كان تهنا و :وتصدا ,الك 
تلامذته قدموا ل وداع عصا على مقبضها الذهبي صورة حية 
ملتوية على شمس. فرح زرادشت بتلك العصا واتكأ عليها ثم راح 
يخاطب تلامذته هكذا: 

قولوا لي إذاً: ما الذي يجعل الذهب يتمتع بهذه القيمة الكبرى؟ 
لأنه نادر وغير نافع ومشمٌ ولطيف البريق؛ وهو ما يُهدى دائما. 

كصورة للفضيلة الأسمى فقط اكتسى الذهب قيمته العليا. وبمثل 
بريق الذهب تلتمع عين الواهب. بريق الذهب يعقد عهد السلام بين 
اتسين :و ا 

نادرة هي الفضيلة الواهبة وغير ذات منفعة» مشعة هي ولطيفة 
البريق: إن فضيلة واهبة لهي أرقى الفضائل . 1 

الحق أقول لكم» إنني أحزر بيسر دخيلتكم يا تلامذتي؛ أنتم 


1۷ 


تتوقون مثلي إلى الفضيلة الواهبة» فما الذي يمكن أن يجمعكم بالسباع 


والذئاب إذاً؟ 


ذلك هو تعطشكم» أن تجعلوا من أنفسكم قرابين وهبات؛ لذلك 
آم عظدى :إلى كديس كل الثروات داخل سه 


بنهم تتوق نفسكم إلى الكنوز والجواهرء لأنَّ فضيلتكم لا تشبع 
من الرغبة فى العطاء . 

ترغمون كل الأشياء لتنساق إليكم وتأوي إلى داخلكم لكي تتدفق 

الحق أقول لكمء لا بد أن تغدو هذه المحبّة الواهبة ناهبا يستحوذ 
على كل القيم؛ صِحَيَةَ سأسمي هذه الأنانية» ومقدّسة . 

لكن هناك أنانية أخرى» أنانية فقيرة وجائعة تتوق دوما إلى السرقة» 
آنافة UES E‏ 


. هناك إذاً أنانّتان؛ أنانية صحيّةء أو هذه التى يسميها نيتشه» «هنا مقدسة»» وأنانية مرضيّة‎ )١( 
لمزيد التفاصيل حول هذه التفرقة» راجع ما ورد في أفول الأصنام : «تسكعات رجل غير‎ 
القيمة الطبيعية للأنانية  إن إيثار الذات ذا قيمة مماثلة للقيمة‎ :۳١ ملائم للعصرا؛ الفقرة‎ 
الفزيولوجية التي يمتلكها صاحبه: أي أنه يمكنه أن يكون ذا قيمة رفيعة للغاية» كما يمكنه‎ 
ايكون عدت ال وسقي ناد واا فإنه تيش أن نط إلى كل قر اما كان قز عط‎ 
التصاعد الارتقائي للحياة أم خط الهبوط والانحدار. ووفقا للنتيجة التي يصل إليها المرء‎ 
في هذا الشأن يكون له مقياس لمعرفة قيمة أنانيته. فإذا كان يمثل حركة الارتقاء في هذا‎ 
الخط فإن قيمتها ستكون بالفعل خارقة للعادة  ووفقا لما تتطلبه مصلحة الحياة التي تتقدم‎ 
خطوة إلى الأمام من خلاله سيحق لحرصه على الحفاظ على النفس وعلى تهيئة الحد‎ 
الأقصى من الشروط الضرورية لحياته أن يكون بدوره من مستوى أقصى . إن الإنسان‎ 
المنعزل» أو «الفرد» كما ظل الشعب والفلسفة يفهمانه إلى حد الآن مفهوم خاطئ: إنه لا‎ 
شيء لذاته» ليس ذرة ولا «حلقة من السلسلة» أو مجرد موروث من الماضى؛ إنه كل‎ 
الباذلة اا ا اة اه ج رة هو لقني ب وا كان يفل الا‎ 


14۸ 


بعين السارق تنظر إلى كل برّاق؛ وبلهفة الجوع تحدج بنظراتها كل 


من لديه وافر من الأكل» وعلى الدوام تحوم متسللة حول مائدة 
الواهب . 


مرض يتكلم من داخل هذا الجشع وانحلال خفي؛ من جسد 


مريض يتكلم الجشع اللصوصي لهذه الأنانية . 


قولوا لي يا إخوتي: ما الذي يُعدَ السيّء والأسوأ في نظرنا؟ أليس 


هو التدهور © ب وما ينتقر إلى الفضييلة الواهية تحرو .دوم أن هناك 


010 


-الانحداريء والتدهورء والانحطاط المزمن» والمرض (إن الأمراض فى مجملها تمثل 
في الواقع أعراضا لنتائج الانحطاط وليست أسبابه)» فإنه يكون قليل القيمة» وبالتالي فإن 
العدالة تقتضي أن لا يتناول سوى أقل ما يمكن من أمام الإنسان ذي التكوينة السليمة . فهو 
لا يعدو كونه الكائن الطفيلي الذي يغتذي على حسابه؛ . 

أنظر هذا هو الأنيانة ا الذى بجحل أب كنا جيذة فل حول ار دإ الدلين 
القاطع على أن القس (بما في ذلك القساوسة المقنعون؛ أي الفلاسفة) قد غدا سيّدا على 
العالم بصفة عامة» وأن أخلاق الانحطاط وإرادة النهاية قد غدت الأخلاق في حد ذاتهاء 
هذا الدليل يوجد فى ذلك التبجيل المطلق الذي يحظى به اللأنانيون» والعداوة التى يجابه 
بها الأنانيون. . . وبالنسبة للعالم الفزيولوجي ليس هناك من شك حول حقيقة هذا التناقض 
القيّمي. عندما يتراخى أدنى عضو من مجمل الجسدء ولو بمستوى أدنى» ويتخلى عن 
حماية حفظ ذاته وتأمين طاقاته الحيوية و«أنانيته» بوثوق تام» يتداعى لذلك الكل . في مثل 
هذه الحالة يأمر الفزيولوجي ببتر العضو المتداعي» ويرفض أي تضامن مع المنحط؛؟ إنه 
أبعد ما يكون عن الشفقة تجاهه. لكن القس يريد بالتحديد انحطاط الكل ؛ الإنسانية 
بكليتهاء لذلك هو يحفظ العنصر المتفكك؛ بمثل هذا الثمن تتسنى له السيطرة 
عليها. . .٠.‏ 

هناك صعوبة فى ترجمة عبارة 8218740088 التى يمكن أن تفيد الانحلال والتدهور وكذلك 
الاتحطاط . والعبارة'الألمانية مركبة من نه وتعني التوع إواتة - التي تفيد هنا التجرد 
من . . . من صفة ما مثلاء أو من حالة سابقة؛ أو تبدل حالة بحالة معاكسة . وبالتالى يكون 
لعبارة 8هنا - ۸۲۲ - 4م معنى انحلال التوعء أو تفسخهء ار الم ا ا هره 


١84 


و طريقا مق التوع إلى التوع :الارقىب لكنه يظل مفزعا 
بالنسبة لنا ذلك الذهن المتدهور الذي يقول: «كل شيء ان 


صعودا يمضى ذهننا طائرا: هكذا يكون صورة عن جسدنا» صورة 
عن الارتقاء. ومثل هذه الصور عن الارتقاء هي أسماء للفضائل . 

هكذا يمضي الجسد عبر التاريخ» كيان صيرورة ومقاتلا لا يركن 
إلى الراحة. والعقل - ماذا يمثل العقل بالنسبة له؟ إنه صوت البشير 


لصراعاته وانتصاراته. ورفيق دربها وصداها. 


استعارات هي كل أسٍتوكاة الخير والشر؛ إلا تعبر بکلام» بل تومئ 
فقط . وأحمق هو الذي يطمع في معرفة من خلالها. 

ارعوا لي يا إخوتي كل لحظة يريد عقلكم فيها أن يتكلم بأمثال: 
فهناك منبع وأصل فضيلتكم . 
>نوع إلى نوع أدنى. . يجد المترجم نفسه في وضع من الاغراء الذي تمارسه عليه عبارة 
انحطاط في هذا السياق بالذات . لكن نيتشه عادة ما يستعمل للتعبير عن معنى الانحطاط 
مرادفها ف اللغة الفرنسية: 060106066 روصع لعفل . وبالتالى فإن استعماله هنا لعبارة 
Entartung‏ إنما هو مؤشر على اختلاف فى المعنى يحرص 55 ضمن حرصه الدقيق 
على انتقاء الألفاظ المئاسبةء ET‏ نراجع في ذهننا المواقع التي يستعمل 
فيها نيتشه العبارة الفرنسية التي تفيد الانحطاط» عندما يتحدث عن أفلاطون مثلاء الذي 
يعده أكبر المنحطين («مسألة فاغر» أو «هذا هو الإتسان»)ء فإننا سندرك أن العبارة محمّلة 
في هذه الحالة ببعد معنوي» بينما التدهور أو الانحلال أو التفسخ التي تفيدها عبارة 
18 لتبدو ذات مدلول فيزيائي كانحلال الإنسان الغرد في القطيع» أو تدهور 
نوعي؛ أي ي النزول من نوع الإنسان إلى نوع دابة القطيع : «مفهوم م التدهور/ الانحلال > هذا 
بقع خارج الاعتبارات المعنوية؛: يكتب نيتشه في إحدى شذرات المسودات. ولعل 
المترجمين (العرب) عن اللغة الفرنسية كانوا سيتوققون إلى العبارة الصحيحة لو أنهم 
فكروا قليلا فى الغرق بين عبارتى 2062©6ع00 وععءمءه5ه: 068600‏ وهى المقصودة فى 
هذا الموقع - : ليذه الاعتبازات'فضلنا بهن تردق طويل انال عبارة «تدهور» وترك ار 
«اتحطاط) للمواقع التي يستعمل فيها نيتشه مرادفتها الفرنسية ع#عمءل0ه062. 


1١ 


مرتق قمة أعاليه يكون جسدكم في تلك اللحظة ومنبعثا من جديد؛ 
بنشوته يسكر العقل ليغدو مبدعا مقيّما محبا ومحسنا يغمر برعايته كل 
الأشياء . 

عندما يهدر قلبكم ممتلئا وعريضاء وعلى غرار النهر المتدفق يكون 
رحمةً وخطرا على المجاورين: فهناك يكون أصل فضيلتكم ومنبعها. 

عندما ترتفعون بأنفسكم فوق الإطراء واللوم» وإرادتكم تريد أن 
تملي أوامرها إرادة محبّ على كل الأشياء: فهناك يكون أصل 
فضيلتكم ومنبعها. 

عندما تبدون احتقارا لكل مريح وللفراش الوثيرء ويتراءى لكم 
مضجعكم على الدوام غير بعيد بما فيه الكفاية عن كل ليّن وثير : 
فهناك يكون منبع وأصل فضيلتكم . 

عندما تريدون» مدفوعين بإرادة واحدة لاشريك لهاء ويغدو ذلك 
التحول الذي لا مرد له ضرورةً بالنسبة لكم: فهناك يكون أصل 
فضيلتكم ومنبعها. 

الحنٌّ أقول لكم» خير وشرّ جديدان هي فضيلتكم. حقا أقول 
لكم إنها هدير أعماق جديد وصوت نبع جديد! 

سلطان هي هذه الفضيلة الجديدة؛ فكرة مسيطرة هي ء وحولها 
روح فطنة: شمس من ذهب تلتف عليها حيّة المعرفة. 


۲ 
عند هذا الحد انغمس زرادشت فى الصمت لبرهة من الزمن وكان 


دعر : 


۵1١ 


لتظلوا أوفياء للأرض بكل قوة فضيلتكم يا إخوتي! ولتكن محبتكم 
الواهبة ومعرفتكم في خدمة معنى الأرض! ذلك ما أرجوكم وأتوسّلكم 


إياه يا إخوتي. 

لا تدعوا فضيلتكم تقلع عن الأشياء الأرضية وتظل تخبط بأجنحتها 
على جدران أبديّة! آه» لكم كان هناك دوما من الفضائل التائهة في 
طيرائها! 

أعيدوا مثلى كل الفضائل المحلقة فى التيه إلى الأرض؛ أجل» 
لتعد إلى الجسد وإلى الحياة» كي تمنح الأرض معناها؛ معنى إنسانيًا! 

لمائة مرة ومرة ظل العقل والفضيلة يضلان طريقهما ويخطئان 
مرماهما. وفي جسدنا مازال يسكن كل ذلك الحمق والخطأ إلى اليوم 
للأسف: جسدا وإرادة قد تحوّل هناك . 

لمائة مرة ومرة ظل العقل والفضيلة يجربان ويخطئان إلى حد 
الآن. أجل» تجربة كان الإنسان. كثير من الجهل والخطأ قد غدا 
لحما ودما فينا ‏ لللأسف! 

وليست حكمة آلاف السنين وحدها هى التى تتدفق فى داخلتاء بل 
حمقها أيضا. ولكم هو خطير أن يكون المرء وريثا! 

مازلنا نتقاتل قدما بقدم مع الجبار الصدفةء وإلى الآن ما يزال 
اللغو؛ اللا معنى يحكم سيطرته على الإنسانية بأكملها. 

ليكن عقلكم وفضيلتكم في خدمة معنى الأرض يا إخوتي؛ 
ولتكونوا أنتم من يعيد ضبط قيمة الأشياء جميعها. لذلك ينبغي أن 
تكونوا مقاتلين! لذلك ينبغي أن تكونوا مبدعين! 

فى المعرفة يتطهر الجسد؛ وفى المجاهدة من أجل المعرفة يرتقى 


1١65 


العارف بنفسه”''؛ مقدسة تغدو كل الغرائز لدى العارف» والذي بلغ 


8 0 0 
السموّء مرحه بعدو و 


لتساعد نفسك أيها الطبيب؛ هكذا يمكنك أن تعالج مرضاك أيضا. 


وليكن العون الأكبر لمريضك أن يرى فيك بعينيه رجلا قد استطاع أن 
TD‏ 


هناك ألف طريق لم تطأها قدم بعد؛ ألف عافية وجزيرة خفيّة 


للحياة. غير تسعنفة ولا مكتشفيظل الإشسيان» وكذلك ارف 
ال 


(1) 


(۲) 


(r) 


فى شذرات التركة النيتشويةء (المجلد العاشر من هوامش وتعليقات مونتى وكولليناري) 
نجه ساف ار ل ليذه ا ا > اکت ی الا کے الا أن إل كالب 
معرفة . إن الساعي إلى المعرفة يطهر روحه الخاصة وتغدو كل رغباته وتعطشه إلى القوة 
مقدنة . و الك لطروق تحرف ارت تسن عا قوق يتن فى رل القداسة 
والفضيلة»). 

نلتقى هنا بإحدى مكونات فلسفة المتصوفة التى ترى فى المجاهدة والرياضة من أجل 
الع ريق لور وهر اة والعار ف العو درب ا و الو اهل قرف ويه د 
بلغ حالة الغبطة ويغدو طربا لا يستطيع أن يمسك نفسه عن الغناء والرقص . وهذه حال قد 
عرفها الحلاج والسهروردي وجلال الدين الرومي وابن الفارض وغيرهم من كبار 
المتصوفة . 

لننظر ما يقوله نيتشه في موقع آخر من كتاياته : من مسودات زرادشت 2,40 21 (كنشات 
شتاء ۱۸۸۲/ ۱۹۸۳): «كنت في صحراءء ولم أكن أحيا كعارف. إن روح العارف 
تتطهرء وكل تعطش للقوة وكل الرغبات تغدو سعيدة بالتسبة له. وكعارف كنت أرانى 
ارقم قيدا فرق ی ي رناب قرات اة ١‏ 
أنظر إنجيل لوقاء الاصحاح /٤‏ ۲۳: «فقال لهم (يسوع) على كل حال تقولون لي هذا 
المثل» أيها الطبيب اشف نفسك» . ونيتشه يؤكد له أنه بالفعل عليه أن يشفى نفسه أولا قبل 
ایالج .مره أكرين:. لكات بذك بمقولة له عق نفلت وال فض بأن ينظر المرء 
الخشبة التي في عينه قبل أن ينظر إلى القذى الذي في عين أخيه . 


1١0 


لتظلوا يقظين ولتصغوا أيها المتوخدون! من أصقاع المستفيل نأض 
رياح تخفق بأجنحة سرية؛ والآذن المرهفة هي التي تتلقى رسالة 
الشبرق: 

أنتم يا متوخدي اليوم ويا أيها المنقطعون» شعبا ستكونون في يوم 
من الأيام: ومنكم أنتم الذين اخترتم أنفسكم بأنفسكم سيظهر شعب 
تار ومنه سيكون الآسان: الأعلى : 
وھا ریا مذ الان رائ جديدة حاملة غافة »ب اوأمل جديد! 


۳ 


ولما فرغ زرادشت من هذا الكلام صمّت» لکن صمت من لم يقل 
بعد كلمته الأخيرة؛ وطويلا ظل يقلب العصا فى يده محتارا. وبالأخير 
تكلم هكذا ‏ وقد تغيّر صوته ثانية : 

«وحيداً أمضي الآن يا مريديّ! وأنتم» لتمضوا الآن لوحدكم أيضا! 
مكذا أردت لكم. 

حقا أنصحكم: انصرفوا عئّي واحترسوا من زرادشت! بل وأكثر 

انه لا شی على الإنسان العارف أن يحت أعداءه فحسب» بل 


- 6 فا 


عليه أيضا أن يكون قادراً على كره أصدقائ , 


/5 مرة أخرى يقف نيتشه موقف المناقض لدعوة المحبة المسيحية : أنظر متّى ؛ الاصحاح‎ )١( 
«سمعتم أنه قيل تحب قريبك وتبغض عدوك؛ وأمًا آنا فأقول لكم أحبوا‎ :45 _ ۳ 


أعداءكم“ 7 


١6 


وإِنّها لمكافأة رديئة للمعلم أن يظل يظل المرء على الدوام مجرد 
ل فلم لا تريدون تمر إكليلي؟ 
إنكم عه لكن ما الذي سيحدث لو أن إجلالكم هذا تداعى 


تقولون إنكم تؤمنون بزرادشت؟ لكن ما أهميّة زرادشت! وتقولون 


إنكم تؤمئنون بي › ولكن ما أهمية كل المؤمنين! 
انض لم نعو عن اتک بد هدا جد موی کنا يفل كل 
المؤمنين» ولذلك ليس الإيمان بشيء ذي شأن. 


إليكم إلا عندما تكونوا قد أنكرتموني جميعاً" . 


)١(‏ قلب للقيم الإنجيلية ‏ أو اليسوعية الواردة في وصايا يسوع المسيح - إنجيل متّى 
الاصحاح ٠‏ و0 :: اليس التلميذ أفضل من المعلم ولا العبد أفضل من سيده. يكفي 
التلميذ أن يكون كمعلمه والعبد كسيّده. 

(؟) طقس الوداع الذي يقيمه زرادشت مع تلاميذه هو استنساخ أو بالأحرى باروديا للعشاء 
الأخير (العشاء السري) الذي تناوله يسوع مع تلامذته فوق جبل الزيتون. مع فارق أن 
نيتشه يدعو تلامذته إلى التنكر له بينما يسوع لا يطالب تلامذته بتنكر» بل يتنبأ بذلك 
بشيء من الحسرة وبنبرة عتاب . أنظر متى الإصحاح السادیس والعشرون؟ 77‏ 514: 
«فأجاب بطرس وقال له وإن شك فيك الجميع فأنا لا أشك أبدا. قال له يسوع الحق أقول 
لك إنك في هذه الليلة قبل أن يصيح ديك تنكرني ثلاث مرات». وقبلها يرد في الإصحاح 
العاشرء ۳۲- ۳۳: «فكل من يعترف بي قَدّام الناس أعترف أنا أيضا به قدام أبي الذي في 
السماوات. ولكن من ينكرني قدام الناس أنكره أن أيضا قذام أبي الذي في السماوات». 
كما أن يسوع يبشر بالعودة على أن يظل الأتباع وفيّين للرسالة» بينما زرادشت لا يرى 
تلامذته مستحمين لعودته إلا إذا ما تنكروا له؛ أي إذا ما أفلحوا فى أن يضيعوه ويجدوا 
تنيع كما لو أن اليم على عع تال الا واسحاب الستائد والمامف> 
تقول: لن تكون حقيقا بي إن أنت لم تكن أنت» بنفسك ولنفسك أولا. 


١5 


حقا اقول لكم» بعين أخرى سأبحث عن أولئك الذين أضعتهم يا 


ومرة أخرى ستغدون أصدقائى من جذديد وأنجاء الأمل الأوعحن: 


عندها سأحل للمرة الثالثة بينكم''': كي أحتفل معكم بالظهيرة 
الي 1 


لك 


زفق 


العودة مرتين - كما فعل المسيح أو كما وعد بدذلك» غير كافيتين بالنسبة لزرادشت؛ إنه 
يريد مرة ثالتة! لعلها المرة التي سيتمٌ فيها فعل التصحيح الحق؟! 

ساعة «الظهيرة الكبرى» ترد هنا مثل بشرى النبأ السعيد لدعوة زرادشت. سيتكرر ورود 
هذه الثيمة في العديد من المواقع في هذا الكتاب منها: ا ا 
و"الألواح القديمة والألواح الجديدة» واساعة الظهيرة». إنها الساعة التي تستقر الشمس 
فيها في قلب السماءء والتي تستقر فيها فوق رأس الإنسان؛ فوق الدماغ مباشرة. ساعة 
النضجء و«اكتمال العالم». ساعة السكرن التام أيضا. أنظر فصل الظهيرة لاحقا: «يا 
للسعادة! يا للسعادة! أتريدين الغناء حقا ياروحى؟ وأنت تستاقين فى العشب! لكنها ساعة 
القيظة 'السرية نيك لا يعر راع على شبات ترز عى قالظهيرة المتقدة ترد على 
المروج! لا تغتّي! أصمتي! فالعالم قد بلغ الاكتمال. 

يقدم نيتشه تفسيرا أكثر تفصيلا في كتاب «إنساني مفرط الإنسانية؛ فصل «المسافر وظله» 
الشذرة ۳٠۸‏ _ «في ساعة الظهيرة: إن من قضى صباح حياته عملا وحركةء بمثل دفق 
السيول ستغمر روحه عند الظهيرة رغبة نادرة في استراحة قد تدوم أشهرا وسنين . وسيكون 
سكون من حوله» والأصوات كلها تتناهى إليه قادمة من أصقاع بعيدة» وأكثر فأكثر بعدا؛ 
والشمس تنتصب متوهجة فوق رأسه. وفي مرج مندس داخل الغابة يرى بانْ العظيم نائما 
(إله المراعى الإغريقى» ابن هرمز وكان يحب اللعب فى الأماكن المقغرة والكهوف التى 
فيها أشباحء لككنه يدور عة إذا ما أزعيبه أحد فى قيلولته ‏ المترجم)4 وكل أشياء الطبيعة 
نائمة معه وعلى صفحتها ترتسم صورة الخلود ‏ هكذا يتراءى لمن يحن الان إلى الراحة 
بعد نشاط صبيحته . لا يريد شيئاء ولا هم له في شيءء قلبه ساكن وعينه وحدها هي التي 
تظل حيّة. ‏ إنه موت بعينين بقظتين. أشياء كثيرة يرى الإنسان عندها مما لم ير من قبل 
قطء وکل ما يمتد إليه بصره يبدو له منسوجا داخل شبكة من نور ومغمورا داخلها في الآن 
نفسه. يشعر المرء بلقسه سعيدا داخل هذا الإحساس. لكنها سعادة ثقيلة ٠‏ - ثم ترتفع 
الريح مجددا بين الأشجار ؛ لقد مرت ساعة الظهيرة. والحياة تسحبه إليها مجددا؛ الحياة 
بعينيها العمياتين يتبعها موكبها المندفع من ورائها: رغبات» أوهام. نسيان» متعة.- 


1١25 


وستكون تلك هي الظهيرة العظمىء عندما يقف الإنسان في 
منتصف دربه ما بين الحيوان والإنسان الأعلى» ويحتفي بطريق مسيرته 
باتجاه المغيب كأرقى أمل على أنها أمله الأسمى: لأن تلك هي 
الطريق الموصلة إلى صباح جديد. 

عندها سيبارك نفسه ذلك الذي يمضي إلى حتفهء إذ يرى أنه عابر 
نحو ضفة أخرى؛ وستكون شمس معرفته عندها قد استقرت في سمت 
السا 

«لقد ماتت كل الآلهة؛ والآن تريد أن يحيا الإنسان الأعلى». 
- لتكن تلك ذات يوم إرادتنا الأخيرة في ساعة الظهيرة العظمى! - 

هكذا تكلم زردشت. 


=تدمير» فناء. وهكذا يحل من بعدها المساء أكثر اندفاعا وأكثر نشاطا مما كان 
الصباح . . .2. 

أنظر هذا هو الإنسان؛ فصل ما الذي يجعلني أكتب كتبا جيدة؟ 2‏ الفحر ؛ الفقرة 7 : إن 
مهمتي التي تتمثل في الإعداد للحظة التي ستعود الإنسانية فيها إلى نفسها؛ ظهيرة عظمى 
تتمكن فيها من النظر إلى الوراء والنظر إلى الأمام» وتتخلص من سيطرة الصدفة والقسّء 


وتطرح لأول مرة سؤالئ لماذا؟ وكيف؟ يصفة كليّة شموليّة. ..1. 


\o¥ 


الحتاب الثانى 


«وإني لن أعود إليكم إلا عندما تكونوا قد 
أنكرتموني جميعاً. 

حقا اقول لكمء بعين أخرى اتخ عن 
أولئك الذين أضعتهم يا إخوتي» وسأحبّكم 
غيدها: فحة خرص 


زرادشت: عن الفضيلة الواهية 


1۹ 


الطفل الذي يحمل مرآة”" 


بعدها انسحب زرادشت مجددا إلى الجبل والوحدة داخل مغارته 
واعفول البشن. :مقطرا ظل هناك سل زازع :بدن بدارا في الأرض 7 
لك تسه اج فة لهفة وشوا إلى أولقاك الذين بج ها 
يزال لديه الكثير مما يريد أن يمنحهم. وإنه لمن أصعب الأمور فعلا 
انا a‏ ردم المتعيضة EO‏ ميم نكا 
على الحياء فيما هو يهب. 

هكذا مرت على المتوخد أشهر وأعوام؛ لكن حكمته كانت تنمو 
وتؤلمه بفائض زخمها. 

وذات يوم استيقظ قبل طلوع الفجر وظل لمدة من الزمن متفكرا 
في فراشه. وأخيرا حدّث قلبه هكذا: 

«ما الذي أفزعني في منامي وجعلني أستيقظ هكذا؟ ألم يتقدم مني 
طفل كان يحمل مراة فى يده؟1. 

«أي زرادشت ‏ خاطبنى الطفل قائلا ‏ أنظر إلى نفسك فى 
المرآة!». 1 1 
)١(‏ العنوان الأولي لهذا الفصلل» كما يرد في مخطوطة ,71 ,214 هو: «الفجر الثاني؟. 


(۲) الصيغة الأولى لهذه الجملة كما ترد في مخطوطة 7214.77: «مثل زارع يلقي بقبضة بذار 
ليختبر قوة المملكة الأرضية». 


لكئني عندما نظرت في المرآة صرخت وقد ارتج قلبي هلعاً؛ إذ لم 
ار نفسي هناك؛ بل ا انها لشطاة و ساكس 


0 إنني أفهم جيدا مغزى هذا الحلم وإشازتة المحدنة: 


مذهبي في خطرء والزؤان يباع حنطة! | 
لقد قويت شوكة أعدائي وشوهوا مذهبي حتى غدا على أحبابي أن 
يستحوا من الهبة التي وهبتهم . 
ضاع مني أصدقائيء والآن حانت ساعة البحث عن هؤلاء الذين 


1 ضعتهم !70 . 


ومع هذه الكلمات قفز زرادشت من مخدعهء لا كالخائف الذي 
يستجدي أنفاسه» بل مثل راء ومغنٌ انثالت عليه القريحة فجأة. 
مندهشيّن راح كل من نسره وحيّته ينظران إليه؛ إذ على صفحة وجهه 
كانت ترتسم هالة غبطة قادمة مثل التهاب الشفق فوق الأفق. 

ما الذي حدث لي يا حيوان نىّ! قال زرادشت يسأل نسره وحيّته. 
ألم أتغيّر؟ أا لم فط عل ااه سل عا 

هوجاء هي سعادتي وكلاما أهوج ستتكلم: إنها ما تزال غرّة ‏ 

فلتتحليا بالصبر تجاهها! 

مدمى ل آنا من جراء سعادتي: ليكن المتألمون جميعهم أطباء 
لي ! 


)١(‏ هذه الجملة فى صيا النهائية جاءت مكثفة للصبغة الأصلية ة التى توجد فى شذرات 
المسوذات: له واغراكي قل حاية إلى ممق يا هكد نحي للدرة 
الثانية . . . (انقطاع في الجملة). سأذهب للبحث عن أولتك الذين أضعتهم: وأريد أن 
أمنحهم أكثر (وأفضل) مما منحت في ما مضىء ا ال وأن 
أمنحهم في هذه المرة ما أمسكته عنهم (في هبتي الآولى) (في المر ة الأولى). . . لكن حبا 
اک يض أن اش ددا م داكا 


11۲ 


الآن يمكنني أن أنحدر إلى أصدقائي من جديدء. وإلى أعدائي 
أرعنا! لق هيدا نإاوكان زرادشت مهدا أن تهدت وان فة ران يعم 
أحبته بألطف عرابين 0 
53000 ملحدرة من قمم الجبال الصامتة ا الال تهدر 
روعي الآن فى الأوذية: 

لؤمين.طويل كنات احترق:شوفاء سارعا ينظريئ فى الأقاضى 
البعيدة. لزمن طويل كنت في الوحدة: هكذا نسيت فنّ الصمت. 

فماً ال فن أعالى الصو إلى 
الأودية أريد أن لقي بأحاديثي من هذه الأعالي. 

ولنفترض أن سيل محبتي سيهبط إلى موضع بلا منافذ! فأيّ نهر 
لن يكون بإمكانه أن يجد أخيرا طريقه إلى البحر! 

صحيح أن لي بحيرةً في داخليء منعزلة ومكتفية بذاتها؛ لكنّ سيل 
المحنة يجرفها معه في انحداره ‏ باتجاه البحر! 

على دروب جديدة أمضى ؛ كلام جديد ظط على شمتئ ؛ وككل 
المبدعين أراني مصابا بالملل من الألسنة العتيقة. وعقلي لم يعد يرغب 
في التنقل على نعلين مهترئين . 

بطيئة جدا تتراءى لي كل الخطابات ‏ سأقذف بنفسي فوق عربتك 


اأ 


ر 
بمثل صرخة أو هتاف غبطة أريد أن أعبر البحار البعيدة حتى أجد 
الجزر السعيدة حيث يقيم أصدقائى : وبينهم أعدائى أيضا! لكم أحبٌ 


11۳ 


الآن كل واحد أستطيع أن امعد اليه وأعدائي هم أيضا جزء من 
غبطتي . 

وعندما أريد أن أمتطى صهوة جوادي المتوحش» فإن حربتى تكون 
زننا اي اال كن ا إنيا رند ني اة دون 
لمساعدتها: 

الحربة التي أرمي بها أعدائي! لكم أنا مدين لأعدائي بأن غدا 
بإمكاني أخيرا أن أرمي بها! مشحونة حد الانفجار كانت سحابتي: 
ومن بين ضحكات البروق أريد أن أقذف بوابل من البَرّد إلى الأعماق. 

بعنف سيهتز صدري عندئذ» وبعنف ينفخ بإعصاره فوق الجبال: 
وهكذا يسورّى عنه. 

الحق أقول لكم» مثل إعصار تقبل سعادتي وحريتي! أما أعداتي 
فسيعتقدون أنه الخبيث يمضي عاصفا ساحقا فوق رؤوسهم. 

أجل» أنتم أيضا سيتملككم الرعب» يا أصدقائي» من جراء 
حكمتي المتوحشة؛ ولعلكم ستفرّون من أمامها برفقة أعدائي . 

آم لو أنني فقط أستطيع أن أستدرجكم من جديد بناي الرعاة! أ 
لو أن لبؤة حكمتي تتعلم كيف تزمجر بلين! ونحن قد تعلمنا الكثير 
معا فى ما مضى! 

لقد حبلث حكمتي المتوحشة فوق الجبال المنعزلةء وفوق 
االو عر اوداك كن دواو لها 

والآن هئ ذي تركهن متحمومة :مشعبلة عبر الصحارئ القاسية) 
تبعت و عن عدي رى شكس المدوحنة الحجورا 

فوق العشب الطريٌ لقلوبكم يا أصدقائي! ‏ على صدر محبّتكم 
ريك أن ترقد أعرّ الكائنات على قلبها . 

هكذا تكلم زرادشت. 


١0 


في الجزر السعيدة 


ثمار التين تقع من الأشجار؛ إنها طيّبة وحلوةء وفيما هي تقع 
تتمزق قشرتها الحمرا 

ريح الشمال أنا بالنسبة لثمار التين الناضجة . 

هكذاء مثل ثمار التين تنزل إليكم هذه التعاليم أيها الأصدقاء: 
لفرتكهو! إذا وعفها الجلز رلشيفيا اللديذة! فالخرفه مره سر لنا 
وصفاء السماء والعشتة. 

أنظروا أيّ ثراء من حولنا! وإنه لجميل أن د ينظر ينظر المرء ء من داخل 
هذا الزخم باتجاه البحار البعيدة . 

في ما مضى كان الإنسان يقول: اللهء عندما ينظر باتجاه البحار 
البعيدة؛ لكنني الآن أعلمكم أن تقولوا: الإنسان الأعلى. 

إن الله :افعراضن لكي اريك أن الا يدهي انتراضكم ابع من 

هل بإمكانكم أن تبدعوا إلها؟ ‏ دعوني إذاً من كل الآلهة! لكنه 
بإمكانكم فعلا أن تبدعوا الإنسان الأعلى! 

قد لا تستطيعون ذلك بأنفسكم يا إخوة تي! لكن بإمكانكم أن 
تجعلوا من أنفسكم آباء وأسلافا للإنسان الأعلى : وليكن ذلك أفضل 
صنيع تصنعون! - 


الله افتراض: لكنني أريد أن يكون افتراضكم في حدود ما يمكن 
أن يحيط به الفكر . 

هل يمكنكم الإحاطة بإله؟ ‏ لكنّ ذلك ساس 
الحقيقة ؛ أن يتحول كل شيء إلى مدرك TT‏ ي مر في بالعين 
البشرية ومحسوس بالحواس البشرية! عليكم أن تدفعوا ل 
5 2 1 
منتهى ما تدركه حواسكم! 

أما ذلك الذي كنتم تسمونه عالما فليكن من إبداعكم أنتم أولا: 
وليغدو فكركم وصورتكم وإرادتكم كلها شيئا واحدا دخلها والحق 
أقول لكم إن SS‏ الساعون إلى ال ةا 

ومن أين ا لكما ن تتحملوا الحياة من دول هذا الأملء أيها 
السالكون طريق المعرفة؟ لا في غير المدرّك ولا ف في اللامعقول ينبغي يلبغى 
أن يكون موطن ولادتكم. 

لكن» ولكي أبوح لكم بكل ما في قلبي أيها الأصدقاء: لو كانت 
هناك آلهة فكيف يمكنني أن أصبر على أن لا أكون إلها! إذاء ليس 
هناك من آلهة. 

لقد توصلت إلى استدراج النتيجة» لكن هاهي الآن تسحبني 
بدورها. - 

الله افتراض: لكن ترى من يستطيع أن يتجرع كل معاناة هذا 
الافتراض ذون أن يموت؟ هل ينبغى أن يحرم المبدع من إيمانه 
والصقر من التحليق في الأعالي المنذورة للصقور؟ 

إن الله فكرة تجعل كل مستقيم معوجاء وكل ما هو ثابت تجعله 
في حالة دوران. ماذا؟ الزمن يضمحل؟ وكل ما هو زائل باطل؟ 


111 


مثل هذا التفكير دوّامة وذوار يتعتعان هيكل الجسد البشري› 
دقان الأساء بالكان اشنا 


الحق أقول لكم» مرض الدوار أسمّي مثل هذا الافتراض. 


خبيثا ومعاد للإنسان أسمي هذا كله: كل هذه التعاليم التي تكرز 


كل خالد؛ إنما هو مجرد مثل لا غير! وإنّ الشعراء ليكذبون 


کا 


() هل أفلاطون هر الذي يتكلم هنا؟ ذلك الذي يعتبر الشعراء مصنفي خيالات وأباطيل 
وطردهم بموجب ذلك من جمهوريته؟ آم هو هوميروس ‏ وهو شاعر بدوره! : «إنهم 
ليكذبون كثيرا أرلئك المنشدون!1». . لا شىء سوى شاعر ؛ لا شىء سوى أحمق!» أليس 
هكذا ينعت نيتشه نفسه متنصلا من جدية الفلاسفة وجفاف الفلسفة التقليدية؟ لكن لنراجع 
ما كتبه عن الشعر والشعراء فى المعرفة المرحة؛ الكتاب الثانى » الشذرة ۸٤‏ (نكتفى هنا 
بإيراد بعض المقتطعات من هذا النص الذي يمكن مراجعته كاملا فى الكتاب المذكور): 
الأخلاقانية الغريزية ينتهون إلى هذا السؤال: إذا افترضنا أن المنفعية كانت تحظى عبر كل 
الأزمنة بما تحظى به أسمى الآلهة من إجلال» فمن أين أتى الشعر إلى العالم بكليته إذا؟ 
هذا الإيقاع الذي يدخل على الخطاب والذي يتعارض بالأحرى مع وضوح التواصل أكثر 
مما يدعمه» والذي ما فتئ ينمو في كل مكان من الأرض مثل سخرية في وجه كل غرضية 
نفعية! إن هذا الطيش الجميل المتوحش للشعر يناقضكم أيها التفعيّون! وإن إرادة التحرر 
من المنفعى بالذات. لهى التى سمت بالإنسان وألهمته الأخلاق والفن!» لكننى أجد الآن 
أنه علي أن أقول كلمة لصالح النفعيّين هنا فهم نادرا ما كانوا مصيبينء الأمر الذي يدفع 
إلى الشفقة عليهم! ‏ كلا لقد كان للناس في تلك الأزمنة البعيدة التي استدعت وجود 
الشعر عين على المنفعية» بل وعلى منفعة كبيرة جدا ‏ في ذلك الزمن الماضي عندما تم 
ويدعو إلى انتقاء العبارات ويصبغ الأفكار بألوان جديدة» ويجعلها أكثر غموضاء وأكثر 
غرابة وأكثر بعدا: نفعيّةٌ اعتقاد خرافي دون شك! كان المرء يطمع في استخدام الإيقاع 
لممارسة تأثير أعمق على الآلهة وجعلها أكثر تقبلا لمطالب بشريّة ماء وذلك بعد أن= 


11¥ 


لكنَ أفضل الأمثال ينيغى أن 0 الذي يتحدث عن الزمن 


والمضيين ديا 00 للعاير ب NET‏ ير 


(1) 


الخلق ‏ إنه الخلاص الأكبر من الألمء وما يجعل الحياة تصير 


<لاحظ المرء بأن الإنسان يحتفظ في ذاكرته ببيت من الشعر بأكثر سهولة مما يحتفظ بكلام 
منثور؛ كما كان المرء يعتقد أنه عن طريق الوزن الإيقاعي يكون بإمكانه إيصال صوته إلى 
حدود مسافات نائية جدا؛ فالصلاة الموقعة كانت تبدو أقرب إلى بلوغ أذن الآلهة 
(....). كان الإنسان يحاول إذاً أن يخضعها (الآلهة) بواسطة الإيقاع: وأن يمارس 
سلطته عليها: كان ال يقذف بالشعر نحوها كما يُقذف بأنشوطة سحرية لتطويقها. 


(...) كل الطقوس الشبقية اخد ادي ولت رع السام eS E‏ 
واحدة وتحويلها إلى ل ت > كي تشعر الآلهة بنفسها بعدها أكثر حرية وأكثر هدوء 
وتدع الإنسان وشأنه. (...) وليس في مجال الأناشيد الطقوسية فحسب. بل وفي 
الآغانٍ ی ذات الطايع لقتو نة ار ر أيضا يو جد افتراض بان الإيقاع يمار رس طاقة 


و ااا در عجار ا السقاية أو التجديف في البحار (. ..) وحيثما 
كان على الإنسان أن يؤدي عملا کان لديه موجب للغناء - کل عمل يؤديه ا 
مقترنا بمساعدة الأرواح: التراتيل السحرية والتعازيم تبدو الشكل البدائي الأول للشعر 
(...)- وبعد تأمل ومساءلة المسألة فى مجملها: فهل كان هناك شىء أكثر نفعيّة من 
الإيقاج بالنسبة لذلك الصنف الخرافي القديم من الإنسانية؟ (. . .) من و البيت الشعري 
كان الإنسان لا شيء. وبالبيت الشعري غدا إلها تقريبا. إن مثل هذا الإحساس الأساسي 
لم يعد قابلا للاستتصال ‏ والآن أيضاء وبعد عمل جهود آلاف السئين لمحاربة مثل هذه 
المعتقدات الخرافية فإن أحكم الحكماء من بيننا يغدو بين الحين والحين ملبوسا بحمق 
الإيقاع, Cab‏ ء إلا لأنه يحسن بأن الفكرة أكثر صحة عندما ترد في شكل و 
وتنجلى فى هبأة قفزات قدسيّة. أليس هذا بالأمر الطريف أن أكثر الفلاسفة جديةء وأيًا 
كانت الصرامة التي يبدونها تجاه كل ما يتعلق باليقين» ما زالوا يلجأون إلى الكلام الشعري 
من أجل إضفاء طاقة ومصداقية على أفكارهم؟ ‏ مع أنه من الأخطر على حقيقة ما أن 
يمنحها شاعر موافقته من أن يناقضها! إذ وكما يقول هوميروس: «إنهم ليكذبون كثيرا 
أولثك المنشدون!». 

كأنها إجابة على الأبيات الأخيرة التي اخثتم بها فاوست غوتة. «كل ما هو عابر/ ليس 
موى مثل./ كل منقوص/ يغدو هنا حدثا؛ وما لا يوصف. يغدو هنا منجزا./ الأنئى 
الخالدة تشدنا وتجذيتا) . 


1١14 


لاما 


س 


حفيمة. لكن كى يكون المبدع ميدعاء فذلك يتطلب بدوره 
وتحولات كثيرة. 

أجلء لا بد أن يكون في حياتكم الكثير من مرارة الموت» أيها 
المبدعون! هكذا تكونوا المدافعين عن كل ما هو عابرء ومبرريه! 

أن يكون المبدع هو الطفل الذي سيولد تواء فذلك يتطلب منه أن 
يرغب في أن يكون الأم التي تلد وأوجاع الولادة أيضاً. 

الحىّ أقول لكم» عبر مائة روح مضيت في طريقي» وعبر مائة 
مهد ووجع ولادة. وقد 'غعشت فى الأثتاء بعض لحظات وداء» وأنا 
غا تلك النتاعاف الأحيرة المن: يست الها ا 

لكن :ذلك هو اما تريد إزادتى الميدعة قدري. أو کی اکل 
بأكثر صدق: هذا القدرّ بالذات - تريد إرادتي . 

كل أحاسيسي تتألم وتشعر بنفسها سجينة؛ لكنّ إرادتي تظل تأتيني 
على الدوام مخلصا ورسول مسرّة . 

الآرادة سور ذلك تقو a GRANE BE‏ 
يعلمكم زرادشت. 
عي مثل هذا الإعياء الأكبر! 

في السعي إلى المعرفة أيضاً لا أشعر إلا بلذَّة إرادة الإنجاب 


)١(‏ في شذرات المسودات تحت رقم .2,126 21 / (كما ترد في هوامش وتعليقات موئنتي 
وكولليناري على المجلد الرابع من الأعمال الكاملة)ء نقرأ: «الخلق خلاص من الألم. 
لکن الألم أمر ضروري للمبدع . أن يتألم المرء يعنى أن يتحوّل» وفى كل ولادة هناك 
موت. لا ينبغي على المرء أن يكون الوليد فقط» بل الوالدة أيضا: مثله مثل المبدع». 


11۹ 


والتحوّل؛ وإذا ما كانت هناك براءة ما في أحكامي فإتّما يحصل ذلك 
لأنها تحمل في صلبها إرادة الإنجاب. 

بیدا عن اللهء وعن كل الآلهة ساقتني هذه الإرادة؛ وما الذي كان 
يمكننا أن نبدع لو كانت هنالك آلهة؟ 

لكئها تظل تسوقني مجدداً إلى البشرء إرادة الإبداع هذهء كما 
المطرقة وما متدفعة باتجاة :الجر 

إيه يا معشر البشرء في الحجر يرقد لي تمثال؛ صورة الصور! آه. 
أن يكون عليه أن يرقد في أكثر الحجارة صلابة وقبحاً! 

والآن هي ذي مطرقتي تضرب بحنق على جدار سجنه. ومن 
الحجارة تتطاير الشظايا تراباً: ما الذي يهِمّني في ذلك”*! 

علي أن أنهي التمثال» ذلك أنْ طيفاً جاء إليَ؛ أكثر الأشياء سكوناً 
وخفة جاء إليَ ذات مرّة! 

الطلعة البهيّة للإنسان الأعلى أطلت على في هيأة طيف: ما لي 
والآلهة إذا؟ . . . 

هكذا تكلم زرادشت 


)١(‏ في الكنّشات: 80 ,3 ۷١‏ × يكتب نيتشه: "كل إبداع هو إعادة إبداع ‏ وحيثما تعمل أياد 
مبدعة يكون هناك الكثير من الموت والدمار./ وهذا أيضا ليس سوى فعل موت وتشظي: 
باذ قفة رععريث التقات عن اموس كن ای الصورة ا عر قن ئن ال ا 
عليه أن يكون بلا شفقة : لذلك (عليكم) علينا حميعا أن نتألم ونموت ونتحول إلى غبار . 


١/٠ 


عن أهل الشفقة 


هناك حديث ساخرء أيها الأصدقاء قد تناهى إلى مسامع 
صديقكم : «أنظروا زرادشت! ألا ترونه كيف يمشي بيننا كما لو كان 
يمضي بين بهائم؟“. 

لكن من الأفضل أن يقال: «بين بني الإنسان يمضي العارف مضيّه 
بين البهائم . 

والإنسان يعني لدى العارف الحيوان ذا الوجنتين الجمراوين. 

كيف حدث له هذا؟ أليس لكثرة ما كان عليه أن يشعر بالخجل؟ 

آه يا أصدقائي! هكذا يتكلم العارف: خجلٌء خجلُ. خجل ‏ ذلك 
هو تاريخ البشرية! 

لذلك آلى النبيل على نفسه أن لا يُشعر أحدا بالخجل: إنه يلرم 
نفسه بمراعاة الحياء أمام كل من يتألم. 

الحق أقول لكم. إنني لا أحبّهم أولئك الرحيمين المغمورين غبطة 
داخل شفقتهم: إنهم يفتقرون افتقارا بالغا إلى الحياء . 

وإذا ما حدث لي أن أكون شفوقا فإنني أحرص على اوت 
بذلك؛ وإذا ما كنت كذلك فمن الأفضل أن يكون ذلك عن بعد: 

وإني لأحبذ أن أحجب وجهي وأفر قبل أن يتعرّف أحد علئ: 
وكذا أدعوكم أن تفعلوا أيها الأصدقاء! 


1۷۱1 


ليكن لعدري أن الا وضع فن طريقى درقا سوئ المجائيينق من 
الألم» مثلكم أنتمء وأولئك الذين يحق لي أن أقاسمهم الأمل والمأدبة 
و العا 


ل 

الحق أقول لكم لقد قمت بهذا العمل أو ذاك من أجل المتألمين؛ 
لكن كان يبدو لي دوما أنه كان أجدر بي وأولى أن أتعلم كيف أفرح 
بطريقة أفضل . 

فمنذ أن كان هناك بشر على وجه الأرض لم يكن للإنسان أن 
يفرح إلا لماما: تلك هي خطيئتنا الأولى الوحيدة يا إخوتي! 

وكلما تعلمنا كيف نفرح أكثر إلا ونسينا أكثر كيف نؤلم وكيف 
نبتدع ضروبا من إيلام الآخرين. 

لذلك أغسل يدي التي أعانت المتألم» :ولذلك أنقي روحي أيغنا 
من ذلك الصنيع . 

ذلك أنني لما رأيت المتألم يتألم خجلت من أجل حيائه؛ أما 
عندما قدمت له يد المعونة فقد طعنته بعنف في كبريائه . 

إن أعمال الفضل الكبيرة لا تولد الاعتراف بالجميل» بل التعطش 
إلى الانتقام؛ وأبسط أعمال الإحسان إذا لم يُنْسٌ يتحول إلى دودة 
قارضة . 

لتكونوا جفاةً وأنتم تتسلمون! وليكن تسلمكم تكريما للواهب إذ 
تتسلمون منه ‏ هكذا أنصح أولئك الذين ليس لديهم ما يهبون. 

إلا أنني واهب: بكل سرور أهب للأصدقاء كصديق. أما الغرباء 
والمعوزون فعليهم أن يقطفوا الثمار بأيديهم من شجرتي: إن في ذلك 
أقل مهانة . 


Y۲ 


أما الشحاذون فينبغي أن يضمحلوا كليا! حقا إن الإنسان ينزعج إذا 
ا ا A‏ 

وكذلك هو الأمر مع أصحاب الخطايا والضمائر القلقة. صدقوني 
يا أصدقائي : إِنْ لسعات تأنيب الضمير تدريب على العض . 

لكن أسوأ من كل هذا هي الأفكار الحقيرة. حقا أقول لكم إنه 
لأفضل أن يعمل الواحد شرا من أن يفكر بحقارة! 

أكيد أنكم تقولون: إن متعة الشرور الصغيرة توفر علينا بعض 
أعمال شر كبيرة». لكن» في هذا المجال لا ينبغي أن يريد المرء 


و 


مثل قرحة هو عمل الشرّ: يحك ويأكل ثم ينفلق ‏ إنه يتكلم 
بصدق . 

«أنظرء إنني مرض» ‏ هكذا يتكلم عمل الشرّ؛ وذلك هو صدقه. 

لکن .الفكرة المحقيزة فل الفطر : تلل وتتدسن ولا تريت أن :تكؤن 
في مكان بعينه ‏ إلى أن يغدو الجسد كله متاكلا ذابلا تحت ما لا 
يحصى من المُطر الصغيرة. 

أا من كان مسكونا بشيطان فإنى أعسن له بهدذة الكلمة :© «أولى 
ناك وأجدر أن عى تدز شيظانك! اڭ أنت أيضا ما تزال هناك 
بعد طريق إلى العظمة!» - 


آه يا إخوتي» إن الواحد يعرف عن الجميع أكثر مما ينبغي! وهناك 
من غدا شفافا بالنسبة لناء لكننا مع ذلك أبعد عن أن نكون قادرين 
لے أن دمتعن :اغ 

صعب هو العيش بين البشرء لأن الصمت صعب: 


١و‎ 


وحن لما اکر كا تامام اه ا ل تجاه من" لا يعنينا 
أمره ندا 

لكن» إذا كان لك صديق يتألم فلتكن ملجأ استراحة لألمه» على 
أن تكون في الوقت نفسه سريرا خشنا؛ سرير معسكر؛ هكذا يتم لك 
أن تساعده على أفضل وجه. 

وإذا ما أساء إليك صديق فليكن قولك هكذا: إنني أغفر لك ما 
فعلته معي. لكن كيف لي أن أغفر لك هذا الذي فعلته بنفسك؟ 

هكذا تتكلم كل محبة كبرى: إنها تتغلب حتى على المغفرة وعلى 
TT‏ 

على المرء أن يمسك بعنان قلبه؛ لأنه إذا ما أطلقه فإنه سرعان ما 

أ أين وُحِدتٌ في العالم كله حماقات عجر مما وجحد لدى 
المشفقين؟ وأي أمر أحدث أكثر آلاما في العالم من حماقات 
e‏ 
o.‏ إ۱ 

ها اط العيطان داكا رة ارت أنضا جي اها مح 
للبشر». 

ومؤخرا سمعته يقول لي هذا الكلام: (إِنْ الله قد مات؛ من جراء 
محبته للبشر مات الله». 

دروا ام ا5 من هفاك أرق سات اة فاه على الا 
حقا أقول لكم إن لي دراية بعلامات تقلب الأجواء! 


VE 


ل اليل لس ا ع 1 
٠ 5 3‏ تمد أن تخلقه! 
شفقتها الخاصة؛ إذ محبوبها هو من ترد | 50 
| زه 3 م > وقريبى أيضا معى). - 1 
«إنني أهب نفسي لمحبتي» وقريبي : 
كلام كل المبدعين. 
هكذا تكلم زرادشت. 


Vo 


عن الفساوسة 


ذات يوم أوماً زرادشت لتلامذته وخاطبهم بهذه الكلمات: 

الأرأيتم هؤلاء القساوسة؛ لتمروا بصمت من أمامهم ولا تستلوا 
السيوف وإن كانوا أعداء لي!». 

من بين هؤلاء أيضا هناك أبطال؛ العديد منهم فد 'تألهوا كتيرااك 
لكو أن يتألم لاون اش 

أعداء ألذاء هم: لا شيء يتعطش للانتقام مثل خضوعهم. وكا 
من يهاجمهم فرعا ما در مدنا 

لكنَ لدمي قرابة مع دمهم؛ وإني لأريد أن يظل دمي مكرما حتى 
داخل دمهم؟ . 

وبعد أن مرّ جمع القساوسة استولى على زرادشت إحساس أليم» 
لكنه لم يقض سوى لحظات قليلة في مقاومة ألمهء وإذا هو يشرع في 
الكلام مجددا : 

يؤلمني حال هؤلاء القساوسة» وأشمئز منهم أيضاً؛ إلا أن ذلك 
غدا أمرا هيّنا بالنسبة لي منذ أن وجدتني بين البشر. 

ومع ذلك تألمت وأتألم لحالهم: سجناء هم بالنسبة لي يحملون 
وسومهم على جلودهم. وذاك الذي ببح O‏ ن جعلهم مصفدين 
في القيود : 


V1 


في قيود القيم الكاذبة وأحاديث الأوهام! آه. ليتهم يجدون من 
يخلصهم من مخلصهم! 

لفد خيّل إليهم في ما مضى أنهم أرسوا فوق جزيرة حين كانت 
تتقاذفهم أمواج البحر؛ وإذا هو غول نائ “! 

القيم الكاذبة وأحاديث الأوهام: تلك هي أشرس الغيلان بالنسبة 
للفانين» - في جوفها يرقد الهلاك وينتظر متربصا. 

لكنه يستيقظ أخيرا في يوم ما وينهض ويفترس ويبتلع كل من بنى 
له كوا فرق دة 

أوء أنظروا تلك الأكواخ التي بناها القساوسة لأنفسهم"! كنائس 
يسمون مغاورهم تلك التي تعبق بروائح البخور. 

أوه» ذلك النور المزيّف. وذلك الهواء العطن! هنا حيث لا ينبغي 
للروح أن تطير - نحو أعاليها! 

بل هكذا يملي معتقدها: «زحفا على الركبتين اصعدو السلم أيها 
الخاطئون !96" , 


)١(‏ لعلها إحالة على ما يرد في ألف ليلة من قصص السندباد وما توهم هو وأصحابه أنه جزيرة 
وإذا هو حوت هائل الجثة نائم قد نبت العشب فوق ظهره مما يجعل الناظر إليه ‏ أو الطامع 
في النجاة ‏ يتخيل أنه جزيرة . 

(؟) متّى؛ الاصحاح ٤/۱۷‏ : «فجعل بطرس يقول ليسوع يا ربّ جيّد أن نكون هنا. فإن شئت 
نصنع هنا ثلاث مظالء لك واحدة ولموسى واحدة ولإيليا واحدة". مع الملاحظة أن 
عبارة «مظلة» ترد في الترجمة الألمانية للإنجيل «كوخا»؛ أي: «إن شئت نصنع ثلاثة 
او ْ 

(9) أنظر رسالة نيتشه إلى صديقه عالم اللاهوت فرانس أوفربك بتاريخ ۲۲ مايو ۱۸۳۳ من 
روما: «. . . والبارحة قد رأيت بعينى أناسا يتسلقون السلم المقدس la sancta scala‏ زحما 
على الركبتين!". 


يفلا 


الحق أقول لكمء إني لأفضّل النظر إلى الفاجر على مشهد الأعين 
المنكسرة لخجلهم وخشوعهم. 

من الذي ابتدع هذه الكهوف وسلالم التوبة؟ أليس أولئك الذين 
كانوا يدون السثر :والذية كارا يخجلوة من اظ اليتمك الضافة؟ 

فقط عندما يلوح وجه السماء الصافية من خلال السقوف 
المتداعية ويلقي نظره على الأعشاب وأزهار الشقائق الحمراء الطالعة 
من خرائب تلك الجدران ‏ عندها فقط سأميل بقلبي إلى مطرح هذا 
الإله. ْ 

ذلك الذي ناقضهم وجعلهم يتألمون هو الذي سموه إلها؛ والحق 
أقول لكمء لقد كان هناك الكثير من شيم البطولة في عبادتهم! 

ثم لم يروا من طريقة أخرى لإبداء محبّتهم لإلههم غير أن يسمّروا 
انان على" العتليت! 

جثثا ارتأوا لأنفسهم أن يحيواء وسوادا أسدلوا على جئثهم؛ وإني 
لأشتم الرائحة الكريهة لغرف الموتى حتى في خطاباتهم . 

من يقيم بالقرب منهم يكون كالمقيم إلى جوار برك كدرة تتصاعد 
منها النغمات المعسولة لتراتيل الضفدع الكئيبة . 

أغان أفضل لا بد أن يغتوا لي كي أتعلم الإيمان بمخلصهمء وأكثر 
طمأنينة لا بد أن يتراءى لي تلامذته. 

عراة أريد أن آراهم: ذلك أن الجمال وحده هو الذي يحق له أن 
يكرز للتوبة. إذ من ترى سيمكن إقناعه بهذه الكابة المقئعة! 

الحق أقول لكم إن مخلصيهم أنفسهم ليسوا قادمين من فضاء 


١/4 


e 6010 0‏ 
فوق بساط المعرقة! 

من فجواتٍ قد لَفْقَ عقل هؤلاء المخلصين؛ لكنهم في كل فجوة 
وضعوا فكرتهم الوهميةء سداد فجواتهم ذلك الذي سموه إلها. 

في شفقتهم غرق عقلهم» وكلما انتفخوا وفاضوا يشفقتهم طفت 

بحماس متوقد كانوا يقودون تطعا على رهم زاین كه لو 
أنه ليس هناك سوى درب واحد يقود إلى المستقبل! الحقّ أقول لكمء 
إن هؤلاء الرعاة هم أيضا من فصيلة الخرفان. 

ذوو عقول ل صعيرة وصدور رحبه ه كان هؤلاء الرعاة؛ لكنْ موطنًا 
ضيقاء واي ضيق يا إخوتيء كانت أكثر الصدور رحابة! 

آثارا من دم كانوا يخطون على الدرب التي يسلكونهاء وكانت 

لكن الدم أسوأ شاهد على الحقيقة؛ إن الدم يسم أنقى التعاليم 

وعندما يلقى الواحد بنفسه في النار من أجل مذهبه ‏ أي شيء 
يعلى هذا الصنيع! |! لخن أقول لك إنه لأفضل أن يكون لهك 


الخاص هو معي 00077 


بلك في المسود دات 213.230 نقراً : اء لكم يؤلمني منظر هو لاء (القساوسة) | الا ری هؤلاء 
الذين لم يكتب لهم الخلااص! مقارنه بهم (آنا أحيا) يحيا زرادشت في السماء السابعة 
للحرية!؟. 

(۲) يتناول نيتشه هذه المسألة بأكثر تفصيل في الفقرة 57 من كتاب المسيح الدجال. 
اقتطع منها الجمل الثللاثة الأخيرة : إن الفكرة القائلة بأن الشهادة (الاستشهاد) يمكن أن- 2 


1۷۹ 


قل مثقل بحرارة ورطوبة خانقةء وعقل باردٌ: حيثما اجتمع هذان 
الأمران» فهناك يكون منشأ الريح الهادرة: «المخلّص»! 


وفي الحقيقة هناك من هم أعظم منزلة وأسمى منبتاً من أولئك الذين 
يدعوهم الشعب مخلصين ؛ تلك الرياح الهادرة التي تدوّخ العقول. 


-تقيم الدليل على صحة قضية ما أمر خاطئ بما يجعلني أريد أن أفتد وأنكر أن يكون 
لشهيد في يوم ما أية علاقة بالحقيقة. وإن النبرة التي يلقي بها الشهيد بحقيقته اليقينية في 
وجه العالم لتعبّر في حد ذاتها عن مدى المستوى المتدني لنزاهته الفكرية وتحجرا أقصى 
في ما يتعلق ب #الحقيقة؟ بما يجعل الشهيد لا يحتاج إلى أي إنكار وتفنيد. (. . .) واقعات 
موت الشهادة كانت أكبر كارثة عرفها التاريخ : لقد أغوت.  .‏ كل السخفاء» بما في ذلك 
المرأة وجمهور الشعب» واستدرجتهم إلى الاستنتاج بأن قضية يلقى امرؤ بنفسه من أجلها 
إلى الموت (أو ينجم عنها انتشار موجة من الموت الطوعي كما حدث في المسيحية 
المبكرة) لا بد أن تكون قضيّة تحمل ما تحمل من الأهمية ‏ مثل هذا الاستنتاج قد تحول 
بصفة لا تصدق إلى قيد يكبل طاقة الاختبار والعقل الممحص والحذر الذهنى . إن الشهداء 
قد أضروا بالحقيقة. . . واليوم أيضا يكفي أن تكون هناك قسوة في الملاحقة كي يضفى 
إسم الشرف والرفعة على فكرة طائفية تافهة في حد ذاتها. ‏ ماذا؟ أيحصل تغير شيء في 
قيمة قضية ما لمجرد أن واحدا قد ألقى بحياته إلى التهلكة من أجلها؟ ‏ إن خطأ يُصبغ عليه 
لقب الشرف هو خطأ قد غدا ينطوي على مزيد من جادذبية الإغراء : أتعتقدون أيها السادة 
القساوسة أننا سنمنحكم فرصة لتجعلوا أنفسكم شهداء لأكاذييكم؟. . . ذلك بالضبط هو 
ما كان الغباء التاريخي لكل المضطهدين (بالكسر)» أن منحوا قضية منافسيهم مظهر 
الشرف. وأن قدموا لهم هدية الطابع الخلاب للشهادة. . . إن النساء ما زلن يجثون على 
ركبتيهن أمام خطأ لأنه قيل لهن أن أحدا قد مات على الصليب من أجل ذلك. فهل 
الصليب حجة إذا؟ ‏ لكن هناك واحد فقط قد قال في شأن هذه الأشياء كلها الكلمة التي 
ظل يُحتاج إليها منذ آلاف السنين ؛ إنه زرادشت: 

«علامات بالدم كانوا يخطون على الدرب التي يسلكونهاء وكانت تعاليم حمقهم تقول إنما 
بالدم يتم اا الحقيقة . 

لكن الدم أسوأ شاهد على الحقيقة ؛ إن الدم يسمّم أنقى التعاليم ويجعل منها جنونا وحقدا 
يعمّران القلوب. 

وعندما يلقى الواحد بنفسه في لهب النار من أجل مذهبه ‏ أي شيء يعني هذا الصنيع! 
الحق أقول لك. إنه لأفضل أن يكون لهبك الخاص هو منبع مذهبك!». 


1۸۹ 


عليكم أن تخلصوا أنفسكم من أكبر مخلص من بين المخلصين 
جميعا يا إخوتي. إذا ما أردتم أن تجدوا طريقكم إلى الحرية! 

اكالم کو اهعاق ینعی عار رافق کا من الإنسان 
العظيم والإنسان الحقير: 

متشابهيّن جدا أراهما. والحق أقول لكمء حتى أعظم الناس قد بدا 
لي - مفرطا في الإنسانيّة ! 


هكذا تكلم زرادشت. 


1۸۱ 


عن الفضلاء 


زوا وصواعق يجب أن يتكلم المرء إلئ الحواس المرتخية 


النائمة . 

لكنّ صوت الجمال همسا يتكلم: إنه لا يتسلل إلا إلى الأرواح 
النفظة: 

بهدوء ارتعش درعي اليوم وهو يضحك لي: إنها ارتعاشة الحمال 

جمالي يضحك منكم اليوم أيها الفضلاء» وقد تناهى لي صوته 
قائلا: «ويريدون أيضا ‏ أن يُدقع لهم أجر!». 
فضيلتكم وسماءً مقابل الأرض. وخلوداً مقابل يومكم هذا؟ 

وها أنتم تسخطون علي الآن لأنني أعلم أن لا محاسب ولا مورّع 
أجور هناك؟ والحقّ أقول لكم إنني لا أعلم حتى بأن للفضيلة جزاء 
فى ذاتها. 

أواهء هذا هو الذي يحزننى: فى عمق الأشياء دست أكذوبة الأجر 
والعقاب ‏ والآن هي ذي تندس أيضا في عمق أرواحكم أيها الفضلاء! 

لکن لمكن كلمتي مثل خطم الخنزير الوحشي› تقوّض قاع 
أرواحكم؛ سكة محراث أريد لكم. 


1A۲ 


ولتُطرخ كل خفايا دخيلتكم خارجاً في الضوء؛ وعندما تنطرحون 
تحت الشمس تربة مقلوبة مفتتةء عندها فصل أكاذيبكم عن حقيقتكم . 

إذ هذه هي حقيقتكم: أنتم أكثر نقاءَ من أن تتلوّثوا بقذارة هذه 
الكلمات: انتقام» عقاب» جزاءء ثأر. 

حر مراك مو اعبات متي سوك باج جحي اجر 
عل ا 

فضيلتكم هي نفسّكم وأغلى ما في نفسكم. ظمأ الدائرة هو الذي 
يسكن في داخلكم؛ إذ كل دائرة تلف وتدور حول نفسها متطلعة إلى 
الالتحاق بذاتها. 

ومثل الكوكب الذي ينطفئ» هكذا هو كل عمل من أعمال 
فضيلتكم : أشعته الضوئية تظل ماضية في طريقها دوما ومتنقلة - لكن. 
متى ستتوقف عن التنقل؟ 

هكذا إذاً يظل نور فضيلتكم متنقلا حتى بعد أن يكون العمل قد 
أنجز وانتهى. وحتى إذا ما غدا الآن منسيا ميتاء فإن نوره يظل حيا 
ولا يتوقف عن التنقل . 

أن تكون فضيلتكم هي ذاتكم وليست عنصرا غريباء قشرة ولحافا: 
تلك هي الحقيقة الكامنة في أعماق روحكمء أيها الفضلاء! - 

لكن هناك أيضا أولئك الذين لا تعدو فضيلتهم كونها تشنّجا تحت 
لذع السياط : ولكم سمعتم من صرخات هذه الفضيلة! 


)١(‏ بنفس الكلمات تقريبا يعبر المتصوفة عن رؤيتهم للمحبة الإلهة . رابعة العدوية مثلا وهي 
أول من تكلم في «المحبة؛ تدعو إلى عبادة مجردة من انتظارات الأجر والعقاب؛ الأجر 
والعقاب. إلجنة والنار حجابان. وأبو يزيد البسطامى الذي يقول متكلما على لسان الله : 
كل الناس يحبونني ابتغاء اجر ينتظرونه مني إلا ابا يزيد فإنه يحبني لنفسي . 


AY 


حقدهم وحسدهم تمل دين أعضاءهما تستفيق «عدالتهم» وتفرك عينيها 

وآخرون يجدون أنفسهم منجذبين إلى الأسفل؛ شياطينهم هي التي 
تجذبهمء لكنهم كلما انحدروا أكثر باتجاه القاع إلا وازداد لمعان 
أعينهم التهابا وتأججت لهفتهم على إلههم. 
أكنهء فذلك هو الله والفضيلة بالنسبة لى!». 

وهناك آخرون تراهم يتقدمون بخطى ثقيلة مصرّين مثل عربات 
محملة بالحجارة تنزل منحدرا: هؤلاء يتكلمون كثيرا عن الكرامة 
والفضيلة؛ - فرامل دواليبهم يدعون الفضيلة! 

وهناك آخرون أشبه بساعات معذلة؛ تدق دقاتها وتريد أن يدعو 
الاش يكتكدها اتلك د اففئيلة : 

الحقَّ أقول لكم إنني أجد تسلية في هؤلاء: وحيثما وجدت مثل 
فده الاعات اعدا يش فى 4 ول و ا اا ا 

آخرون يشعرون بالفخر لنزر قليل من عدالة لديهم يقترفون بسببه 
ضروبا من الشنائع في حق الأشياء كلهاء إلى أن يغرق العالم بكليته 
ببدالمهم 

لكم هي مقرفة عبارة «فضيلة» وهي تسري على أفواههم! وعندما 
يقول أحدهم: «أنا عادل». فإن لكلمته تلك دوما وقع: «اقتصصتٌ 


2 5 


(*) تلاعب بالكلمات: ٤1ءereِع‏ (عادل) وا ة۲مع (قد تحمّق انتقامى» أو انتقمت لنفسى) , = 


1A4 


بفضيلتهم يريدون أن يفقؤوا عينيْ عدوهم؛ وهم لا ينهضون إلا 
لكي يحطوا من منزلة غيرهم . 

وهناك أيضا أولعك الذين يقبعون في مستنقعهم ويتكلمون من 
خلال قصبة: «الفضيلة ‏ أن تجلس ساكنا داخل المستنقع . 

إننا لا نعض أحدا ونبتعد عن طريق من له رغبة فى أن يعض ؛ 
وفى كل أمر لنا الرأي الذي أعطى لنا». 

وهناك أيضا أولئك الذين يحبّون الحركات ويفكرون: إن الفضيلة 


تراهم جاثين على ركبهم متعبدين وأيديهم تتحرك بالتسبيح 
للفضيلة» وليس في قلوبهم من إدراك لشيء من ذلك . 

وهناك أيضا أولئك الذين يعتقدون أن الفضيلة في قولهم: «إن 
الفضيلة أمر ضروري»ء لكن في أعماقهم لا يعتقدون إلا في أن 
الشرطة ضرورية. 

وبعضهم ممن لا يستطيع أن يرى السمو الذي في الإنسان» يسمي 
فضيلة أن ينظر عن قرب إلى كل ما هو خسيس فيه: وهكذا يسمي 
وا ف 


-وقد تعذر علينا نقلها في هذه الصيغة المحبذة لدى نيتشه» والتي يبدو واضحا أنه لا 
يستعملها لمجرد تلاعب بالألفاظ فقط. بل يشير من خلالها إلى مدى ما تنطوي عليه اللغة 
من طاقات على المكر والمخاتلة والخداع وما تتستر عليه من قدرات على الفضح تعادل 
قدرتها على التعتيم. هكذا يتحول القارئ بموجب هذه اللعبة لا إلى مستهلك لمعان مئتاة 
على سطح النص» بل إلى فكاك ألغاز ‏ وألغام. 

)١(‏ أنظر فى ما وراء الخير والشر؛ الشذرة :۲۷١‏ «من لا يريد أن يرى سمو إنسان ماء ينظر 
بين ثاقبة أكثر يضقا ها عر متسيس ومتطخن فيه اويفضح سه فن الآن تقبيدة 


1A0 


ذلك فضيلة» بينما آخرون يريدون أن يروا أنفسهم مقوّضين مهذمين ‏ 
ويداغون ذلك ايها فضملة: 

على هذا النحو يعتقد كل واحد تقريبا أن له من الفضيلة قسط؛ 
وكل واحد يدعى على الأقل أنه على دراية ب«الخير» وب«الشر». 

لكن زرادشت لم يأت ليقول لكل هؤلاء الكذبة والمهرجين 
المغملين: «ماذا تعرفون عن الفضيلة؟ وما الذي يمكنكم أن تعرفوا عن 
الفضيلة؟). 

بل ليجعلكم تملون الكلمات القديمة التي تعلمتموها من المهرجين 
العا والكذية أيه الا مقا 

لا عبارات: «جزاء» و«قصاص» و«عقاب» و«الانتقام الذي في 
العدالة». 

لتملوا قول: «إن ما يجعل عملا ما جيدا هو كونه مجانيا غيرانيا». 

آم أيها الأصدقاء. أن تكون ذاتكم في العمل الذي تعملون كما 
الأمْ تكون في الولد: لتكن تلك هي كلمتكم عن الفضيلة! 

حقاء لقد سلبتكم مائة كلمة واللعبة المحتّبة لفضيلتكم؛ وها أنتم 
حانقون علي الآن حنق أطفال افكت منهم لعبتهم . 

أطفال كانوا يلعبون على الشاطئ» وها موجة تآتي وتنتزع لعبتهم 
لتقذف بها إلى الأعماق: إنهم يبكون الآنء لكن الموجة ذاتها ستأتي 
محملة ا جديدة وأصدافا ملونة تقذف بها أمامهم! 


كا 


هكذا يجدون سلوانا لهم؛ ومثلهم ينبغي لكم أن تجدوا عزاءكم 
أيها الأصدقاءء وأصدافا ملونة جديدة! _ 


\AY 


عن الرعاع 


إن الحياة نبع مسرّة؛ لكن حيثما يكرع الرعاع تتسمم كل الآبار”' 


إننى صديق لكل ما هو نقيّ ؛ لكئني لا أحب الأشداق المكشّرة 
ولهفة النجسين . 


لقد ألقوا بنظراتهم في قاع البئر؛ وهاهي ابتسامتهم الكريهة تبرق 
منعكسة على صفحة الماء. 


)١(‏ مسائل العزلة وحب النقاوة والابتعاد عن الرعاع يشرحها نيتشه في كتاب هذا هو الإنسان؛ 
فصل «لِم أنا على هذا القدر من الحكمة»» الفقرة ۸: «هل يمكنني ان أجرؤ على ذكر 
عنصر أخير من ملامح طيعتي ؛ تلك التي جلبت لي صعوبات ليست بالهيّنة في علاقاتي 
مع الناس؟ إن غريزة النقاوة لدي تتمتع بحساسية مرهفة رهيبة تجعلني أدركك فزيولوجيا 
قرب _ ماذا أقول؟ ‏ بل الأعماق الحميمية والأحشاء الدفينة لكل نفس ؛ أشتمّها. . . إننى 
اسع وای رارغ علق الذوام» نشل ماه فی فياه ضاف وی أى غتضر عامل قاف 
ولامع الصفاءء كما تعوّدت دوما ‏ إن نقاوة مطلقة من حولي لهي شرط حياتي بالنسبة 
لوجودي؛ آنا أهلك داخل شروط وجود غير نقيّة - . ذلك هو ما يجعل من علاقاتي مع 
الناس امتحانا غير يسير لطاقة تحمّلي ؛ إن (إنسانيتي ؟ لا تتمثا ل في التعاطف مع الإنسان في 
وجوده» بل في أن اتیل الكموز بوجودة إلى خجائي ٠.‏ إتسائيتن هي تجاون متواضل 
للذات . إلا أنني بحاجة إلى العزلة » أعني إلى المعافاة» وإلى العردة إلى الذات والتنقفس 
من هواء خفيف لاعب طلق. . . إن زرادشت بكليته نشيد مدائحى للعزلة» أو للنقاوةء إذا 
ا فمن. جه رج لق الخالصن مو بسن الحظ رين لني عفان اتير 
الألوان فسيسميه ماسا. إن القرف الذي يثيره في النأاس ٠‏ القرف تجاه «الرعاع»» كان دوما 
أكبر خطر عليّ. . 0 


مما 


سمّموا الماء المقدس بطمعهم؛ وعندما سمّوا أحلامهم القذرة 
نوخا سا الكلمات: ايفاك 

وعندما يضعون قلبهم الرطب على النار ينكمش اللهب ويغدو 
متبرما؛ والعقل ذاته يغدو فائرا داخنا عندما يقترب الرعاع من النار. 

حامضةً ومترهلةً تغدو الثمار في أيديهم. ونظرة فقط من أعينهم 
تجعل الشجرة تتيبّس وتغدو عقيمة. 

وكم من مدبر عن الحياة لا يفعل في الحقيقة سوى إدارة ظهره 
للرعاع: إنه لا يريد أن يقاسم الرعاع البئر والنار والفاكهة . 

وهناك من دخل الصحاري وقاسم الوحوش آلام العطش» ولم 
يكن مراده سوى أن لا يجلس إلى التبع مع رعاة الإبل القذرين. 

وهناك من كان يُقبل إقبال المدمّرء وابلاً من حجر البرّد يهبط على 
حقول الزرع؛ وهو لا يريد سوى أن يحشر قدمه في شدق السفلة 
ويسد بلعومها. 

ولم تكن أشد الأمور وطأة على نفسي أن الحياة ذاتها تقتضي 
وجود العداوة والموت وشهداء يعلقون على الصليب؛ - 

بل أن حدث لي أن تساءلت ذات مرة وكدت أختنق بسؤالي: 
ماذا؟ هل الحياة في حاجة إلى الرعاع أيضا؟ 

هل الآبار المسمومة والنار النتنة والأحلام المدنّسة والديدان التي 
في خبز الحياة كلها ضرورية؟ 

ليس حقدي» بل قرفي هو الذي يلتهم حياتي بنهم! آه؛ لقد غدا 
العقل بدوره مملا بالنسبة لي منذ أن وجدْثٌ الرعاع أيضا ذات عقول! 

وأدرت ظهري للحاكمين عندما رأيت ما الذي يسمونه حكما: 
السمسرة والمساومة على السلطة ‏ مع الرعاع! 


1۸۹ 


بين شعوب ذات لسان غريب عشت بأذنين مسدودتين كي تظل 

کا ی على أن كت ای محا غير کل ھا ىننا 
هو حاضر: الح أقول لكم إن الأمس واليوم بكليتهما يفوحان بنتانة 
الرعاع الكثّبة ! 

مثل معاق آصم وأعمى وأخرس أصبحت : هكذا كان علي أن أحيا 
لزمن طويل كي أظل بعيدا عن رعاع السلطة - والكتابة - والرغبة. 
كان شرابه المنعش؛ وكانت الحياة تتسلل منفلتة من تحت عكاز 
الاخمن الذي كبك 

ما الذي حدث لي إذا؟ كيف خلصت نفسي من القرف؟ من أعاد 
ال عبني تترتها؟ كيفن طرت إلى هذه الا فال ديف لآ خلس عن 
من الرّعاع الو النبع؟ 

أه و قرفي الذي صنع لي أجنحة وطاقات على استشعار الينابيع؟ 
لقد طرت في الحقيقة عالياً حتّى تمكنت من أن أجد نبع ا ره من 
جديد! 

لقد وجدته يا إخوني! هنا في الأعالي يتدقق لي نبع المسرّة! وهنا 
حياة لا يكرع معي منها أحد من الرّعاع! 

بعنف يكاد يكون قاسيا تتدقّق أيّها النبع! وأحياناً تُفرغ الإناء فيما 


الت ریک أن تماد 


علي أن أتعلم كيف أقترب منك بتواضع» فقلبي يندفع إليك بعنف 


شديد هو الآخر: 


1۹۰ 


- قلبي الذي يتقد فوقه صيفي ١‏ صيفي القصيرء الساخنء الكئيب 
والمغمور بالفرح: لكم يتحرّق قلبي الصيفيّ إلى طراوة بردك أيها 
النبع ! 

وداعاً كآبة الربيع المترددة! وداعاً ندفات ثلج خبثي في شهر 
حزيران. صيفاً غدوت بكليتي» وظهيرة صيفٍ 

- صيفٌ في الأعالي مع نبع طريّ وسكينة سعيدة: تعالواء أي 
أصدقائى كى تغدو السكينة أكثر سعادة! 

فهذه هي أعالينا وموطئنا: بالعٌ العلوّ مسكئّناء وطريقه وعرٌ على 
الماؤثين 00 
1 كن ا ا ا . فوق شجرة 
المستقيل اند عا وغذاؤنا ستحمله لنا الصمور ف مناقيرها» نحن 
اا 

حقاً أقول لكم إلّه لن يكون غذاءً يقاسمنا إِيّاه التجسون! جمراً 
سيحسبون ذلك الذي يتناولونه» وبه ستحترق أشداقهم. 
ستكون سعادتنا على أجسامهم وعقولهم! 


)١(‏ أنظر العهد القديم ؛ الملوك الأول الاصحاح ۳/١۷‏ 5 : «وكان كلام الرب له (إيليا) 
قاتلا انطلق من هنا واتجه نحو المشرق واختبئ عند نهر كريث الذي هو مقابل الأردن» / 
فتشرب من النهر وقد أمرت الغربان أن تعولك هناك ./ فانطلق وعمل حسب كلام الرب 
وذهب فأقام عند نهر كريث الذي هو مقابل الأردن./ وكانت الغربان تأتي إليه بخبز ولحم 
صباح وبخبز ولحم مساء وكان يشرب من النهر». ‏ مع فارق أن نسورا هي التي تأتي بأكل 
زرادشت وليست غربانا. سنرى لاحقا أن النسر والحية هما الذان يتوليان البحث عن طعام 


زرادشت. 


15 


وكما الرياح العاتية نريد أن نحيا فوقهم. جيراناً للصقورء جيرانا 
للثلج» جيراناً للشمس: كذا تحيا الرياح العاتيّة . 

كما الريح أريد أن أعصف بينهم ذات يوم» وبعقلي أقطع أتفاسن 
عقولهم : ذلك ما يريده مستقبلي . 

حقاً أقول لكم» ريح شديدة هو زرادشت في وجه كل الأراذلء 
وإنه لينصح أعداءه وكل من يبصق ويتقيّاأ: إياكم والبصاق في وجه 
الريح! . 


هكذا تكلم زرادشت . 


عن العناڪب“ 


ا مو ذا زكر ایک انريف أن واه كا ديع ل امح 
حرّكه لكي يرتعش . 

ها هو يقبل بمحض إرادته: مرحبا أيها العنكبوت! فوق ظهرك 
تحمل مثلثك الأسود وعلامتك؛ وإنني أعرف أيضا ماذا يختبئ في 
خنايا فياك 

الانتقام هو الذي يقبع في قاع نفسك؛ وحيثما عضضت تتكوّن 
قشرة سوداء» وسمك يسكر النفس برغبة الانتقام! 

هكذا أخاطبكم امال ستصيب أنفسكم بالدوارء يا دعاة المساواة! 
عناكب أنتم في نظري وذوي تعطش دفين للانتقام . 

لكنني أريد أن أطرح مخابئكم إلى النور؛ لذلك أقهقه في 
وجوهكم بضحكتي القادمة من الأعالي. 

لذلك أمرّق نسيجكم كي يخرجكم حنقكم من مغارة أكاذيبكم 
ويجعل ضغينتكم تقفز من وراء كلمة «العدالة» التي تسري على 
ألسنتكم . 


)١(‏ «سوداء وتُلطخ بالسواد هي صناعة العنكبوت: عناكب أسمي دعاة «العالم الأكثر سوء من 
بين العوالم» من مسودات زرادشت؛ الشذرة 171٠١‏ كنشات يوني - يولية 18/1 . المجلد 
العاشر من الأعمال الكاملة. طبعة الدراسات النقدية .)K84(‏ 


14۳ 


أذ ان خض الاد هه ا للك دو كمد الوق ال أرقي 
الآمال في نظري وقوس قزح الذي يطلع بعد عواصف طويلة. 

لكن العناكب تبتغي غير ذلك في الحقيقة. «إن العدالة تعني لدينا 
أن تغمر العالم عواصف انتقامنا» - هكذا يتحدثون في ما بينهم. 

«انتقاما نريد أن ننزل بكل الذين ليسوا مثلنا ونغمرهم بالشتائم». 
ذلك هو الوعد الذي يأخذه ذوو قلوب العناكب على أنفسهم. 

الإرادة! الفيتار 38" لك ا ميقلاو عن ها فصاع اا لتيل + 
وضد كل دي قوة سنرفع صوتنا!». 


أيها الداعون إلى المساواة» إن الجنون الغاشم للعجز هو الذي 
يصرخ من خلالكم مطالبا بالامساواة»: هكذا تتنكر رغبات الاستبداد 
الأكثر خفاء في دواخلكم تحت عبارات الفضيلة؟! 


)١(‏ عبارة «إرادة المساواة» التى يضعها نيتشه عمدا بين ظفرين هى الدعوة المناقضة ل«إرادة 
القرةهء. المفهوم المركرى افيالذكر التتشرق» -والذي: يشرة: محرك الحياة. والدافم 
الداخلي إلى التطور عبر التناقض وصراع القوى المتفاوتة. هذا المفهوم النقيض يدعره 
نيتشه رلالعقيدة) . راجع المعرفة المرحة؛ الكتاب الثالث ‏ الفقرة ٠٠١‏ : «عافية الروح - 
. . . كلما سمح للفرد والذي لا قرين له بأن يرفع رأسه من جديد إلا وتعلمنا كيف ننسى 
دوغمائية «تساوي الناس...٠.‏ 

(؟) «الداعون إلى المساواة»: يبدو أن المعنيَ هنا هو روسو الذي استهدفته أكثر من مرة 
الانتقادات القاسية لتيتشه. يعتبر نيتشه فكرة المساواة التي تأسست عليها الثورة الفرنسية 
من ابتداع روسو كما يرد في أفول الأصنام على سبيل المثال» فصل : «تسكعات رجل غير 
ملائم للعصر»؛ الفقرة 4 بعنوان «التطرر كما أتصوره»: "أنا أيضا أتكلم عن «العودة إلى 
الطبيعة»: وإن كان الأمر لا يتعلق برجوع» بل بحركة صعود ‏ صعود إلى الطبيعة وإلى 
الحالة الطبيعية الحرة المرتفعة والفظيعة حتى» من النوع الذي يلعب بمهمات عظيمة» 
ويحق له أن يلعب . . . ولكى أعبر عن ذلك بمثل أقول : نابليون كان قسطا من «العودة إلى 
الطبيعة» كما أفهما أنا. . . eb‏ أين كان يريد أن يعود ذلك الشخص في- 


1۹٤ 


غرور منص وحسد مكبوت؟؛ لعلّه غرور آبائكم وحسدهم يصاعد 
من داخلكم مثل لهب وجنون انتقام . 
اکان کت الأب ر عن سه لدف الاك وكثيرا ما وجدت 


. 


فى الات :سير الات عدكهما. 
في هيأة المتحمسين يبدون؟؛ لكن ليس القلب هو الذي توج 


حماسهم - بل رغبة الانتقام. وعندما يصبحون مؤدبين مرهفين 
وباردين» فليس العقل هو الذي يجعلهم مؤدبين مرهفين وباردين» بل 
الحسد. 


غيرتهم تقودهم على درب المفكرين أيضا. وهذه هي علامة 
غيرتهم: إنهم يمضون دوما إلى أبعد ما يمكن» إلى أن ينتهي تعبهم 
بأن يستلقي لينام على الجليد في آخر المطاف. 

في كل أنة من شكواهم يرن صوت الانتقام» وفي كل مديح من 
مدائحهم أذى مضمر؛ وأن ينضّبوا أنفسهم حكاما فذلك هو عين 
السعادة لديهم . 


-الحقيقة؟ روسو ذلك الإنسان الحديث الأول» مثالي وسوقي في شخص واحد؛ ذلك 
الذي كان بحاجة إلى «الكر امة؟ الأخلاقية كي يستطيع تحمل هيأته ؟ مريض س بغرور منفلتٍ 
من كل قيد واحتقار للذات لا يعرف حدا . هذا الطرح يريد هو أيضا #العودة إلى الطبيعة» . 
- ومرة أخرى: إلى أبن بريد روسو أن يعود؟ ‏ أبغض روسو في الثورة أيضا: إنها التعبير 
التاريخي عن هذه التركيبة المزدوجة للمثالي والسوقي . والمسخرة الدموية التي تمت بها 
تلك الثورة و«لاأخلاقيتها؛ لا تعنيني؛ ما أبغضه هي الأخلاقانية الروسوويّة؛ «الحقائق» 

لمرعومة لور التق تجعلها نظل إلى الان ادرو على الان 0 
ورديء. ال المساواة!. . . ليس هناك من سم أكثر فتكا: ذلك أنها تبدو 
وكأنها دعوة متأتية من مبدأ العدالةء ينما هي نهاية العدالة . . . «المساواة بين المتساوين» 
والتفاوت بين من لا يتساوون»: هكذا ينبغى أن يكون خطاب العدالة : ويكون نتيجة ذلك 
أن «لا يساوّى أبدا بين من عر ع بدن ا 


140 


لكنني هكذا أنصحكم أيها الآصدقاء : احذروا كل من كان لغريزة 
الانتقام سلطان عليه! 

طائفة من نوع وأصل رذيلين هم هؤلاء. وعلى صفحات وجوههم 
تلتمع نظرة الجلاد وكلب الصيد. 

لترتابوا من كل أولئك الذين يكثرون من الكلام عن عدالتهم! 
الحق أقول لكم ليس العسل وحده هو ما ينقص أرواح هؤلاء. 

وعندما يدعون أنفسهم ب «الصالحين والعادلين» فلا تنسوا أن لا 
شيء ينقصهم عن منزلة الفرّيسيّين سوى - السلطان! 

أيها الأصدقاءء إنني لا أريد أن يحصل في شأني خلط والتباس . 

فهناك أولئك الذين يكرزون لتعاليمي عن الحياة» وفي الآن نفسه 
يدعون للمساواة وتعاليم العناكب. 

أن يتكلموا بعبارات الإطراء على الحياة بينما هم يقبعون في 
جحورهم مديرين ظهرهم للحياة. أولئك العناكب السامةء فذلك 
يعني : إنهم إنما يريدون بذلك الإيذاء. 

إنهم يريدون إلحاق الأذى بأولئك الماسكين بزمام السلطة في 
الوقت الحاضر: إذ لدى هؤلاء المدعين تكون الدعوة إلى الموت في 
وكرها المبجل . 

ولو كان الأمر على .غير “هذه الحال قان العاف ستكرر تغير هذه 
التعاليم: فهذا الرهط بالذات كان في ما مضى أفضل من يجسّد 
الافتراء على الحياة والزحَ بالهراطقة في المحارق. 

لا آوذ أن 5 EOE‏ ول أن تعلط نيت وهم مذ 


هكذا تحدثني العدالة: «الناس ليسوا سواسية». 


١45 


ولا ينبغي لهم أيضا أن يصبحوا كذلك! إذ ماذا عن حبي للإنسان 
الأعلى إذأء لو أنني تكلّمت بغير هذا الكلام؟ 

ليمضوا متدافعين فوق ألف جسر وعلى ألف درب نحو المستقبل. 
ولتكن بينهم على الدوام حروب أكثر ولامساواة: هكذا تجعلني محبتي 
الكبرى أتكلم! 

مبدعوا صور وأطياف ينبغي أن يكونوا في غمرة عداواتهم 
وليمضوا بصورهم وأطيافهم ليخوضوا معركة المعارك ضد بعضهم 
الخ٠٢‏ 

خير وشرّء غني ومعدم» سام ووضيعء وكل ما للقيم من 
الأسماء: لتكن كلها أسلحة بأيديهم ومعالم مجلجلة بأنَ الحياة مطالبة 
بتجاوز نفسها على الدوام! 

في الأعالي تريد الحياة أن تشيّد نفسها على أعمدة ومدارج: نحو 
أقاص بعيدة تريد أن ترنو بنظرها ومن ورائها إلى آيات جمال سعيدة - 
لذلك هي تحتاج إلى علوً! 

ولأنها تحتاج إلى علو فهي بحاجة إلى درجات وإلى تناقض 
الدرجات والصاعدين! معدا ا و ودا تريد تجاوز 

لتنظروا إذا يا أصدقائي! هنا حيث وكر العنكبوت ترتفع خرائب 
معبد قديم باتجاه الأعالي - لتنظرو! إذا بأعين مستنيرة! 

الح أقول لكم إن ذلك الذي رضّف في ما مضى أفكاره داخل 
عمود قائم من الحجر قد كان على علم بسرٌ الحياة كلها يعادل علم 
أحكم الحكماء! 


14۹۷ 


أن يكون هناك صراع ولا مساواة في الجمال أيضاء وحرب من 
أجل القوة والتفوق: ذلك ما يعلمنا إِيّاه هنا فى أكثر الأمثال 
وضوحا. 

كيف تتلاحم الأقواس والقباب وتكسر بعضها البعض داخل صراع 
قدسئّ: كيف تحمل على بعضها متصادمة بأسلحة النور والظلالء تلك 
الكاكنات» الحفائلة القدسية! 

لنكن أعداء بمثل هذا اليقين الواثق وهذا الجمال إذا يا أصدقائى! 
فبزاعا قدي وريد أن حورم د عفن ال 

الويل! ها أنْ العنكبوت قد عضني أنا أيضاء عدوي القديم أيها 

«لا بد من عقاب وقصاص» ‏ هكذا يفكر عدوي: «ليس مجانا 
يكون تخنيه هنا بالعداوة غناء الممحد!ا. 

أجل. قد انتقم منى ! يا ويحنى » والآن سيجعل روحى أنا أيضا 
تلف بدوار الانتقام! 

I O CI OEE IES 
إنه لأحبّ إلى أن أغدو راهبا من رهبان الأعمدة من أن أتحول عجاجة‎ 
لرغبة الانتقام!‎ 
على غرار عوليس في الأوديسة الذي أمر رجاله بأن يوثقوه إلى صاري سفينته كي لا يلقي‎ )١( 

بنفسه في المياه استجابة لغواية غناء عرائس البحر. «وحدي كنت أسمع أصواتهن ؛ لكن لا 


بد أن أظل مثبنا في مكاني موثوقا بقيود متينة إلى عمود الصاري» وإذا ما توساتكم؛ وإذ ما 
أمرتكم أن تحلوا رباطي» لتضيفوا لفة إضافية إلى وثاقي!». 


1۹۸ 


الحق أقول لكمء لیس زرادشت بعجاجة وإعصار؛ وإن كان راقصا 
قاف ل كو أنذا راقع تار 


هكذا تكلم زرادشت. 


(#) رقصة شعبية من جنوب إيطاليا. 


144 


الشعبٌ وخرافات الشعب خدمتم يا معشر مشاهير الحكماء جميعا ‏ 
وليس الحقيقة! ولهذا بالذات 56 الناس بآيات الإجلال. 

ولذلك أيضا تحمّل الناس عدم إيمانكم لأنه كان مجرد دعابة 
ومسلكا ملتويا باتجاه الشعب. كذا يفعل السيد وهو يغض الطرف عن 
عبيده ويتسلى أيضا بمرحهم العابث. 

لكنّ الذي يكون مكروها من الشعب كالذئب لدى الكلاب: هو 
العقل الحر" عدو القيود» المُدبر عن العبادةء الساكن في الأدغال. 


)١(‏ «العقل الحر" أو «العقول الحرة» مصطلح يختلف عن مصطلح «المفكر الحرة و«المفكرين 
الأحرار» الذي يسمى به صنف من المفكرين يمكن أن يعد مدرسة بعينها ينضوي تحت 
لوائها مفكروا وفلاسفة الأنوار للقرن الثامن عشر . وإليكم كيف يعرف نيتشه «العقل الحر» 
ويعدد خصاله في كتاب «في ما وراء الخير والشر' ‏ الفقرة ٤٤‏ : نحن شيء آخر غير 
القناعقوعم - pensator libres‏ iberi؛‏ والعبارة واردة بالفرنسية واللاتينية فى 

النص » ثم بالألمانية) » امفكرين أحرار» أو أي إسم من تلك التي يحب كل أولنك 

الأفاضل من المدافعين عن «الأفكار الحديثة؛ أن يسمي بها أنفسهم. العديد من أوطان 
العقل مسكتناء أو أننا كنا ضيوفا لديها على الأقل؛ لائذون بالفرار على الدوام من كل 

المخابئ المعتمة المريحة/ التى يبدو لنا آن عوامل الميل والتفورء أو الشباب» أو الأصل» 

أو صدف اللقاءات مع رجال وکت أو حتى التعب من تنقلاتنا هي التي تحشرنا داخلها؛ 

ممتلؤون خبثا تجاه طعُم استدراجنا إلى التبعية المندسة داخل التشريفات» أو المال» أو 

الوظائف: أو مغريات الشهوات الحسية؛ ممتتون حتى للضيق وشتى أنواع المرض لأنها 

دوما تحررنا من نير كل القواعد و«فكرتها المسبقة». ممتتّون تجاه الله والشيطان والحَمل - 


Yee 


قطازدةه و اة مدع ذلك نا كن لي الح ا 
بالعدالة»؛ وضله يستثير كلابه الأكثر شراسة. 


«إدا هنا تكون الجقفةء إذا كان الشعت هنا! وويل + ويل للسالك 
دروب البحث!» هكذا ظل يُعلن على الملأ من الأزل. 


>-والدودة التي في دإخلناء فضوليون حد الخلاعةء باحثون حذ الفظاعة» ذوو أصابع 
جريئة على لمس ما لايلمس» لنا أسنان ومعدة قادرة على ما يستعصى على الهضم 
مستعدون لكل حرفة تستدعى حسا ثاقبا وحواس متحفزة» متأهبون لكل مخاطرة بفضل ما 
لدينا من فائض «إرادة حرة»» لنا نفس ظاهرة ونفس خفية لا أحد بمستطاعه أن يسبر أغوار 
خفاياها البعيدةء لنا سطوح وأعماق لا تقدر قدم على المضي إلى أقاصيها » متسترون 
تحت معطف النور. غزاة بهيأة هى نفسها دوماء سواء كنا وركة ا زان 
ومجمّعون من الصباح حتى المساءء بخيلون بثروتنا وبصناديق ذخائرنا المليئة» متصرفون 
خبيرون في التعلم وفي النسيان؛ مبتكرون في وضع النماذج» فخورون أحيانا بلوائح 
المقولات «(Kategorien - Tafeln)‏ متحذلقون أحياناء وأحيانا بوم عمل وكد حتى 
في واضحة النهار ؛ بل وفزاعات أيضا عند اقتضاء الضرورة ‏ واليوم يقتضي الأمر ذلك . 
ذلك أننا الأصدقاء الطبيعيون للوحدة وخلانها الودودون الغيورون؛ وحدتنا في ساعة 
منتصف الليل وفي الظهيرة ‏ من هذا النوع من البشر نحن 3 نحن العقول الحرة! ولعلكم 
أنتم أيضا على شيء من هذا النوع. أيها الرجال القادمون مع المستقبل؟ أنتم الفلاسفة 
الجدد؟ 

(:2) المقولات وهي الأجناس العالية التي تحيط بجميع الموجردات» أو المحمولات التي 
یمک و ات ا و : الجوهر» والإضافة. 
والكم» وا و لكف والمكان» واا رمان والوضع. ٠‏ والملك» الف والاتفعال. 

ابطر اتلد قائط هن التصور اك ا و ارك ال تج وهى 
صور قبلية للمعرفة» ترط من طبيعة الحكم في مختلف صورهء ونمثل الجوانب 
الأساسية للتفكير النظري» أو الاستدلاليء وهي أربعة أجناس كبرى: الكمء والكيف. 
والاضافة . والجهة . ولكل واحدة من هذه المقولاات الأربع لاه أقسام . - الكم: 
الو حدة. الكثر 3 الاجمال. _ الكيف: الإيجاب» السلب» التحديد. الإضافة : العلاقة 
بين الجوهر والعرضء» العلاقة بين العلة والمعلول» الاشتراك (أي التأئير المتبادل بين 
الفاعل والمتفعل)  .‏ الجهة : الامكان والامتناع» الوجود واللاوجود. الضرورة والجواز. 
(المعجم , الفلسفي) . 


أردتم إقرار الصواب لشعبكم في عبادته؛ وسمّيتم ذلك (إرادة 
الحقيقة», يامعشر مشاهير الحكماء ! 


وكان قلبكم يحدث نقسة على الدوام: من الشعب أتيتٌ ؛ ومن 
هناك أيضا أتانى صوت الله». 


ا 

والبعض من ذوي الجاه ممن كان يروم ا لسير سيرة المحتك مع 
الح و مقدمة جياده حمارا RE u‏ من مشاهير 
الحكماء . 

والآنء أردت لو تلقوا عنكم أخيرا جلد الأسد كليّا يا معشر 
مشاهير الحكماء ! 

حلد الحيوان المقترس› الجلد المزوق وفروة المستطلع»› الباحث» 
الغازي! 


سيكون عليكم أن تحطموا إرادة العبادة التي ف في أنفسكم أو ا 
أتعلم الاعتقاد فی «صدقكم». 


rha ike )١(‏ هللا تعني في الألمانية ‏ مترجمة حرفيا ‏ طابع الحقيقة أو الصدق في شيء أو 
مسألة أو شخص ماء وكذلك النزوع العميق إلى تقضّي الحقيقة» وتقابلها في الفرنسية 
6ا6 وقد ترددنا فى استعمال عيارة المصداقيةء لأنها تعادل بالأحرى عبارة 
كلعف ها أو ما معناه ما يجعل الاعتقاد في صحة أمر أو كلام أو شيء ما ممكناء 
وهي في الفرنسية غاذانطزل76». لذلك فضلنا بالنهاية اجتراح عبارة حقيقانية - وليس حقانية 
كما وجدت في إحدى الترجمات العربية لنيتشه» لأن الحقانية بدت لي أكثر ملاءمة لطابع 
الحقٌ بالمعنى القانوني» أكثر منها لمعنى الحقيقة بالمعنى الفلسفي» أو التيولوجي أيضا. 
أخيراً عدلنا عن عبارة الحقيقانية التي يمكن أن تبدو غريبة على القارئ وفضلنا عليها عبارة 
«الصدق1. 5 


صادق ‏ كذا أسمّى ذلك الذي يمضى فى صحارى لا آلهة فيها 
وقد حطم قلبه المتعبّد. 


تائها في الرمال الصفراء ومحترقا بلهب الشمس قد يرنو بعينه ظمئاأ 
إلى جزر مليئة ينابيع حيث يستلقي الأحياء تحت أشجار ظايلة . 


لكن ظمأه لن يقنعه بأن يغدو شييها بهؤلاء المستلقين فى الرفاه: 
ذلك أنه حيثما توجد واحات تكون هناك أيضا تماثيل آلهة. 
جائعةٌء عنيقةٌ) وحيدةٌ» كافرةٌ : هكذا تريد إرادة الأسد لنفسها أن 


كرون 


- لكن E‏ امول عزو كن كك ل التي E‏ الراضخ للهيده ؟ أي 
كصفة ثابتة » أوقد 7 تم إثباتها في E E a‏ 
وحرص على تتبع الحقيقة وملاحقتها وإعلانهاء وإن اقتضى الأمر عدم إثباتها أو نفيها 
ونقضها. إنه إذا مصطلح يعبر عن المسار الفكري الذي يتجه إلى كشف الأباطيل وإعلان 
الامساك بالحقيقة . أنظر ما وراء الخير والشر؛ الفقرة 5: «إن ما يدفع إلى النظر إلى كل 
الفلاسفة نظرة نصف مرتابة نصف هازئة ليس مرده أن المرء ما فتئ يكتشف على الدوام 
مدى ما يتصفون به من براءة» وأنهم غالبا ما يخطئون ويضلون» وبأية سهولة يقعون في 
الخطأ وفي الضلال؛ أي باختصار إلى صبيانيتهم وتصابيهم» بل لكونهم لا يتحلون بقدر 
بعيد إلى مسألة الحقيقانية . يتظاهرون جميعا كما لو أنهم اكتشفوا آراءهم وتوصلوا إليها 
عن طريق التطور الذاتي لجدل بارد نقي إلهي الاطمئنان (خلافا للمتصوفة من كل منزلة 
والذين هم أكثر نزأهة منهم وأكثر سذاجة ‏ إذ هؤلاء يتكلمون عن «إلهام» lete]‏ 
جميعهم محامون. وهو ما لا يقبلون أن يلقبوا بذلك» بل وفي الغالب مدافعون ماكرون 
عن أفكارهم المسبقة التي يعمدونها «حقائق» ‏ وهم بعيدون كل البعد عن شجاعة الضمير 
التي تقر لنفسها بهذا الأمر (أي دفاعهم عن آفكارهم المسبقة - المترجم )» وبهذا الأمر 
بالذات ؛ بعيد ون كل اليعد عن الذوق السليم للشجاعة الذي يجعلهم يعلنون عن ذلك 
الأمرء إما لتحدير عدو أو صديق › أو لجرأة طائشة تجعلهم قادرين على السخرية من 
5 

أنظر أيضا كنشات صائفة ۱۸۸١‏ _ خريف 218417 القسم ۷١‏ الفقرة ۲. 


كك 


مقف وو ساد O‏ نت الالية والع اذام من 
تعرف الخوف» عظيمة ووحيدة: كذا هي إرادة صديق الحقيقة . 

في الصحراء كان يقيم منذ الأزل أصدقاء الحقيقة» العقول الحرةء 
أسيادا على الصحراء؛ لكن في المدن يقيم المتخمون علفا؛ مشاهير 
الحكماء ‏ دوات الحمل . 

وعلى الدوام يدون فعلا كالحمير ‏ يجرون عربة الشعب! 

كلاء لست بالحانق عليهم من أجل ذلك: لكنهم خدماً يظلون 
بالنسبة لي انا مسرّجة» حتى وإن بدوا ملتمعين بسروج من ذهب . 

راا ما كانوا خدما جيّدين وجديرين بالإطراء. إذ هكذا تتكلم 
الفضياة : «إذا ما كان عليك أن تكون خادماء فلتبحث لك عن ذلك 
الذي يعرف كيف يستفيد من خدمتك على أفضل وجه! 

وليكن لنحدك كميءنى مرزيد عقل ونضيلة: لايك انت الذي 
تخد وعكذا تمن يدورك تير عملة..وففيكة 41 الجن :اقول لكم يا 

عشر الحكماءء يا خادمي الشعب! لقد ترعرعتم أنتم أيضا على عقل 

ا وب در لضي كذلك من خلالكم! إكراما لكم أقول هذا! 

لكنكم تظلون شعبا في نظري حتى في فضيلتكمء شعب بأعين 
بليدة» ‏ شعب لا يفقه معنى للعقل ! 

العقل هو الحياة التي تجترح نفسها في الحياة؛ وفي المعاناة 
الخاصة تنمو المعرفة الخاصة» - هل علمتم بهذا الآمر من قبل؟ 

وإن سعادة العقل هي هذه: أن يكون مضمَخا بالدهن ومعمّدا 


بالدموع فق عل أن کون ا 


)١(‏ هذه العلاقة التى يضعها نيتشه بين العقل والمعاناة والتى تبدو شبيهة بملحمة تراجيدية= 


>53 


- هل علمتم بهذا الأمر من قبل؟ 


وإِنْ اء الافي ورحته وتلمسه لست سو ی الدليل الشاهد على 


قوّة الشمس التي يحدّق فيهاء ‏ هل علمتم بهذا الأمر من قبل؟ 


ا أن يتعلم البناء! وإنه لقليل أن 


يكون العقل قادرا على تحويل الجبال'' »2‏ هل علمتم بهذا الأمر من 


قبل؟ 
إنكم لا تعرفون من العقل سوى شرارته» لكنكم لا ترون أي 


E E E 037317 


(1) 


() 


يعبر عنها بصفة مفصلة في مراقع أخرى عديدة من كتاباته منها ما يرد في المسيح 
الدجال ؛ الفقرة ۷ : «إن ذوي العقول الأرفع. بما هم الأكثر قوةء يجدون سعادتهم حيث 
سيجد آخرون هلاكهم: ا القسوة ة على أنفسهم وعلى الأخرين وفي 
المحاولة؛ لذتهم يحدونها في قهر آنفسهم : يكون الزهد طبيعة لديهم؛ حاجة وغريرة. 
والمهمة الصعبة تعد امتيازا بالنسبة إليهم؛ واللعب بالأحمال التي تسحق الآخرين ضرب 
من الاستراحة لديهم». في أفول الأصنام؛ فصل «تسكعات رجل غير ملائم للعصر' الفقرة 
: إن ذوي العقول الأرفع» إذا ما افترضنا أنهم الأكثر شجاعة. يعيشون أكثر من 
غيرهم بكثير أكثر المآسي ألما: لكنهم ولهذا السبب بالذات هم يكبرون الحياةء لأنها 
تمنحهم صداميّة أكبر الخصوم مما لديها». 

إشارة إلى مقولة بولس في رسالته الأو! ا 0 وان 
كانت لي ) نبوّة وأعلم م جميع الأسرار وكل علمء وإن كان لي كل الإيمان حتى أنقل 
الجبال. .  .».‏ مع ملاحظة أن العبارة ترد في الإنجيل المترجم من قبل لوثر إلى الألمانية 
في صيغة الماضي «وإن كان لي كل الإيمانء حتى أنني نقلتُ جبالا». 

أنظر أيضا إنجيل متّى ؛ الاصحاح١7/ 171١‏ ۲۲: «فأجاب يسوع وقال لهم» الحق أقول 
لكم إن كان لكم إيمان ولا تشكون فلا تفعلون أمر التينة فقطء > بل إن قلتم , أيضا لهذا الجبل 
انتقل وانطرخ في البحر فيكون». 

المطرقة النيتشوية أو تعاطى الفلسفة بضربات المطرقة هى إحدى المكونات المميزة 
لفلسفته القائمة على الشدة مع التفس ومع الأخرية افا الهامش ۷۸ أعلاه) . وني 
ما وراء الخير والشر يتكلم ن «مطرقة قدسيّة؟ . 


ی 


0 


الحق أقول لكم.ء إنكم لا تعرفون كبرياء العقل! وأقل من ذلك 
ستكون قدرتكم على تحمّل تواضع العقل إذا ما عنّ لذلك التواضع أن 
يتكلم في يوم ما! 

أبدا لن تجرؤوا على القذف بعقلكم في حفرة جليد: فليس لكم ما 
يكفي من الحرارة من أجل ذلك! وهكذا فأنتم لا تعرفون أيضا نشوة 
E‏ 

لكنكم وفي كل أمر تبدون في هيأة الخبير جدا بأمور العقل؛ ومن 
الحكمة جعلتم مأوى فقراء ومصحة للشعراء الرديئين . 

لست ورا وهكذا لم يكن لكم أن تخبروا السعادة التي في 
رعب العقل. ومن لم يكن طائراء لا يحق له أن يبني عشه فوق 
الهرى السحيقة . 

كن )0 f‏ 7 3 . ا ص 5 2 5 37 

انرون" أنتم في نظري: لكنْ بردا قارسا تتدفق كل معرفة 
عميقة. شديدة البرد هي الينابيع العميقة للعقل : طراوة منعشة بالنسبة 
للأيادي الحارّة وللفاعلين. 

محترمين أراكم تقمون أمامى» بهيات متصلبة وظهور كالأعمدة» يا 
معشر مشاهير الحكماء! ‏ لا تدفعكم ريح قوية وإرادة عاتية . 

ألم تروا قط شراعا يمضي فوق البحر منتفخا متقوّسا ومرتعشا 
بعصف الرياح الشديدة؟ 


)١(‏ في الشذرة ]١71١14‏ من كنشات شتاء ۱۸۸۲/ 87 : (أيها الباردون والرزينون إنكم لا 
تعرفرن نشوة البرد!" وفي الشذرة ٠١٤ _ ]١[١١‏ : «الساخنون وحدهم يعرفون نشوة 
البردا. 

(۲) كتاب العهد الجديد: رؤيا يوحنا؟ الاصحاح الثالث :١5‏ «هكذا لأنك فاتر ولست لا 
باردا ولا حارا أنا مزمع أن أتقيّأك من فمي». 


الا 


كما الشراع» مرتعشة بالعصف الشديد للعقل تمضي حكمتي فوق 
البحر - حكمتي المتوخحشة ! 

أما أنتم يا خدّمة الشعب» ويا مشاهير الحكماء ‏ فمن أين لكم أن 
تمضوا معي! - 

هكذا تكلم زرادشت . 


أغنية الليل“ 


إنه الليل: هي ذي الينابيع الفيّاضة ترفع صوتها في حديث 
مسموع. وروحي هي أيضا ينبوع فيّاض . 
إنه الليل "هن قن أعاتن امین سقط الان وروی ھی اشا 


ا ت 
ور ا حن وا أن أكون 
متمنطقا بحزام من نور . 


آهء لو أنني كنت قاتماً وليلياً» فلكم كنت سأكرع عندها من ثدي التور! 


(1) العنوان الأصلي لهذا الفصل كما يوجد في المخطوطة النهائية قبل الطبعء هو: «نور أنا» 
(نشيد الوحدة) . 
عن زرادشت: «بأية لغة سيتكلم هذا العقل عندما يتحدث إلى نفسه. الغة ة الديثيرامبرس 
نفسةه قبل طلوع 0 مثل هذه E‏ لز جدية وال القدسية 3 مره ا سان 
قبلى ؛ حتى الكابة الأكثر عمقا لديونيزوس تتحول هى أيضا إلى داثيرامبوس . أسوق لكم 
دليلا على ذلك «أغنية الليل»» تلك الشكوى الخالدة لروح حكم عليها امتلاؤها بالنور 
وطبيعتُها الشمسية بأن لا تحبَ". ٤‏ 


انك أيفنا الك الكو اكت E ey LR‏ 
البّاقة» لكم وددت لو أنني أنعم بسعادة هبتك الضوئيّة . 

لكتني أحيا داخل نوري» وأمتصٌ ألسنة اللهب الطالعة مني . 

لا اعرف اة المكاولين + وغالا ما خلت :بان السبرقة ل بل أن 
کون اکر عة ٠‏ زه لاسن 

تلك هي فاقتي: أن لا تكفٌ يداي أبداً عن العطاءء وذلك هو 
حسدي: أن أرى عيوناً ملؤها الانتظار وليالىَ يضيؤها الشوق. 

يا لشقاء كل المانحين! يا لكسوف شمسي! يا للرغبة المتعطشة إلى 
الرغبة في شيء ما! يا للجوع الحارق الذي في الشبع! 


الأخذ والعطاء هؤة» وإِنْ أصغر الفجوات لأكثرها تعذرا على التجاوز. 


جوع يطلع من جمالي؛ وإني لأرغب في أن أسيء إلى كل الذين 
آنيرهم» والذين أجود عليهم أريد أن أسرقهم ‏ كذا أنا أتعطش إلى 
السوء. 

أسحب يدي لحظة تمذون أيديكم ا ا ا 
وهو قن عة ادن ج كذ آنا انعط إلى السو 

ثرائي هو الذي تدر مثل هذا الانتقام» ومثل هذه الاحابيل تنبع 
من وحدني . 

سعادتى التى فى العطاء استُّنفذت فى العطاءء وفضيلتى أنهكها 
زخمها. 
)١(‏ تحويل للمقولة الإنجيلية (العهد الجديد: أعمال الرسل؛ الاصحاح ...١ :)١/۲١‏ 

متذكرين كلمات الربيسوع أنه قال مخبوط هو العطاء أكثر من الأخذ». 


۲۰۹ 


يورّع على الدوام يصيب يده وقلبه سكر الكتب من فرط التوزيع. 
تشعر بارتعاشة الأيدي المليئة. 

ما الذي جری لدموع عيني وزغب قلبي؟ يا لو حدة کل المانحين! 
يا لضم كل المضكين! 

شموس كثيرة تحوم في فضاءاتٍ خلاءِء وكلّ نفس قاتمة تحدّثها 
عا أمظ ]نا فا دن ل كلم 


أواهء عداء النور لكل ما هو مضيء؛ بلا رحمة يمضي النور في 
طريقه . 

حاملة في الأعماق قسوتها تجاه كل مضيء. باردةً إزاء الشموس؛ 
هكذا تمضي كل مسن 

مثل عاصفة تمضي الشموس في مداراتها؛ تتبع إرادتها التي لا 

وحدكم أنتم أيّها القاتمون الليليَون تستمدون دفأكم من المضيئين! 
ووحدكم ترتشفون الحليب وكل شراب منعش من ضرع الثو 
أواه؛ جليد من حولي ويدي تحترق لملامسة كل جليديّ. أواهء 
0 يسكن روحي ويتوق إلى عطشكم. 

إِنّه الليل: آه» لِم ينبغي على أن أكون نوراً! وعطشاً لما هو ليليّ! 
وو حدة! 

نه الليل : .هي ذي رغبتي تتفجر فى الآن مثل ينبوع؛ رغبتي تريد 


الحديث . 


1۰ 


إنه اليل هی دق اليشابيع 'القياضة ترم سوا ف ديت 
مسموع. وروحي هي أيضا ينبوع فياض . 
إله الليل: هى ذي أغانى المحبين تستيقظ الآن. وروحى هى أيضاً 


اغشة ميحثت)». 


50 


أغنية للرقص“ 


ذات مساء كان زرادشت ماضيا مع تلامذته داخل الغابة؛ وبينما 
كان يبحث عن ينبوع ماء إذ هو يحل بمرج أخضر تحيط بها أشجار 
وأدغال ساكنة: في ذلك المرج كانت مجموعة من الصبايا ترقص في 
ما بينها. وحالما تعرفت الصيايا على زرادشت توقفن عن الرقص ؛ 
لکن ها زرادشت يتقدم نحوهنّ بوجه منبسط الأساريرء وبهذه الكلمات 


خاطبهن قائلا : 
«لا تتوقفن عن الرقص أيتها الفتيات اللطيفات! ليس مفسد أفراح 
دا عين سوء يقبل عليكن هناء ولا عدوا للفتيات . 


)١(‏ الرقص إحدى المكونات الأساسية في طبع الفيلسوف في نظر نيتشه مثل الضحك؛ مكونة 
من مكونات المعرفة المرحة. إنه الحركة الدائمة» والتنقل الضروري لغذاء عقل 
الفيلسوف . «أما عن الكمية التي يحتاجها عقل ما من أجل تأمين غذائه» فليس هناك من 
وصفة جاهزة لذلك» لكن إذا ما كان ذوقه متجها إلى الاستقلالية وإلى حركة ذهاب وإياب 
سريعة» إلى التجوال وربما إلى المغامرة أيضا التي لا يقدر عليها غير السريعين» فإنه 
ايكون علا بحا ا کر حرا وعدا مزق عن آذ كرن مارا لمن معنا 
يبتغى الراقص الجيد من وراء غذائه بل طاقة ومرونة ‏ وأنا لا أدري ما الذي يتمنى عقل 
فيلسوف أن يكون أكثر من أن يكون راقصا جيدا. فالرقص في الحقيقة هو مثله الأعلى» 
وهو فنّ صناعته أيضا وبالئهاية هو تبتله الوحيد واطقس قدّاسه. . .» (المعرفة المرحة» 
الكتاب الخامس؛ الفقرة ).78٠١‏ 
أنظر أيضا فصل «قبل الشروق» من الجزء الثالث من «زرادشت»» وكذلك فصل «أغنية ثانية 
للرقص». 


T1۲ 


نصير لله أمام الشيطان أنا؛ روح الثقل هو ذلك الشيطان. كيف لي 
أن أكون عدوا لرقصتكم القدسية الخفيفة إذاً؟ أو عدوا لأقدام الصبايا 
لطيفات الكعاب؟ 

صحيح أنني غابة وليل من أشجار داكنة؛ لكن من لا تجفله عتمتي 
سيجد أيضا عرائش ورد تحت اشجار سروي. 

وسيجد الإلة الصغير أيضاء ذاك الذي لا شىء أحب إليه من 
العا :إلى جاتب انوع تمده اكا بعيتين م 

حقاء إنه ينام هناك في واضحة النهارء ذاك الكسول! ثُرى قد أتعبه 
ار ك ورا الفراشات؟ 

لا يغضبكنّ مني أيتها الراقصات الجميلات إن رأيتئني أؤدّبه قليلا 
ذاك الإله الصغير! سيصرخ بالتأكيد وينتحب» ‏ لكنه سيكون مرحا 
حتى وهو يبكي ! 

بعنين دامعتين سيدعوكم إلى مراقصته؛ وسأغني أنا أيضا أغنية 
لرقصته : 

أغنية راقصة وهازئة عن روح الثقل» شيطاني الأرقى منزلة والأكثر 
سطوة» ذاك الذي تقولون عنه إنه «سيّد الكون»». 


)١(‏ لا يعني نيتشه بشيطانه إبليس ٠‏ بل يسوع السيح؛ لأنه 2 الذي يلقب باارئيس العالم؛ في 
الإنجيل. أنظر يوحنا؛ الاصحاح :5١/١7‏ «الآن دينونه هذا العالم. الان يُطرح رئيس 
هذا العالم خارجا. وأنا إن ارتفعت عن الأرض أجذبْ إلى الجميمٌ». لا غراية في هذا 
فنيتشه يعتبر المسيح صاحب غواية أضل وما يزال يُضل عن الحياة وعن المرح والخفة بما 
هو «روح الثقل» كما يقول. الجملة الأصلية في المخطوطة الأولية والتي حذفها نيتشه من 
بعد هي كالآتي : «[وإذا ما كان الشيطان يسمَى سيّد العالم؛ فإنه لا يحق هنا على الأرض 
لسيّد الثقل آن يسمى سيّد العالم]/ لكنني النقيض بالنسبة لروح الثقل! وفي وجهه أقهقه 
بضحكق أعالى؟ . 


TIT 


يراقص الفتيات . 


قبل حين حدقت في عينيك أيتها الحياة» وخلتني أنحدر في هوّة 
بلا قرار. 

لكنك سحبتني بصتارة من ذهب؛ وباستهزاء ضحكتٍ عندما 
سميتك بلا قرار. ش 

«هكذا تتكلم كل الأسماك» قلت لي؛ بلا قرار لديها كل ما لا 
تستطيع أن تسبر له غورا. 

e نج كر‎ E a 
1 ١ 1 : بفاضلة‎ 

ولئن كنت أعني «العميقة» بالنسبة لكمء أو «الوفية» و«الخالدة» 
و«الغامضةا» 

فلأنكم أنتم الرجال» تسحبون علينا دوما ألقاب فضائلكم الخاصة 
أفء أيها الفاضلون!». 

ثم طفقت تضحكء. غريبة الأطوار تلك؛ لكنني لا أصدقها أبدا 
ولا أحفل لضحكتها عندما تتكلم عن نفسها بسوء. 


)١(‏ كيوبيدوس وكيوبد هو إله الحب عند الرومان» وإيروس عند الإغريق إبن أفروديت من 
هرمس . 

(۲) أنثى هي الحياة في نظر نيتشه كما يعبر عن ذلك في المعرفة المرحةء الكتاب الخامس ‏ 
الفقرة ۳۳۹ التى تحمل عنران 1610127 29/118 : «لعل هذا هو السحر الأقوى للحياة : هناك 
لكات زه كس ا اف ا ج كمف ا على :الكو ےا 
متمنعة» حييّة» ساخرة» شفوقة» غاوية. أجل. إن الحياة أنثى». ١‏ 


532324 


وعندما اختليت في حديث مع حكمتى المتوحشة قالت لى حانقة : 
«إنك تريد وترغب وتحتبّء لذلك أنت تمتدح الحياة!». 

هنا كدت أجيب بقسوة وأفاتح تلك الحانقة بحقيقتها؛ وإنه لا 
يمكن لامرئ أن يجيب بأكثر قسوة مما يفعل وهو «يقول الحقيقة» 

كذا هى الحال فى الحقيقة بيئنا نحن الثلاثة. أنا لا أحب فى 
الأساس غير الحياة ‏ والحق أقول لكم إنني لا أحبها أكثر مما أفعل 
عندما أكون حاقدا عليها! 

لكن» أن أكون لطيفا تجاه الحكمة» بل ولطيفا أكثر مما ينبغى فى 
أغلب الأحيانء فذلك إنما لكونها تذكرنى كثيرا بالحياة! 

إن لها عينيها وضحكتها وصتارتها الذهبية أيضاً: ما ذنبي أنا إن 
كانتا متشابهتين إلى هذا الحد؟ 

وعندها سالك الحياة دات مر من هي ادا هذه الحكنة؟ أجتها 
بحماس : أ طبعا! الحكمة!». 


يتعطش المرء إليها ولا يرتوي أبداء ينظر المرء إليها من خلال 
حجب ويلاحقها بشباك طمعا في القبض عليها. 
هل هى جميلة؟ ما أدرانى بذلك! لكن أكثر الشبابيط حنكة لا 
متقلبة هي وحرون»؛ وكثيرا ما اها تعض على شفتيها وتأتي 
ع 7 د (a)‏ 
الامور بعكس ميّل الوبر 5 
(:#) من أطرف وأشنع ما قرأت في مجال الترجمة الحرفية التي تفتقر إلى معرفة دقيقة باللغة التي= 


1 
16 0 


لعلها تة وممخادعة وامرأة ف كل أمر ؛ لكنها عندما تتحدث عن 
مھا سوق نها الات کنا کر عر 

ولما قلت هذا الكلام للحياة ضحكت بمكر وأغمضت عينيها 
قائلة : «عمّن تراك تتكلم في الحقيقة؟ عى أناء أليس كذلك؟». 


ولنفترض أنك على حق» - فهل يقال لي مثل هذا الكلام هكذا 
وججها لوجه؟! لكن» لتتكلم الآن عن حكمتك أيضا!». 


والآن ها أنت تفتحين عينيك مجذدا أيتها الحياة الحبيبة! وها أنا 
أشعر بنفسي أهوي من جديد إلى الهوة التي لا قرار لها». 


مدا غ ززااشيت: لكيه بحل أن ایت الرقضة وار فت الايا 
ألفى نفسه حزينا. 


«لقد غابت الشمس منذ مدة غير قصيرة» قال لنفسه أخيرا؛ على 
المرج رطوبةء ومن الغابة برودة قادمة. 


یتر جم عنهاء هي ترجمة Haares SLrich fhe‏ نط den Kanım wider‏ ب: اوصرح 
شعرها) (ترجمة فليكس فارس)؛ تر جمة حرفية منقوصة من اللغة الفرنسية بطبيعة الحال ‏ لا 
من الألمانية ‏ لعبارة : إزدم - هؤوداهوءطن: .امعم عو وكل من له معرفة باللغة الغرنسية 
يعرف أن هذه العبارة تعني (إتيان الأمور من حيث لا تؤتى عادة» أو اعكس المعتاد». - أو 
ابعكس ميّل الوبر» إن أردنا ترجمة قريبة من الحرف الأصلي للنص . هذه الترجمة الحرفية 
التي لا تفيد أي معنى في هذا السياق يتبناها مترجم آخر في مقدمته لكتاب المعرفة المرحة» 
(أو «العلم المرح» كما جاء في ترجمته ‏ عن اللغة الفرنسية أيضا). لكن يظل السؤال 
المطروح هنا : لماذا اكتفى كل من المترجميّن العربيين بترجمة عبارة 06185065 56 الفرنسية . 
وتغافلا عن العبارة المتممة لها: 011 - ءدوداه]:65: ج سؤال مشروع ء ذلك أن التغافل عن 
نصف العبارة المجازية هو ما أوقعهما في الحرفيّة المبتورة والمشوّهة للمعنى ‏ كي لا أقول 
خلصهما من ورطة تصديع الرأس بالبحث عن المعنى الحقيقي للعبارة . 


515 


شيء مجهول من حولي ينظر متفكرا بحيرة. ماذا! أما زلت حيّا يا 
زرادشت؟ 

لاد من أجلن ماد وهاذا؟ إلى أنن؟ أية؟ ركه الس جنروا 
أن ل معن ا 

5 أصدقائي. إنه المساء هذا الذى يسأل من داخلي. لتغفروا لي 
حزني! 


لقد حل العبياء: لتغفروا ع حلول المساء!)»). 


5117 ١ 


٠ 3‏ يه العَبو و 


«هناك» توجد جزيرة القبورء الجزيرة الصامتة. هناك توجد أيضا 
قبور شبابئ. إلى هناك أريد أن أحمل إكليل الحياة اليانع دوا 

هكذا أمضي بقلب راسخ العزم عبر البحار. 

أواة أنت ينها الوجوة والهبات: البتغددة لشباى ! أواه تظرات الخت 
كلهاء أيتها النظرات القدسيّة! كيف مُت هكذا يدن هذه السرعة! إنني 
أذكرك البوة مل امرات لى من جدود 

و 2 ا رائحة شذية يا أمواتي الأعرّاء» يزاقيمة ديت 
القلب وتثير الدموع. حقاء إنها تذيب قلب المسافر الذي يقود زورقه 
وحيدا عبر البحار. 

مازلت الأكثر ثراء والأكثر مجلبة للحسد - أنا الأكثر وحدة! إذ أنني 
قد حظيت بوجودكمء. وما زلتم تحظون بوجودي بدوركم؛ قولوا لي. 
من ذا الذي يساقط عليه مثلي هذا التفاح الوردي من شجرة الحياة؟ 

ما زلت الوريث والأرض الخصبة لمحبّتكم» متوهجا لذكراكم 
بفضائل جبليّة متعددة الألوان» يا أعرّ الأحبّاء! 


آهء لقد كنا مجبولين للإقامة جنبا إلى جنبء أيتها الروائع الغريبة 


)١(‏ العنوان الأصلى الذي ورد فى المخطوطة الأولى: «عيد الأموات». 


1۸ 


المليحة؛ لا كعصافير تفورة أقبلت علي وغل رغيات الا ييز اسه 
تسعى إلى أنيس! ۰ 

أجل؛ للوفاء جُبلت» مثلي أناء ولساعات خالدة رقيقة: عليّ أن 
أسمّيك الآن باسم خيانتك: أيتها النظرات واللحظات القدسية: فأنا لم 
أتعلم بعد كيف أسمّيك بأسماء أخرى. 

حقاء لقد مت بأسرع مما ينبغي أيتها الهاربة المنفلتة. لكنك لم 
تفرّي مني» ولا أنا ابتغيت الفرار منك: بريئان نحن تجاه بعضنا في 
خيانتنا . 

بغية قتلي خنقتكِ أيادي القاتلين يا أطيار آمالي المغرّدة! أجل» لقد 
كانت سهام الشرّ توجه إليكم يا أحبتي - لإصابة قلبي! 

وقد أصابت مرماها! ألم تكوني دوما أعرّ ما لديّ» ملكي ومالكة 
قلبي: لذلك كان عليك أن تموتي في عر الشباب وقبل الأوان بكثير! 

نحو أكثر الأشياء حساسية مما أملك وجه السهم القاتل: فكنت 
أنت» ذات الجلدة التي بنعومة الزغب» بل بمثل الابتسامة التي تنطفئ 
تحت نظرة العين! 

لكن لي كلمة هنا أريد أن أقولها لأعدائي: ما ذا تساوي كل جرائم 
القتل أمام ما فعلتموه بي! 

شرا فعلتم بي أعظم من كل جرائم القتل جميعا؛ شيئا لا يعوّض 
سلبتموني: هكذا أخاطبكم يا أعدائي! 

لقد قتلتم وجوه شبابي وأعرٌ روائعي! رفاق ألعابي سلبتموني؛ تلك 
الأرواح البهيجة! ولذكراها أضع هذا الإكليل وهذه اللعنة. 

هذه اللعنة موجهة ضدكم أنتم يا أعدائي! فقد قصفتم عود 


1۹ 7 


خلوديء مثل فخارة تنكسر في ليلة صقيع! وما كدت ألمحه لمح 
ومضة قدسية ‏ مثل طرفة عين! 

وهكذا تكلمت نقاوتى فى تلك اللحظة السعيدة: «لتكن مقدسة كل 
الكائنات فى نظري». 

«لتكن كل الأيام مقدّسة في نظري» ‏ هكذا تكلمت نقاوة شبابي 
ذات يوم: كلام حكمة مرحة حقا! 

لكنكم سرقتم لياليَ يا أعدائي» وقايضتمونيها بعذابات الأرق: آف 
ترى إلى أين فرت تلك الحكمة المرحة؟ 

فى فام كنت أرقف فى هنوك الاين لمر وة لري 
لكن ها أنتم قد وضعتم لي بومة كريهة؛ فظاعة في طريقي. أواه. إلى 
أين فرت رغبتى الرقيقة؟ 

لقد أخذت على نفسي عهدا في ما مضى أن أدبر عن كل قرف: 

أعمى كنت أمضي على طريق مفعمة بالحبور: لكن ها أنكم قد 
وضعتم قذارات فوق طريق الأعمى: والآن هو ذا يقرف من تلك 
الطريق القديمة. 

وعندما كنت أحتفل بإنجازي الأكثر صعوبة وبانتصار جهود 
تجاوزي عمدتم إلى جعل أولئك الذين كانوا يحبّونني يصرخون بأنني 
أسأت إليهم أشد ااا 


)0 في خريف سنة ۱۸۸١‏ عاد نيتشه إلى إيطالا محبطا وحزينا على إثر صائفة قضاها في- 


YY» 


الحق أقول لكمء لقد كان هذا هو صنيعكم على الدوام: أن 
تعكروا عسلي وتفسدوا جهد أفضل نحل لديّ. 

على الدوام كنتم تبعثون بأكثر المتسوّلين وقاحة للتطفل على 
رأفتي» وعلى الدوام كنتم تحاصرون شفقتي بالرقيعين الذين لا يرجى 
لهم شفاء. وهكذا عكرتم صفو فضائلي داخل إيمانهم . 

وما إن أضع قربانا من أكثر الأشياء قداسة لديّ» حتى تسارعون 
بإضافة دهن «تقواكم» على أضحيتي ؛ هدا حي تی اک أشنيائي 
قداسة داخل بخار أدهانكم . 

ومرة أردت أن أرقص كما لم أرقص من قبلها فوسوسْتم لأفضل 
مغنْييّ ) 

وإذا هو يرطن بلحن مفزع مصم؛ ‏ آه» إنه يزعق في أذني زعيق 
| 


-ألمانيا بين لايبزغ وبايرويت وبرلين وذلك مباشرة بعد صدور كتاب المعرفة المرحة. 
كانت رسائله إلى صديقه فرانس أوفربك (بازل) ترشح بالمرارة والشكوى من الإهمال 
وقلة الاعتبار التي قوبل بهما في ألمانيا والمعاداة المفتوحة التي أثارها ضده كتابه الأخير. 
إلى حد أن أمْه نفسها قد قالت عنه أنه غدا «شتيمة ووصمة عار تدس قبر أبيه». وقد آلمه 
هذا الموقف كثيرا حد اتخاذ القرار بمقاطعة أمه نهائيا. وعلاوة على ذلك كان فى تلك 
الأثاة يشكز من الام الداع السديرة واصف النظر ومعاناة برد العا فى حجنو خامة 
الأمر الذي جعله غير قادر على الكتابة والقراءة واضطره إلى الالتجاء إلى بعض الأصدقاء 
والمعارف الذين كانوا يتطوعون ليقرأوا عليه ويكتبوا ما كان يمليه عليهم. وقد شرع في 
تأليف الجزء الأول من زرادشت في شهر جانفي من سنة 18487 . وبالرغم من البهجة التي 
أدخلتها عليه كتابة هذا الجزء مؤقتا فإنه جاء يحمل الكثير من مياسم تلك المعاناة. 
() لعل المعني هنا هو ريشارد فاغنر ومقطوعة أوبرا بارسيفال التي اعتبرها نيتشه تحولا حاسما 
لقاغتز باتجاه الكابة والنيهم المسستن .. .وفي إخدى رسائله إلى أوفرياك يذكر تقاطم 
كتابه «إنساني مفرط الإنسانية» (الذي أرسله بالبريد لريشارد فاغنر) مع نسخة من= 


ر ۲۲۱ 


أيها المغنّي السفاحء يا آلة الشرّء أنت يا أكثر الناس براءة! لقد 


كنت مستعداً لتأدية أفضل الرقصات. وإذا أنت تقتل نشوتي بأنغامك 
تلك! 


في الرقص فقط أعرف كيف أمنح أرقى الأشياء تعبيرا عن نفسها 


بأمثال: والآن هو ذا أرقى الأمثال لديّ يظل أخرس داخل أعضائى! 


أخرس وحبيسا ظل أملي الأكبر! وأجمل وجوه شبابي وسلواناتها 


قد ماتت! 


كيف استطعت أن أتحمل كل هذا؟ كيف استطعت أن أتغلب على 


:.بارسيفال أرسلها له فاغنر فى نفس الوقت . وفى هذا هو الإنسان يستعيد نيتشه نص تلك 
الرسالة حرفيا تقريبا+ «ما الذي يجعلني أكتب كتبا جيدة؛ فصل : إنساني مفرط الإنسانية : 
المقرة 0 اي أرسلنت من نيما أرسلت نسختين إلى بايرويت. وبمحض أعجوبة 
من تلك التي تتأتى عن صدفة ذات مدلول وصلتني في الوقت نفسه نسخة أنيقة من 
مؤلف بارسغال مع إهداء من فاغنر «إلى صديقه العزيز فريدريش نيتشه . ريتشارد فاغنر 
المستشار الكنسي». التقى الكتابان في الطريقء وكان لوقع لقاتهما دوي غامض في 
ذهني . ألم يكن لذلك اللقاء وقع سيفين قد تصالبا؟ (. . .) يا للغرابة! لقد أصبح فاغنز 
كان نيتشه قد تطرق إلى الانقلاب الذي حصل على علاقته بن فاغئر ‏ كما على فلسفة 
شوينهاور ‏ فى المعرفة المرحةٌ. الكتاب الخامس› الفقرة TY‏ ما ھی الرومنطيقية؟ : 
«. . .لا بد أن يُرى إلى كل فلسغة وكل فن على أنه وسيلة منشطة ومساعدة فى خدمة 
الحياة النامية والمصارعة: كلاهما يشترطان وجود ألم ومتألمين. لكن هناك صنفان من 
المتألمين. أولئك الذين يتألمون عن زخم الحياة» والذين يريدون فنا ديونيزيّاء وبالتالى 
نظرة تراجيدية إلى الحياة ورؤية تراجيدية + وهناك الذين يتألمون عن فقر متخلل لصيرورة | 
لحياة» والذين يبحثون لهم عن راحة وسكون وبحر هادئ وخلاص من الذات من خلال 
الغن والمعرفة» 8 أيضا عن سكرة وتشنج ومخدر» وعن جنول . هذه الحاجة المزدوجة 
للصنف الأخير تتوافق مع كل رومانسية في الفنون والمعارف» وتنطبق على كل من 
شوبنهاور وريتشارد فاغنر كي لا نذكر غير الشهبرين والمعبرين أفضل تعبير عن صنف 
الرومنطِقييين. . .؟. 


YY 


هذه الجراح؟ وكيف استطاعت روحي أن تنيعث من جديد من هذه 
القبور؟ 

أجل. شيء لا تطاله الجراح ولا يقبل بدفن هنا لدي؛ شيء مفتّت 
للصخور: إسمه إرادتي. صامتا يتقدم ذلك الشيء عبر السنين لا يطاله 
تبذّل أو تغيير. 

فا ترود أن لتقن كن ا على كلم د ا ات 
من فولاذ تريد أن كوه 2 ريقو ANCE‏ 

منيع أنا في قدميّ فقط"'؟. حيّة ما تزالين هنا ووفيّة لنفسك دوماء أيتها 
الصَّبورة! وعلى الدوام ما تزالين قادرة على الانبعاث من كل القبور”" . 

فيك ما زال يحيا ما لم يُبدّد من شبابي؛ حياةٌ وشباباً تجلسين هنا 
مفعمة أملاً فوق الركام الأصفر لأنقاض القبور. 

أجل؛ ما زلتٍ مقوّضة كل القبور دوماً بالنسبة لي: طوبى لك يا 
إرادتي! وإنه فقط حيثما توجد قبور يكون هناك انبعاث. 


)١(‏ على عكس آخيل بطل الإلياذة الذي كان محاربا شديدا ومنيعا يستعصي على الموت لا 
نكن أنانضييه السهام الل إل في مرق فده رامات بين مر اطق بازيين 
على إخمص قدمه. 

(۲) نجد فيه هذه الأسطر الأخيرة صدى لرسالة نيتشه المتفائلة التى بعث بها إلى أوفربك بعد 
رسالته القاتمة التي ذكرناها في الهامش ٠١‏ . في رسالته هذه بتاريخ ١‏ فبراير ۱۸۸۳ يكتب 
من بين ما كتب: «. . . لقد كنت قبلها داخل هوة سحيقة من الأحاسيس » لكنني خرجت 
بنفسي «عموديا» من تلك الهوة السحيقة باتجاه أعاليَ. والآن «ستسير» الأمور على ما 
يرام : لنتمنى ذلك على الأقل! وفي الأثناء. وفي ظرف أيام قليلة كتبت أفضل كتاب لديّ 
(يعني به الجزء الأول من كتاب «هكذا تكلم زرادئت» ۔ المترجم)ء وما أريد أن أقوله إنني 
قد قطعت الخطوة الحاسمة التي لم أكن أملك الشجاعة الضرورية للقيام بها في السنة 
الماضية . كنت بحاجة في هذه المرة إلى كل قواي العشر ‏ وقد كانت في الموعد. 


TYEE ر‎ 


فى التغلب على الذات“ 


«إرادة الحقيقة» تسمون ذلك الذي يحرّككم ويؤجج رغبتكم يا 


كرف ال 


إرادة الإحاطة العقلية بكل موجود؟ هكذا أسمّي إرادتكم! 


0 إذ أنكم EE‏ 


كل موجود تريدون أولا أن تجعلوه معقولا” 


لكنه ينبغي أن يخضع لكم ويتشكل طوع رغبتكم! هكذا تريد 


إرادتكم. سويًا مصقول السطح ينبغي عليه أن يكون وخاضعا للعقل» 


(1) 


() 


ورد هذا الفصل فى المخطوطة الأولية تحت عنوان: «عن الخير والشر4. التغلب على 
الذات هو القانون الأنظولوجى للحياة وللتطور لدى شه .وهو سدا التجاوز الذي ينبي 
أن يفضي إلى الإنسان الأعلى» باعتبار «الإنسان شيء ينبغي تجاوزه» أو «جسر عبور إلى 
الإنسان الأعلى». التغلب على الذات هى اللحظة الحاسمة فى الصيروة «باعتبارها إبداعاء 
إزادة فيا الذاك ا مفلا E‏ کا قن: الحدى با رات اک رقن ارا 
لاان كل اة اة تلش اف ها بؤاتيطة عيلية فق د دف 
هاازريكد) قاررة السياة + رقانوف العجاؤق ق 0 راا 
وعلى الدوام ينتهي الأمر بأن يتلقى المشرّع نفسه هذا النداء: 

»patere legen, quam ipse tulisti+‏ (عليك أن تخضع للقانون الذي وضعته بنفسك). 
لعلها إشارة إلى المقولة الهيغلية : «كل معقول فهر واقعي. وكل واقعي لا بد أن يكون 


معقولا) . 


5 


تلك هى إرادتكم كلها يا صفوة الحكماء» إرادة قوّة؛ وحتى عندما 
تتكلمون عن الخير والشر وعن تثمين القيم. 

تريدون أن تبدعوا ذلك العالم أولا؛ ذلك الذي سيحق لكم أن 
تسسجدوا أمامه: ذلك هو أملكم الأخير ودشوة روحكم. 

أما عديمي الحكمة» أي عامة الشعبء. فمثلهم مثل النهر يمضي 
فوقه قارب؛ وفوق القارب تجلس الأحكام القيمية مهيبة ومقئعة. 

إرادتكم وقيمّكم وضعتم فوق نهر الصيرورة؛ إرادة قوة قديمة 
فلن الى تلق الدى و الس يوقيو 

انتم من أركت هؤلاء المسافرين الضيوف فى القارب وملحهم ا 
راشا مهيبة 95 ا وإرادتكم المسيطرة يا صفوة الحكماء! 

بعيداأ يحمل النهر الآن مركبكم: لا بد أن يحمله. ولا يهم إن 
تزيك الموجة المنكسرة وتتصدى بحنق لحيزومه! 

ليس النهر هو الخطر الذي يتهددكم ونهاية خيركم وشركم يا صفوة 
الحكماء؛ بل تلناك الإرادة ذاتهاء إرادة القوة - إرادة الحياة» تلك 

لكن لكي تفهموا كلمتي عن الخير والشرء أريد أن أقول لكم أيضا 
كلمتي عن الحياة وعن نوع كل ما هو كائن حي. 

لقد لاحقت الكائن الحى. ومضيت فوق أكبر الدروب وأصغرهاء 

عر ا انه وجه مضيت أقتنص نظرته عندما كان فمه ممتنعا 
عن الكلام: كي تحدثني عيئُه . وكان أن حدثتني عينه . 

لكن» حيثما وعدت أحيا شنم هخا أيضا حديث المطيع . 
كل ما هو حي مطيع بالضرورة. 


ر 9 


ار 


نشسه . كذا هى طبيعة الكائن الحى. 

أمَا الآن فإليكم المسألة الثالثة مما سمعت: وهي القائلة بأن الأمر 
كك وطأة من الطاعة. ولا يعود ذلك فقط إلى أن الآمر يحمل عبء 
كل المطيعين › وأن ذلك العبء يسحقه يسهولة : 

خطرا ومخاطرة رأيت فى كل الأوامر؛ وكلما أصدر الكائن الحى 
أمرا إلا وأقدم على المخاطرة بنفسه. 

وحتى عندما يأمر نفسه. هنا أيضا يكون عليه أن يدفع ثمن 
أ وفوف ن او أن يغدو فاضي قوانيئه الخاصة والمقتص 


والضحية فى الان ا 


كيف يحدث هذا الأمر ياترى؟ كنت أسأل نفسي. ما الذي يجعل 
الكائن الحي يقبل بان يطيع ويامر وفيما هو يامر يضع نفسه في موضع 
المطيع؟ 
لتصغوا إلى كلمتي الآن يا صفوة الحكماء! لتتفحصوا بدقة إن كنت 
حيثما وجدت كائنا حيا كانت ت هتاك أيضا إرادة قوة؛ وحتى فى 
إرادة الخادم وجدت إرادة أن يكون سيدا“ . 
)١(‏ أنظر اتهامش ١١١‏ : لنأوتآن) legem, quam ipse‏ عرعنهم ‏ 
)۲( يتناول جيل دولوز ناله إرادة القوة بتحليا ل مفصل فى كتاب النيتشه والفلسفة» ليلقي 
الضوء على هذا المقهوم الذي غالا فاك تاريل أو ينه A‏ فغالبا ما أخذ مشهوم 
الإرادة على أنه إرادة أحد ماء أو هي فعل فاعل يريد. وكأن الإنسان هو الذي يريد. في 
حين أن الإرادة نفسها هي التي تريد». وحدها إرادة القوة هي مايريدء إنها لا تترك نفسها 
تدب أو تستلب في موضوع آخرء حتى إن كان القوة . لکن كيف يمكن ”إمنا دها» (أي- 


T1 


أن يخدم الأضعفٌ الأقوىء فذلك ما تمليه إرادته التي تريد أن 


-الإرادة) إذاً؟ - يسأل دولوز ‏ فلنتذكر آن القوة هي في علاقة جوهرية مع القوة. ولنتذكر 
أن جوهر القوة هو فرقها الكمي مع قوى أخرى. وأن هذا الفرق يعبر عن نفسه كنوعية 
للقوة. والحال أن الفرق في الكمية» المفهوم على هذا النحوء يحيل بالضرورة إلى عنصر 
تفاضلي للقوى التي تجد نفسها في علاقة . . . . إن إرادة القوة هي العنصر الذي ينبع منه 
في الان نفسه الفرق في كمية القوى الموضوعة في علاقة (ببعضها البعض) وللنوعية التي 
تعود إلى كل قوة فى هذه العلاقة . 

أما نيتشه فإنه يكتب في إرادة القوةء القسم الثاني» 09: «هذا المفهوم الظافر للقوةء 
الذي خلق فيزيائيوتا بفضله الله والكون» يحتاج إلى مكمّل؛ يجب أن نسند إليه إرادة 
داخلية - سوف أسميها إرادة القوّة» . 

وبما أن إرادة القوة هى التى تريد إذأء وبصفة مستقلة عن أية إرادة» فإنه سيكون بوسعنا أن 
نفهم لماذا يجد «الكائن الحي؛ نفسه مدفوعا إلى أن يكون آمرا وفي الآن نفسه بضع نفسه 
في موضع المطيع؛ ولماذا يقدم نفسه طوعا كأضحية ولماذا يقبل الصغير (أو الضعيف) 
بالطاعة للكبير (أو الأقوى). لقد شغلت مسألة القوة والتضحية نيتشه فى كل أعماله 
تقريبا. 1 

وفى مقالة لماركو بروزوتى يعنران : لم82 Macht,in Nietzsche Studien.‏ لمن Opfer‏ 
1993 .2 (التضحية و القوة) يذكر اهتمام نيتشه بمداخلة عن «أصل البراهمانية» قدمها 
تلميذه القديم ثم طالبه فيما بعد ياكوب فاكرناغل في جامعة بازل يوم ۱۷ من نوفمبر 
5 : وكان نيتشه آنذاك فى عطلة فى سورينتى . لذلك سيطلب من صديقه أوفربك فى 
سنة 188٠‏ أن يمده بنسخة دن خلا ا أخرى لفاكرناغل. ما کان 
نيتشه في محاضرات فاكرناغل ونصوصه حول البراهمانية والفكر الفلسفي والديني 
الهنديين هم مسألتا الوجدء أو النشوة وطقوس التضحية وعلاقتهما بما يسميه ب#الإحساس 
بالقوة» الذي ينتج عن كليهماء واعتبارهما «كوسيلة لبلوغ الإحساس بالقرة» (,9 ۸5۸ 
6 سيطور نبتشه هذه الفكرة فى العديد من مسوداته (مسودات «الفحر؛ مثلا) ليخلص 
إلى فكرة أن البراهمانيين ب طقوس الأضاحى التى يقدمونها إلى الآلهة إلى 
استعمال هذه الأخيرةء أو تسخيرها لقضاء شؤونهم الات على مصاعب الحياة أو درء 
المخاطرء ليخلص إلى أن الضحية نفسهاء خاصة عندما يتعلق الأمر بأضحية بشرية» أو 
بالزوجات اللاتي يتم دفنهن أحياء مع أزواجهن المتوفين» هذه الضحايا تتوصل عبر 
التضحية بنفسها إلى بلوغ الإحساس بالسيطرة على نفسها» يغدو إحساسا بالسموء وبالقوة: 
#إحساس بتعاظم قوة لا يحذها حدا. وفي جنيالوجيا الأخلاق يكتب نيتشه» وهو لا 
يفعل سوى استعادة ما كتبه فاكرناغل عن قصة الملك البراهماني فيشفاميترا الذي نذر= 


TTY 


تكون سيدة بذورها على من هو أضعف: إنها المتعة الوخيدة .التى لا 
يريد التنازل عنها. 

وكما يبذل الأصغر نفسه للأكبر كى يجد متعة وسلطة على من هو 
أصغرء كذلك يبذل الأكبر نفسه من أجل القَوّة ‏ مراهنا بحياته . 

ذلك هو ثفانى الأكبر: مخاطرة وخطر ولعبة نرد تراود الموت. 
إرادة سيادة. عبر دروب ملتوية يتسلل الأضعف إلى القلعة وإلى قلب 
من هو أكثر قوة ‏ ويسترق من هناك قوة. 

هذا السر هو ما كلمتني به الحياة نفسها. «أنظرء قالت لي إنني 
ذلك الذى ينبغى عليه دوما أن يتجاوز نفسه. 

«ولئن سمّيتم ذلك إرادة إنجاب أو اندفاعا غريزيا إلى الغايةء إلى 
فاشو ارقي اهو ا واک تنوعا؛ فإنها تعني جميعها الشيء 
نفسهء ونفس السر. 

وإنني لأفضل الهلاك على أن أتراجع عن هذا الشيء الواحد؛ 
والحق أقول لكم حيثما يكون هناك انهيار وسقوط أوراقء» فلتنظروا إن 
لست هناك حياة تضحى بنفسها ‏ من أجل القوة! 


أن ينبغى على أن أكون صراعا وصيرورة وغاية ونقيض الغاية: آم 


-نفسه لألف سنة من التبتل وأعمال التكفير : «أتذكر القصة الشهيرة للملك فيشفاميتر! 
الذي توصل عن طريق آلف سنة من تعذيب النفس إلى بلوغ درجة عالية من الإحساس 
بالقوة والئقة في النفس جعلته يقرر أن يبني لنفسه سماء جديدة: الرمز الرهيب لمجمل 
تاريخ الفلاسفة القدماء منهم والمحدثين». ‏ جتيالوجيا الأخلاق» المطارحة الثالثة : في 
معنى مثل التبتل + الفقرة ,)٠١‏ 


إن الذي يحزر إرادتي سيحزر أيضا دون شك أية دروب ملتوية سيكون 
عله أن e‏ 

ومهما كان الشىء الذي أبدعه ومهما كان حبى له؛ فسأغدو عما 
قريب عدوا له ولحبى له ؛ هكذا تريد إرادتى . 

ونت أيضا السالك طريق المعرفة لست سوى مسربا وموطئ قدم 
لإرادتي: الح أقول لك إن إرادة القوة لديّ تمضي أيضا على آثار 
أقدام إرادة المعرفة لديك! 

وحقا لم يصب الحقيقة ذلك الذي قذف نحوها بعبارة «إرادة 
الوجود»؛ هذه الإرادة ل وجود ل" 

حيثما تكون هناك حياة فقط» تكون هناك أيضا إرادة: لكن ليست 
إرادة الحياةء بل وهذا ما أعلمك إياه ‏ إرادة القوة! 

هناك أشياء أخرى كثيرة يثْمّنها ذلك الذي يحياء أكثر من الحياة 
داتها ؛ لكن من خلال التثمين ذاته تتكلم إرادة القوة! 

هكذا علمتنى الحياة فى ما مضى؛ ومن خلال هذا الذي تعلمت 
أفك لكم أيضا ألغاز قلوبكم يا صفوة الحكماء. 


)١(‏ هذا النقد موجه إلى شوبنهاور الذي يقول بمقولة «إرادة الحياة» و«إرادة الوجود؛ («العالم 
كإرادة وتصور»). أنظر «إرادة القوةاء الجزء الثانى» ۲۳: «مبدثى هو أن إرادة علماء 
النفس السابقين هي تعميم غير مبررء وأن هذه الإرادة غير موجودةء وأنه بدل تصور 
التعبيرات المتنوعة عن إرادة محددة بأشكال متنوعة» جرى محو طابع هذه الإرادة عن 
طريق بتر مضمونهاء وهذه هي حالة شويتهاور بامتباز؛ Ea E E‏ 
صقة جوقاء» . 


الحق أقول لكم إن خيرا وشرًا خالديّن في الثبات ‏ أمر لا وجود 
له ! كل شيء محكوم بضرورة تجاوز نفسه على الدوام. 

بقيمكم وكلماتكم القائلة بالخير والشر تمارسون سلطة يا مثمّني 
القيم: وذلك هو حبّكم الخفىّ وبريق روحكم وارتعاشاتها وفورانها. 

لكنّ عنفا أقوى ينمو من داخل قيمكمء وتجاوزا جديدا؛ فوقه 
تتكسر البيضة وقشرة البيضة. 

وكل من يريد أن يكون مبدعا فى الخير وفى الشرء عليه أن يكون 
أولا مدمّراء وأن يحطم القيم . ٠ ٠‏ 

هكذا هو الشر الأعظم جزء من الخير الأعظم: لكنّ ذلك هو 
الخير المبدع”"' . 

لنتكلم عن ذلك ياصفوة الحكماء» وإن كان ذلك شنيعا. فالصمت 
أشنع ؛ ذلك أن كل الحقائق المكتومة تتحول إلى سموم. 

وليتحطم كل ما يمكن أن يتحطم تحت وطأة حقيقتنا! فهناك 
دوما بيت للبناء على الأنقاض! 


هكذا تكلم زرادشت . 


)١(‏ أنظر هذا هو الإنسان. لم أنا قدرء ؟: «إنني أفظع إنسان من بين ما وجد إلى حد الآن؛ 
لكن هذا لا ينفي أنني سأكون الأكثر إحسانا. أعرف لذّة في التدمير تتناسب وطاقتاي 
التدميرية + وأنا في كلا الأمرين خاضع لطبيعتي الديونيزية التي لا تفصل بين فعل النفي 
والاستجابة الإثباتية. إننى اللاأخلاقى الأوّل؛ لذلك فأنا المدمر بامتياز» . 


۹ 


عن ذوي المقام الرفيع 


ساكنة هي أعماق بحري؛ من يمكنه أن يحزر بأنها تخبئ غيلانا 
عابثة ! 

ثابتة أعماقي؛ لكنها تبرق بألغاز وضحكات غائمة. 

رجلا من ذوي المقام الرفيع رأيت اليومء واحدا ذا أبهةء تائب 
العقل : أوة) لكم ضحكت روحي من قبحه! 

بصدر منتفخ مثل أولئك الذين يسحبون نفسا عميقا؛ هكذا كان 
يقف هناك ذلك الرجل الجليل. وكان صامتا: 

موشح الصدر بحشد من الحقائق القميئة» صيده المحصل» وعليه 
ركام من الأسمال البالية؛ وهناك أيضا أشواك كثيرة عالقة به“ - لكنني 
لم أر وردة واحدة. 

لم يتعلم الضحك بعد ولا الجمال. قاتما عاد هذا الصيّاد من 
غابة المعرفة. 
)١(‏ إشارة ساخرة إلى يسوع المسيح . أنظر مى الاصحاح ۷ ۷ ۳١‏ «فأخذ عسكر 

الوالي يسو إلى دار الولاية وجمعوا عليه كل الكتيبة. فعزوه وألبسوه رداء قرمزياً. 


وظفروا إكليلا من شوك ووضعوه على رأسه وقصبة في يمينه. وكانوا يجثون أمامه 
ويستهزئون به قائلين السلامٌ عليك يا ملك البهود». 


۲۳١ 


عائد من قتاله محملا بطرائد الوحش؛ لكن في نظرته الصارمة 
هناك حيوان وحشي أيضا ‏ حيوان لم يتم التغلب عليه وتجاوزه! 

مثل نمر يقف هناك متربصا يهم بالانقضاض؛ لكنني لا أحب هذه 
الأرواح المتوترةء ولا يروق لي كل أولنك المنسحبين. 

وتقولون لي أيها الأصدقاء إن مسائل الذوق والألوان لا تخضع 
للجدال؟ لكن الحياة كلها خصام حول مسائل الذوق والآلوان! 

ا إنه الوزن والميزان والوازن في الآن نفسه؛ وويل لكل 
كائن حى يريد أن يعيش دون خصام حول الوزن والميزان والوازن! 

لو أن ذا المقام الرفيع هذا يمل رفعته» فسيتجلى جماله عندهاء 
وعندها فقط سأرغب في تذوقه وفي استساغة مذاقه. 

وط عدا بدي له ا لا سيكو ند بوسعة أن قف عل طله 
يقفز حقاء داخل نور شمسه. 

لزمن طويل جدا ظل قابعا في الظل؛ وقد شحبت وجنتا تائب 
العمّل هذا وكاد يهلك جوعا جراء انتظاره . 


عمنة مازالت تر شح احتقاراء وقرف يختفي نبو" 


شيف افيف آنه 


الآن في حالة استراحةء لك راحته لم تستلق بعد في الشمس. 


)١(‏ الذوق بالمعنى الغلسفي مصطلح يتردد كثيرا لدى الصوفية أيضاء ويعني لديهم التجربةء 
والاختبارء أو المعرفة المحصلة عن طريق الرياضة والتجربة الشخصية. وفى فلسفة 
الإغريق القدامى فإن مصطلح «هندامهه؛ الذي يعني الحكمة ينحدر سلالياً من عبارة 
وأصهد: أتذوق» ومنها 5021615 وهو المتذوّق. وده:اطلاواة» الرجل ذو الذوق المرهف› 
أو الرفيع. 
أنظر أيضا الفلسفة في زمن التراجيديا الإغريقية (من منشورات التركة النستشوية) . 


وفى شذرة من كنشات خريف سنة 1۸۸١‏ نجد: «الذوق أقوى من كل أخلاق». 


TY 


مثل الثور ينبغي عليه أن يفعل؛ وبرائحة الأرض ينبغي لسعادته أن 
تعبق» لا برائحة احتقار الأرض . 

ثورا أبيض آنل أن أراى تر ع ويزيد أمام المحراث؛ وليكن 
رُغاؤه مديحا لكل ما هو أرضي! 

قاتمة ماتزال صفحة وجهه؛ ظل يده يرقص فوق وجهه؛ والفكرة 
مازالت تتراءى مغشاة بالظلال داخل عينه. 

عمله نفسه مايزال طلا يغطي هامته؛ فاليد تعتم الفاعل. إنه لم 
يتجاوز عمله بعد. 

ولكن كنت أحب رقية الثور فيه» إلا أنفن أريد أن أرى فيه الآن 
غين الماك أيفنا: 

عليه أن ينسى إرادة البطولة أيضا؛ مرتفعا أريد أن أراه وليس فقط 
ذا مقام رفيع: خفيفا يطفو على سطح الإثير أريده. ذلك الذي تجرد 

لقد أخضع غيلانا وحل ألغازا؛ لكن عليه أيضا أن يخلّص غيلانه 
ويحل ألغازه الخاصة؛ أطفال جنّة عليه أن يحوّلها. 

معرفته لم تتعلم الضحك بعد وأن تكون بلا حسد؛ صبوته 
الجياشة لم تركن بعد إلى السكون في الجمال. 

حقا أقول لكم. ليس في الشبع ينبغي أن تسكت رغبته وتندثرء بل 
فى الجمال! ذلك أن الحسن جزء من سماحة الأنفس العظيمة. 

باسطا ذراعه فوق رأسه؛ هكذا ينبغي على البطل أن يستريح. 
وهكذا ينبغي عليه أن يتجاوز استراحته أيضا. 


AAS 


لكن البطل بالذات هو الذي يكون الجميل أصعب الأمور عليه 
على الإطلاق. إن الجمال يستعصي على كل إرادة عنيفة. 

أكثر من المقدار بقليلء أو أقل بقليل؛ وهذا القليل بالذات كثير 
هنا اه ك اهمه عاد 

أن ا حي رك اوراز اده عي و ب 
الأمور عليكم جميعاء يا أصحاب المقام الرفيع! 

وعندما تغدو القوة رحيمة وتنزل من عليائها إلى مجال المرئي ؛ 
جنا لذ افر هذا الول 

وما مك أبحد اريك مته حمالا هكذا متلما أريد .ذلك منك أنقء يها 
القوي : وليكن خيرك آخر انتصار لك على نفسك. 

أعرفك قاذرا على كل شر لذلك أريد متك الحير: 

والحنّ أقول لك لكم ضحكت من الضعفاء يظنون أنفسهم خيّرين 
لأن أكقهم واهنة مشلولة. 

فضيلة العمود عليك أن تحاكي في طموحك؛ كلما ارتفع أكثر إلا 
وغدا أجمل وألطف. لكنه أكثر صلابة في الداخل واک فرك 
التحمّل . 

أجل» أيها الرفيع» ذات يوم سيكون عليك أن تغدو جميلا أيضا 
وستمسك بالمرآة في وجه جمالك الخاص. 

عندها سترتعش روحك برغبة قدسية؛ ويكون لك خشوع حتى في 
غرورك! 

إذ هذا هو سر الروح؛ فقط عندما يكون قد هجرها البطلء يقترب 
منها في الحلم ‏ طيف البطل الأعلى . 

هكذا تكلم زرادشت 


TE 


عن بلاد الثقافة“ 


بعيدا فى أعماق المستقبل مضيت فى طيرانى»ء وهناك تملكنى 
الذعر. 

وعندما نظرت من حولي ماذا رأيت! كان الزمن هو معاصري 
الوحيد. 

عندها عدت فى طيرانى إلى الوراءء باتجاه موطنى - وبسرعة أكبر 
فأكبر : هكذا حللت بينكم في بلاد الثقافة أيها المعاصرون. 

ولأول مرة أقبل عليكم بعين غير مغرضة ورغبة صادقة ٠:‏ والحق 
أقول لكم» بشوق في القلب جتتكم أيضا. 

لكن ما الذي حدث لي؟ رأيتني مدفوعا إلى الضحك - بالرغم من 
خوفي! أبدا لم يحدث أن رأت عيني شيئا ملطخا بالألوان مثل هذا 
الذي رَأنَك! 

ضحكت وضحكت بينما قدماي ترتعشان» وقلبي أيضا: «هي ذي 
حقا بلاد كل قوارير الألوان!» قلت لنفسى. 

مزوّقي الوجه والأعضاء بمائة لطخةء هكذا رأيتكم لدهشتي 
تجلسون ايها المعاصرون ومائة مراة من حولكم تناجي وتحاكي 
مهرجان ألوانكم! 


)١(‏ العنوان الأولى فى المخطوطة التى قدمها نيتشه للناشر : «عن المعاصرين». 


To 


حقا أقول لكمء ما كان لكم أن تجدوا البتة قناعا أفضل من 
وجهكم هذا أيها المعاصرون! ومن ترى سيكون بوسعه أن يتعرف 
علیکہ! 

يكم 

مغعمورولد من الو امون حتی القدمين بعالامات من الماضي مغمورة 
بدورها بعلامات جديدة: هكذا تسترتم كما ينبغي على كل فكاك ألغاز 
ذي فراسة! 

وحتى لو كان المرء ذا قدرة على سير الكلى ل فمن 2 
فل فد نلک کل وقلك! إن ادون متحبولين :من ألوان 
رفا نات كواعة 

كل الأزمنة والشعوب تُطل مزيج ألوان من خلال حجابكم؛ كل 
القيم والعقائد تتكلم جلبة ألوان من خلال إيماءاتكم . 

ولو عن لأحد أن يرفع عنكم كل الأحجبة والأغطية وكل ألوانكم 
عراة وبلا ألوان؛ لقد لذت بالفرار عندما أومأ لى ذلك الهيكل العظمى 
أشباح الماضي! ذلك أن سكان العالم السفلي أيضا أكثر لحما وأكثر 
امتلاء منک ! 


)١(‏ أنظر أرمياء (العهد القديم) الاصحاح :۲١ /١١‏ افيا رث الجنود القاضي العدل فاحص 
الكلى والقلب. . .» والاصحاح ٠١/1۷‏ : «أنا الربَ فاحص القلب مختبر الكلى. . ٠.‏ 
وكذلك في مواقع أخرى كثيرة من كتابي العهد القديم والعهد الجديد. 

(۲) كأن نيتشه يستدعي هنا واقعة هبوط عوليس (الأوديسة) إلى العالم السفلي ولقاءه بأخيل ± 


i 


أي نعم» تلك هي مرارة أحشائي» أن لا أستطيع تحمّلكم لا عراة 
ولا مكسوّينء أيها المعاصرون! 

كل ما يمكن أن يكون فظيعا مفزعا في المستقبل» وكل ما يمكن 
أن يبث الذعر في طيور السماء لهو في ا الف وكير انها 
بالنسبة لي من «واقعيتكم؟. 

إذ هكذا تتكلمون: «واقعيّون نحن كليّاء وبلا إيمان ولا خرافات»: 
هكذا تنفخون صدوركم متبجحين - بل وبلا صدور علاوة على ذلك! 

كيف تستطيعون إيمانا أيها المزوّقون» وآنتم لوحة ملفقة من كل ما 
كان يمن به دوما! 

تفنيد يسعى على قدمين آنتم» تفنيد للإيمان نفسهء وكسور في 
أعضاء كل فكر. عديموا المصداقية؛ هكذا أسمّيكم أيها الواقعيّون! 

كل العصور تثرثر ضد بعضها البعض داخل عقولكم؛ وكل أحلام 
وثرثرة العصور جميعها كانت أكثر واقعية هي أيضا من يقظتكم! 

عقيمون أنتم: لذلك أنتم تفتقرون إلى الإيمان. لكنّ كل من كتب 
عليه أن يكون خلاقا مبدعا كانت له رؤى آحلام واقعيّة وطوالع في 
السماء ‏ وكان يؤمن بالإيمان! ‏ 

أبواب منفرجة أنتم يفف عليها حفاروا قبور منتظرين. وهذه هي 
واقعتتكم: «كل شيء حقيق بأن ينهار ويضمحل». 


الذي بدا له أنه ما يزال ذا قوة وسلطان حتى داخل مملكة الآموات: لكن هذا الأخير 
يجيبه : أىء لاترّين لى وجه الموت يا عوليس الدبيل! . . . إنه لأحب إل أن أكون مزارعا 
يقود الثيران في خدمة فلاح ققير» مزارعا لا شأن له في السيادة على هؤلاء الأموات» على 
كل هذا الشعب المنطفئ». ونيتشه يتمنى هنا العكس أو يقلب المعادلة» فلكأن عالم 
المعاصرين لديه هو عالم «هؤلاء الأموات» وهذا الشعب المنطفى؟. 


ودف 


أهء في أي حال تقفون أمامي أيها العقيمون. وأية هشاشة في 
أضلعكم! عقي بماك “ند اع أن يدرك ذلك بنفسه. ۰ 

وعندها قال: ١لا‏ بد أن هناك إلها قد اقتطع مني جزءً بينما كنت 
نائما؟ حمّاء ما يكفي لكي يشكل منه نی ! 

عجيبة هي ضحالة أضلعي!» هكذا تكلم واحد من المعاصرين. 

أجل» إنكم لتبدون لي مضحكين أيها المعاصرون! وخاصة عندما 
تعجبون من أنفسكم! 

وويل لي إن لم أستطع أن أضحك من تعجبكمء وأن يكون عليّ 
أن اتی لأكرع من كل شراب كرية في أوانيكم! 

لكنني أريد أن آخذ الأمر باستخفاف معكم. ذلك أن لي حملا 
ثقيلا علي أن أحمله؛ وما ضرّني أن تربض جعلان وحشرات أيضا 
فوق حمولتي! 

الحق أقول لكمء إن ذلك لن يجعل حملي أثقل! ولستم من 
سيصيبني من جرائه التعب الكبير أيها المعاصرون. - 

آهء إلى أية أعال سيكون علي أن أطير بشوقي! من فوق كل 
الجبال أجول بنظري بحثا عن وطن أم وأرض آباء وأجداد”" . 


)١(‏ إشارة ‏ على طريقة الباروديا الساخرة دوما ‏ إلى ما جاء في سفر التكوين من العهد القديم؛ 
الاصحاح الثاني/ 5١‏ - ۲۲: «فاوقم الرب سانا علن ادم فنام . فاخذ واحدة من افتلاعة 
وملاً مكانها لحما. وبنى الرب الإله الضلع التي أخذها من آدم امرأةٌ وأحضرها إلى آدم؟. 

)( يسمى الوطن ی اللغة الألمانة Vaterland‏ أو «الو طن الأب" 5 أو حرفيا امو طن الأب 
خلافا لما نعرفه في اللغة العربيةء وفي الفرنسية أيضاء حيث الوطن «أم» أو «وطن أم»» 
لذلك كان علينا أن نقلب العبارات لترجمة تلاعب نيتشه بالألفاظ الذي ورد كالاتي في 
النص الأصلي : Vater - und - Mutterland‏ وجعلناها ‏ كي تستقيم في العربية ‏ وطن أم 
وأرض آیاء وأجداد». 


774 


لكنني لم أجد لي موطنا في أي مكان: عابر أنا في كل مديئة» 
ولحظة رحيل أمام كل بوابة. 

غرباء بالنسبة لي ومهزلة هم المعاصرون الذي كان يدفعني إليهم 
الشوق قبل قليل؛ مشرد أنا الآن من كل وطن وأرض آباء وأجداد. 

وهكذا لم يعد لى من خب سوئ لأرض البنين»: تلك التى لم 
تكتشف بعد» في أقصى البحار: إليها أدفع بمركبي» أبحث عنها 
وا 

من خلال أولادي أسعى للتكفير عن كوني إبنا لآبائي» وبالمستقبل 
أسعى للتكفير عن هذا الحاضر! 


هكذا تكلم زرادشت 


۳4 


عن المعرقة الطاهرة 


عندما طلع القت اة ايه بدا لي كما لو E ETE‏ 
شمسا؛ لفرط ما كان يتراءى عريضا وممتلئا وهو يتريع على خط 
الافق. 

لكنه كاذبا كان في حمله المزعوم؛ بل إنني لأميل إلى الاعتقاد بأن 
رجلا يختبئ داخل القمر وليس امرأة. 

وهو لاشك أقل رجولة أيضاء ذلك الكائن الليلي الخجول. حقاء 
تشر قلق آراة يمر فوق السطوح . ۰ 

ذلك أنه شهواني وغيورء ذلك الراهب الذي في القمرء مضطرمٌ 
باشتهاء الأرض وكل مسرّات المحبين. 

كلاء لا أحبهء ذاك القط المتجول فوق السطوح! كريهة عندي كل 
تلك الكائنات التي تحوم متسللة حول نوافذ نصف مغلقة! 

ورعا وصامتا يتنقل على بُسط من النجوم: لكنني لا أحب كل هذه 
الخطوات الساكنة عند الرجالء والتي لا يرافقها رنين المهاميز . 

خطوة الرجل الشريف تنطق بوقعها؛ لكن القط يمر متسللا بخطى 
ساكنة فوق الأرض. أنظرْء لذلك هو بطبع القطء وغير شريف ذلك 
الق 

هذا المثال أضربه لكم أيها المنافقون الحساسون. أنتم أيها 
«الساعون فوق دروب المعرفة الطاهرة»! شبقيّون أسمّيكم! 


5 


اغ اتخون الارن وکل ارج لقعد ارات وا :في 
خفاياكم! ‏ لكنّ خجلا هناك في حبّكم وأزمة ضمير ‏ مثلكم مثل 
القمر! 

عقلكم هو الذي تم إقناعه باحتقار كل ما هو أرضي» لكن ليس 
أحشاءكم ؛ غير أن هذه الأخيرة هي أقوى ما فيكم ! 

والآن هو ذا عقلكم يخجل من كونه عبدا لإرادة أحشائكم ويمضي 
فار من خجله عبر دروب موارية وكاذية. 

ايفن الأسسن أن أنظر إلى الحياة مجرها من كل زغيةة :بلا لشان 

أن أكون سعيدا فى النظر بإرادة ميّتة» متخلصا من سطوة ولهفة 
الآنانئة اروا اكيت نة الاس نحي العدميقة» الك بعين تهر 
سكرى! 

أَحَبَ الأماني إلى - هكذا يغوي الواقع في فتنة الغواية نفسه - أن 
أخب الأرض كما بها القمر» وأن الأفس. جمالها بالعين فقط. 
وذلك هو معنى المعرفة الطاهرة بالأشياء كلها في نظري: أن لا أرغب 
من الأشياء كلها في شيء»ء سوى أن أستلقي أمامها مثل مرأة بألف 
عین . 

أوه» أيها المنافقون الحساسون: أيها الشهوانيّون الخليعون! 
تنقصكم براءة في الرغبة؛ وها أنتم تفترؤن عليها إذأ وتدعونها 
شهوانية . 


وعشاق صيرورة! 


أن وجا البواءة؟ ین جد إزاذة ا ات وان ف وريه أن 
يبدع ما يفوق منزلته لهو في نظري صاحب الإرادة الأنقى . 

أين يوجد الجمال؟ حيث يجب علي أن أريد بكل ما أوتيت من 
اف خی أزيد أن اخ وأمضي الى وی فلا تظل صورةٌ ما 
مجرد صورة فقط. 

الحبّ والهلاك: تناغم قائم منذ الأزل. إرادة الحب: ذلك يعني 
أن يكون المرء على استعداد لإرادة الموت أيضا. هكذا أكلمكم أيها 
العم 

لكن ها أنَ نظراتكم الحولاء الخصيّة تذعي الآن أنها «سكينة 
تأمَل»! وكل ما يمنح نفسه لمداعبة العين الجبانة ينبغي أن يعمد 
ب«الجميل؟! أوهء أنتم يا مدنّسي الأسماء النبيلة! 


أن لا يكون لكم أن تلدوا أبدا؛ حتى وإن كنتم تتمددون عريضين 
وم علن شظ و 


الحق أقول لكمء إنكم تتناولون ملء الفم من العبارات النبيلة: 
وتريدوننا أن نصدق بأن قلوبكم تفيض على شفاهكمء أيها الكذّبة؟ 


)١(‏ يرد فى المخطوطة الأولية: ..١‏ . أيها الجبناء [الذين تريدون حا بلا معاتاة]. 

(؟) في المخطوطة الأولية ترد هذه الفقرة» وهي مشطوبة من طرف نيتشه في ما بعدء كالآتي : 
[«أيها العارفون التقيّون. إنكم تظهرون أنفسكم على أنكم من يتقبل دون أن يتدنس]: 
«معرفة نقيّةه؛ هكذا تسمون تسكعكم القمري فوق السطوح. ذلك التسكم الشهراني 
العقيم : لكن أبدا لن يُكتب لمثل هذه «النقاوة» أن تلد [شمسا] نجما!». راجع أيضا ما ورد 
فى «ديباجة زرادشت» من الجزء الأول : «على المرء أن يظل يحمل فوضى فى داخله كى 
يستطد أن" لذ نعم ر اوتا 1 


22 2 


3 


أما كلماتى أنا فتافهة. محتفّرة» معوجة: بكل سرور ألتقط كل ما 
ر )0 
يقع تحت مائدة طعامكم : 

بهذه الكلمات أستطيع دوما أن أصدع بالحقيقة للمنافقين! نعم » 
ليدغدغ ما تجمّع لدي من حسكات وأصداف وأوراق شائكة أنوف 

هواء عطن من حولكم وحول موائدكم على الدوام: أفكاركم 
الجشعة وأكاذيبكم ونواياكم الخفية تحوم في الهواء. 

لتكن لكم جرأة أولا على تصديق أنفسكم ‏ أنفسكم وأحشائكم! 

ع إله وضعتم على وجوهكم. أيها «الطاهر ون“ : وتحت قناع إل 
اختبأت دودتكم الكريهة . 

حقاء إنكم قادرون على المخادعة أيها «المغمورون بالسكينة»! 
وزرادشت نفسه قد خدع في ما مضى بجلودكم الإلهية لهية؛ لم يكن له أن 
يدرك بأي -حشكد م ن التعابين قد حشيت تلك الجلود. 

روخ إل كنت أطنتي, أراها ترقص في ألعابكمء أيها العارفون 
الأنقياء ! ! ولم أكن E‏ ا رفن مر ن ألاعيبكم! 


)١(‏ أنظر إنجيل لوقا؛ الاصحاح :5١1-194 /١7‏ اكان إنسان غني وكان يلبس الأرجوان والبز 
وهو ينعم كل يوم مترفها. وكان مسكين إسمه لعازر الذي طرح عند بابه مضروبا بالقروح» 
ويشتهي أن يشبع من الفتات الساقط من مائدة الغنيَ». في كنشات المسودات التتخطيطات 
والهوامش لطبعة الدراسات النقدية للأعمال الكاملة التى أعدها مونتي وكولليتاري _ نقرأ 
أيضا: «سكون. تواضع في موقع الأعالي./ حلية زينة سأصنم لي سن كل ما يقع على 
الأرض من مائدة الحياة: وبما أجمّع من حسكات وأصداف وأوراق شائكة سأكون أحسن 
زينة منكم)». 

١ د‎ 


YET 


كان بعد الدسافة يحجب عني قذارات ثعابين وروائح كريهة» وأن 
نكر لودو يل را رها هناك 

لكنني اقتربت منكم؛ وهنا أشرق لي نور النهار؛ وها هو الآن 
يضيء عليكم أيضا. وكانت تلك نهاية نت القمر! 

لتنظروا إليه! مباغتاً شاحباً يقف هناك أمام الفجر! 

إذ هي ذي آتيةء تلك الملتهبة - حبها للأرض يتقدم! براءةً ورغبة 
خلق هو حب الشموس دوما! 

أنظروا إليها كيف تتقدم متآججة نافذة الصبر من فوق البحر! ألا 
ترون طا هزه وانتاسه الحارة؟ 

إنها تريد أن تكرع من البحرء تشرب أعماقه وتمتصها إلى أعاليها: 
وها هي الآن رغبة البحر ترتفع بألف ضرع نحوها. 

تريد أن تلثم وأن يمتصّها ظمأ الشمس؛ هواءً تريد أن تتحول 
وعلوا ومسرب نورء ونوراً هي ذاتها. 

الحقٌّ أقول لكمء مثل الشمس أحب الحياة وكل البحار العميقة. 


وهذا هو معنى المعرفة لديّ: أن تصعد كل الأعماق ‏ إلى علوّي! 


عن العلماء 


بينما كنت نائما جاء خروف وقضم من إكليل اللبلاب الذي كان 
يطوق رأسي؛ وفيما هو يقضم كان يقول: «زرادشت لم يعد عالما». 

شكذا قال واتصرق مامتها رهوا لقد يروي لى .ذلك أحد 
الأطفال . ۰ 

أحب الاستلقاء هناء حيث يلعب الأطفال حذو الجدار المتداعى 
وبين أشواك الدرّاج وأزهار الشقائق الحمراء. 1 

عالِما مازلت بالنسبة للأطفال وكذلك بالنسبة لأشواك الدراج 
وأزهار الشقائق الحمراء. إنها كائنات بريئة حتى في خبثها. 

أما بالنسبة للخرفان فلم أعد كذلك؛ ذلك ما يريده قدري ‏ بورك 
هذا القدر! 

إذ هي ذي الحقيقة: لقد غادرت بيت العلماء»ء وصفقت الباب 
ورائي وأنا أخرج هم اناك 

طويلا ظلت روحي تجلس جائعة إلى مائدتهم؛ فأنا 5 آرت مثلهم 
على قضم المعرفة كمن يكسر جوزا. 

أحب الحرية والهواء فوق الأرض الطريّة؛ وإني لأفضل أن أنام 
فوق جلود الثيران على افتراش تشريفاتهم وآيات اعتبارهم . 


Y0 


ساحن جدا أنا ومحترق بأفكاري : و شرا نا تی شای بهذه 
الأفكار. عندها لذ بد أن أخرج إلى الفضاء الرحب» بعيدا عن کل 
الغرف التى يغمرها الغبار. 

لكنهم باردين يجلسون في الظل البارد: إنهم يريدون أن يكونوا في 
فوق المدارج. 

مثل أولئك الذين يقفون في الشارع ويحدقون ببهتة في المارة من 
أمامهم. كذلك ينتظرون هم أيضا وينظرون ببهتة إلى الأفكار التي 

وإذا ما حركهم المرء بيده تعالى غبار من حولهم مثل أكياس من 
الطحين» ودونث إرادة منهم : لكن من ترأه سيتوهم أن غبارهم ذلك 
متأتٌ من القمح ومن البهجة الذهبية لحقول الصيف؟ 

وإذا ما تصلعوا كلام الحكماء يقشعر جسمى لمقولاتهم وحقائقهم 
الحقيرة: لحكمتهم رائحة عطنةء كما لو أنها طالعة من مستنقع؛ 
والح أقول لكمء كثيرا ما سمعت نقيق الضفادع أيضا من خلالها! 

بارعون همء ولهم أصابع شاطرة: ما لبساطتي وتعقيداتهم! 
لأصابعهم دراية بكل غزل ونسج وحياكة: وهكذا تَصنع جوارب 
تلعقل ! 
رقاصها بدقة! وعندها تعلن لك المواقيت دون خطأء وفيما هي تفعل 

مثل طواحين يشتغلون ويجرشون: على المرء فقط أن يرمي لهم 
بحبوبه! ‏ إن لهم معرفة بطحن الحبّ وتحويله إلى غبار أبيض . 


3 


يراقبون أصابع , بعضهم البعض ولايثقون حتى في في أفضلهم . مبدعون 
في الحيل الصغيرة؛ يتربصون بأولثاك الذين تسير معرفتهم على أرجل 
مشلولة» - مثل العناكب ينتظرون متربصين . 
رأيتهم يعدون على الدوام سموما بكل حذر؛ وكانوا يحرصون 
دوما على وضع قفازات من زجاج لحماية أصابعهم . 
يجيدون اللعب بزهر مزوّر أيضا؛ ولكم رأيتهم منكبين على لعبتهم 
ى يجعلهم يتصببون عرقا. 
غريبون نحن عن بعضناء وذائقتي تشمئز من فضيلتهم أكثر من 
زيفهم ومن قطع زهرهم المزورة. 
رعا كنت أقم بتي كنت أسكن فوقهم. وذلك هو ما آثار 
إنهم لا يحبون أبدا أن يتمشي أحد فوق رؤوسهم؛ لذلك وضعوا 
خشبا وترابا وفاذورات بيني وبين رؤوسهم. 
هكذا أخمدوا وقع خطاي؛ وإلى حد الآن فإن أكبر العلماء ظلوا 
أسوأ الناس استماعا إلي. 
لقد وضعوا كل أخطاء البشرية وضعفها بيني وبيئهم: «أرضية 
مزيفة؟ يسمون ذلك في بيوتهم. 
لكنني» وبالرغم من ذلك أمشي بأفكاري فوق رؤوسهم؛ وحتى لو 
أنني أردت المشي على قدمين من أخطائي الخاصة» فإنني سأظل مع 
ذلك فوقهم وفوق رؤوسهم. 
ذلك أن الناس ليسوا سواسية: هكذا تتكلم عدالتي. والذي أريده 
أنا لا يحق لهم أن يريدوه. 
هكذا تكلم زرادشت. 


TEY 


عن الشعراء 


«منذ عرفت الجسد معرفة أفضل» - قال زرادشت لأحد تلامذته - 
لم تعد الروح بالنسبة لي سوى مجرد صورة بلاغية؛ وكل ماهو 
ال لسن نوو سوق ا 

«هكذا سمعتك تقول ذات يوم» أجابه التلميذ؛ وقد أضفت آنذاك : 
الك الشهراء يكديوق تدرا الم كلت إذا إن الشعراء يكعديون 
کشر ا؟) . 

لماذا؟ قال زرادشت . سای لحاذا؟ لست دن اولك الديق جن 
للمرء أن يسألهم عن أسبابهم ومبرراتهم. 

قل أن تخر من ينات الا مثل رن جد :عشت اسي 
ومبورّرات أفكاري . 

الج ع إذا أن أكون كين ذكرياك ادا كان عل أن 
أحتفظ أيضا بمبرّراتي”" . 


)١(‏ قارن مع الأبيات الأخيرة لفاوست مع فارق أن غوتة يكتب : «كل ما هو عابر/ ليس سوى 
استعارة». أنظر الهامش ۷٦‏ أعلاه. 

(؟) يشير نيتشه هنا إلى الطريقة الميجلة لديه في الكتابة» وهي الشدذرات ,تناع -Aphorisn‏ 
5 ,0151265 تأمقء والتى يبجلها شوبنهاور أيضا فى بعض كتاباته . وقد عرف 
بها كل من مونتانيي وباسكال أيضا . وفي قاموس المصطلحات النيتشوية (5ع1ع24]ءNi‏ = 


۲4A 


إنه لمن الكثير على الاحتفاظ بأفكاري فحسب؛ وهناك عصافير 
عديدة تمر مني من حين لآخر. 


)Wêrterbuch, W de Gruyter Verlag =‏ الذي تشرف على إنجازه حاليا مجموعة 
Nietzsche Research Group (Nijmeng)‏ _ (صدر منه إلى حد الآن الجزء الأول فقط) 
نقرأ هذا التعريف : «الشذرة هي خلاصة مسار تطور طويل قد أنجز الكاتب خلاله» وهو 
يسلك دروب مخاطرة: تجارب (تجريب/ محاولة) متنوعة. وتطرق دون خوف أو تردد 
إلى مسائل من صنف الممنوعات التي ين ينبغي أن تظل طي الخفاء ء كمحر مات» (والكلام هنا 
لنيتشه نفسه من كنشات الشذرات والملاحظات رقم: .1١ [oY NÛ‏ 04. «إن 
الشذرات تعرض نتائج هذا المسار» (2]1 07175 .1١‏ 017) اوتتراءى بموجب ذلك 
كما لو أنها مجتثة من مسار تطورهاء منفصلة عن مسار الزمنء وبالتالى «أشكالا للأبدية» 
(من أفول الأصنام؛ تسكعات رجل غير مطابق للعصر). ويضيف قاموس المصطلحات 
النيتشوية أن الاقتضاب الذي تتميز به الشذرة و«الطابع النواتي» لصياغتها وذلك النوع من 
انفتاح عملية التفكير» تمثل بالنسبة للقارئ استفزازا يدفع به إلى الاشتراك النشط في عملية 
ال خت رأي ه. كروغر)ء إذ يجد القارئ نفسه أمام فرصة ة لمعايئة مسلماته وإعادة 
النظر فيها واختبارها. هذا الإيعاز الذي يحفز على التفكير المستقل يبدو هدفا مركزيا في 
الفلسفة النيتشوية التي لا تمثل في الحقيقة نظرية - حسب شابيرو ‏ » بل ممارسة غايتها 
فسح المجال إلى تكوين العقول الحرة (عقل حر/ عقل أكثر تحررا). ويرى عدد من 
المقك رين والفلاسفة (كوفمان» دولوزء موتكريول وشابيرو وكرنكريول) في تبني نيتشه 
لطلريقة الشذرة نة سجالية موجهة ضد التفكير النظامي المتداول في الفلسفة. ا النظم 
والأنساق الفلسفية » ويرون فى كتابة الشذرات الشكل الملائم للفكر المتشم ل/ أو الجوّال 3 
أو فكر الترحال الدائم الذي لا يكف عن تغبير رُوآيا النظر دوق القطاع على عكس الفكز 
المستقر الذي يعتبر بِنَاءً لأنظمة. 
في أفول الأصنام؛ تسكعات رجل غير ملائم للعصر ‏ الفقرة »5١‏ نقرأ: «إن الشذرات» 
تلك المقولات التي أمكّل فيها المعلّم الأول عن بين الألمانء هي أشكال («الأبدية»؛ يتمثل 
طموحي هنا في أن أقدر فى عشر جمل على قول ما يقوله واحد غيري في كتاب كامل ب بل 
فا له ترلته آى اح ارقن اكاب © ون الميتائر قله الان انان اقرط 
الإنسانية نقرأ: التحفظتي السماء من المطارحات الكتابية ممططة النسيج! ولو أنه كان 
( لأفلاطون شيء أقل من المتعة في نسج المطولات لكان للقراء أكثر متعة في قراءة 
a‏ 


4۹ 


حمامى . ير تعش حسده عندما تلامسه يدي . 


لكن» ماذا قال لك زرادشت ذات مرة؟ إن الشعراء يكذبون كثيرا؟ 
- لکن زرادشت شاعر هو انضنا: 

فهل مازلت تعتقد إذاً أنه كان يقول الحقيقة آنذاك؟ ما الذي 
يجعلك تعتقد ذلك؟). 


«إنني أؤمن بزرادشت» اجاب التلميذ. لكن زرادشت راح يهر 


در اة اونن سيل 
نر ر 


إن الإيمان لا يجعلني سعيدا" وأقل من ذلك الإيمان بنفسي . 


لكن لو افترضنا أن أحدا قال بكل جدية: إن الشعراء يكذبون 
كر اله لاله سكر 3 شحنا كن داق اننا تكدين E‏ 


)١(‏ مرقسء الاصحاح :17/١7‏ «من آمن واعتمد خلُْصء ومن لم يؤمن يُدنْه مع فارق أن 
الجملة فى النسخة الألمانية (ترجمة لوثر) ترد كالآتى: «من آمن هنا واعتمد سيكون 
سعيذا) . 

هف مرة أخرى استحضار لمقولة هومير وس . قارن مع ما سيرد لاحمًا؟ فى الجرء الرابع» 
فصول: «الساحر» و«نشيد الكاية» ولاعن العلم؟. ماذا يعنى نيتشه يا ترق بمقولة كذب 
الشعراء؟ هل هو يتبنى موقف أفلاطون ‏ عدوه الأكبر ‏ من الشعراء الذين قال علهم إنهم 
ملفقوا أكاذيب وخرافات» وأن ضررهم كبير على الناس؟ نيتشه هو أيضا شاعر ولا ينكر 
ذلك كما يفعل أفلاطون» بل كثيرا ما يؤكد على ذلك كما لو آنه يحاول أن يستعيد طراوة 
التفكير الفلسفي من خلال المصالحة بين الفلسفة والشعر. لكن يبدو أنه ضمن حملته 
التدقيقية الشاملة لم يرد أن يدع الشعر وشتى الفنون تنعم بذلك التواطؤ المشبوه الذي 
يجعل منها مجالا لا يطاله النقد والتمحيص . لننظر ما يرد من تفصيل لهذه المسألة فى 
كتاب إنساني مفرط الإنسانية ؛ فصل «من روح الفنانين والكتاب» الفقرة ٠٤١‏ : «لقد تعودنا 
تجاه كل ما هو مكتمل الصنعة على إهمال السؤال المتعلق بصيرورة تشكله؛ بل نكتفى 
بالاستمتاع بوجوده كما لو أنه انبثق من الأرض بضربة عصا سحرية . يبدو أننا واقعين هنا 
تحت تأثيرات انطباع ميثولوجى . وما يزال يتملكنا نفس الإحساس تقريبا (مثلا داخل- 


0۰ 


کا أننا قليلوا معرقةء ونحن و ردیثول علاوة على ذلك: 


PES I ES 


سام 


أعد في قبو مَعاصرناء وكم من أشياء لا توصف قد صنعت 


هناك ! 


-معبد إغريقي كمعبد باستوم) كما لو أن إلها ما قد شيّد بيته بهذه الصخور الضخمة فيما هو 


يلع وأحيانا كما لو أن روحا قد تم تحويلها قديما وفجأة إلى حجر بفعل سحر» وهي 

تحاول الآن أن تنطق من خلاله. إن الفنان يدرك د أن عمله لن يكون له فعل التأثير الكامل 
إلا إذا ما أثار الاعتقاد بارتجال ما وبطابع المفاجأة القريبة من المعجزة التي تم بها تشكله؟ 
وبالتالي فإنه سيعمل على المساعدة على ضمان حصول هذا الوهم ويضمّنه منذ بداية عمله 
الابداعي عناصر تلك الحيرة المعجبة وعناصر الفوضى المتخبطة خبط عشواء والحلم 
المتوفز» كخدع تعمل على تعديل نفسية المشاهد أو السامع بما يجعلها تعتقد في ذلك 
الانبثاق الفجني للعمل المكتمل  .‏ إن عام الفنون مطالب» كما هو بديهي» بأن يدحض 
هذا الوهم بأقصى ما لديه من الدقة والوضوح وأن يفضح الخلاصات المزيّفة ومغالطات 
الذهن التي تجعله ينقاد إلى الوقوع في فخاخ الفتان» . وفي الفقرة ٠١١‏ تحت عنوان «حس 
الحقيقة لدى الفتان» ‏ يتمتع الفنان في ما يتعلق بمعرفة الحقائق بمواصفات أخلاقانية 
أضعف مما يوجد لدى العالم ؛ إنه يرفض رفضا كليا أن تنتزع منه المعاني الناصعة والعميقة 


للحياة ويتصدى لكل المناهج والنتائج الدقيقة والمجردة من كل الزوائد 8 في الظاهر يبدو 


sS as‏ ا لج 
والمشرري NN‏ ا تقخيم امب الش خن 
والاعتقاد قى ما هو ضرب من المعجز فى العبقرية : بمعنى بمعتى أنه یری أن استمر ارية عمله 
الابداعى أكثر أهمية من التفانى العلمى من أجل ما هو حقيقى فى كل ظاهرة حتى وإن 
بدت على غاية من البساطة». وفي الفقرة ١54‏ يرى نيتشه أن الفنان ميال إلى الماضي 
البعيد. ماضى البدايات وإلى الآموات واستحضار الأموات أكثر من ميله إلى هو مستجد 
ومتطورء ويرى فيه «طفلا أو فتى غرًا» لم يستطع أن يكبر ويواكب تطور العالم من حولهء 
ولاعن غير قصد فإن مهمته تغدو أن يعود بالإنسانية إلى طور الصبيانية ؛ هنا يكمن مجدهء 

وكذلك حدوده"»'. 


ولأننا لا نعرف الكثير فإننا تعجب بكل جوارحنا بكل ذي فاقة 

ولتااليفة عض على تلك لأا ال كا الجا قن العا 
وو ا نعو ال ت الو و : 

وكما لو أن هناك ممرا سريا خاصا إلى المعرفة ينهار فوق رأس 
الشعب . 

کک تهده لشف ع 9 ' قوق العدٌ 

لكن هذا ما يعتقده | راء جميعا: كل من يضطجع فوق العشب 
على ربوة منعزلة ويصخي بسمعه سيدرك شيئا مما يوجد بين الآارض 
والشماع: 

وإذا ما تحركت فيهم بعض الأحاسيس الرقيقة» يخيل إليهم دوما 
أن الطبيعة واقعة في غرامهم؛ وأنها تتسلل إلى آذانهم لتهمس لهم 
بأسرار ومغازلات وعبارات مناجاة رقيقة؛ وذلك هو ما يجعلهم 
يتتفخون ويتباهون آمام كل الفانين! 

هفاك لأسف اشياء: كثيزة بين الأرسن -والسماء لا تسكن أن يكون 

لوا رمن ذلك قري الاه انها إذ كل الالهة امتعازالت 

الح أقول لكم» إننا منجذبون على الدوام إلى ذلك الموقع 

h~ 5 3‏ 7 2 ا 5 
المرتفع ؛ أي إلى مملكة الغيوم”'': نضع قَرَبنا المزوّقة فوقها ونسميها 
آلهة ورجالا من فصيلة الإنسان الأعلى: 


. ۱١۸ص‎ ١ مرة أخرى إحالة على الأبيات الأخيرة من فاوست؛ أنظر الهامش رقم‎ )١( 
«الحشو الروحانى=‎ : ٠١١ (؟) أنظر إنسانى مفرط الإنسانية: الفصل المذكور أعلاه؛ الفقرة‎ 


YoY 


ذلك أنها خفيفة جدا بما يناسب هذه المقاعذء كل تلك الآلهة 
والكائنات العليا! 

أوهء لكم مللت كل هذا النقص الذي يريد بأي ثمن أن يكون 
ا أوه» لكم مللت الشعراء! 

وبیتما کان ززادشت: يتكلء عكذا کان تلميذه متبط عيضا 
لکلامه» لكنه ظل صامتا. ثم صمت زرادشت بدوره؛ وكان نظره قد 
ارتد إلى داخله كما لو كان ينظر باتجاه مدى شاسع فسيح . أخيرا تنهد 
وتنفس بعمق . 

إنني من اليوم ومن الأمس» قال بعد ذلك؛ لكن شيئا فيّ من الغد 


وبعك غد ويوم قادم ما. 


لقد مللت الشعراء قديمهم وحديتّهم: E,‏ جميعهم ٠‏ ويحار 


لم يفكروا في العمق بما فيه الكفاية؛ لذلك لم يكن لشعورهم أن 
يهبط إلى قاع الهاوية. 


للفن» ‏ حيثما تتراجع الأديان يرفع الفن هامته. إنه يتبنى الكثير من الإحساسات والحالات 

النفسية التي أنشأها الدين» يملأ بها قلبه ويغدو بدوره أكثر عمقا وأكثر امتلاء روحانيا بما 

يجعله قادرا على الإشعاع بانطباعات السمو والإعجاب؛ الأمر الذي لم يكن قادرا عليه 

قبلها. إن ثراء الأحاسيس الدينية المتكون فى هيأة تيارات متدفقة تجد تفسها على الدوام 
تندفع فائضة مجددا وتسعى إلى غزو ممالك جديدة: لكن حركة التنوير المتلامية قد 
رجت دعائم المعتقدات الدينية وبثت ريبة جذرية في النفوس؛ وهكذا فإن هذه 
الإحساسات» وقد أقصيت من المجال الديني عن طريق التنويرء تجد نفسها منقذفة 
داخل الفن» وفي حالات متفردة داخل المجال السياسي أيضاء بل وحتى داخل العلوم . 

ش وحيثما يلمح المرء تلوينة قاتمة عالية الدرجة داخل الطموحات الإنسانية» يحق أن 

7 نفترض أن شيئا من أرواح مرعبة (بمعنى الأشباح هنا المترجم) ورائحة بخور وأشباح 
كنائى ما تزال عالقة هناك“ . 


Yor 


أنفاس أشباح وهفيف يتسلل منفلتا هي آنغام فتارتهم كن أذ ؟ ا 
الذي عرفوه من صبابة حرقة الأنغام إلى حد الآن! 

وهم ليسوا نقيّين بما فيه الكفاية في نظري: جميعهم يكدرون 
مياههم کي تبدو عميقة. 

يحبون الظهور بهيأة المصالحين؛ لكنهم وسطاء وصُنَاع أخلاط 
يظلون في نظري» وشبة - شبه وقذارةً! 

أفء لقد ألقيت بشباكي في بحرهم طمعا في اص طياد أسماك 
جيّدة؛ لكنني في كل مرة كنت أسحب رأس إله عتيق. 

أكيد أنه بوسع المرء أن يعثر على لنالئ داخلهم؛ وهم على أية 
قال اده بصدفيات دأت قوقعات صلبة. وعوضا عن روح غالبا ما 
كنت أجد مادّة مخاطيّة مالحة داخلهم. 

قد تعلموا من البحر غروره أيضا: الي البحر بطاووس 
الطواويس؟ 

يميد بذيله حتى أمام أقبح الثيران منظراء ولا يمل أبدا من تحريك 
مروحة الدنتيل المطوّزة بالحرير والفضة . 


)١(‏ أنظر مى الاصحاح ۷/ ١-۹‏ : «أم أي إنسان منكم إذا سأله إبنه خبزا يعطيه حجراً. وإن 
سأله سمكة يعطيه حيّةا . 


حرناً ينظر إليه الثور والرمل أقرب إلى نفسه» وأقرب من الرمل 
الدغلء وأقرب منها جميعا إلى نفسه هو المستنقع . 

ما الذي يعنيه فى الجمالء والبحر وحلة الطاووس؟ هذا المثل 
أضربه للشعراء . 1 

حقاء إن عقلهم ذاته لهو طاووس الطواويس وبحر غرور! 

متفرّجين يبتغي عقل الشعراء: حتى ولو كانوا ثيرانا! 

لكنني مللت هذا العقل: وإنني لأراه سيمل نفسه ذات يوم هو 
أيضا. 

متبدّلين رآيت الشعراء» وقد حوّلوا نظرهم إلى دواخلهم . 

عقولا تاثية رأيتها قادمة؛ عقولا تائية طالعة من صلب هؤلاء 


ارا 


ا 


عن الأحداث العظام“ 


هناك جزيرة وسط البحر ‏ غير بعيد من جزر زرادشت السعيدة - 
فوقها يرسل جبل بركاني دخانه بلا انقطاع. عن هذا الجبل يقول 
الشعب وبصفة خاصة عجائز الشعب إنه مثل صخرة هائلة قد وضعت 
على باب العالم السفلي. وعبر هذا البركان ينحدر المسرب الضيق 
الذي يقود إلى باب الجحيم”” . 

لكن في ذلك الوقت الذي كان زرادشت يقيم فيه فوق أرض الجزر 
السعيدة». خدت أن سفيتة رست على ساحل الجزيرة "الى لضب 
فوقها الجبل البركاني؛ تفرّق رجال الطاقم في البر لاصطياد الأرانب» 
لكن عندما اجتمع الربان ورجاله من جديد عند الظهيرة لمحوا فجأة 
في الفضاء رجلا طائرا نحوهه””» وكان هناك صوت ينادي بوضوح: 


. «كلب النار» هو العنوان الأصلى لهذا الفصل فى نص المخطوطة‎ )١( 

نه دك عراس وكر اناري فى علد الور يالاات املد له الدرانتاس اة 
واستنادا على شذرات ابروا أن هذا الفصل يمثل سخرية من الثورات التى يقارنها 
بكم رتك ا رف ر قن ارات الراردة تنيت رقم 04٠١‏ )اتويات 
التالية : «هزء بالثورات وبركان فيزوف. / شيء لا يتجاوز السطح/ ضد الثورة. 

(۳) يثبت العالم النفساني كارل غوستاف يونغ سنة ١40١‏ بأن هذا المقطع مستلهم من 
جوستينوس کیرنر (طبيب وشاعر آلماني ۱۷۸١‏ -1877). وترد قصة كيرنر كالآتي: «كان 
ا الأريمة وار ا عل كاله لافطا ا و 
سترومولي . وفي الساعة الثالثة نادوا رجالهم ليلتحقوا بالمركب عندما تملكتهم دهشة- 


07 


«حان الوقت! لقد آن الأوان» وعندما غدا قريبا جدا منهم ‏ لكنه 
سرعان ما مر عليهم مثل طيف طائرا باتجاه مكان البركان ‏ عندها 
ادر کو دلول كيدو آنه رر ادش ذلك انه سبق لهم جميحاء فى سا 
عدا الربان» أن رأوه» وكانوا يحبونه كما يحب الشعبٌُ: أي بذلك 
المزيج المتساوي الذي يجمع بين الحب والرهبة. 

«أنظروا! قال ملاح القيادة العجوزء هو ذا زرادشت يمضي إلى 
الجحيم!2. 

وكان في الوقت الذي رست فيه السفينة على شاطئ جزيرة البركان 
خر ری هنا وهاه نان زرافقيت قن فی٠‏ بوعندما يشال الاس 
تلامذته كانوا يجيبون بأنه مضى ليلا إلى سفينة دون أن يقول إلى أبن 
كان يريد. 

وكان الجميع في حيرة؛ لكن بعد ثلاثة أيام جاءت حكاية البحارين 
العاف إلى تلك الخيرة توالا هو 5 الشعن كله ينول إن 
زرادشت أخذه الشيطان. 

صحيح أن تلامذته قد ضحكوا من تلك الأقاويل حتى أن واحدا 
متهم قال: «بل إنتي أعنتقند أن. زرلاشت: هو الذي أحذ الشيطانة: 


=عارمة وهم يلمحون رجلين قد ظهرا فجأة وهما يمران محلقين في الفضاء من فوقهما. 

كان أحد الرجلين يرتدي ملابس سوداء بينما ملابس الثانى رمادية اللونء وقد مرا قريبا 

هسوغ فان رارق معاون وم ا الوت ال مسرو قن رف 

بركان جبل سترومبولي الفظيع». (عن كوللي ومونتناري). .. 

وفي مسودات نيتشه ترد الفقرة كالآتي : «. . . لمحوا في الفضاء رجلاء أو ظل رجل قادما 

نحوهم» ولما مر بالقرب منهم ‏ في الاتجاه الذي يوجد به جبل النار ‏ عرفوا [جميعهم] 
عندها أنه [زرادشت] يرتدي ملابس زرادشت مه .وكاتوا يعرقون أن.ؤرادثتت یتم 
> عن جميع الناس بملابسه. .» (عن مونتي وكولليناري) 


YoY 


لكنهم كانوا جميعهم في عمق أرواحهم ممتلئين قلقا واشتياقا 
لزرادشت؛ لذلك كانت فرحتهم هائلة عندما رأوه في اليوم الخامس 
يظهر بينهم مجددا. 

وإليكم الآن حكاية المحادثة التي دارت بين زرادشت وكلب النار. 

إن للأرض جلداء قال زرادشت» ولهذا الجلد أمراض. إحدى 
هذه الأمراض مثلا يسمى : (إنسان». 

وهات مرهن خر اى کل الا حول هدا الاح زرف 
النامن و امور إلى العد يل من الأكاد يليم 

ولكي أ اغواز هذا ال مزكنت ال يوان الحفيفة حاون 
والحق أقول لكم حافية رأيتها وعارية حتى العنق! 

أما عن كلب النارء فإني صرت على معرفة بذلك الآن؛ وكذلك 
بكل الشياطين المزبدة المدمّرة التي تَرهَبها العجائز وغير العجائز أيضا. 

لتخرج من مخبئك العميق يا كلب النار! صرخت به» - وإنني لأقرّ 
نأنها كانت عتميقة: وأي تسق تلك الهؤة! = من أين لك:هذا الذي 
تعفط به وتنفثه هنا؟ 

إنك تشرب كثيرا من ماء البحر؛ ذلك ما تفشيه فصاحتك المالحة! 
حقاء وإنك لتتناول غذاءك من موقع سطحي جدا بالنسبة لكلب 
عماق! 


د 


ر ت إلى 3 و مزبدة ومدمرة» ا 
مالحة وكاذية ومسطحة. 
لكم كلكم دراية بالزعيق وذر والرماد في العيون! أنتم أفضل 


54 





المتشدقين وقد تعلمتم بما فيه الكفاية فن تحويل الأوحال إلى طبيخ 
فائر . 

حيثما كنتم لا بد أن تكون هناك على الدوام أوحال قريبة منكم؛ 
والكثير من الأشياء الإسفنجية والمغاريّة والضيّقة؛ وكلها تريد الخروج 
إلى فضاء الحرية 

كلكم تحبذون الزعيق ب«الحرية»؛ لكنني انقطعت عن الاعتقاد في 
«الأحداث العظام» منذ أن أصبح يتعالى من حولها دخان وصراخ 
كثير . 

ولتصدقني يا عزيزي ذو الصخب العارم! إن الأحداث العظام 
لست لخطاتنا الأكقن صخا بل تلك الأكتر كوا 

ليس حول مبتكري الصخب الجديد. بل حول مبتكري | القيم 
الجديدة يدور العالم؛ في صمت وسكون يدور. 

ولتعترف بهذه الحقيقة! شيء قليل كان يحدث دوما بعد أن ينقشع 
صك ودحائك ١‏ وآية أعمية ياتدق لمديلة قن فول موهاء وعهووا 
منطرحا في الأوحال! 

هذه كلمة أقولها لمقوّضي الأعمدة: إنه فعلا لأقصى الجنونء أن 
يقذف الواحد بملح في البحر وبأعمدة في الأوحال. 

في أوحال احتقاركم يستلقي العمود: لكنّ ذلك هو قانونه القاضي 

2 من خلال الإهانة سيكتسب حياة وجمالا جديدين. 

وها هو ذا يقف الآن بملامح أكثر قدسية وأكثر إشعاعا بسحر 
الألم؛ والحق أقول لكمء إنه سيعبّر لكم عن شكره وامتنانه لأنكم 
اوو اا ا 


0۹ 


أما هذه فنصيحتي التي أقدمها للملوك وللكنائس ولكل ماهو 
منهك بالشيخوخة وبالفضائل: أسلموا أنفسكم للتقويض! كي تعودوا 
ثانية إلى الحياة» وتعود إليكم ‏ الفضيلة! - 

هكذا تكلمت آمام كلب النار: وهنا قاطعنى متجهما ليسألنى : 
ااكنيسة؟ ماذا يعنى هذا الشىء؟». ٠‏ 

كنيسة؟ إنه نوع من الدولةء أجبتهء بل هي النوع الأكثر كذبا. لكن 
خی الآن أيها الكلية المتافق نادرى تروع هن أ كاق! 

ملك حي الدولةء كلب «متافق > ومثلك: أنتبعحها :هن أيضًا أن 
E a E‏ "تسق ان E‏ العو ان لانن 
طالع من أعماق الأشياء. 

ذلك آنا نريت أن كون اران الأكثر أعمسة على وجه رض 
إطلاقاء تلك الدولة؛ وقد صدقها الناس في ذلك أيضا. 

ولما نطقت بهذا الكلام غدا كلب النار يستعر مثل مجنون من فرط 
الغيرة. "ماذا؟ راح يصرخ› أهمّ حيوان على وجه الأرض؟ ويصدقها 
الناس أيضا في ما تدعي؟» وكان بخار كثير وأصوات كريهة تصعد من 
جوفه حتى ظننت أنه 0 من فرط الحنق والغيرة. 

یادا ا ا و و لكو ها إن اود 
هدوؤه حتى قلت له ضاحكا: 

«أراك مغتاظا يا كلب النار؛ فأنا على حق إذأ في ما قلته عنك! 

ولكى أظل على حن دعبي أحدتك الآن فين كلب دار لخر 
صوته طالع فعلا من عمق الأرض. 

أنفاسه تتوهج ذهبا ومطرا من ذهب؛ تلك هي إرادة قلبه. وما 
الذي يعنيه في الرماد والدخان والمخاط الساخن! 


51 


ضحكاته تصاعد سحابة ملونة من حوله؛ وهو لا يحفل بغرغرتك 
وبيصاقك وسخط أمعائك! 

آنا a‏ انه نكف لمعيه عن قله A‏ 
ولتعلم؛ إن قلب الأرض من ذهب». 

ولما استمع كلب النار إلى هذا الكلام لم تعد له من طاقة على 
مزيد من الاستماع. خجولا حشر ذيله بين قائمتيه» وبصوت ذابل 
عوى: وَوُو! وَوْو! وهبط زاحفا إلى مغارته. 

هذا ما رواه زرادشت. لکن تلامذته كانوا بالكاد يستمعون إليه» 
لفرط ما كانوا يتقدون رغبة في أن يحدثوه عن رجال السفينة وعن 
الأرانب والرجل الطائر. ش 

ماذا عساني أفكر بهذا الذي حكيتموه! قال زرادشت. أأنا شبح 
إذا؟ 

لكن لا بد أن ذلك كان ظلي. أما سمعتم عن المسافر وظله؟ 

لكنّ الثابت في الأمر أنه ينبغي علي أن أظل ممسكا بعنانه بقوة ‏ 
وإلا فإنه سيسيء إلى سمعتي 1 . 

ومرة أخرى راح زرادشت يهز برأسه ويتعجب. «ماذا عساني أفكر 
بهذا كلة؟ برقو اتانيه 

«ترى لِم كان ذلك الشبح يصيح: لقد حان الوقت! لقد آن الأوان! 


لأ ا “قرع يدان الآرا نل 
, هكذا تكلم زرادشت 


51 


الرائى 


لاووانك377 و غا شائطا على اشر اقل الان قد ملا 
أعمالهم . 

هناك مذهب قد انتشر تصحيه ديانة : «الكل خواء» الكل متشابهء 
TE‏ 

وفع كل الوق بدو الضدى ١‏ الكل حورا والكل متاه وکل 
شيء قد کان!». 

لقد جمعنا غلتنا؛ لكن ما الذي جعل ثمارنا تصفْرٌ وتتعفن؟ ما 
الذي وقع على الأرض من سوء القمر الخبيث ليلة البارحة؟ 

هباءَ راح كل عملناء وخمرثنا غدت سمّاً؛ عين سوء قد أيبست 
حقولنا وقلوينا. 

هشيما غدونا؛ وإذا ما هبطت نار علينا فسنتتطاير غبارا شبيها 
بالرماد؛ ‏ أجلء إن التار نفسها قد أصابها منا الملل . 

كل آبارنا نضبت» والبحر ارتد منسحبا. الأرض بكليتها تريد أن 
تضق الکن الا عاق لا دتا 


؛١ و1؛ العاشر/ ١؛ الثالث عشر/‎ ١ أنظر رؤيا يوحنا اللاهوتي؛ الاصحاح الخامس/‎ )١( 


الرابع عشر/ ....1١‏ 
(؟) أنظر كلام الجامعة سليمان بن داود؛ سفر الجامعة الإصحاح الأول بكامله. والهامش 
۷ ادناه 


Y1 


«آواهء هل من بحر بعد نستطيع أن نغرق فيه؟»» هكذا ترد شكوانا 
فوق السطح الممتد للمستنقعات. 

حقا أقول لكم» لقد غدونا متعبين أكثر مما ينبغي كيما نموت؛ 
وها نحن نظل يقظين إذأ ونستمر فى الحياة ‏ داخل حجرات 
الموتى!». 
قلبه وغيّرته. حزينا راح 00 وقد ع انلك 31 
كان يتكلم عنهم ذلك الرائي 

الحق أقول لكمء ما هو إلا وقت قليل وسيهبط علينا هذا الظلام 
الطويل» قال زرادشت مخاطبا تلامذته. أواهء كيف لى ا 

أن أنجو به من الاختناق داخل هذا الحزن؟ لأنْ له عوالم أخرى 
أبعد يتبغي أن يضيئهاء وليال أخرى بعيدة! 

مهموم القلب راح زرادشت يتنقل هائما على وجه الأرض؛ ولثلاثة 
أيام لم يذق أكلا أو شراباء مضطربا لا يهداً له بال» وقد غدا أبكم 
معقود اللسان. أخيرا كان أن غرق فى نوم عميق. لكن تلامذته ظلوا 
جالسين حوله يحرسون نومه الطويل منتظرين في حيرة إن كان 
سيستيقظ بعدها ويكلمهم ويتعافى من حزنه. 

ثم هاهي الخطبة التي كلم بها زرادشت تلامذته عندما استيقظ من 
نومه؛ لکن صوته بدا لهم كما لو كان قادما من أصقاع بعيدة. 

«استمعوا إذاً إلى الحلم الذي رأيت أيها الأصدقاءء وساعدوني 
على تفسير مغزاه! 


TY 


لقد انصرفت عن الحياة بكليتهاء هكذا ا أتخلم: E‏ 
حارسا ليليا وراعى قبور هناك فوق قلعة الموت المنتصية فوق الجبل . 

فى ذلك المكان المرتفع كنت أحرس توابيت الموت؛ وكانت 
أقبيته المعتمة الرطبة مليئة بغنائم انتصاراته. ومن وراء التوابيت 
الجا “كانت ترم الجا الم وة 

كنت أتهفس من زاتحة "الخلود المشعة” بالخار ١‏ مخمقة جر ووطوية 
ومغبرّة كانت روحي تستلقي هناك . ومن ذا الذي سيكون قادرا على 
تهوئة روحه في ذلك المكان يا ترى! 

ضوء منتصف الليل من حولى دائكمل وإلى جائيه كانت تقيع 
الوحدة»:وثالهييا رة الصمت الموات» اسا أميدقاق ينا 
أفتح به أكثر الأبواب صريرا. 

مثل نعيق مرير كريه انطلق الصوت عير الممرات الطويلة عندما 
انفتح مصراعا الباب: صراخا فظيعا راح يطلق ذلك الطائرء لأنه ما 
داخل ذلك الصمت الماكر الكريه. 

على هذه الحال مر الوقت على متسللاء إن كان هناك وقت بعد؛ 
ما أدرانى بذلك! لكن أخيرا حصل الأمر الذي أيقظنى . 


14 


ثلاث مرات قرع الباب قرعا شبيها بدوي الرعد» ولثلاث مرات 
دوّت الأقبية وولولت : عندها نهضت متجها إلى الياب . 

ااا و الذى بوهم .وهام إل الشيل ؟ E‏ 
من اللق مل اده إل ال كام 

وكنت أعالج المفتاح بعسر في القفل وأنا أضغط وأدفع الباب بكل 
قواي؛ ولم ينفرج الباب بمقدار إصبع حتى هبت ريح عاتية دفعت 
مصراعيه تفتحهما بعنف؛ مصفرة مرغية بصوت حاة قاطع قذفت لي 


ع 


بنعش أسود: 


ووسط جلبة من الهدير والصفير انشق ق النعش واندفعت من جوفه 
آلاف القهقهات . 

وإذا عدد هائل من الوجوه المكشرة لأطفال وملائكة وحمفی وبوم 
وفراشات بحجم أطفال تضحك وتسخر وتهدر في وجهي. 

تملكني رعب فظيع طرحني أرضا. وإذا أنا أصرخ من شدة الفزع 
كما لم أصرخ من قبلها أبدا. 


(۲) . Tf 
. لکن صراخى ي أيقظني ؛ وإذا آنا اعود إلى نفسى‎ 


)١(‏ أنظر بداية الكتاب: ديباجة زرادشت؛ ولقاء زرادشت بالناسك العجوز. 

)۲( هناك إشارة إلى هذا الحلم في شذرة من مسودات سنة لال2181 كما يرد في تعليقات 
وهوامش مونتي وكولليناري . ثم في المجلد التاسع من الكنشات. في صائفة ٠۸۷۷‏ 
يروي نيتشه لصديقه رائهاردت فون سايدليتز حلما بردد فيه عبارات «ألباء ألا!ة يعو ل 
راينهاردت فون سايدليتز : «كان نيتشه يروي لی ضاحکا أنه وجد نفسه في الحلم يتسلق 
دربا جبليا لا نهاية له؛ وفى الأعلى» مباشرة تحت القمة الحادة للجبل أراد أن يمر بالقرب 
من مغارة عندما تناهى إليه من الأعماق السحيقة المظلمة صوت يناديه: «ألباء ألبا! - من 
الذي يحمل رماده إلى الجبال؟».. - 


710 


هكذا روى زرادشت وقائع حلمه ثم صمت؛ ذلك أنه لم يعرف 
بعك درق الا غير أن الل ا المحيب الى تتشي مون تيد 
الجميع نهض بسرعة وشد على يد زرادشت وخاطبه قائلا: 

«إن حياتك نفسها هي التي تفسر لنا هذا 0 يا زرادشت! 

ایت انث الريح ذات الصفير الحاد التي تصفع أبواب قلعة الموت 
وتفتحها على مصراعيها؟ 


الملائكية؟ 

حقاء بمثل آلاف ضحكات الأطفال يأتى زرادشت إلى كل 
حجرات الأموات.ء ضاحكا من هؤلاء العسس الليليين وحراس القبور» 
وكل من يحدث صرير مفاتيح تنقبض له النفوس . 


سترعبهم وتطرحهم أرضا بضحكاتك؛ وسيكون ذهولهم ويقظتهم 


وحتى إذا ما حل الغروب الطويل وعياء الموت فإنك لن تختفي 
من سمائناء أيها المتكلم باسم الحياة! 


= وفي المجلد العاشر من الكنشات يروي زرادشت بنفسه حلمه هذا: «هذا ما حدث لي 
ذات مرة: لقد حلمت أصعب أحلامي. ونظمت في الحلم لغزي القاتم هكذا: لكن. 
آنظر . إنها حياتي نفسها هي التي كان يرمز إليها ذلك الحلم./ أنظر؛ إن حاضري يخلص 
ماضىَ وما ينحبس داخله من معنى ./ وذلك هو ما حدث بالنهاية : لثلاث مرات زمجر لى 
وعد م ون طلا ادل ولات دراك و ار اليك اع اا 
ي(حمل) غابار)ه إ(لى) الج(بال)؟ أية حياة متجاؤزة/ مغلوبة/ تأتى إليَ أنا (حارس) الليل 
والقبور؟/ عندما حل(مت) أصعب أحلامي . / هكذا أريد أن أكون رعبكم ‏ 
وغيبوبتكم وصحوكم؟. 


11 


لقد أريتنا نجوما جديدة وروائع ليل جديدة؛ حقاء لقد بسطت لنا 
الك نفسة عت هة هره فرق وؤوسناء 

والآن ستكون هناك دوما ضحكات أطفال تتدفق من التوايت؟ 
والآن ستكون هناك دوما ريح قوية تهب مظفرة على كل عياء الموت؛ 
وإنلك لامها والنبى المبشر .بها: 

حقاء أعداؤك عينهم هم الذين حلم بهم؛ وكان ذلك أشد أحلامك 
قسوة! 

لكن» كما أنك استيقظت منهم وعدت إلى نفسك. كذلك سيكون 
عليهم أن يستيقظوا من أنفسهم ‏ ويعودوا إليك!» - 

هكذا تكلم التلميذ؛ وكل الآخرين قد اندفعوا الآن جميعا حول 
زرادشت وراحوا يشدون على يديه يريدون إقناعه بأن يترك الآن 
مضجعه وحزنه ويعود إليهم. لكن زرادشت ظل جالسا فوق فراشه 
ينظر بعينين ساهمتين. مثل واحد عائد للتو من سفر طويل كان ينظر 
إلى تلامذته ويتفحص وجوههم؛ غير أنه ظل لا يستطيع التعرف 
عليهم. لكن ها هي نظرته تتغير فجأة عندما رفعوه ليتتصب واقفًا على 
قدميه؛ لقد أدرك كل ما حدث» فمسح على لحيته وبصوت متين قال: 

«هيًا! لكل هذا وقته؛ لکن لتنظروا يا تلامذتى كيف نتدبر لنا أكلا 
جيداء وبسرعة! هكذا أريد أن أكقر عن أحلامي السيئة!) . 

هكذا تكلم زرادشت. ثم راح ينظر إلى التلميذ الذي قدم تفسيرا 
لحلمه متفحصا وجهه وهو يهر برأسه. 


1¥ 


عن الخلااص 


ذات يومء بينما كان زراداشت مارا فوق الجسر الكبير أحاط به 
ذوو الغاهات ا وبهذه الكلمات خاطبهة أحدب : 


«أنظرء يا زرادشت! إن الشعب أيضا يتعلم منك وقد بدأ يؤمن 
عليك أولا أن تقنعنا نحن ذوي العاهات! وها أمامك هنا مجال واسع 


تعيد البصر إلى العميان» والمشلولون تجعلهم يقفون ويمشون. ومن 
كان له قوق طيرة اکر هنا ي مكف اها أن تمن عه معن 


)١(‏ ضمن عماية الباروديا والقلب الذي يجريه نيتشه على محتوى الأناجيل» نرى هنا 
استحضاراً لصورة مكررة في العديد من المواقع من الأناجيل؛ حيث المسيح محاط غالبا 
بذوي العاهات والمرضى والمفلوجين والمتعبين. أنظر على سيل المثال: 
متى؛ الاصحاح 6 54 -56: ائم انتقل يسوع من هناك وجاء إلى جنب جبل 
الجليل. وصعد إلى الجبل وجلس هناك فجاء إليه جمرع كثيرة معهم غرج وعمي 
وخرس وشل وآخرون كثيرون". . .غير أن زرادشت ‏ وضمن قاب القيم كعنصر مركزي 
فى الفلسفة النيتشوية ‏ يرفض مداواة المصابين وتخليص ذوي العاهات من عاهاتهم كى 
يحوي أن يكلق لين عافات ا وو أن ع اف يعلد إا قرط 
الإا اد افو وا م لمر أذ يقلي كن ال قلغل احير ف © 
والله مجرد بدعة وحيلة من الشيطان؟ لعل كل شيء خطأ من الأساس؟ وإذا ما كنا 
مخدوعين» ألسنا فى ذلك وبذلك غشاشين بدورنا؟ ألا ينبغى علينا أن نكون أيضا 
غشاشين؟1. ۰ 


714 


الشيء: إنها على ما أعتقد الطريقة المثلى لجعل ذوي العاهات يؤمنون 
بزرادشت!21. 

لكن زرادشت رد على مخاطبه بهذه الكلمات: «إذا ما آخذ المرء 
من الخدت ده فاته باعل مع زوه اقا سكذا سلجا ال 
ودا يحنت ال لاك عنمي ره ا شيرق ال مون ا 
الكريهة على وجه الأرض ؛ الأمر الذي سيجعله يلعن من ا ا 
من يجعل المشلول يمشيء فإنه يسبب له أكبر المضار: فلمجرد أن 
يغدو قادرا على المشي تقف رذائله على قدميها وتسابقه ‏ هكذا تقول 
تعاليم الشعب بشأن ذوي العاهات. ولم لا يحق لزرادشت أن يتعلم 
بدوره من الشعب» إن كان الشعب يتعلم من زرادشت؟ 

لکن من .بین كل ها رآيت لؤال وجودي بين النشر لسن .هذا اوا 
الأشياء في نظري أن أرى أنْ «هذا تنقصه عين» والآخر أذن وثالث 
اله اسار ويه المريق فقوا ماهر أن أشي انر اما 

وإني أرى الآن وقد رأيت من قبل ما هو أسوأ. وأنواعا من 
الفظاعات بحيث لا أريد أن أتكلم عن كل شيء ولا حتى أن أسكت 
غ عض ا لا شا 

رأيت أناسا ينقصهم كل شيء عدا أن لهم دوما شيئا واحدا أكبر 
مما تكن أنانا سوا شا هر غير "عي كبيرة أو امدق كير أن طن 
كبير » - ذوي عاهات معكوسة أسمي هؤلاء. 

وعندما عدت من عزلتي ووجدتنی ني أعبر العف و سيت 
أنظر وأدقق النظر وأخيرا قلت: «إنها أذث] 8 بحجم إنسان!» ونظرت 
مره توق وبأكثر تمعن : وإذا تحت الأذن فعلاا شيء آخر شرك وکان 
ضغيرا وباتسا ونلا يما يبعت على الشفقة ؛ حفا كانت تلاك الآذن 


1۹ 


الهائلة تجثم فوق غصن صغير دقيق - لكنّ ذلك الغصن لم يكن شيئا 
خر غير إسان! وف كانت ال عدمة مكيزة كان اکا أن يمنة انها 
وجها حسودا صغيرا؛ وكذلك روحا صغيرة متورمة تتأرجح فوق ذلك 
العصئن د لکن الع قال لي إن لك الأذن: الككمرة لست إنسانا 
فقطء بل إنسانا عظيماء عبقريا. غير أنني لا أصدق الشعب أبدا 
عندما يتكلم عن رجال عظماء؛ وهكذا بقيت محتفظا برأيي بأنه ذو 
عاهة معكوسة؛ لديه من كل شيء أقل مما ينبغي ومن شيء واحد 
أكثر مما ينبغي». ْ 

ولما خاطب زرادشت بهذا الكلام ذي العاهة وكل الذين كان يمثل 
لسان حالهم والناطق بأمرهم» التفت إلى تلامذته وقال: 

الحق أقول لكم يا أصدقائي إلنى أمضي بين البشر كما لو كنت 
أمشي بين كسار وأعضاء بشرية متناثرة! 

إنه المنظر الأكثر شناعة في عيني» أن أجد البشر حطاما متناثرا كما 
في سياحة قتال أو مذبح. 

وإذا ما فرّت عيني من الحاضر نحو الماضي. فإنها تظل تجد الأمر 
نفسه على الدوام: كساراً وأعضاء بشرية متناثرة وصدفا فظيعة - لكن ما 
من بشر هناك ! 

الحاضر والماضي فوق الأرض - آه» يا أصدقائي! ‏ إنه عبئي الذي 
لا يحتمل؛ وما كان لي أن أستطيع الحياة لو لم أكن أيضا راء لما هو 
قادم حتما في المستقبل» راء وصاحبٌ إرادة ومبدعاأًء مستقبّلا عينّه 
وجسرا نحو المستقبل ‏ ومعاقا فوق هذا الجسر في الآن نفسه. 
لاست كل هذا هو زراذشت: 


سل 


ثم إنكم تتساءلون أيضا: «من هو زرادشت بالنسبة لنا؟ وبأي إسم 
يمكن أن نسميه؟» ومثلي آنا تجيبون عن تساؤلاتكم بأسئلة . 

هل هو واعدء آم منفذ وعود؟ غازء آم وريث؟ هل هو خريف» 
اص اعم الم لاك ا 


0 هو شاعر» أم متكلم بالحق؟ محرّر» أم مقيّد؟ خر آم 
ان 
رین ۰ 


ای بو الا ا لر فف ای فن كارا ت من ال : 
مسنتقبل أشاهده الآن. 

هاجسي ومبتغاي أن أجمع في كل موحد ما كان شظايا وألغازاً 
وصدفا فظيعة . 

وكيف: لي أن امل شرطی كإنسان لولم يكن الإكسان كناف 
وفكاك ألغاز ومخلضاً للصضدف؟ 

أن نخلص الماضي» وأن نحوّل كل «ذلك ما كان» إلى «ذلك ما 
أردت» ‏ ذلك فقط هو ما أسمّيه خلاصاً». 


إرادة - كذا هو إسم المحرّر والذي يأتي بالفرح: هكذا علمتكم يا 
أصدقائى! والآن لتتعلموا هذا الأمر أيضا: إن الإرادة نفسها ما تزال 


سحمنه . 


)١(‏ متى؛ الاصحاح ٠١ ١5 /١7‏ : «ولما جاء يسوع إلى تز قلسن بال تلاميذه قائلا 
من يقول الناس أني أنا إبن الإنسان؟ فقالوا: قوم يوحنا المعمدان. وآحرون إرميا أو واحد 
من الأنبياء. قال لهم وأنتم من تقولون إني أنا؟ . .». 


¥1 


ا الك .هاذا تمي هنذا" ی ی امسر ا 
بالسااسل؟ 

کان كذا "بسكن ضير اسان الأزادة و ها الاك اوخاه 
عاجزة أمام كل E‏ ا رن الارادة اهن ال الا كر ا 
تجاه كل ما هو ماض . 

ليس إلى الوراء تستطيع الإرادة أن تريد المضي؛ وأن تكون عاجرة 
عن كسر الزمن ورغبة الزمن ‏ ذلك هو بؤسها الأكثر وحدة! 

الإرادة و ما الذي ستتدبره الإرادة لنفسها کي تتخلص من 
بؤسها وتسخر من سجنها؟ 

أوهء أحمق يغدو كل سجين! وبحمق أيضا تتحرر الإرادة السجينة 
من قيودها. 

أن لا يعود الزمن إلى الوراء» ذلك هو سبب حنقها؛ «ذلك الذي 
كان»» كذا تسمى الصخرةً التي لم تستطع أن تزحزحها. 

وهكذا تزحزح صخورا عن حنق واستیاء» وتنتقم من كل ما لا 
يشعر مثلها بالحنق والاستياء . 

هكذا تحولت الإرادة المحرّرة إلى مسيء» وعلى كل ما يستطيع 
أن يتألم تسلط عملها الانتقامي» لأنه لا يستطيع العودة إلى الوراء. 

ذلك» وذلك وحده هو عين الانتقام: اشمثزاز الإرادة من الزمن 
ومما فيه من «كان». 

الحقّ أقرل لكم. هناك حماقة كبرى تسكن إرادتناء ومن أجل لعنة 
البشرية كلها تعلمت هذه الحماقة العقل . 


YY 


روح الانتقام”'': لقد كان ذلك أفضل شاغل لفكر الإنسان إلى 
بومنا هذا يا أصدقائي. وحيثما كان هناك ألم كان لا بد أن يكون هناك 


عقآنت: 


«عقاب»ء هكذا يُسمّى ما هو عين الانتقام في الحقيقة؛ عبارة 


مزيفة يكتسب بهاء رياء وبهتاناء ضميرا هنيثا . 


ولآن صاحب الإراة مسكون بالألم هو أيضاء بما أنه لا يستطيع أن 


يريد العودة إلى الوراء ‏ فإنه ينبغى على فعل الإرادة نفسه وكل حياة 


أن تكون عقابا! 


والآن ها هي السحب تتراكم وتتراكم فوق العقل» إلى أن ينتهي 


۱۸۸١ من كنشات‎ ]۳۰[۱١ عن العقاب كتعبير عن روح الانتقام يكتب نيتشه في الشذرة‎ )١( 
(إرادة لقوة): «حيثما كان هناك بحث عن مسؤولية كان روح الانتقام هو الذي يحضر في‎ 
ذلك البحث. وقد فرضت هذه الغريزة الانتقامية سيادتها على الإنسانية على مدى ألاف‎ 
السنين بما جعلها تسم بميسمها مجمل الميتافيزيقا وعلم النفس وعلم التاريخ. والأخلاق‎ 
بصفة أخص . وحيثما اتجه الإنسان بفكره إلا ونقل معه عُصيّة (بكتيريا) الانتقام إلى جميع‎ 
الأشياء. حتى أنه أصاب الله نفسه بهذا المرفىء كما جرّد الوجود بكليته من براءته وذلك‎ 
)...( بإرجاع كل حالة من حالات الوجود إلى إرادات بعينها وإلى نوايا وأفعال مسؤولة‎ 
إن الإجرائية الاجتماعية للعقاب هي التي أضفت على هذ المفهوم هيبته وسلطانه‎ 
وحقيفيته . وينيغي البحث عن منبت هذه السيكولوجيا  سيكولوجيا الإرادة  لدى الفثات‎ 
التي كانت تمسك بقانون العقوبات وفي المقام الأول لدى القساوسة الذين كانوا يتبوأون‎ 
المرتبة الأعلى في المجتمعات الأكثر قدما: كان هؤلاء مدفوعين بإرادة ابتداع حت‎ 
الانتقام. ولهذا الغرض ابتدعت فكرة الإنسان الحر (المخيّر)؛ ولهذا الغرض كان لا بد‎ 
من تصور كل فعل على أنه إرادي» ومنبع الفعل على أنه واقع في الوعي . (. . .) آما نحن‎ 
الذين نرغب في أن نعيد للصيرورة براءتهاء فإننا نريد أن نكون المبشرين بفكرة أكثر نقاوة ؛‎ 
بأن ليس هناك من أحد قد منح الإنسان خصوصياته وخصاله. لا الله ولا المجتمع ولا‎ 
أبواه وأسلافه» ولا هو نفسهء - وأن ليس هناك من أحد ينب إليه ذنب ما في‎ 
۰ .). . وجوده.‎ 


YY 


الجنون بإعلان تعاليمه: «كل شيء منذور إلى الفناء؛ لذلك فكل شيء 
سس غير N‏ ش 

«وإنه لعين العدالة» قانون الزمن هذا الذي يقضي بآنه على الزمن 
أن يفترس أطفاله»”'2؛ هكذا كانت تكرز تعاليم الجنون. 

ان الأشباء سعظمة: اجلاقيا تحن القائرث والعقفات: قاين 
الخلاص من مسار الأشياء ومن العقوبة المتمثلة فى «الوجود»؟ هكذا 
كانت تكرز تعاليم الجنون. 

اهل يمكن أن يكون هناك خلاصء. إذا ما كان هناك قانون أزلت؟ 
أوه؛ إنها لا تتزحزح صخرة «كان»: وكل العقوبات لا بد أن تكون 
هي أيضا أزليّة!» هكذا كانت تكرز تعاليم الجنون. 

«ما من جريمة يمكن إبادتها: فكيف لها أن تُلغى عن طريق 
العقاب! ذاك؛ ذاك هو وجه الخلود في عقاب «الوجود؛؛ أن يكون 
الوجود هو أيضا عمل إجرام متكرر وذنبا إلى الأبد! 

«غذا أن تخلض الأرادة نفسها من انفسها بالبهاية وأن يعدو فعل 
الإرادة لا إرادة»: أجل» إنكم تعرفون خرافة الجنون هذه يا إخوتي! 

بعيدا قدتكم عن هذه الخرافات عندما كنت أعلمكم: (إن الإرادة 
كيان مبدع1. 
() إشارة إلى كرونوس في ار الإغريقية. وكرونوس هر ابن «غايا» الإلهة وكان من 

الجبايرة وأبوه هو «أورانوس» وقد خلع أبأه وسيطر على العالم وتزوج «ريا». وكانت هناك 

أسطورة تتنبأ بأن أحد أبنائه سيخلعه فكان يبتلعهم مباشرة بعذ الولادة. ونصحت أمه غايا 

زوجته أن تلقمه صحخرة يبتلعها بدلا عن ابنه #زويس» الذي أخذته سرا إلى كريت. وعندما 


كبر أجبر أباه على تقيؤ إخوته الذين ابتلعهم من قبل فخرج بوسايدون وخيدس وهيرا 
وهستيا وديميتير. 


VE 


كل «كان ذلك» هو كسارة ولغز وصدفة فظيعة ‏ إلى أن يقول 
المبدع مضيفا: «لكنني هكذا أردت ذلك!». 

إلى أن تضيف الإرادة المبدعة: «لكننى هكذا أريد ذلك! هكذا 
سأريده!» 1 
E 5‏ الزواةة تقر ونم عدت ولك يد E‏ 
الإرادة من رياط جنونها؟ 


هل تحولت الإرادة نفسها إل مخلص ورول E‏ هل نيو 
روح الانتقام وكل ت 


مصالحة؟ 
شىء أسمى من المصالحة على الإرادة التى هى إرادةٌ قوّة أن 


تريد: لكن كيف سيحصل لها ذلك؟ ومدق ضلا أا أن ترد 
العودة؟). 


عند هذا الحد توقف زرادشت عن الكلام وبدا بهيأة من تملك به 


)١(‏ في كنشات المسودات ترد الجملة التالية في هذا الموقع اوتوقف زرادشت عن الكلام 
فجأة: ذلك أنه ارتد مذعوراً أمام إعلان فكرة العود الدائم". (عن كوللي ومولتناري). 
هل كان زرادشت خائفا من هذه الفكرة؟ أم خائفا على تلامذته منها؟ آم أن الوقت لم يحن 
لها بعد؟ في إحدى رسائله إلى صديقه فرانس أوفربك (فبراير 844١)؛‏ وفي سياق حديثه 
عن انتهائه من الجزء الثالث من زرادشت وعن التحولات العميقة الني كانت تجري في 
داخله مما يبعث فيه أحيانا شينا من الخوف . «أتساءل إن لم يكن على بالنهاية أن أخلد إلى 
الصمت وأغدو أبكم؟ وأقل ما يمكن أن يقال إنني أشعر في كل يوم بأنني أجد نفسي مرات 


عديدة أتفق مع نابليون في قولته: «هناك أشياء لا تكتب». وفي رسالة أخرى يكتب : الو 
أنه لدي ما يكفى من الشجاعة كي أفكر فى كل ما أعرقه. ..1. 


Vo 


تنفذ مثل السهم إلى أفكارهم وخلفيات أفكارهم. لكنه بعد لحظات 
قصيرة عاد إلى الضحك مجددا وقال لهم مطمئنا: 

«إن العيش مع الناس صعب لأن الصمت صعب للغاية؛ خاصة 
بالنسبة لرجل ثرثار» . 

هكذا تكلم زرادشت. لكن الأحدب كان قد استمع إلى كلامه وهو 
يغطي وجهه؛ إلا أنه لما سمع زرادشت يضحك رفع بصره إليه 
بفضول وقال وهو ينطق كلماته ببطء: 

«لكنء لم يكلمنا زرادشت بغير ما يكلم به تلامذته؟) , 

«وما العجب في ذلك؟» أجابه زرادشت. «مع الخذب يحق للمرء 
أن يتكلم بكلام محدودب!1. 

«ليكن» قال الأحدب؛ ومع التلامذة يحق للمرء أيضا أن يثرثر 
يكلام مدرسته. 

لکن لِم يكلم زرادشت تلامذته بغير ‏ ما يتكلم به إلى نفسه؟ )ا 


Y7 


عن الحيلة البشرية”" 


ليس العلوء بل المنحدر هو الفظيع! 

المنحدر حيث يهوى البصر إلى القاع. بينما اليد تمتد إلى ما 
قوق ا صاب اقلت الد وان هن عراف إزافثة. المردوخة هده 

آهء أصدقائي» هل تستطيعون تصور الإرادة المزدوجة لقلبي آيضا؟ 

ذاكء ذاك هو منحنري والخطر المحدق بي» أن يكون نظري 
منفلتا نحو الأعالي. ويدي تريد التشبث والاستناد ‏ إلى القاع! 

إزادكى يتسيقة لبر ناسل هه في إلى الب لاسن 
نخدت بقنؤة إلى الأعلى »+ إلن الا اة لاغ إذ الل ها تربك 
إرادتي الا جوف العضى: 

من أجل ذلك أحيا أعمى بين البشر كما لو اتی 'لا أعرفهم: كي 
لا تفقد يدي قبضتها كليّا على ما هو ثابت ومتين. 

إنني لا أعرفكم أيها البشر: هذه العتمة وهذا العزاء غالبا ما يتسعان 
من حوالي. 

أجلس إلى البوابة التي يعبر متها كل المحتالين وأسال: من يريد 


ليختي ؟ 


. العنوان الأولي : «في العقل البارد؟‎ )١( 


يفف 


إنها حيلتي البشرية الأولى» أن أدع نفسي أخدع كي لا أظل أسير 
الخوف من المحتالين 

آه» ES e‏ للانسان 3 رد إذا 
7 

إنه القدر المعلق فوق مصيري› أن يكون علي , أن أحيا دون حذر. 

ومن لا فريك أن يموت عطشا ر ل ا 
كل الأقداح؛ ومن يريد أن يظل نقيا بين البشر عليه أن يعرف كيف 
يغتسل بالمياه القذرة أيضا. 

و اکت ادت نفس راا هكد غ1 اا اها 
القلب العجوز! إن كانت أصابتك محنةء فلتنعم بها إذأ على أنها ‏ 
فرصتك السعيدة!»". 

لکن ن هاكم حياتي ال الا خر اشن دازي الخ ورين :اك فن 

أليس الغرور ا مر لكن حيثما تكون هناك 
كبرياء مجروحة ينمو بالفعل شيء أفضل ن الكبر ياء. 

ولكى تكون الحياة فرجة مستساغة لا بد أن تلعب لعبتها بإحكام؛ 
لكن لا بد من ممثلين جيدين لهذا الغرض 

وقد وجدت في كل المغرورين ممثلين جيدي ين : إنهم يلعبون 
دورهم ويريدون أن يرغب الناس في مشاهدتهم» ‏ إن روحهم بكليتها 
مسكونة بهذه الإرادة . 

يؤدون دورهم ويبتكرون أنفسهم؛ وفي جوارهم أجد متعة في 
مشاهدة الحياة ‏ إن ذلك علاج نافع ضد الكابة . 


YA 


لذلك أداري ) المغرورين 3 لأنهم أطباء E‏ وهم الذين يجعلونني 
انك إلى الإنسان انشدادي إلى فرجة مسرحية. 


وفضلا عن ذلك» من يستطيع أن يقدذر ال لعمق الحقيقي الذي في 

منكم فرك أن يتعلم الإيمان بنفسه؛ يغتذي من نظراتكم» ويلتهم 
الإطراء من أكفكم. 

إنه يصدق أكاذيبكم أيضا عندما تكذبون بما يسرّه؛ ذلك أن قلبه 
تيك ين الأعفاف 1 اهن آنا بای 0 

وإذا ماكائنت الفضيلة الحق هي تلك التو لتى تجهل تفسهاء فان 
المغرور إذاً لا يعرف شيئا عن تواضعه”'!! 





)010 في جدلية التواضع والغرور أنظر ما ورد : في «في ما وراء الخير والشرا الففرة :77١‏ «من 
الأشياء التي قد يجد الإنسان النبيل أكبر صعوبة في فهمها هناك مسآلة الغرور: يجد النبيل 
تنه سالا إلى تل وجرد الخرور عقت بكرن :راجحا ودرا اا دراك الس شيط 
آخر من الناس . إن المشكلة تتمثل لديه فى عدم قدرته على تصور كائنات تحاول أن تستثير 
رأيا إيجابيا في شأنها لا تمتلكه هي ذاتها عن نفسها ‏ ولا هي «تستأهله» أيضا ‏ » وستؤمن 
به من بعد مع ذلك. مثل هذا الأمر يتراءى له عديم الذوق ومتافيا للكرامة من ناحيةء 
وعلى غاية من مناقضة العقل السري» بما يجعله يميل إلى اعتبار الغرور حالة استثناتية 
وإلى التشكيك في وجوده في أغلب الحالات التي يذكر فيها. وسيقول على سبيل المثال: 
«يمكنني أن أخطئ في تقدير قيمتي لكنني أطالب مع ذلك بأن يعترف الآخرون لي بالقيمة 
التي أمنحها لنفسي ‏ لكن هذا ليس بغرور (بل كبرياءء وفي أغلب الأحوال ضريا مما 
يسمى «استكانة» أو «تواضعا» أيضا)». أو سيقول: «يمكنني أن أبتهج بالرأي الحسن 
للآخرين في لأسباب عديدة؛ قد يعود ذلك إلى أنني أحبهم وأحترمهم وأفرح بكل ما 
يُفرحهم: أو قد يكون ذلك بسبب أن رآيهم الحسن يؤكد لي إيماني برأبي في نفسي 
ويثيتهء > أو لعل رأي الآخرين فيّ؛ و+ حتى في حالة عدم مشاطرتي لهم إياه؛ ينفعني مع ذلك 
أو يعدني بمنافع ‏ لكن هذا كله ليس بالغرور». على الإنسان النبيل أن يغالب نفسه أولا 
ويغالب» وبالاعتماد على التاريخ بخ خاصة > ٠‏ كي يتمكن مق أن يتمثل أن إنسان عامة الناس- 


۷۹ 


لکن الیک الان وجيلى بحيلتي البشرية الثالثةء وهي أن لا أدع فزعكم 
يثنيني عن النظر إلى الأشرار . 
د آنا بمشاهدة المعجزات التي تحضنها الشمس الحارقة: نمورا 
ونخيلا يرك جرس . 
وبين البشر أيضا هناك حصيلة جيدة من حُضنة الشمس الحارقة» 
زكر جاتو هرن اعات فلن افر ١‏ 
وكما أنني لم أر في الحقيقة حكمة تذكر لدى حكمائكم؛ كذلك 
وجدت الخبث البشرى دون ما يحظى به من سمعة. 
وغالبا ما كسب أسال واا اهز راسي لم فرعن أجراسك إذا با 
حيات الجرس؟ 


ا 


«داخل الطبقات الخاضعة ومنذ أزمان موغلة في القدم لم يكن شيئا آخر غير ما كان يُعتبر 
أنه هكذا؛ وبما أنه لم يكن متعودا البتة على وضع قيم بنفسه فإنه كان يقيس نفسه بمقاييس 
القيم التي كان يضعها له أسياده (ذلك أن وضع القيم هو حق الأسياد في الأساس) . بإمكان 
المرء أن يرى في ذلك نتيجة لتقليد وراثي ذا قوة جبارة أن يظل اتام إلى يومنا 
عذا يشطر EN‏ فيه كي يخضع بصفة غريزية إلى هذا الرأي؛ لكنه لا بخضع فقط 
للرأي الإيجابي بل وكذلك للرأي السلبي والذي ليس في صالحه (لنفكر على سبيل المثال 
في معظم حالات النساء الزرعات اللا عدن أو يعن مق قيمتهن بحسب ما يعلمهن 
كاهن الاعتراف فى الكنيسةء وكذلك الشأن بالنسبة للمؤمن المسيحي وما يتعلمه من 
كنيسته) 0 «إن المغرور يغتبط لكل رأي حسن يسمعه عن نفسه (بقطع النظر عن كل 
ما يتعلق بما يمكن أن يتضمنه من منفعة: وكذلك عما إذا كان صحيحا أو خاطتا)» كما 
يتألم لكل رأي سيء ؛ ذلك أنه يخضع لكليهما معاء ويشعر بنفسه خاضعا لهما وفقا لغريزة 
الخضوع القديمة التي تستفيق داخله. ‏ إنه «العبد» المخالط دم المغرورء بقايا من مكر 
العبودية - وكم ا تزال قائمة إلى اليوم لدى المرأة مثلا! إن الذي يحاول 
أن يغري ويغالط من أجل اكتساب رأي حسن عن نفسه من طرف الآخرين. إثما هو أيضا 
العبد الذي ينحني بعدها أمام هذا الرآيء كما لر لم يكن هر الذي استدعاه واستثاره. ‏ 
ومرة أخرى: إن الغرور وراثة من العهود الغابرة». 


اليا 


الحق أقول لكم لا يزال هناك مستقبل للشر أيضا! وإن الجنوب 
الأكثر حرارة لم يتكشف بعد للإنسان. 


كم من أمر يعد أكثر الشرور شناعة» والحال أنه مجرد شيء بإثني 
عشر قدما من العرض وثلاثة أو ن الول" ٠‏ عا م يشهد 
العالم فيه ميلاد تنينات أعظم . 


لأنهى ولكي لا يمتقر الإنسان الأعلى م تنينه» التنين ال 
الذي يكون جديرا به»؛ لا بد من شموس حارقة كثيرة تضطرم فوق 
رطوبة الأدغال! 


ملك عن هذه الصورة الغامضة يوضح غوستاف :اومان في تعليقاته على زرادشت الثاني عبارة 
(إثنا عشر قدما) بقوله إنها تحيل في ما يبدو على قانون عقوبات قديم ما. أما عن الثلاثة 
أشهر فتحيل على ترتيب العقوبات ٠‏ بحيث تكون العقوبة التى لا تتجاوز الثلاثة أشهر سجنا 
من صلوحيات المحاكم المحلية أو البلدية؛ بينما العقوبة التي ما فوق الثلائة أشهر فمن 
نظر محاكم التعقيب التي تنظر في الجنايات الأكثر أهمية . بما يجعلنا نستنتج أن ما يعنيه 
نيتشه هنا انها معجرد جنح تافهة او ترّهات . 

- ٩ 205١و‎ ١ يرد ذكر التثين في مواقع عديدة من كتاب العهد القديم (أشعياء؛لاا.‎ )١( 
وما‎ ١ وا۹ ۳ وفي رؤيا يوحنا من كتاب العهد الجديد اللاصحاح‎ 1۳ ›۷٤ + المزامير‎ 
يليه . وكل هذه المواقع تروي قصة انتصار ملائكة الرب على التتين المسمّى أيضا لويائان‎ 
وخلاص العالم العلوي من شرور الفوضى التي كان يبثها فيه بعد طرده من هناك وهبوطه‎ 
إلى الأرض. نكتفي هنا بإيراد القصة كما تأتي بأكثر تفصيل في رؤيا يوحنا اللاهوتي؛‎ 
«وظهرت آية عظيمة في الا امرأة متسربلة اي والقمرٌ تحت‎ : 1١ الاصحاح‎ 
إل ضكر یکا ةروك جل نص تصرخ متمخضة ومتوجعة‎ EEE E ر جل‎ 

لتلد. وظهرت آية أخرى في السماء. E‏ 
وعلى رؤوسه سيعة تيجان» وذنيه يج ر ثلتٌ نجوم السماء فطرحها إلى | الأرض. وال 
وقف أمام المرأة العتيدة ة أن تلد حتى يبتلع ولدها متى ولات . فولدت ابا ا 
يرعى جميع الأمم بعصا من حديد. واختُطف ولدها إلى الله وإلى عرشهء والمرأة هربت 
إلى البرّيّة حيث لها موضع معد من الله لكي يعولها هناك ألفا ومئتين وستين يوما. 
وحدثت حرب فى السماءء ميخائيل وملائكته حاربوا التتين وحارب التنينُ وملائكثه ولمع 


۲A1 


لبد أن لحترا SS‏ أولا إلى تمورء وضفادعكم 


السامة إلى تماسيح : أذ دا جيّدا يريد الصياد الجيّد. 


-يقووًا فلم يوجد مكانهم بعد ذلك في السماءء فطرح التنِينُ العظيمُ الحيُّ القديمةٌ المدعو 
إبليس » والشيطانَ الذي يُضل العالم كله طرح إلى الأرض رظرنط معه ملائكنه . 
وسمحت صوتا عظيما قائلا فى السماء الآن صار خلاص إلهنا وقدرته وملكه وسلطان 
میک لا قد كرح المشستكن على إخو تا اللذئ کان بتک عليهم أمام إلهنا ھازا وللا : 
وهم غلبوه يدم الخروف وبكلمة شهادتهم ولم يحبّوا حياتهم حتى الوت . من أجل هذا 
افرحى أيتها السماوات والساكنون فيها. وويل لساكنى الأرض والبحر لأن إبليس نزل 
العم وف غا أن له رنانا تيه كل زاميل فم ارج ومیل 
الحروب والانتقام والقتل والبكاء والعويل التي تعم الأرض» وتهدم بابل التي كانت تدعى 
الزانية وعابدة الوحش والتنين الذي هو إبليس . يتواصل مساسل الرعب هذا على مدى 
الفقرات (الاصحاحات) المرالية لهذه الرؤيا إلى أن ينتهي بالانتصار النهائي على الوحش 
والتنين الذي هو إبليس وطرحه في بحيرة النار والكبريت»ء ثم يشام حفل الخروف وهبوط 
عروس الخروف التي هي المدينة المقدسة أورشليم الجديدة من السماء التي تعد الرؤيا 
بخاودها فى الأمن والمسرة إلى أبد الآبدي:(!!!). هل عودة التئين التى يبشر بها نيتشه هى 
وعد ارد إلى قوفن ا ول شولع كن کی ياه لا بان كن اواد 
خائلا لغوضى بعد كن يلد جما راقضاة أحى اوعد الاقام بابل من أووشليم» وإعادة 
إقامة بابل المتحررة من سلطة الديانة اليهودية ‏ المسيحية ‏ الإسلامية والنواميس الدينية التي 
دجنت اندفاعاتها الفوضوية البريتة الشبيهة بحفل معربد؛ حفل احتفاء بالحياة وبسلطان 
الأرض وبهاء الأرض دون حدود أو قيود؟ هل سيكون التئين الأرقى يد الإنسان الأعلى 
لتحرير العالم من سطوة الديانات التي تكبل حريته واندفاعاته؟ أم ترى هذا التنين الأرقى 
هو ذلك الذي ورد ذكره فى فصل «التحولات الثلاثة» حيث يقول زرادشت موضحا هوية 
هذا «التتين الأعظم؟: «مأ هو هذا التي الأكبر الذي لم يعد يرغب فيه العقل سيّدا وإلهأ؛ 
«ينبغى عليك» يُدعى التنين الأكبر . لكنّ عقل الأسد يقول: 7أريد"./ اينبغى عليك» تسد 
عليه الطريق ملتمعة ببريق الذهب؛ حيوان حرشفيَء وفوق کل کرش تلم در وی 
عليك !» ببريق ذهبيّ 2 قيم آلاف السنين تاتمع فوق تلك الحراشف» وهكذا يتكلم التئين 
الأشد قوّة: قيمة الأشياء بكليتها تلتعم فوق سي 1 كل القيم قد تم خلقهاء - وكل 
القيم التي تم خلقها هي: أنا. حمّا. لم يعد هناك من مكان لأيّ «أريده! هكذا يتكلم 
التنين؟ . 

هل التبشير بالتنين الأعظم إذاً وعد بمرحلة صراع أكبر سيكون على الإنسان الأعلى أن 


يخوضه. وبانتصار جديد على التئّين الأرقى. حتى يؤكد نفسه كإنسان أعلى؟ 


YAY 


الحق أقول لكم أيها الصالحون والعادلون؛ كم من الأشياء لديكم 
مما يبعث على الضحك؛ وخاصة خوفكم مما ظل يسمى «شيطانا» إلى 
حد الان! 

لكم هي غريبة روحكم عن كل عظمة» غرابة ستجعل الإنسان 
الأعلى يبدو فظيعا في أعينكم بطيبته. 

وأنتم أيها الحكماء والعلماء ستفرون من الاحتراق بشمس الحكمة 
التي ينقع الإنسان الأعلى عريه فيها بكثير من المتعة! 

أنتم يا أرقى الرجال ممن وقعت عليهم عيني! هذه ريبتي تجاهكم 
وضحكتي السرية: إنني أحزر مسبقا أنكم ستدعون إنساني الا ع2 
شيطانا! 

آه» لقد مللت هؤلاء الأرقى والأفضل من الرجال؛ وكانت بي 
رغبة في الهروب إلى ما فوق وخارج «سموهم» موليا عنه باتجاه 
الإسان الأعلى! 

فزع تلبس بي لما رأيتهم عراةً أولئك الأفضلين؛ عندها نبت لي 
جناحان لأحلق مبتعدا في رحاب أزمنة مستقبلية بعيدة. 

في أزمنة مستقبلية أبعد وأصقاع جنوبية أقصى مما حلم به أي 
فنان؛ هناك حيث تخجل الآلهة من كل لياس . 

لكن بأزياء التنكر أريد أن أراكم أيها الأقربون وإخوتي من البشرء 
في أجمل حلة منتفخين غرورا ومهيبين مثل «الصالحين والعادلين»؛ 

متنكرا أود أن أجلس آنا أيضا بينكم» - كي لا أتعرف عليكم وعلى 
تفي : إذ هذه هي خيلتي البشرية الأخيرة. 

هكذا تكلم زرادشت. 


YAY 


ساعة الصمت الأكبر 


ما الذدئ لس اااي إلكفرترونق مضطرياء 0 
منقادا على مصص ٠»‏ مستعدا للانصراف للانصراف بعيدا عنکم» و 
أسفاه! 

نعم» مرة أخرى ينبغي على زرادشت أن يعود إلى وحدته: لكن 
بلا غبطة يعود الدب هذه المرة إلى مغارته! 

ما الذي حدث - ومن ولي 00 علي هذا الأمر؟ ‏ آم سياتي 

البارحة على مشارف المساء خاطبتني ساعة صمتي الأكبر: إذ هذا 
هو إسم سيدتي الفظيعة. 

هكذا حدث ذلك إذ على أن أقول لكم كل شيء كي لا تقسو 
قلوبكم على هذا الذي ينصرف عنكم هكذا فجأة! 

عل رون اع يعسن وی ا 

من قمة الرأس حتى إخمص القدمين يخترقه الذعرء عندما تميد به 
الأرض ويشرع في الخلم. 

هذا الكلام أسوقه لكم كمثل. البارحة. وفي ساعة الصمت الأكبر 
مادت بي الأرض: لقد بدأ الحلم. 


58 


العقارب تتقدم وساعتي قد استردت أنفاسها ‏ » أبدا لم أشعر بمثل 
هذا الصمت من حولى من قبل» الأمر الذي أدخل الرعب على قلبى. 

وإذا هاتف يخاطيبنى بلا صوت : «تعرف ذلك يا زرادشت؟) . 

صر خت فزعا من هذا الهمس› وقد انسحب الدم من وجهى؟ 
کی ت اا 

عندها خاطيني الهاتف مجددا ويلا صوت : «إنك تعرف ذلك يا 
زرادشت» لكنك لا تفصح به!». 

وأحيتك: أحيزا كالمصر على العتاد > «أخل» أعرف ذلك لك لا 
أريد أن أفصح به! 

وإذا هو يخاطبني مرة أخرى بلا صوت: «لا تريد؟ أهذه أيضا هي 
الحقيقة ؟ لتدع التسير وراء هذا العنادء يا زرادشت !). 

م ای رت أبكي وأرتعد مثل صبي» وقلت: «أفّء لقد كان 
بودي فعلاء لكن كيف لي أن أستطيع ذلك؟ لتعفني من هذا! إنه أمر 
لا طاقة لى عليه!». 

وها هو يخاطبني مجددا وبلا صوت: «ما همك يازرادشت! لتقل 
05 00 ونت ِ«. 

فأجبته : 5 وهل هذه كلمتى؟ فمن أنا بأ ترط إنلى أنتظر من هو 
أجدر مني؛ فأنا لست جديرا حتى بأن أتحطم على هذه الكلمة». 

وإذا هو يخاطبني مرة أخرى وبلا صوت: ماهمك؟ إنني لا أراك 
متواضعا بما فيه الكفاية. فللتواضع جلدة سميكة. 


YAS 


أقطن؛ أما على آي ارتفاع توجد قمتي؟ فذلك ما لم يحدثني به أحد 
بعل. غير انني أعرف اوديتي جد . 

عندها خاطبني مرة أخرى بلا صوت: «من كان عليه أن يحوّل 
جبالا يا زرادشت» يحول أودية ووهادا أيضا». 

وأجبته: «كلماتي لم تحوّل جبالا بعد وما تكلمت به لم يصل 
إلى البشير القد دهت قفخلا إلى الناسن »> لكدني لم أخل بين مع 
ذلك». 

فخاطبني مرة أخرى بلا صوت: «ما آدراك بذلك؟ إن الندى ينزل 
غلن الغشن شاعة كرف :الل :اکن كوا 

وأجبته: «لقد سخروا مني عندما اهتديت إلى طريقي ومضيت؛ 
وفي الحقيقة كانت رجلاي ترتعشان آنذاك. 

وهكذا خاطبوني: لقد نسيتَ الطريق» وها أنك الآن بدأت تنسى 
المشي أيضا!». 

فخاطبني مرة أخرى بلا صوت: «أي شأن لك في سخريتهم؟ إنك 
شخص قد نسي الطاعة؛ والآن عليك أن تأمر! 

ألا تعرف من الذي يحتاجون إليه أكثر من أي أحد؟ إنه ذلك الذي 
يأمر بأشياء عظيمة. 

أن ينجز المرء أشياء عظيمة أمر صعب ؛ لكن أصعب من ذلك أن 
يأمر بأشياء عظيمة. 

وعدا هو نلك الأكين التق لا يشر دك "سلطان لكك لا بريد 
أن تكون الآمر؛. 

وأجمته : (ينقصني EE‏ لكل الأوامر) . 


TAT 


فخاطبنى مرة أخرى وبما يشبه الهمس: (إن الكلمات الأكثر هدوء 
هي التي تستدرج قدوم الإعصار؛ وإنّ كلمات تتقدّم على أرجل حمام 
لهي التي تقود العالم؟. 

أي رادت عاك :أن تمض مكل ظل الما يمعي انبا ا 
کا سيكوان: لك أن تاموء وا ا تاس ل 

وأجبت: «إنني أخجل من ذلك». 

فخاطبني مرة أخرى بلا صوت: «عليك أيضا أن تصير طفلاء 
ودون خجل . 

کی ات :يا ا ينداف ا تومن يلقت الات 
متاخرا: لکن من يريد أن يصبح طفلا عليه أن يتغلب على شبابه 
أولا . 

وسرت على برهة من الزمن وأنا أتفكر وأرتعك: إلا ا بالأخير 
نطقت بما قلت فى البداية: «لا أريد». 
الضحكة التي مرّقت أحشائي وصدعت قلبي! 

وسمعت صوت الهاتف يخاطبنى لاخر مرة: لوق اخ ا 
يازرادشتء» لكنك لم تنضج بعد لغلتك! 

وهكذا ينبغي عليك أن تعود إلى وحدتك؛ إذ لا بد أن تصبح أكثر 
ا 

ثم لعلع الصوت الضاحك من حولي مجددا قبل أن ينطفئ. وكان 
صمت من حولي؛ كما لو كان صمتا مضاعفا. آما ناقفتت متلق 
على الأرض والعرق يتصبب من كل أعضائي . 


YAY 


- ها قد استمعتم إلى القصة كلها الآن وعرفتم لِم ينبغي على أن 
أعود إلى عزلتي من جديد. لم أخف عنكم شيئا يا أصدقائي . 

لكنّ هذا الأمر قد سمعتموه مني أيضاً: من هو أكثر الناس تكثمأ ‏ 
والذي يريد أن يكون كذلك! 

آه» أصدقائي! مايزال لدي ما أقوله لكمء وما يزال لدي ما 
أمنحكم إياه! ما الذي يمنعني من أن أمنحكم إياه؟ أأنا بخيل إذا؟) ‏ 

وعندما فرغ زرادشت من هذا الكلام استولى عليه الألم وثقل على 
قلبه اقتراب ساعة فراق أصدقائه حتى أنه انخرط في نحيب مسموع؛ 
ولم يكن بوسع أحد منهم أن يواسيه. لكنه عندما استقر الليل نهض 
لينصرف وحيدا تاركا أصدقاءه وراءه. 


TAA 


الكتاب الثالث 


«ترنون بأعينكم إلى الأعلى وأنتم تطلبون 
العغلىء وأنظر إلى الأسفل لأنني في الأعالي . 

من منكم باستطاعته أن يضحك ويكون في 
الرقك ت شام ؟ 

الذي يصعد إلى الجبال الشواهق يضحك من 
كل مآسي المسرح وماسي الحياة) . 


زرادشت - الكتاب الأول؛ عن القراءة والكتابة. 


734 


المسافر 


كان ذلك فى منتصف اللیل» عندما شق زرادشت طريقه متسلقا 
جنب الجزيرة كي يصل مع الفجر إلى الساحل الخلفى ‏ من هناك كان 
يبتغي ركوب البحرء فقد كان هناك مرفأ ترسي فيه سفن أجنبية أيضاء 
ونقل مسافرين من أهل الجزر السعيدذة من أولئك الذين يبتغول ركوب 
سفراته المتوحدة منذ سني الشباب› وكم من الجبال والمرتفعات 
والقمم قد تسلق في الأثناء. 

رحالة آنا ومتسلق جبال» قال محدثا قليه» لا أحب المنبسطات» 

وكل ما سيحل بي بعدها من وقائع وأقدار» - ترحالا سيكون ذلك 
وتسلقٌ جبال: فالمرء لا يعيش سوى ذاته فى كل أمر بالنهاية . 

لقد ولى ذلك الزمن الذي كنت لا ألاقى فيه سوى صدف؛ وأي 
شيء يمكن أن يحدث لي الآن مما لم يكن حصيلا محضّلا لدي ؟ 


)١(‏ فى إحدى الكتشات التى كان نيتشه يسجل فيها عددا من الملاحظات والخواطر والأمثال 
كتاب زرادشت نقرأ في شذرات أواخر سنة ۱۸۸۳ القسم 11157 ص١۱٦۰‏ تحت عنران: 
العزلة تُنضج : لكنها لا تغرس غرسا: «تتكلمون خطأ عن وقائع وصدف! فلا شيء- 


۲۹۱ 


إنما عائد هوء راجع أخيرا إلى که عند ع ته دات مها وها 
ظل منها لزمن طويل يحيا في الغربة وصبعثرا بين شتى الاشياء 

شيء آخر أعرفه أيضا: إنني أقف الآن أمام قمتي الأخيرة وأمام ما 
ظل محبّأ لي لأطول فترة من الزمن. أواهء علي الآن أن أمضي على 
أو دروي قنيوة! او ا دا الان سفرئ: الا كر وعدا 

لکن من کان من طت لا يروغ عن مثل هذه الساعة : الساعة ال 
تخاطبه هكذا: «الآن فقط تضع قدمك على درب عظمتك! القمّة 
والقاع ‏ متحدة هي الآن في كيان واحد! 

ا ی على وک ا الكحين غا ی ا کان 
يُعد خطر هلاكك الأكبر من قبا ”"“! 





-يحدث لكم غير ما هو أنتم! وما تسمونه صدفة ‏ إنما ذلك : أنتم أنفسكم الذين تصادفون 
أنفسكم. وتفعون على أتنفسكم». 

)١(‏ موضوعة المخاطرة بالنفس من أجل التجاوز والارتقاء بالنفس هى من الموضوعات التى 
لا تتكرر كثيرا فى زرادشت فحسبب بل تخترق جم" كانات د ا ا 
محورياً من شروط المعرفة ؛ أو السعى إلى المعرفة والتى تؤكد على أن «السر الذي بمكن 
من جلى محاصيل الخصب الأقصى واللذة الكبرى التي في الوجود يدعى : العيش في 
خطر! «(المعرفة المرحةء الكتاب الرابع. الشذرة 27547)؟ أنظر أبضا: المعرفة المرحة 
«مزاح وحيلة وانتقام» الفقرة في ما وراء الخير والشر. الشذرة ۲٠۲؛‏ جنيالوجيا 
الأخلاق. الاستهلال. الفقرة 5. وفي هذا هو الإنسان ‏ ما الذي يجعلني آكتب كتبا 
جيدة؟ » حول معاينات غير معاصرة الفقرة ۳: «ما آنا الآن» وأين أقف الأن؛ في أعال 
حيث لم أعد أتحدث بكلماتء بل بصواعق؟(. . . .) لم أغالط نفسي لحظة واحدة بشأن 
الطريق والبحر والمخاطر ‏ وكذلك النجاح!(. . .) كل كلمة هنا معاشة في العمق. 
وبحميمية ؛ لا تنقصها الأشياء الأكثر إيلاماء وهناك من بينها كلمات نازفة بالفعل . لكن 
ريح الحرية تهب فوق هذا كلهء والجرح نفسه لا يتخذ هيأة الاعتراض'. . . «كيف أتمثل 
الفيلسوف كمادة انفجارية مرعبة تضع كل ما أمامها في خطر. . .؟4. 


۹۲ 


إنك تمضي على درب عظمتك: لتكن شجاعتك الأكبر أن تدرك 
الي دة بعد الآن! 

للق توفي على :فوته اكات م موق الع لل و وزاك 
I‏ هي التي فسخت آثار الطريق من ورائك» وفوق 
طريقك ترتسم عبارة: مستحيل . 

وإن لم يكن لديك الآن أي سلب فإنه سيكون غليك أن تعرف 
كيف تتسلق مشيا على رأسك: وهل لك من طريقة أخرى للمضي 
قدما في صعودك؟ 

على :زاك ودف سن فيك 1 وزيا كان اکر ا اسا لدونة تيك 
ينبغي أن يغدو الآن أكثر الأشياء صلابة . 

إن من تعود على الرفق بنفسه دوما يغدو هش البنية من فرط اللين 

مع النفس . مبارك كل ما يجعل المرء صلبا! كلاء لن تحظى بثنائي 
e‏ التي تسيل أنهارا من السمن والس 0©] 

أن يتعلم المرء كيف يتغاضى عن نفسه» فذلك أمر ضروري بالنسبة 
لكل من يريد أن يرى الكثير: ضرورية هذه القسوة لكل متسلق جبال. 

ومن كان ساعيا إلى المعرفة بعينين تلتصقان بالأشياء بإلحاح» كيف 
له أن يرى من الأشياء كلها أكثر مما تمنح من أسباب وجودها 
الظاهرية! 


)220 بمكن للمسلم أن يجد هنا إحالة على الجنة e‏ الت ي تسيل فيها أنهار من العسل 
ب ل جح 4 ب 
القديم؟ سفر الخروج ا الثالث/ ۷ لقال | الرب إنْي قد رايت مذلة شعبي 
الذي في مر و سمعت صراخهم من اجا ل مسخريهم ٠.‏ إني لت أوجاعهم فتلت 
لأنقذهم من أيدي المصريين وأصعدهم من تلك الأرض إلى أرض جيّدة وواسعة. الى 
أرض تفيض لبنا وعسلة» . 


4۳ 


ا جنا قعمت كوي أن قر غلة الأنمياء 
EEE E‏ إذا' أنتضياق م ساعوق لعلف ب كرما Ba‏ 
إل أن دو ,خوك اها کیت ولك 


أجل» أن أنظر من فوق إلى نفسى وإلى تجومى أيضا: ذلك فقط 
هو ما يمكن أن يعني قمّتى ؛ وتلك هي قمتي الأخيرة التي كنت أؤجل 
تسلقها!). 

هكذا تكلم زرادشت إلى نفسه وهو يتسلق ظهر الجزيرة مواسيأ 
قلبه بمقولات قاسية» ذلك أنه كان جريح القلب أكثر من أي وقت 
مضى. وعند بلوغ ذروة الجبل الذي كان يتسلقه» هو دا الجانب 
الآخر من البحر يستلقي عريضا أمامه: هنا وقف ساكنا وظل صامتا 
لمندة عدن فصر من 'الزمين.: لكن الكل كان باردافوق هذه القبة 
صافيا ومتلألثاً بالنجوم . 

اي اعرف دري :قال ارا مكدر می اا نے ال الامام 1 ای 
جاهز . الان دات وحدتي الأخيرة. 

أواهء هذا البحر الكثيب القاتم من تحتي! أواه» هذا الجو المفعم قَلقا 
ليليا ثقيلا! آهء أيها القدر وأيها البحر! إليك ينبغى على أن أنحدر الآن! 

إنني أقف الآن أمام أعلى جبل لي» وأمام أطول رحلاتي: لذلك 
على أن أنزل أولا إلى أعماق لم يسبق لي أن انحدرت إليها من قبل: 

أعمق وأشى داخل الألى كما لم يسبق لي أن انحدرت من 


قبل» حتى أعماق سيله الأكثر قتامة! ذاك هو ما يريده لى قدري: إلى 


ر( 
الأمام! إننى جاهز . 

من أين تنبثق أعلى الجبال؟ هكذا سألت تفسى ذات مرة. وعندها 
عرفت أنها من البحر تطلع . 


۹4 


هذه الشهادة مرسومة على صخورها وعلى جدران قممها. من 
أعمق الأعماق ينبغي على أعلى القمم أن تصعد إلى ذروتها. - 

هكذا تكلم زرادشت فوق قمة الجبل حيث كان البرد قارسا؛ لكنه 
عندما غدا على مقربة من البحر ورأى نفسه يقف بالنهاية وحيدا تحت 
الأجراف الصكرية أف على .غاية من القهي من جرا الفسير 
وممتلئا شوفا اک من أئ وقت مضى. 

كل شيء ما يزال نائماء قال زرادشت؛ البحر نائم هو أيضا. 
متعتعة بالنوم وغريبة ترمقني عينه. 

لكنه يتنفس بحرارة؛ إنني أحس بذلك. وأشعر بأنه يحلم أيضاً. 
إنه يتقلب في حلمه على فراش قاس . 

أنصت! انصث إليه كيف يتنهد بذكريات كريهة! آم ثرى بانتظارات 
كريهة؟ 

آه؛ لكم آنا حزين لحزنك أيها الوحش القاتم! وإني لألوم نفسي 
أيضا من أجلك , 

آم لم لا تملك يدي ما يكفي من القوة! إنني لأوذ حقا لو أنني 
أخلصك من الكوابيس الشنيعة! - 

وبينما کان يتكلم هكذا راح ززادشت يضحك من نفسة بكابة 
وا ا مادا يا زراوقيت! قال لته أتريد أن تف سين 
مواساة لليحر أيضا؟ 


آه» زرادشت الأحمق الرقيق! أيها المفعم ثقة! لكنك هكذا كنت 
على الدوام : ودودا كني دوما تجاه كل فظيع . 
ما من غول فظيع إلا وأردت أن تداعبه بكفك. وهج أنفاس حارة 


40 


لمجرد أن يكون حيا! مضحكة هي في الحقيقة محبتي وتواضعي في 
الحب!). 

هكذا تكلم زرادشت وهو يضحك مرة أخرى: لكنه تذكر أصدقاءه 
الذين غادرهم ‏ » وكما لو أنه قد أخطأ في حقهم بهذا الذي كان 
يخالج ذهنهء تملك به الحنق ضد أفكاره. وإذا الضاحك سرعان ما 
غدا باكياً : من شدة الحنق والشوق راح زرادشت يبكي بمرارة. 


عن الرؤيا واللغر 


1 


لما شاع بين البحارة خبر وجرد زرادشت على متن السفينة - ذلك 
أن رجلا من الجزر السعيدة قد صعد إلى السفينة في الوقت الذي 
فد فيه زرا دقعتو كيلك الا فول كندية واتار کک 
زرادشت ظل صامتا ليومين متتاليين وكان باردا أصم من شدة الحزن» 
فلم يكن ليرد على نظرة أو سؤال. إلا أن أذنيه قد انفتحتا في مساء 
اليوم الثاني بالرغم من بقائه على صمته: ذلك أن حكايات غريبة 
وأشياء مخيفة كثيرة كانت تتردد فوق السفينة القادمة من مكان بعيد 
والمبحرة باتجاه أصقاع owl‏ كان ديفا لعن E‏ 
الذين يغامرون في سفرات بعيدة ولا يحبذون الحياة دون مخاطر. وها 
هو الآن وهو يستمع إلى تلك الحكايات يرى عقّدة لسانه تنحل وجليد 
قلبه يذوب: عندها بدأ في الكلام هكذا: 


أنتم أيها الباحثون والمستكشفون الجريئونء وكل من أبحر بأشرعة 
ماكرة فى محيطات الأهوال» - 

أنتم الثملون بالألغاز الغامضة» وعشاق الغبش» الذين تستدرج 
أرواخهم الهوى السحيقة بأنغام الناي : 


۹۷ 


- لأنكم تكرهون السير متلمّسين بأيد جبانة خيطا يدلكم على 
الطريق؛ وتنفرون من البرهان حيث يكون بإمكانكم أن تحدسوا ‏ 

لكم وحدكم أروى :الل الى رانك ريا الوك الا كيز 

AEE aS PS ALE مف‎ SES 
. منقبض الشفتين. وقد غربت عني أكثر من شمس‎ 

درب يصعد بعناد بين هديم الصخورء درب قاس وحيدء لا عشب 


ولا دغل يجرؤ على ملامسة جانبيه: درب جبليٌ يَصِرّ تحت قدمي 
العنيدة. 

صامتة فوق الصرير الساخر للحصى تتقدم قدمي ضاربة بعنف على 
الان جا ضورق :ولا ويك وة ج ات ف فدهن 
نفسها في المضي صعودا. 

صعودا: تتحدى الروح الخبيث الذي كان يجذبها إلى التحت» إلى 
القاع كان يجذبها روح الثقلء شيطاني وعدوي اللدود”” . 


)١(‏ ما هي روح الثقل هذه التي تجثم على طالب المعرفة وتعيق حركته؟ نجد تفصيلا لهذا 
المصطلح في المعرفة المرحةء الكتاب الخامس؛ الشذرة ۳۸١‏ حديث المسافر: إن 
التفكير في الأحكام المسبقة للأخلاق» إن لم يكن بدوره أحكاما مسبقة عن الأحكام 
المسبقة. يشترط تموقعا خارج نطاق الأخلاق. موقعا في ما وراء الخير والشر: يتوجب 
على المرء الصعود والتسلق والطيران إليه ..... ويظل السؤال هو ما إذا كان المرء حقا 
قادرا على الصعود إلى هناك . إن هذا مرتبط فى ما يبدو لى بعدد من الشروط ؛ والأمر 
الرص فى هذا ضاق مر ةة ترد جا لى قدا أى إشكال ةا اشا 2 على ال 
أن يكن فا جا كن يدن بارا لخر لدي إلى نكل لك الأقاصى وشن الرقت فة 
إلى ما وراء زمنه» کی يكتسب له عينا تحتضن رؤيتها آلاف السنين وتكون له سماء صافية 
في هذه العين! على ال أن يتخلص من الكثير من القيود التي تكبلنا نحن الأوروبيبن 
وتعيقنا وتشدنا وتجعلنا ثقيلين. وإن الإنسان الذي ينتسى إلى ذلك الماوراء ويريد أن 
يعض الاير اله الغلا تعن يكرت نطالبا بن أجل ذلك ارلا وقل كل س 


14 


را بالرغم مق ذليك الذي كان يجثم علي؛ ذزصف قزم. 
نصف خلذ؛ مشلول؛ مُشلَ؛ رصاص يخترق أذني. قطرات أفكار 
راض تساب وا دماغ 

أ eS‏ حرفا حرفا 
ا 

أي زرادشت! يا حجر الحكمة». الحجر المقذوف إلى الأعالى» يا 
مدمر النجوم! لقد قذفت بنفسك عالياء لكن كل حجر يقذف إلى 
الأغلى: لا بد له من السقوظط! 

أنت المحكوم عليك بنفسك وبرجم نفسك بنفسك: أي زرادشت! 

بعدها سكت القزم عن الكلام؛ وطال صمته. لكن صمته كان بثقل 
الحجر على قلبى ؛ إذ المرء فى مثل هده الرفقة يعدو 5 وحلة مما 
يكون وهو وحيد! 

كنت أصعد» وأصعد» أحلم وأفكرء ‏ لكن كل شيء كان بثقل 
علاوة على ذلك على حلم مزعج فد انتز عه من نومه . 53 

لکن لی شيئاء؟ شىء أسميه شجاعةء هو الذي كان دوما يبيد كل 


بان «يتغلسب» على ذلك العصر في داخله - إنه الاختبار الضروري أ لطاقاته ‏ دم لا يتفي 
بالتغلب على عصره فقط. ٠‏ بل ه وكذلك على كل ۽ ما كان لديه إلى حد الآن من نفرر من ذلك 
العصر وتناقض معه» وعلى معاناته من ذلك العصر وعدم مطابقته للعصر 


ورومانسيتهة. ...4. 


1 


مزاج كدر لديّ. تلك الشجاعة هي التي جعلتني أقف هادئا بالنهاية 
وأتكلم هكذا: «أيها القزم! إما أنتء أو أناء أيها القزم! -2. 

إن العام بالنهاية أشد الأسلحة فتكا؛ الشجاعة التي تهاجم: إذ 
كل هجوم حفل بدق طبولٍ وضرب صنوج . 

لكن الإنسان أكثر الحيوانات تقاف : يذلاك كان له أن يتغلب على 
كل الحيوانات. بأنغام الطبول استطاع أن يتغلب على كل الآلام أيضا؛ 
غير أن الألم الإنساني أشد الالام جميعا. 

الشتجاعة تكد الذوار على ححافة كل هاوية :أيضاة .وفن أى مكان :يا 
ترى لا يجد المرء نفسه واقفا على حافة هاوية؟ إذ ين ترىء ألا 
يعني ذلك أنك ‏ ترى الهاوية؟ 

إن الشجاعة أشد الأسلحة فتكا: الشجاعة تبيد الشفقة أيضاً  -‏ لكن 
الشفقة هي الهاوية السحيقة الأكثر عمقا: وكلما نظر الإنسان بأكثر 
عمق في الحياةء إلا ونظر بأكثر عمق في الألم! 

لكن الشجاعة أشد الأسلحة فتكاء الشجاعة التي تهاجم: إنها 
تصرع الموت أيضأء ذلك أنها هكذا تتكلم: «هل كانت تلك هي 
الحياة؟ لنعد الكرّة إذا!». 

غير أن مثل هذه المقولة فيها الكثير من رنين الصنوج وأنغام 
الطبول. ومن له أذنان للسمع» فليسمع! - 


۲ 


صه! أيها القزم! تكلمتٌ. إما أناء أو أنت! لكنني أنا الأقوى من 
بيننا نحن الإثنين ‏ : إنك لا تعرف فكرة أغواري السحيقة! وتلك 
الفكرة» لا قدرة لك على تحملها!». 


Ta 


عندها حدث ما جعلني أشعر بمزيد من الخفة: ذلك أن القزم قد 
قفز من على كتفي ليقبع فوق حجر أمامي» ذلك الفضولي! وكانت 
هناك سقيفة في الموقع الذي كنا نقف فيه. 

«آنظر إلى هذه السقيفة أيها القزم! إن لها واجهتين. طريقان يلتقيان 
هنا؛ ولا أحد استطاع أن يسلكهما حتى النهاية. 

هذا الدرب الطويل الذي يمضى إلى الوراء؛ إنه يمتد إلى الأبدية. 
وذلك الذي يمضي إلى الأمام أي او 

هذان الطريقان يتعارضان ويصطدمان ببعضهما رأسا ضد رأس : 
وهناء عند السقيفة» هو الموضع الذي يلتقيان فيه. إسم هذه السقيفة 
مكتوب هناك في أعلى البوابة: «لحظة» . 

لكن إذا ما مضى أحد ما على أحد هذين الدربين ‏ إلى الأمام 
دوماء ودوما أبعد؛ فهل تعتقد أيها القزم أنهما سيظلان يتعارضان إلى 
ما لانهاية؟). 

«كل ما هو مستقيم كاذب» غمغم القزم بنبرة مفعمة بالازدراء. كل 
حقيقة معوجة؛ والزمن نفسه دائرة مغلقة». 

«اسمع يا روح الثقل! صرخت فيه بحنق» لا تستسهل الأمور على 
هذا النحو! وإلا تركتك قابعا حيث تقبع الآن يا مشلول القدم! ‏ أنا 
الذي حملتك إلى هذا الموقع المرتفع! 

أنظر هذه اللحظة! قلت مواصلا. من هذه السقيفة اللحظة يمضى 
درب طويل أبدي إلى الوراء: هناك أبدية تمتد وراءنا. 1 

ألا ينبغي على كل ما يستطيع المشي أن يكون قد سلك هذا 
الدرب؟ ألا يتبخي غلى كل ما يتمكن أن. بدت هن «الأشياء. أن يكوات 
قد حدث» قد صُنع» وقد مضى ذات مرة؟ 


۳۰۱ 


وإذا ما سبق لكل شىء أن كان هنا ذات مرةء فما رأيك فى هذه 
اللحظة أيها القزم؟ الاابديك سند امقس انعا اد ترد موه 
وجدت ذات مرة هي الأخرى؟ 

أوليست الأشياء كلها تبعا لذلك مترابطة وثيق الارتباط في ما 
بينهاء بما يجعل هذه اللحظة تجذب إليها كل الأشياء القادمة؟ ‏ - 
وبالتالي نفسّها أيضا؟ 

ذلك أن كل ما يستطيع المشي» لاب أن يمر مرة أخرى خارجا من 
هذا الدرب الطويل! 

ولك الرتيلةة البطفة الفا تست جر اقم وشا الق آنا 
ونا وأنت الجالسيّن إلى السقيفة متهامسيّن» نتحدث عن أشياء أبدية 
كثيرة - ألا ينبغي أن نكون جميعنا قد وجدنا هنا سابقا؟ 

- وأننا نعود ونمضي على ذلك الدرب الآخر؛ قدما على هذا 
الدرب الطويل المفزع ‏ علينا أن نظل نعود بصفة أبدية؟ 80" . 





)١(‏ عن العود الأبدي. أنظر المعرفة المرحةء الكتاب الرابع» الشذرة :74١‏ «أثقل حمل - ما 
رأيك لو أن شيطانا تسلل ذات يوم أو ذات ليلة إلى عزلتك الأكثر عزلة وقال لك : «هذه 
الحياة كما تعيشها الآن وكما عشتها دوما سيكون عليك أن تعيشها ثانية وعددا لايحصى 
من المرات. ولن يكون هناك من جديد فيهاء بل إن كل ألم وكل لذة وكل خاطرة وزفرة 
وكل صغيرة وكبيرة من حياتك هذه ستعرد إليك حتما والكل وفقا لنفس النسق ولنفس 
النظام والتتابع - وهذه الرتيلاء أيضاً وضوء القمر المتسلل بين الأشجارء وكذلك هذه 
اللحظة وأنا أيضاً. إن الساعة الرملية للوجود تظل ثُقلب على الدوام ‏ وأنت معهاء حبة 
صغيرة داخل الغبار! (. . .) والسؤال فى هذا كله جملة وتفصيلا «هل تريد أن تعيش هذا 
و بحم من الراك اهف ازال سس کا ل على كل 
أعمالك وسلوكاتك! أو كيف سيكون عليك أن تصبح أكثر طيبة تجاه نفسك وتجاه الحياة 
كي لا ترغب بعدها في شيء سوى في هذا الإثبات الأبدي الأخير والمصادقة الأبدية 


الخ ة؟». 


هكذا كنت أتكلمء وبصوت خفيض دومًا: ذلك أنني كنت خائفا 
من أفكاري ومن أفكاري الخفية. عندها سمعت فجأة كلبا يعوي على 
مقربة مني . 

هل سبق لي أن سمعت كلبا يعوي بمثل هذا العواء في ما مضى؟ 
وإذا خواطري تعود بي إلى الوراء. أجل» عندما كنت صبياء في أيام 
صباي الغايرة : 
رأسه باتجاه السمتاء »:مرتعفاءفى. الشكوة المطلق. لصف اللي 
ساعة تؤمن الكلاب أيضاً بوجود الأشباح : 

وعدي آثار ف وكات القمو* قدا عفر :للعو اا ا عونا 
فوق البيت؛ متجمذا كان يقف هناك دائرةٌ من لهب صامتا فوق 
السقف المسطح كما لو كان يستقر فوق أرض غريبة: 

ذلك هو ما أفزع الكلب: ذلك أن الكلاب تؤمن باللصوص 

أين هو القزم الآن؟ والسقيفة؟ والرتيلاء؟ وكل ذلك الهمس؟ هل 
كنت أحلم إِذَا؟ هل استفقت؟ بين الرّصف الصخرية العالية القاسية 
وجدتنى أقف فحأاءة: وحيدا موحش القلب نحت ضوء القمر الأكثر 
وحشة . 

لكن رجلا كان ممدد هنا! وكان الكلب هناك ! قافزاء منتعش الوبر 
يعوي مستعطفا» - وها هو يرانى الآن قادما» وإذا هو يعوي مجدداء 
صارخا الآن: هل سمعت قبلها كلبا يتوسل صارخا هكذا؟ 

وحقاء إن ها رایت هنا لم يسبق لى. أن: ريك مكيلا له في ما 


۳.۳ 


فف .رایت راغا ثانا يتلوى ؛ مختنقا مرتعداء متقلص الوجه. 
وتعبان ا يتدلى من عمة. 

هل رأيت مثل هذا القرف والذعر الشديدين على وجه آدمى من 
قبل؟ لقد نام دون شك فتسلل التعبان إلى حلقه ‏ وهناك عض بكل ما 
أوتي من القوة. 

أمسكت بالثعبان وسحبت» وسحبت: لكن عبثا! لم تستطع يدي 
أن تقتلع التعبان من الحلق. عندها ندت عنّى صرخة: «عض! عض ! 

اقطع الرأس! عض!» هكذا كان الصراخ يصعد من أحشائي؛ 
صراخ دعري وحقدي وقرفى وشهقتى » وكل ما كان في داخلي من 
كناك کی ی كانت تضرع وت و ما + د 
والمستكشفون» وكل من يبحر بأشرعة ماكرة فوق محيطات الأهوال» - 
يا عشّاق اللزقار المقفلة! 

ذلك أنها كانت رؤيا ونبوءةً: ما الذي رأيتُ آنذاك في صورة مُثل؟ 
ومن هو ذلك الذي ینبغی أن يأتى حتما فی يوم ما؟ 

من هو ذلك الراعى الذي تسلل الثعبان إلى حلقه؟ من هو الإنسان 
الذي ستتسلل إلى حلقه أكثر الأشياء ثقلا وسوادا. 

الك الراعي عفن "كه انوت عليه لك خض كل ها اور 
من قر ةغل العض ! وبعيدا جذا قذف برام التعبان من ية وقفد 


تأهضا. - 


لم يعد راعيا. لم يعد إنساناء بل كائنا متحوّلاء محاطا بهالة من 
يفحك! 

آي اشر الق د .سشععت محكة لست بضبحكة شرن ولان 
ينهش أحشائي عطش» وشوق لن ينطفئ أبدا. 

شوقى إلى تلك الضحكة ينهش فؤادي ويلتهمنى : أواه» كيف لى 
أن أتحمّل العيش بعدها! وكيف سيمكنني أن أتحمّل أن أموت الآن! ‏ 


فى السعادة رغم الأنف“ 


بمثل هذه الألغاز وبمرارة في القلب مضى زرادشت مبحرا. لكنه 
بعد أربعة أيام من السفر بعيدا عن الجزر السعيدة وعن أصدقائهء كان 
قد تخطى كل أو جاعه 55 منتصرا وبقدم تابتة غدا يقف سن جديدك أمام 
مصيره! وهكذا تحدث أنذاك إلى وعيه المفعم غبطة: 


وحيدا ارا محذداء وهكذا ويك أن أكون وحيدا متعم چنا 
صافية وبحر رحب» ومن حولي العشية من جديد. 

في العشية التقيت ذات يوم بأصدقائي لأول مرةء وفي العشية أيضاً 
لقيتهم مرة أخرى؛ ساعة يغدو النور كله أكثر سكونا. 

ذلك أن ما ظل متنقلا بين السماء والأرض من سعادة؛ إنما يبحث 
له الآن عن مأوى داخل روح مضيئة: ومن فرط السعادة غدا النور كله 
الال اک سسکا 

أواف عشيّة عمرى! فى ما مضى هبطت سعادتى إلى الوادى بحثا 
)١(‏ العنوان الأولي لهذا الفصل كان: «في البحار البعيدة» ويأتي مواصلة للفصل السابق كما 

بلاحط القارئ. لحن تشه عمد إلى تغيير العنوان کي لا يجعل هذه الصله مباشرة سن 

الفصلين» وكي يمنح هذا القصل نوعا من الاستقلالية عن سابقه. قد يعود ذلك إلى 

الطريقة المحبذة لديه الت تتمثل في تبجيل كتابة الشذرات على النظام النسقى للنص 

المتكامل (أنظر الهامش رقم ۲ ص18 5). 


۳۰7 


عن ماوق لياء «وشناف وات تلك الأرواح الصادقة التي تفتح ذراعيها 

واه عشيّة عمري! أي شيء لم أبذل مقابل الحصول على شيء 
واحد: هذا الغرس الحي لآفكاري وهذا النور الصباحيّ لأكبر أماني! 

رفاقا كان يريد المبدع في ما مضى وأبناء لأمله؛ وها قد اتضح له 
أنه لن يعثر عليهمء سوى أن يبتدعهم بنفسه. 

وها آنا إذا في غمرة عمل 1 شاا ]لق اناق مر ا عدي 
ومن أجل أبنائه ينبغي على زرادشت أن يتم إنجاز ذاته. 

ذلك أن المرء لا يحب في العمق غير إبنه وأثره الذي عمل؛ 
وحيث ما تكون هناك محبة كبرى للذات. فتلك تكون العلامة الحق 
عن حَبّل: هكذا وجدت الأمور. 

مازال غصن أبنائي ييْنع وينمو وهم في ربيعهم الأولء متلاصقين 
يقفون يهزهم معا عصف الرياح؛ أشجار حديقتي وتربتي الأكثر 

والحق أقول لكمء حيث تقف مثل هذه الأشجار جنبا إلى حنب» 
فهناك تكون جزر سعيدة! 

لكنني في يوم ما سأقتلعهم وأغرسهم كلاً في مکان» كي يتعلم كل 
واحد منهم الوحدة والعناد والحذر. 

معقود الجذع مائل الهامة وبصلابة مرنة أريد أن أرى الواحد منهم 
يقف إلى البحر منارة حيّة لحياة لا تقهر. 





)١(‏ يلاحظ مونتي وكولليناري في الهوامش والتعليقات أن زرادشت سيتكلم ابتداء من الآن عن 


TeV 


اللخيل تسن المباة هناك سيكون على كل منهم أن يقف مرابطا في 
اللؤرائة للا ای السدن وعم 

مرا وميتحتا لا بد أن يعدو کی تغرف إذا نا كان من نوع 
وطيّعا بحيث يكون بإمكانه أن يأخذ فيما هو يمنح : 

كي يعدو في يوم ما رفيما عن وشريك إبداع ومحتفلا مع 
زرادشت: واحدا بمستطاعه أن يكتب إرادتي على ألواحي: من أجل 
إنجاز مكتمل لكل الأشياء. 

من أجلهء ومن أجل أمئاله ينبغي علي الآن أن أنجز اكتمالي. 
لذلك أدبر الآن.عن سعادض وأسلم نفسي إلى كل .شروت الشقاء .من 
أجل امتحانى الأخير . 

والحق أقول لكم» لقد كان علي أن أنصرف؛ وكان ظل المسافرء 
آن الأوان!»). 
كانت الريح تصفر عبر ثقب القفل وتقول لي «تعال!» والباب ينفتح 
مصراعيه أمامى فجأة قاثلا: «انصرفٌ!»2. 
لكي كيت أضطجع هناك موثوقا مجن لأبدائي: نقد تبت لي 
الرغبة هذا الفخ؛ تلك :الرغبة فى الخ القن كانت سشعلنن: اغد 
فريسة لأبنائي وأبدد نفسي فيهم. 

الغ كان ا ي مالس ی أو قد ضيفت یی و لن 
آنتم. يا أبنائي! لا بد آن يكون كل شيء وثوقا في هذه الملكية» ولا 


عا 


كا 


لكنن شمس محبتي كانت جاثمة فوقي تحضننيء» وكان زرادشت 
يُطهى منقّعا في عصيره الخاص. - وإذا شك وظلال تعبر فوق رأسي. 

وإذا نفسي تحنّ إلى الشتاء والصقيع مجددا: «آه» ليكن صقيعا 
وشتاءً يجعلانى زتعن وأصدّ!» قلت متنهدا: وكان ضباب جليديٌ 
يصاعد منى عندها. 

ماضيّ قل حطم نعشة» والكثير من الامي الموؤودة نهضت من 
شباتها الان ع قد نامت با الكفاية هفاك نة ف اها 

كل شيء كان يناديني بإشارات إذاً: «حانت الساعة!» ‏ لكنتي ‏ لم 
اكن لأسمع النداء؛ إلى أن تململت أعماقي أخيرا:وغضت على 

آه» أيتها الفكرة السحيقة الغورء التى هى فكرتى! متى سأجد فى 
نفسى القوة 2 أستطيع الاستماع إليك وات تحفرين» دون أن 


1 


قلبى يضرب بعنف يصدع حلقى عندما أستمع إليك وأنت تحفرين! 


وحتى صمتك» هو أيضا يريد أن يخنقني أيتها الصامتة بأغوار 
0 


أبدا لم أو بعد على دعوتك للصعود إلى السطح : كان يكفينى 


)١(‏ واضح أن نيتشه قد راجع مرات عديدة هذا الفصل وحذف الكثير واختزل وكثف. في هذا 
الموضع مثلا نقرأ في المخطوطة الأولية : «قلبي يضرب بعنف يصدع حنجرتي [ودمي كله 
يتدفق صاعدا من شدة الخجل من ضعفي ‏ أجل. ضعيف هو زرادشت أمام كلمة] عندما 
أستمع إليك وأنت تنبشين ‏ وأكثر من ذلك عندما أسمعك صامتة! إضحكى آيتها الصامتة 
العميقة الغور!». 


أن أظل أحملك معي! لم أكن قويا بما فيه الكفاية بعد لتزق الأسد 
ونزوته الهوجاء اننا 

لقد كان لي دوما كفاية من الفظاعة في حملك الثقيل : لكنني في 
يوم ما سأجد القوة الضرورية وصوت الأسد الذي سيدعوك إلى 
الظهور! 

وعندما أكون قد حققت انتصاري على نفسى وقد نجحت فى هذا 
الأمرء سيكون علي أن أحقق انتصارا آخر على نفسي في أمر أعظم؛ 
انتصاراً ينبغي أن يكون الخْتمُ الذي يُحْنَم به على اكتمالي . 

وفن الأثناء أسعمر فى اله فوق تجار غاتفية؟ ازل الضيدفة 
وتتملقني» تلك المخادعة بلسان الحرير؛ أرسل نظري إلى الأمام وإلى 
الوراءء - ولا أرى من نهاية بعد. 

لم نحن ساعة صراعي الأخير بعذدء - أم تراها هي التي حلت 
للتو؟ حقاء بأي جمال ماكر يرمقني البحر والحياة من كل الجهات! 

يا عشية عمري! يا سعادة ما قبل المغيب! يا مرفاً في عمق البحر! 
يا سلاما دااخل المجهول! لكم أرتاب منك جميعا! 

الحق أقول لكِءإن بي ريبة في جمالك الماكر! مثل العاشق الذي 


)١(‏ الفقرة الأصلية وردت كالاتى في المخطوطة الأولية: «أبدا لم أجرؤ بعد على النظر: 
[لكنني في يوم ما سأغدو قريا بما فيه الكفاية لتكون لي جرأة. . . . .] أن أفتح باب المغارة 
التى ترقدين داخلها وتتسللين - كفانى من فظاعة تسللك ودمدمتك الخرساء»/ الخوف من 
هذا التسلل هو ضعفي وفزعي: وستكون قوتي هي أن أفتح بيدي باب مغارتك وآناديك». 


1۰ 


أصد عنى ساعة السعادة هذه. 

لتبتعدي عني أيتها الساعة السعيدة! معك أتتني الغبطة رغما عني! 
جي ارد ا ا العبريع ف شين ا ر 

لتبتعدي عني أيتها الساعة السعيدة! ولتتخذي لك موطنا تالا خری 
هناك عند أبنائي! لتسرعي! ولتباركيهم بسعادتي قبل المغيب! 


فها هو المساء يقترب: الشمس منحدرة. امض إلى هناك يا 
سعادتى! - 


هكذا تكلم زرادشت. وراح ينتظر شقاءه طوال الليل : لكنه عبثا 
ظل ينتظر . فالليلة قل استمرت مضيئة وهادثة» وكانت السعادة تتقدم 
20 


وتقترب أكثر فأكثر . 


)١(‏ زرادشت يرفض قدوم السعادة قبل اجتياز الامتحان العسيرء وقبل أن يتألم بما فيه الكفاية 
ويكتمل في التجربة والمحن. في الجمل المحذوفة من هذا المقطع كما جاء في 
المخطوطة الأولية نقرأ: «بقدم ثابتة أقف هنا متقبلا طوع إرادتي لمصيري [مساء وليل 
ونجوم وغرق] وحدة وأيام سوداء» وكذلك المخاطر التي تتهدد الغريق!/ لتبتعدي عني 
أيتها الساعة السعيدة! معك أتتنى السعادة رغما عنى! (تلى هذا إعادات متكررة لنفس 
الجملة بصياغات EE‏ 00 إذ فقط عندما دو زرادشت سيدا على ألمه 
الأكبرء سيصارع من أجل انتصاره شيطانه الأكبر ./ والذي عرف الغرق فقط هو من ينبغي 
له أن يكون فاتحا. إذ المطاردون والناجون من حوادث الغرق هم الذين يكتشفون بلدانا 
جديدة: أناسا شبه مدمرين كان على الدوام كل الفاتحين. . ٠.‏ . 

(۲) يشير كوللي ومونتناري في الهوامش والتعليقات إلى إحالة ممكنة على غوتة في مسار 
كلامه عن القريحة في «الشعر والحفيقة»: «في أنهى تجلياتها وبأكثر غيطة وثراء كانت ترز 
لي دون إرادة مني بل رغما عن إرادتي؟. 


TY 


لكن.» قبيل الصباح راح زرادشت يضحك وهو يخاطب قلبه 
اهيا :"إن السعادة تاا والسيت فى ذلك هنو آي لا ارك 
وراء التساء: لکن السعادة ا 


T1۲ 


قبل الشروق 


أيتها السماء الصافية من فوقي! أيتها العميقة! يا هوة الأنوار 
| 6 وَأ أنظر إليك ملک رعشة رغبات إلهية . 


أن أقدف بتفسى إلى عاد دولك هر ق1 وان اخ 
داخل نقاوتك ‏ تلك هي براءتي! 


كني ون د ان ع ات 


ل 
صامتة فوق بحر هادر طلعت لي اليوم؛ حبك وحياؤك يتكلمان 


وحيا إلى روحي الفائرة. 


)١(‏ عن الأعالي. أنظر «إرادة القوة»؛ لاء الشذرة :۷١‏ "فوق قمامة روائح وقاذورات الوضاعة 
البشرية هناك إنسانية أرقى وأكثر إشعاعاء ستكون محدودة من حيث العدد. ذلك أن كل ما 
يرتفع ويبرز نادر بطبعه. ولن يكون الانتماء إلى هذه الإنسانية الأرقى محكوما بتفوق في 
الموهبة أو الفضيلة أو البطولة أو اللطافة تميّز هؤلاء عن أولئك الذين يحتلون موقع 
التتحت. بل لأن الواحد منهم أكثر برودة وأكثر صفاء وأبعد نظرا وأكثر وحدة؛ لانه يتحمل 
الوحدة ويبجلها ويطالب بها كحظ وامتيازء بل كشرط للوجود؛ لأنه يقيم بين السحب 
والرعود إقامته بين أهله» وكذلك بين أشعة الشمس الحارقة وقطرات الندى وندف الثلج 
وكل ما يتحرك؛ ما يتحرك على الدوام من الأعلى إلى التحت. تطلعات السمو ليت من 
شأننا. ‏ فالأبطال والشهداء وذوو العبقرية والمتحمسون ليسوا هادئين وصبورين ومرهفين 
وباردين وبطيئين بما فيه الكفاية بالنسبة لنا». 


T1۳ 


أن تأتي إلىّ جميلة» محجّبةَ بجمالك؛ أن تحدثيني في صمت» 

40 قيفي ل حار كل حياء روحك! قبل طلوع الت انيت إل 
آنا "الوقن الاك وحرة: 

صديقان منذ البدء نحن: يجمعنا الحزن والرعب والعمق ؛ 
والقضق انق مها : 

لا نتكلم إلى بعضناء لأننا نعرف الكثير الكثير - : تتبادل الصمت» 
وا ا انات 

ألست النور الذي يشغ داخل ناري؟ ألا تحملين في داخلك 
الشقيقة الروحية لرؤيتي؟ 

معا تعلمنا كل شيء؛ معا تعلمنا كيف نسمو على أنفسنا ونرتقي 
إلى نفسناء ونضحك بصفاء لا تكدره غيوم : 

- بصفاء نبتسم من الأعالي بأعين مشخة من أقاص بعيدة. ا 
تحتنا تتحرك غمامة الإكراه والغرض والخطيئة مثل بخار يصعد بعد 
المطر . 

وعندما كنت أجول وحيدا؛ إلامّ كانت تتوق روحي في لياليها 
وأنامينا وغل دروب العية؟ اوها كنف اتل ححا عدن كيه 
أبحث فوق الجبال إذا إن لم تكوني أنت؟ 

وكل تجوالي وصعودي الجبالء لم يكن سوى حاجة وملاذ مؤقت 
لعديم الحيلة: إلى الطيران فقط كانت تطمح روحي؛ أن أطير إلى 
داخلك؟ ش 

وأي شيء بغضت أكثر من السحب المتنقلة وكل ما يشوه 
سحنتك؟ وبغضي قد بغضته هو الآخرء لأنه قد شوّه سحنتك! 


PE 


OEE للك اللمفادر‎ ae 
IY يوفق ها رجتم بن قلف‎ ga إنها‎ 
. اللامحدودة التي تقول نعم وآمين لكل الأشياء”'"‎ 

أولئك المتوسطون ومعدوا الخلطات هم الذين أمقتهمء تلك 
السحب المتنقلة : أولئك الذين يقسّمون أنفسهم نصفا من هذا ونصفا 
من ذاكء الذين لم يتعلموا أن يباركوا ولا أن يلعنوا كليًا. 

وإنه لأحب إلى أن أجلس داخل برميل”" في قاع لا تطل عليه 
سماء على أن أراك أيها الضياء السماوي ملطخا بالسحب المتنقلة! 

ولكم راودتني الرغبة في أن أشق دفتيها بقاطعات البروق الذهبيةء 
وأن أقرع بدوي الرعد على بطونها الشبيهة بمراجل خاوية: 

- قرع طبّال حانق» لأنها تختلس مني مباركتك بنعم وآمين أيتها 
السماء التي فوق رأسي. أيتها الصافية! أيتها المضيئة! يا هوة الضياء 
السحيقة! . لأنها ا وآمين! التي أستجيب بها لك . 


)١(‏ أنظر هذا هو الإنسان؛ ما الذي يجعلني أكتب كتبا جيدة؟ ‏ عن هكذا تكلم زرادشت؛؟ 
الفقرة 7 : «إن الإشكال السيكولوجي في النموذج الزرادشتي يتمثل في الآتي : كيف يمكن 
لواحد مثله يواجه بالنفي قولا وفعلا كل ما ظل يثبته الجميع حتى الساعة» أن يكون مع 
يكون مع ذلك أكثر العقول خفة وأريحيّة؟ ‏ إن زرادشت راقص - : كيف يمکنهء هو الذي 
يملك النظرة الأكثر قسوةء والأكثر فظاعة تجاه الواقع. أن لا يكون له رغم ذلك أي 
اعتراض على الوجود. ولا حتى على عوده الأبدي. بل وأكثر من ذلك أن جد مهنا 
ليكون الإثباتَ الأبدي عينه لكل أشياء العالم؛ تلك الانعم وآمين اللامحدودة 
الهانلة؟ . . . 9إلى كل هاوية سحيقة أحمل معى إثباتى المبارك». . . لكن هذه هى فكرة 
ديونيزوس مرة أخرى ! 


ك حا 


وإنني لأفضل الدوي إِذا والرعد ولعنات العواصف الساخطة على 
الطمأنينة الرصينة الحذرة للقطط ؛ ومن بين الناس أيضاً ليس هناك من 
هو أبغض لدی من کل أولنك المتسللين بخطى القطط.» الفاترين 
مترددة . 

ومن ١لا‏ يستطيع أن يبارك عليه أن يتعلم كيك يلعن 01 .هذا الميدا 

لكنني مبارك ومستجيبٌ بنعم» واو فقط مشعة من حولي أيتها 
النقيّة! المضيئة! يا هوّة الضياء! ‏ إلى كل هوة سحيقة أحمل إجابتى 
الإثباتية المباركة . 


من أجل ذلك؟؛ أن اکن مصارعا كي أستطيع تحرير يدي لكي تمنح 
بركتها. 

وهذه هي بركتي: أن أكون سماء فوق كل الأشياءء وسقفها 
الدائري وناقوسها اللازوردي وأمانها الدائم: ومبارّك كل من يبارك 
هكذا! 

ذلك أن الأشياء جميعها معمّدة في ينبوع الأبديةء وفى ماوراء 
لكين وتنوف لعل عبرو لاع E‏ 
وكابات رطبة و سحب متنقلة . 

الحق أقول لكم» إنها مباركة وليس تجديفا أن أكرز هكذا: «فوق 


17 


كل الأشياء هناك السماء الصدفةء السماء البراءة"ء السماء المصادفة 
والاحتمال السماء المجارّفة . 


«على سبيل المصادفة والاحتمال» ‏ تلك هى النبالة الأقدم للكونء 
إليها أعدت كل الأشياءء وهكذا خلصتها من عبودية الغرض . 


هذه الحرية وهذه البهجة السماوية وضعتها مثل ناقوس لازوردي 
فوق الأشياء كلها عتدما علمت أن لا رات خالدةا د فوقها أو 
داخلها ‏ تريد. 


)١(‏ معتى البراءة يكمن في تبرثة الكائن ونفي كل مسؤولية لأي تدخل إرادي ما في صياغة 
الان اعرف عن العامة الى رد علا كل د رو إلن اله و وة 
حسب نيتشه . آنظر أفول الأصنام : الأخطاء الأربعة الكبرى؛ الفقرة ۸: ١ماذا‏ يمكن آن 
يكون مذهبنا الوحيد؟ ‏ أن ليس هناك من أحد يمنح الإنسان خصالهء لا الله ولا المجتمع 
ولا أبواه أو أسلافه. ولا هو نفسه(إن الترهة المتعلقة بهذا التصور الذي ندحضه هنا هي 
فكرة «الحرية المعقولة» (بمعنى المدركة عقليًا كمقابل للمحسومة ‏ المتررجم) التي يعلّمها 
كتط. وربما افلاطون أيضا). لاسن سورك ان كرك دود اواك السك وها 
هذا النحو أو ذاكء وأنه يوجد ضمن هذه الظروف وداخل هذا المحيط . إن قدر كيانه لا 
يمكن فصله عن قدر كل ما كان من قبل وما سيكون مستتقبلا . وهو ليس نتيجة لنية محددة 
وإرادة وغرض» ولا يمكن أن يجعل منه موضوعا لمحاولات التوصل إلى تحقيق «مثال 
للإنسان» أو "مثال للسعادة» أو «مثال للأخلاق» ‏ وإنه لمن العبث محاولة تحويل كينونته 
باتجاه أي غرض من الأغراض. نحن الذين اخترعنا مفهوم الغرض؛ في الحقيقة إنما 
و . فنحن محض ضرورة» نحن جزء من قدرء ننتمي إلى كل؛ ونحن 
داخل الكل» -و ل ا اليا را نا ويسكم علناء E‏ 
ال 0 رنة الكل والحكم على الكل. . . لكن لا وجود لشيء واقع 
خارج هذا الكل ! - وإن لا يكون هناك من أحد يمكن أن تلقى عليه المسؤوليةء ؛ وأن نوع 
الوجود لا يمكن أن يُرجَع به إلى علة أولى ‏ فام causa‏ وأن العالم ليس بوحدة لا 
كعالم محسوس ولا ك«عقل». فذلك هو النوع الأرقى للتحرر ‏ وبذلك فقط يعاد إثبات 
براءة الصيرورة... لقد كان مفهوم «اللد» يمثل إلى حد الآن أكبر اعتراض على 
الوجود. . . إننا نتفي الله: وننفي المسؤولية الملقاة على الله: وبذلك فقط تخلص 
العالم) . 


TI1¥ 


هذه المجازفة وهذا الحمق عتما محل تلك الإرادة عندما 
علمتثٌ ` لى خ نين الأشياء جميعها هتاك د شيء واحد مستحيل “أن تكون 
هناك EY‏ 


شيء قليل من العقل مع ذلك بذرات حكمة مبثوثة هنا وهناك 
ل ل عرالي مرج باعل الأشياء : من أجل 


هذا اليقين السعيد: إنما على أقدام الصدفة تفضل الأشياء ‏ أن ترقص . 


)١(‏ شذرات ربيم ۱۸۸۸ القسم ١5‏ [؟5١]‏ من منشورات التركة؛ المجلد ٠١‏ من الأعمال 
الكاملة  )158(‏ «إرادة القوة كمعرفة»: العالم متأسس على الفوضى والصدفة 
والضرورة. هكذا يرى نبتشهء وليس هناك من عقل مديرء إلهيا كان آم بشرياء يقرّر وينظام 
هذه الفوضى ؛ بما معناه أن ليس هناك من شيء خاضع ل«المعقولية» أو للإحاطة العقلية. 
وكل الجهود المعرفية والأنظمة المتأسسة على هذه الجهود تظل في نظر نيتشه: ”ليست 
|معرفة|ء بل تبسيطا وعملا يهدف إلى فرض قدر من الانتظام والأشكال على الفوضى بما 
يكفى لتلبية حاجتنا العملية. إن الحاجة هى التى تحدد المقاس فى تشكل العقل والمنطق 
والنمدجة: الحاحة لا إلى «المعرفدا» بل إلى التنضيد والتبسيطل لغرض الغهم وضبط 
المقاسات(. . .) إن الغاية النهائية من عمل الترتيب وتنضيد العلاقات بين المتشابه 
والمتساوي العملية تفسها التي يتعر ص لها كل انطباع E‏ إنما هي صيرورة تطور 
العقل! ليس هناك صن «فکر 5ا سابقة الوجود قد اشتغلت هنا » بل الغاية الإجرائية التى 
تقتضى بأن لا تكون الأشياء قابلة للتقدير وللمعاجة من قبلنا إلا عندما نجعلها خشنة 
ومتساوية فى منظارنا. الغائيّة فى العقل نتيجة إذا وليست سببا(. . . ) إننا نعتقد أن فكرة 
وفكرةء كما ترد متتالية فى أذهانناء توجد مرتبطة برباط سببى ما: إن المنطقيّ بصفة 
خاصةء ذلك الذي يتكلم فعلا عن مسائل كثيرة لا وجود لها البتة في الواقم ٠‏ قد تعوّد على 
الفكرة المسبقة القائلة بأن الأفكار مسببة للأقكار» ‏ ويسمى هذا تفكيرا.(...) وفى 
المجمل : كل ما یغدو مدرکا بالوعي هو استتتاج وخلاصة ‏ ولا يسبب شيئا ‏ وتتالي كل 
شيء داخل الوعي إنما هو من باب تصوّر المذهب الذرّي . تقد حاولنا أن نفهم العالم مر 
منطلق رؤية معكوسة, ‏ كما لو أنه ليس هناك من شىء يمكن أن يكون فاعلا وواقعيا عدا 


لد لتشفكير والشعور والإرادة. ‏ ؛ 


18 


أيتها السماء من فوقي» أيتها الصافية! السامية! هذا هو صفاؤك الآن 
بالسنية لى أن لسن هتاك من تسج للمقل ,ولا س كوت" : 

وأنك حلبة رقص في عن قات قدسيّة» وطاولة لنرد قدسي 
ولاعبي نرد! - 

لكني آراك تحمرّين؟ هل نطقت بما لا يقال؟ هل جدفت فيما كنت 
أريد أن أباركك؟ 

أم ترى الحياء أمام خلوتنا هذه هو الذي جعلك تحمرّين؟ ‏ هل 
تريدين أن أنصرف وأصمتء لأنه قد أدركنا الآن ‏ الصباح؟ 

إن العالم قي واعمق كتير مما تكن أن تيور الها لا 
بنبغى أن تكلم عن كل شىء فى حضرة النهان. لکن هنو ذا"التهار 
قادم : فلتفترق إِذا! ‏ 

أيتها السماء من فوقي» أنت أيتها الخجولة! أيتها الملتهبة! أنت يا 
سعادتي الفجريّة! هو ذا النهار قد حل : فلنفترق إِذَا! 

عكذا :تكلم زراوشك: 


(#) هناك لعب على كلمة 1026م5 التي تعني في الألمانية العنكبرت وكذلك المنسّج. بحيث 
يصعب جدا ترجمة هذا التلاعب من ناحية؛ وفي الوقت نفسه يُحدث هذا المعنى المزدوج 
التباسا على القارئ كما على المترجم» الأمر الذي جعل أغلب المترجمين يذهبون إلى: 
«رئيلاء العقل ونسيج عنکبوت» أو «عقل رتيلاء ونسيج عنكبوت». وهي ترجمة لا تؤدي 
المعنى ‏ علاوة على عدم الإيفاء بالتلميحات الساخرة التى تتضمنها الاستعارة هنا بالنظر 
إلى السياق الذي وردات فيه والسياق هتا هو ائات طابع الصذدقة والبراءة وقي تدخل 
العقل ودحضں للتصورات ال ترى الكون من تدبير عقل مريد مدير ومدير 3 اذا يعدو 
العتكبوت: أو الرتيلاءء هنا صورة استعارية للعقل المدبّر المزعوم» ونسيج النكبوت 
صيغة ساخرة من التصور الذي یری الى العالم كنظام متسس على العقالانية والنظام 5 5 


۳14۹ 


عن الفضيلة المصغْرة 


١ 
لما عاد زرادشت إلى اليايسة لم يتجه مباشرة إلى جبله ومغارته.‎ 
بل راح يسلك دروبا عديدة ويطرح أستلة مستقفسرا عن هذا الأمر وذاك‎ 
حتى أنه خاطب نفسه ممازحا: «هو ذا نهر يعود إلى منبعه عبر تعاريج‎ 
ككيرة اا ذلك أنه كان وريد أن کی عن قرت لدی کن ايكون‎ 
قد حصل لدى الإنسان أثناء غيابه: هل غدا الآن أكبر أم أصغر؟ ثم‎ 
إنه رأى صفا من البيوت الجديدة» فتعجب مما رأى وقال متسائلا:‎ 
مطذا تعنى هذه البيوت؟ حقاء لا أظن أن نفسا عظيمة هى التى‎ 
شيدتها لتكون رمزا لها!‎ 
آخر إذا ليعيدها إلى صندوقه!‎ 
والخروج منها؟ إنها تبدو لي معدة لدمى الحرير» أو لقطط شرهة لا‎ 
. تمانع بدورها في أن تكون فريسة للقضم‎ 
هكذا ظل زرادشت متسمرا فى مكاته متفكرا. وأخيرا قال‎ 
متحسرا: «لقد غدا كل شىء صغير!ا!».‎ 


T° 


أر راا واطئة في كل مكان: ومن كان من جنسي قد يستطيع 
آنا تررم خالا لکن د شكون عليه أن يجي ! 

أواف ترج اغود إل موطني ء حيث لن يكون علي أن الحا أن 
لا يكون علي أن أنحني بعدها أمام الأصاغر!» ‏ ثم راح يتنهد ويسرح 
بنظره بعيدا. ‏ 

لكنه في اليوم نفسه ألقى خطبته حول الفضيلة المصعرة. 


۲ 

أمضئ ین هذا الشعب ین سنتوحتين ؟ إن ا یروت لی أن 

يكشرون عن أسنانهم نحوي ويُعملون آسنانهم في لحمي لأنني 
قلت لهم : «لصغار الناس تكون صغار الفضائل ضرورية» ‏ ولأنني أجد 
صعوبة فى أن أرى ضرورة ما لوجود صغار الناس» فإننى أشبه بالديك 
هاا سرش غر اع ادعات اا 
أؤاخذ تلك الدجاجات على هذا الصنيع . 

إننى مهذب معها كما أكون تجاه كل المزعجات الصغيرة؛ أن 
يخرج المرء إبره ضد الصغار فتلك في نظري حكمة تصلح للقنافد. 
أحد يفكر ‏ في أ 
حولي تبسط عباءة فوق أفكاري. 


EY) 


تضجول فيما بينكم : «مادا تريد متا كه السحابة القاتمة؟ لننظر إن 
لم تكن حاملة وباء إلينا!». 

ومؤخرا جذبت امرأة طفلها إليها بينما كان يريد المجىء إلى: 
«أبعدوا الأطفال! صاح صوت ماء مثل هاتين العينين تحرق أرواح 
الأطفال!)”'' , 

يسعلون عندما أتكلم معتقدين بأن السعال اعتراض على الرياح 
العاتية» - إنهم لا يحدسون شيئا من فوران سعادتي ! 

دللا وقت لدينا بعد لزرادشت» ‏ هكذا يردون متذرعين ؛ لک ما 
أهمية زمن «لا وقت لديه» لزرادشت؟ 
حزام اشواك على جنبي هو مديحهم: يظل يحك جلدتي حتى بعد أن 
ما قُدّم له سالا لكنه في الحقيقة يطمع في مزيد من العطاء! 

اسألوا قدمي إن كانت تعجبها مدائحكم واستمالاتكم! الحق أقول 
لكم» على هذه الأنغام والطقطقات لا تود قدمي أن ترقص. ولا أن 
تظل واقفة في سكون. 
لق قارن مع بها يرد في مت الاصحاح /١9‏ 1۳ : «حينئذ قُدَمِ إليه أولاد لكي يضع يديه عليهم 

ويصلي فانتهرهم التلاميذ . أما يسرع فقال دعوا الأولاد يأتون إليّ ولا تمنعوهم لأن لمئل 

هؤلاء ملكوث السموات». مع قاری هناء > أنَ الأطفال هم الذين يتقدمون من لدن أنفسهم 


وبتلقائية من 0 الآباء عنه. فزرادشت هنا أقرب إلى سقراط الذي 
كانت له سمعة مفد للشباب - أو الحدثان. 


YY 


يريدون امتداحى واستمالتى إلى الفضائل الصغيرة؛ بطقطقة السعادة 
الصغيرة يريدون إقناع قدمي. 

أرقي مين عدا القيعيه ت معو حو لقد غدوا أصغر من ذي 
حول السعادة والفضيلة . 

فهم في الواقع متواضعون في الفضيلة أيضاً ‏ ذلك أنهم يريدون 
طمأنينة . لكن الطمأنينة لا تتلاءم إلا مع المتواضع من الفضائل . 

أكيد أنهم يتعلمون أيضأ المشي على طريقتهم والمضي إلى الأمام : 
ذلك ما أسميه عرّجًا ‏ وبذلك يغدون عائقا أمام كل من به عجلة. 

ومنهم من يمضي إلى الأمام ويرنو بعينيه إلى الوراء بعنق متصلبة : 
مثل هذا 5-58 أن أدهس جسده في مسيري . 

لا ينب للقدم والعين أن تكذباء ولا أن تكذّب أحدهما الأحرن:. 

البعض منهم يريدء لكنْ أغلبهم قد أريد بهم. البعض منهم 
صادقون» لکن أغلبهم ممثلون رديئون. 

هناك ممثلون عن غير وعي من بينهم » وممثلون عن غير إرادة - ١‏ 

الذكورة نادرة هنا هي أيضا؛ لذلك تستذكر نساؤهم. إذ من يكون 


ذكرا بما فيه الكفاية هو وحده الذي يستطيع أن يخلص الأنوثة في 
ا 1 
سی ٣‏ 


. ۲٠٤ص‎ ۲ أنظر فصل «أغنية للرقص»  الجزء الثاني - وكذلك الهامش رقم‎ )١( 


TTT 


وإليكم الآن أسوأ أنواع الرياء الذي وجدته لدى هؤلاء: أن يتظاهر 


«أنا أخدمء أنت تخدمء نحن بخدما هكذا يكون دعاء رياء 

الأسياد الحاكمين - والويل» الويل عندما لا يكون السيد الأول شيتا 

CD f : yT 

Un امن موصلام‎ 1٥7: بحيل مونتي وكولليئاري هنا على مقولة للملك فريدريش الأكير‎ )١( 
أو ما معناه الأمير هو الخادم‎ _ preniier عبع امه‎ et le premier magislral de Flat 
الأول والحاكم الأول للدولة. یری متشه في مثل هده المضولة مو قف نقاق» لاه للا‎ 
يستطيع تمثل هذه الازدواجية ذات الطابع المفارق : خادم سيّد. بل إن الأسوأ في الأمر‎ 
في نظره ليس الطابع المفارق لهه الازدواجية» بل ما تنطوي عليه من ترئث وترهّل لنظام‎ 
التراتب القائم على الفوارق الصارمة والحدود الواضحة بين المراتب؛ الأمر الذي يجعل‎ 
النفاق نفسه ينحل في الهيأة المائهة اللزجة لاتسامح المسطح» ويفقد صفته كانفاق‎ 
. داخل مجح -حديث تستوي قيه کل القيم ضمن جو من البرودة المتفشية‎ ٠1 حقيشي‎ 
ويمكننا آن نفهم التحنظ النيتشوي من خلال هذا المقطع حول النفاق من كتاب أفول‎ 
«لا شيء بتراد ی لي‎ :١8 الأصنام . فصل اتسكعات رجل غير مالائم للعصراء الشذرة‎ 
اليوم آكثر ندرة من النفاق الحقبقى. وإنني لأشك كثيرا بأن هذه الشجرة لا تتلاءم والهواء‎ 
الناعم لحضارتنا الحالية . النفاق ينتمي إلى عصور الإيمان القوي؛ حيث لم يكن السرء.‎ 
. حتى وهو يجد نفسه مرغما على التظاهر بتبنى معتقد أخر: ليتخلى عن معتقدم الأصلى‎ 
أما اليوم فان الإنسان يتخلى عن معتقده الأول أو أنه وهر ما غدا أمرا معتادا أكثر من‎ 
غيرء» يتبنى معتقدا ثانيا إلى جانب الأول وهكذا يظل المرء صادقا في كل الأحوال. لا‎ 
شك أنه من الممكن اليوم أن يتواجد عدد أكبر من المعتقدات مما كان عليه الآمر في ما‎ 
السامح تمجاه النشس. إن التسامح تجاه النفس بع بتواجد العديد من المعتقدات:‎ 
وهذه تتعايش بسلام فی ما بينها  وتتلاقى» كما هو شأن العالم كله في يومنا هذاء دون أن‎ 
تضع نفسها موضع التورط . لكن: بماذا يمكن أن يورط المرء نفسه اليوم؟ عندما يكون‎ 
منسجما مم نشسد» وعندما يمضى بحسب خط مستظيم . وعندما يكون للمرء اقل من‎ 
خمس وجوه. عندما يكون المرء صادقا. . . . لكنني أخشى كبير الخشية أن يكون الإنسان‎ 
= المعاصر على مستوى من الرفاه لا يجعله قادرا على تحمل بعض الأعباء ؛ بما يجعل مثل‎ 


Yé 


آه» لقد سرحت عين فضولي بين طيات ريائهم أيضا؛ وقد حدستٌ 
جيدا سعادة الذباب التي تغمرهم وطنينهم أمام زجاج النوافذ التي 
تنيرها الشمس . 

طيبة كثيرة أرىء وضعفا كثيرا. الكثير من العدالة والشفقة. وضعما 
کا 

مُلْسء مستقيمون وطيّبون تجاه بعضهم البعض؛ مُلس مستقيمون 
وطيبون مثل حيات الرمل تجاه حبات الرمل الاجر 

أن يحتضنوا بتواضع سعادة صغيرة ‏ ذلك هو ما يدعونه «تسليما»! 
وفي الان نفسه يرنون بطؤف متواضع نحو سعادة صغيرة جديدة. 

إنهم يريدون بكل سذاجة شيئا واحدا لا غير في أغلب الأحيان: 
أن لا يؤذيهم أحد. وهكذا يستبقون كل أحد بإحسان. 

لكنّ ذلك جبناً؛ وإن كان يدعى «فضيلة» . 

وعندما يتكلمون بخشونة» أولئك الصغار؛ فإنني لا أسمع إلا بحة 
أصواتهم» ‏ إذ كل هبة نسيم تصيبهم بالبُحاح . 

شاطرون همء ولفضيلتهم أصابع شاطرة. لكن تنقصهم قبضة اليد 
فأصابعهم لا تعرف كيف تتوارى تحت قبضاتهم . 

الفضيلة لديهم هي ما يجعل المرء متواضعا ومدجّنا: بواسطتها 


-هذه الأعباء تندئر وتضمحل . وكل ما هو مسىء ناتج عن إرادة قوية ‏ ولعله لا يوجد من 
شرٌ دون إرادة قوية ‏ ينحل ويُمسخ فضيلة داخل ال الرخو لحياتنا. . . . وإن العدد 
القليل من المنافقين الذين عرفتهم لا يفعلون سوى محاكاة النفاق: لقد كانواء كما هو شأن 
كل واحد من عشرة فى أيامنا هذه مجرد ممثلين. -2. 

TT EE‏ روغ «أنتم لا تريدون أبدا أن تكونوا راضين عن أنفسكم. ولا أن 
تتألموا من آنفسكم» - وتسمون وا شري سيم کا ا 


۳9 


يجعلون من الذئب كلبا ومن الإنسان أفضل الحيوانات الأهلية لدى 
الإتننان. 

«إننا نضع مقعدنا في موقع الوسط ‏ ذلك ما تقوله لي ابتسامة 
رضاهم - وعلى مسافة متوسطة بين المقارع المنذور للموت والخنزير 
المغمور بالرضا». 


لكن هذه هى الرداءة؛ وإن كانت تسمّى اعتدالا”'' . 


5 

أمضي بين هذا الشعب وأذرو كلمات كثيرة في الطريق: لكنهم لا 
يعرفون كيف يتسلمون ولا كيف يحفظون. 

يتعجبون من أنني لم آت لأشئع بالخلاعة والرذائل: والحق أقول 
لكم» إنني لم آت أيضأ من أجل التحذير من اللصوص! 

يتعجبون كيف لا أكون على استعداد لكي أشحذ وأصقل شطارتهم 
أكثز مالو أنه اليس لديهم ها يكفى من ضغاز. الشطارء أولثك الذين 
لوقع أصواتهم في أذني صرير الأقلام على اللوح . 

وعندما أنادي فيهم: إلعنوا كل الشياطين الجبانة التي فيكم تلك 
التي تحب أن تئن وتبسط أكفها وتتعبد؛.ء يصرخون: «زرادشت كافر'. 


وأكثر الصارخين بذلك هم أولتك الذين يكرزون بينهم بتعاليم 


)١(‏ عن الاعتدال. أو ما يسمى بالتوسط يقول نيتشه إنه الفلسفة المبجلة للرداءة» وهو يستغل 
ما تمنحه اللغة الألمانية من قرابة سلالية بين عبارتي 84055 وتعني المقاس. كما تعني أيضا 
الاعتدال» و78:155ا20111 وتعنى حرفيا المستوى المتوسط ودلاليا المستوى الرديء ؛ ثم 
missig‏ أي معتدل و7085518اأ121116 وتعنى رديء . أنظر في ما وراء الخير والشر؛ الشذرة 
۲ 


الاستسلام ؛ لكنّ هؤلاء بالذات هم من أرغب في أن أصرخ في 
آذائهم : نعم» آنا زرادشت الكافر! 

معلموا الاستسلام هؤلاء! حيثما تكون هناك حقارة ومرض وقذارة 
نجدهم يزحفون مثل العمل ؛ وإن قرفى وحده هو الذي يمنعنى من أن 
أسحقهم . 

إذا! هي :ذى .معط الى الى بها فى آذاتهيم ‏ أنا زرادشت: 
الكافر الذي يكلمكم هنا: «من منكم كافر أكثر مني» فسأكون مسرورا 
بالتعلم عنه؟) . 

آنا زرادشت الكافر؛ فأين هم أشباهي؟ وكل الذين هم على 
شاكلتي. الذين يصنعون إرادتهم الخاصة بأنفسهم ويدفعون عنهم كل 
استسلام . 

آنا زرادشت الكافر: أطهى كل الصدف فى قذري. وعندما تكون 
قد طبخت واستوت. عندها فقط أرحب بها وأجعل منها غذاء لى. 

والحق أقول لكمىء هناك من الصدف ما یلت على E‏ 
متجبّرة؟ لكن بتجبّر أقوى خاطبتها إرادتي» وإذا هي تجثو على ركبتيها 
مستجديه. - 

مستجدية تطلب مأوى وقليا حنونا لديّء متفننة فى عبارات 
التملق : «أنظرء أي زرادشت» إنما هنا صديق مقبل على صديق!» - 

لكن لِم كل هذا الكلام هناء حيث لا أحد له أذناي! سأصرخ 
بذلك إِذا في كل فج : 

إنكم تزدادون كل يوم صغرا أيها الأصاغر! إنكم تتفتّتون أيها 
المستلقون الهنيئون في الرضى! إنكم سائرون إلى الهلاك في نظري - 


TTY 


- ستهلكون من جراء فضائلكم الصغيرة» وإهمالاتكم الصغيرة 
واستسلاماتكم الصغيرة الكثيرة! 

كثير من المداراةء وكثير من التنازلاات: هكذا هي تكوينة تربتكم! 
لكن لكي تترعرع شجرة وتغدو سامقة. لا بد لها من صخور صلبة 
ترمي بعروقها المتينة حولها! 

وكل ما تهملون يُنسج داخل نسيج المستقبل الإنساني؛ وكذلك 
عدمكم هو أيضأاً نسيج عنكبوت» ورتيلاء تقتات من دم المستقبل . 

وعندما تستلمون فإنكم تفعلون ذلك كما لو كنتم تسرقون أيها 
الفضلاء الصغار؛ لكن للمحتالين أيضأ شرف يتكلم بينهم هكذا: «لا 
ينبي للمرء أن يسرق إلا احيث لا يمكنه أن ينهب»: 

«إنه شيء يُمنح٠؛‏ وهذه أيضاً إحدى تعاليم الاستسلام. لكنني 
أقول لكم أيها الهنيئون: إنما هو شيء يؤخذء. وسيظل يؤخذ منكم 
المزيدٌ والمزيدٌ على الدوام! 

آم لو أنكم تتخلون عن هذا النصف ‏ نصف في إرادتكي 
وتصبحون أصحاب حزم في الخمول كما في الفعل! 

آه» لو أنكم تفهمون مقولتي هذه: التفعلوا بالنهاية ما تريدون؛ 
لكن لتكونوا أولا أولئك الذين بمستطاعهم أن يريدوا!». 

التحبوا بالنهاية قريبكم محبتكم لأنفسكم؛ لكن لتكونوا لي أولا 
آولئك الذين يحبون أنفسهم - 

محبة كبرى يحبون» وباحتقار كبير يحبون!» هكذا تكلم زرادشت 
الكافر. - 


۲۸ 


لكن لم كل هذا الكلام» هنا حيث لا أحد له أذناي! إنني هنا في 
ساعة سابقة للأوان. 

إننى اهشر بتهسى بين هذا الشعب» صبحة ديكى الخاصة بين 
RE‏ 

لكنّ ساعتهم آتية! واتية ساعتى أيضا! وفى كل ساعة يغدون أصغر 
وأفقر +وآكثر عقا د أعتشايا يلا وة تسيحة! 
أقول لكم» متعبون من أنفسهم سيكونون ومتعطشون إلى النار أكثر من 
الماء! 

أواة: ساعة الضاغفة المباركة! أواة أسرار الظهيرة!'ه تارا تسرف 
زاحفة أريد أن أصنع منها ذات نوم :ووسل«بشرزى بال هن لهب 

- بألسنة من لهب ينبغي أن تبشر ذات يوم هكذا: إنها آنية» لقد 


غدت قريبة ساعة الظهيرة الكبرى! 


)1١(‏ لم يكن لزرادشت ما كان ليسوخ من مبشر سابق على مجيئه وهو يوحنا المعمدان؛ فهو هنا 
النبي والمبشر بنفسه في الآن ذاته. وهذه الجملة ترشح بمرارة مضاعفة : مرارة الوحدة. 


ومرارة المجيء قبل الأوان. 


۳۹ 


من 


فوق جبل الزيتون'" 


العا ذلك" الت الكريف خلس الا نق 51 موركة ای 
كثرة مصافحاته الودية. 


لوحده. جيك أن هرب منه؟ ومن كان يجيد الجري بسرعة يستطيع 
أن يغلت منه! 


1 
إلى 


بقدمين دافئتين وأفكار دافئة أمضي إلى حيث تقف الريح ساكنة» - 


عناك" اتك نه الها کي و اة ات اھات 


عن بيتي ويجعل الكثير من الأصوات الضاجة الصغيرة تخلد إلى 


(۱) 


0 


العنوان الأولى : «أغنية الشتاء»؛ أنظر نهاية هذا الفصل حيث لا يقفل نيتشه بعبارة: ١هكذا‏ 
تكلم زرادشت». بل ب: «هكذا غنى زرادشت؟. 

في هذا الفصل أيضا يستعير نيتشه صورة ‏ واقعة إنجيلية ؛ منّى الاصحاح ۲١‏ عندما خرج 
يسوع من الهيكل وذهب إلى جبل الزيتون. 

شذرات مسودات زرادشت من كنشات صائفة ۱۸۸۳ / المجلد ٠١‏ من الأعمال الكاملة 
 )1454(‏ القسم ١‏ [1] ص0 41 . «إنه الشتاء ؛ أريد أن أرقص اليوم. لدي ما يكفي من 
اللهب لهذا الجليد؛ إلى الجبل أريد أن أصعدء فهناك يحب لهبي أن يشتبك مع الريح 
الباردة» . 


۳ 


إنه لا يتحمل سماع بعوضة تطن» أو بعوضتين؛ وحتى الزقاق 
ينقعه في الوحدة مما يجعل القمر يشعر بالخوف هناك ليلا. 

ضيف قاس هوه لكنني أحترمه» ولا أصلي مثل كل الرقيقين 
الحساسين أمام إله النار الأكرش . 

بل أحب إلى أن يطقطق المرء قليلا بأسنانه من أن يجلس مصليا 
أمام أصنام! 

ذلك هو ما يريده طبعي. وإني لأبغض على وجه الخصوص كل 
الآلية 'التاحجة المدحة المعيحة رطوية: 

وإذا ما أحببت فإنني أحبّ شتاء أكثر مما أفعل صيفا؛ والآن أسخر 
من أعدائي وبكل غبطة» منذ أن استقر الشتاء في بيتي . 

بكل غبطة حقاء حتى وأنا أزحف نحو الفراش - :ههنا تضحك 
سعادتي الزاحفة وتعبث أيضا؛ ويضحك حتى حلمي الكاذب أيضاً. 

أزاحفة أنا؟ أبداء لم أزحف في حياتي كلها أمام ذي سلطان؛ وإذا 
ما كذبتء فإنما أكذت عن حت لذلك .آنا مختبط فى فراشئ الشتوي 
اش ا 

إن فراشا بسيطا يدفؤني أكثر من فراش بذيخ» ذلك أنني أغار على 
فقري؛ وهو في الشتاء أكثر وفاء لي . 

بفعلة خبيثة أدشن كل يوم جديدء وبحمام بارد أسخر من الشتاء؛ 
وذلك هو ما يثير دمدمة ضيفي الصارم الشديد. 

أحب أيضاً أن أدغدغه بشمعة صغيرة؛ كي يفسح أخيرا مجالا 
للسماء لتطل علي من وراء العتمة الرمادية. 

في الصباح خاصة أكون أكثر خبثا: في تلك الساعة المبكرة» ساعة 


۲۳1 


يُسمع صرير الدلو على حافة البئر وتحمحم الخيول بأصواتها الدافئة 
عون لازق لدا 

بنفاذ صبر أجلس هناك منتظرا أن يطل على أخيرا وجه السماء 
الك ا ار اخ ام باه اا رها 
الا 

NECE TEN الف‎ EN 
٠ ا‎ 

تراني تعلمت عنها هذا الصمت الفضي الطويل؟ أم أنها هي التي 
تعلمت ذلك عني؟ أم أننا ابتكرنا ذلك كل لنفسه وعلى حده؟ 

لكل الأشياء الحسنة أصول متعددةء - وكل الأشياء الحسنة العابثة 
تتراقص غبطة داخل متعة الوجود: كيف لها أن لا تفعل ذلك - سوى 
مرة و 

شيء عابث حسن هو الصمت طويلا أيضاً والنظرء تماما مثل 
لهاد اع بوجه مضيء وعين صافية : 

- وأن يجحد المرء شمسه مثلهاء وإرادته الشمسية التي لا تنشي : 
الحق أقول لكمء لقد تعلمت هذا الفن وهذا العبث الشتائي وأتقنتهما 
جيدا! 

راکب خباثاتق + وتن العبجل أن ولیت صم كيفه يتناد 
الافتضاح من خلال الصمت. 

مقرقعا بكلماتي وبنردي أغالط كل الرقباء المهيبين: لابد لإرادتي 
وغرضي أن يفلتا من كل هؤلاء العسس الصارمين. 











)١(‏ إشارة أخرى إلى حتمية العود الأبديّ 


TY 


أن لا يفلح امرؤ في أن يسبر أغواري ويطلع على إرادتي النهائية - 
من أجل ذلك ابتكرت لنفسي هذا الصمت الفضيّ الطويل. 

ولقف رایت أكثر من ذي فطنة ودهاء يضع نقابا على وجهه ويعكر 
مياهه كي لا يستطيع أحد أن ينفذ إليه ببصره ويسبر ما يختفي في 
أعفاقه”” . 

لكنّ ذا الفطنة هذا بالذات سرعان ما أتاه المرتابون وهاتكوا 
الأشفارء وده ماعو بالذات استطاغرا أن يقيطادوا أك أشفافه 
تسترا وخفاء! 

بل الواضحون الشجعان والشفاقون؟ e‏ أ 
الكتومين فطنة: إذ عميقة هي بثر هؤلاء» حتى أن أكثر المياه صفاء لا 
تستطيع أن تفضح خبايا قاعها. 

نت أيتها السماء الشتائية الصامتة» أيها الشيخ المسن بلحيتك 
الثلجية والهامة البيضاء والعين الصافية من فوقي! أنت أيتها الصورة 
الرمزية لروحي وعبثها الساخر! 

ألا ينبغي علي أن أختفي مثل واحد قد ابتلع ذهباء ‏ كي لا يشق 
أحد جوف روحي؟ 

ألا ينبغي علي أن أمشي على طويلات الساق حتى أغالط كل 
أولئك الحسودين والمتوجعين» فتعمى أعينهم عن ساقي الطويلتين؟ 

تلك الأرواح المنقعة في أدخنة البخور ودفء الغرف. المستهلكة 
المتعفنة المكدّرة ‏ إذ كيف E‏ أن يتحمّل سعادتي! 


)1( مثل ) ما يفعل | الملامتيّة مر ) المتصوّفة . 


TT 


هكذا لا أكشف لهم إلا عن الجليد والشتاء فوق قمتي؛ ولا أريهم 
كيف يتلقع جبلي بكل الشموس التي تلف من حوله! 

لا يسمعون سوى أعاصير شتائي المولولة؛ ولا يرون كيف أبحر 
فوق بحار دافئة» شبيها بريح جنوبية حارة وثقيلة ومتوهجة بالأشواق. 

فقون علق سبيت رادي روفن ایشا الکن كلم هى” 
«دعوا الصدفة تأتي إليّ؛ إنها بريئة مثل طفل صغير». 

كيف لهم أن يتحملوا سعادتي إن لم أغطيها بحوادث عدة وفاقة 
شتاءات وقبّعات من جلد الدببة وألحفة من سماء مثلجة! 

- إن لم أرق لشفقتهم أيضا؛ شفقة هؤلاء الحسودين والمتوجعين! 

ا ACÎ‏ في حضرتهم وأرتعد برداء وأن أدع نفسي 

تلك هى حكمة النوايا المعابثة والنوايا الصادقة لروحى؛ ان لا تخفى 
ااا ال ری لا سحت ارا م اوا ٠‏ 

وحدة البعض هي هروب المرضى؛ ووحدة البعض الآخر هي 
الهروب من المرضى . 

ل :اذ ارد نوات ر لق ملام السندة الماك وك 
المساكيخ ا من حولي! فبمثل هذه الرعدة وهذا الأنين لا أفعل 
سوى الهروب من بيوتهم المدفأة. 

فليشفقوا على وليتنهدوا رأفة لأورام صقيعي : «إن صقيع المعرفة 
سينتهي بان يجمّده!» ‏ هكذا يقولون متفجعين. 

وفي الأثناء أمضي بقدمين دافتتين» أذرّع جبل زيتوني في كل 
اتجاه؛ وفي الركن المشمس من جبلي أغنّى وأسخر من كل شفقة. - 


TE 


عن المرور العابر 


مارا بشعوس عديدة ومدن كثيرة كان زرادشت يمضي ببطء في 
طريق عودته إلى جبله ومغارته. وها هو ينتهي فجأة إلى باب المدينة 
العظمى: لكن هنا قفز باتجاهه مهرّج أحوق هزينة فاته ذراعية وقد 
سد عليه الطريق. لم يكن ذلك الأحمق سوى ذاك الذي يلقّبه الشعب 
ار ززادشتت8 1 ذلك أنه 35 استرق تمن زوادشك یا من اسلو 
ونبرة خطبهء وكان لا يتوانى في استعارة بعض من كنوز حكمته. إلا 
انالا حمق حاط رادت فان 

«أي زرادشت» أمامك هنا المدينة العظمى: ما من شيء يمكنك 
أن تظفر به في هذا المكانء بل إنك ستخسر كل شيء هنا. 

لم تريد أن تخبط بقدميك في هذا الوحل؟ لترآف بقدميك! بل 
ابصق على بابها - وانصرف عنها! 

هذا المكان هو الجحيم بالنسبة لأفكار المعتزل المتوحد: هنا يُلقَى 
بالأفكار الكبرى حيّة في المراجل» وتّحوّل إلى ثريد. 

هنا تنحل كل المشاعر العظيمة : هنا لا يحق سوى للمشاعر الهزيلة 
أن تجلجل! 

آلا تشتم رائحة مذابح ومطابخ العقول؟ ألا تفوح هذه المدينة 
بيخار العقول المجندلة؟ 


o 


ا خرق بالية وسخة؟ - بل إنهم يصنعول 
صحما يما من هده الخرق! 

آلا تسمع كيف أن العقل تحول هنا إلى ألاعيب كلامية؟ غسالة 
كريهة يفرز هذا العقل. - 

ومن .هذه الثبالة الكلاسة يفون أرقا صحنا! 

يطاردون د بعضهم البعض ولا لوت إلى أنه ؟ ؟ يستثيرول بعضهم 
البعض ولا يدرون E‏ يخيطون على صمائحهم. ويحدتثون رنينا 
بذهيهم . 

هم باردون ويبحثولن عن شيء من دفاء في محروق المشروبات 
الروحية؛ مستعرول ويبحئثولد عن درودة فين العقول ال اة 
وجميعهم مصابون بحمى الرأي العام وداثه العضال. 

هنا موطن كل الرذائل وكل مَفْسَدة؛ لكن يوجد هنا أيضاً أهل 
فضائل ؟ هناك الكثير من الفضائل الموظفة الحاذقة : 

عدد كير من الفضائل الجاذقة بأصابع كاتية ومؤخراث فأسية ولحم 
صلب للانتظار. معهورة بنجوم صعيرة تزخرف صدرها وبعفتيات 

وهناك الكثير من الورع أيضاً وكثير من لعاب التقوى المتدلق 
وألسنة التعبد المتملقة أمام إله العساكر والحروب"' 

من فوق» تتقاطر النجوم وغعيث اللعاب الرحيم؛ وَإلن الأعلى 


يتوق كل صدر لا تزينه نجوم. 


)١(‏ أنظر كتاب العهد القديم؛ المزامير :5١/1١‏ «باركوا الربٌ يا جميع جنوده خدامه 
العاملين مرضاته) . 


521 


للقمر بلاط هالته» وللبلاط عجوله المغفلة؛ لكن أمام كل ما يأتي 
من القصر يركع جمهور الشحاذين مصلياء وكل الفضائل الشحاذة 
الحاذقة . 

«أنا أخدم. أنت تخدمء نحن نخدم ۔ هكذا تكون صلاة كل 
الفضائل الحاذقة عند قدمى الأمير ‏ حتى يكون للنجمة أن تستقر 
بالنهاية نيشانا مستحقا على الصدر النحيل! 
بدوره حول E‏ الأكتياء أرضيّة - 2 لكن ذلك هو ذهب البقال. 

اله العساكر لي تالف الاك الاه إن لامي ق لكو ال 
هو المدير! 

بحقّ كل ما هو مضيء فيك وقويّ وحسن يازرادشت! ابصق على 
مدينة البقالين هذه وانصرف عنها من حيث اتيت! 

هنا يسيل في كل العروق دم فاسد» فاتر رغويٌ؛ ابصقٌ على 
المدينة العظمى . المستنقع الذي تتخمر داخله كل الحثالة مجتمعة! 

ابصق على مدينة الأرواح المنسحقة والصدور الضيقة والعيون 
الشرهة والأصابع الذبقة ‏ 

فى .نالفو لين :والوقسين والكتية الاعف والمتا جح 
بعُلمة الأطماع والطموحات: 

- حيث يجتمع ويتقيح معا كل معتل وذي ريح كريهة» وشهواني 
> جشع و حسم كتيب ومترهل وذو قرحه ومتامر: 


)000 قارت مع الفصل السابق «فى الفضيلة المصغرة»". 


YY 


ابصق على هذه المدينة الكبيرة وانصرف عنها» _ . 

لكن عند هذا الحد قاطع زرادشت ذلك المهرّج المزبد وآوقفه عن 
الكلام . 

«كفى الآن! صاح فيه زرادشتء ققد اي كرفا متجديقكف 
وبهياتك ! 

لم اقمت طويلا في المستنقع كي تتحول إلى ضمدعة وعلجوم؟ 

الأايجرئ قن عروقلة الان انت أيضا دم عات فاسد وف 
جعلك تتعلم هذا النقيق والتجديف؟ 

لِم لم تذهب إلى الغاب؟ أو تحرث الأرض؟ آليس البحر مليئا 

إنني أحتقر احتقاك؛ وإذا ما كنت تريد أن تحذرنيء فلم لم تحذر 
نفسك إذا؟ 

من الحب وله يلبعي أن ينطلق احتقاري وطائر إنذاري» ل من 
المستنقع ! 35 

#2 ا 0 0 ۳ م 5 .)0 

خنزيريّ النخارء - وبنخيرك هذا تفسد علي حتى مديحي للجنون 

لكن ما هذا الذي جعلك تنخر هكذا یا ترى؟ آلأن أحدا لم 
يجاملك بما فيه الكفاية؟ لذلك آنت تجلس إلى هذه القمامة» كى 
يكون لك سيب يجعلك كثير النخير» - 


)١(‏ في مواقع غير قليلة يلتقي القارئ بتأثيرات من أفكار إيراسموس روتردام صاحب كتاب 


#مديح الجنون». 


TWN 


ايها الاج الممزوق. لفل رت أطوان سكلف ا 


لكن كلامك الأحمق يضر بي حتى عندما تكون على حق! وحتى 
إذا ما كانت كلمة زرادشت ألف مرة على حق؛ فإنك باطلا ستفعل 

دوما بکلمتی !» 5 

صمت طويلا. وأخيرا تكلم هكذا: 
إننى أشعر بالقرف من هذه المدينة أيضاء وليس من هذا الأحمق 

فقط. لا شىء يمكن إصلاحه هنا وهناك» ولا شىء يمكن أن نجعله 

5 )00 
الويل لهذه المدينة العظمى! ‏ ولكم اود أن أرى أعمدة النار الني 

ستحترق بها! 

)١(‏ نجد في هذا الفصل استحضارا لصورة نمطية من العهد القديم وأناجيل العهد الجديد 
وصولا إلى القرآن. صورة لمثال المدينة الضالة والفاسدة؛ مدينة الفجور التى تنزل عليها 
نقمة الربّ دوما. الأمر الذي يجعل المرء يميل إلى الاعتقاد بأن مجمل البوءات ليست 
الإنسان؛ كما لو آنه حيئما يكون اجتماع بشري وعمران وبناء يكون فساد يستوجب هذه 
النقمة؛ من برج بابل إلى سدوم وعاموراء ونينوى - وربما آخرا وليس أخيرا نيويورك 
وبرجيها التوأمين (الصورة الحديثة لبرج بابل » ف هيأة تن مزدوح). في دسو دات 
زرادشت (المجلد +٠١‏ ۲۲ [۴] نقرأ هذه الجملة من بين الجمل الكثيرة التي حذفت في ما 
تحمل سمادا إلى أرض البريّة بل فسادا وشناعة». أنظر لوقا الاصحاح 1١ /١5‏ - 48: 
«وفيما هو يقترب نظر إلى المدينة وبكى عليها قائلا إنك لو علمت أنت أيضا حتى في 
يومك هذا ما هو لسلامك. ولكنّ الآن قد أخفئ عن عينيك. فإنه ستأتى أيّام ويحيط بك 
أعداؤك بيترسة ويُخدقون بك ويحاصرونك من كل جهة. ويهدمونك وبنيك فيك حجرًا 
على حجر لاك ی تعرفى زمان افتقادك؟. 


4 


آذ أعهرة النان تلك عن ال مي اول الظيية :الكن لهذا 
5 5 200 
وفته وهدره 

وإليك الآن بموعظة الوداع هذه أيها الأحمق: حيث لا يمكن 
للمرء آن يحب» يكون عليه - أن يمرً! 


العظه 


ی 


)١(‏ في المسودات يرد ما يلي في هذا المرضم : «لكن لهذا وقته وقدره. وإني لا أود أن أكشف 
النقاب عن كل شىء؛ هكذا أمضى إذا». زرادشت يؤجل حرق المدينة الكبرى» أو يدعه 
لأوأنه وقدره. a‏ كران الي علدنا غير رأيه وأمسك عن تدمير نينوى كما وعد 
بذلك يونان النب الذي كان يشتكي منها اشتكاء المهرج الأحمق هنا من المدينة العظمى . 
وكما انتهر زرادشت المهرج ونصحه بالأحرى بأن ينصرف عنها: احيث لا يمكن للمرء أن 
يحب» يكرن عليه أن يمرّ!» كذلك يلوم الربٍ يونان على تذمّره ‏ يونان الاصحاح 4/4 - 
١‏ #فقال الله ليونان هل اغتظتَ بالضَواب من أجل اليقطينة. فقال اغتظتٌ بالصواب 
حتى الموت. فقال الرب أنت شفقت على اليقطينة التي لم تتعب فيها ولا وبّيتها التي بنت 
ليلة كانت وبنت ليلةَ هلكث ؛ أفلا أشفى آنا على نينوى المدينة العظيمة التي يوجد فيها أكثرٌ 
من إثني عشرة ربوةٌ من الناس الذين لا يعرفون يمينهم من شمالهم وبهائم كثيرةً؟. 


° 


عن المرتدين“ 


١ 
أواه! أكل ما كان يقف بالأمس القريب أخضر زاهى الألوان فوق‎ 
المرج يرقد الآن ذابلا داكن اللون؟ كم من عسل الآمال حملت معي‎ 
كل هذه القلوب الشابة قد أدركتها الشيخوحخة بسرعة»  وما هى‎ 
بالمسئة» بل متعّبةً فقطء عاميّة وخالدة إلى الرفاه: «صرنا ورعين من‎ 

جديد»؛ هكذا يسمون حالهم هذه. 
بالأمس القريب فقط كنت أراهم يخرجون بقدم حازمة في الصباح 
الباكر؛ لكنّ آقدام المعرفة لديهم قد أصابها التعب» وها هم الآن 

بفترون حتى على فتوّتهم الصباحية! 
حقا اکت من واحد من بيلهم كان يحرك ساقيه 5 يمعللى 
الراقص» وإليه كانت تومى ضحكة حكمتى: لكنه سرعان ما تدارك 

نفسه. وها آنا قبل هنيهة أراه محنئ القامة وهو يزحف نحو الصليب. 
حول النور والحرية كانوا يرفون بأجنحتهم مثل البعوض والشعراء 


الشبان. لكن يكفي أن يتقدموا قليلا في السن وأن يبردوا قليلاء وإذا 
هم قاتمون مهمهمون وقطط ا 

هل أحبطت عزائمهم وهم يرون أن الوحدة ابتلعتني كما لو كنت 
في بطن الحوت”''؟ وهل ظلت آذانهم طويلا تتحرق عبثاً لسماع بوقي 
وصوت نفيري؟ 

آم إنهم ليتناقصون في كل يوم ويتناقصون أولئك الذين تعمر 
قلوبهم شجاعة واندفاع طويلة الأمد؛ أولئك هم الذين يتحلى عقلهم 
بالصبر أيضا. أما ما عداهم فجبان. 
بالافائدة 3 هۆلاء كلهم جبناء ! 3 

لكن من كان من طينتي فسيلتقي في طريقه بوقائع من تلك الني 
تحدث لي: بحيث يكون على رفقائه الأوائل أن يكونوا جثثا 
ومهر جين . 

أما رفقاؤه الموالون فسيدعون أنفسهم المؤمنين به: كوكبة حيةء 
كثير من الحب» وكثير من الجنون وكثير من الإجلال الطفولي. 
بهؤلاء المؤمنين . ل دم نفسة يؤمن بمثل هذا الربيع وهذه المروج 
المزهرة من كان على دراية بالطبيعة الجيانة القلب للبشر! 

لو كانوا قادرين على غير هذا لكانوا يريدون إرادة غير هذه. إن 


(+) مثا ل يونس في بطن الحوت لثلاثة أيام بإرادة من الرت . مع فارق أن ليس الحوت هناء بل 
الوحدة هی التى ابتلعت زرادشت _ لكن بإرادته الخاصة . 


EY 


الأنواع المتأرجحة بين وبين لتفسد كل ما هو كامل. أن تغدو الأوراق 
ذابلة ؟ فاي داع للحزن في ذلك؟ 

دعهم يمضون ويسقطون أي زرادشت» ولا تشتكي! بل لتنفخ 
بالأحرى بريح عاتية من تحتهم» - 

أنفخ دن ا رر راد كن اعد كل ذال سن 
أمامك بأسرع ما يمكن! ‏ 


۲ 
«صرنا ورعين من جديد)ا ۔ هكذا يكون اعتراف هو لاء المرتدين ؛ 
والكثيرون منهم ليست لديهم حتى الشجاعة على الاعتراف . 
أولتك أنظر إليهم في عيونهم. وفي وجوههم أقولها لهم وفي 
حمرة وجناتهم : إنكم ألاء الذين عادوا إلى الصلاة. 
لكن ذلك هوانا أن يصلي المرء. ليس هوانا لجميع الناسء لكن 
لك ولى ولكل من كان له وعىٌ فى فكره. هوان لك أنت» أن تصلى! 
له أن يط كفية ويهيالي يذه ور غب ي .حياة أكثر عه ولك 
الشيطان الجبان هو الذي يحدثك : «هناك إله فى الوجود!». 
لكنك هكذا تكون من آولثك الذين يخشون النورء أولتك الذين 
يقض النور مضجعهم على الدوام؛ والآن عليك أن تدس رأسك كل 
والح أقول'لك إنك قد أحستت احتيان' الساعة الملائمة > فظيوز 


دق 


اللبل'قف خرجت توا من متخابعها» ساعة ذلك النوع الذئ يخشى 
راحة. 
والتجوال» لا من أجل اصطياد وحش ضار في الحقيقة» بل صيدا ليّنا 
سلساء متلصصا متسلل الخطوة خفيض الصوت في التعبد» ‏ 

من أجل اصطياد أنفس الجيناء المترعين سماحة قد نصبت 
فدات القلوت الان مو كنا وكلما اف سفارة إلا :وانفلتف 
فراشة ليل صغيرة إلى الخارج . 

تراها كانت قابعة مع فراشة ليل أخرى؟ ذلك أنني في كل مكان 
عنقم رائحة طوائف متقوقعة فى مخابئهاء وحيثما تكون هناك حجرة 

يجلسون لليال طويلة إلى بعضهم مرددين: «دعونا نغدو مثل 
الأطفال الصغارمجددا ونهتف (يا ربّنا العزيز!)»”''» بينما أفواههم 
وأمعدتهم قد حرّبتها حلويّات المتعبّدين. 

أو هم يقضّون أماس بأكملها في مراقبة رتيلاء بصليب تتربص 
ماكرة» تكرز في العناكب أيضاً بأحكام الشطارة والحيلة وتعلمهم 
هكذا: «تحت الصليب يكون النسجٌ كأفضل ما يكون!». 

أو أنهم يجلسون لأيام عديدة بصناراتهم الملقاة في المستنقعات 
ويعتقدون أنهم قد بلغوا العمق؛ لكنّ كل من يصطاد حيث لا يوجد 


3 
9 


)١(‏ متى؛ الاصحاح /١8‏ ۳: «الحقٌّ أقول لكم إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد فلن تدخاو 
ملكوت السماوات». 


3: 


العزف على القيثارة لدى ناظم أغنيات يود من كل قلبه لو أنه يعزف 
ألحان قيثارته فى قلوب الفتيات الصغيرات؛ ذلك أنه مل عجائز النساء 
وترانيم مدائحهن . 

أو أنهم به يتعلفون رعدة الرهبة لدى فقيه : نصف معتوه يقبع داخل 
غرقة مظلمة نل تعدو الأرواح عليه - وأن يهجره العقل نهائيا! 

أو يستمعون إلى مغتي أزقة عجوز قلق مغرغر مقرقر» قد تعلم من 
رياح كثيبة موحشة كآبة الألحان» وها هو الآن يصفر بنغمة معدلة على 
الريح ويكرز إلى الكآبة بألحان كئيبة . 

بل ومنهم من تحولوا إلى فَيّام ليل؛ ولهم الآن دراية بالنفخ في 
الأبواق والتنقل ليلا يوقظون أشياء عتيقة مستسلمة إلى النوم منذ 
دصور. 
الحديقةء قادمة من رهط قيّام الليل العجائز المترعين بالكابة 
والجفاف . 

اأتالسية' لأت لا أرق أنه تهر بها يكفى من العتاية: على أنثائه: 
إن الآباء البشريين يقومون بذلك على وجه أفضل!». 

«إنه عجوز مطوّح 6 الشيخوخة! لم يعد قادرا حتى على عيالة 
أطفاله» ‏ هكذا أجابه الثاني. 

«وهل له أطفال؟» لا أحد يستطيع أن يقيم الدليل على ذلك إن 
هو لم يُثبت ذلك بنفسه! لقد كان بودي دائما لو أنه أقام الدليل على 
ذلك مرة بما لا يدع مجالا للشك». 


>33 


«يقيم الدليل؟ كما لو أن ذاك قد أقام الدليل على شيء في يوم ما! إقامه 
الدليل أمر يصعب عليه ؛ بل همه الوحيد هو أن يؤمن الناس به». 

«طبعا! طبعا! إن الإيمان يجعله سعيدا؛ أعني الإيمان به هو. تلك 
هى طريقة العجائز» وكذلك هو الشأن بالنسبة لنا أيضا!» ‏ 

هكذا كان العجوزان اللذان يقومان الليل وينفران من النور يتحادثان 
في ما بينهماء ثم انطلقا ينفخان لحنهما الكئيب في بوقيهما: حدث 
ذلك ليلة البارحة عند سياج الحديقة . 

أما ایك كان کی وی ويكاد يخرج من صدري لفرط 
الضحك» لكنه لم يكن يدري إلى أين» فوقع بثقله على الحجاب 

الحق أقول لكم إن ذلك سيكون موتتي المحبذة أن أختنق ضحكا 
وأنا أرى حمارا سكرانا وأسمع يام الليل يعبّرون هكذا عن شكهم في 
الله . 

البو ا اك ها ميا جار ات عن أنه سين ج 
ترى ما زال يحق له أن يوقظ مثل هذه الأشياء النفورة من الضوءء 
الخالدة إلى النوم من دهور؟ 

لقد مضى زمن على نهاية الآلهة القديمة: والحق أقول لكم» لقد 
كانت لها نهاية جميلة مرحة! 

إذ لم تنتظر ساعة «غروبها» لتموت أفولا ‏ كذبٌ هذا الكلام 
حقا”''! بل إنهاء بنفسها قتلت نفسها - ضحكا! 


(5 يظور زؤامكت ها 'نظرية عولرجة خاطة وريا فف اها يكن انر وره تاد 


۳٤٦ 


لقد حدث ذلك عندما نطق بالكلمة الأكثر كفرا إله من بينها ‏ 
ك قلا الدرالا الوااحت أفا1 .ولا خی لك أن تخد الها من 


Cry < 
٩! دوني‎ 


إله عجوز حانق» إله غيور قد ترك نفسه ينساق إلى مثل هذا 
الكلام ؟ 

وكان أن انخرط الآلهة آنذاك في الضحك متمايلين فوق كراسيهم 
وهم يصيحون: «أليس من باب الألوهية أن تكون هناك آلهةء وما من 


رث؟). 


هكذ تكلم زرادشت في المدينة التي يحبها والتى تدعى «البقرة 
المرقطة». ولم يكن يفصله سوى يومين من المسير عن الوصول إلى 
موطنه. - 


=الآلهة إلى التوحيد ضربا من نفي الألوهية ومعبرا باتجاه الإلحاد. أي أن الديانة هى التى 
قتلت نفسها بنفسهاء لا على طريقة الأفرل (أفول الأصنام) كما يرد في أسطورة الأصقاع 
الشمالية» بل بشبه انتحار . لكنه ضرب من الانتحار الاحتفالي الهازئن: الموت ضحكا ‏ 
من نفسها. «ومن له آذنان للسمع فليسمع!». 

)١(‏ من وصايا الرّب لموسى في سفر «الخروح» (العهد القديم) الاصحاح ۲/۲١‏ و": آنا 
الربّ إلهك الذي أخرجك من أرض مصر من بيت العبوديّة. لا يكن لك ألهةٌ أخرى 
أمامى» . 


العودة إلى الوطن“ 


أوه أيتها الوحدة! أنتٍ يا موطنى! لوقت طويل كنت أحيا متوحشا 
فق الغرية: لطر يما هه الفا كن أعود اليك وام اليا 

والآث غین ستاك كما ل الات والآن لی لي 
کا اغا وقولي لي: «من ذلك الذي انطلق ذات 2 0 
الإأعصارء مبتعدا عنى كالعجاجة الطائرة؟ ‏ 

 «‏ ذاك الذي صاح وهو يبتعد منصرفا: طويلا بقيت قابعا في 
وعدي تى أن شيك الضينك! أكند أنك كن نعلت ذلك ا الآن؟ 

"أي زرادشتا إندى أغله كل ذلك وأعوفه أدلك كنت نيوذا 
ا يننا كنت لدت ! 

«فالهجر شيء» وشيء آخر هي الوحدة: والآن قد عرفت ذلك! 
وعرفت أنك ستكون متوحشا وغريبا على الدوام بين البشر؛ 





)١(‏ يلاحل القارئ أن بنية الكتاب كائمة على نسق دائري› أو نظام عود دوري: ترحال وعودة 
من جهة» ومن جهه اخرى : صباح ء ظهيرة» عشية. ماع ليل صباح . . . ١‏ إنها المنية 
المناسبة لما يسميه نيتشه بلافكر الترحال» كمقابل لفكر «المؤخرات الثقيلة»). أو «اللحم 
القاعد» . والترحال يتخذ شكلا دائريا (مطابق للدورة اليومية التي تنأسس على الشروق ثم 
الغروب: ثم الشروق مجددا فالغروب. . . إلخ)ء شيء شبيه بعود أبدي : عود على بء لا 
يعرف الراحة . لكنه عود مغالط ٠‏ إذ كل رحلة جديدة هي إعلان عن مرحلة انتهت وتم 
تجاوزهاء وأخرى لا بد أن تبدأ من أجل إنجاز التجاوز وإحياء جذوة الفكر الذي لا يحيأ 
إلا في «التغلب على ذاته» و«تجاوز ذاته» وإنتاج "ما يفوق منزلته» . 


TEA 


المقام الأول سوى أن يدارَوًا! 


«أما هنا فأنت في بيتك وموطنك؛ هنا يمكنك أن تتحدث بكل 
شيء وتفرغ جعبتك على آخرها؛ لا موجب للخجل هنا من 
الأحاسيس الدفينة الخفية. 


اقات الأشتياء كلها متتحننة زلف إلى خظائلة» ذد إليك؛ 
ذلك أنها تريد أن تسافر على كتفيك. على صهوة كل مثال تمضى هنا 
إلى کل TT‏ 


)21 عندما يجد المتوحد نفسه فی بیتها. أو فى وحدته التى هی بيته وموطنهء وقد ابتعد عن 
لغط السوق عندها يكون بإمكانه أن يرى بوضوح ويفكر بوضوح. هذا الوضوح الفجائي 
المباغت أحياناء وهو في الحقيقة نتاج فترة طويلة من التفكير والتأمل» هو ما يسمّى 
بالإلهام ‏ أو الوحي. يوضح نيتشه هذه المسألة بأسلوب شعري ساحر في كتاب هذا هو 
الإنسان. فصل : ما الذي يجعلني أكتب كتبا جيدة؟ ‏ حول هكذا تكلم زرادشت؛ الغقرة 
۳ «إن عبارة الإلهام بما تعنيه من أن شيئا ما يغدو فجأة مرثيا ومسموعا بدقة ووثوق 
يستعصيان على الوصف؛ شيء يهنا ويرجّنا في الأعماق. لهي التعبير البسيط عن واقع 
الفكرة بموجب ضرورة:» واثقة لا تعرف التردد ‏ لم يكن لي أبدا أن أختار. نشوة عارمة 
ينفرج توترها في فيض من الدمرع» نسق الحركة فيها مندفع كالسيل حيناء وبطيء حينا 
آخر من دون أي تحكم إرادي؛ حالة غيبوبة » لكن مع بقاء الإدراك الواضح لما لا يحصى 
من الارتعاشات التى تتخلل الجسد من قمة الرأس حتى إخمص القدمين ؛ غَمْرٌ سعادة 
حيث أشد أنواع الألم والقتامة لا تتراءى داخلها كنقاتضء بل كشيء مناسب ومستدعى: 
كتلرينة ضرورية داخل هذا الدفق النورانيّ». (. . ..) «. . . . وأغرب ما في ذلك هي تلك 
الحتمية التى تفرض بها الصورة والاستعارة نفسها؛ يفقد المرء كل سيطرة ذهنية على كنه 
الصورة والاستعارة؛ إنها تمنح نفسها هكذا مثل التعبير الأكثر طبيعية» الأكثر قرباء والأكثر 
ملاءمة وبساطة . إنه ليبدو فعلا ‏ كي تتذكر عبارة لزرادشت - كما لو أن الأشياء هي التي 
تسعى إلينا مانحة نفسها للتحول إلى رموز؛ «تهرع الأشياء كلها إلى خطابك متحئنة 
زلفى. . . .. تلك هي تجربتي مع الإلهام: ولا أشك في أنه ينبغي الرجوع آلافا من- 


5 


«هنا يمكنك أن تتحدث إلى الأشياء كلها بصدق وصراحة؛ والحق 
أقول لك سيكون لذلك وقع المديح في أذنيها أن يتكلم أمرؤق إلى كل 


الخلا دون عوازية! 


«الك” كن شيء ا أن يكون المرء منبوذا. اد أما زلت تذكر 
ازرادشت؟ کف أن طائرا قد صاح فزق رافك ذات مرةء عندما كنت 
تقف فى الغاب مترددا لا تدري إلى أين تمضى؟ حاترا دون دراية 
وشبيها بجئة ؛ 

لها نطقت قائلؤ ! لتفدق حيؤواتائق! انث اهن الخياة أكثر 
خطورة دہ بين البشر مما هي عليه بي بين الدواب: ذلك كان هجرا! 

اوكال: E‏ شت؟ عندما كنت تجلس فوق ) جزيرة 


=السنين إلى الوراء كي نجد أحدا يحق له أن يقول: «تلك هي تجربتي أنا أيضا"». 
نيتشه الذي تتنازعه قوتانء تبدوان أحيانا كما لو كانتا تتبادلان الغيرة؛ القوة الأولى هى 
الأجراء الشاغرية الخالئة التفيحة تالكر من ارو اة واكان ي مل الك الصارة 
والعقل النقدي المتجه ‏ مطرقيًا ‏ إلى سبر الأعماق الخفية ال إنه بحق, المثال 
النموذجي لفيارت الشاعر ‏ الشاعر الفيلسوف. من هنا تغدو الفكرة صورة والصورة 
آداتها ال الاستعارة. ومن هنا ذلك الهوس بالدقة اللغويةء لكنها غير تلك الدقة 
المخبرية الجافة للفسفة النظامية المتداولة . بل دقة تنبض 0 وحميمية . يشعر المرء 
وكأنه يغازل الكلمات. يداعبها بيد رقيقة خوفا من أن يجرحهاء بالرغم من النبرة 
«المطرقية». وأصوات «الرعود» ال وأعق». وهذه العلاقة ا ذات طابع آ أدبي 
ونتيجة لرؤية شعرية فحسبء بل هي ات مدلول فلسفي. إذ يعتبر نيتشه الاستعار من 
الميرات التي عا بها الانسان EO‏ اسلو بون ENE‏ 
بخار) الاستعارات الحدسية داخل رسم تجريدي: أي تذويب صورة في هيأة مصطلح". 
والمفهرم في نظره «في هياته العظمية ثُمانية الأضلاع كل زد لمق ا ا 
ترسب استعارة». 
وأن «التحويل الفني لحالة استثارة عصبية إلى صور لهي آم بل وجدة كل مصطلح». 


ا 


وتدلي؛ «حتى وجدت نفسك بالنهاية تجلس عطشانا بين التمالى 
متذمرا في الليل : «أليس الأخذ أكثر سعادة من العطاء؟ والسرقة أكثر 


سعادة من التناول»“ 5 ذلك كان هجرًا! 


(0١ 0‏ المنح والعطاء ثيمة قارة ة في فلسعة زرادشت ستتردد في العديد من المواقع والفصول 
المختلفة مثل لازمة : «ديباجة زرادشت» (آنظر الهامش ۲( فی الفضيلة از لواهبة): «قربان 
العسل». . . في فصل "قربان العسل» نقرأ ما يوضح INE‏ أو الهوس بالمنح 
والعطاءء على هذا النحو: «تكلمت عن قربان وهبة عسل! لم يكن ذلك سوى حيلة من 
بين أحابيلي الكلامية. وحمقا نافعا في الواقع . . . أي قربان؟ إنني أبذر ما يمنح لي أنا 
المذوياف :4 كنت ا ای فر وفي كتاب «الإنجيل الخامس 
لنيتشه» (منشورات الجمل »)۲٠٠۳‏ يكتب الفيلسوف الألمانى المعاصر بيتر سلرتر دايك 
حول فلسفة السخاء لدى نيتشه: #إن جانب الإبداع في هبة نيتشه يتمثل في الاستفزاز 
للنسج على منواله. حيث يغدو و جهة طاقاته العطائية ؛ أي من 
جهة ثروته القادرة على فتح أفق 00 ٠‏ إنه معلم سخاء من حيث هو يبث 
جرثومة الثراء في متقنا ل الهبة الذي الم یری مر 0 
إلى تبدیده). .. ا وفيما يكون الزمن 
الأول منشغلا على الدوام بالعودة وبتسديد الديْن. لا ينشغل الثانى سوى بالمضى قدما فى 
العطاء . . » ذلك أن المائح لا يمكنه أن يكسر طرق العقل الادخاري إلا عبر عملية تبديد 
ڏاتي صرف . إن التبذير اللامحوب هو وحده الذي يمتلك من العفوية وطاقات التمئنص 
والإفلاات ما يجعله قادرا على التخلئص من جادبية دائرة العقل الجشع و حساباته . 
المدخرون والرأسماليون ينتظرون على الدوام مردودا يفوق ما استثمروه؛ بينما يجد المائح 
الميذر متمته ورضاه في اليذل دون اعتبار («المحاصيل". 7 إن ما يسمويه نيتشه براءة 
الصيرررة إنما يعني في الجوهر مجانية الإثراء الذي ی لا يُسعى إليه إلا بهدف تنمية إمكانيات 
النديد»:: لکن الزاهي بست علي , الطوى لفرط ما بدد. وعندها يسأل نفسه : «أليس الأ-دز 
أكيز سعادة 0 0 لمت السرقة أكث "! فالذي يستلم لا يدر أنه 
العزلة E e e‏ س O Sy‏ مل 5 
هذه السلمسلة المتواترة من ¿ الرحيل والعودة التي أشر رنا إليها + فى الهامش رقم ١‏ ص7”148. 
أما السرقة فقد تكون أقل وطأة على نفس الذي يأحذ بهده الث من وضع الذي يمار سر 
عليه عمل السخاء ويكون متقبلا غير فا عل . E‏ على أيه حال فعل. 


o1 


«وهل ما زلت تذكر يازرادشت؟ لما حلت ساعة صمتك الكبرى 
وفصلتك وأبعدتك عن نفسكء عندما كلمتك همسا خبيثا: «قل 
كلمتك وتحطم!» ‏ 

لثم وعودها تعونت نز ك والتظاوك قينا وها وع و 
إحباط شجاعتك المحبّطة: ذلك كان هجرًا!) ‏ 


2 


أواه وحدتي! أيتها الوحدة التي هي موطني! بأية غبطة ورقة 
يتحدث إلى صوتك! ٠‏ 0 1 

فحن لأ سال عا ول شك عن فا ول تمضو ادن 
مع بعضناء معا عبر أبواب مشرعة. ۰ ۰ 

ذلك أنه غالبا ما يكون مفتوحا بيتك ونيّرا؛ وحتى الساعات تمضي 
هي أيضاً على أقدام خفيفة هنا. ففي الظلام يكون الوقت أثقل على 
المرء مما في الضياء. 

هنا تنفتح لي فجأة كل كلمات الكينونة وخزائن الكلمات: كل 
كينونة تريد أن تغدو كلمة هناء وكل صيرورة تريد أن تتعلم الكلام 
0 

أما هناك في الأسفل فكل كلام لا طائل من ورائه! هناك يكون 
النسيان والعبور أفضل الحكم: الان تعلمت ‏ ذلك! 

وكل من يريد أن يفهم كل شيء لدى البشر عليه أن يضع يده على 
كل شيء فيه» لکن يدي أنقى من أن تمتد إلى تلك الأشياء. 

إنني لا أحب حتى أن أتنفس من هواء أنفاسهم؛ آواهء عندما أذكر 
أنني أقمت طويلا بين صخبهم وأنفاسهم الكريهة! 

أيها الصمت السعيد من حولي! أيتها الروائح النقية من حولي! 


oY 


كيف يتنفس هذا الصمت من الأعماق هواء نقيا! آه» كيف يصغي 
نانا هدا الضمت السعيد! 

اوا ا و متم 
وحتى لو أعلن المرء عن حكمته قرعا بالأجراس. فإن عالن السوق 
سيغطون على صوته برنين القروش! 

كل يتكلم لذيهم هناك وما من أحد بوسعه أن يفهم شیتا. كل 
شيء يقع في الماءء ولا شيء يهبط إلى الابار العميقة. 

0 يتكلم لد غا ر لاي يلع غاية وياض إلى مها 
الكل يقأقئ» لكن من الذي سيظل يريد أن يجلس صاعتا فى عشه 
ويحضن بيضه؟ 

كل يتكلم لديهم هناك» وکل شيء يُلتَ ويعجن. وما كان بالأمس 
فاا على ارين ته وأشتانه؟ تراه تقد فعضو غا سيفو اه 
أشداق المعاصرية: 

كل كل اوک قرم بقل سرف نوما كان نلعن 
سرا في يوم م ن الأيام وحميمية أرواح عميقة)» هو ليوم مشاع لبواقي 
الأزقة وغيرهم من الثرثارين. 

أوه أيها الكائن البشري» أنت أيها الخليقة العجيبة! أنت أيها 
الصخب في أزقة مظلمة! ها أنك الآن تقع بعيدا ورائي مجددا: الخطر 
الأعظم :0 كان يحدق بي قد تركته ورائي الآن! 

في المداراة والشفقة كان الخطر الأعظم المتربص بي على الدوام؛ 
والكائن البشري بكليته يود أن يدارّى ويُتحمّل. 

خفائق مكو تة .ويك ظائشة قلت موله» عمتا بال كادي الحقيرة 
لله مدا كنم جا "ذوما ييه اشر 


e 


متنكرا كنت أجلس بينهم» على استعداد لإنكار ذاتي كي أستطيع 
أن أتحملهم محاولا إقناع نفسي وأنا أردد: «إنك لا تعرف البشر أيها 
الأحمق!». 

إل الهرة عون دة ال مان دا تق نين الب ماك 
واجهات عديدة لدى كل إنسان؛ فما نفع أن يكون للمرء بعد نظر 
وعينان تواقتان إلى المدى الرحب. 

وعندما كانوا ينكرونني كنت أنا الأحمق. أضاعف من مداراتي 
لهم بسبب ذلك: متعودا على القسوة على نفسي» وفي الآن ذاته 
منتقما من نفسي في أغلب الآحيان بسبب تلك المداراة. 

مدمى بلسع الحشرات السامة ومجوفا مثل صخرة من كثرة قطر 
الخباثات؛ هكذا كنت أجلس بينهم محاولا إقناع نفسي: «بريء هو 
كل حقير بسبب حقارته!». 

أولئك الذين يدعون أنفسهم ب«أهل الصلاح» على وجه الخصوص» 
أولئك هم الذين وجدتهم أكثر الحشرات سما: يلسعون بكل براءة 
ويكذبون بكل براءة؛ كيف يمكنهم أن يكونوا عادلين ‏ تجاهي! 

كل من يحيا بين أهل الصلاح تعلمه الشفقةٌ الكذبٌ. الشفقة تعكر 
الهواء داخل كل الأنفس الحرة. وإن بلادة الصالحين عميقة لا يسبر 
لها غور . 

أن أتستر على نفسي وعلى ثرائي - ذلك هو ما تعلمته هناك ذلك 
أنني كنت أجدهم مدقعي العقول جميعا. لقد كان ذلك من باب كذب 


(1) في ما وراء الخير والشرء الشذرة 7؟؟: كل فضيلة تنزع إلى البلادة؛ وكل بلادة تنزع إلى 
الفضيلة ؛ «بليد حد القداسة» يقول الناس فى روسيا». 


o£ 


شفقتي أن كنت أحرص على أن أعاين وآتشمم في كل واحد منهم 
كين ذكوق مان بخ مق العقل: كاف اة ل و كوت هذا 
السقدار أكثر مما يستطيع أن يتحمل! 

أما عن جكمهم المتحجرة» فكنت أسميها حكيمة وليس متحجرة 
هكذا تعلمت كيف أبتلع لساني. وأما حفارو القبور من بينهم فكنت 
أدعوهم باحثين ومدققين» ‏ هكذا تعلمت الخلط بين الكلمات. 

حفاروا القبور يصابون بالأمراض من جراء حفريّاتهم. إذ تحت 
الأنقاض القديمة ترقد أبخرة كريهة. 

إنه لا ينبغي تحريك المستنقعات الموحلة. بل على المرء أن يحيا 
فوق الجبال. 

بآنف مبتهج أستنشق من جديد حريّة الجبال! لقد نجا أنفي أخيرا 
من كل رائحة بشرية! 

مدغدّغة بهواء حاد له مفعول شراب ذي ثمالة تعطس روحي؛ 
نعطس وتهتف لنفسها: "فى صرحت 2800| 


() عبارة اف صحتك» تقال عند الألمان عند الش اتب وكذلك للم ء عندما : 
بار يي راب ف ر 3 


Foo 


عن الشرور الثلاثة 


١ 


في الحام؛ 5 الحلم الصباحي الأخير وی أو اليوم على 
حرف سن ا ارف فى ما وراء العالمء بيدى ميزان وأنا أزن 


العالم : 


أواه» لِم آقبل الفجر على مبكرا! أيقظني بأشعته المتوهجة ذلك 
الغيور! غيور هو الفجر دوما من توهج أحلامي الصباحية . 

قابلا للقياس بالنسبة لمن لديه متسع من الوقت». قابل للوزن 
بالنسبة لوزان جيّدء قريب المنال لمن له جناحان قويّان» شهافا بالنسية 
لكل ذي بصيرة ثاقبة فكاك ألغاز متمرّس: هكذا تراءى لي العالم في 
جو 

بخار مجازف هو حلمى» نصفه سفينة والنصف الثانى إعصارء 
ساكن مثل فراشة وقليل الصبر مثل صقر من جنس عتيد: من أين له 
بالصبر إِذا وبمتسع من الوقت كي يجد اليوم متعة في وزن العالم! 

ترى هل خاطبته حكمتي سراء حكمتي الضاحكة التي تستهزئ 
بكل «العوالم اللامتناهية»؟ ذلك أنها هي التي تقول: «حيث تكون 
هناك قوةء يكون العدد صاحب اليد الطولى: إذ العدد أكثر قرّة؟. 


ie 


بأي وثوق كان حلمي يرى إلى هذا العالم المحدود! لا متلهفا 
على المستقبل» ولا مهوسا بالماضي» لاهو بالخائف ولا بالمتوسّل : 

- كما لو أن تفاحة مكتملة النضج كانت تمنح نفسها ليديء تفاحة 
ذهبية بقشرة طرية رقيقة ناعمة الملمس؛ هكذا كان العالم يمنح نفسه 
ي 

كما لو أن شجرة كانت تومئ لي» شجرة بأغصان متينة» صلبة 
عبد جحي تمس اا كفا ران الائ الب 
تستريح عليه قدمه: هكذا كان العالم يتراءى لي من موقعي فوق الرامن 
الارضي :الان 

كما لو أن يدين لطيفتين كانتا تعرضان على عيني علبة عجيبةء 
علبة مفتوحة على أشياء تفتن العين المعجَبة الحييّة: هكذا كان العالم 
يملح نفسه لي في هذا اليوم : 

أقل إلغازا مما يكفي لتنفير الحب البشري». وأقل وضوحا مما 
يكفي لتخدير الحكمة البشرية: شيئا إنسانيا حسنا بدا لي اليوم هذا 
العالم الذي يُذكر بكثير من السوء! 

كيف أعبّر فخ افا لا الفا الل جلي أزن العالم 
فى تلك المتاعة المبكرة! مل ىء تسات جسن أطلن علن :ذلك 
عل والعزاء الذي يثلج القلب! ١ 1 1 ١‏ 

ولكي أنسج على منواله في نهاري هذا وأتعلم عنه وأحاكيه في 
أفضل ما لديه؛ أود الآن أن أضع الشرور الثلاثة في كفة الميزان وأزنها 
حيدا بطريقة إنسانية. 


Tov 


الشرور الثلاثة التي تقع عليها اللعنة أكثر من غيرها في هذا العالم؟ 
فده الشرور الفلا اريك أن أضعها فى كمة الشدان: 

الشهوانية» وح السيادة» وإيثار الذات : هذه الثلاثة ھی انت 
عبازات الف والتشوته دهده الا اء العلاثة اھ الى أويل أن ارتا 
جيدا بميزان الإنسانية . 

إلى الأمام إذا! هنا جرفي الناتئ وهنا البحر يندفع مدحرجا نفسه 
ترىئ مسقا أشعكة: متملقا اة داك الوح الوقن دى المانة 

إلى الأمام! هنا أريد أن أمسك بالميزان فوق البحر المتغلب : وسأختار 
لي شاهدا يراقبني ؛ سأختارك أنت أيتها الشجرة المتوحدة. أيتها المتضوعة 
بعطر دسم قوي المنبسطة قبة عريضة ٠‏ أنتٍ التي أحب! 

فوق أي جسر يمضى الحاضر باتجاه المستقبل؟ وبموجب أية 
ضرورة يرغم الاعلى نفسه على الهبوط الى الأسفل؟ وما الذي يدفع 
ا الهو کو أعالق اعا 

والآن هى دا السيران: بصب رارت و ناحا اة أسيكلة ثقيلة 
وضعتها في الكفة الأولى» وفي الكفة الثانية ثلاثة أجوبة ثقيلة . 


۲ 

الشهوة: الأشواك هى والخازوق بالنسبة لكل الملتفعين بعباءات 

التوبة الخشنة المستهزتين بالجسد؛ كادنيا» تحل عليها لعنة كل 

السو لخن بالماوراعه ولك انها تسر رت بك علد الو 
والضلالاات. 


الشهوة: النار البطيئة هي بالنسبة للأوغاد يُشوون بها ويحترقون؛ 
فون النيزان المتاحكة الغائرة لكل حتفب وين 'ولكل "اشرق اة 

الشهوة : حرة وبريئة ھی بالنسية لكل القلوب الحرة ؛ حنان السعادة 
الأرضى وفيض امتنان المستقبل للحاضر. 

الشهوة: السم الحلو بالنسبة لكل ذابل فقطء لكنها الشراب 
المنعش للقلب وممتن العزائم بالنسبة لذوي الإرادة الأسديّة» ورحيق 
الرحيق من الخمرة المحفوظة بعناية وإجلال. 

الشهوة: نال سعادة ورمر لسعادة ارک ول الآمال. 
وللكثيرين وعد بعرس هناك حقاء وناک من العرس» - 

للكثيرين» من الغرباء بعضهم عن بعض أكثر مما يكون الرجل 
غريبا عن المرأة ؟ ومن ذا الذي يدرك حتيذا كم غريبان عن بعضهها 
هما المرأة 00 


كقواض كنا 9 لا a‏ ا e‏ 6 


توق النقس إلى السيادة: السوط المحمى الذي يجعل القلوب 


)١(‏ استحضار للمقولة الانجيلية: «لا تلق بلآلئك إلى الخنازير». 
3 00 التباس في عبارة عط chwû‏ الألمانية التي تعني , المندفعء والمتحمس.. والحالمء دأو 
ئي يحلق في الأوهامء ۽ كما تعني أيضاً الجارن وو ابن المحية وكذلك نوعا من الفراشات 
من 00 المدارية. وفى هذا السياق بالذات يمكن للمدلوليُن كليهما أن يكونا مطابقين 
المتفودر ونم ذلك عملنا اين إلى غار» الجرارن فاط على التناستب نه بعيازة 
الخنازير السابقة. والأآمر يتعلق على أية حال باستعارة؛ إذ كما أن المقصود من الخنازير 
ا الخنازير البيولوجيةء بل الدلالة المعنوية التي تتضمنهاء فإن المقصود من 
الجوارن أيضاً ھی الأيناء الأفاعى» فى دلالتها المعنريةء وهم دون شك المتتأججون 
لان ظ 


الفاسية أكثن قسوة؟ الغذاب الأكتر فظاعة الذي بطر تى أكثر 
الفظيعين فظاعة ؛ اللهب القاتم لمحرقة حطبُها من الأحياء. ‏ 

التوق إلى السيادة: الكابح الفظيع المسلط على الأمم الأكثر 
غرورا؛ الهزء الذي شد به في وجه كل فضيلة مشبوهة؛ وهي 
الفضيلة التي تمتطي صهوة كل جواد وكل كبرياء. 

التوق إلى السيادة: الزلزال الذي يكسر ويفتت كل خائخ ومجوّف؛؟ 
المضطرب المدمدم المعاقب الذي يحطم كل القبور المطليّة؛ نقطة 
الاستفهام الصاعقة أمام كل جواب سابق للأوان. 

التوق إلى السيادة: تحت نظره يزحف الإنسان ويركع ويلحني 
ويخفض جناح الذل ويغدو أحط من ثعبان أو خنزير: إلى أن يصعد 
صراخ الاحتقار الأكبر من داخله بالنهاية  ٠‏ 

التوق إلى السيادة: المعلم الفظيع الذي يلقن الاحتقار الأكبر 
ويكرز في وجه المدن والممالك: «لتضمحلي!؛ ‏ إلى أن يصعد 
صوت من داخلها هي نفسها : الأضمحل!». 

التوق إلى السيادة: مغر مع ذلك يصعد حتى موطن النقتين أيضأ 
والمتوحدين وأبعد حتى الأعالى الشامخة» متوقدا مثل صبوة عشق 
ترسم إغراءاتها معالم غبطة قرمزية على صفحة السماء. 

الترق إلى النفيادة: الكن مع :الى يمكن أن" يسمي ذلك ونا فى 
حين أن الأعلى هو الذي يتوق من عليانه إلى النزول إلى موقع 
السيادة! حقا أقول لكم»ء ليس هناك ما هو مرض وإدمان في مثل هذا 
التوق وهذا النزول! 


الا 


يهبط الجبل إلى ا ورياح الأعالى إلى ا 


أواه من الذى يمكنه أن يجد 6 المعمودية والفضيلة لمثل هذا 
التوق؟ «الفضيلة الواهبة» ‏ هكذا سمى زرادشت ذات مرة ذلك الذى 
أ 
ا 


وقد دت أبضاح ولأول.ذزة 5 اة ا دان نطقف كله 
بمديح الأنانية : الأنانية الصحية؛ الجيدة التي تنبع من أعماق الأنفسم 
القوية : 


من نفس قوية ينتمي إليها الجسد السامي الجميل الظافر والممتع 
الذي يتحول كل شيء من حوله إلى را 


الفسسة المر نى البيان الساحن» الزافضن 'الذى يكر رة 
وخلاصته في النفس التي تجد متعتها في E‏ علق المي U‏ 
الجسدية والروحية هى التى تسمى نفسها: «فضيلة». 


(#) مرة أخرى نجدنا أمام عبارة أخرى من تلك التي يجترحها نيتشه لقاموسه الخاص ضمن 
عملية تركيب معهودة ‏ في اللغة الألماية؛ لكنها غريبة لفظا. والعبارة التي تعنينا هنا هي 
selbst - lustig‏ وتعني حرفيا الذي يشتهي نفسه + وكذلك الذي يجد متعة فل کب هد م 
بعدها عبارة اا1 - 50180 وتعني الاشتهاء الذاتي» كما تعني المتعة التي يجدها المرء في 
نفسه أو فى حب نفسه . او ا ای ی ماين و اللذة والمتعة 
اوا ادر بحسب الاق الذي ترد افيه يتما اللا وح صضفة اترد خالا 
ضمن تركية مع 8 كلمة أخرى (تكون إسما) لتدل على ولع امره ما بشيء. مثل المولع 
بالشرات مثالا : trinklustig‏ أو محب المغامرات (المغامر): «Abenteucrluslik‏ أو الى 
يتمتع بروح المبادرة : ustigژUnlernehmungs‏ . وهكذا يكون لعبارة 5615511051 هنا معن 
ذو مدلرلات عديدة متداخله فهي الأنانة وح الذات وفي الآن نفسه المتعة التي 538 


المرء في الأنانية وفي حب الذات. وقد أدخل هذا المصطلح الغريب كتيرا من البليلة على = 


ع 


كل ما هو جبان تطرده عنهاء وتقول: سيّء - كل ما هو جبان! 
حقيرا يتراءى لها كل مهموم كثير التنهد والمتذمر والذي يلفط المنافع 
الصغيرة . 

تحتقر کل سكي فاخ انا إذ الحق ق أقول لكمء > هنالك آنا 
حكمة تينع في الظلام» حكمة أشباح ليلية لا تكف عن التنهد: «الكل 
باطل !70" . 


وضيعة الشأن لديها كل ريبة وجلة» وكل من يفضّل عهودا معقودة 
على نظرات ومصافحات باليد؛ وكذلك كل حكمة مفرطة في الريبة ‏ 
إذ ذلك هو نوع النفس الجبانة. 


-المنرجمين الفرنسيين الذين ينقل عنهم مترجمونا العرب. فذهبو كل إلى معنى من 
المعانى المتداخلة ضمن هذه الصيغة اللفظية ا ومثل هذه العبارات تشكل دائما 
إشكالا أمام المترجمين الذين لا يجدون لها مقابلاء أو معادلا في لغتهم الخاصةء خاصة 
أن اللغة الألمانية تمتاز باعتمادها التركيب اللفظي في صياغة الكثير من العباراتء الأمر 
الذي ي يجعل الترجمة الحرفية (أي بالحفاظ على الصيغة المركية) غير ذات معنى في أغلب 
الأحيان. لكن كر جمة المعنى قد تبدو ف أحيان كثيرة قاصرة عن دم بالتضمينات 
الحر كات الداخلية الخفية RE eT‏ ل نا تاها 
في صيغتها المعربة؛ ومن دون تعليق . كي يمكن لهذه ال لتوضيحات أن تاعد غيرنا على 
الاهتداء إلى عبارة أكثر توفيقا مما توصلت إليه جهودنا هنا؛ وهو ما نحبذه ونتمناه. 

)١(‏ مواعظ سليمان بن داود ملك أورشليم؛ الجامعة الاصحاح١/‏ 7: «باطل الأباطيل قال 
الجامعة . باطل الأباطيل الكل باطل». 


TY 


وأقل شأنا لديها سريمٌ المودّة» ذو طبع الكلاب» الذي سرعان ما 
يستلقي على ظهره. المُتواضع؛ لأن هناك أيضا حكمة متواضعة وبطبع 
الكلاب» وورعة وسريعة المودة. 

منبوذ لديها كليا ومقرف من لا يروم الدفاع عن نفسهء الذي يبتلع 
اللعاب المسموم ونظرات السوءء المفرط في الصبرء الذي يتحمل كل 
شيء ويقبل بكل شيء؛ إذ ذلك حقا هو طبع العبودية. 

سواء لديها أكان المرء خاضعا لعبودية الآلهة والركلات الإلهية» أم 
للبشر ولأمكار بشرية بليذة؛: فتلك الأثانية المباركة تيضق على كل 
آنواع العبودية! 

سيء: هكذا تسمي كل محنيٌّ ثاني الركبتين» زاحف خاضع› 
رامش العين باستسلام وخضوع » مدعوك القلب». وذلك النوع المتنازل 
المُصالح الكاذب الذي يقبّل ملء الفم بشفتين جبانتين. 

حكمة مزيّفةَ؛ هكذا تسمي كل ما يتلاغى به العبيد والعجز 
والمتعبون؛ وعلى وجه الخصوص مجمل الحمق القساوسئ الخطير 
المشين المضحك والمستهتر بالعقل السليم! 

هؤلاء الحكماء المزيفون وكل القساوسة والمتعبون من الحياة 
والذين لأنفسهم طبع الأنثى والعبيد! ‏ ولكم ظلت الأنانية على الدوام 
ضحية الإساءات ألاعيبهم! 

أهذا بالذات ما يريد أن يكون فضيلة وينبغي أن يسمى فضيلة؛ أن 
يساء إلى الأنانية بهذه الألاعيب؟! وانكران الذات»؟ ‏ إن ذاك هو ما 
يتمتاه لأنفسهم+ ولسيب مفهومغء كل أولئك المتعبين من الخياة 
والجبناء وعناكب الصلبان! 


iı 


لكن هي ذي الساعة قد حلت بالنسبة لكل هؤلاء؛ يوم الميعاد. 
ومنعرج التحول وسيف القاضي. والظهيرة العظمى: ساعة سيُكشف 
فيها الكثير! 

ومن سيعلن الأنا معافاة ومقدسة والأنانية مباركةء ذاك سيتكلم إِذا 
بما يعلم» كما الرائي: «أنظرء إنها قادمةء إنها قريبة» ساعة الظهيرة 
العظمى !2 . 


T14 


عن روح التقل 


١ 

لساني ‏ هو لسان الشعب: كلاما خشنا أتكلم وبقلب مفتوح أكثر 
مما ينبغي بالنسبة للأرانب الناعمة. وبأكثر ما تكون الغرابة ترنّ كلماتي 
في آذان 3 او ْ 

يدي يد أحمق: والويل لكل الموائد والجدران وكل ما يمنح 
نفسه لزخرف الحمقى وخربشات المجانين! 

قدمي ‏ حافر حصان؛ أخبٌ وأركض طولا وعرضا عبر الجبال 
والوعار؛ مسكونا بشيطان متعتع متعة أغدو في ركضي. السريع: 

كد اي جنا نمز 07 لوللق: أنياة نسيل جم لواف عا 
كل أكل . لكنها بالتأكيد معدة عصفور مع ذلك. 

مخذى بأطعمة بريئة» وبما قل» متأهبا نافذ الصبر أرنو إلى 
الطيران» إلى الجنوح» إلى الفرار - ذلك هو طبعي؛ فكيف لا يكون 
لي في هذا شيء من طبع الطيور إِذَا! 


() تعمدنا هنا الختيار الترجمة الحرفية باستعمال عبارات : الأرانب الناعمة وأمّ الحبر وثعاب 
الريشة من أجل تبيغ الصورة الساخرة التي يستخدمها نيتشه من ذوي الطباخ المترققة 
والكتبة وأصحاب القرطاس والقلم عامة؛ أولتك الذين يكون لكلماته العارية من كل 
مجاملة وحذلقة وقع جارح ص أذنيهم . 


12 


ع 


وإنني حمًا عدوه اللدودى عدوه القاطع, عدوه الأبدي! أواه إلى ا 
لم تمض عداوتي وفي أية أرجاء لم تته بي! 
اا لامنطيع: أنداعي اي هذا الأمن دعل ارد ان اغ 
هناك طبعا مغتون آخرون لا يرطب حناجرهم ويطلق إيقاع أيديهم 
ويجعل عيونهم معبرة وقلوبهم صاحية غير بيت ممتلى بالمستمعين: 


۲ 
إن الذي سيعلم الناس الطيران في يوم ما سيكون عليه أن ينجح 
أولا فى زحزحة كل أحجار الحواجز؛ وستتطاير حجار الحواجز من 
آمامه» وسيعمّد الأرض من جديد ‏ باسم «الخفيفة». 
إن النعامة أسرع عدوا من أكثر الجياد سرعةء لكنها تدك رآسها فى 
الرمل الثقبل أيضا: كذلك يكون الإنسان الذي لم يتعلم بعد الطيران. 
ثقيلة هي الأرض والحياة في نظره؛ وذلك هو ما یریده روح 
الثقل! لكنْ من يريد أن يغدو خفيفا ويصبح طائراء عليه أن يحب 
نفسه: ذلك هو مذهبى الذي أكرز به. 
لكن حبا آخر طبعاء غير حب المرضى والمتلهفين؟ إذ برائحة 
كريهة يفوح حب الذات لدى هؤلاء! 
على المرء أن بعلم كيف خب ننسه كذاهو مذهبي الذي 


TT 


أعلمكم ‏ حبا معافى وصحياء كي يركن المرء إلى ذاته ولا يبدد نفسه 
كه 

«محية الغير؛» هكذا يعمّد نفسّه مثلٌ ذلك التيه: وبمثل هذه العبارة 
لفحت أكثر الأكاديكوشعن صروت العاف حاصنة من قبل اذك 
الذين كانوا يرزحون بثقلهم على العالم بكليته . 

والحق قو لكمء إن هذه ليست وصبّة لليوم ودا أن يتعلم 
المرء كيد يحب فة بل هى القن الاك زهان ومكرا من بين 
الفنون جميعهاء وآخر الفنون وأكثرها أناةً. 

ذلك أن المجلك الخاصى هو أك الأكياء فاه على مالكةء وآخر 
ما يكتشف المرء من الكنوز جميعها هو كنزه الخاص0» - ذاك هو فعل 
روح الثقل . 

ني المهك شرا تلم شارات قفا ثقيلة الوط مى لال خان 
القيمتين: #خير» و«شرة د إذ ذلك هو الإشم الذي تسمى به ضريبة 
الحياة. وبمقابل هذا الثمن يُغْفر لنا أن نكون أحياء. 

ثم إنهم يدّعون الأطفال يأتون إليهم''' كي يمنعوهم في الوقت 

ونحن؟ - إننا تحمل بكل أمانة ذلك العطاء على أكتافنا المتصلبة» 
نجر جره فوق الجبال القاحلة! وإذا ما تصبينا عرقا يقال لنا: انعم › إن 
الحياة عبء ثقيل!24. 


)0( می ؟ 8 ١‏ : اما يسوع فقال دعوا الأولاد يأتون إلى ولا تمنعوهم لأن لمثل هؤلاء 
ملكوت السماوات». 


TY 


لكن الإنسان وحده هو العبء الثقيل على نفسه! ذلك أنه يضع 
الكتي دة الأشياء الغريبة على كتفيه. مثل الجمل يجثو على ركبتيه 
ويسلم ظهره طوعا للأحمال . 


والإنسان القوى الضبوز على وجة الخضوض + الإنسان: المسكون 
بمشاعر الاحترام» هو الذي يثعل كاهله بالكثير من الكلمات والقيم 
التقبلة والغريبة ب واذا الحياة تتراءى له صحراء قأسية . 

رفى الحقيقة. إن الكثير من الممتلكات الخاصة عساء ثقيل على 
ومستعص على القيض 50-6 

الأمر الذي يجعل من الصّدفة البهيّة بزركشاتها الفاخرة شفاعة 
ضرورية لذلك الداخل. لكن على المرء أن يتعلم إتقان هذا الفن 
أيضا : أن يكون ذا فشرة ومظهر جميل وعماء حكيم! 

لكن كثيرا ما يقع المرء في مغالطة الأشياء في تقديره للإنسان» 
كان تكون بع الأصذداف حقيرة وناكسة وقشرة أكثر مما م 
والكثير من الأشياء الطيبة والطاقات الخفيّة تظل مغمورة لا تُكتشف 

النساء وحدهن يعرفن تلك القطع الجيّدة الطيبة: قليلا من الشحمء 
وقليلا من اللحم النقي - أوه كم من المصائر مرهونة بمثل هذا القليل! 

إن الإنسان متعذر على الاكتشاف» وأصعب من ذلك هو اكتشافه 
لنفسه؛ وغالبا ما يكذب العقل في شأن النفس. ذلك هو صنيع روح 
الثقل . 

لكن ذلك الذي اكتشف نفسه هو الذي يتكلم هكذا: هذا خيري 


1A 


أنا وشرّي أنا؛ وبذلك آلجمَ لسان الخلد والقزم الذيْن يقولان: «خير 
الجميع » شر الجميع". 


الأشياء حسنة وهذا العالم أفضل العوالم جميعا"''". أولئك أسمْيهم 


وهذا الرضى 00 ا E‏ سىء ۰ لمن 
التى تعلمت كيف تقول «أنا» وانعم) و . 


أما مضغ وهضم كل شيء ‏ فذلك من طباع جنس الخنازير 
iS IT 5 0 1‏ 
الصرف! وان يظل المرء يقول على الدوام: إي - ا! _ فذلك ما ل" 
يتعلمه سوى الحمار» ا 


)١(‏ إشارة إلى فلاسفة القرن الثامن عشر (فولتيرء ديدرو» روسو وليسينغ . . .) الذين كانوا 
يقولون بمقولة آن «عالمنا هذا هو أفضل العوالم الممكنة»  'le meilleur des mondes‏ 
'5ةاطزةودم» إلى أن حدث زلزال لشبونة الرهيب فتزعزع هذا المعتقد لديهم. أنظر صدى 
ذلك الارتباك الذي حصل للفلاسفة انذاك فى قصة «صادق» لفولتير على سبيل المثال. 

0 تق الخعان اد بغر هد ا ات قطي سركي ها ااوهر نس ا ت 
الذي تحدثه عبارة J4‏ الى تكن «نعم؟. يستعمل نيتشه كثيرا هذه العبارة لاعبا على 
الالتباس الذي يحدثه التطابق الصوتي بين نعم ونهيق الحمار. نعم الحمار هي الوجه 
السلبي 00 هي المباركة وإعلان الطاعة عملا بمقولة «ليكن قرلك دوما نعم نعم». 
اغ قن أن ته رقم كور اع ا اا اا الى بسر عتها يها اه لياق 
عبارة 13[81111085 وتعني حرفيا: الإجابة بنعمء فإنه يقيم فرقا بين النعم الإثباتية التي 
متهي ]لق الا اقات ونس السطارء اركح الق وحن فى کن فرق من 
النفي المقئنع: تفي للحياة وإثبات للأخلاق والدين والتبتل» شي للقوة وإئبات للضعف 
والوهن» نفي للنفي الصحي, آي لقدرة العقل الحر الذي يستطيع أن يقول اللا المباركة» . 


5186 


كل الألوان بالدم. أما من يطلي بيته بالأبيض فذاك يفشي لي عن روح 
نينا 

البعض منهم يعشقون مومياء والبعض الآخر أطيافا؛ والنوعان معا 
عدوان لكل ماهو لحم ودم - أواه لكم تشر داتقعي من هدين 
الرهطين! ذلك أنني أعشق الدم. 

وأنا لا أريد العيش والإقامة هناك حيث يبصق الجميع ويتقيأون؛ 
ذلك هر ها يمليه على ذوفن 4د بل إنة لاع إل أن اعيش يبن 
اللصوص وشاهدي الزور. إذ ما من أحد بفم مليء ذهبا! 

لكن يقرفني أكثر المتملقون؛ وأكثر الدابة البشريّة إثارة للقرف من 
كل ما التقيت عمّدتها بالطفيليَّ: تلك التي لا تريد أن تحبّ لكنها 
تحن أن تكلب تنلعا مز الح 

تعساء أسمّي كل أولئك الذين لا خيار لهم سوى هذا الخيار: أن 
وا کی انات شر مه او مدجني انات ری ٠‏ انا ی أبن ا 
كوخا" للسكن بين هؤلاء. 

تعساء أسمى أيضاً أولتك. الموتدين فى الانتظار - إن ذائقتي تشمكر 
من جميع هؤلاء: كل الجمركيين والبقالين والملوك وجميع أنواع 
حخزاسن: البلدان. والذكاكين: 


الحىّ أقول لكم. لقد تعلمت الانتظار أيضأً وبصفة جذرية» ‏ لكر 


)١(‏ أنظر متّى؛ الاصحاح ۳ ۷ «ويل لكم أيها الكتبة والفريسيّون المراؤون لآنكم 
تشبهون قبورًا مبتِضة تظهر من خارج جميلة وهي من داخل مملوءة عظام أموات وكل 
نعجأسة) . 

() أنظر «عن القساوسة» من الجزء الثاني وكذلك الهامش رقم؟ ص۷۷٠‏ . 


TV: 


انتظار نفسى فقط . وقد تعلمت بصفة أخص أن أقف وآمشى وأركض 
وأقفز وأتسلق وأرقص . 

لکن هذا هو المذعه الذي اكرر جه من يريد أن بطر فى بوم 
اد لا يمكح للمره أن يطين إلى الظيران! 


بسلالم من حبال تعلمت تسيلق الكثير من النوافذء ويرجلين 


- مثل شعلات صغيرة تخفق فوق صوار عالية: نور ضئيل بالتأكيد. 
لكنه عزاء كبير بالنسبة للسفن التائهة والغرقى”»! 


عبر دروب کته وبطرق متعددة وصات إلى حفيقتي ؛ ولیس بسلم 
واحد ارتقيت إلى هذه القمة التي تسرح من فوقها عيني وتتجول شي 


آفاق بعيا-ة . 


على من فا كنت اال عي الطرية وات دلق قها كانت 
عقر وا لقاع لاون اننا حورته إلى ذوعا أذ ع اند جين الطوق 


)١(‏ عن الشعلة التي يحترق بها العارف لكنها تمثل عزاء لكل الميحرين في المحيطات اليعيدة 
(سالكي طريق المعرفة): أنظر ديثيرامبوس ديونيزوس (الأناشيد المدانحية لديونيزوس) 
Dionysos - Dithyramben‏ : قصينة #علامة النار؛ ‏ زرادشت هو الذي يولع شعلة 
سخريته؟ وهي اعلامة للبحارين المتمرسين» واعلامة استفهام لأولئك الذين يملكون 
الجواب» / الحيةٌ مختصيه على ذيلها وقد نغذ صبرها؟/ «روحى دامها ھی هذه الشعلة/ لا 
يطفأ لها ظمأ إلى أقأص جديدة». 


841 


تجربة وسؤالا كانت مسيرتي على الدوام: وحقاء على المرء أن 
يتعلم أيضاً أن يجيب على مثل هذه الأسئلة! ذلك هو ذوقي حقا: 

لا هو بالجيّد ولا هو بالرديء. لكنه ذوقي الذي لا آنا أخجل 
من جرائه. ولا آنا أتكتّم عليه. 

«هذا ‏ هو طريقي - فأين طريقكم؟» هكذا كنت أجيب أولئك الذين 
كانوا يسألونني «عن الطريق». ذلك أن الطريق - لا وجود لها البثّة . 


فس 


عن الألواح القديمة والألواح والجديدة 


١ 

هنا أجلس وأنتظرء وحوالي ألواح قديمة مهشّمة وكذلك ألواح 
جديدة نصف مكتوبة”'2. متى ستحل ساعتي يا ترى؟ 

ساعة هبوطي وانحداري: ذلك إنني أريد أن أذهب مرّة أخرى إلى 
اا ش ٠‏ 

ذلك هو ما أنتظر الآن: لأنه لا بد أن تأتيني العلامات بآن ساعتي 
قد حلت : الأسدذ الضاحك ومعه سرب الحمام. 


رقي اقا اتسوك إلى س كل واد ليه مت ن الراقف: 
لا أحد يحدثنى بجديد؛ وهكذا فإننی أحدث نفسى بالجديد. - 


0 
عندما ات إلى الناس وجدتهم يجلسون على غرور قديم: 


جميعهم يعتقدون أنهم يعلمون منذ زمن طويل ما هو خير للإنسان وما 
هو شر. 


)١(‏ في کٽشات خر ۳ نقرأ في الشذرة ۱۸]١١[‏ : (إنني مشرّعء أخط قوانين جديدة 
على ألواحي: وأنا القانون بالنسبة للمشرع نفسهء واللوح ونداء المبشر». 


يان 


شيئا قديما متعّبا كان يتراءى لهم كل كلام عن الفضيلة؛ ومن كان 
يريد أن ينام نوما جيداء كان يتكلم عن «الخيرا و«الشر» قبل الذهاب 
إلى النوم . 

لكنني أريكت نعاسهم وشوشته عليهم عندما رحت اا لا أحد 
يعرف ما هو خير وما هو شر - عدا أن يكون ] 

- لکن ذلك هو الذي يبدع هدف الإنسان ويمنح الأرض معتاها 

ثم إنني أمرتهم بأن يقلبوا كراسي معلميهم القديمة» وكل ما كان 
الأكبر وقديسهم وشاعرهم ومخلص العالم . 

دعوتهم إلى الضحك من حكمائهم القاتمين وكل من جلس مثل 
الفزاعة السوداء فوق شجرة الحياة محدّرًا متوغدا. 

وجلسك فى الممر الكبير المقبرئيم بالق ربعن الج والسور" 
- وضحكت من كل ماضيهم ومجده المهترئ المتعفن . 

حقاء مثل كل وغاظ الكمارات والحمقى المهرجين رحت أصرخ 
وآصب جام حنقي على عظيمهم وحقيرهم؛ معلنا أن أفضلهم على 
درجة من الصغر والحقارة! وأن أكبر أشرارهم بمثل هذا الصغر 
والحقارة! ‏ هكذا كنت أضحك! 


هكذا كان شرقي الحكيم يصرخ من داخلي ويضحك» شوقي الذي 





(1) في المسودات (ضبط مونتي وكولليناري) يضيف نيتشه في هذا الموضع: :. . . المدع. 


هو ذلك الذي يصنع المستقبل»". 
(؟) متى؛ الاصحاح ٤‏ لان حيث تكون الجنّة هناك تجتمع النسور». 


000 


لد فوق الجبال؛ حكمة متوحشة حقا! ‏ شوقي الكبير ذو الجناحين 
المصطفقين . 

وغالبا ما ينتشلني شوقي بعنف في غمرة الضحك ويطير بي بعيدا 
عاليا: وأطير عندها مرتعشا خافقاء سهما ينطلق عبر نشوة سكرى 
برحيق الشمس . 

- بعيدا داخل أصقاع مستقبلية نائية لم تتراء بعد لأي حلمء في 
الجنوب الأكثر خَرًّا مما يمكن أن يحلم به أيّ من الفتانين: إلى هناك 
حيث ترقص آلهة تخجل من كل لباس : 

- كي أرى نفسي أتكلم بأمثالٍ وأعرج ولل ا والحقٌّ 
أقول لكم» إنني أخجل لكوني مازلت شاعرا". - 

هناك يق كل صيرورة كانت تتراءى لي رقص آلهة ومعابثات 
آلهة» والعالم منطلق جذلان فار إلى نفسه: 

- مثل فرار أبدي وبحث عن الذات لآلهة عديدة» آلهة عديدة 
تناقض بعضها وتصغي إلى بعضها وتلتئم مع بعضها في غبطة عارمة : 

- حيث الزمن يتراءى لي استهزاء سعيدا باللحظة. وحيث الضرورة 
هي الحرية نفسهاء مغمورةً غبطة بمداعبة أشواك الحرية : 

اهناك يث التقيت.مجددا بشيطاني القديم أيضاً وعدوي اللدود. 
روح الثقل وكل ما ابتدعه من: إكراه وتشريع وحاجة ونتيجة وغاية 


وإرادة وخير وشر: 


)١(‏ أنظر ما ورد في فصل «الشعراء» من أن «الشعراء يكذبون كثيرا»» «كما أننا قليلو! معرفة 
ونحن متعلّمون رديئون علاوة على ذلك : لذلك ينبغي علينا أن تكذب». أنظر أيضاً 
الهامش رقم ۲ ص۰٣٠۲‏ . 


TVo 


ألا ببعى فعلا أن تكون هناك تلك الأشياء الى. ترق فوقها وثمر 
فوقها ونتجاوزها راقصين؟ ومن أجل الخفيفين والأكثر خفة» ألا نبغ 
أن تكون هناك خلديات وأقزام ثقيلة؟ 


3 

وهناك أيضا النقطت من قارعة الطريق غبارة «الاتسان الأعل ) 
وفكرة أن الإنسان شيء لا بد من تجاوزه. 

كول الإنسان جسرا وليس غاية؛ مغتبطا بظهيرته ومساته كطريق 
إلى فجر جديد: 

- تلك هي كلمة زرادشت عن الظهيرة؛ وكل ما علَمَبُ فوق 
الإنسان مثل شفق مسائيّ قرمزيٌ جديد. 

والحق أقول لكمء لقد أريتهم أيضاً نجوما جديدة مع ليال جديدة؛ 
وفوق السحب والليل والنهار نشرت الضحك مثل خيمة زاهية الألوان. 

ولقنتهم كل مسعاي ومبتغاي: ا أجمع وأوحد داخل كيان واحد 
كل ما كان شظايا ولغزا وصدفة فظيعة في الإنسانء - 

- شاعرا وفكاك آلغاز ومخلّصا للصدفة كنت أعلمهم العمل على 
إبداع المستقبل» وكل ما كان أن يخلصوه فيما هم يبدعون. 

أن نخلص كل ما هو ماض في الإنسانء وكل ما «كان» نعيد 
صياغته حتى تنطق الإرادة: «ولكنني هكذا أردت! وهكذا سأريد!» - 

وسمّيت لهم ذلك خلاصا؛ ذاك فقط ما علمتمهم أن يسموه 
خلاصا. - 

والآن أنتظر خلاصي أنا ‏ » كي أعود إليهم للمرة الأخيرة. 


و 


ذلك أنني أريد أن أذهب مرة أخرى إلى الناس: بين ظهرانيهم 
من الشمس تعلمت ذلك عند غروبهاء فلك الغائضة ثراءً: ذهبا 
۔ هكذلك حتى يستطيع الصياد الفقير ا و بزورق من ذهب هو 
أيضا! ولقد شاهدت ذلك فعلا فى مامضىء وما كان لى عندها أن 
E‏ :رافك اهنا أن ره رالا :امع 


3 


إلى الوادي» وفي قلوب من لحم ودم"؟ د 


)١(‏ هذه الصورة المرهفة والمفعمة رقة وشعرية هي استعادة لمديح السخاء وغبطة الفيض 
السخي التي يعبر عنها في الشذرة ۳۴۷ من كتاب المعرفة المرحة: #أن يحتضن الإنسان 
تق تممه كا الا من أقدم القن وجا الحديد وك نالا بن ارات رال 
رعا والتصارانت + أن يميم كل حل العاف سر واعدة ری لسن ھا فى رر 
موحد؛ فذلك ما ينبغي أن يولد سعادة لم يعرف الإنسان مثيلا لها من قبل سعادة إلهية 
ممتلئة قوة ومحيّةء مفعمة دموعا وممتلئة ضحكا؛ سعادة شبيهة بالشمس ساعة الغروب 
تواصل الهبات من معين ثروتها الذي لا ينضب» تقذف بفيض ضيائها في البحرء وكيف 
تشعر بنفسها عندها وعندها فقط. أكثر ثراء وهي ترى إلى أفقر الصيادين يدفع هو أيضاً 
قاربا من ذهب! هذا الشعور الإلهي هو ما يسمّى إذا: إنسانيّة". أنظر أيضاً قصيدة «الشمس 
تنحدر؟ من قصائد «داثير مبوس ديونيزوس». 

(۲) أنظر حزقيال (العهد القديم)؛ الاصحاح :۱۹/١١‏ #وأعطيهم قلبا واحدا وأجعل في 
داخلهم روحا جديدا وأنزع قلب الحجر من لحمهم وأعطيهم قلب لحم». 


TYY 


الإنسان ل 

هناك روت اعود دات جاوز وطراتق م عة لقنطر و مر 
أن نقفز من فوق الإنسان». 

تجاوز نفسك أيضاً من خلال قريبك؛ والحق الذي يمكنك انتزاعه 
سس ريه 
هناك . 


أن يأمرء لكن يظل ينقصه الكثير كيما يطيع نفسه أيضا”'*! 


لع 
5-2 


° 


هكذا يريد طبع النفوس النبيلة: إنها لا تريد شيئا دون مقابل» وآقل 
ف کا 

من كان من الرعاع فإنه يريد أن يعيش دون مقابل”*'؛ أما نحن 
الألى الذين منحت الحياة نفسها إليناء فإننا ما ننفك نفكر في أفضل 
ف یکا أذ قدنف كمقايل! 


 )؟ةعاطلا وفقا لمدا سولون الحكيم الذي كان يقول لتلامذته: «لا تأمروا حتى تتعلموا‎ )١( 


يورده ديوجينس في «حياة سولون!. 
(#) مرة أخرى يعمد نيتشه إلى تضمين معنى مزدوج بلعبته المفضلة بالكلمات في استعماك 
عبارة 1121501251 التى تعنى مجاناً وكذلك : دون فائدة. 


TVA 


والحقّ أقول لكم إنه لكلام نبيل ذلك الذي يقول: «ما تعدنا به 
الحياة فذلك هو ما نريد ‏ أن نفي به للحياة!». 

لا ينبغي للمرء أن يريد التمتع» هناك حيث لا يوجد شيء للمتعة. 
وء لا ينبغي للمرء أن يريد المتعة! 

فالمتعة والبراءة هما بحق أكثر الأشياء حياء: كلاهما لا تريدان أن 
ا 

لا بد أن يكون المرء حائزا عليهما ‏ » وإلا فإنه من الأفضل عندها 


أن يبحث عن ذنب وآلام! 0 


5 

آه يا إخوتي إن بكر المولودات هو الذي يضحى به دوما. وقد 
Eg E‏ 

دمُنا جميعا يسيل على مذابح سريّة» ونحترق ونُشوى جميعا قربانا 
لأصنام عتيقة . 

أفضل ما لدينا ما يزال طريا يافعا؛ وذلك هو ما يشحذ شهية 
الأحشاء الهرمة. لحمنا طريء وجلدتنا ليست سوى جلدة حمل 
صغير : فكيف لا نوقظ إِذَا شهية قساوسة الأصنام المسنين! 

في داخلنا نحن أنفسنا ما زال يسكن قس الأصنام العجوز الذي 
يذ من أفضل ما لدينا شواء لسفرته الفاخرة. آء إخوتي» كيف يمكن 
للأبكار أن لا يكونوا 0 


)١(‏ سفر «الخروج» (العهد القديم)؛ الاصحاح ۳ : «أول أبكار أرضك تحضره إلى بيت 
الرت إلهك». 


لضن 


لحن ذلك ما تريذه طبيعتنا؛ وإننی لاحب أولئك الذين له يريدود 
الحفاظ على أنفسهم. أولئك الذين يمضون إلى حتفهم؛ بكل ما لدي 
من محيّة أحبهم: ذلك أنهم يعبرون إلى الضفة الأخرى”" . 


۷ 

أن يكون المرء صادقا ‏ قليلون هم الذين يستطيعون ذلك! والذي 
يستطيع ذلك له يريده! لکن اقل من يستطيع ذلك هم آهل الصلاح . 

أوهء أولنك الصالحون! ‏ أهل الصلاح لا ينطقون بالحق أبدا؛ أن 
يكون المرء على هذا القدر من الصلاح مرض للعقل . 

أولئك الذين يتنازلون ويُسلمون أنفسهم؛ قلبهم يردد ما يملى عليه 
وباطنهم يطيع ؛ لكنّ الذي يطيع لا يمكنه أن يصغي إلى نفسه! 

لا بد أن يجتمع كل ما يدعوه أهل الصلاح شرا كي تولد حقيقة 
واحدة؛ اه إخوتى» هل نتم أشرار بما فيه الكفاية لمثل هذه الحقيقة؟ 

الجرأة العنيدة» والريبة الطويلة. وال(لا) الفظيعة» والقرفء والحرّ 
في اللحمة الحيّة ‏ لكم هو نادر أن تجتمم كلها معا! لكنْ من هذا 
البذار يكون نت الحقيقة! 


جا إل جب مع العو الحيت ٠‏ كانت تنم كا الجحرفة الى 


)١(‏ قارن مع كلام يسوع إلى حواريه؛ مى الاصحاح ٠١ - YET‏ «حينئذ قال يسوع 
لتلاميذه إن أراد أحد أن يأتي ورائي فليدكرٌ نفسه ويحمل صليبه ويتبعني . فإن من أراد أن 
يُخْلَص نفسه يُهلكها. ومن يُهلك نفه من أجلي يجدها». 

(8) قد بجد التارئة شا من العرابة فى عبارة الع افخ الى الكرناها عر اغ ال 
المؤتبء أو الشعور بالذنب . ذلك أن نيتشه يستعمل هنا عبارة «6دوز»00 65و88 عوضا 

عن Gewissen‏ echtesاchء‏ المتداولة والتى تعنى تانيب الضمير والشعور بالذنب.= 


بت 


۳۸۰ 


حد الآن! لتحطمواء لتحطموا كل هذه الألواح القديمة أيها الساعون 
إلى المعرفة! 


۸ 
عندما تكون هناك صواري خشب فوق الماع وعندما تكون هناك 
جسور وحواف ممتدة فوق النهرء فإنه لن يكون هتاك من أحد ليصدق 
من يقول: «كل شىء فى الماء». 
المغفلونء كل شىء فى الماء؟ لكن الأعمدة والحواف فوق النهر!». 
كل شيء ثابت فوق النهرء كل قيم الأشياء والجسور والمفاهيم: 
وكل «خير) واشرًا: : كل ذلك ثابت! 4‏ 


الناس فطنة الريبة والحذر؛ والحق أقول لكم. لن يكون المغفلون 


-والفرق هنا أن 856 تعني الشرّير والخبث وهي صفة من إسم 8388 التي تعني الشر 
والسوء والخبث . وقد أوقعت الترجمات الفرنسية بعبارة 00085016050 121:010:1156 عوضا 
عن ]12011 005016006 المترجمين العرب فى هذا الخطأ. لکن من يعرف مدى حرص 
نيتشه على دقة العبارة وولعه حرم سيراك من أجل تجن لاله مغايرة لا يسعه إلا أن 
يشك في صحة هذه الترجمةء خاصة إذا ما عرفنا أنه في مواضع أخرى يستعمل عبارة 
Gewissen‏ esاechاsch‏ وذلك عندما يكون المقصود هو تأنيب الضمير أو الشعور بالذنب» 
مثلا فى جنيالوجيا الأخلاق هناك فصل بأكمله (المطارحة الثانية) مخصص لهذه المسآلة 
و عنوان: «الذنب» و«الشعور بالذنب» وما شابهها schlcchles. escllech1ies)‏ 
)Gewissen” und Verwandtes‏ . إن الأمر يتعلق هنا إذا ما انتبهنا إلى السياق الذي وردت 
فيه هذه العبارة بضمير - سلطة (دينية أوأخلاقية) كاذب مراوغ دلا يستطيع أن يكون 
صادقا» و«لا يريد أن يكون صادقا». وبذلك قد أساء إلى المعرفة كما إلى الحياة عبر 
التازيخ . 


۳۸1 


وحدهم هم الذين سيتكلمون: «ألا ينبغي أن تكون كل الأشياء - 
ساكنة؟) . 

«كل شيء ساكن في العمق» ‏ ؟ إنه مبدأ شتويٌ حقيقي» شيء جيد 
حول المواقد. 
يكين ذلك] 
مدمر يكسر الجليد بقرنين مستعرين حنقا! لكن الجليد ‏ يحطم 
المعابر . 

آه إخوتى» أليس كل شىء فى الماء؟ فمن ذا الذي سيظل متمسكا 
د«الخير» واالشرا بعد؟ 

«الويل لنا! يا لسعادتنا! هى ذي الريح المذيبة للجليد تعصف 
الآن!» ‏ لتكرزوا هكذا في كل الأزقةء يا إخوتي! 


۹ 

هنالك وهم قديم إسمه الخير والشر. وحول العرّافين والمنجمين 
ظل يدور دولاب هذا الوهم إلى حد الآن. 

قديما كان للناس إيمان بالعرّافين والمنجمين؛ ولذلك كان يعتقد 
بأن «كل شيء قدَر؛ وبما أنه ينبغي عليك» فإنه لا بد لك!». 

ثم إن الناس ارتابو مجددا في كل العرّافين والمنجمين؛ ولذلك 
اعتقد المرء بأن «كل شيء حرية؛ ينبغي عليكء إذا لا بد لك!». 


FAY 


آه إخوتي › لم يكن للناس عن النجوم والمستقبل سوى ما تَخيّلوه. 
آي عو شنم انلك EE Aa‏ 
E‏ 


٠ 

الاقبيرق الله 101" ومسل عله الكلعات كان لای موقا 
فى ما مضى كلاما مقدسا؛ وأمامها كان الإنسان يثنى ركبته ويحنى 

لكنني أسألكم: أين وُجد في العالم كله لصوص وقتلة أكبر مما 
E‏ هذه الكلفاة؟ 

الا اد واا و و ران ی هذه 
الكلمات كلاما مقدساء أليس ذلك قتلا ‏ للحقيقة نفسها؟ 

أم ترى هذه دعوة إلى الموت» أن يدعى مقدسا كل ما جاء 
الألواح القديمة! 


۱۱ 
تلك هی شفقتى على كل الماضی» أن أراه متروكا ‏ 
- لرحمة وعقل وأوهام كل جيل سيأتى متأولا كل ما كان على أنه 
جسر عبور إليه! 


تقتل ۰ لا تزن» لا تسرق». 


TAT 


وفد يأتى طاغية مستبد» مارد داهية يدجن برحمته وسطوته كل 
ذلك الدئى 5 ويُخضعهء إلى أن يغدو جسرا له وعلامة وصوتٌ 
بشير وصياح ديك مؤذنا بحلول فجره. 

لكن إليكم الخطر الثاني وشفقتي الأخرى: من كان من الرعاع 
تصعد ذاكرته حتى الجَّد - لكن عند الجد ينتهي الزمن . 

وهكذا يكون كل الماضي متروكا: ذلك أنه قد يحدث أن يغدو 
الرعاع سيّدًا ويُغرق الزمن بكليته في مياهه الآسنة”" . 

لذلك لا بد من نوع جديد من النبلاء يا إخوتي. نقيضا يكون لكل 
الرعاع وكل استبداد طغياني» وعلى ألواح جديدة يعيب كعانة غمارة 
نسل“ من جديد. 

ا نم الك م اللا في الحقيقة و و ع ي کون 
هناك نبالة! أو كما سبق لي أن قلت متكلما بأمثال: «بل هذه هي 
القداضة فلا أن تكوق هناف اليد لأ أن يكون هناك إل 


۱۲ 
اي إخوتي إنني اكرّسكم واعلنكم نوعا جديدا من النبلاء؟ وينبغي 
أن تكؤتنوا لى متجين وهريين والذين يزرعون ,داز المستقبل 6 
الكت هنا رل لكي لين ا ی أن بقعيوها مكلا 
يفعل البقال وبذهب البقال أريدكم؛ إذ وضيمٌ القيمة يكون كل ما 
00 يشمن . 


)١(‏ توجس شبيه بتنيوء بمجىء الطاغية النازي». وقد كان نيتشه ينظر بعين الاحتقار إلى حركة 


القومين الاجتماعيين فى زمنه الذين يصنفهم ضمن الرعاع وكثرا ما ضير عن تخرفه من 
أن يتأول الرعاع أفكاره في الاتجاه الذي يخدم أغراضهم . أنظر «هذا هو الإنسان». 


8: 


ليس مأتاكم هو الذي سيصنع شرفكم مستقبلاء بل الغاية التي 
تمضون إليها! إرادتكم وقدمكم التي تريد المضي إلى ما ورائكم. إلى 
ما بعدكم هي التي ستصنع شرفكم الجديد! 

ليس لأنكم خدمتم أميرا - وما أهمية الأمراء بالنهاية! ‏ أو لأنكم 
كنتم قلعة لما هو قائم كي يغدو أكثر ثباتا ومتانة! 

لبن نک بدن النوع الذي كان جرتاة النلاطات : و تلم 
الوقوف بحلة مزدانة مثل البجع لساعات طويلة في الغدران الضحلة . 

ذلك أن القدرة على الوقوف خصلة لدى مرتادي البلاطء وكل 
مرتادي البلاط يعتقدون أن ذلك من نعيم ما بعد الموت. أن يحق 
للمرء الجلوس ! 

ولیس لان روحا يسمونه قدساً قد قاد أسلافكم شي ما مضى ال 
أرضن شحاف الأ أند<غليهاالبنة؟: ولك أن أرضا كك يقت فر ها أسوأ 
أنواع الأشجار: الصليب» ليس فيها ما هو جدير بالثناء! 
كان هناك على الدوام ماعز وإوز ورؤؤوس حوشاء مبلبلة راكضة كلها ت 
EC‏ ل E‏ يي 


اف إنقوتي» لسن إلى الشلفت: شعن على او أن رة ين 
خارجا! مشردين يلبغي أن تكونوا ومطرودين من کل وطن آم وكل 


(:2) يتعذر هنا أيضاً نقل التلاعب اللفظي على عبارة الصليب وما يجترحه نيتشه منها من تنويعات 
يضمنها سخرية لاذعة من الصليبيين والحمللات الصليبية. 


۳A9 


وطن أبنائكم ينبغي أن تحبّوا؛ ولتكن هذه المحبة عنوان نبالتكم 
الجديدةء _ أرضا نائية لم تكتشف بعد وسط بحار بعيدة! نحوها أدفع 
بشراعكم إلى البحث والبحث! 

عبر أبتائكم ي بی أن تكمروا عن كونكم أبناء لآبائكم : هكذا ينبغي 

EE‏ 9 هذا هو لوح القيم الجديد الذي أعلقهم فوق 


روه سکم ! 


۱۳ 

«لِم الحياة؟ فالكل باطل! الحياة - إنها دراس قش بلا حب ؛ الحياة ‏ 
هئ أن يحترق المرء بتار ولا يحصل له دفء). 

هذا الهراء العت تيق مازال يعتبر «احكمة»؛ ولأنه قديم ويفوح رطوية 
عطنةً فإنه يحظى بأكثر إجلال. العفونة أيضاً مصدر نبالة. - 

يحق للصبية أن يتكلموا بمثل هذا الكلام؛ إنهم يخافون النار لأنهم 

وشن درش تاا طوال الوقهه كينت يضق لدان بعر ادرا ا 

هؤلاء يجلسون إلى المائدة ولا يجلبون شتا معهم» ولا حتى 
شهيّة جيّدة: وها هم الآن يجذفون: «الكل باطل!». 

لكنّ أكلا وشرابا جيدا فْنّْ ليس فيه ما هو باطل يا إخوتي! 
لتحطمواء لتحطموا لي الواح الكئيبين الذين لا يعرف الفرح 


TAT 


١ 


«كل شيء طاهر للطاهرين» ‏ هكذا يقول الشعب. لكنني أقول 
لكم: للخنازير يكون كل شيء بنجاسة الخنازير”'؟! 
لذلك ترى المتحمسين والمثقّلة رؤوسهم بالهموم› والذين تررح 


ذاته فظاعة من قاذورات». 

ذلك أن هؤلاء جميعا عقول غير نقيّة» وبخاصة أولئك الذين لا 
يعرفون راحة ولا هدنة حتى يرون العالم من دبر؛ 

اولك الما ب ورانا 

لهؤلاء أقول في وجوههم.ء وإن كان كلاما لا يبدو مهذبا: إن 
العالم يشبه الإنسان بما هو ذو مؤخرة» ‏ إنها حقيقة لاجدال فيها! 

هناك الكثير من القاذورات في العالم: إن هذا حقيقة لا جدال 
فيها! لكنّ ذلك لا يعني أن العالم فظاعة من قاذورات! 

إنه من الحكمة أن يكون هناك الكثير مما هو كريه الرائحة في 
العالم : فالقرف نفسه يصنع أجنحة وطاقة على استشعار الينابيع! 

في أفضل الأشياء هناك دوما شيء ما يبعث على القرف؛ وأفضل 
الأشياء هو أيضاً شيء ينبغي تجاوزه! - 

آه إخوتي إنها لحكمة كبيرة أن تكون هناك قاذورات كثيرة في 


العالم! - 


)١(‏ أنظر رسالة بولس إلى تيطس؛ الاصحاح/ ١5‏ : #كل شيء طاهرٌ للطاهرين وأما للنجسين 
وغير المؤمنين فليس شيءٌ طاهرٌ بل قد تلجس ذهنهم أيضا وضميرهم». 


TAY 


1٥ 

ومثل هذه الكلمات سمعت ماورائيين أتقياء يرددونها على 
ضميرهم؛ وذلك دون سوء نية أو تكلف» - بالرغم أنه ليس في العالم 

الدع الدنيا للدنيا» ولا تحرك إصيعا لمعارضتها!». 

«ومن كانت لديه رغبة في أن يخنق الناس ويطعنهم ويقطعهم إربا 
ويعلقهم» دعه يفعلء ولا تحرك إصبعا لمعارضة ذلك أيضا! إنهم 
بذلك يتعلمون التنكر للدنيا ورفضها؛. 

aT OTL N AEE‏ مقت تلن وان ا 
عقل من هذه الذنياء 2 وبذلك تتعلم نتمعسشلك اكد تشک للدنيا 
وترفضها" . 

لتحطمواء لتحطموا يا إخوتي ألواح الأتقياء العتيقة هذه! ولتسفهوا 


مقولات المجدفين على الدنيا! 


5 
«من يتعلم الكثيرء يتخلص من كل الرغبات الجامحة» ‏ ذلك هر 
ما يتهامس به الناس في كل الأزقة المعتّمة. 
«إن الحكمة ترهق؛ ولا شيء ‏ جدير بالعناء؛ فلا ينبغي لك أن 
ترغب!» ‏ لوح القيم الجديد هذا وجدته يعلق حتى في الأسواق 
لتحطموا ياإخوتي. لتحطموا أيضا هذا اللوح الجديد! فالمتعبون 
الذين عافوا الدنيا ودعاة الموت هم الذين علقوا هذا اللوح» وكذلك 
الارن تروف إذا اها و إلى "العبوكدية! + 


TAA 


ولأنهم تعلموا خطأء وتعلموا كل شىء عدا أفضل الأشياءء قبل 
الأوان وبسرعة شديلة ؛؟ ولأنهم أكلوا بطريقة رديثة»› لذلك أصيبوا 
بفساد المعدة» _ 


معدة فاسدة هو عقلهم في الحقيقة. ذلك الذي أشار عليهم 
بالموت! إذء الحق أقول لكم يا إخوتيء إن العقل معدة"'“؟! 


إن الحياة ينبوع مسرة؛ لكن الذي تتكلم على لسانه معدة فاسدة 
- آَم الكأبة - ذلك سيرى كل الينابيع مسمومة. 
المعرفة: إنها متعة ذوي الإرادة الأسديّة! لكنّ من أصابه العياء» 


ذاك سيكون «موضوع إرادة» تتلاعب به كل الأمواج . 


وكذا هو دوما نوع الإنسان الضعيف: أولئك يضيعون أنفسهم على 


)١(‏ في الشذرة ١1؟‏ من ما وراء الخير والشر يتطرق نيتشه إلى هذه المقارنة بأكثر تفصيل: 
ذلك الشىء الآمر الذي يسميه الشعب :عقلا» يجب أن بكرن سيدا على ما حوله وأن 
يشعر 5-5 سيدا: إند يريد المضي من التعدد إلى الوحدة بإرادة توليفيّة مقيدة نازعة إلى 
اأسيادة ومسيطرة سيطرة حقيقية. وإن حاجياته وامكانياته فى هذا المضمار هى نفس ما 
أقره علماء الطبيعة من حاجيات وإمكانيات لدى كل ما يحيا و ويتعدد. وجا طاقة 
العقل على تقبّل وتملك كل جديد في نزوعه القوي إلى مطايقة الجديد بالقديم وتسيط 
ال وت اا :عن كل المدافظي بالكل ا عبان كنا يزعن ف اعباط على 
مامح وقسمات بعينها من كل عنصر من «العالم الخار جي“ وسرزها بشدة ويزورها بحسب 
ما يلائمه. غرضه في ذلك كله يمضي باتجاه احتواء «تجارب» جديدة؛ وباتجاه تنضيد 

أشياء جديدة داخل خانات قديمة(. . . ) هذه الإرادة نفسها تجد ما يخدمها أيضا في بزو 

آخر يبدو فى الظاهر مناقضا للعقل : قرار فجاتى بالانكفاء على الجهل وبانغلاق لا مبرر 

عن على تكل_التواقد ورففى اط لهذا الشيء أو بذاك صد لكل سارت الافتزات: 

رب عن تجالة :وقاعية "مكنا ارد هما يمك أل تعره بارضا رارقا إلى العدمة وان 

الأفق المغلقة. استجابة بالإثبات للجهل وترحيب به. أما إلى أي حد تكون هذه العمليات 

كلها ضرورية بالتسبة له فذلك يظل مرتبطا بقدراته على الاحتواء و#طاقته على الهضم» - 

بعبارة تصويرية . وبالفعل فإن العقل شبيه حقا بمعدة». 


۳A۹ 


دروبهم. وبالنهاية يتساءل عياؤهم: «لم ترانا سلكنا كل هذه الدروب؟ 
فالكل سواء!». 

أولئك يحلو لآذائهم سماع هذه الدعوة: «لا شيء جدير بالعناء! لا 
ينبغى أن تريدوا!» لكنّ هذه دعوة إلى العبودية . 

أي إخوتي» ريح باردة عاتية هو زرادشت في وجه كل المتعبين 
من الطريق؛ والكثير من الأنوف سيصيبها بالعطاس! 

عبر الجدران أيضاً تهب أنفاسي الحرّة» وتقتحم السجون والعقول 
السجينة ! 

الإرادة تحرر؛ ذلك أن الإرادة إبداع: هكذا أعلمكم؛ وفقط من 
أجل الإبداع عليكم أن تتعلموا! 

وهذا التعلم أيضاً عليكم أن تتعلموه مني» التعلم الجيد! ‏ ومن له 
إذنان للسمع فليسمع! 

۱۷ 

هو ذا القارب» - لعله يمضي إلى هناك إلى العدم الكبير. لكن 
من يريد أن يركب إلى ذلك الالعل»؟ 

لا أحد منكم يريد أن يبحر على قارب الموت! فكيف يمكنكم إذا 
أن تكونوا متعبين من الدنيا! 

متعبون من الدنيا! وأنتم لم تغيبوا عن الأرض ولو مرة واحدة! 
متلهفين أراكم دوما على الأرض» عاشقين ماتزالون لمللكم الأرضي! 

ليس دون سبب تتدلى شفتكم هكذا: هناك رغبة أرضية صغيرة ما 
تزال جاثمة فوقها! وهذا الذي في عينكم؛ أليست غيمة صغيرة 
متموجة لرغبة أرضية غير منسية؟ 


۳۹۰ 


هناك مبتكرات جيّدة عديدة فوق الأرض» بعضها مفيد» والبعض 
الآخر ممتع: ومن أجل هذه الأشياء تكون الأرض جديرة بالمحبة. 

اهناك هن المسبتكرات ماهو ثيه بكر الميراة: نافع هو وممتع 
فى الآن ذاته. 

لكنكم أيها المتعبون من الدنيا! كائنات الأرض الخاملة! بالعصا 
ينبغي أن يداعبكم المرء! بضرب العصيّ ينبغي أن تنشط أقدامكم. 

لأنكم؛ إن لم تكونوا مرضى وكائنات ضعيفة واهنة قد عافتها 
الأرضء فأنتم دواب كسولة ماكرة أو قطط متعة شرهة متكورة في 
مراقدها. وإن لم تريدوا العودة إلى الجري بمتعة» ‏ فلتضمحلوا! 
رواو على ]ذا 
إضافى : كل الأطباء والشعراء يعرفون ذلك. ‏ 


۱۸ 

أي إخوني» هناك ألواح قد ابتكرها الإعياء» وأخرى من صنع 
الكسلى» تلك المتعفنة؟ وهي» وإن كانت تتكلم نفس الكلام فإنها تريد 
أن تمكن: البيا كشو مات 

أنظروا هذا الذي يستلقى منهكا! لقد غدا على مرمى حجر من 
هدفه. لكن التعب جعله يصر على الاستلقاء هنا في التراب: هذا 
الشجاع ! 

إنه يتثاءب تعبا وسأمًا من الطريق ومن الأرض والسماء ومن نفسه؛ 
ولا خطوة واحدة يريد أن يخطوء - ذاك الشجاع! 


۳۹۱ 


والآن هي ذي الشمس تضطرم فوقه والكلاب تلعق عرقه؛ لكنه 
يظل مستلقيا هنا بإصرار عنيد ويفضّل أن يموت عطشا!" : 

أن يموت عطشا على مرمى حجر من هدفه! الحق أقول لكم» 
سيكون عليكم آن تسحبوه من شعره إلى سماء جنتهء ‏ هذا البطل! 

بل من الأفضل أن تدعوه مستلق حيث ألقى بنفسه. حتى يهط 
عليه النوم النوم المواسي بهسهسة المطر الطرية المنعشة : 

دعوه يستلقي إلى أن يستيقظ من تلقاء نفسه» ‏ إلى أن يسأم تعبه 
وينكره وينكر كل ما علّم التعب من خلاله. 

لکن لعطروزااغعنه لكاب والمتوتقين :التاملية وكا الزعاتفت 
المتحمسة : 

- كل الزعانف المتحمسة من «المتعلسين». التي تجد في عرق كل 
بطل وليمة لشرهها! 


18 


أرسم دوائر من حولي وأضرب حدودا مقدسة؛ وإن عدد الذين 
يصعدون معي إلى قمم أعلى فأعلى لفي تناقص مطرد؛ إنني أرفع 
سلسلة هن الجال أكثر فأكثر قداسة: 

لكن؛ أا كانت الأعالي التي تريدون الصعود إليها معي يا إخوتي؛ 
فلتنتبهوا أن لا يصعد معكم واحد من الطفيليين! 





)١(‏ أنظر لوقا؛ الاصحاح 1١9/17‏ 7: «كان إنسان غني وكان يلبس الأرجوان والبز وهو 
يتنم كل يوم مترفها. وكان مسكين إسمه لعازرٌ الذي طرح عند بابه مضروبا بالقروح . 
ويشتهى, أن يشبع من الفتات الساقط من مائدة الغنىّ. بل كانت الكلاب تاق وتلحى 


۳4۲ 


الطفيلي: إنه دودة» زاحفة لدنة تريد أن تمسق من رانا 
المقروحة والمريضة . 
الأنفس المتسلقة درب الارتقاء: فی اساك وفتور همتکم» وفي 

في موقع الضعف من الأقوياءء وقي موقع اللين من النتلاء يبن 
عشه المقرف: إن الطفيلي يسكن هناك حيث يكون للعظيم زاوية 
مكلومة صعيرة . 

ما هي أرفع فئةء وما هي أحط فئة من بين الأنواع كلها؟ الطفيلي 
هو أحط فئةء لكنّ أرقى فئة وأرفعها هي التي تغذي أغلب الطفيليين. 

فالنشين التق تمتلك السلمالأطول ٠ء‏ بوالتي ستطيع أن تتخدر. إلى 
أعمق الأغوار؛ كيف لها أن لا تكون المكان الذي يندس فيه أكبر عدد 
من الطفيليين؟ - 

النفس الأكثر رحابة والتي تستطيع أن تركض وتتوه وتتسكع أبعد ما 
يحكن في رخاب تفسهاء الف الأكثر ضرورة التي تقذف ينفسها عن 
رغبة فى غمار الصدفة : 

- النفس الكائنة التى تغوص داخل الصيرورة؛ المالكة التى تريد أن 

"القن تقر شن نفسها وتورك تسيا كفن الدذوائر الا كر اتساعاء 
النفس الأكثر حكمة التى يناغيها الحمق بأعذب الكلمات : 


)١(‏ يرى مونتي وكولليناري في هذه الصورة إحالة على ما يرد في سفر «التكوين»؟ الاصحاح 
١١ 4‏ من رؤيا حلم يعقوب الذي تمدد على الأرض ونام بعد أن خرج من بثر سبع 
واتجه إلى حاران #ورأى حلما وإذا سلم منصوبة على الأرض ورأسها يمس السماءة. 


E 


وال الف ن و أكثر سق أن کی وا د 
كلها دفقها ودفقها المعاكس ومدها وزجرها داخلها: أواه. كيف يمكن 


0 

أي إخوتي» هل آنا شنيع؟ لكنني أقول لكم: ما يكون في طور 
السقوطء على المرء أن يساعده بدفعة! 
بدا هذا غير لطيف ومهذب - سيريد أن يمنعه من الوقوع؟ أما آنا 
فإننى أريد أن أدفعه! 

هل تعرفون الشهوة التي تدحرج الصخور إلى الهوى السحيقة؟ ‏ 
رجال اليوم هؤلاء؛ أنظروا إليهم كيف يهوون متدحرجين في هوتي 
السحيقة ! 

مقدمة أنا للاعب كر مهارة يا إخوتى! مثال أنا! فلتصنعوا بعحسب 
مثال 90©! 1 

والذي لا تعلمونه الطيرانء لتعلموه إذا - كيف يقع بأكثر سرعة. - 


۲١ 
أحب الشجعان؛ لكن الطعن بالقنا لا يكفى؛ بل على المرء أن‎ 


يعرف أيضاً في من يطعن! 


٣ 


)01 يوحنا؛ الاصحاح ۱۳/ ٠١‏ : "فإن كنت وأنا السيد والمعلم قد غسلتٌ أرجلكم فأنتم يجب 
عليكم أن يغسل بعضكم أرجل بعضء لأني أعطيتكم مثلا حى كما صنعتٌ آنا بكم 


تصنعون أنتم آيضا» . 


523: 


وغالبا ما يكون المرء أكثر شجاعة وهو يتمالك نفسه ويغض 
الطرف؛ كي يوفر طاقاته لعدو أكثر جدارة! 
أعداء يمكنني أن أحتقرهم : عليكم أن تكونوا فخورين بعدوكم: هكذا 
للعدو الآكثر جدارة ينبغي أن توفروا طاقاتكم يا إخوتي؛ ولذلك 
ينبغي أن تغضوا الطرف عن الكثير وتمرواء - 
وخاصة عن الكثير من الرعاع الذين يصذعون آذانكم بضجيجهم 
لتصونوا صفاء عينكم من مواقفهم القائمة على ال«مع» و«(ضد»! 
مشاهدة بالعين» مشاركة باليد ‏ إنه الأمر نفسه: لذلك ينبغي أن 
تنصرفوا إلى الغاب وتدعوا سيفكم يضطجع! 
- طرقا معتمة في الحقيقة هي» لا يومض فوقها بصيص من آمل ! 
زمن ملوك؛ ذلك أن ما تدع اليوم شعبا ليس جديرا بأي ملك . 
لتنظروا إذاء كيف تحاكي هذه الشعوب سلوك البقالين: إنهم 
يلتقطون أحقر المنافع حتى من القمامات! 
يتريصون ببعضهم البيعض» ويقتنصون أي شيء من بعضهم 
البعض. ‏ ويسمون ذلك «حسن جوار». أواهء أيتها الأزمنة السعيدة 
البعيدة ااا كان متاك :شعني يتوك: #اريت أن أكون مدا د صل 
الشعوب!» . 


۳40 


ك أنه على الأفضل أن يسود» والأفضل يريد أيضا EE‏ يسود»ء يا 
وتي ! | وحيثما تكون تعاليم بغير ذلك». فهناك يُفتقر إلى الأفضل . 


خو 57 


۲ 


لو أن هؤلاء ينالون خبزهم دون مقابل“ فالويل! إذ بأي شيء 
سيطالبون إذا؟ إذ رزقهم هو سلوثهم الحقيقية؛ ولا بد أن يكون كسبه 

حيوانات مفترسة هم؛ في «عملهم انتزاع» وكسبهم احتيال! لذلك 
يبعي أن لا يحصلوا عليه إلا بعسر ! 

حيوانات مفترسة من نوع أفضل ي Ee‏ يصيحواء اکر رهافة 
وا .قينا یه ا ان ا بالنهاية أفضل الحيوانات 
ال ب 
الإنسان أكثر الحيوانات معاناة. 


ا اداه فا! ارين ان أية EE‏ رغبته a‏ 





)١(‏ لعل هنا إشارة إلى ما جاء في الأناجيل من حديث توزيع يسوع الطعام مجانا على الك 
متّى الاصحاح ١/١5‏ -١5؛‏ مرقس 3١/5‏ - ٤٤؛‏ لوقا ٠/4‏ ا 
5 

(؟) في المسودات: شذرات نهاية سنة 1۸۸۳ من منشورات ما بعد الوفاة. القسم ۲۲ [15: 
«عليهم أن يصارعوا الوحوش من أجل لقمتهم ‏ وإلآ فإن سُلُوتهم ستكون أن يلعيوا دور 
الوحوش - معنا نحن». 


۳47 


۲۳ 


هكذا أريد أن يكون الرجل والمرأة: الأول كفء للحرب. والثاني 
للولادةء لكنهما كفئان كلاهما للرقص بالقدمين وبالرآس . 


وليكن يوما ضائعا من حياتنا كل يوم لا نرقص فيه مرة واحدة! 
ولنعتبر خطأ كل حقيقة لا تكون فيها ضحكة مقهقهة“! 


4 


أما عقد قرانكمء فلتعملوا على أن لا يكون غقدا سينا! فأنتم 
a‏ سر ع" N‏ > افراع الرامطة a‏ 


)١(‏ الضحك والرقص هما العنصران الثابتان في طبع الفيلسوف في نظر نيتشه؛ «المعرفة 
المرحة" كنقيض لروح النقل . القدم الراقصة كنقيض للركوع والسجود أمام الأصنام. في 
الشذرة ۲۹٤‏ من «ما وراء الخير والشر» يكتب نيتشه عن الضحك تحت عنوان: «الخلاعة 
الأولمبية»: «خلافا ومناقضة لذلك الفيلسوف الذي كان يسعى» كأنكليزي حقيقيء إلى 
تيك" إذائة ا “أذهان كل ات و اال واا تعفن ج ان 
الي الإنسانية يطمح كل عقل مفكر إلى تجاوزة» (هويز)باأسخلاقا له ورغها عنة مامد 
إلى ترتيب لمنزلة الفلاسفة» كل بحسب المكانة التى يحتلها الضحك لديه ‏ صعودا حتى 
موقع أولثك القادرين على القهقهة بالضحك الذهبي. وإذا ما افترضنا أن الآلهة تتعاطى 
الفلسفة؛ وهو رأي قادتنى إليه استنتاجات عديدة» فاننى لا أشك لحظة فى أنها تفعل ذلك 
رهي تقهقه بضحك من نوع جديد ومن منزلة فوق منزلة الإنسان - ضحك على ذقن كل 
الأشياء الجدية! إن الآلهة كائنات مولعة بالسخرية : وإنه ليبدو أنها فى كل أفعالها المقدسة 
لا تستطيع الاستغناء عن الضحك البتةه. ْ 
- فى هوامش مونتى وكولليناري إحالة على الشذرة ٩١‏ من الكتاب الثاني من المعرفة 
ال ةا حول اورت - 01231011)؟ : «شامفورت وهو رجل ثري العمق الروحى. 
قاتم. معذب ومتوهج مفكر كان يجد في الضحك علاجا ضروريا ضد وجع الحياةء 
ويرى لفسه موشكا على التلف إذا مر عليه يوم لم يضحك فيه . 


م الت جمة الصحيحة لعبارة Ehebrechen‏ (وهي عبارة مر كيد من Ehc‏ ونعنى الز واج والرايمئة 


الزوجية » و(اعدانه:ا وتعنى كسْرء وحطم. وانكرء وتفتت. وانفرط ‏ عبارة يجترحهاه- 


4¥ 


وإنْ كسر رابطة زواج لأفضل على أية حال من زواج معو وزواج 
كاذب! ‏ وهكذا كلمتني امرأة ذات مرة: «صحيح أنني كسرت الرابطة 
الزوجية» لكن قبلها كانت الرابطة الزوجية هي التي كسرتني !» 


المتأججين برغبة الانتقام: ينتقمون من العالم كله لكونهم أصبحوا لا 
پسیرول منفردين . 
لذلك أريد أن يتكلم المستقيمون الصادقون إلى بعضهم هكذا: 


«إننا تحب بعضناء فلنعمل ذا على أن نظل ودودين تجاه بعضنا! ام 


عهذنا محرد زْلَةَ لسان؟1. 


لتمنحونا مهلة وزواجا مصغرا کی نعرف إن كنا قادرين على 
زواج كبير! إنه لأمر غير هيّن أن نكون إثنين دوما معا!». 
بهذا 0 كل اله 0 وإلا فماذا مكر دي 


هذا! 


لسن امن أجل الامعداد غندداء 0 ارتقاء ‏ ذلك هو ما ينبغي أن 
يساعدكم عليه جنان الزيجة يا إخوتي 


=نیتشه من طعلةداعدا). هي «الخيانة الزوجية». أو «الزتا»» لكن لعبة الجناس بين عبارتي 
«عقد» و«عقد». والمقايلة بين الاعقد» من جهة وال#كسر» أوالةاتفراط» الذي تتضمنه عبارة 
nعطecاط‏ من الجهة المقابلة لا يمكن أن تؤديها مقابلة «العقد) بةالخيانة الزوجية» وأقل منها 
«الزنا»» وحرصا على الحفاظ على روح التلاعب اللفظي فضلنا عبارة «انفراط الرابطة 
الزوجية» على عبارة «الخيانة». 


۳۹۸ 


Yo 
الذي انس ال من رد القديمة" ذلك هو الذي‎ 
5 سينتهي إلى البحث عن ينابيع مستقبلية وعن أصول جديدة.‎ 

أي إخوتي» لم يعد بعيدا ذلك الوقت الذي ستبرز فيه شعوب 
جديدة وتخْرٌ ينابيع جديدة في أعماق جديدة. 

ذلك أن الزلزال يهدم الكثير من الآبار ويجعل الكثيرين يهلكون 
عطشا؛ لكنه يستنهض أيضاً طاقات باطنية وينابيع خفيّة يطرحها إلى 
التو 

إن الزلزال يكشف ينابيع حذيدهة. وف الزلزال الذي يهر شعوبا 
قديمة تلنفجر ينابيع جديدة. 

ومن سيصرخ: «أنظر هنا بئر لعطشى كثيرين» وقلب لكثير من 
المشتاقين» وإرادة لآدوات كثيرة!»» ذلك سيجتمع حوله شعب. 
اعني : الكثير من المجرّبين . 

من الذي يستطيع أن يأمرء ومن ينبغي عليه أن يطيع ‏ ذلك هو ما 
يُختبّر هنا! آه. وكم من البحث الطويل والحذس والأخطاء والتعلم 
والمحاولاات المتجددة! 


المجتمع البشري اختبارء هكذا أعلمكم ‏ بحث طويل ؛ لكنه 


)١(‏ لعل المقصود هنا بالأصول القديمة للحكمة هى الفلفة الإغريقية لما قبل سقراط التى 
يعتبرها نيتشه مرحلة راقية في الفكر البشري» وفي الفنَّ أيضاً. كما يعتبر فلسفته عودة إلى 
تلك المنابع القديمة : فلسفة ديونيزية» أو النقيض للفكر ما بعد السقراطي والأفلاطوني . 


۳۹۹ 


اختبار وتجرية أ إخوتى› ول ر«عقر» ۱ لتحطمواء 
لتحطمو مثل هذه العبارة التي تصلح لضعيفي القلوب واتباع التوشط 
والبيّن - بين! 

"5 

أى: كني ابن يكن الخطن الأكير التي هدو كل الف 
البشري؟ ال لدى الصالحين والعادلين؟ 

دي اوناك الد راو و ا 
نعرف ما هو صالح وعادلء وهو كائن فينا؛ فالويل إِذَا للذين ما زالوا 
يبحثون !2" . 

ومهما بلغت مضاز الشرّيرين؛ فإن ضرر أهل الصلاح يظل أكثر 
الأضرار مضدّة! 

ومسا بال مقار الستدرين فك العالك اشا خان رر 
الصالحيين يظل أكثر الأضرار مضرَة! 

أي خر تي هناك واحد قل اسبطاع فی يوم من الایام أن يسير 
عمق سرائر الصالحين والعادلين عندما قال: «هوّلاء هم 
الان لكن لم يفقه قوله أحد. 

وأهل الصلاح والعدل أنفسهم لم يستطيعوا فهمهء ذلك أن عقلهم 
)200 مرة أخرى إشارة إلى «العقد الاجتماعي"' لجسيو 
(0) العبارة ليسوع المسيح؛ أنظر منّى؛ الاصحاح 5١‏ بكامله . 


ددع 


منحيس داخل راحة ضميرهم . إن غياء الصالحين والعادلين ماكر مك 
)1( 


لا يسبر له غور 
لكن هي ذي الحقيقة: إن أهل الصلاح والعدل لا يسعهم إلا أن 
يكونوا فَرَيسيينء ‏ ليس لهم من خيار! 
على أهل الصلاح أن يصلبوا ذلك الذي يبتدع فضيلته الخاصة! 


إنها ! قبقة ! 


أن الغاتيء ذلك الذئ اكتشف رط ار ولب وموطن 
الصالحين والعادلين» فهو ذلك الذي سأل: «على من يحقدون أشد 
الحقد؟» . 


على المبدع يحقدون أشد الحقد. ذلك الذي يحطم ألواحا وقيما 
كنيهة 4 ال ذاه اسوه حرفا 


فأهل الصلاح لا يستطيعون إبداعا: إنهم بداية النهاية دوما: 


0 ور يكت ا نقلايدة "على الو 2 جحديدة» ويضحون 
بالمستقيل م ن أجا ل أنفسهم» - إنهم يصلبو: ن مستقبل الإنسانية بكليته! 


أهل الصلاح ‏ كانوا بداية النهاية دوس" . 


)١(‏ أنظر فصل «العودة إلى الوط“ والهامش رقم ١‏ ص604". 

(۲) في هذا هو الإنسان يقدم نيتشه تفسيرا مفصلا عن نفسيّة الصالحين (وكنا قد استعملنا في 
ترجمتنا للكتاب المذكور عبارة «الخيّرين!ء وقد استعضنا عنها في ترجمة زرادشت بعبارة 
«الصالحين"» أو «آهل الصلاح» التي غالبا ما تأتي أيضاً 017 ب العادلين» أو «أهل 
العدل»): #سأتوقف أولا عند 2 الصالح . كي نقدر قيمة نموذج ما من البشرء 
علينا أن نحدد الثمن الذي يدفعه من أجل البقاء؛ أي أن نتعرّف على شروط وجوده . أن 
شرط الوجود لدى الصالحين هو الكذب: بتعبير آخر الإصرار على عدم الرغبة في رؤية- 


١ 


۷ 


أي إخوتي» هل فهمتم هذه الكلمة أيضا؟ وما قلته ذات يوم عن 
«الإنسان الأخ*؟ 


لى هن يكين الخطر الاك الذي بهد قبل الأسانية؟ الس 
لدى أهل الصلاح والعدل؟ 


لتدمرواء لتدمروا آهل الصلاح والعدل! ‏ أي إخوتي؛ هل تفهمون 
هذه الكلمة أيضا؟ 





-الكيفيّة التي يتشكل عايها الواقع في الآساس؛ أي على ذلك المنحى الذي يجعله 
يستدعي في كل أونة حضور الغرائز الخيّرة: وأقل من ذلك وفقا للمنحى الذي يغدو 
بموجبه في متناول أيدي قصيري النظر وآصحاب النرايا الطيبة. آن يُنظر إلى جميع أنواع 
البؤس كاعتراض وكشيء ينبغي في جميع الأحوال إزالته » فذلك هو عين الحمقء وإذا ما 
حسبنا لها الحساب الأقصى فهي كارثة كبرى من حيث النتاتج المنجزة عنها؛ قدرٌ أعمى 
على درجة من الغباء تعادل حماقة إرادة إزالة الطقس الرديء ‏ رآفة بالفقراء مثلا . 
(...) ومن حسن الحظ أن الحياة ليست متأسسة وفقا لتلك الغرائز التى تجد فيها دابة 
القطيع سعادتها الضيّقة. إن المطالبة بأن يغدو الكل (إنسانا صالحا"؛ دابة قطيعء أزرق 
العينين» خبّر النواياء «روحا جميلة". أو غيرانيّاء كما يتمنى ذلك السيّد هربرت سبنسرء 
فذلك معناه أن يُسلب الوجود عظمة طبعه؛ أي إخصاء الإنسيانية والنزول بها إلى مستو ی 
5م015 (بالفرنسية فى النص) ‏ سخافات يائسة. وقد حصلت تلك المحاولات 
بالفعل!... وذلك بالضبط ما سمي بالأخلاق... وفقا لهذا المعنى يدعو زرادشت 
الصالحين «حثالة البشر» حيناء و«بداية النهاية» حينا آخرء وفى كل الأحوال يعتبرهم 
الصنف الأكثر ضررا من بين البشرء ذلك أنهم يفرضون وجودهم على حساب الحقيقة كما 
على حساب المستقبل . . ٠.‏ (منشورات الجمل .)۲٠٠۳‏ 

)١(‏ ترد هذه الجملة في المخطوطة النهائية المقدمة للطباعة قبل التنقيحات الأخيرة: "أي 
إخوتي» هل فهمتم هذه الكلمة أيضا؟ وما قلته ذات يوم عن (الإنسان الأخير»؟ وأن ذلك 


هو الإنسان الذي لم يعد قادرا على احتقار نفسه»؟ 


¥ 


578 


ع 


تفرون مني؟ أخائفون أنتم؟ أوترتعدون أمام هذه الكلمات؟ 

أي إخوتي» عندما طالبتكم بتحطيم الصالحين وألواح الصالحين» 
عندها فقط أبحرت بالإنسان في بحره الأبعد. 

والآن قط اهمه الذفو الكنين: والالتفات: جر اة و الان الك 
ودُوار البحر الكبير . 

سواحل وهمية وأمانًا كاذبا ظل يعلمكم أهل الصلاح؛ داخل 
أكاذيب الصالحين ولدتم» وفي حضنها كان مخدعكم الآمن. وكل 
شيء مزوّر في العمق ومحرّف من طرف الصالحين. 

لکن الى اكت #الأرض.. - الأنسان» كد اهف رض اسح 
الإنسان» أيضاً. والآن عليكم أن تغدوا لي نوتيين متحفزين» صبورين! 

لتسيزوًا مضي القامة وقى الوقت المتاسيت» التعلموا المشن 
منتصبي القامة يا إخوتي! فالبحر هائج مضطرب؟ والكثيرون يريدون 
الاستناد عليكم كي ينهضوا من جديد. 

البحر يميد مضطربا؛ وكل شيء في البحر. لتنهضوا! إلى الأمام! 
يا من تسكن قلوبكم عزائم الملاحين القدامى! 

أي وطن :اباد ديل .إلى هناك وريه شراعا ت وطن اناا الى 
هناك» وبأعتى من اندفاع البحر الهائج يندفع حنيننا الآكبر هائجا 
مضطربا . 


)١(‏ يحيل مونتي وكولليناري هنا على المزامير؛ الاصحاح /5١‏ 5: «ها أنذا بالإثم ضوّرت 
وبالخطيئة حبلت بي أمّي". 


۳۹ 

«لم هذه القسوة؟ قال الفحم الحجري ذابت مرة مخاطبا حجر 
االجادى :1" المح O N‏ 

لم هذا اللين! هكذا أسالكم أنا يا إخوتي : الج بإخوتي؟ 

لم أنتم لرن مُلاينون وملائمون؟ لم كل هذا النكران والتنكر الذي 
يعمر قلوبكم؟ وهذأ القليل القليل من إرادة المصير في نظرتكم! 

ألا كتريدون أن تكونوا قدراء ومصيرا لا يقهر؟ فكيف يمكنكم أن 
NI‏ 

وإذا ما كانت قسوتكم لا تلتمع وتقطع وتفصل ؛ فكيف يمكنكم أن 

إذ قساةٌ هم المبدعون فعلا. ولتجدوا غبطتكم إذا وأنتم تحكمون 
أيديكم ف الا ف التي :كن لی كانت تعرك شيعا 

غبطة ينبغي أن تخطوا على إرادة آلاف السنين كما النقش على لوح 
فخ او اص من او واا فن السرونو د وحدة السعدن 
الأكثر نبلا يكون شديد الصلابة. 


هذا اللوخ الجديدٌ يا إخوتي أعلقه فوقكم: لتغدوا فاة!. 


)١(‏ عن القسوة كشرط من شروط المبدع يكتب نيتشه في هذا هو الإنسان ‏ ما الذي يجعلني 
أكتب کتبا جيدة؟ فصل «هكذا تكلم زرادشت»؛ الفقرة ۸: «إيه يا معشر البشرء فى الحجر 
ر ر الصووا ا والآن کی ذى فر تعبرت يسن عار دار 
سجنه» ومن الحجارة تتطاير الشظايا ترابا: ما الذي يهمنى فى ذلك! (.. .) إن حدة 
المطرقة ورغبة التدمير ذاتها تعد شروضا أوليّة لا غنى عنها بالنسبة للمهمة الديونيزية . وإنَّ 
الأمر القائل : «كونوا قساة أشذاء4؛ والقناعة الأساسية بأن كل المبدعين قساة لهى العلامة 
المميّزة لجبلة ديونيزية. -1. / 


۳٠ 

أنت با رادا چا مرج كل قاف ويا رور تی | لجر سی من 
كل انتصار حمير! 

أنت يا قدر روحى الذي أسميه مصيرا! أنت الذي فى داخلى! 

لصوتي غظعتك: الآ رة يا إرادتئ :لهدقك- اا فی٤‏ د كن تخو 
في انتضارك اة ا نا اه من ذا الذئ ل بعل وة 
اشا 

ا أي عين لم تتعتم في ذلك الغروب الثمل! أ 5 قدم لم 
تترنح وتنسى في الانتصار - قدرتها على الوقوف من جديد! - 

- ليكنْ لي أن أغدو في يوم ما جاهزا وناضجا في الظهيرة 
ورعود» وضرعا ممتلئا : 

- جاهزا لنفسي ولإرادتي الأكثر خفاء: قوسا متوهجا بالحنين إلى 
سهمه» سهما متوهجا بالحنين إلى نجمه: 
الشمس التو تحرقه وسسيده : 

اھا وإرادة شمس إن تنثني ١‏ مستعدة للهلاك في الانتصارا 

كما الإرادة» يامنعرج كل فاقة. أنت يا ضرورتى! لتحفظينى 
لانتصار عظيم! - 


الناقه“ 


ذات صباحء وبعد عودته إلى مغارته بقليل قفز زرادشت من 
كما لو أن أحدا ما يزال مضطجعا فى مرقده لا يريد النهرض؛ وكان 
صوته يدوي ملعلعا مما جعل كلا حيوانيه يهرعان إليه مذعورين» ومن 


)١(‏ هناك نصان جمعهما نيتشه في هذا الفصل الموحد (كما يلاحظ مونتي وكولليناري): 
النص الأول يتكون من الفقرة ١‏ كلها والجملة الأولى من الفقرة ؟. وهى شذرة من 
المسودات جاءت تحت عنوان «المؤامرة الكبرى». وقد كان من المفترض أن يُختتم بها 
الكتاب الثالث من «هكذا تكلم زرادشت". وفي المخطوطة الأولى يرد أيضا: «مرات 
عديدة كنت موجوداء ومرات عديدة سأكون: بين الموت والداية الجديدة تمتد دورة 
الوجود المغرورة. - كل شيء يمضي ويفنى - كل شيء يعود ‏ وهذا المضي والفناء يعود 
هو أيضاً من جديد . هذا الآن كان هنا فى ما مضى ‏ مرات لا تحصى كان هنا. ‏ هذا المبدأ 
لم عمتجي يلاي قلا اتاذاكا رن تاقلح عريدا زا عتمم رمن ,اكرات دده لا يحمي ون 
المرات علّمه زرادشت». لكنه سبق لنا أن التقينا بهذا العود الأبدي في كلام الجامعة 
سليمان بن داود؛ سقر الجامعة؛ الاصحاح الأول/ 1١ - ١‏ (انظر الهامش ۲۲۷ أدناه): 
ونيتشه يعرف ذلك بطبيعة الحال. لكن الفارق الهام بين كلام الجامعة وهذا الإثبات 
النيتشوي لمبدأ العود الأبدي يتمثل في أن الأول يأتي في شكل تبرم يفضي إلى اعتبار الكل 
باطل وقبض الريح ؛الانتهاء إلى رؤية عدمية ‏ » بينما يرد الثاني في هيأة إثبات واستجابة 
إثانية Bejahung‏ . 


كل المغارات المحاذية لمغارته انطلقت كل البهائم فزعة» طائرة» 
مرفرفة» زاحفة» قافزة بكل ما كانت تسمح لها قوائمها وأجنحتها من 
قدرة. لكن زرادشت تكلم بهذه الكلمات: 

اصعدي أيتها الفكرة السحيقة من أعماقي! إنني صياح ديكك 
وفجرك الطالع » أيتها الدودة النائمة: انهضي! انهضي! وليقظ صوتي 
مضجعك» صياح ديك يوقظك من نومك ! 

أزيحي ادات عيق أذنيك : استمعي! لاني أريد أن أسمع 
صوتك! انهضي! انهضي! إن هنا ما يكفي من الرعود لكي تتعلم حتى 
ال 

لتفركي عينيك وتزيحي عنهما النعاس وكل تبلّد وعماء! لتسمعيني 
بعينيك أيضا: إن صوتي لدواء حتى للعٌميان من الولادة”'' . 

وإذا ما استيقظتٍ فمستيقطة دوما أريد أن أراك. إذ ليس من طبعي 
أن أوقظ جڌات الجدّات من نومهن كي أقول لهِنّ: واصلي و 

تتحركين؟ تمطين أعضاءك وتخمخمين؟ انهضي! انهضي! بلا 
عسشية إن رتك أن كالم ١‏ إن و رادت عاد ولك زو ادشيت 
الكافر! ٠‏ 


)١(‏ إحالة على كرامات يسوع المسيح الذي يجعل العميان من الولادة يبصرون. 

(؟) إحالة ضمنية ساخرة على استحضار روح «إيردا» (إلهة من الميثولوجيا الجرمانية) في أوبرا 
«زيغفريد» لريتشارد فاغنر. أنظر كتاب «قضيّة فاغنر»؛ الفقرة 4 : «لنأخذ مثالا أن فاغنر 
يحتاج ضرورة إلى صوت أنثوي. ذلك أن فصلا بكامله من دون صوت أنتوي ‏ فذلك ما 
لا يستقيم! لكن «البطلات» جميعهنّ مشغولات في هذه الآونة . ما الذي يفعله فاغنر إِذَّا؟ 
إنه يوقظ أقدم أنثى في العالم - إيردا: «إنهضي أيتها الجدة العجوز!» «يجب أن تغتي !» 
وتغنى إيردا. وإذا فاغنر قد حمق بغيته . ومباشرة بعدها يقصى السيدة العجوز مجذدا. «ما 
الذي جاء بك بالنهاية؟ تنخى! لتعودي إلى نومك أرجوك!». 


¥ 


أنا»ء زرادشت المنافح عن الحياةء المنافح عن الالمء المنافح عن 
الدورة الأبدية - آناديك أنت يا فكرتي السحيقة! 

يا لسعادي! ها أنت قادمة - إنني أسمعك! عمقي السحيق يتكلم 

باالسعادتي! تاوليتي يدك ناها! دع ذلك هاها! اقرف 


SE 
! قرف » قرف - _ - يالشقاتي‎ 


۲ 


وما إن فرغ زرادشت من هذا الكلام حتى تهاوى مجددا مثل 
الميت» وكالميّت ظل طويلا بلا حراك. لكنه بعد أن عاد إلى وعيه 
كان شاحبا مرتعداء ولمدة من الزمن ظل ممددا عازفا عن الأكل 
والشراب. لسبعة أيام ظل على تلك الحالة؛ وكان حيواناه لا يغادرانه 
ليلا نهاراء عدا النسر الذي كان يطير بين الحين والآخر بحثا عن 
طعام. وکل ما كان يختطفه ويجلبه كان يضعه على فراش زرادشت. 
تح قفالا جير عدوا :تحت كم هال هن العرت: الأصفر 
والأحمر والعنب وتفاح وردي وأعشاب زكية الرائحة وثمار صنوبر. 
وإلى قدميه كان ينطرح خروفان قد اختطفهما النسر بعد عناء من راعي 
القطيع . 

أخيرا» وبعد سبعة أيام انتصب زرادشت جالسا فوق مخدعه 
وتناول تفاحة وردية قربها من أنفه فوجد رائحتها ذكية. عندها ظن 
حيواناه أن الوقت قد حان للتحدث إليه. 

«أي زرادشت ها أنك منذ سبعة أيام مستلق بجفنين ثقيلين؛ ألا 
تريد أن تنهض أخيرا وتقف على قدميك؟ ۰ 


°۸ 


أخرج من مغارتك؛ إن العالم ينتظرك مثل . حئان. الريح تلعب 
e‏ زكية نة تريدك كلها أن تاق إليك وكل الجداول تريد أن 

كل الأشياء يهزها الشوق إليك» لأنك منذ سبعة أيام وحيدا 
تجلس ؛ لتخرح من مغارتك! إن لأسا يها توه أن تكون طبييا 
لك ! 

هل هناك حقيقة جديدة حامضة وثقيلة قد جاءت إليك؟ مثل عجين 
مختمر كنت تستلقي هنا اال قائضة على حوافها من 
جميء الجهات. -) 

- أي حيواني» قال زرادشت» استمرا في ثرثرتكما ودعاني أستمع! 
إن ذلك يلعشني ؟ فحيثما تكون هناك ثرثرة يكون العالم منبسطا أمامي 

مار اعات ذلك أن تكون هناك لمات و اراتا الست الكلدات 
والأصوات أقواس قزح وجسورا وهمية بين كائنات منفصلة إلى الأبد؟ 

لكل نفس عالمها المختلف؛ ولكل نفس تكون كل نفس أخرى 
عالما ماوراثيا. 

وبين أكثر المتكابيات تكتابها دالذات». تكون المظاعر أكتر حداعاء 

وبالنسبة لي - كيف يمكن أن يكون هناك خارجَ - عئى؟ ليس هناك 
أن ننسى! 

ألم تُمنح الأشياء أسماء وَآضواتا من أجل أن يحد الإنسان راحته 


4 


في الأشياء؟ حمقٌ جميل لَهُو الكلام؛ بواسطته يرقص الإنسان فوق 
الأشياء كلها. 

كم لذيذ هو كل كلام وكل أكاذيب الآصوات! بأصوات منعّمة 
ترقص نفسنا فوق أقواس قرح زاهية الألوان. - 

- «أي زرادشت» قال حيواناه تعقيبا على كلامه» إن الأشياء نفسها 
ھی ال ترقضن بالنسية لمن يفكن مدا تأتي وقد ادها ها 
البعض وتضحك وتفر - وتعود. 

كل کت ضی٠‏ كل شوم تخرد هة أبدية: تدوز اة 
الوجود. کل شي ءَ يموٽ › وكل شيء يينع من جديد؟ بصفة أبدية 
تمضى الدورة السنوية للوجود. 

كل شىء ينكسرء وکل شيء يلتئم من جديد؛ بصفة أبدية يظل 
بحت بيك الوجود. كل شيء ينفصل ٠.‏ وكل شيء يلتقي من جديد؟ 
بصفة أبدية تظل دورة الوجود وفيّة الذاتها" . 

في كل لحظة يبدأ الوجود؛ حول كل هنا تدور الكرة هناك. في 
كل مكان هو المركز. منعرجة هي طريق الأبدية». 


E RINE‏ العرة :1 الجازيتما: زا دلاضمة وف 


)١(‏ كل هذه الفقرة التي تتكلم عن العود الأبدي هي استنساخ يكاد يكون حرفا للإصحاح 
الأول بكامله من كلام الجامعة» سليمان ابن داود. أنظر مثلاد _ 1 : (دور يمضى ودور 
يجي ء والأرض قائمة إلى الأبده والشمس تشرق والشمس تغرب وتسرع إلى مر ضعها 
حيث تشرق. الريح تذهب الخ الجئرب وندور إلى الخجال: تذهت دائرة دورأنا وإلى 
مداراتها ترجع الريح؟. ١‏ ثم ٠١-۹‏ : «ما كان فهو ما يكون والذي صنع فهو الذي يصنع 
فایس تحت الشمس جديد. إن جد شيء يقال عنه أنظر هذا جديد؛ فهو منذ زمان كان 
فى الدهور التى كانت قبلنا». 


1° 


يضحك من جديدء إنكما تعلمان جيدا بما كان ينبغي أن يُنِجَرْ خلال 


- وكيف اندس ذلك الوحش الفظي فرج مطل وکا خف 0م 
لکت عمسي غل راه ولقظته دا حت 


وأنقماة .ها قن جعلتما س :تلك الواقعة لازمة تلوكانها؟ لكن ها 
أناأسقلقى "الا هنا ا تنا هما عضت وما لطت شر ا 
لم أشف بعد من مما فعلت لأجل خلاصي” . 

وقد شاهدتما ذلك كله؟ أىْ حيوانيّ» أفظيعان أنتما أيضا؟ أكنتما 
تريدان التفرج على آلامي كما يفعل الآدميون؟ إن الإنسان حمقا لأشد 

فی ”مسر اتخات الماسن .وفى نضارغة الثيران وأعمال الصلت كان 


يجد دوما أكثر ما يغمره سعادة على وجه الأرض؛ وعندما اخترع 
الجحيمء كان ذلك هو جتته على الارض. 


)غ2 قارن مع ما ورد في فصل الرؤية واللغرا (الراعي الذي اندس في حلقه ثعبان) 

(۲( في شذرات المسودات هناك صياغتان أخريان مختلفتان قد تم تكثيفهما هنا في هذا المقطع 

القصير وهما: (أ): «أي حيوانئ: أجابهما زرادشت ضاحكا من جديد؛ عن أية سعادة 
أخيرة تحدثاننى هنا؟ لكتها اال بعيدة» بعيدة عن روحى الخرقاء./ مرض عذب 
بي به اة ما يرال جم فوقى :/ جنا حرقاء هى سعاذة التاق وکوا اشرق 
[تغني] تتكلم: صغيرة غرّة ما تزال. ياحيوانيَ. فلتكونا صورين معي لمدة من الزمن! 
هكذا تكلم زرادشت. 
(ب) مرض عذب أخرق إسمه نقاهة ما يزال يجثم فوقي. ربيع جديد يسري في كل 
أغصاني + إنني أسمع صوت ريح الجنوب . خجل جديد يرزح بثقله علي : إلى لحاف من 
أوراق داكنة جديدة يهفو خجل سعادتي الجديدة. أي حيراني؛ هل آنا أتكلم كلاما 
أخرق؟/ صغير غرّ ما يزال ربيعي الجديد : كلاما أخرق يجب أن تتكلم كل نقاهة جديدة 
حديثة الولادة. أي حيوانيّ ‏ لتكونا صبورين معي!/ هكذا تكلم زرادشت. 


1١ 


وعندما يصرح الرجل العظيم» بسرعة يطير إليه الصغير ولسانه 
يتدلى من شدقيه من شدة التلهف على المشهد. لكنه يسمى ذلك 


الشفقة) . 

الإنسان الحقير» والشاعر على وجه الخصوص - ى حماس ينطق 
باتهام الحياة ! استمعوا إليه لكن لا تفوتتكم 0 يه الى شي ينا 
كل اتهاماته. 


هؤلاء الذين يتهمون الحياة تتجاوزهم الحياة ونستهزئ: بهم بعمزة 
عين. «أنت تحبنى؟ تقول الجسورةء انتظر قليلاء فليس لدىّ وقت 
لك الآن». 

إن لاان أفظع الحيوانات مع نفسه؛ ولدى كل أولئك الذين 
يدعون «مخطئين» و«حاملى الصلبان» و«التائبين»» لتنتبهوا كى لا 
تفوتكم الشهوانية التي تسكن شكواهم واتهاماتهم! 

اما آنا اريك أن أكوة هذا سیا للانشان؟ آميااسواتة .عد اهو 
كل عا تعلمت "إلى «حد الآن» وهو أن الإتسان بحاجة إلى الأسوا من 
أجل خيره الأكبر. 


- وأن الشرَ الآكبر هو طاقته الكبرى » والحجر الأكثر صلابه بالنسية 
اس ا وأنة على الإضاق أن بدو أفضل + وأكثر a‏ 


شزیر ا أحد البتة: 

«أواى لكم هو صغير سره الأعظم! 5 لكم هر صغير حبره 
الأعظم!». 
)١(‏ قارن مع الفقرة ۲۹١‏ من ما ورء الخير والشر. 


1 


إن القرف الكبير من الإنسان هو الذى كان يخنقنى ويتكور فى 

حلقي؛ ونبوءة العرّاف الصائبة إذ رأت”*©: «كل شيء سواءء لا شيء 

جدير بالعناية» وإِنْ المعرفة تخنق نا 

سكرا هو الذي كان يتكلم بفم متثائب : 
(عَودًا ايديا يغود الأشان الذى سكفيه» الإنسان الخقيرة:. هكذا 
مغارة تحوّلت أرض الإنسان بالنسبة لى» صدرها قد ترهل 

وتجوّف » وقذارة غدا في عيني كل كائن حي ۰ وعظاما وماض متعفنا. 
جاثية فوق القبور البشرية كانت زفراتى» لا تست تستطيع الوقوف؛ 

زفراتي وسؤالي نعو وتخنقنو ورود نعضمني ولا د تكف عن التذمر ليلا 

نهارا : 

(:) هنا أيضاً شيء من الغموض المقصود يتعمده نيتشه في استعمال عبارتين متجانستين في هذه 
الصيغة : was der Wahrsager waha‏ وتعنى (ما تنبأ به المتنبئ»» أو «ما رآی الراثى» 
وإذا ما أردنا ترجمة حرفية : «ماقال الرائى عن حق». أو «عن صواب». وقد قادت بعض 
الترجمات الفرنسية الخاطتئة. أو غير الدقيقة» من نوع : ‘celle parole du prophote»‏ 
(كما لو أن azi‏ قال: («was der Wahrsager sagte»‏ المترجم العربي إلى التغافل عن 
هذه الفارقة الهامة في العبارة والتي تدل على أن نيتشه أثناء اختناقه قرفاً كان هو أيضاً على 
رأي العراف» ولذلك فهو لم يكن مشمئزا من نبوءة العراف فقط » بل من اعتقاده هو أيضاً 
فى فحوى تلك النبوءة. ذلك ما تفشيه كلمة 1835150860 إيماء وتلميحا. » وستأتى الجمل 
اللاحقة لتثبت ذلك : «عَودًا أبديا يعود الإنسان الذي ستمته؛ الإنسان الحقير». وا أسقاف 
عوداً أبديا يعود الإنسان! عرداً أبديا يعود الإنسان الحقير!» وكذلك الجمل الأخرى التى 
ليها 

)١(‏ أنظر «الجامعة» ‏ الاصحاح ١97 /١‏ 1۸: «ووججهت قلبي بمعرفة الحكمة ولمعرفة 


الحماقة والجهل؛: فعرفت أن هذا قبض الريح . لأنْ في كثرة الحكمة كثرةٌ الغمّ والذي يزيد 
علما يزيد حرنًا) . 


5 وا اة زا أنذيا يعود الإنسان! عوداً أبديا يعود الإنسان 
الحقير !2 . 

عاريئِن كليهما رأيت ذات مرة أحقرٌ الناس وأعظمّهم : متشابهين 
جدا وجدتهما؛ مفرط فى الإنسانية أعظمهم أيضا! 

صغير جدا هو أعظمهم! د ذلك كان علة شرفي من الإنسان! عود 
أبدي للإنسان الحقير أيضا! ‏ لقد كان ذلك مصدر قرفي من الوجود 


5 


آه. قرف! قرف! قرف! ‏ هكذا تكلم زرادشت وهو يتنهد ويرتعد؛ 
إذ عاودته عندها ذكرى مرضه. لک حيوانيه منعاه من مواصلة الكلام . 

«كفاك كلاما أيها الناقهُ! هكذا خاطبه حيواناه» ‏ بل لتخرج إلى 
حيث العالم في انتظارك مثل جنان. 

أخرج إلى الورود والنحل وأسراب الحمام! وإلى الطيور المغنية 
خاصة؛ ‏ كي تتعلم منها الغناء! 

إن الغناء ملائم للناقه؛ أما المعافى فيحبّ الكلام. وإذا ما أراد 
المعافى أناشيد» فإنه يريد أناشيد أخرى غير تلك التى للناقه». 

«أيها المهرجان العابثان ويا طاحونة الكلام! لتخرسا! ‏ هكذا 
أجابهما زرادشت وهو يضحك من حيوانيه. ما أدراكما بما ابتكرت 
لنفسي من العزاء خلال سبعة أيام! 

أن يفي عا أن اع ذلك العزاة قد اعكر نه ا وده 
النقاهة ؛ أتريدون أن تجعلوا منها هى أيضاً أغنية تلوكونها؟ 

_ «كفاك كلاماء أجابه حيواناه؟ بل إنه من الافضل أ تصنع لك 
قيثارة أيها الناقه + قيثارة جديدة! 


ألا ترى يا زرادشت» أنك بحاجة لقيثارات جديدة من أجل أغانيك 
الجديدة ! 

لتغنّ ولتهدز يا زرادشت» ولتشف روحك بأغان جديدة؛ کي 
تستطيع أن تحمل قدرك العظيم الذي لم يسبق أن كان قدرا ان 
حتى الان! 

5 عنمو انكف ضر ان کو مق ينا روا ی 
تصير؛ أنظرء إنك معلم العَؤد الأبدي ‏ ذلك هو A‏ 

وأن تكون أول من سيكون عليه أن يكرز بهذا التعليم» فكيف 
يمكن لهذا القدر أن لا يكون خطرك الأعظم وداءك الأكبر إذا! 

أنظرء إننا نعرف ما الذي تعلمه: أن الأشياء جميعا فى عود أبدي 
ونحن معهاء وأننا كنا لمرات عديدة هناء وكل الآشياء 6 

إنك تعلّم بأن هناك سَّنة عظمى للصيرورة» سَنة فظيعة العظمة؛ 
شيء لا بد له» كما الساعة الرمليةء أن يظل على الدوام ينقلب 
ولج مدنا قرم معط نيرمت قل مونو مر ا DE‏ 

بما يجعل كل هذه السنين متشابهة بما فيها من عظيم ومن حقير» - 
بما يجعلنا نحن أيضاً في كل من هذه السنوات العظمى متشابهين مع 
أنفسناء في كل عظيم وحقير. 

BG‏ ارخف أن كقموك: الآن ناز E‏ مرت افيا انا 
يمكن أن تتكلم إلى نفسك عندها: لكننا نحن حيواناك نرجوك أن لا 
تموت الآن! 

سيمكنك أن تتكلم دون أن ترتعش» ذا مواقم فی وفيت 
غبطة؛ ذلك أن عبئا واختناقا سيكون قد رفع عنك أيها الصبور الذي 
لا يضاهى صبرا! - 


10 


سأكون لاشيء. فالأرواح فانية كما هي الأجساد. 

لكن شبكة العلل التى أرتبط بها تعود مجدداء وهى التى ستبعثنى 
إلى الوجود من جديد! فأنا نفسى جزء من علل العَؤد الأبدي. 

ساعود مع هذه الشمس› مع هذه الأرض» مع هذا النسين واشع هذه 
الحبّة - ليس لحياة جديدة أو حياة أفضل أو حياة مشابهة : 

- عوذا أبديا أظل أعود إلى هذه الحياة نفسها وذاتها بما فيها من 
عظيم ومن حقير ١‏ كن أعلم العود الأبدي للأشياء كلها من جدليكد » 5 


فى انلو كلو ليقن الأرقية E‏ ييه وان امقر 


الأنسات: ان 


كا" 

لقد قلت كلمتي» والآن أتحطم بكلمتي : ذلك هو قدري الأبدي . 
مبشّرا أمضي إلى حتفي ! 

لقد حانت الساعة الآن كي يبارك المنحدرٌ إلى حتفه نفسّه. هكذا - 
يتم انحدار زرادشت نحو الأفول». - 

ولما فرغت البهيمتان من هذا الكلام صمتتا وظلتا تنتظران أن يقول 
زرادشت لهما شيئا. لكن زرادشت لم يدرك أنهما قد صمتتا. بل إنه 
ظل مستلقياً ساكناً بعينين مغمضتين» وهو أشبه بالنائم وما هو بنائم؛ 
ذلك أنه كان يتحاور مع روحه. لكن النسر والحية وهما يرّيانه على 
مثل هذا السكون. قدرا ذلك الصمت الكبير من حوله وانصرفا بهدوء. 


415 


عن الشوق الأعظم“ 


لقد علمتك يا تا أن تقولى «اليوم» كقولك «من قبل“ و«فى 
ما مضى»ء وأن تمضي راقصة في ماوراء الهنا وهناك وهنالك . 


لقد خلصتك يا نفسي من كل ثنّْي وكنست عنك الغبار والعنكيوت 


لقد جلؤت عنك الخجل الحقير يا نفسى والفضائل المشبوهة 
وأقنعتك بأن تقفي عارية أمام عين الشمس. بإعصار إسمه «عقل» 
نفختُ فوق بحرك المتموّج» وكل السحب الداكنة قد كنستٌ عن 
صفحته وخنقت الخانقة نفسهاء تلك التى تدعى «اخطيئة؛ . 


)١(‏ العنوان الأولى فى المخطوطة الأولى كان: "أريان». ويضيف مونتى وكولليناري هنا بأن 
فصل «الأختام السبعة» كان يحمل بدء عنوان «ديونيزوس». وعن أريان كصورة تجسّد 
روح زرادشت. يحيل م. وك. على الشذرة ]١[ ١”‏ من كنشات صائفة ۱۸۸۳ : 
«ديونيزوس ممتعليا نمرا؛ فوق جمجمة عنز؛ فهد. أريان حالمة: «مهجورة من البطل 
أحلم بالبطل الأعلى». أما عن ديونيزوس فلا تحدّث!» 2‏ أنظر أيضا الجملة الأخيرة من 
فصل «ذوي المقام الرفيع/ عن أصحاب السموً» ‏ الكتاب الثاني من هكذا تكلم زرادشت: 
«إذ هذا هو سر الروح؛ فقط عندما يكون قد هجرها البطل» يقترب منها في الحلم - طيف 
اليل الأعلى» . 

(؟) «أيا نفسي!»» قارن مع الصيغة التي ترد آحيانا في المزاميرء المزمور 59١/٠١“‏ على 
سبيل المثال: «باركي يا نفسي الرسّ. ...ع باركي يانفسي الربّ ولا تنسي كل حسناته. 


لا 


حقًا أمنحك يا نفسي في أن تقولي «لا» مثل إعصار و«نعم» مثل 
مما “ضافية* اكه :مكل الور تقفيق .الاد وتمقي غير أعاصيرز نافية: 

لقد أعدت إليك يا نفسي حرية سلطانك على كل ما خلق وما لم 
يُخلق؛ ومن ذا الذي مثلك يعرف تلك الرغبة الشبقيّة فى كل ما هو 
5 تق 0 

لقد علمتك يا نفسى احتقارا لا من ذلك الذي يتكوّن كنخر 
السوس» بل الاحتقار العظيم المحجب الذي لا يحب أكثر مما يفعل 

لقد علمتك يا نفسي فنّ الإقناع بما يجعل الأسس والأعماق نفسها 
أعاليها . 

لقد رفعت عنك يا نفسي ركوع الطاعة ولفظ سيّدي؛ ومنحتك أنت 
إسم المنعرج الضرورة» و«القدر». 

لقد منحتك يا نفسى أسماء جديدة ولعبا ملؤنة؛ سمّيتك «قدرا) 
و«دائرة الدوائر» واحبل سرة الزمن» و«جرسا لازورديًا». 
الجديدة وکل ما لا يتصور من خمور الحكمة المعتقة القوية . 

لقد سكبت عليك يا نفسي كل شمس وكل ليل وكل صمت وكل 
شوق؛ - وهكذا ترعرعتٍ لي مثل كزمة. 

فمل كوك ونل ها فين الآن هنا كرمة بادا مك 

- غاضّة مضغوطة بسعادتك» منتظرة بزخمك وخجولة في الآن 


E1۸ 


أي نفسي» ما من نفس هناك بإمكانها أن تكون الآن أكثر حبا 
وأكثر تقبّلا وأكثر رحابة! وأين يمكن أن يكون المستقبل والماضي أكثر 
قربا واقترانا كما لديك أنت؟ 

لقد وهبتك كل شىء يا نفسى»ء ويداي قد أفرغتهما فى العطاء: 
والآن! الآن تقولين يي وك كابة: «من منا 1 عليه أن 
STEEN‏ 

د الي على الواهي: أذ بكرن شكورا لن اليل كن تسلم مق 
يده؟ أليس العطاء ضربا من الحاجة؟ أليس الأخذ رحمة؟» ‏ 

إلى أفهم ابتستامة كابتك ٠يا‏ انفش ؟ ففيض ثرائك هو الذي يمد 
يديه المفعمتين رغبة! 

زخم ثرائك يرسل نطره في ما وراء البحار الهادرة» يبحث وينتظر ؛ 
إن رغبة فائتض وفرتك تتوهح في سماء عينك الباسمة . 

حفا أقول: لت با نی | من ميري اساك دون أن يلوي .شيل 
من الدموع؟ إن الملائكة نفسها لتذوب سيلا من الدموع لمرأى فيض 
الطيبة التي في ابتسامتك . 

طيبتك وسخاؤك المفرط هي التي لا تريد أن تبكى. وتشتكي: ومع 
ذلك فإن ابتسامتك تحن إلى دموع يا تفي وفماك المزتعش إلى 
رر 

«أوليس کل بکاء شكوى؟ وکل شكوى شكاية؟» هكذا تتحدثين 
إلى نفسكء. ولذلك تفضلين الابتسام على أن تنثري أوجاعك يا 
نفسي . 

- أن تنثري في دفق من الدموع أوجاع فيضك وأوجاع الكرمة 
يهصرها الشوق إلى الكرّام ومقص الكرام! 


4 


لكن» إن كنت لا تريدين البكاء ولا آن رقي في الذفوع كابتك 
القرمزية»ء فسيكون عليك أن تغتي إذاء يا نفسي! ‏ أنظريء» ها أنني 
دوزي تسب أنا الذي أنؤك مسقا ما يلى: 

- أن تغنى بأناشيد هادرة حتى تغدو كل البحار ساكنة كى تصغى 
إلى رغبتك. ‏ 

- وحتى يطفو الزورق الذهبي على سطح البحر الساكنء رائعة 
الروائع التي تتراقص حول هالته الذهبية وتنط كل الأشياء الحسنة 
والسيتة والرائعة معا : 

- وكذلك الكثير من الحيوانات الصغيرة والكبيرة وكل ما له قوائم 
حفيفة وبديعة كي يستطيع الركض فوق دروب بنفسجية» - 

جميعا نحو الرائعة الذهبية» بحو الرورق المتقدم طوعًا و نحو 
سندة : لکن ذاك هو الكرّام الذي ينتظر ونيدهة المقص الاس 5 
مكو على أغاني المستقيل أن تكون أول من سيمنحه إسما! والحق 


وا م 


أَقَوْل للقي :إن فاشك الي الان رأة أغان اة 

ها أنت تتحرّقين الآن وتحلمينء ها أنت تكرعين بلهفة من ينابيع 
السلوان الصاخبة» وها كابتك تركن إلى السكون داخل غبطة الأغاني 
ا 

أي نفسى» ها قد وهبتك كل شىء وآخر ما أملك أيضاً ويداي قد 
أفرغتهما فى العطاء: وعندما دعوتك إلى الغناء كان ذلك هو آخر ما 
أملك ! 


1 


والأتكن طلسح«مدلك :أن بتفني»« للتكتين الآنع: ولعولق + من هذا 
الى بقن غليه الآن د انك دريل أفضل تمن لك وا ليحن 
لى + لتقن ونا ى ود آنا الد أشكر ٠‏ 

هكذا تكلم زرادشت. 


نشيد آخر للرقص'"' 


١ 
«قبل قليل نظرت في عينك أيتها الحياة» وماذا رأيت؟ ذهبا يبرق‎ 
في دجى عينك رأيت» وإذا قليي يتوقف عن النبض آمام هذه الشهوة‎ 


- زورقًا ذهبيا يلتمع فوق مياه الليل الداكنة رأيت» زورقا ذهبي””) 


متأرجحا ينغمس» يمتلئ ثم يطفو ملوحا من جديد! 


- بعين راقصة ضاحكة مسائلة ليّنة نظرت إلى قدمىء أنا المحموم 
بالرقص : 


مستعرة يحمى الرقص . قدماي متحمزان وأصابع رجلي مشرئبة مصغية 
تحاول أن تفهمك؛ ‏ ترى أتكون أذنا الراقص في أصابع قدميه؟ 


)١(‏ العنوان الأولى: 7ص vita‏ - أنثى هى الحياة . بعدها ترد هذه الجماة : «أحتقر الحياة 
كاقل نا بكر ة لار اجب إا أكر عو اي ية الا تاقفن ي داه 

(۲) لقد سبق لنا آن اعترضنا صورة القارب الذهبي في فصلي «عن الآلواح القديمة والآلواح 
الجديدة» و«الرغية العظمى». كما ورد ذكر خصال الذهب فى فصل «الفضيلة الواهبة. 
وفي ادر 261(18) من كتكنات ربيع 1844 يكنب حه عن رمق اللعت لدی ززااقيت 
هذه الجملة المقتضية : ابالنسبة لزرادشت: «الذهبي» كدرجة أرقى». 


Y۲ 


وقفزث نحوكء لكنك ارتدذتٍ مولية أمام قفزتي» مرسلة من 
شعرك المتطاير الهارب لسانا ملوّحا باتجاهي . 

بقفزة ابتعدت عنك وعن ثعابينك؛ لكنك كنت واقفة هناك ملتفتة 
بنصفك وعينك تنضح رغبة . 

نظراتك المواربة علمتني دروبا ملتوية؛ وفوق دروب ملتوية تعلمت 
قدمي حيّلا شتى! 

أخافك في القرب» أحبك في البعد؛ فرارك يجذبني وسعيك 
يجمّدني: أتعذبء لكن أي عذاب لا أذوق طوعا من أجلك! 

زيل لاسي رودن لا شر E‏ در 
المشاعر : 

.من ترى لم يحقد عليك أيتها المقيّدة الكبرئ»: الحاضنة» 
الغاوية» الباحثةء الواجدة! 

ون ترف م ات٤‏ انت البريئة» القلقة» المنفلتة كالريح» 
الآثمة بعين طفل بريء! 

إلى أين تجرينني الآن أيتها البديعة الخارقة المارقة؟ والآن ها أنت 
تفرّين مني مجددا؛ ‏ أيها الطائر المتوحش والمتنكر للجميل! 

ألاحقك راقصاء أتبعك متقفيا أقل أثر. أين أنت؟ مدي لي يدك. 
أو إصبعا فقط . ظ 


هنا مغاور وأدغال ؛ سيبتلعني التيه ! قفي ! لا تتح ر کي ! ألا رين 


أيتها البومة! أيها الخفاش! أتريدين أن تسخري منى؟ أين نحن؟ 


YT 


ل يه خورف وود كاد باعتاناق: e aA EEA‏ 
الخبيثتان تقفزان باتجاهى من تحت لبدتاك الصغيرة الجعداء! 

إنها رقصة فوق الجبال والوهاد: آنا الصيّاد» فهل تريدين أن تكوني 
كلب آم الط 

لى هنا الآن؛. إلى جانبي! وبسرعة أيتها القافزة الشريرة! اقفزي 

إلى افتوق الأو اتی !ب الول !نهنا أشي نذا اذى انه فى 
ر فصتي . 

آه» أنظري كيف أنني أستلقي طريحا أيتها المغرورة» أتوسل 
رحمتك! وإنني لأفضل الآن أن أسلك معك دروبا ألطف وأرق. 

قرب ال :عياض ناكبة دة الالوان! ”أو هناك على شاط 
البحيرة: هناك تسبح وترقص أسماك ذهبية! 

أ هالة ها توعد ان وق ل المنن 
جميلا أن ينام المرء حيث تصدح شبّابات الرعاة؟ 

أنت متعبة جدا؟ سأحملك إلى هناك دعي فقط ذراعيك تتدليان! 
ظمآنة أنت؟ إِنْ لدي ی فاا ییک أن أقدعه له لکن هت لا يان 
فى هذا الشراب! - 

- يا لهذه الحيّة السريعة اللدنة اللعينة» الساحرة الشريرة التي تنزلق 
من .نين الأضابع ! إلى أبن :مضيت؟ لكش أحس بآترين ليدذك على 
وجهي وبقعتين حمراوين! 

لقد مللت حقا أن أظل على الدوام راعيك الليّن الوديع! لقد غيت 
لك كثيرا إلى حد اللحظة أيتها الساحرة الشريرة» والآن سيكون عليك 


د أن ترک | 


على إيقاع السوط سيكون عليك أن ترقصي الآن وتصرخي! أم 
ترات قد یت الوط ج کا 


۲ 
عندها أجابتني الحياة وهي تحكم يديها على آذنيها اللطيفتين : 
«أي زرادشت! لا تضفق بسوطك بهذا الدوي الفظيع! إنك تعلم 


بالتأكيد أن الضجيج يقتل الأفكار”''؛ وها أن أفكارا رقيقة تحل بذهني 
الآن 


الاو و والكوريق :ولا بالشرير ان ی اورا الجر 
والشر قد وجدنا جزيرتنا ومرْجَنا الأخضرّ ‏ نحن الإثنان ولا أحد 
غيرنا! لذلك ينبغي علينا أن نكون ودودين مع بعضنا. 

وإذا ما كنا لا نحب بعضنا حبا عميقا ‏ فهل ينبغي أن نتباغض مع 
ذلك إن لم نحب بعضنا من الأعماق؟ 

أما أنني ودودة تجاهك» بل وغالبا أكثر وذا مما ينبغي» فذلك ما 
لا تجهله؛ والسبب في ذلك هو أنني أغار من حكمتك. آه. يا لتلك 
الحكمة الحمقاء العجوز الرائعة! 


: فصل‎ Parerٍa نجد ما يمائل هذه الفكرة لدی شربنهاور فى كتاب #القعتوملامعةا!‎ )١( 
«عن الضجيج والأصوات»؛ حيث نقراً 9 بين ما يمكن أن نقرآه من الآشياء الطريفة‎ 
والمفيدة: "إن الأمة الأكثر فهما وعمقا فكريا من بين الأمم الأوروبية قد عمّدت القاعدة‎ 
لا تقاطع أبدا - بإسم الوصية الحادية عشر . غير أن الضجيج هر‎ - never interrup| القائلة‎ 
أكثر أنواع المقاطعة وقاحة» ذلك أنه يقاطع حتى أفكارنا الخاصةء بل إنه يقصفها».‎ 


م6 


ولو عة اك و فخ و ووس وا کی س ف عاف 


ثم نظرت الحياة إلى ما وراتها ومن حولها متفكرة وقالت بصوت 
lg e N E E‏ يما فيه الكفاية! 

أن اعد عق آن. تحيى: القدر الدى يدعي كلامت وأعرف أناكف 

هناك جرس عتيق ثقيل مدو : يدوي ليلا ويصعد دويه إلى 
مغارتك : 

- وعندما تسمع ذلك الجرس ساعة منتصف الليل تفكر ما بين الرنة 
الأول والرنة الثانية عضر 

د أي لأرافقت::إنك تفكر حفن .دلق لامر وإ اعرف انك رند 
أن تتخلى عنّى عما قريب!». 

«أجل» أجبتها متردداء لكنك تعرفين ذلك ا ثم همست لها بشيء 
فى أذنها بين جدائل شعرها الأصفر المتداخلة الهائجة. 


أوتعرف ذلك. يا زرادشت؟ لا أحد يعرف ذلك. د - 


ونظرنا واحدنا إلى الآخرء ورحنا نرقب المرج الأخضر الذي 
كانت تسرئ فوقه برودة المساءء وبكينا معا. ‏ فى تلك اللحظة كانت 


الحياة أحب إليَ من كل حكمتي. - 


ا 


م 


إنتبه آيها الإنسان! 
اثنان ! 


لقد نمت لقد نمت د > 
ارا 
«من حلم عميق افقّت: 
نةا 


عمسن هر العالم» 


سّة ! 
«وأعمق مما كان يظن النهار. 
سبعة ! 


ع 


عميقٌ ألمه. 


يبدو أن الشذرة ۲۳ )٤(‏ من كنشات أواخر سنة ١817‏ كانت مسودة أولية لهذا المقطع قبل 
أن يحور نيتشه النص ويعطيه صيغته الحالية. «واحد! ساعة منتصف الليل تشرع في 
الحديث! قادمة من بعيدء صاعدة من هُوى عالم عميق ‏ ألدي» آنا المتوخد تبحث كلماتها 
عن مستقر لراحتها الأخيرة؟/ إثنان! الراحة الأخيرة لعالم الأعماق ‏ أتراها إذا في أعالي 
المعتزل المتوحد؟ وعندما تخترق تغماتها أذني ولحمي وعظامي ‏ أتراها تبحث رتجد 


سلام روحها هكذا؟ا. 


CV 


تسعة ! 

عشرة! 

لکن كل غبطة تريد الخلود - 3 
إحدى عشر! 

خلودا عميقا؛ عميقا تريد. 


إثنا عشر! 


الأختام السبعة() 
(أو: نشيد نعم وآمين) 


١ 
إن كنث رائيًا وممتلثئا بتلك الروح النبوئية المتنقلة فوق شغب‎ 
- مرتفع ما بين بحرين»‎ 
مثل سحابة ثقيلة تمضي بين ما مضى وما هو آت _ عدوا لكل‎ 
الأودية الرطبة الخانقة وكل ما هو متعٌب لا هو يستطيع أن يموت ولا‎ 
: هو قادرٌ على الحياة‎ 
جاهزا للانفجار صواعق تتكور في صدري المظلمء ولبروق ساطعة‎ 


)١(‏ هذا العنوان مستمد من صورة إنجيلية ترد في رؤيا يوحنا الاصحاح ١/0‏ : «ورأيت على 
وعبارة انعم امين" ما خودة هي ايضا من رؤيا يوحنا الأصحاح ۷/۱ «هو ذا ڀاتي مع 
السحاب وستنظره كل عين والذين طعنوه دعوم عليه جميخ قبائل الارض. نعم امین ۔ 
- يعلق نيتشه على هذا الفصل في كتاب هذا هو الإنسان (ما الذي يجعلني أكتب كتبا جيدة ‏ 
الفقرة 4): إن فنّ الإيقاع العظيم والأسلوب الراقي للانتظام الدوري للتعبير عن حركات 
الصعود والهبوط الرهيبة للصبوة الجليلة والجيارة قد تہ اكتشافها من قبلي أنا. لقد 
استطعت بنشيد مدائحى مثل ذلك الذي احثتم به الكتاب الثالث من زرادشت.». تحت 
عنوان «الأختام السبعة»ء أن أحلّق على مسافة ألف ميل فوق كل ما كان يسمّى شعرا حتى 
ذلاك الحين») 7 


مخلّصة؛ ممتلئا صواعق تقول نعم! وتضحك نعم! جاهزا لبروق نبوئية 
ساطعة : 

داز لك إذا هع کان اغا سان مكل هذا الهم ! وال اقول 
لكم؛ إنه ليجب أن يظل طويلا معلقا فوق الجبال مثل سحابة خريف ثقيلة 
ذاك الذي سيكون عليه أن يولع نور المستقبل في يوم ما! - 

الام كا ا رس تم نه لو لا مزال CANS‏ نوي 
ال الثيافة وة ال دا 

إنني لم أعثر بعد على المرأة التي يمكنني أن أبتغيها أمّا لأبنائي» 
إن لم تكن هذه الأنثى التي أحت؛ ذلك أنني أحبّك أيتها الأبدية! 

ذلك أنني أحبك أيتها الأبدية! 


¥ د % 


۲ 


وإذا ما حدث أن حطم حنقي قبورا وحوّل علامات حدودء وقذف 
بألواح قديمة في هوى سحيقة : 


وإذا ما بعثرث سخرياتي كلمات متعفنةء وكنتٌ كالمكنسة على 
عناكب الصليان» وريحا ره ELE‏ القبور القديمة العطنة : 

وإذا ما كنت أجلس منتش غبطة حيث ترقد رفات آلهة قديمة» 
مباركا للدنياء محبا للدنيا بالقرب من تماثيل قدماء المفترين على 
العالم : 

E‏ أحب حتى الكنائس وقبور الآلهة عندما تطل السماء 


A 


بعينها الصافية من خلال سقوفها المتداعية؛ وإنه ليعجبني أن آجلس» 
مكل العقيت والافحؤاتء فرق رائ الكنائدن. المتداعية ء 

أواه»ء كيف لا أرنو بحرقة إلى الأبديّة وإلى دورة الدوائر؛ دورة 
العرس النهائية - دورة العوذ! 

إنني لم أعثر بعد على المرأة التي يمكنني أن أبتغيها ما لأبنائي» 
إن لم تكن هذه الأنثى التي أحبّ؛ ذلك أنني أحبّك أيتها الأبدية! 

ذلك أننى أحبك أيتها الأبدية! 


تند يم نا 


١ 


وإذا ما هبت على نفحة من نفحات الخلق ومن تلك الضرورة 
القدسبة ا هو اا على ا .كن جا ت 

وإذا ما ضحكت ضحكة البرق المبدع يتبعها رعد الفعل مزمجراء 
لكنه منصاع : 

وإذا ما لعبت النرد مع الآلهة على مائدة الأرض المَدسية حتى 
تتزعزع الأرض وتنشق وتتدفق أنهارا من الجمر: 

د ذلك أن الآرمن هاده مدشية عن تح كليات. تجديدة وه 
ورميات نرد إلهية . 

أواه» كيف لا أرنو بحرقة إلى الأبديّة وإلى دورة الدوائر؛ دورة 
العرس النهائية ‏ دورة العود! 

إن الم أعتر بعد على المرأة الت يمكتين أن ابا أما لآيداتي: 
إن لم تكن هذه الأنثى التي أحبّ؛ ذلك أنني أحبّك أيتها الأبدية! 

ذلك أنني أحبك أيتها الأبدية! 


e 


وإذا ما شربت حتى الثمالة من ذلك القدح المزبد بخلطة العقاقير 


,2)١( 7 5 7 35 0 2 5 3 


وإذا ما مزجث يدي البعيدٌ بالقريب» والناز بالروحء واللذة بالآألم 
والأسوأ بالأفضل : 


)١(‏ تتحول الفلسفة لدى نتشه إلى كيمياءء أو مخبر كيميائي تمزج داخله شتى العناصر (شتى 
العلوم التاريخية والفيزيائية والطبيعية خاصة) لأن ذلك المزيج الذي لا يقصي شيتا هو 
مخبر المعرفة الحق لديه. الكيمياء هى طريقة الفلسفة التاريخانية كمقابل ونقبض للفسنة 
الميتافيزيقية القاتمة على امه ادن + وتأسيس الثناتيات ونفي لكل علاقة بين الأمر 
ونقيضه. يتناول نيتشه هذه المسألة بأكثر تفصيل فى الفقرة الأول من الفصل الأول من 
كاب #إنسائق مقرط الإنائية» «إن. الإشكالات القلسفية تطرح نها اليوم بنفس 
الصب خة تقريبا التي كان يطرح بها سوالها قبل آلفي سنة : : كيف يمكن لشيء أد ينشأ عن 
تشه كأن ينشأ المعقول عن اللامعقول مثلاء والحساس عن الجامد. والمنطق عن 
اللامنطقء والرؤية اللانفعية عن إرادة التملك والغيرية عن الأنانية والحقيقة عن الخطأ؟ 
لقد نجحت الفلسفة الميتافيزيقة إلى حد الآن في تفادي هذه المعضاة بأن نفت نشأة الواحد 
من الآخرء وافترضت وجود أصل خارق للأشياء التى منحتها قيمة سامية. أصل جعلته 
نابعا من صميم وجوهر «الشىء فى ذاته». وبالمقابل فاق الفلسفة التاريخانية التى لم يعد 
باللإمكان تصورها بمعزل عن الاح الطبيعية. هذه الفلسفة التى تمثل أحدث ما وفيا إليه 
من المناهج الفلسفية قد أقرّت في حالات منقردة (ومن المحتمل انها ستكون النتيجة ال 
ستتوصل إليها بشأن الكل) بأنه ليس هناك من نقائض إلا في المبالغة المعتادة لارز 
الشعبية أو الميتافيزيقية» وأن هناك خطأ عقليا كان الآساس الذي انبنت عليه علاقة 


8 الى" 


التعارض هذه: ليس هناك 0 00 أنانية ولا رؤية كاملة 00 
والأمران ليسا سوى محض تصعيدات يتراءى العنصر المكرن لها بخاريا غائما 
ولا يتجاى حضوره إلا للمعايئة الدقيقة المرهفة. ‏ إن 0 نحتاجه وما لا 8 
الحصول عليه إلا عن طريق أرقى ما توصلت إليد العلوم الحالية كل على حده هو كيمياء 
للتصورات والانطباعات الأخلاقية والدينة والجمالية. وكذلك لكل تلك الاتفعالات التي 
0 علاقاتنا الصغرى والكبرة ى بالثقافة والمجتمعء بل وفى الوحدة: ماذا لو أن 

الكيمياء ع تنتهي إلى الاستنتاج < أنه وقي هذا المعجال» استحضار الالوانت 


{TY 


وإذا ما كنت بدوري حبّة من ذلك الملح المبارك”'' الذي يجعل 
الأشياء كلها تمتزج خير مزيج داخل إناء الخلط : 

فلك أن هناك :متها بلخم الغير باقر و لر هن أا ذو 
فضائل في التتبيل واستكمال الطفح الأخير : 

أواه» كيف لا أرنو بحرقة إلى الأبديّة وإلى دورة الدوائر؛ دورة 
العرس النهائية ‏ دورة العود! 

إنني لم أعثر.بعد على المرأة التي يمكدتي أن أبتغيها أما لأبئاتي» 
إن لم تكن هذه الأنئى التي أحت؟ ذلك أنني أحبك أيتها الأبدية! 

ذلك أنني أحبك أيتها الأبدية! 


* د * 


° 


إن كنت أحبٌ اليحر وكل ما كان شبيها بالبحرء وأكثر حبًا له 
عندما يقف في وجهي يحلق؛ 

وإن كنت أحمل في داخلي تلك الرغبة الباحثة التي تدفع بشراعها 
نحو أقاصي مجهولة» وإن كانت هناك رغبة ملاح تسكن رغبتي؛ 

وإذا ما صرخت غبطتي في يوم ما: «اختفى الساحل ‏ هو ذا قيدي 
الأخير قد سقط! ‏ 


=البديعة من المواد البخسة والمحتقرة حتى؟ هل سيكون هناك الكثيرون ممن سير غبون فى 
متابعة مثل هذه البحوث؟ إن الإنسانية تحب أن تطرح من ذهنها الأسئلة المتعلقة بالأصل 
والبداية : ألاينبغي على الإنسان أن يكون مجردا من إنسانيته إا كي يشعر في داخله بالتزوع 
المعاكير؟ ). 

)١(‏ مى الاصحاح 17/0: «أنتم ملح الأرض. ولكن إن فسد الماح فبماذا يملح». 


TY 


اله العاف يهد من حول 4 وعدا ا عاق الى لكان 
ES OG‏ الأمام! يا قلبي ال 1 

أوافة كبقع لاا ارتو تخر ال الان وال ذورة ا هرات دور 
العرس النهائية - دورة العود! 

إنني .لم أعثر بعد على المرأة التي .يمكتني أن أبتغيها أما لابناني» 
إن لم تكن هذه .الأشى التي أحبّ؛ ذلك أتني أحبّك أيتها الأبدية! 

ذلك أنني أحبك أيتها الأبدية! 


#6 د 3# 


5 

إذا مأ كانت فضيلتي فضيلة راقص وغالبا ما أقفز بكلتئ قدميٌ 
داخل نشوة من ذهب وزع 

وإذا ما كان خبثي خبثا ضاحكا ومسكنه بين عراتش الورود 
وخمائل الزنابق ؛ ۰ 

- إذ في الضحك يلتقي كل الخبث ويتجمع. لكنه يغدو مقدسا 
ومطهّرا بغبطته الخاصة ‏ 

وإذا ما كان الألف والياء""“ من مُتَعلّقي هو أن يغدو كل ثقيل 


)١(‏ عبارة <0 und‏ ۸ sەd»‏ أو Pas Alpha und Omeg‏ مستقاة ھی أيضاً من اللغة 
الإنجيلية ؛ رؤيا يوحناء الاصحاح /١‏ ۸: «أنا هو الألف والياءء البداية والنهاية يقول الرب 
الكائن والذي كان والذي يأتي القادرُ على كل شيء». وقد فضلناها على عبارة «مبدئي 
الآول والأخيره مئلاء التى تبدو أكثر استقامة فى اللغة العربية وفى هذا السياق بالذات» 
وذلك حفاظا على النيرة الإتجيليه التى ثر شح بها هذه العبارةء وحرصا على التلاوم مع 
الأسلوك الذي تعمد نتسه اختباره لكتابه هذا ل والذي كان يحلو له أن يذعوه ب#الإنجيل 
الخامس»" : 


a: 


خفيفا وكل جسد راقصا وكلُ فكر طائرا؛ والحق أقول لكم إن ذلك 
يلالق الات عن ما 

أواءة. كيك لا اتسزق شوقا إلى الأبدية وإك.ذؤوة الذرائر؟ خورة 
العرس النهائية ‏ دورة العود! 

ت اعت عد على المرأة التي سكي أن أبتغيها أما اا 
إن لم تكن هذه الأنثى التي أحبّ؛ ذلك أنني أحبّك أيتها الأبدية! 

ذلك أننى أحبك أيتها الأبدية! 


تن %* * 


۷ 

إذا ما بسطتٌ سماءً ساكنة من فوقي وطرت بجناحي في سمائي ؛ 

وإذا ما سيحت لاعيا في أقاص نورانية عميقة واكتسبتثُ حريتي 
حكمة الطير؛ - 

- لكنْ هكذا تتكلم حكمة الطير : «آنظرء ليس هناك من فوق ولا 
تحت! لتقذف بنفسك فى كل الاتجاهات إلى الأمام» إلى الوراء أيها 
الكائن الخفيف! غنّ! وكف عن الكلام! 

اال انات الفقيلة قد ابعداع كل اللات اوبست 
اللات كفا كاذلة اة اللاتدعاتن افيف عن ! وك غين 
الكلام!». 

أواه» كيف لا أتحرق شوقا إلى الأبديّة وإلى دورة الدوائر؛ دورة 
العرس النهائية - دورة العود! 


To 


إنني لم أعثر بعد على المرأة التي يمكنني أن أبتغيها أما E‏ 
إن لم تكن هذه الأنثى التي أحبّ؛ ذلك أنني أحيّك أيتها الأبدية! 


ذلك أننى أحبك أيتها الأبدية! 


a 


الكتاب الرابع والأخير 


آه» أين وجدت في العالم كله حماقات أكبر مما 
لدى المشفقين؟ وأي أمر أحدث أكثر آلاما في العالم 
من حماقات المشفقين؟ 
وبق لكل اجو ادر لبي موعن بد بخان 
على منزلة شفقتهم! 
هكذا خاطبني الشيطان ذات مرة: «للرت أيضا 
جحيمه : إنها محبته لليشرا. 
ومؤخرا سمعته يقول لى هذا الكلام: إن الله قد 
مات! جراء محبته للبشر مات الله . 


هكذا تكلم زرادشت ‏ الكتاب الثاني: «عن أهل الشفقة» 


(TV 


قربان العسل“ 


ثم مرت شهور وسنوات على زرادشت وهو لا يشعر بها؛ لكن شعره 
ابيض في الأثناء. وذات يوم بينما كان جالساً على صخرة أمام مغارته 


وهو ينظر إلى البعيد بصمتء ‏ لكن المرء ينظر من هناك إلى البحر 
ادها فى اورا الأودية اة الما ةه > كان اميه وده 


يحومان حوله منشغلى الخاطرء ثم أقبلا عليه أخيرا ومثلا أمامه. 

«أي زرادشت. قالا يخاطبانهى أثراك تبحث بعينيك عن سعادتك 
فى هذا المدى البعيد الذي تحدق فيه؟» ‏ «ما لى والسعادة! أجابهما 
زرادشت». منذ زمن بعيد لم أعد أتوق إلى السعادةء بل لا أتوق إلا 
إلى عملي». ‏ «أي زرادشتء قالا يخاطبانه ثانية» إنما أنت تتكلم 


)١(‏ فى كنشات صائفة ١848٠١‏ من منشورات «التركة» نقرأ فى الشذرة ]۲۲۲[٤‏ ما يلى : «کان 
إغريق العصور القديمة يعتبرون الحليب والعسل غذاء الآلهة ‏ لم يكن ذلك الزمن زمن 


شريبي خمر. . ٠.‏ ويشير ماركو بروزوتي في مقالته عن «التضحية والقوة» (من منشورات 
مجلة (1993 ,22 Niche Studien Band‏ إلى أن نيتشه قد استغل هنا عمل طالبه القديم 
فاكرناغل حول «أصل البراهمانية» (أنظر الهامثر .)١‏ ويكتب فاكرناغل فى هذا الشأن: 
«يتقول البعض بأن الإغريق القدامى لم يكونوا يتقبلون خمرة» بل عسلا مسكرا». آو «إن 
الحليب والعسل أو ما يستخرج منهما كخلاصة رفيعة كانت تعتبر شراب الآلهة لدى 
الإغريق القدامى» حسب رواية قديمة». ويضيف نيتشه فى الشذرة ٤‏ [۲۳۲]: القد كان 
للخ تقفو الث يكلف عق ذلك الى بد امسا الجر او ال غير 
الممزوجة تسيب الجنون» هكذا كانوا يقولون». ۰ 


29 


كؤاخد متهم حيرا آلآ ترق أنك شتلق الان فى بحر هن الاد 
لازوردي الصفاء؟» ‏ أيها المهرّجان الماكران. أجابهما زرادشت 
مبتسماء لكم كنتما مصيبيُن في اختيار المثل! لكنكما تعلمان أيضا أن 
سعادتي ثقيلة وليست كالموجة المائية السائلة؛ إنها تضغط على روحي 
ولا تفك عني وتلصق بي لصق الراتنح اللرج» . 


عندها راحا يتحركان من حوله ثانية متفكرين بحيرة» ثم أقبلا عليه 
مجددا ووقفا أمامه. «أي زرادشت. ألذلك إِذا ما فتثشث تزداد شحوبا 
وقتامة فيما شعرك يتراءى أبيض وشبيها بالقتب؟ أنظرء إنك تجلس 
داخل مادتك الراتنجية اللزجة!» ‏ «ما هذا الذي تقولانه يا حيوانيّ؛ قال 
زرادشت ثم ضحك؛ حقا لقد كنث مجدفا حين تكلمت عن راتنج. ! 
ما بِيْ هو ما يحدث في الحقيقة لكل الثمار في نضجها. إنه العسل في 
عروقي يجعل دمي أكثر ثخونة وروحي أكثر سكونا». ‏ «لا بد أن الأمر 
كذلك يا رو دقك جاه الان وكا دقان إلبدء لکن الأ تريد أن 
تصعد اليوم إلى قمة جبل؟ إن الهواء نقي» وبإمكان المرء أن يرى اليوم 
من العالم أكثر من أي وقت». ‏ «أجل» يا حيواني» أجاب زرادشت؛ 
لقد أصبتما النصيحة ونطقتما بما يشتهيه قلبي: إنني أريد أن أصعد اليوم 
إلى قمة جبل. لكن لتعملا على أن يكون لي عسل هناك ؛ عسل أصفرء 
أبيض وطيّب؛ شهدة عسل ذهبي بارد كالثلج'''. ذلك أنني أريد أن أقدم 
قربان عسل هناك فوق الجبل». 





)١(‏ في هذا الموضع يكتب نيتشه في المسودات: كنشات خريف سنة ۱۸۸٤‏ - الشذرة 
۸" ] تحت عنوان «قربان العسل»: 
«اجلبا لي عسلاء شهد عسل طاز ج!/ من العسل أجعل ۾ قربانا من كل ما هو واهب./ 
وکل ما هر معطاء: وکل ما هو خير : ما ینعش انلقلب!». 


E 


لكن لما بلغ زرادشت قمة الجبل صرف البهيمتين اللتين رافقتاه إلى 
هناك ليجد نفسه وحيدا مع نفسه من جديد. عندها ضحك من كل 
قلبه» ونظر من حوله وتكلم هكذا: 

E‏ أجيهية وقزياة ممت تان ولاك قي رن 
سوى حيلة من حيلي الكلامية وحمقا نافعا في الحقيقة! أما ألآن وفوق 
هذه القمة فيمكنني أن أتكلم بحرية أكثر مما أفعل أمام مغارات الرهبان 
وحيواناتهم الأهلية. 

أية أضحية وقربان! إنني أبدد ما يُمنح لي» آنا المبدد بألف يد: 
كيف يحق لي إذا أن أسمي ذلك - قربانا! 

ERLE E ES طعي‎ E ES E) 
حلوا ولزجا يسيل له حتى لعاب الدببة المدمدمة والطيور العجيبة ذات‎ 
: الطبع المتوحش الشرس‎ 

واأر و سا عزن رد سا كران ذلك ی اه رياد الى 
وصياد البحر. ذلك أن العالم وإن كان مثل غاب وحوش قاتم وجنان 
متعة لكل الصيادين» فإنه يبدو لي بالأحرى شبيها ببحر سحيق زاخر 
بالثروات» 

- بحر مليء أسماكا وقشريّات بألوان بديعة تجعل الآلهة نفسها 
سني انين الع وای شياكيا ف مامه الكترة ماهو ری 
هذا العالم بالأشياء البديعة كبيرها وصغيرها. 

وخاصة عالم الإنسانء هذا البحر الإنساني؛ ‏ إليه أقذف الآن 
بصنارتي الذهبية وأقول: انفتحي أيتها الأغوار الإنسانية العميقة! 


١ 


انفتحي واقذفي لي بأسماكك وقشرياتك الملتمعة! بأجود ما لدي 
من طعم أستدرج إل اليوم أروع الأسماك البشرية”"©! 

سعادتي نفسها هي التي أقذف بها في كل فج وكل الأقاصي البعيدة 
ما بين الندانة والظهيرة والقروؤت الأرى إن كانت ناك اسماك بشرية 
كثيرة ستتعلم كيف تعض وتتخبط فوق طعم سعادتي. 

حتى إذا ما عضت على الطرف الحاد والخفي لصنارتي لن تملك 
سوى أن تصعد إلى الأعالي التي أقف فوقها؛ أسماك الأغوار 
والأعماق السحيقة ذات الألوان البديعة صاعدة نحو أكثر صيادي 
الأشعاك البش جا وة 

إذ ذاك هو آنا في جوهري وطبيعتي؛ ساحباء جاذياء مقرّباء 
رافعاء مربّيا؛ آنا المربي والمروّض بيد صارمة» الذي لم يكن مجانا 
قولف ذاه ف ال و ت 

ليصعد إليّ الناس الآن إذا؛ ذلك أنني أنتظر العلامة المؤذنة بحلول 
ساعة انحداري» لأنه لا ينبغي لي أن أهبط الآن هكذا بين الناس. 


سأنتظر تلك العلامة ماكرا مستهزئا هنا فوق الجبال العالية» لا قلقا 


)١(‏ استعارة للصورة الإنجيلية الواردة في مقولة يسوع المسيح : «هلمٌ ورائي فأجعلكما صيّدي 
الناس» متى ؛ الاصحاح 14/٤‏ 

(۲) قارن مع الشذرة 7٠١‏ من المعرفة المرحة: «ماذا يقول ضميرك؟ ‏ عليك أن تصير من 
أنت». ‏ أنظر أيضا عنوان كتاب هذا هو الإنسان: «هذا هو الإنسان؛ أو كيف يصير المرء 
ما هو «مع ضرورة الانتباه إلى التنويعات البسيطة في صياغة هذه المقولة: 
 )Du soااst der werden, der du bist)‏ «عليك أن تصير من أنت؛2 . (المعرفة المرحة). 
)Wie man wird, was man i.‏ _ «كيف يصير المرء ما هو». (هذا هو الإنسان) 
)Werde, der du bi.‏ «لتصرُ من أنت» . (زرادشت). 


CY 


قاقد الضبر» .ولا صبورا» بل ولخدا قد تسى تى الصببر تشه - لاه 
لم يعد «يملك صبرا» على شىء. 

قدري هو الذي يمهلني: تراه قد نسيني؟ أم تراه يجلس الآن في 
الظل وراء صحرة ويتلهى باقتناص الحشرات؟ 

ا اقول لم إنديى لشمقن لقدرى الأندئ لأنه لا يلاحقني 
ويستحثنى » بل يدع كك وقتا للمعابثة وشتی الأدوار الخبيثة؛ وهكذا 
تستى لي أن أصعد اليوم صياد أسماك إلى قمة هذا الجبل! 

هل رأيتم أحدا قد اصطاد سمكا فوق قمم الجبال؟ وحتى إذا ما 
كان حمقا هذا الذي أريده وأفعله هنا فوق هذه الأعالى» فإن ذلك 
أفضل من أن أظل قابعا في سكون حتى أبهت وأخضر وآأصفرٌ لكثرة 
الانتظار هناك على السفح ‏ 

- متصلبا مستعرا حنقا لفرط الانتظارء عاصفة قدسية مولولة من 
فوق الحبال» واحدا نافذ الصبر يصرخ باتجاه الأودية والوهاد: 
(اسمعونى »› وإلا جلدتكم بسو ط الرت!» 

لا نقمة لى على مثل هؤلاء الحانقين؛ بل إننى لأجدهم موضوعا 
حيدا للضيحك! |3 لا ند لها أن تكون حائقة: تلك الطبول المدوية 
الكبيرة التى لا يسعها إلا أن تقول كلمتها الآن؛ الآن وإلا فلا! 

أما أنا وقدري فلا نتكلم للحاضرء ولا نتكلم لزمن اللازمن أيضا: 
إن لدينا ما يكفي من الصبر عن الكلام وما يكفي من الوقت وفائض 
الوقت. ذلك أنه تا ذات يوم ولن يكون مجيؤّه مجرد مرور عابر . 

من هذا الذي سيأتي ولن يكون مجيؤه عابرا؟ إنها صدفتنا 


EY 


SN ASE السيدة»‎ ABAS E 


تو ال نة 


)١(‏ يستعمل نيتشه هنا عبارة 1117815 ولیس ۴1:5٦۲0‏ كما 0 وتكتب - عادة في الغرنسية 
والتي معناها الصدفة والحظ . و110205 في صيغتها هذه 3 تعني لزه نر في اللغة العربية كما 

كران ذلك يول ماتياس في تعليقاته المرفقة في هوامش ترجمة جنفييف بيانكي الفرنسية 
لزرادشت . ويضيف بأن الكلمة مستعملة فى اللغة اليونانية الحديئة أيضا. ويشير قاسوس 
وويرك 'الترقي إلى التي المفبدر ا للعبارة الفرنسية نفسها. لكن القراميس 
الألمانية ء بما في ذلك قاموس المفردات ذات الأصل الأجنبي. لا تثبت وجود هذه العبارة 
مما جعانا نميل إلى الاعتقاد بأن نبتشه قد تعمد اء ستعمالها E‏ عبارة اناك الى 
تعنى الصدفة » والتى يرد استعمالها كثيرا لديه . لغاية مقصودة تعمد هذا الاستعمال لخن 
الأشارة ال ةا ا وال لدي عطي ا لذ الدكانة السجخلة 
التي تحظى بها الصدفة في فلسفته فحسبء بل كذلك طابع اللعسء أو المصادفة اللاعبة 
والعابئة التي لا تمتثل إلى إرادة الإنسان أو أية إرادة متعالية على صيرورة الحياة ذاتها. 
ويلاحظ القارىئ: أن استعارة لعبة النردء ورميات الزهر تعود بكثرة في كتابات نيتشه : 
التانون الوحيد في دورة العود التى لا تخضع لغائية بعينهاء ٠‏ بل لا مدر لها غير عامليٰ 
الصدفة والضرورة («ضرورة لا عقلانية وغير غائيّدا يوضح جيل دولوز فى كتاب انيتشه 
الفا رمل كن أفلاطرة الذى يجلا تراغ الضيرورة غير ادود والصيرورة 
المجنونةء والصيرورة الهجينة والمذنبة ااا داخل الدائرة وإخضاعها لعمل خالق 
يطويها بالقوة ويفرض عليها حدٌ الفكرة ومثالها» (دولوز)؛ يعود نيتشه إلى هيرقايطس. 
يحرر الصيرورة من أجل إثبات الصدفة: ويرى أن كل من سبقه من الفلاسفة باستثناء 
هير قليطس لم ب يكونوا قد رأوا «حضور القائرن في الصيرورة واللعب في الض, لضرورة!. 
(ولادة الفلسفة). الدورة لعب إِذَا وبذلك فإن رمية الزهرء بل وقرعه هو هذا «الحدث 
العظيم» الذي ينتظره زرادشت واثقا كل الوثوق من حدوثه: ثقة في الصدفة . 
لکن هانس فايشلت يذهب فى كتاب (التعليقات على زرادشت» (5!154ا 72:01 
Kommentar. Verlag Felix Meiner. Leipzig 1922)‏ إلى معنى آخر للعبارة ويحيل 
على ۵ في اللغة الفارسية القذيمة ومعتاها «ألف سلة#. هل كان زرادشت ينتظر 
الألفية القادمة إذا؟ أم أنه كان يرى أنه سيكون عليه انتظار ألف سنة أخرى كي تحين ساعته 
وتصبح كلمته مسموعة ووت 
على مضض - نوعا ما إذا فضلنا بعد تردد استعمال عبارة لاصدفة» هنا وتخلينا عن عبارة 
«الزهرا التي يمكن أن يكون لها وقع غريب في هذا المرضع ويلفها شيء من الالتباس . = 


5 


وكم سيكون بعيدا هذا «البعيد»؟ ما الذي يعنيني في ذلك! لکن 
هذا لا ينقص شيئا من ثقتي الراسخة في الأمر؛ وإنني لأقف بقدمين 
تاو علي "هذا السام 

- على أساس أبديّ فوق صخرة صلبة من زمن البدءء فوق هذه 
الجبال الشاهقة الصلبة الضاربة في القدم حتى ساعة التكوين. تلك 
التي تلتقي عندها كل الرياح كما على الخط الفاصل بين الأصقاع. 
وكلها"تشأل إلئ. آین؟ ومن آین؟ عبر أئ: طريق؟ 

لتضحك هنا ولتضحك يا خبثي الصحئ المشرق! ولتقذف من 
أعالي الجبال بقهقهة سخريتك البراقة نحو الوهاد والأودية! ولتجعل 
من بريقك طعما يستدرج إليَ أجمل الأسماك البشرية! 


وسا ينت إلى فن أعماق كل اليحان» وکل ما فى :دائ 
وللا ف "الأقناء ها دك اعطده لى» ودا وا 
لطر آنا الفتياد الا كر دا و رة 


أخرجي» أخرجي يا صنارتي! عض وانحدز إلى الأعماق يا طعم 


-ونكتفي فقط بالإشارة إلى المعابثة اللغوية التي يعمد إليها نيتشه هنا باستعماله لعبارة لا 
توجد في اللغة الألمانية» حرصا منه على التلميح والغمز والتضمين كما يحب ذلك عادة. 

)١(‏ «الشىء فى - و - لذاته؛ مصطلح مركب يجمع بين «الشيء في ذاته» و«الشىء لذاته" وهما 
عبارتان لمفهومين متقابلين داخل اللغة الفلسفية . أنظر المعجم الفلسفي الالاند». يجترح 
نيتشه مصطلح "ما في - ولذاتي». نعرف أن نيتشه ينكر مفهوم «الشيء في ذاته» مثل 
«الأخلاق فى ذاتها» و«الحقيقة فى ذاتها؛ء ضمن رؤيته القائمة على دحض فكرة الهوية 
الأصلية والثابتة للأشياء؛ أي رفض هوية ما للشىء قائمة فيه (أو فى كنهه) بصفة مستقلة 
عن تصوراتنا وتمثلنا له . بينما «الشيء لذاته» يحدد هويته في علاقته الواعية بذاته أو تملكه 
لذاته ضمن علاقة تمثل وتصور واعية للذات بذاتها. 


0 


سعادتي! واسكب قطرات نداك الحلو يا عسل قلبي! ولتحكمي طرفك 
الحاد في بطن كل الخواطر الكثيبة السوداء يا صنارتي! 


اسرحي بعيداء بعيدا يا عيني! ارام كوي E‏ 
سكينة وردية من فوقي! وأي صمت لا تكدره غيوم!»2. 


1 


رة الاستقافوة 


وفى الخد جلس زرادشت مجددا على صخرته أمام المغارة» بينما 
كان حيوئأه يجولان في الأنحاء بحثا عن شيء من الغذاء. وعن عسل 
جديل». ذلك .أن :ززاذشت قد بدن عسل البارئحة ويدذة جى اجر قطرة: 
لكنه وهو يجلس الو ا ار ل بعصا كانت في 
يده» غارقا في التفكيرء لكن في أمر آخر غير نفسه وظله في الحقيقة. 
ثم ها هو ينتفض مذعوراء إذ 57 ظلا ثانيا إلى جانب ظله. وعندما 
قفز من مجلسه ونظر من حوله رأى الرائي يقف إلى جانبه» ذاك الذي 
سبق أن قاسمه أكله وشرابه ذات مرة» نبي الإعياء الآكبر الذي كان 
يكرز: «الكل سواء» ولا شيء جدير بالعناء ؛ العالم لا معنى له 
والمعرفة تخنق» . لكنّ وجهه قد تغير فى الأثناءء وعندما نظر زرادشت 


وإذا الرائي الذي لم يف عنه ما كان يختلج في نفس زرادشت 
يمسح بكفه على وجهه كما لو كان يريد أن يمحو ما ارتسم على 
صفحته ؛ ومرر زرادشت أيضا كفه على وجهه مثله. وبعال أن استعاد 


)١(‏ في كنشات صيف ‏ ربيع ۱۸۸٤‏ الشذرة 55 [۲۸۹] يرد عنوان هذا الفصل ضمن مخطط 
المسودات كالتالي: «استغاثة الإنسان الأعلى؟ نعمء ذلك الذي مني بالفشل» 


4¥ 


کل منهما هدوءه فی صمت واسترد قواه تصافحا علامة على الرغية ف 
تجديد التعارف . 

اها يكنا ی الإعباء الأكير» قال زرادشت. لم .يكن غا 
بالتاكيد أن للت ضيفا وشرنك مائدة لى ذات.مزة . لتأكل اليوم: أيضنا 
وتشرب معى ٠‏ وة أن يكون شريك مناتةتك عجوزا هانتا!) _ 
اجوز وان + اعا ا وی هر وراد آنا كيت أو تريد أن تكون 
يازرادشت فقد طال جلوسك فوق هذا المرتفع على أية حال» وعن 
قريب لن يظل قاربك في مأمن من الغمر!» ‏ «وهل أجلس في مأمن 
من الغمر؟؛ سأله زرادشت ضاحكا. ‏ «إن الأمواج صاعدة من حول 
جبلك. أجابه الرائي» صاعدة دون توقف آمواح المحنة الكبرى 
والأسى؛ وعما قريب ستهز قاريك أيضا وتدفع بك بعيداا. عندها 
صمت زرادشت وقد تملكته الدهشة مما سمع. اماز 
تسمع؟» قال الرائي مواصلا كلامه. ألا تسمع هديرا ودمدة صاعدة من 
الوادى السحيقة؟ وواصل زرادشت صمته وقد أضحى مصخيا سمعه 
الآنء وإذا صرخة طويلة تتقاذفها تلك الأعماق وتعيدها الواحدة إلى 
الآخرى وما من هوّة تريد الاحتفاظ بها فى جوفها لفرط ما كانت ترن 

«أيُ نذير الشؤم آنت! قال زرادشت أخيراء إنها صرخة استغاثة. 
في أسى الإنسان؟ أتعرف ما اسم الخطيئة الأخيرة التي مازلت أوفرها 
على نقسي؟ 


«الشفقة! أجابه الرائى بصوت صاعد من أعماقه المضطرمة وهو 


4A 


يرفع دراه عدب أى :زو زادشقةإننا جت كن امعدرحك إلى طك 


ا 


ولم ينته العراف من كلامه حتى ارتفع الغبوات مجددا أك اداد 
وأشد رؤعا من المرة الأولى» وأكثر قربا أيضا. «آتسمع؟ أتسمع يا 
زرادشت؟ انها موجهة إليك هذه الصرخة. إنها تناديك:: تال تعال» 
تعالء لقد حان الوقتء وآن الأوان!». 


لكن زرادشت ظل صامتاء مبلبل الخاطر ومهزوزا؛ وأخيرا سآل 
مشل وااحد كان يتردد في ما بہنه وبين ETE‏ اومن هو هذا الذي 
ينادينى من ها ؟) 

الكنك تعرف ذلك يازرادشت» أجابه الرائي بحذة» فلم تتماكر إذا 
وتخادع؟ إنه الإنسان الأعلى هو الذي يصرخ نحوك! 

«الإنسان الأعلى!» صاح زرادشت وقد تلبّس به الذعر. ماذا يريد 
وقد غمر سعحنته العرق . 


لكن الرائي لم يرد بشي ء على خوف زرادشت وظل يصحي يبوب 


 ناسنإلا عن «غواية الشفقة» والاستجابة إلى صرحة المستغيث يكتب نيتشه فى هذا هو‎ )١( 
اليه لزن مزه ادف‎ OE BT TE هذه الغذى ر‎ A 
التضاتل الناميةة واف وصقت مف ران اقرا زرا ا داس نيه إلى ات‎ 
زرداشت صرحة استغاثة عظمى وفيها تظهر الشفقة كآخر خطيئة تتليس به وتسعى إلى‎ 
انتزاعه من ذاته . أن يظل المر ء هنا سيّد نفسه. وأن يحرص على الحفاظ على سمو مهمته‎ 
نقيا من الغراتز الوضيعة الكثيرة التي لا ترى إلى أبعد من أنفها والتي تحرّك الأفعال الغيرانية‎ 
المزعومة» لهو الاختبارء ولعله الاختبار الأخير الذي كان عط رادت أن يجتازة:‎ 


البرهان الحقيقي على قوته. . .٠.‏ 


إلى الوادي. وبعد أن ساد الصمت لمدة طويلة استدار بوجهه عن 
الوادي مجددا ليرى زرادشت يقف مرتعدا. 

«أي زرادشت» قال يخاطبه بصوت حزين» إنك لست واحدا 
تصيبه سعادته بالدوار؛ وسيكون عليك أن ترقص كي لا تقع مغشيا 
0ك 

لوجتي لو اتك رادت أن ترفن وان قف كل فاتك 
البهلوانية أمامي فليس لقائل أن يقول لي : «أنظرء هنا يرقص الإنسان 
المرح الأخير!» 

بلا جدوى سيكون صعود امرئ إلى هذه الأعالي بحثا عن هذا 
الإنسان المرح: مغاوز سيجد دون شك ومغاورٌ خلفيّة متوارية. 
ومخابئ لمختبئين» لكن لا آبار سعادة ولا حجرات كنوز وعروق 
ذهب السعادة الجديدة. 

السعادة! - كيف للمرء أن يعثر على السعادة بين هؤلاء المطمورين 
والنشاك المعتزلين! هل سيكون على أن أبحث عن هذه السعادة 
الأخيرة في الجزر السعيدة النائية ويعيدا بين البحار المنسية؟ 

لكن الكل سواءء ولا شيء جدير بالعناء؛ عبث هو كل بحث 
وعديم الفائدةء فليس هناك من جزر سعيدة!» 

هكذا أنهى العراف كلامه متنهداء لكن مع زفرته الأخيرة كان 
زرادشت قد استعاد صفاءه وثقته» مثل واحد قد طلع للتو من هاوية 


)١(‏ فى كنش المسودات ؛ شتاء 1884 نقرأ فى الشذرة ]۳٤[ ۳١‏ نقرأ هذه الكلمات على لسان 
زرادشت الذي كان يخاطب دسره وحيته: «أي حيوانىٌ إن سعادتى العظمى تُصييئى 
بالدوار! علي الآن أن أرقصء كي لا أقع مغشيًا علي ٠!‏ 


م 
ب 


عميقة إلى الضياء. «كلاء كلاء وكلا ثالثة! صاح بصوت حادٌ وهو 
يمسح بكفه على لحيته ‏ إنني أدرى بالأمر! ما تزال هناك جزر سعيدة! 
ولتكف عن مثل هذا الكلام يا كيس الأحزان المتنهد! 

كف عن الغرغرة أيها السحابة الثقيلة في سماء الضحى! ألا ترى 
كيف أنني أقف هنا مبللا بأساك أقطر مثل كلب؟ 

والآن ها أنذا أنفض نفسي وأفرٌ بعيدا عنك كي أجف من جديد؛ 
فلا يفاجئئك هذا! أم تراني أبدو لك غير مهذب معك؟ لكنني في 
مملكتى هنا" . 

أما عن إنساتك الأعلىء فأنا ذاهب توًا لأبحث عنه في هذه 
العا كيف للد 2 0 ميو قف N‏ لد معط E‏ 
هناك . 

إنه في أرض سيادتي الآنء لذلك لا أريد أن يمسه سوء هناء 
وحقا أقول لك إن هناك وحوشا مفترسة شرسة في مملكتي». 

نهذ الكلمات استداز زراشتت: يريد الانتضراف: . لكين الرائئ 
خاطبه: «أي زرادشت. إنك مهرج ماكر! ش 

أعرف ذلك» إنك تريد أن تتخلص مني؛ وإنك لتفضّل أن تدخل 
الغاب وتركض وراء الوحوش المفترسة! 

لخن ی نفع لك في هذا؟ فمساء ستجدني مجدداء ذلك انی 
سأظل جالسا هنا في مغارتك صبورا وثقيلا مثل جذع عتيق - منتظرا 
عودتك !» 


Me 10 )١(‏ تعني في الألمانية ساحة بيتي» وبستاني ومزرعتيء كما تعني بلاطي» 


ومملكتن : 


0١ 


«ليكن! أجابه زرادشت وهو بىتعد» وکل ما هو ملك ل في هذه 
المغارة هو لك أيضا يا ضيفي ! 

اذا ها وعدت ا أيه و اة وت 
من مرارة روحك أيها الدب المدمدمء لأننا سنكون على مزاح رائق 
تؤدي رقصة الدب على إيقاع آناشيدي. 


لأ آنا ايفن وا 


اتكلن وراد قي 


محادثة مع الملڪين ”`“ 


لم تكن قد مرت ساعة على زرادشت وهو يتمشى داخل جباله 
وغاباته حين لمح فجأة قافلة غريبة تسير هتاك . فوق الطريق نفسها 
التى كان يريد الانحدار منها كان هناك ملكان يتقدمان باتجاهه يزينهما 


)١(‏ المحادثة مع الملوك تظهر شي اك ر سن موقع داخا إل مسودات نيتشه؟ فى كنشات مائقة 
7 الشترة رقم 117 )وقد احملا ته کا في ما بعد ولم تتلا في هذا الفصل . 
كنشات شتاء ١4484‏ 46 . الشذرة 51 [11] تحت عنوان : #محادثة مع الملك» حيث 

يظهر دوق شه یاک 0 أو ا لجن 5 له يه التي 


ثم 


داخل نص قد ت أكثر وأخذ شكلا فيا أكدر دقة ت وأكثر a‏ ا بما يتناسب أكثر 
وروح الدعابة والخفة النيتشوية: 
- آری ملوكا أمامي. لكنني أبحث عن الإنسان الراقي . (وليس الإنسان الأرقى أو الأعلى ۔ 
المترجم) . 
بسيف كلمتك القاطع هذه تفلق العتمة الكثيفة الني تغمر قلوينا. 

6 1ش 

ا زرادشت إن في قلوبهم من الحس يما هر صحيح أقل مما في إصبع قدمك الاأيسر . 
ا ا ربهة عن ي الو : هنأ يشتهى ي المرء أكثر وا سيان يككون آخر 
الخلى على أن يكون الأفضل بين الشعب. 
ل على المرء أن يكون حاملا لعينه فى قماه! 
ح شكاتوة او ن ارد دليف انيم د اهما قبن قان ای 2 


EON 


تاتكاة وعد اماف سن N‏ ناموس دوقتو الوق العامة 35 ركان 
يسوقان حمارا محملا يسير أمامهما. «عم يبحث هذان الملكان في 
مملکتي؟» قال زرادشت مخاطبا نفسه وسارع إلى الاختباء وراء دغل . 
لكن عندما اقترب الملكان من مخبئه قال بصوت نصف مسموع كمن 
يخاطب نفسه: «يا للغرابة! يا للغرابة! أي منطق في هذا؟ ملكيّن أرى 


2 وحمارا واحدا!) 


عندها توقف الملكان عن المسير وابتسما ملتفتين إلى الموقع الذي 
جاء منه الصوت» ثم نظرا إلى بعضيهما. «هذه أشياء تخطر بذهن 
المرء عندنا أيضاء لكن لا أحد ينطق بها». هكذا قال الملك الذي 


على اليمين. 


. عنيد مثل فلاح قروي فظ وماكر على حد السواء‎  : 

- يتشبثون بالقوانين ويحلو لهم أن يسموا القوانين #أرض اليابسة»؛ ذلك أنهم متعبون من 
المخاطرء لكنهم في الحقيقة يبحثون عن رجل عظيم. ملاح عتيد تنسحب القرانين ذاتها 
متقهقرة أمامه. 

(...) اناس دوو توايا طيبة لكنهم غير ثابتين على أمرء يتطلعون بشهوة إلى كل ايد 
هؤلاء الأقفاص بقلوب ضيقة. الغرف المدخنة والحجرات الرطبة - يريدون أن يكونوا 
عقولا حرة - 

- من جنس الرعاع يحسون باأنفسهم لحما ودما وقلباء ويرغبون في إخفاء ذلك وفي 
الاتشاح بحلية الرفعة. إن الشرف غطاء GF pep‏ يسمون ذلك. ويجتهدون 
فى ذلك بكل حماس . / يتكلمون عن سعادة السواد الاعظم ويضحود بكل مستقيلىٌ 
ولهم فضيلتهم التي لا تشترى بأي ثمن. لا تعرض عليهم ثمنا زهيدا لثلا يقولوا لآ» 
وينصرفوا عنك منتفخين واثفين أكثر في فصيلتهم: «نحن الذين لا تشترى ضمائرنا 
بثمن!0(...). 

)١(‏ يشير مونتي وكولليناري إلى إمكانية اقتباس هذه الصورة عن غوته في «الشعر والحقيقة» 
الكتاب الخامس (حول احتفالات تتويج القيصر جوزيف الثاني في مدينة فرنكفورت التي 
يصورها غوته بطريقة كرنفالية تقريبا). وقد سبق لنا أن تعرضنا لصورة التحام فى فصل 
«الألواح القديمة والألواح الجديدة» في وصف الهيآت المزوقة الملونة لأهل البلاط أيضا. 
2 

10 


لكن الملك الذي على الشمال هز بكتفيه وأجاب: «إنه دون شك 
واحد من الرعاة. أو لعله ناسك قد مر عليه زمن طويل بين الصخور 
والأشجار. إن العيش في عزلة تامة يفسد الأخلاق الحميدة هو 
أيضا» . 

«الأشلاق الحميدة؟2 رد عليه التلف الاخ مها ونتي من 
المرازةء! اوا رانا فازنن إذا؟ اليس من «الأخللاق الحميدة»؟ ومن 
(مجتمعنا الفاضل»؟ 

اله لحن واف أن يعيش الخ ن الزعاة والكاك من العيين 
بين الرعاع ال الكاذنة المووقة انما عون وان سونت لها 
(امجتمعا فاضلا)2 

- وإن سمّت نفسها «نبيلة» أيضا. فكل شيء كاذب فيها وفاسدء 
والدم على وجه الخصوص» وذلك بسبب من أمراض سيّئة قديمة 
ومتطببين أكثر سوء. 

أفضل لدي وأحبّ اليوم فلاح قرويّ معافى فظء ماكرء مثابر 
عنيد؛ فذلك هو النوع الأشرف في هذا الزمن. 

إن الفلاح القروي هو الأفضل اليوم؛ وإ جنس الفلاحين هو 
الذي ينبغي أن يكود سيدا! لكنها مملكة الرعاعء - ولن أدع نفسي 
أخدع بوهم بعد الآن. لكنّ الرعاع تعنيى: الخليط . 


O ES EE‏ مارو الوق 
والنبيل واليهودي وكل ضروب الدابة مما جمعت سفينة نوح . 

أخلاق حميدة! كل شيء كاذب وفاسد. لا أحد يعرف معنى 
للاحترام؛ ذلك بالذات هو ما أردنا الفرار منه. كلاب متذللة متطفلة 
تشتغل على طلاء السعف بالذهب. 


93 


يخنقني هذا القرف» أن نغدو نحن الملوك أيضا مزيّفين» متشحين 
مغمورين بشتى الأوشحة والنياشين متنكرين في زيٍ الأبهة العتيقة 
الذابلة لاحذادنا » مبداليات فخرية لاغ الأغيباة وأعظر الشاطوية 
وكل من يتعاطى السمسرة بالسلطة في هذا الزمن! 

لسنا صفوة الناس - ومع ذلك علينا أن نظهر كذلك؛ لقد شبعنا 
أخيرا وأصابنا القرف من هذا الخداع. 

هربنا من الرعاع وكل الزاعقين وذباب الكتابة الأزرق» من عطونة 
البقَالين وارتعاصات الطموح ومن الأنفاس الكريهة ؛ أف أن يعيش 
المرء بين الرعاع! 

أف؟ أن کو :الا غاز بين الرعاع ! آف! يا للقرف! يا للقرف! يا 
للقرف! آيّة أهمية لنا بعد نحن الملوك!» 

«إنه مرضك القديم يعاودك قال الملك الذي على الشمال؛ إنه 
القرف كيه نكا أحى: المينكين؛ الكيك تعليى أن هنا أحدا يستمع 
ألا 

وفي الحين هب زرادشت الذي كان يستمع مصغيا بكل انتباه إلى 
ذلك الحديث» وخرج من مخبئه متقدما نحو الملكين ثم شرع في 
الكلام هكذا: 


هذا الذي كان يستمع إليكماء ويستسيغ الاستماع إليكما أيها 


الملكان إنما يدعى زرادشت. 

إنني زرادشت الذي قال ذات مرة: "وما أهمية الملوك؟؟ لتغفرا لي 
تقد ابعيحت لسماعكما وأتتما ةر لان لبعفكهاة :«أئة أهمية: لنا تعد 
نحن الملوك!» 


ER! 


أما هذه فمملكتي هنا ورقعة سيادتي؛ فع تبحثان إِذّا هنا في 
مملكتي؟ لكن لعلكما قد عثرتما في الطريق على ما أبحث عته أنا: 
أعني الإنسان الأعلى» . ش 

ولما سمع الملكان هذا الكلام ضربا على صدريهما وتكلما بصوت 
واحد: القنة كت اا 

بسيف كلماتك القاطع تفلق العتمة الكثيفة التي تغمر قلبينا. لقد 
كشنة عن أسان: ذلك أننا اسن :فى رة ليحت عق الإتسان 
الأعلي ب 

الإنسان الذي هو أرقى منا؛ وإن كنا ملكيّن. وقد جتنا بهذا 
الحمار اليكو نفنظنة “لهك قال اة لاع انيد أن كرون المد الا عن 
کان ا رن اا 

وليش هتاك من “نصسة أكبز راقشىئ فى المصنائر البشرية كلها من أن 
لا يكون أصحاب الجاه في الأرض هم الأولون من أفاضل الناس. إذ 
عندها يغدو كل شيء مزيّفًا كاذبًا ومعوجًا وفظيعًا. 

وإذا ما كان أصحاب الجاه من أسافل الناس وأقربٌ إلى الدابة 
منهم إلى الإنسان» فسيرتفع عندها شأن الرعاع ويرتفع» وبالأخير تنطق 
فضيلة الرعاع أيضا: «أنظرء آنا وحدي الفضيلة!». 

ناهذا الذي أسمع؟ أجابهما زرادشت. أي حكمة على أفواه 
ملوك! إنني لمفتونء والحق أقول لكما إن بي رغبة في أن أنظم مقطعا 
في هذا الام 

- وليكن مقطعا قد لا تستسيغه کل آذنء فأنا قد نسيت من زمان 
مراعاة الآذان الطويلة. هيّا! إذا! 


{9¥ 


(لكن هنا حدث أن نكل الحمار بدوره الكلمة : لكنه بوضوح وبسة 


خبيثة صاح: إي ‏ آ!)7) 


ذاه هة فى البجة الأولى :من رمن الخلاض على ها أظن - 
الت الوافة سكرئ من دون حمر 

«الويلء هي ذي الحال تسوء! 

نا "تيار انبا اليا د ناذا لم ينحط العالم إلى مثل هذا الدرك! 
روما تحط اا وعد وکا ارات 


Ee o E عون سس رونا‎ O 


A 


(۱) 
(TY) 


(۳) 


(€) 


2) 


أنظر الهامش رقم ۲ ص۹٦۳‏ من فصل «عن روح الثقل». 

يذكر زرادشت العرافة بإسمها الرومانى المعروف 515113 وهى لدى الرومان نبية وعرافة 
في الآن نفسه ومعانة ينات الا اة داردانوس ملك طروادة في المعتقد الروماني. 
وهي التي قادت إينيه في رحلته إلى العالم السفلي. ومؤلفة الكتب السيبيلاينية التي كانت 
محفوظة في معبد الكابيتول بروما. قد رسم صورتها كل من ميكيل أنجلو وتینتوریتو 
ورامبرائندت. 

صورة المدينة العاهرة مستقاة من رؤيا يوحنا الإاصحاح ١7‏ بكامله في كلامه عن بابل ؛ مثلا 
ثم جاء واحد من السبعة الملائكة الذين معهم السبعة الجامات وتكلم معي قاثلا لي هلم 
فأريك دينونة الزانية العظيمة الجالسة على المياه الكثيرة: التى زنى معها كل ملوك الأرض 
وسكر سكان الأرض من خمر زناها. . .٠.‏ يكن هه يقلت الصوزة فالعاهرة هنا هى 
رونا اقرن ساسك A‏ ۰ 
لعل هنا إشازة إلى تبني ,وتنا السسيفية كديانة رسيية للدولة الرودائية على غد قسططين 
الكبير فى سنة 7١7‏ بعد أن كانت تناصبها العداء وتعاملها باحتقار معتدة بآلهتها المنحدرة 
فق أل إغريقي + ل بول ماناس ر ئ فن قلف خا سكة على الملق عالوغولة الى 
يروي عنه المؤرخ سويتون بأنه قرر أن يجعل ذات يوم من حصانه إينسيتاتوس قنصلا. 
بحسب التصور المسيحي لتجلي الله في صورة وجسد عيسى ابن الإنسان. 


OA 


۲ 

استساغ الملكان هذا النشيد الذي نظمه زرادشت أمامهماء لكن 
الملك الذي على اليمين تكلم قائلا: «أي زرادشت» لكم کان حسنا 
فا افعلنا عندها سرا ها عر لقناك! 

لأنّ أعداءك أرونا صورتك في مرآتهم؛ وكنت تظهر بتكشيرة 
شيطان وضحكة ازدراء» مما جعلنا نفزع منك . 

لكن مانفع خوفنا ذاك! لأنك على الدوام كنت لا تكف عن وخر 
مامتا وقلونًا مقر لات كنك تحن نطقنا' خير ا وها أهمية منظرة 
بالنهاية؟ 

لا بد أن نستمع إليهء هو الذي يعلم «عليكم أن تحبوا السلام 
وسيلة لحروب جديدة» والقصيرٌ من فترات السلام أكثر من طويلها!". 

أبدا لم يكن لأحد أن تكلم من قبل بمثل هذه العبارات الحربية : 
«أي شيء يعد حسنا؟ أن يكون المرء شجاعا أمرٌ حسنٌّ. والحرب 
الجيّدة هي التي تضفي قداسة على كل قضيّة). 

آي زرادشت إن دم آبائنا قد اضطرب في عروقنا لسماع هذه 
الكلمات؛ لقد كانت مثل حديث الربيع إلى دنان الخمر المعتقة. 

عندما تتلاحم السيوف وتتداخل مثل حيات مرقطة بالحمرة» عندها 
كانت تروق لأبائنا الحياة؛ وكل شموس السلام كانت تتراءى لهم 
شاحبة فاترة؛ وفترات السلام الطويلة كانت تغمرهم بالخجل . 

وكيف كانوا يتنهدون؛ أولتك الآباء وهم يرون إلى السيوف المعلقة 
جافة ملتمعة على الجدران! ومثلها تماما كانوا يتلهفون ظمأ إلى 


0۹ 


الحرب. لأن كل سيف يتعطش إلى شراب من الدم ويبرق متوهجا 
بالرغبة في الدم». 

وها كان الان نزو كان هكد وك لمان همام عن ماد 
آبائهما تملكت زرادشت رغبة كبيرة في أن يسخر من حماستهم؛ ذلك 
اد ا ج الذي كان ناته لكان معالمان كه كان ةو 
واضحا من سحنتيهما المترعة برقة وسكينة الشيخوخة. لكنه تمالك 
نفسهء وهكذا تكلم يخاطبهما: «هيا! إلى هناك تمضي الطريق؛ هناك 
توجد مغارة زرادشت؛ وليكن لهذا اليوم مساء طويل! لكنّ صرخة 
ا ی ا 

وإنه لشرف لمغارتي أن تستقبل ملكيّن يتفضلان بالجلوس داخلها 
وبالانتظارن» غير أنه سيكون علكما أن نظا طويلة! 

لكن ما أهمية ذلك؟ إذ أين يمكن للمرء اليوم أن يتعلم الانتظار 
كما في القصور؟ وكل ما تبقى من فضيلة للملوك اليوم ‏ أليس ذلك 
الذي يسمّى : القدرة على الانتظار؟» . 


. نقرأ في الشذرة 51115] «الجنة في ظل السيف» (مثل مشرقي)‎ ۱۸۸١ في كنشات ربيع‎ )١( 


aE 


العلقة“ 


واواضل رادت سيره تمك اوهو تحور أك فار عير الاباك 
مارا بمستنقعات ؛ لکن وكما يخدت لكل من يفكر في أشياء عظيمة 
الأهمية» ها هو يدوس في غفلة منه على إنسان. وإذا وابل من صراخ 
ألم وبذاءتيْن وعشرين شتيمة تبصق كلها دفعة واحدة في وجهه؛ مما 
جعله في غمرة الذعر يرفع عصاه ويهوي بها على ذلك المُداس. لكنه 
سرعان ما ثاب إلى رشده» وإذا قلبه يضحك من الحماقة التي ارتكبها 


للتو. 


0 العنوان الأولي الذي جاء في المسودات هو: «صارم الضمير العقلي الصارم" أر‎ )١( 
TANE التدقيق ا الصارم» . كما تحتوي ى الشذرة 3 4 من - كنشات تجا‎ 
0 على مخطط أولي لهذا الفصل تحت عنوان صم ر العلم الصارم؛ ا نورد منها بعض‎ 
التى تبرز بصفه واضحة ومباشرة التقابل ۽ الذي يقيمه بين العارف» أو الساعي إلى ) المعرفة‎ 
ودوق التدقيق العلمى الصارم. أو حراس المعر فة . سالك دروب |! لمعرفة ؛ يتساءل » بيلما‎ 
حارس المعرفة يجيب ويهزئ ويقصي ويلبذ:‎ 
اواحد من علماء وفتنا الحاضر يسأل: ما هو الإنسان ياترى؟ أهو الله نفسه في هيأة‎ - 
يجيب ليشة دنه عن هذا السؤال ل في كتاب ما وراء الخير والشر فيكتب في الشذرة‎ ( 
اواليوم بوسعي أن أرى بسهولة في أحد العلماء تحول الإله إلى حيوان»).‎ ١ 

- أناس فان روف ارد ون أولتك إلذين لا يريد المرء أن يعصدق حمافاتهم؛ اكات يتأونها 

ال ی على أنيا جيل ا 
(هذه الجملة آيضا ترد فى ما وراء الخير والشر: الشذرة 1۷۸ كالآتى : «لا أحد. يصدق- 


11 


«عفوا!» قال مخاطبا ذلك المداس الذي هب حاتقا ثم جلس من 
جديد. «عفواء ثم إليك أولا بهذا المثل. 

مثل مسافر منشغل بالتفكير في أشياء بعيدة ترتطم قدمه دون انتباه 
منه يكلب نائم؛ كلب كان مستلق في الشمس؛ 

وكيف يقفز كل منهما ويرتميان الواحد على الآخر مثل عدوّين 


-بحماقات الفطنين : أي ضرر يُلحق بحقوق الإنسان!). 

- لضمير العلم الصارم عينان باردتان وجافتان» وکل شيء يستلقي أمامه مجردا من الريش 
وبلا لون؛ يعانى من عجزه عن الكذب ويسمى ذلك (إرادة الحقيقة»! 

كشع تار را مع که على راو وع تقد ووه وا و 
لكن التحرر من الحمى لا تعني «عرفانا» . 

الو و ا كلها ایا ری ا و ا ا ا 
لكنهما يجتاجان كلاهما إلى نفس الكلمات . 

لا يكفي أن يكون للمرء اليوم عقل: على المرء أيضا أن يتخلص منهء أن ايجتث» من 
نفسه العقل ؛ لكن ذلك يتطلب الكثير من الشجاعة. 

_ هناك أيضا أولئك الذين طالهم الفساد بما فيه الكفاية كيما يجدوا طريقا إلى المعرفةء 
لأنهم معلمون: فقط من أجل تلامذتهم يأخذون الأشياء ‏ وأنفسهم أيضا ‏ بجديّة . 
(نجد صدى لهذه الجملة أيضا في ما وراء الخير والشر؛ الشذرة 77 : «من كان معلما في 
طبعه العميق» يأخذ الأشياء ‏ بما فى ذلك نفسه ذاتها ‏ بيجدية وعينه على تلامذته .2. 
هي ذي تقف هنا تلك القطط الغرائيتية الثقيلة ؛ قيم الأزمنة الخابرة: وأنت تريد أن تقلبها 
وتقوضها يا زرادشت؟ 

(E) 

- أيها العقل المثابر العنيدء الدقيق والتافه 

- دعني أحزرء فإن برهانك يتعب جوع عقلي. 

إنك لا تشعر حتى بأنك تحلم ؛ فما أبعدك إذا عن اليقظة! 

يا صديقي » إن الفضيلة لا تفعل شيئا «من أجل» و«لأن» و«لكي»؛ فهي لا تملك أذنا لمثل 
هذه الكلمات الصغيرة. 

)...( 

- عاجز . . . مثل جثة» ميت حبّاء مدفون» مغمررء لم يعد قادرا حتى على الوقوف هذا 
المجترٌ المتلصص فكيف له أن ينهض منبعثا من جديد؟!». 


1 


لدودين مذعورين كليهما الواحد من الآخر؛ هكذا حدث لنا الآن نحن 
أيضا . 

لكا وك وهنا عا على هة أن يعاق اعحدهنا لاخ 

«أيا كنت أيها الرجل» قال المداس ولا يزال حانقاء فإنك تدوس 
على الآن بِمَمَلك أيضا وليس بقدمك فقط! 

لتقن 1131 أأنا كالب ونيده الكلمات يفن ذلك الجالين وقد 
أخرج ذراعه العارية من المستنقع. ذلك أنه كان مستلق على الأرض 
مختيئا ومستترأ مثل واحد يترئص بطريدة من وحوش المستتقعانتة. 

«لكن ماهذا الذي تفعله!» صاح روا مدعو د وان دما دين 
يسيل فوق الذراع العارية. - وما الذي جرى لك؟ هل عضك حيوان 

عندها أجابه المدمّى ضاحكا وهو مايزال حانقا مع ذلك : «ما الذي 
يعنيك ف هنا؟» وكان يهم بالانصراف» (إننى هنا في موطني 
ومملكتى! 

ليسألني من يريد أن يسألني» غير أنه سيكون من الصعب على 
أهوج أن يظفر مني بجواب». 

«هيهات! أجابه زرادشت مشفقا وهو يمسك به من ذراعهء إنك 
مخطى؛ أنت لست في موطنك هنا بل في مملكتي» ولا أسمح بأن 
يصاب أحد فيها بأذى. 

ولتأغنى بما يحلو لك من الأسماء على أية حال؛ إننى الذي يجب 
أن أكون. أما أنا فأدعو نفسي بإسم زرادشت. 


GT 


هيا! إلى هناك فوق المرتفع يمضي الدرب الذي يقود إلى مغارة 
زرادشت» وهي اسك بحي ل رين أن تضمد جراحك عندي؟ 

لقد أصابك الكثير في هذه الحياة أيها الشقي؛ في الأول عضك 
الحيوان» وبعدها داس عليك الإنسان!)2. 

لكن ما أن سمع المداس إسم زرادشت حتى تبدلت سحنته. «ما 
الذي جرى لي إذا؟ راح يصرخ» ومن تراه يشغلني أكثر في هذه الحياة 
كلو .داك الإنان. الفريق الدق بتي زرادشيف»::وةلف:الحنؤان 
الفريد الذي يغتذي من الدم: العلقة؟ 

من أجل هذه العلقة أستلقي في هذا المستنقع مثل صيّادء وكانت 
ذراعى الممددة قد غضت عشرة مرات عندما جاءءت علقة ألطف 
لتمتص دمي : زرادشت شخصيا! 

يا للسعادة! ياللمعجزة! مبارك هذا اليوم الذي قادني إلى هذا 
المستنقع! مبارك أفضل مڅجم حي والاك عبرو سو ين كل 
المحاجم» مبارك زرادشت علقة إا لوعي العظيمة!» . 

هكذا تكلم المداس. وقد أفرحت زرادشت كلماته وما ترشح به 
من إجلال وإكبار. «من أنت؟» سأله عندها وهو يمد يده للمصائحة. 
إن بيننا آمورا كثيرة سيكون علينا أن نوضحها ونجلوها؛ لكنني أرى 
انيار وقد غذا الان أك مقا وجلا 

آنا رجل التدقيق والتمحيص العقلي. آجاب الرجل» وليس هناك 
في مسائل الفكر من هو آكثر صرامة وأكثر شدة وأكثر قسوة مني» 
سوى ذلك الذي كان معلمي في هذا كله؛ ألا وهو زرادشت. 

وإاته لمن الأفضل أن لايغرت المرء شا من أن تكون له نضصف 


14 


معرفة بالكثير من الآشياء! الوا أن ا الحمق مستقلا بذاتي من 
وأية أهمية أن يكون ذلك العمق كبيرا أم صغيراء أن يدعى مستنقعا 
أم سماء؟ إن سعة الكف من أرض لكافية بالنسبة لي؛ شريطة أن تكون 
بحق أرضا متينة وقاعدة صلبة”* . 
سعة الكف من الأرض؛ فوقها يمكن للمرء أن يقف بقدم ثابتة. 
ففي مجال التدقيق المعرفي الحق ليس هناك من كبير أو من صغير. 
تملك E‏ 'الخارف؟ تالخوال العلمة : إذا#دوانلك تدهيها PE‏ 
أغوار العلقة إلى أعمق الأعماق. أيها المدقق الصارم؟» 


التحرش به! 
وإذا ما كان هناك من مجال أعتبر نفسي العارف به والمعلّم الحاذق 
فيه» إنما هو دماغ العلقة: ‏ ذلك هو عالمي أنا! 
وهو عالم قائم بذاته على آية حال! ولتغفر لي إن نطق افتخاري 
لذلك قلت قبل حين (إنني هنا في مملكتي» 
(i)‏ عبارة rund und Boden‏ تعني حرفيا: أرضية وقاعدة. لكن هناك تلاعب على المعاني 
المختلقة التي تؤديها عبار رة Grund‏ فهي د تعنى العمق ٠‏ والقاع. والأساس» وفى فى الوقت 
نقسه الآأرض» والقاعدة؛ كما أن عبارة Grund und Boden‏ التي معناها احرف قاعدة 


وأرضاء أو أرضا وقاعاء تعنى فى الاستعمال الألمانى: كلياء وبصقة جذرية وعليقة . من 
هنا الصعوبة الكبرى في ترجمة المقصود من وراء ظاهر اللفظ . 


10 


ولكم قضّيت من الزمن متفليا هذه المسألة الوحيدة؛ دماغ العلقةء 
وذلك كي تكف الحقيقة المتفلتة دوما عن الإفلات من قبضتي! إنني 
هنا في مملكتي! 

- من أجل ذلك أهملت كل شيء سواه» ومن أجل ذلك غدا كل 
شيء سواه لا يعنيني؛ وجنا إلى جنب مع علمي تمتد ظلمة جهلي . 

ضميرُ عقلي هو الذي يريد لي أن أعرف شيئا واحدا وأكون جاهلا 
بكل ما عداه: إنني أقرف من كل أنصاف العقولء كل العقول 
اأ اف وال هة قاس 

وحيث تنتهي نزاهتي أكون أعمى» وأريد أيضا أن أكون أعمى . 
لكن حيث أريد أن أعرف أريد أيضا أن أكون نزيها؛ أي قاسياء 
شديداء صارماء فظيعاء بلا هوادة. 

وإن قولك ذات مرة يازرادشت: «العقل هو الحياة التي تحز وتقطع 
في لحمها الخاص» هو الذي استهواني وقادني إلى تعاليمك. وحقا 
أقول لك إنني بدمي قد جمّعت وراكمت علمي الخاص!» 

«وإن منظرك لشاهد على ذلكء والمشاهدة خير دليل» قال 
زرادشت؛ ذلك أن الدم ما يزال متدفقا من الذراع العارية للمدقق 
الصارم. إذ كانت عشرة علقات في الحقيقة قد عضت على ذلك 
الموضع . ١‏ 

«أوء أيها الرفيق العجيب» أيّة دروس ترشح لي بها هذه الهيأة؛ 
أعني شخصك! ولعله لا يحق لي أن ألقي بكل شيء إلى أذنك 
ا 


C11 


هاا لنفترق هنا! لكنني آريد أن ألقاك ثائية:. إلى هناك يصحذ 
الدرب الذي يقود إلى مغارتى › ولتكن ضیفی المعزز ف هذه الليلة ! 
بقدمه: ذلك ما أفكر فيه الآن. لكن علي أن أنصرف عنك الآن إلى 


ب 4 ا ع صرخه تعد 2 ا 


هكذا تكلم زرادشت . 


لا 


الساحر”"' 


ومقننا كان ووا لوقك لك حول جر راع عبر ن ته 
وعلى تسن الطريق التي كان يسلكها رجلا يلوح بدذراعيه مثل المعتوه 
ثم ينطرح بكل جسذه على الأرضص. «قف! قال زرادشت مخاطبا 
نفسهء هذا الذي أرى هناك لا بد أنه الإنسان الأعلىء وأنه هو الذي 
كان يرسل بكل ذلك الصراخ المستغيث الأليم؛ لا بد أن أنظر إن ثمة 
ما يمكن مساعاته به». لكنه عندما هرع إلى الموضع الذي كان 
يستلقى فيه ذلك الرجل وحد أا عجوزا سينا مر تعدا وبعينين 
متجمدتين» وعيثا كانت بعدها كل جهود زرادشت ومحاولاته أن 
يُنهضه ويجعله يقف مجددا على قدميه. بل إن ذلك الشقى قد بدا كما 


]۸1 ۳١ العنوان الأولي كما برد في المخطوطة الأصلية هو: تائب العقل». لكن الشذرة‎ )١( 





من كنشات خريف 1885 تئت عنوان #الاأحر». فى هذه الشدرة يرد ما يلى: امتعب 
:5 ناه ووو حطورى نف ای و عط الكو ل يعد ناك عرد ل وكيك 
أيضاء / عرفتك قال زرادشت جاقاء إنك ساحر الجميعء لكن يبدو لي أنك ودل الذي 
جنيت كل القرف./ إنه لمشرف لك أن كنت قد سعيت إلى العظمة» لكن سعيك قد 
خانك هو أيضا؛ فأنت لست عظيما. / من أنت؟ قال الساحر مستاء وبعين ملؤها العداه. 
من يسمح لنفسه بمخاطبتي هكذا؟/ أنا ضميرك القاسي الشديد. أجابه زرادشت وأدار 


ظهره للساحر». 


لي أنه م يكق يدرك حتى وجود شخص إلى جانبه أصلاء بل قر من 


مثل امر ې غ و حد» Es he‏ ا لکله» وعد 
ارتعاشات وتشنجات وتلويات كثيرة راح بالأخير ينا هكذا: 


للك 


e‏ 2 1 . ا 


ناو ولوني أيدٍ حازة! 

ناولوني مجامر للقلب! 

ممدداء تقضني الرعد 

مثل محتضر تدلّك قدماه الباردتان - 
مزعزع الأركان أواه! بحمى غريبة» 
مرتعدا تحت وقع سهام من جليد قاسية/ » 
ملاحَمًا بك أيتها الفكرة! 

الفكرة النكرة!المقتعة! الفظيعة! 


الصياد المستتر وراء الغيوم! 


بکائة الساحر هذه قد نظہها ته © في ألياءاية كقصيدة ٠ AA E‏ في 
المجلدث 1 من الأعمال الكاملة + الشأر [YY NNE‏ نو جد الساغة الا على لهذه القصيا 5 
تحت عنوان: «الشاعر معاناة السد لسبدع1. د ثم قرا في الشدرة ۲۹ [۲۲) هذا المقطع 
القصير : ااهل من أحد يحبنى بعد؟ - عقل بقشه البردم صرّعئ/ شاعر/ ملك». 58 
يعيد كتابة هذه القصيدة في مسودات الكتاب الثاني من زرآدشت تحت عنوانين مختافین : 
او ن الوحدة : السابعة» و«الفكرة؟: > ثم يعيد كتابتها في الشذرة ١‏ ۳[ ۴۲] من نفس ی اکت 
لكن بصياغة تكاد تكون نهائية. أو أقرب كثيرا إلى الصيغة التى ترد عليها فى هذا الفصل . 
وفى كنش ديسمبر ۱۸۸۸ ۔ جانغى ۱۸۸۹ تتحول بكاتية الساءهر إلى قصيدة #شكوى أريان» 
التى ضمنها نيتشه داخل #داثيرامبوس ديونيزوس"». 


4 


مصعوقا بك» 

أيتها العين الهازئة التي ترمقني من وراء العتمة: 
ع هكذا أستلقن : 

انلز الى ما 

بكل الضربات .الموجعة الأبدية. 

مصابا بسهمك أيها الصيّاد الفظيع 

ا آنا لالم او 


لتضرب عميقا وأعمق 

اضرب مرة أخرى! 

مرق وفتّثْ هذا القلب! 

ما نفع هذا التعذيب بسهام كليلة؟ 

لم ترمقني مجددا هكذاء 

مثابرًا لا تعرف كللا من عذاب الادميين» 

بعينين صاعقتين تبرقان برغبة إله شامت متشف؟ 

ا لا ريك 

بل عذابًا فقط؟ وعذابا؟ 

لأي غرض _ تعذبني أيها الإله الشامت المجهول؟ - 
* ”د * 

ها ها! تتسلل خفية؟ 


ع 


عم تبحث في هذه الساعة المتأخرة من الليل؟ 
- ° 

تكلم ! 

و 

ها! تضق على الخناق! 

1*1 > 

EE 

تصغي إلى انفاسي؟ 

تسترق السمع إلى قلبي؟ 

أيها الغيور - 

غيور مماذا یا ترى؟ 

تنخ! تنخ! لِم هذا السلّم؟ 

تريد الدخول؟ 

ولوج قلبي؟ 

تريد الصعود؟ 

إلى أفكاري الخفيّة تريد الصعود؟ 
أيها اللص المجهول ‏ الذي لا يستحي! 
ها الدئ رید أن ی؟ 

عم تريد أن تتجسس؟ 

ا معذب الأرواح! 

أيها الإله الجلاد! 


مخلصاء مولعا أطير ولهاء 


N TEE 

أيتها اللحسكة الفظيعة! كلا 

لست كلبا ‏ بل فقط طريدتك الوحشيّة أناء 
أيها القناص الشنيع! 

اسر دن الكترياءه 

االله .الي ورا ابا 

تكلم 
ماذا تريد مني يا قاطع الطرقات؟ 

أيها المجهول المتلفع بالبروق! تكلب! 
ماذا تريد أيها الإله المجهول؟ ‏ - 


إذا! 


ماذا؟ فديةً؟ 

تريد فدية؟ 

لتطلب الكثير إذا؛ تلك نصيحة كبريائي لك! 

وليكن كلامك قليلا؛ تلك نصيحة كبريائي الأخرى! 
ها ها! 


لاع 


تريدني - أنا؟ آنا الذي تريد؟ 


ایک 


ها! ها! 
وتعذبني» أيها المجنون. 
وتجلد کبریاتی؟ 


الس ان من يدفئني؟ 

أَمِنْ أحد ما يزال يخبني؟ - ناولني يدين حارتين» 
eT‏ 

أعطني » أنا المتوخد 

الذي علمه الصفيعٌ وسبعٌ طبقات من الثلج على القلب 
كيف يحنّ ويشتاق حتى إلى أعداء 

لاحي رساو 

يها العدو الفظيع ‏ 

مويك سكي 


ايتعد! 

ها هو قد فر 

رفيقي الوحيد والأخير. 
عدوي الا کر 

عدوي المجهول. 


لا 


إلهي الجلاد! ‏ 


كلاء لتعذء 

بكل ضرباتك الموجعة! 

أو وا ا وو جد لدتو دين ! 
عد فكل جداول دموعي تنسكب 

سائلة نحوك! 

وشعلة قلبي الأخيرة - 

تضطرم لك أنت وحدك! 

أواه عد 

إلهي المجهول! يا عذابي! وسعادتي اا 


* *% * 


- ههنا نفذ صبر زرادشت ولم يعد يتحمل من مزيد» فأخذ عصاه 
وبكل ما لديه من قوة راح يضرب المتذمر المتفجع. «إخرس!» صاح 
فيه مجلجلا بضحكة الحانق» «إخرسء أيها الممثل! أيها المزوّر! أيها 
الكذاب حتى النخاع! إنني أعرف جيدا من آنت! 

سألهب ساقيْك أيها الساحر المشؤوم» إنني على دراية جيدة 
بالطريقة التي تحرق جلد هذا الرهط الذي على شاكلتك» . 

- دع هذاء قال العجوز وهو يهب واقفاء كُفَ عن الضرب يا 
زرادشت» إنما كنت أفعل ذلك لمجرد اللعب!» 


VE 


إن مثل هذا اللعب جزء من صناعتي» وقد أردت فقط أن أجرّبك 
عندما قدمت هذا العرض الاختباري! والحق آقول لك إنك نفذت 
إلى أعماقي بعينك الثاقبة! 

لكنك أنت أيضا قد قدمت لي عرضا لا يستهان به عن حقيقتك : 
إنك قاس يازرادشت الحكيم! بقسوة تجلد «بحقائقك» ‏ وعصاك 
القاسية هي التي انتزعت مني هذه الحقيقة انتزاعا!» 

- «لا تتملق» أيها الممثل الزائف حتى النخاع! أجابه زرادشت وهو 
ما يزال حانقا قاتم السحنة. مزيّف أنت؛ فأيّ كلام لك عن الحقيقة! 

يا طاووس الطواويس! يا بحر الغرور! أيّة مسرحية هذه التي تمثلها 
هنا أمامي» أيها الساحر المشؤوم! في منْ كنت تريدني أن أعتقد عندما 
كنت تتفجع بتلك الطريقة؟» 

الى تاتب العقل قال الجر 5ا هو اذى كدت امكل درر: 
أمامك» وإنك أنت نفسك من ابتدع هذه العبارة في ما مضى - 

الشاعر والساحر الذي يوجه عقله ضد نفسه بالنهاية» المتحوؤل 
الذي يتجمد بصقيع علمه ا لسيء وضميره. 

ولتعترف يا زرادشت الآن: لقد كان عليك أن تنتظر طويلا قبل أ 
تدرك حقيقة صناعتي وكذبتي! لقد اعتقدث في أساي مصدقا وأنت 
تزفع ارأسن بكلي يديك 

وقد سمعتك تتحسّر هكذا: «لم يُمنح ما يحتاج من المحبةء لم 
يُمنح محبّة!» أن أنجح إلى هذا الحد في خداعك. فذلك هو ما غمر 
خبشي غبطة حتى الأعماق. 

«من الأكيد أنك قد نجحت في مغالطة أناس أكثر شطارة مني 


{Vo 


أجابه زرادشت بحدة. آنا لست بالذي يحتاط من المخادعين؛ ينبغى 
على أن أكون دون حذر: ذلك ما يريده قدري. 

أما أنت»: فتفئ حاجة إلى الخداع؟ إنتي أعرفك جيدا كي أدرك 
ذلك! عليك دوما أن تكون مزدوج المعنى» ثلاثا وزباعا وخماسا في 
كل ما تنطق به وتفعله. وحتى هذا الذى اعترفت به الان فلا هو 
بصادق بما فيه الكفاية بالنسبة لي ولا هو بكاذب بما فيه الكماية أ 

هكذا كنت تزيّن وتقئّع كذبتك أمامي وأنت تقول: «إنما كنت أفعل 
ذلك لمجرد اللعب!» لقد كان هناك شيء من الجد أيضا في ذلك؛ 
ففيك أيضا شيء من تائب العقل! 

إنني أكعيه شخصك جيْدا: لقد كنت ساحر الجميع» لكن ما من 
حيلة لديك أو كذبة تجاه نفسك» - فآنت منكشف السر منقشع الهالة 
أمام نفسك! 

القرف هو ما جنيته كحقيقتك الوحيدة. وما من كلمة ظلت صادقة 
لديك» لكن فمك صادق مع ذلك؛ أعني هذا القرف الذي يلتصق 
بشفتيك) . 

- «من أنت إِذَا؟ صاح الساحر العجوز بصوت ملؤه التحدي؛ من 
يسمح لنفسه بأن يخاطبني بمثل هذا الكلام؛ أناء أعظم من يحيا على 
وجه الأرض في هذا الزمن؟» وقذف زرادشت بنظرة برقا أخضر 
يومض من عينيه. إلا أنه سرعان ما تغير وقال يخاطب زرادشت 
ضيورت تحرس 

«أي زرادشت! لقد تعبت من كل هذاء وقرفت من فنون أحابيلي. 
آنا لست عظيماء فما نفع التظاهر؟ لكنك تعلم جيدا ‏ لقد كنت أسعى 
إلى العظمة! 


۷7 


كنت أريد أن ألعب دور الإنسان العظيم وقد أقنعت الكثيرين: لكن 
هذه الكذبة كانت أكبر من طاقتي» وعليها تحطمت . 

أي زوافقيت! کل :شىء حن كذي؟ الکن أن انحط على کدی 
فهذه حقيقة صادقة!». 

إنه لمشرّف لك قال زرادشت قاتما وهو ينظر جانبا وقد خفض 
عيتيدة إن آم مقف الك أن تكؤن قدا م ءا ال 
شعت نمه كو اك عو اقا ات :لدت ا : 

هذا هو أفضل وأصدق ما فيك أيها الساحر المشؤوم العجوزء 
وذلك ما أقدّره فيك: أن تكون مللت من نفسك» وأن تصرح بذلك: 
ا خط EE‏ 

هذا هو ما أقدّره فيك كواحد تائب العقل ؛ حتى وإن كان صدقك لحظة 
مثل نفحة عابرة في كف الريح» فإنك في تلك اللحظة كنت صادقا . 

لكنء قل لي عم تبحث هنا في أدغالي ونح صخورىي؟ وأي 
اختبار كنت تريد أن تختبرني عندما استلقيتَ في الطريق أمامي؟ 

وباي شيء كنت تريد أن تغويني؟» 

هكذا تكلم زرادشت وعيناه تومضان. وهنا سكت الساحر العجوز 
لبرهة من الزمن» ثم قال: «هل آنا أغويك؟ بل إنني - أبحث فقط . 

أي زرادشت» إنني أنيفت عن واحد صادف» مستقيم» بسيط. 
واضح.ء إنسان في منتهى النزاهة» وعاء حكمة وقديس معرفة» إنسان 
عظيم! 

ألا تغرف ذلك» يا زرادشت؟ إننى أبحث عن زراذشت): 

ههنا ساد صمت طويل بين الرجلين؛ لکن زرادشت غاص بعيدا 


لوالو 


في أعماق نفسه» حتى أنه أغمض عينيه. ثم إنه عاد إلى مخاطبه 
وأمسك بيده قائلا بكل أدب ودهاء: 

هيا! هو ذا الدرب الصاعد الذي يقود إلى حيث توجد مغارة 
ورای كناك كك أن تدقف قوت هة ك 

ولتطلبٌ نصيحة من حيوانيَ؛ نسري وحيتي؛ إنهما سيساعدانك في 
بحثك . لكن مغارتيى رحبة فسيحة! 

أما أنا شخصيا فلم أر أي إنسان عظيم في الحقيقة. وإِنّ العين 
الاك وعافة هن وا هذ قطن عم ار هنا مني كيسا ترق 
عظيما . إنها مملكة العام 1 

وكم من واحد رأيته ينتفخ ويتمطط والشعب يصيح من حوله: 
«أنظرواء هو ذا إنسان عظيم!» لكن ما نفع كل منافيخ الحذادين؟ 
فبالنهاية لا يخرج منها سوى الريح. 

وبالنهاية تنفلق الضفدعة التي ظلت تمتلى طويلا بالهواء؛ ومن 
بطنها تخرج ريخ . افك ال ان فلاف ما اة 
له مله الها هد أا :الأظفال! 

إن الزمن اليوم للرعاع؛ ومن ذا الذي مازال يعرف ما العظيم وما 
الحقير؟ ومن ذا الذي يسعى اليوم إلى العظمة فيوقق؟ الأحمق وحده: 
وحده الأحمق ينجح في ذلك. 

أتبحث عن الإنسان العظيم أيّها الأحمق العجيب؟ من علمك أن 
تفعل هذا؟ هل هذا الزمن هو الوقت المناسب لذلك؟ أي شيء أنيتٌ 
تغويني بهء يا ساعي الشؤم أنت؟ 1 . 

هكذا تكلم زرادشت منفسا عن كروب قلبه» ثم مضى ضاحكا في 
طريقه . 


EVA 


العاطل“ 


لكن لم يمض وقت طويل بعد أن تخلص زرادشت من الساحر 
چ وا مجددا واحدا يجلس على حافة الطريق التي كان يسلكها؛ 
رجل طويل أسود بوجه نحيل شاحب . «الويل» قال زرادشت مخاطبا 
نفسه وقد أزعجه منظر هذا الرجل إزعاجا بالغاء هو ذا الحزن يجلس 
مقنّعا هناء وإنه ليبدو لي من رهط أولئك القساوسة: ما الذي يريده 
هؤلاء في مملكتي؟ 

ماذا! ما كدت أنجو بنقسي من ذلك الساحر حتى يعترضص طر يقي 
واحد آخر من ممتهني الشعوذة السوداء. ‏ 

د اعد فين أولعك الشخرة الذين يتمارسون خط الكت ضاحت 
معجزات ترعاها بركة الرب» مفتر على العالم منقع في المسوح؛ 
ليأخذه الشيطان! 

لكنّ الشيطان لا يكون في المكان المناسب أبداء وهناك حيث 
يُحتاج إليه ؛ دائما يأتي متأخرا ذاك القزم الأعرج الملعون!» 

هكذا راح زرادشت يلعن ويشتم منزعجا في دخيلته متفكرا في 


)١(‏ ورد هذا العنوان فى المسودات والمخطوطات الأولية فى صياغات مختلفة: «الباتا 
العاطل» و«الاا (أو عن الأتقياء». وعبارة 1216251 إموونة الألمانية لا تُطلق في الحقيقة 
على العاطلين عن العملء بل عن الآلة المعطبة. 


۷۹ 


طريقة ليتسلل منقلتا من أمام هذا الرجل الملفع بالسواد مستديرا عنه 
بنظره. لكن ها قد حدث أمر مغاير فجأة. ففى اللحظة ذاتها كان ذلك 
الجالس قد لمح ومثل واحدٍ قد هبطت عليه فرصة سعيلة غير 

«أيَا كنت أيها العابرء مد يد المساعدة لرجل تائه يبحث عن 
طريقه» عجوز معرّض للمخاطر فى هذا المكان. 
وذاك الذي كان بإمكانه أن يحميني لم يعد هو أيضا بين الأحياء. 

كنت أبحث عن الإنسان التقي الأخير» قديس وناسك لم يسمع 
بعد في أدغاله بذلك الأمر الذي غدا يعرفه العالم بكليته اليوم». 

وما هذا الذي يعرفه العالم كله؟ سأله زرادشت. أيكون ذلك النبآ 
بأن الإله القديم قد ماتء ذاك الذي كان العالم كله يؤمن به في ما 
مضى؟) 

هو ما قلت» أجابه العجوز بحسرة. وقد امت ذلك الإله 
القديم حتى آخر باه من وجوده. 

والآن ها آنا عاطل عن العمل» بلا سيّد لكنني لست حرا مع 
ذلك ولا أعرف ساعة واحدة من المرح إلا على سبيل الذكرى. 

لذلك صعدت إلى هذه الجبال كي أستطيع أخيرا أن أعمل لي من 
جديد عيدا كما.يليق ببابا وأب كنيسة قديم ‏ ولتعلم أنني البابًا الأخير! 
--عيدًا بقدّاسات: وتذكرات تقيّة ؤزعة أريد أن أعمل.. 

لكنه الآن:قد:.مات هو أيضاة: ذلك الف الأكير الأخيرة .فديشس 


لم 


لم يكن کو الذى نخدت دما عدرت اا على كوخه. بل 
ذبيخ اجا كانا تدان فوته مف ؛ ذلك أن كل الحيرانات كانت 
ته ده ار تت من عاك 

لكن» هل كان عبثا إذا مجيئي إلى هنا؟ أيعقل أن أعرد صفر 
الو من نفل "للا مقا EES BE OA‏ 
أنطلق في العيف عن افر الین من ون كل ال يواسوه ا 
- أن أمضي في البحث عن زرادشت!» 

هكذا تكلم العجوز وهو ينظر بعين متفحصة ثاقبة إلى الرجل الذي 
كان يقف أمامه؛ لكن زرادشت أمسك بيد البابا القديم وراءم ينظر فيها 
طويا< وبإعجاب . 

«أنظر أيها الرجل الجليلء قال زرادشت. أي كف جميلة ورشيقة 
هذه! إنها كف لواحد تعوّد على منح البركة على الدوام. والآن هي 
ذي تمسك بذاك الذي تبحث عنه؛ تمسك بي اا 

أنا هو زرادشت الكافر بالآلهة الذي يتكلم الآن قائلا: من هو 
الكافر الأكثر كفرا مني كي أستطيع أن أحظى بتعاليمه؟ 

هكذا تكلم زرادشت وكان يرشقه بنظراته التي تخترق عمق أفكار 
وخلفيات أفكار ذلك البابا القديم. وأخيرا نطق هذا الأخير: 

فإ نالك الذي أ اقش وامعلكه اكه لهو البوع اکر عن من 
NS‏ ظ ٠‏ 


)1( دوت الله يمثل كارثة وانهيار! وتصدعا فى وعى الإنسان الذي تعود على وجود الاد وهده 
الكارثة لا تخفى على نيتشه» بل يختارها اختيار الملاح الذي يحب الابحار في محيطات 
المخاطر. ويعبرعن ذلك في العديد من المواقع من كتاباته وبخبطة أيضا. فى هذا هو 


الإنسان مثلا يقول: «آعرف قذري. ذات يوم سيقترن إسمى بذكرى شىء هائل رعيب؛4<- 


4A! 


۔ آنظر فأنا الآن E‏ كفراً من بيننا نحن الإثنين! لكن من تراه يجد 
متعة فى ذلك؟1. 
E‏ كيك 0 لحظة؟ قال زرادشت ناله متفك را فهل 


وانقراع ابن الإنسان مسمّرا على الصليب» ولم يستطع أن يتحمّل 
أن محبته للآدميين كانت جحيمّهء ثم موتّه بالنهاية؟». 


aE E dS 


-بآزمة لم يعرف لها مثيل على وجه الأرض» أعمق رجة في الوعي . . . فأنا لست إنساناء 
بل عبوة ديناميت» - وليس عبثا أن يبرب الكتاب الخامس من المعرفة المرحة بهذه الجملة 
تورùi :(Turenn0)‏ تر تعد أيها الهيكل؟ لكم سترتعد أكثر لو عرفت إلى أين آقودك!» 
أنظر الشذرة ۳٤٠١‏ التي يبدأ بها الفصل المذكور  :‏ إن الحدث العظيم الجديد المتمثل في 
«أن الله قد مات» وأن الاعتقاء في الإله المسيحى قد فقد مصذاكته - قد شرع فى بسط 
ظلاله فوق أورويا. ويالنسبة لتلك الأقلية على الأقل الني تمتلك عين ثاقبة ونظرة ارتياب 
أصبح محل شك: وسيغدو عالدنا القديم أمام أعين هؤلاء أكثر انغماسا في الغروب» أكثر 
ارتيابا وأكثر غرابة وأكثر :شيمخوخة» . لكن» وفي ما بخص الأمر الجوهري؛ يحق للإنسان 
أن يقول: إن الحدث فى حد ذاته على قدر من الجسامة وعلى قدر من اللعد. وعلى قدر 
من المسافة في ماوراء المقدرة الادراكية لأغلبية النا س كيما نعتقد بأن خبر حدوثه قد بلغ 
الأسماعء ناهيك عن علم هؤلاء بما حصل فعلا مع هذا الحدث؛ وعن كل ما سيكون 
عليه أن يهار ر بعد أن طمر هذا الاعتقادء لأنه على أساس هذا الاعتقاد قد تم البناء» وعليه 
کان المتكا وداخله نما كل شع وت رعرع : مجمل أخلاتنا الأوربية على سبيل المثال 1 
وكل هذا الزخم وهده السلسلة الطويلة من التصدع والدمار والتدهور والانهيار التي على 
الأبواب؛ مر ن تراه تحزر اليوم تقار كافيا من جما رکا كي يون عليه أن يأخذ على 
E‏ السام 00 و وي اي ا 3 الزاحفة 


م 


«دعه لمصيره» قال زرادشت بعد تفكر طويل كان لا يكف أثناءء 
عن النظر في عيني الرجل العجوز. 

وه لضي وه فد تلق وا امو كان ذلك عنما يقر فاك 
أن تظل تذكر هذا الميت بخيرء فإنك تعلم مع ذلك مثلي تماما تقريبا 
بهويته الحقيقية» وتعلم أنه كان يسلك طرقا عجيبة». 

ولک أقولها'للك قي ما تا عا فن عقن :قال العغوة (ذلك 
أنه و ا فأنا فی ما يتعلق بالمسائل الإلهية على 
ورا اا ي ا کف وزاشت هة ا لق ذلك 


الكثير مما يخفيه سيّده حتى عن نفسه أيضا. 


لقد كان إلها خفيًا منطويا على الكثير من الأسرار. والحق أقول 
لك إنه لم يأت ولده أيضا إلا عبر دروب موارية. وعلى باب عقيدته 
.002 


/ 31١8814 أنظر القصيدة القصيرة التي تحمل عنوان «العهد الجديد» من كنشات خريف سنة‎ )١( 
 / «أهذا هو كتاب العبادات والأفراح والأحزان؛ الكتاب الأكثر قداسة؟‎ :]٥۳[ 4 
وعلى عتبته ينتصب الزنا الإلهي!».‎ 
في المسيح الدججال (الفقرة 8©) ينتقد نيتشه التصور الكنسيّ لمسألة «الأبوة» و«البئؤة»»‎ 
ويرى أنه تصور سخيف» بل ومخز.‎ 
لكن لنعد قليلا إلى تفحص مسألة الأب والإبن فى الديانتين اليهودية والمسيحية؛ إذ نجد‎ 
أن مفهوم الأبوة سابق على ميلاد يسوع ا بلا دنس»» وهي أبوة المي‎ 
المعنوي. أو بمعنى التبني كما يبدو مما يرد في مواقع عديدة من كتاب العهد القديم‎ 

- صموئيل الثاني الاصحاح ۷/ ١5 - 1١7‏ (من كلام الرب للملك داود): (متى کات 
أيامك واصطسءت مع لاك أقيم وا ل الذى يرم عن اقات واف ملكت )ب 


LAT 


ومن بمحذه کاله محبة فهو لا يولي المحبة نقسها اعتبارا دا بال. 
أوَلم يكن ذلك الإله يريد أن صي تفه فاضا | أيضا؟ لكن المحب 


يحب في ماوراء الجزاء والعقاب. 


:هو يبني بيتا لإسمي وأنا أثبّت كرسيّه إلى الأبد. أنا أكون له أبا وهر يكون لي إبنا». 
المزامير ؛ الاصحاح ۲/ ۷ : اني أخير 5 ن جهة قضاء الرت. . قال الي أنت إبني . آنا اليوم 
ولذنّك . 2 الاصحاح 58/84 : الهو يدعوني أبي انت إلهي وصخرة خلاصي. . 
من هنا فان شعب إسرائيل بكليته يغدو أبناء لله . أنظر «التثنية؟ ؛ الاصحاح 4 :١‏ «أنتم 
أولاد للرت إلهكم» . ولاأشعاء» ا 4 ۲ : الإسمعي أيتها المو ات و وأصغي 0 
الارص لأن الرب يتكلم؛ ربِيتٌ بنين ونشأتهم». 
فكرة الأبوة الإلهية سابقة إذا على واقعة ميلاد يسوع بن مريم من #حبل بلا دنس" وسابقة 
على القصة التي تداولت فيما بعد عن أن عيسى هو ابن الله مع ما حصل من التباس في 
المعنى الحقيقى الذي تفيده عبارة البنوّة؛ حتى عمّت البلبلة فى شأن نوعية الأبوة: أمادية 
هي . ناتجةعن إخصاب بمادة ومضأجعة آم روحانية؟ ال أن جاء التأويل الإسلامي الذي 
جعل الحبل ضربا من «نفخ من روح الله وهو تأوّل يتماشى أكثر مع فكرة «الروح القدس» 
أيضا . وبالتالي فإن الإسلام قد آعاد الأمور إلى نصابها الأول أي إلى المنظومة المحتقدية 
اليهودية التى لا تقر باختلاط بين الآلهة والآدميين وبإنجاب مشترك مثلما كان سائدا فى 
المعتقد الاغريقى مثلا . 
لكن الغريب في الأمر أن تناب العهد القديم يثبت في سفر التكوين وجود مثل هذه العلاقة 
النكاحية والإنجابية جن «آبناء الله و بنات الإنسان» ويشجب هذه العلاقة ¢ ويجعل منها سا 
فى حزن الله وندمه على عناق الإنسان» الأمر الذي دفع به إلى إهلاك بنى الإنسان جميعا 
واقعة الطوفان. أنظر التكوين؛ الاصحاح ٤-١/1‏ : «وحدث لما ادا الناس يكثرون 
اى الآرض وؤّلد لهم بنات أن أبناء الله رأوا بنات الناس أَنّهِنَ حسناث فاتخذو! لهم نساء 
من كل ما اختاروا. فقال الربٌ لا يدين روحي في الإنسان إلى الأبد لزيغانه. هر بِشْرٌ 
وتكون أيامه مئة وعشرين سنةً . كان في الأرض طغاة في تلك الأيام. وبعد ذلك أيضا إذ 
دخل بن بنو الله على بئات الناس د 2000000 إلأء ا مند الده ر دوو 
إسما. عر ية تبدر هذء 1 لرواية لأمرين على الأقل ؛ أولهما أن المعتقد الهيودي (ومن بورد 
NT‏ يه ا ل ء لارب 
حسن بنات ا اک ا NL‏ ا ]! غريب الثاني" هو 


3 


يغضب الله على , الإنسان في حين ار ن أيناءه هم الذي ين ضاجعرا ينانا لأنهم «وجدوهن- 


CA 


وعندما كان شاباء ذلك الإله القادم من المشرق كان قاسيا 
ومتعطشا للانتقام» وقد شيّد له جحيما من أجل تسلية أحبّائه المقرّبين 

لكنه غدا عجوزا في الأخيرء ليّنا وهشا وشفوقا؛ أشبه بالجد منه 
بالأبء بل أقرب إلى جدة هرمة مدكوكة الأركان. 

ذاويًا غدا يقبع هناك في ركنه إلى الموقد» متذمرا من وهن رجليه. 
متعبا من الحياة» منكسر الإرادة؛ وذات يوم مات مختشا يشفقته» . 

«أرأيت ذلك بعينك أيها البابا القديم؟ قال زرادشت مقاطعا. قد يكون 
هلاكه قد تم على هذا النحو؛ هكذا أو بطريقة أخرى أيضا. فالآلهة عندما 
تموت» فإنها بأنواع وألوان مختلفة من الموت تموت دوما. 

لكن ليكن! على هذا النحو أو ذاك» أو على هذا النحو وذاك معا 
فهو قد هلك وانتهى! وقد كان على أية حال الكائن الذي تشمئز منه 
عيني وينفر أذني. ولن يكون بوسعي أن أذكره بأسوأ من هذا. 

فآنا أحب كل ما كانت عينه صافية وتكلم بوضوح. أما هو - وأنت 
تعرف ذلك جيدا أيها القسٌ العجوز ‏ فقد كان لديه شيء من طبع 
نوعك؛ أي من نوع القساوسة. ‏ كان مبهما ملتبسا. 
#حستاته" وقد کان احړی په أن نع ناء ویرغمهم على لاسي ب 

يتشه لا بستنكر مفهوم الأبوة في حد ذاته بقدر ما ينتقد التصور المسيحي الجديد للمسا 


ا ي يتمثل في «الحبل )ابلا دنس ( أو ما يسمية ب(الطريق المواربة“ فى إنجاب 0 
ويلعت هذا التصور للحبل بلا دنس بأنه ف حن دأته انتديس للحبل» (المسيح الدخال) . 

ولعله يفضل على هذه الطريقة الملتبسة طريقة الآلهة الإغريقية التي كانت تنزل إلى الأرض 

e‏ إلتساء اللاتي يعجينها وتعقد علاكات زواج» أو تجعل لها خليلاات من تلك 
النساء. لكن آلم تك ن تلك الآلهة تأتي بالطرق المواربة نفسها هي أيضا؟ إذ د غالبا ما كانت 
تأتي متدكرة في هيات حيوانات وطيور وتدخل على ياء «الشانين» بيوتهر من النواقذ 
والمداخن ‏ أو تداهمها ‏ بطريقة اللصوص والمخاتلين؟ 


{A0 


وكان غامضا أيضا . ولكم صب علينا من جام غضبه ) ذلك الحانق 
لأننا لم نفهمه على النحو الصحيح حسب زعمه! لكنء ل لم يكلمنا 
بأكثر وضوح؟ 

وإن كان ذلك بسبب آذانناء فلم وهبنا A TUES‏ 
كان فى آذاننا طين يسذها؟ ليكن! لكن . من وضع ذلك الطين داخلها؟ 


کم فشل في الكثير مما عمل ذلك الزات الذي لم يتما 
صناعته كما ينبغي! أما أن ينتقم من أوانيه ومخلوقاته لأنه فشل في 
صناعتها على الوجه المطلوب - فإن ذلك كان خطيئة في حت الذوق 
ا 

هناك ذوق سليم في التقوى أيضا؛ وذلك الذوق السليم هو الذي 
تكلم أخيرا: «ليتنح عنًا هذا النوع من الآلهةء وإنه لأفضل وأحبٍ أن 
لا يكون هناك 0 وان ياح المرء مصيره بيده؛ أفضل أن يكون 
الم ادق وأفضل أن يكون هو نفسه إلهاله. 

«ما هذا الذي أسمع هنا؟ صاح البابا القذيم عندها وقد كان 
مصخيا بسمعه؛ أي زرادشت! إنك أكثر تقوى مما تعتقدء ومع هذا 
الكفر! إن إلها ما في داخلك هو الذي هداك إلى الكفر بالآلهة . 


)0 يمكننا أن نحيل هنا مرة أخرى على سفر التكوين الاصحاح 1/ ه Vv‏ : «ورأى الربٌ أن شر 
الإنسان قد كثر في الأرض» وان كل تصور أفكار قلبه إنما هو شَرِيرٌ كل يوم. فحزن الرت 
آله عمل الإنسان في الأرض. وتأسّف في قلبهء فقال الربَ أمحو عن وجه الأرض 
الإنسان الذي خلفته. الإنسان مع بهائهم ودبّاباتِ وطيور السماء: لأني حَرنْت أني 
عملتُهم». . لكن الغريب هنا أيضا هو أننا كنا قد رأيناه في الإصحاح الأول فرحا بعمله 
الذي عمل : «ورأى الله كلّ ما عمله فإذا هو حسنٌ جذّاء وكان مسا وكان صباحٌ يومًا 
سادساًا. 


أليست تقواك نفسها هي التي غدت تمنعك من الإيمان بإله بعيْنه؟ 
وإن نزاهتك اللامتناهية ستقودك أيضا إلى ماوراء الخير والشد! 

أنظرء أي شيء ينقصك؟ إن لك عينين بويد و من أجل 
E A ORA‏ أذ السو ا و جا 
ايان 1 

برب وات كنت تريد "أن تكون أكتر "العا كرا اا ل اشم 
رائحة ذكية وبخورا سريًا من ذلك الذي يرافق طقوس مباركة طويلة: 
شيء يملأني ارتياحا وألما في الآن نفسه 

دعتي أكون ضيفك لليلة واحدة». أي زرادشت! فليس هناك من 
مكان في الدنيا سأشعر فيه بالارتياح أكثر مما أشعر به عندك!». 

افون ! وليكن! احابة زرادتت. متها ديد العحب.. الى هناك 
تمضي الطريق صاعدة إلى المكان الذي توجد به مغارة زرادشت. 

إنه بودي حقا لو أننى أقودك إلى هناك أيها الرجل الجليل» 
اة ار کین ع ل 

فلا يحق أن يصاب أحد بأذى في مملكتي؛ إن مغارتي مرفأ أمان 
للجميع. وإِنْ أكثر ما أود هو أن أساعد كل مكروب وأجعله يقف 
مجددا على أرض صلبة وقدمين ثابتتين. 

لكن من ذا الذي سيكون بوسعه أن يضع عنك حمل كابتك؟ فأنا 
أضفتقه من أن افدر عل .ذلك والحق"أقول لك اانه سيكوتة: غلينا ان 
لل : روخص و داور نكا دلق يلك ا 

فذلك الإله القديم في الحقيقة قد مات: لقد مات إلى الأبده. 

هكذا تكلم زرادشت. 


أقبح الآدميين 


ودا انل روات نويه" لر عير اال واا ات يديا 
عيناه تجولان في الأرجاء وتبحتثان» 3 لا أثر ف أي مكان لذلك 
الذي كانتا تريدان الوقوع ع عليه» ذلك المكروب الكبير المستغيث. غير 
اَن غبطة كبيرة كانت تملا قلبه طوال المسيرء وكان راضيا ممتنا: «أيدٌ 
أشياء جميلة وهبني هذا اليوم كي يعض لي عن بدايته الكريهة! وأىّ 
يداترم غ ويه على قله الطرين! 

واني لأريد أن أظا ل أمضغ كلماتهم طويلا کمن يمضغ حبًا طيّبا؛ 
SS‏ ا ی غ درن 

تنسکب مثل ا داخل روحي !» 


لكن عندما لفت الطريق مجددا حول جدار صخري شاهق تغير 
الفيظر اة افا و رادت بط اة الو ت صخو عالية ذا 
وحمراء تنتصسه هناك : لا عشب لا شجر ولا صوت طائر في 
الأرجاء. كانت فى الحقيقة واد تنفر منها كل الوحوش بما فى ذلك 
الوحوش المفترسة؛ هناك نوع واحد فقط من أفاعي كريهة غليظة 
خضراء كانت تأتي لتموت هناك عندما تهرم. لذلك سمّى الرعاة تلك 
الوأدي: «موت الأفاعي». 

لکن زرادشت غاص بعیدا داخل ذکری سوداءء ذلك آنه بدا له 


SAA 


وكأنه قد سبق له أن وجد نفسه في هذه الوادي في ما مضى. أفكار 
ثقيلة غدت تجثم بكلكلها على ذهنه الآنء عقن" أن وات عدت 
ثقيلة ثم أثقل فأثقل إلى أن توقف وظل ثابتا في مكانه. ههنا لمح وهو 
يفتح عينيه شيئا كان قابعا على حافة الطريق له هيأة إنسان ولا شبه له 
بالإنسان تقريباء كائنا تعجز عن وصفه الكلمات. وفجأة غمر زرادشت 
إخمص القدمين حتى منبت لمته البيضاء حول نظره عنه وحرك قلمه 
يهم بمغادرة ذلك الموضع. لكن ذلك الخلاء الموات قد امتلاً ضجة 
من حولهء ومن الأرض تصاعدت غرغرة وحشرجة مثل ما تحدثه 
المياه ليلا وهي تغرغر وتحشرج عبر أنبوب مائي مسدودء وبالنهاية 
تحولت تلك الضجة المبهمة إلى صوت بشري وكلام بشري قد أفصح 
هكذا: 

«زرادشت! لتفك لي هذا اللغز يا زرادشت! تكلم! وقل لي ما هو 
الانتقام من الشاهد؟ 

لكن أناشدك أنْ لا تتقدم أكثرء فالأرض هنا جليد زلقٌ! احذرء 
اجار او لأ کک :شاف کو ات ها 

إنك تعد نفسك حكيما يازرادشت المعتدٌ بنفسه! لتحل إذا هذا 
اللغز يا مذلل المعضلات؛ اللغز الذي هو أنا! لتقل لى إذا: من أنا؟» 

E OES‏ ا 
عندما استمع إلى هذه الكلمات! تملكته الشفقة وهوى دفعة واحدة مثل 
شجرة بوط قد صمدت طويلا أمام ضربات العديد من الحطابين» 
وجهه الآن قاسيا صلبا. 


A۹ 


عرفتك طبعاء قال زرادشت بصوت قَلَزيّ؛ أنت قاتل الربَ! دعني 
أمرّ الآن. 

لم تستطع أن تتحمّل ذلك الذي كان يراك؛ ذاك الذي كان يراك 
على الدوام وينفذ إلى أعماق أعماقك يا أقبح إنسان! وهكذا انتقمت 
لنفسك من ذلك الشاهد!» 

فكذا تكلم زر ات وآراد الانضرافه» لكو ذلك الكائن الذي لا 
يوصف أمسك بطرف ثوبه وراح يغرغر من جديد مجهدا نفسه في 
البحث عن كلمات. «لا تنصرف!» قال أخيرا. 

اق هاا لآ تا لعد.حررت آأى«قامن عوك علا وألقعكف 
ري مني الل لوقك ميمت على و 

تعدا زره كنا أرئ دالت يدا أي ياس نكر لد ذلك 
الذي قتله؛ قاتل الربٌ. لا تذهب! إجلس إلى هناء ولن يكون ذلك 


دون فائة. 


الن عي كدف a‏ وتوف حت إن ال اق اولك EE‏ 
تذهب» اجلس! لكن لا تنظر إلىّ! إذ هكذا ستحترم ‏ قبحي"'؟! 


)١(‏ رأينا أن زإرادشت قد حوّل نظره حياء عن منظر ذلك الرجل القبيح» وقد هم بالانصرف 
مهمو ما | لكونه رأى بعينه ذلك القبح . بينها الرت كان فضوليا ولا يكف عن النظر في تبح 
الإنسان. إحدى دعائم الأخلاق ١إ‏ لزرادشتية هي إا غض النظر عن القبح ٠‏ الحياء أمام 
البح وعدم تحويل القبيح إلى فر فرجه . وفي كشات ربيع غعخذا؟ الشذرة ]٠ ١1‏ 
يتطرق نيتشه إلى مسألة القبح والجمال من وجهة نظر الفن ومن وجهة نظر الدين والأخلاق 
الديئية : «أن يجعل الفن مشهدّ الأشياء شيئا محتملا . . . (. . . ) هناك متعة فى , القبح عندما 
كرد نوها EYES IG‏ الف E lê‏ 
غالبا من قبل الأخلاقانين . إن النتيجة الإجمالية لكل الأخلاقانيين هي: الإنسان شزير ‏ 
حيوان مفترس. وعملية «الإصلاح» لا تمضي إلى العمقء بل تتوقف عند المظهر= 


۹۰ 


إت اجو ي وات اد عاق الو جد لشن دهم 
بالاحقوس + وليشن بزباتيتهب + لآن شل هذه الولحفات لن تر وى 
سخريتي » بل وسأكون فخورا بها ومغتبطا! 

ألم يكن النجاح دوما حليف الملاحقين؟ كما أن الذي يلاحق جِيّدا 
يتعلم بسهولة كيف يتبع؛ إذ هو يركض دوما ‏ وراء من يلاحق! لکن 
سفقتهم › 

قفتيو هی ال آفر متها وهی الى جت الوذ بك بسن رها 
أي زرادشت أحمنى يا ملاذي الأخيرء أنت الوحيد الذي حزرتنى 
00 : 

والقق جزرت ٠‏ أى' اماس كوت لدئ ذلك الى تدان الرت. ليق 
هنا إِذًا! وإذا ما كنت تريد الذهاب» أيها الذي لا صبر له؛ فلا تمض 
ذا على الطريق التي أتيتٌ منها أناء فبئس الطريق تلك. 

أساءك مني أن أظل أتكلم وألجلج وأرطن كل هذا الوقت؟ وأن 
أقدم لك نصيحة؟ لكن لتعلم بأنني أقبح الآدميين» 

والذي له أضخم وأثقل قدمين أيضا. حيثما سرت تغدو الطريق 
سيئة ؟ إنني أدهس كل الدروب» أدمّرها وأغمرها بالعار. 

لکن لمحف عي كف كنظ ريد المرور حاتي بض وكيب 
احمرٌ وجهك عندها؛ وذلك هو ما جعلني أتعرف عليك وأعرف أنك 


زرادشت . 


-الخار جي ؛ و«الحسن» يكرن في جوهره زينة» أو ضعفا. «لا بد من تجميل الإنسان 
وجعله قابلا للاحتمال» ؟ وفى مقابل هذا المبدأ تقول المسيحية والبوذية : بل لا يد من ثفيه 
(. 2 إن الفلاسفة اليونانيين ك يكن لهم من بعحٹ عن «العادة» إلا فی أن يروا أنفسهم 
جميلين داخل الشكل الفني + يعني أن ينحتوا انطلاقا من أنفسهم التمثال الذي يسر منظرء 
المتفرج (ولا يثير رعبا ولاقرفا) . 


۹۱ 


لك كل اعد سرا كان يقد ل ةة وة وكا 
تخت ران عن شفقته: لكت وكما رت ذلك لست مسولا يما مه 
الكفاية. 

إنني أغنى من أن أحتاج إلى هذه الصدقة؛ غنيٌ عظائمٌ وفظائع 
وبأقبح الأشياء وبما لا يوصف! لقد كان خجلك إكراما لي يا 
زرادشت! 

بعناء شديد استطعت أن أنجو بنفسي من زحمة المشفقين» كي 
أجد الإنسان الوحيد الذي يعلم اليوم: «إن الشفقة مضايقة» ‏ أن أجدك 
أت ا زروقيت! 

- سوا أكانت شفقة إله آو شفقة إنسان؛ فالشفقة استهتار بالحياء. 
ولعل حبس المعونة أرقى من هده الفضيلة التي ثر تمي بالأحضان. 
لك عذه الشفقة عدت فضيلة لدي أضاعز الكا'اليوع». إذ ليس 
لهؤلاء من احترام للمصّاب العظيم» والقبح الكبير : والفشل الكبير . 

انزلق بنظري فوق هؤلاء جميعا مثل الكلب يسرح بنظره بعيدا من 
غوف الظهور المتللاصقة لقطيع من الغنم . فهم كاتنات صغيرة رمادية 
٠ f e 0‏ 3 ا 
بلعم بعبصه الحملان» وديحه طرعة . 

مثل البجعة ترسل نظرها باحتقار فوق الغدران الضحلة ساحبة 
عنقها الطويل إلى الوراء؛ كذلك أرسل نظري فوق هذه الكتلة 
المتراصة لتلك الهيآت المتموجة الرمادية الصغيرة والإرادات والأنفس 
الحقيرة والرمادية كلها. 

لزمن طويل جد! ظل هؤلاء الأصاغر يلاقون عبارات الاستحسان؛ 
وأخيرا مُنحوا السلطة أيضاء والآن هاهم يكرزون بهذا التعليم: «لا 


۹۲ 


و«الحقيقة) تعني اليوم ما جاء و في أقوال الواعظ اللء ي طلع من 


نمع هو أيضاء ذلك القديس العجيب الناطق بإسم الصغارء الذي كان 
ل E E‏ 


)١(‏ أنظر إنجيل يوحناء الاصحاح 5/١5‏ : «قال له توما با سيد لسنا نعلم أين نذهب فكيف 
نقدر أن تعرف الطريقٌ. قال له يسوع أنا هو الطريق والحق والحياأة». وفي کنشات ربيع 
AA‏ يكتب نيتشه في الشذرة ۲۵ [۳۴۸] : #ويروى أن ن المؤسس الشهير للديانة المسبحة 
قد قال أمام يلاطس «أنا هو الحق ¢ وکال جواتب إل روماب ى على هرل الو له جدیرا بەقام 
0 لتاريخ» لك اسل E E‏ ؛ يسوع تلفظ بعبارة «أنا 

هو الحق" أمام بيلا دہ طس . أنظر اجاج FAIA‏ #فقال له بیلاطس أفأنت !د ذا ملك . 
أجاب يسوع أنت تقول آني ملك . لهذا قد ولدب انا ولهذا قد أتيث إلى العالم لأشهد 
للحن . كل من هو من الحق يسمع صرتي . قال له بیلاطس ما هو الحق؟) 
سيتذكر القارئ العربي مباشرة عبارة الحلاج : «أنا الحق». لكن الإحالة هنا على يسوع 
المسيح ١‏ والسياق كما المدلول كلاهما مختلفان» فللعبارة على لان السلاخ معاي 
التماهي الكلي مع مطلق المعرفة رنوع من الوصول نعل شق الطر ين الطويلة للبحثف ص 
المعرفة وبلوغ منزلة العارف التى تقابلها فى القاموس النيتشوي عبارة ممع دان der‏ 
التي لها رمنى مختلف ٠.‏ بل ومناقض لعبارة العالمء وهو التقابل نئقسة الذي بقيسه المتصوفة 
بین العارف » وسالك طريق المعرفة من جهة) والعلماء والغقهاء من جهة ثانية. يسرع 
المسيح يتكلم هنا من ملعا ق تماهيه مع الحقيقة كصورة لا للعلم الإلهى 1 لشامل 255065 
بل للساطان الإلهي إيضا» إذ كان يعجيسا على أسكلة 00 ممثل السلعنة الرومانية 
آنذاك . وعندما سأله هذا الأخير إن كان ملك اليهرد لم يجب بالنفي» بل آكذ له ذلك. 
لكن بطريقة غير مباشرة: «أنت تقول إنى ملك:. سنطة مقابل سلطة. وسلطان مقابل 
سلطان إذا. وإذا بيلاطس يخرج بعدها إلى اليهود وخاطبهم : «أتريدون أن أطلق لكم ملك 
اليهود؟ . 
وفي كتاب المسيح الدجال (الفقرة )٤١‏ يستحضر نيتشه مرة أخرى هذه الواقعة كالاتى : 
ألا ينبغى على أن أضيف أيضا أنه لا توجد غير شخصية واحدة جديرة بالاحترام داخل 
العهد الجديد؟ بيلاطس › حاكم المدينة !! لروماني. . . وان ذلك الموقف الهازئ النبيا 
لروماني يتجرأ أقافة على استخدام وقح لعبارة ر قل أثرى ألعهد الجديد بالعبارة 
الوحيدة التي لها قيمة ‏ عبارة تمثل قدا كلا لذلك الكتاب وتصفية له: (وما هو 


ا 


C۹ 


يرفعون أعرافهم في السماء مثل الديّكة ‏ هو الذي لم يكن قد علمهم 
ضلالا يسيرا لما كان يكرز بينهم: «أنا ‏ هو الحق». 

وهل من أحد قد رذ على هذا الذي لا يعرف التواضع بآدب 
ولباقة؟ - أما أنت يا زرادشت» فقد مررت عليه مر الكرام قاثلا: «لا! 
لا! وألف لا!» 

لقان بحن زم ا لان و كنت أول ون خدر ين EE‏ 
الجميعٌ ادي E‏ اتلك وهم EE‏ 

إنك تستحي لحياء المتألم الكبيرء وحقا كان كلامك عندما كنت 
تقول: «سحابة ثقيلة تأتى من المشفقينء فكونوا على حذر أيها 
البشر!» 

ولكم تبدو لي على دراية بعلامات التقلبات الجويّة يازرادشت 
عندما تعلّم: «كل المبدعين قساة» وكل محبة عظيمة تسمو على 
e‏ 

فته »! 

لعو ر ا ا ا و اا تيفك 
والمحرقين بالشك:والباسين والغرقئ والمفرورين ب 

وإنى أحذرك متى أيضا. فقد حدست أفضل ألغازي وأسوأهاء 
وخررتدق أنا نفسى وما الذى كنت أفعله.. إنتى أعرف الفآمن الت 


)١(‏ قارن بالعبارة التي جعلها نيتشه عنوانا ثانيا لكتاب زرادشت «كتاب للجميع ولغير أحد». 


۹٤ 


آنا عو ع فكاق. لا بد أن وت : لقد رأى بعينه ما رأى الجميع» - 
رأى أعماق الإنسان وأغواره» وكل قبحه وعيوبه الدفينة. 

لم تكن شفقته لتعرف حياء؛ كان يقبع في زاويتي الأكثر قذارة» 
وكان لا بد أن يموت ذاك الكائن الأكثر فضولاء الثقيل المتطفل دون 
O EES‏ تحمط» 
الشاهد ‏ أو أن أكون آنا الذي أكف عن الحياة. 

الوق الذع كان يزع كل شورع انما فى ذلك الإنسان :للف" الوب 
كان لا بد أن يموت! فالإنسان لا يستطيع أن يتحمل أن يظل مثل هذا 
الشاهد على قيد الحياة» . 


هكذا تكلم أقبح الآدميين. لكن زرادشت نهض يهم بالانصراف؛ 
ذلك أنه كان يشر بالبوة يغ الله خت الأحشاء: 

الإسمع أيها الكائن لدي لا يوصف. لقد حذرتني من طريقك. 
وكمكافأة لك على ذلك سأمتدح لك طريقي. أنظر» هناك فوق القمة 
توجد مغارة زرادشت . 

إن مغارتي كبيرة وفسيحة وبها زوايا كثيرة؛ هناك يجد أكثر الناس 
تخفيا مخبأ له. وإلى جانبها مباشرة هناك مائة مخبأ ووكرا لكل زاحفة 
وخافقة الجناحين وقافزة من الدواب. 

وأنت أيها المقصى الذي أقصى نفسه بنفسهء لا تريد أن تعيش بين 
الناس وشفقة الناس؟ إِذا! لتفعل مثلي! وهكذا يمكنك أن تتعلم مني؛ 


فالفاعل وحده هو الذي يتعلم . 


45 


ولتتحدث أو لا وبدء مع حيوانيَ! الحيوان الأكثر كبرياء والحيوان 
الأكثر فطنة ‏ إنه بإمكانهما أن يكونا خير نصيحيْن لنا معا!». 

هكذا تكلم زرادشت ومضى في طريقه؛ أكثر تفكراء وبأكثر بطء 
من ذق فيل ذلك آنه كان يسال نفسه أسكلة كقيرة ولا يجد أجوبة 
بسهولة . 

«لكم بائس هو الإنسان! كان يفكر في ما بينه وبين نفسهء لكم هو 
قبيح ) وكم هو مدمدم › ركم هو مليء لجل" دفينا! 
الذات هذا! وكم هناك من الاحتقار الذي يناقضه! 

وهذا الرجل هو أيضا يحب نفسه بالقدر الذي يحتقر نفسه» - 
معحبا كبير هر في نظر ي ومحتقر كتير 

أبدا لم آر أحدا قد احتقر نفسه بمثل هذا العمق؛ وهذا أيضا 
سموٌ. الويل» أيكون هذا هو الإنسان الأعلى الذي كنت أسمع 
صراخه؟ 

اليا جا الم الي د كو الآنينان شت« دی 
تجاوزه؟ . 


)١(‏ يرد هذا المقطع في المسودات كالآتي: «أحب المحتقرين الكبار لأنهم يصبحون سهام 
الرغبة : أحب أولئك المنحدرين إلى الأفول إذ في هؤلاء يمضي الإنسان إلى حتفه. هكذا 


تكلم زرادشت». 


445 


المتسؤل طوَعا واختيارًا 


ولما غادر زرادشت أقبح الآدميين شعر بنفسه مقرورا ووحيدا: فقد 
كانت تخامر ذهنه العديد من الأفكار الباردة والوحيدة بما جعل أعضاءه 
تغدو بدورها باردة. لکن وهو يمضي في سيره صعودا نزولاء مرة يمر 
بمرج أخضر ومرة يعبر مناطق صخرية موحشة حيث حفر سيل عنيف 
فى ما مضى مجرى له هناك؛ ها هو يشعر فجأة بالدفء مجددا 
وبخواطر أنيسة تداعب قلبه. 

«ما الذي حدث لي؟ قال زرادشت متسائلا. شيء دافئ وحيوي 
ينعشني الآنء شيء لا بد أن يكون على مقربة مني هنا. 

اجن بای أقل وحدة؛ رفقاء وإخوة مجهولون يحومون حولي» 
وأنفاسهم الدافئة تداعب أوتار روحي» . 

وبيئما کان يجول بنظره في ما حوله بحثا عن ذلك الذي كان يبعث 
السلوان في وحشة وحدتهء هاهو يرى أبقارا كانت تقف مجتمعة فوق 
مرتفع قد بعث قربْها ورائحتها الدفءَ في قلبه. لكن الأبقار كانت تبدو 
منشغلة بالاصغاء باهتمام إلى شخص يحادثها ولم تنتبه البتة إلى ذلك 
الذي كان قادما عليها. ولما غدا على مقربة منها تناهى إليه بوضوح 
ضوت بشري كان يتكلم بينهاء وكان واضحا أنها مستديرة كلها 
برؤوسها نحو ذلك الذي كان يخاطبها. 


۹۷ 


عندها قفز زرادشت بحيوية إلى المرتفع وفرّق جمع الأبقارء إذ 
كان يعتقد أن أحدا ما قد أصابه مكروه هنا ولن يكون بوسع شفقة 
الأبقار أن تقدم له ما يكفى من العون لإنقاذه. لكنه كان مخطتا فى 
ذلك؛ إذء ها رجل كان يجلس هناك ويبدو أنه كان يحاول إقناع 
الأبقار بأنه لا داعي لها للخوف منه؛ رجل مسالم وواعظ جبل”'' كان 
الخير نفسّه هو الذي يكرز مشعا من عينيه. «عمّ تبحث هنا؟» صاح 

اعم أبحث هنا؟» أجاب الرجل؛ عن الأمر الذي تبحث عنه أنت 
أيضاء يا مشوّش الأفراح! أعني سعادة الحياة فوق هذه الأرض. 

لكن من أجل ذلك علي أن أتعلم من هذه الأبقار. ولتعلم أنني 
منذ الصباح وأنا أحاول إقناعهاء وكانت على أهبة أن تمنحني نصيحتها 
في هذه الآونة. فلم آتيت تزعجها إذا؟ 

طالما لم نرجع ونصير مثل هذه الأبقار لن يكتب لنا أن ندخل 
ملكوت الهاو ا ر أن هناك آمرا واحدا لا بل أن نتعلمه منهاء ألا 
وهو الاجترار. 

واا E‏ 0 ا 
ولم يتعلم هذا الأمر الوحيد» وهو الاجترار» فأي نفع سيكون له في 
للق إن عن ال يادي مر ليان 
)١(‏ واعظ الجبل إشارة إلى يسوع المسيح فوق جبل الزيتون. 
(۲) أنظر مثى /١8‏ ”: «الحق أقول لكم. إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد فلن تدخلوا 


ملكوت السماوات». 
(۳) متّى :55/1١5‏ «لأنه ماذا ينتفع الإنسانٌ لو ربح العالمَ كله وخسر نفسه». 


4A۸ 


- بؤسه الأعظم؛ هو ما يسمى اليوم بالقرف. ومَنْ من الناس ليس 
لديه ملء القلب والفم والعين من القرف؟ آنت أيضا! أنت أيضا! لكن 
أنظر إلى هذه الأبقار!». 

هكذا تكلم واعظ الجبل ثم حول :ميته و 
كان طوال الوقت منشدا بنظره بكل حب إلى تلك الأبقار ؛ لكن هو 
ذا يتغيّر الآن ليصيح بذعر وهو يهب واقفا: «من هذا الذي أتكلم إليه 
الآن؟» 

إنه الإنسان الذي لا يعرف القرف» إنه زرادشت نفسهء المتغلب 
على القرف الأعظمء هذه عين زرادشت» وهذا فمهء وهذا قلبه». 

وفيما هو يتكلم هكذا كان يقبل يدي زرادشت وعیناه تنهمران 
دموعاء. وكان يمعل مثل واحد قد وقعت عليه من السماء هدية ثمينة 
وجوهرة غير منتظرة . أما الأبقار فكانت تنظر ان ذلك كله وتنتعجب . 

«لا تتكلم عني آنا أيها الرجل الرائع واللطيف! قال زرادشت وهو 
يشالي'رقة غواطفى عل سدقي أزلا عن فك الس العتسول 
الطوعى الذي تخلى في ما مضى عن ثروة طائلة”''. 

- ذاك الذي كان يخجل من الثروة ومن الأثرياء وفرّ إلى الفقراء 
ليهبهم ماله وقلبه؟ لكنهم لم يتقبلوه» . 

الكنهم لم يتقبلوني» إنك تعلم ذلك. وهكذا ذهبت بالنهاية إلى 
الدواب وإلى هذه الأبقار» . 


)١(‏ إشارة إلى القديس فرنسيس الأسَيزي (۱۱۸۲ )١۲۲١-‏ قديس إيطالى امتاز بتواضعه وبحيه 
لامقراء . مؤسس أول طريقة للمتسولين ورهبانية الفرنسيسكان بعد أن اعتزل حياة الثراء 
واختار حياة التبتل والفقر. أصبح له تأثير كير في أوروبا خلال القرون الوسطى. 


24۹ 


(وعندها تئل ند أصعب على المرء أن یجید العتطلاء من أن 
يجيد الأ قال 0 مقاطعا. وأ الع طاء شن وهر آرقی 
و ضضم نم 000 لع ل 
الرعاع . 
الطويل والبطيء للرعاع والعبيد؛ تمرد ما انفك يتنامى ويتعاظم! 

والآن تثور ثائرة خطاطة له القوم أمام كا ل إحسات وكل صدقة صعيرة ؟ 
وعا ی أصحاب الثراء المشط أن E‏ على حذر! 

اوت دين لق عوراو اون وة ا ا فس ی 
قطر شحيح عبر أعناق دقيقة؛ مثل هذه الأكواز هي التي يحبّذ الناس 
اليوم كسر أعناقها. 

جشع متلهف» حسل مرير» > تعطش مرضي للانتقام» ا 
صمعتني كلها معا. لم يعد صحيحا أن الفقراء في نعيم . لکن ملكو 
اماد هنا وين ال 

ولم لا يكون لدی الأثرياء؟ سآله زرادشت مجرّبًا وهو يبعد الأبقار 
التي كانت بالفة ذلك ا المسالم 
دقع نی إلى 0 ال الفقراء إِذا 1 E‏ ا ا من كبار 


ا 


أثريا 





ا م ا ا 


D+ 


ب القرقه من سجناء العزوة' "١‏ الذيق يستحرجون افم سن كل 
قمامة بعيون باردة وأفكار مغتلمةء من أولئك الأوياش الصارخة 
عفونتهم في وجه السماء. 

- قرف من هذا الرعاع المزوّر المتحلي بالذهب» أولئك الذين كان 
آباؤهم لصوصا أو عقبانا تغتذي من الجيف أو لقّاطي خرق وأطمار. 
متخذلقون أمام النساء» شهوانيون سَرَيعوا النسيان» - إذ لا شىء قربا 
پمیزهم في الحقيقة عن العاهرات. 

رعاع من فوق› ورعاع من تحت! فأي معنى اليوم ل«اغنيّ» 
و«فقير»! لم أعد أرى شيئا من هذا الفرق» ‏ لذلك هربت بعيذا وأبعد 
حتى انتهى بي السير إلى هذه الأبقارة. 

هكذا تكلم الرجل المسالم وهو ينهج ويتصبب عرقاء الأمر الذي 
جعل الأبقار تندهش وتتعجب من جديد. لكن زرادشت ظل ينظر إليه 
ميتسما وهو يهز برأسه صامتا بينما كان هو يتكلم بتلك الحدة. 

إنك ترهق نفسك يا واعظ الجبل باستعمال مثل هذه العبارات 
العامة “قاذ قولف قد فد اقل عيذ الف ةوا ينات 

ولا معدتك أيضا كما يبدو لى؛ فكل هذا الحنق وهذا الحقد وهذا 
الاأتشهار عكر دهان ا تويك کا لفو ا د انق 
لست لخاما. 


بل إنك تبدو لي من الذين يغتذون بالنباتات وعروق النبات. لعلك 


و ی 
)220 قارن بالقصيدة القصيرة ى الشذرة [YolYA‏ من كنكنات خر یف IAA‏ ہك عنوال ف 
الفقر»: #سجناء الثروة»ء/ الباردة أفكارهم/ سيكوت لنشيدي وقع صاصاة السلاسل في 


آذانهم! 7 


تحب مضغ الحبوب. لكنّ الأكيد هو أنك تنفر من متعة اللحوم 
وأنك تحب العسل». 

«لقد حزرتني جيداء أجاب المتسول الطوعي بقلب منشرح. 
حقا أحب العسل ومضغ الحبوب» ذلك أنني أبحث دوما عما 9 
لطيفا في الغم ويجعل الأنفاس نقية طيبة: 

- وكذلك كل ما يتطلب وقتا طويلا ويكون شاغلا وتسلية نهار 
بأكمله لمن يعيش حياة عطالة رقيقة. 

ESI‏ في الحقيقة قد مضت شوطا يعيدا في إتقان هذا 
القن ؛ فن التي د لنفسها الاجترار والاستلقاء 38 الشمس . كما 
أنها تمسك عن كل الأفكار الثقيلة التي تحدث انتفاخا في القلب». 

۔ ھا إذا! قال زرادشتء لا بد أن ترى حیوانی أيضا؛ نسري 
وحټتي» - فليس هناك من مثيل لهما اليوم على وجه الأرض 

آنظر» إلى هناك تمضي الطريق صاعدة إلى مغارتي؛ لتكن ضيفا 
عليها هذه الليلة» وتحدث هناك مع حيوانيَ عن سعادة الدواب» إلى 
أ اعود 

ذلك أن صرخة مستغيث تستحثني الآن للانصراف عنك. وستجد 
RS BE NS‏ تاودا فكل! 

والآنء لتوذع أبقارك بسرعة أيها الرجل الغريب اللذيذ! وإن 
سيكون ذلك صعبا على قلبك؛ إذ هي معلمتك CT‏ الخ 

- «لكن مع استثناء واحد هو أحبّ إلى منهاء أجاب المتسول 
الطوعي . فأنت أيضا جيّدء بل وأفضل من بقرة يازرادشت!» 


OY 


«أخ ا ESE‏ 
عرب» اغ أ 
ب» أغرب عني أ 
ب عتي» أيها المعملة 
55 ومعسول كلامك؟» اح زرادشت 


3 ¢ 
غعرب» أ 9 2 يلو نخ صتا 
E 0‏ 4 
لمتسول عيق . لکن هذا الأ أ 7 e‏ - 
ا ی ا فى اده 
- - 8 


الظلّ 


لكن ما إن ابتعد المتسول الطوعي هاربا وبداً زرادشت يعود إلى 
وحدته حتى سمع صوتا ينادي من وراثه: «انتظر يازرادشت! انتظرني! 
AAT N EEE E‏ ا سول 
عليه شعور مفاجئ بالضيق من هذه الحركة الكثيرة وهذا الزحام الذي 
راح يعج به جبله. «أين هي وحدتي؟ قال لنفسه. 


ان هذا حقا لكثير! هذا الجبل يعج بالحركة. مملكتي لم تعد من 
هذا العالم''“» ولا بد لي من جبال جديدة. 


0 50 1 : 5 1 ا 55 
ظلي يناديني ؟ ما 5 وظلي! لير كيضص وراثي ب اما انا فساظل افر 
من أمامه) . 


(۱) يوحنا الاصحاح ۸ اأجاب يسوع : مملكتي ل من هذ العالم . لو كانت 
مملكتي من هذا العالم لكان خدامي يجاهدون لكي لا أسلم إلى اليهود. ولكن الأن 
مملكتى لنت من هنا . 

(۲) شخصية الظل ترد عدة مرات في كتابات نيتشه. في المسافر وظله يمتح نيتشه هذا الفصل 
بحوار بينه وبين ظله ونقرا من بين ما جاء فى هذا الحوار: «ستعلم ذلك 5 أحب الظل 
مثلما أحب النور . ولكي يكون هناك جمال للوجه ووضوح في الخطاب وجودة ومتانة في 
الطباخ فإن الظل لا يقل ضرورة عن الضوء. ليسا نقيضين هماء بل انهما يسيران معا 
ممسكين أحدهما ك الاخر: وعندما يضه حل النور يتبعه الظل مت لااد س ورائه»" 5 لكن 


:عه 


هكذا تحدث زرادشت إلى قلبه واستمر في الهروب. لكن ذلك 
الذي كان وراءه ظل يتبعه» وإذا هم قد غدوا ثلاثة يركضون الواحد 
وراء الآخر: المتسول الطوعي في المقدمة» وراءه زرادشت وفي 
المؤخرة ثالثهم وهو ظله. ولم يمر وقت طويل على مسيرتهم هذه 
حتى تدارك زرادشت نفسه وانتبه إلى حمقه ودفع عنه كل انزعاجه 


ومزاجه ال 


«ماذا! قال لنفسهء ألم TEE SS E EEE‏ 
القدامى. من تحدث لهم أكثر الأشياء المضحكة والسخيفة؟ 


حقا إن حمقي ما فتئ يتنامى هنا فوق الجبال! والآن ها آنا أسمع 


وقع ست أقدام مجنونة تطقطق متلاحقة! 


إن صورة المسافر و«الظل» تتطابق مع التنويعة المتفرعة عنها ل«الأوروبي الجيّد». 
وبإمكاننا أن نقارن بالعناوين الكثيرة الواردة تحت هذا الإسم من ضمن التخطيطات لكتاب 
عن «الأوروبى الجيّد؛. مثل ما نقرأ فى المجلد ١١‏ (من الأعمال الكاملة) فى الشذرة 55 
[١؟؟]:‏ «الأوروبين الجيدون». مقترحات لتربية طبقة نبلاء جديدة؟. ثم يورد مونتى 
وكولليناري الفقرة اللاحقة من كنشات شتاء :۸٥ /۱۸۸٤‏ «- لكنّ قلب زرادشت انقيضص 
عن شه الفزع نينا رآه؛ لفرط ما كان مللاحقه يشبهه حد التطابق وذلك لش كن ملسه كما 
فى لحيته فحسب. بل فى مجمل هيأته وصورته./ من أنت؟ سأله زرادشت بحدة. آم 
تراني آنا نفسي؟ ما الذي أنت تصنعه معي أيها المهرّج؟ آم كيف أسميك يا ترى؟/ لتغفر 
لى هذه المهزلة يا زرادشت أجابه الصنو والظل. وإذا ما كنت تريد لى إسما فلتدعنى 
بالأوروبي الجيد./ آما أن أكون مقلدا لك في لباسك وهيأتك فإن ذلك من باب الموضة 
المتداوئة الآن في أوروبا. أما أنا قأدعو نفسي من بين ما أسمي به نفسي بالمسافر 
الجرال»/ لكن غالبا بظل زرادشت أيضا. والحق أقول لك أننى كنت أتبعك ماتصقا 
نك أن تتوقع ./ وإذ ما أردت أن 
تسميني باليهودي الأبدي فإن ذلك لن يثير حفيظتي ؛ فأنا دائم التنقل مثله بلا هدف ولا 
موطن ‏ مع فارق أنني لست باليهودي ولا أنا بأبديٌ». 


بخطواتك وفي أقصى الأصقاع أكثر مما تعلم ومما ي 


039 


إلى الاعتقاد بأن له ساقين أطول من ساقي». 

هكذا تكلم زرادشت وهو يضحك من عينيه ومن أحشاتهء ثم توقف 
واستدار فجأة ‏ وها هو يكاد يلقى بملاحقه وظله طريحا على الأرض 
ألقى عليه نظرة فاحصة ذعر كما لو أن شبحا برز له فجأة؛ إذ لكم بدا له 

انق أنك؟ سال زرادشت بحذة.. وماذ تفعل هنا؟ ولم تسمي 
نفسك ظلي؟ إن هيأتك لا تعجبني». 

معذرة إن كنت ظلك أجابه الظل؛ وإن كنت لا أعجبك فلك 
ذلك يازرادشت! وإنني لأحيّيك لهذا وأحيّي ذوقك الرفيع . 

مسافر أناء قد أمضيت وقتا طويلا أتبع خطاك؛ متنقلا على الدوام 
لکن دونما هدف ودون موطن أيضا؛ بما يجعلنى لا أقل عن اليهودي 
ا وي أن لني اننا ول نا باليهودي . 

ماذا؟ أيتيغي علي أن أظل متنقلا إلى:الأبد؟ ألف حيث تلف بي 
الرياح» مدفوعا على الدوام لا مستقر لي . أوامء أيتها الأرض» لكم 
ترهقنى استدارتك هذه! 

فوق كل سطح حططت». ومثل غبار متعب استلقيت فوق مرايا 
فآخل منه» حتى غدوت نحيلاء - شبيها بشبح أكاد أكون 

لكنك كنت أكثر من أمضيتُ من الوقت في اقتفاء آثاره وملاحقته يا 
زرادشت» ولئن بقيتٌ متسترا مختفيا عن نظرك فإنني كنت مع ذلك 


ااه 


معك طوّحت في أقصى الأقاصى وأشدها برداء مثل طيف يمضي 
طوعا فوق السطوح الشتوية وعلى الثلوج . 

ومعك ركضت إلى كل ممنوع وكل شنيع وكل قصيء وإذا ما 
كانت لي نتن فضا فين أن :لم آکن لا شی أي سمدم . 

معك حطمت ما كان قلبي يجله دوماء وقلبت كل معالم الحدود 
ونقضت كل الصور؛ لاحقت الرغبات الأكثر خطرا ‏ والحقٌ أقول 
لك لقد مضيت فوق أكثر من جريمة في مسيرتي. 

معك تعلمت أن لا أعتقد في الكلمات والقيم والأسماء الكبيرة. إذ 
عندما يغيّر الشيطان جلدتهء ألا يسقط عنه إسمه أيضا؟ إذ إسمه أيضا 
جلدة. ولعل الشيطان نفسه مجرد ‏ جلدة. 

«الكل باطل» وكل شيء مباح»؛ هكذا كنت أحدذث نفسي. في 
مياه جليدية قذفت بنفسي» برأسي وقلبي معا. آه. وكم مرة وجدتني 
أقف عاريا هناك مثل سرطان أحمر. 

آم كيف زال عني كل اعتقاد في الخير وكل خجل وكل إيمان 
بالخيرين 1 ترئى»: أيخ ذهيت تلك البزاءة الكاذبة التي كانت لدي فى :ما 
مضى» براءة الخيّرين وأكاذيبهم النبيلة! 

ولكم ركضت وراء الحقيقة ملتصقا بتلابيبها'''؛ وغالبا ما كانت 
تفلت من أمام ا وأحيانا أريد أن أكذب» وها أنا عندهاء وعندها 


الكثير من الأشياء قد اتضحت لي؛ والآن لم يعد هناك من شيء 


)١(‏ قارن بهذه الشذرة (12175) من كنشات ربيع ۱۸۸١‏ : «من ير كض وراء الحقيقة عن قرب 
يكاد يلاصقها يكون مهددا بخطر انكسار الرقبة». ‏ مثل أنكليزي - . 


9¥ 


يهمني . ا اند كي انلها س كر تر داك سسيكس أن 
E‏ 

«أن أحيا كما أريدء أو لا أحيا إطلاقا»؛ تلك هي إرادتي. وتلك 
هى إرادة أقدس القديسين أيضا. لكن الويل! كيف يمكن أن تظل لى - 
رغبة؟ 

هل لدي من هدف بعد؟ مرفاً يمضي إليه قلاعي؟ 

ريح مؤاتية؟ لكنء آواهء وحده من يعرف إلى أين يمضي» يعرف 
أيضا أية ريح هي المؤاتية وريح رحلته. 

ما الذي تبقى لي إذا؟ قلب متعب ومتجاسر؛ إرادة لا تستقر على 
قرار» جناح مضطرب وظهر منقصم. 

وذلك: البحت غن موطتي؟ أي زرادشت» إنك تعرف جيذا أن 
ذلك البحث كان محنتي» وهو الذي استنفذني. 

«أين هو موطني؟" هو نا ,أشال ف وا وة بت 
طويلا ولم أجده. أواه أيها ال كل مكان الأبدي! أيها اللا مكان 


الأبدي! أواه اللاجدوى ‏ الآبدية ٠!‏ 


هكذا تكلم الظل وكان وجه زرادشت يتمدد ويزداد طولا مع كل 
كلمة من كلماته. «أنت ظلي!» قال أخيرا بصوت حزين. 

«إن الخطر الذي يحيق بك ليس باليسيرء أيها العقل الحر والمسافر 
الجوّال! إن ؤزاءك يوما سيئًا؛ فلتحرضن على أن لا يكون مساؤك أكثر 
رم 

ففي عين القلقين من أمثالك يتراءى حتى السجن مرفاً هناء في آخر 


مده 


المطاف . أما رأيت أبدا كيف ينام المجرمون في الإيقاف؟ إنهم ينامون 
نوما هادئا متنعمين بأمانهم المكتسب في ذلك الحين. 

فلتحذر أن لا يأسرك في آخر المطاف معتقد ضيّق: جنونٌ قاس 
متكنداد! فأنته الان ,نالذات عرضة لإغراءات وعؤاية كل مااهو ضبق 
وا 

لق أضعت عدفك:"الويل 1 كيف منك أن تتداوى من هذا 
الفقد وتنساه؟ وبضياع الهدف ‏ أضعت الطريق أيضا! 

أا الات المسكين» 'الستخمى:- أيتها: الفزاقة اة اريك هاري 
ومكان استراحة لهذا المساء؟ لتصعد إذأ إلى مغارتي هناك! 

إلى هناك تمضي الطريق صاعدة حيث توجد مغارتي. والآن أريد 
أن أنصرف عنك بسرعةء فها أن شيئا شبيها بالظل يحط فوق رأسي. 

ريك أن أسير وحيدا كي تنقشع العتمة ويكون ضياء من حولي 
مجدداء لذلك ينبغي علي أن أمضي طويلا على قدم مرحة. لكن مساء 
سيكون لنا حفل راقص عندي هناك !». 


هكذا تكلم زرادشت. 


الظهيرة 


مضق رادت مارا واا حوة أن تعره وة خد سيق 
وجد نفسه لوحده من جديد وما فت يعود إلى نفسه مستمتعا بوحدته 
يرتشفها بلذة مفكرا في أشياء جميلة لساعات طويلة. وفي حوالي 
منتضف التهازن:-ساعة استقرت الشنمين فرق رامن زرادكتت وصل به 
المسير إلى شجرة عتيقة مائلة بجذع مليء عقدا قد التعت عليها كرمة 
تحضنها بتحنان كانت بدورها مغطاة بكم وفير من العناقيد الصشراء 
التي تمنح تفسها اء لعابر الطريق.غيدها أخذت زرادشت الرضة 
في أن يقتطع له عنقودا يروي به ظمأه» لكنه عندما مد يده إلى العناقيد 
تملكته رغبة أكبر من الأولى في أن يستلقي إلى جانب تلك الشجرة 
في ساعة اكتمال الظهيرة وينام. 

وذلك ما فعلهء وما أن تمدد على الأرض داخل السكون وحميمية 
المت الملون: تح راي سمه تين “لماه و اة لامي إدء وكا 
رل کل رادشه مر أك رور ن آم 5 إلا أن اة ا 
مفتوحتين › E‏ من النظر إلى الشجرة ومن مناجاة ذلك 
الحب الذي كانت تحضتنها به الكرمة. لكنه لكنه وهو يستسلم للنعاس 
خاطب قلبه قائلا : 


(1) أنظر لوقا الاصحاح ٠‏ _ 4#: «فأجاب يسوح وقال لها مزثا مِرْثا آنت تهتمين 
وتضطربين لأجل أمور كثيرة. ولكن الحاجة إلى واحد». 


0٠ 


سكوتا! سكوتا! ألم يبلغ العالم الآن الاكتمال”''؟ ما الذي يحدث 
ل 

مثل نسمة رقيقة لا مرئية ترقص فوق بحر صقيل السطح› 
بخفة الريش؛ هكذا ‏ يرقص فوقي النعاس الان 

لا يُعْمض لي عيناء وروحي يدعها يقظة. خفيف هو حقا! بخفة 
ا 


يقنعني» > لا أدري كيف؟ ويداعب روحي بيد رقيقة حنون»ء يغلبني 


على أمري. أجل» يغلبني على أمري ويجعل روحي تتمدّد وتهجع : 


لكم غدت تبدو لي طويلة ومتعّبة روحي العجيبة! هل هو مساء 
يوم سابع هذا الذي أتاها في ساعة الظهيرة”''؟ تراها قد ركضت طويلا 
مديفة س نين اا ا ا 


هي ذي تستلقي بكامل طولهاء طويلة» وأطول! تستلقي ساكنة 
روحي العجيبة. طيّبات كثيرة تذوّقت؛ وهذا الحزن الذهبي يضغط 


)١(‏ ساعة الظهيرة كصورة لساعة الاكتمالء هكذا يعبر عنها نيتشه في رسالة إلى كارل فون 
غيرسدورف بتاريخ ۷ أبريل 1877 : «. . . مثل تلك النهارات الصيفية التي تستقر عريضة 
ومطمئنة فوق الربى كما يصفها إيمرسن بطريقة صائبة جدا؛ ذلك أن الطبيعة تكون قد 
بلغت طور الاكتمال» كما يقول». 

(؟) إشارة إلى يوم السابع؛ يوم استراحة الرب بعد إنهاء الخلق. أنظر الشذرة ]4017١‏ من 
کنات شعاد 4 عدا ومتعيا مل كل متدع قي بو مه الشابع» .“قار نمع ماايرد: فى 
العهد القديم ؛ سفر التكوين e‏ ۲ ۔ ۳: «فأكملت 0 والأرض وکل 
حم جملا الذي عدر ا ا a‏ 
الذي عمل الله خالما». 


مثل سفينة تلج خليجها الأكثر هدوء تتكئ الآن على اليابسة وقد 
أعيتها الرحلات الطويلة وبحار المجهول. أليست الأرض أكثر وفاء من 
ا 

قا ا لجف ا ري عا الات و لار سكا 
چ أ لقي أذ وم مدكير عن الس O O‏ 
تام ع إلى ال م ا 

مثل تلك السفينة المتعبة الراسية في الخليج الأكثر هدوءء كذا 
أستريح الآن ملاصقا للأرضء وفيّاء مستأنساء منتظراء مشدوذا إليها 
بخيط رفيع . 

يا للسعادة! يا للسعادة! أتريدين الغناء حقا ياروحى؟ وآنت تستلقين 
في العشب! لكنها ساعة الغبطة السرية» حيث ا راع على 

تورّعي! فالظهيرة المتّقدة ترقد على المروج! لا تغنّى! أصمتي! 
فالعالم قد بلغ الاكتمال. 

لاا تحن يا طائر الهروجء أنت ياروحئ! بل لا مشي حتى! 
سكونًا! لتنظري إذا! ‏ هي ذي الظهيرة العجوز نائمة» إنها تحرك 
شفعها ل ر الان قطرة دة 

- قطرة سعادة ذهبية عتيقة» خمرة ذهبية اللون؟ شيء ما يمر خافقا 
سريا من فوقة؛ سعادته تضحك؛ هكذا يضحك إله. أصمتي! - 

كي يكون الواحد سعيدا؟ ‏ إنه ليكفي القليل القليل لكي يكون 
الواحد سعدا هكذا قلت في ما مضى» وكنت أعتقد نفسي فطنا. 
لكن ذلك كان تجديفا: ذلك ما تعلمته في ما بعد. إن عقلاء المجانين 


لهم الأبلغ كلاما . 


القليل بالذات» ماقل. والأكثر سكونا والأكثر خفةء تسلل سحليّة. 
م ا رمشة طرف القليل هو ما يصنع كنه السعادة الأفضل . 
a‏ 

RE‏ ل ات پاروچی! کر ی و 
وتوارى؟ ألست بصدد الوقوع؟ ألم أقع - أنصتي! - في بئر الخلود؟ 
في القلب! أواهء تفتّتء تفتّت أيها القلب تحت وقع هذه السعادق 
حك هذه الطعنات! 

ماذا؟ ألم يغد العالم مكتملا قبل حين؟ مكتمل الاستدارة وناضجا؟ 
يا لهذا النضح المستدير الذهبي + إلى ابن يحض انرا یری د انرق 
افق اران اا ی 

سكوتا - (وهنا مط زرادشت أغضاءة وشعر عندها أنه قد نام. ) 

«انهض! قال مخاطبا نفسهء انهض أيها النوام! يا نوام الظهيرة! 
هيا! انهضى أيتها الساقان العجوزتان! لقد حان الوقت» وآن الأوان 
وما يزال أمامكما جزء غير قليل من الطريق - 

لقد شبعتما نوماء ولكم من الوقت؟ زمنا يعادل نصف الأبدية! 
هياء انهض أيها القلب العجوز! كم ينبغي لك من الوقت كي تستيقظ 

(لكن ها هو ينام من جديد وکانت روحه تقاوم محاولاته» تتصدی 
وتمتنع وتستلقي من جديد) ‏ دعني إذا! سكونا! ألم يبلغ العالم 
الاكتمال قبل حين؟ آه لهذه الكرة الذهبية مكتملة الاستدارة!». 

«إنهضى! قال زرادشت؛ أنتٍ أيتها اللصة الصغيرةء أيتها الكسولة! 


o1۳ 


اذًا! أمنا رل أعضاءك وتتثاءبين متنهدة وآنت تهويّن إلى قاع 
بكر سحيقة؟ 

فق انف إذا ياروحي؟» (وهنا ذعر زرادشت إذ هو ذا شعاع شمسي 
يقع من السماء على وجهه) 

«أيتها السماء التي فوقي! تكلم متنهدا واستوى جالسا؛ أتنظرين 
إلنّ؟ وتنصتين إلى روحي العجيبة؟ 

متي شرن فطر الندق ‏ هذا الذي بيقع فوق كل الأشياء .على 
وجه الأرض» - متى ستتشرّبين هذه الروح العجيبة - فى ؟ انا نكن 
الخلود؟ يا هوة الظهيرة الساكنة والفظيعة! متى ستمتصين روحي 
وتعيدينها إليك؟) 


هكذا تكلم زرادشت شت وهت من مضجعه إلى جانب الشجرة ة كمن 
ينهض من سكر غریب ؛ لكن انظر! ها هي الشمس ما تزال مستقرة 
فوق رأسه مباشرة! ولمخمّن أن يستنتج دون خطأ إذا بأن زرادشت لم 
ينم طويلا ساعتها. 


05١ 


كلمة الترحاب 


کان الغكنية: كن الحدرت» باتجاة الروت عددها اة ر رادت احيرا 
حدث ما لم يكن يتوقعه في تلك اللحظة: مرّة أخرى تناهت إليه 
صرخة الاستغاثة الحادة. لكن الأعجب من ذلك هو أن نفس الصرخة 
تأتي إليه الآن من مغارته. كان صراخا غريبا مسترسلا ومتنوعاء وكان 
بإمكان زرادشت أن يميز بوضوح أنه مكوّن من أصوات عديدة مختلفة 
وإن كان يبدو من بعيد مثل صوت طالع من فم واحدة. 

وثب زرادشت عندها إلى مغارته؛ وأي مشهد كان يمنح نفسه لعينه 
هناك بعد حفل الأصوات الذي كان يتناهى إلى أذنيه! إذ كان كل 
الميمنة وملك الميسرة والساحر العجوز والبابا والمتسول الطوعى 
والظل وتائب العقل والرّائي الحزين والحمار» بينما أقبح الآدميين 
يعتمر تاجا وقد تمنطق بحزامين من الأرجوان. ‏ ذلك أنه. مثل كل 
قبيح» يحب أن يتنكر ويجعل مظهره جميلا. وكان النسر يقف مستنفرا 
مما لم يكن لكبريائه من إجابة عنه؛ بينما الحيّة الفطنة تتدلى ملتمة 


013 


شاهد زرادشت كل ذلك باندهاش شديد؛ ثم راح يتفحص ضيوفه 
واحدا واحدا بفضول ولطف مستقرتا خبايا نفوسهم» متعجبا من 
جديد. وفي الأثناء كان المجتمعون قد هبوا من مجالسهم واستووا 
واقفين ينتظرون بإجلال أن يشرع زرادشت في الكلام. وبهذه الكلمات 

«آيها اليائسون! أيها الرجال العجيبون! لقد كانت صرخة استغاثتكم 
إذا تلك التي كنت أسمعها! والآن ها أنني أصبحت أعرف أين ينبغي 
غل أن أبحث عن ذاك الذى كنت انت عه دؤن:جدوئ طوال 
النهار : الإنسان الأعلى _ : 

في مار تجلين الإتشان الاغلی | لکن :ای غرابة قى ذراك؟ 
ألست أنا نفسى الذي كنت أدعوه إلى وأستدرجه بهبة العسل وبالحيل 
الماكرة ا 
بعضكم البعض تتكدر بالجلوس معا أيها المستغيثون. لا بذ أن يأتي 
واحد إليكمء 

واحد يجعلكم تضحكون من حل ید مهرج مرج جمد » راقص 
بهلواني » ريحء طفل مشاعب » أحمق عجور ما» ‏ فما رأيكم؟ 

لکن »› معذرة أيها اليائسون إن تكليت بمثل هذه الكلمات الحقيرة 
لكنكم ألا تعلمون ما الذي يجعل قلبي مرحا؛ 5 

إنكم أنتم الذين تفعلون ذلكء» والوقوف على مشهدكم هذا 
فلتغفروا لي ذلك! إذ ممتلئا شجاعة يغدو كل من يُمنح مشهد واحد 
باتسن:. وکل امرئ يعتقد أن له ما يكفي من القوة لمواساة يائس. 


Î 


وقد منحتموني أنا أيضا هذه الطاقة: هبة جيّدة يا ضيوفي الأفاضل! 
هديّة ضيف محترمة! هيا إذا ولا يغضبتكم الآن أن أهبكم بدوري شيئا 
من عندي. 

إن هذه مملكتي وأرض سيادتي؛ لکن ليكن كل ما هو ملك لي 
ملكا لكم أيضا هذا المساء وهذه الليلة. ليكن حيوانايٌ هذان في 
خدمتكم. ولتكن مغارتي منزل استراحة لكم! 

هنا في بيتي وموطني لا ينبغي أن يصاب أحد باليأس» وفي 
مقاطعتي أقدم لكل امرئ حماية ضد حيواناته المفترسة. وهذا هو أوّل 
شيء أمنحكم إيّاه: الأمان! 

أما الشيء الثاني» فهو إصبعي الصغيرء وإن أنتم أمسكتم بالإصبع 
فلتأخذوا باليد كلهاء وبالقلب معها أيضا! إذا! مرحبا بكم هناء مرحبا 
بكم أيها الضيوف!» هكذا تكلم زرادشت وهو يضحك بحب وخبث 
في الآن نفسه. وبعد هذه التحيّة انحنى ضيوفه مرة أخرى وصمتوا 
بإجلال؛ لكنّ ملك الميمنة تقدم ليجيب بإسمهم جميعاً على كلمات 
تيت 

«أي زرادشتء إن الطريقة التي قدمت لنا بها تحيتك وناولتنا يدك 
تل عزن وك و تاا ترت انلك ؤوا ةمض إنك تضع من نفسك 
أمامناء بل إنك كدت أن تجرح إكبارنا لك بتواضعك هذا. 

- ومن ثُرى سواك يستطيع أن يتواضع بمثل هذه الأنفة؟ إن ذلك 
ينعشنا من جديد؛ بِلْسمٌ هو لأعيننا وقلوبنا. 

ومن أجل أن نشاهد هذا بأعيننا فنحن مستعدون لتسلق جبال أعلى 
من هذا الجبل. كمتفرجين فضوليين أتينا إلى هنا نريد أن ترى هذا 
الذي يرفع الغشاوة عن العين الكدرة ويصقل صفاءها. 


91¥ 


أنظرء ها قد انقطع صراخ استغاثتنا وانتهى . وهاهي آذهاننا وقلوبنا 
قد انفتحت مبتهجة نشوى. وبالكاد لا نرى شجاعتنا تتحول إلى تهور 
أهوج . 

فلا شيء مما ينمو على الأرض» يازرادشت. أكثر حبورا من إرادة 
قوية راقية؛ أجمل نبت للأرض! وإن شجرة واحدة من هذه الفصيلة 
تبعث الحياة في كامل المحيط الذي حولها. 

من ينمو مثلك أشبّهه بشجرة صنوبر تنتصب عالية صامتة متينة 
وحيدة ولها أجود آنواع الخشب المرن الطيّع؛ رائعة» 

تمد أغصانا خضراء قوية؛ أيادٍ لبط سيادتهاء وتستنطق الرياح 
والأعاصين وكا .ناخو فام وسري مما يدور في الأعالي تاكاه 
صارمة . 

إجابات صارمة أيضا تقدم بنبرة الآمر الظافر: آه» من تراه لا 
يرغب في تسلق الجبال العالية من أجل مشاهدة مثل هذه الشجرة؟ 

مشهد شجرتك يا زرادشت يبعث البهجة حتى في قلب الكثيب 
والذي مُني بالفشل» ولرؤياك يغدو الحائر القلق أيضا واثقا وقلبه 

والحقّ أقول لك. إن عيونا كثيرة تتطلع نحو جبلك وشجرتك 
اليوم؛ شوق عظيم قد نما بين الناس» والكثيرون قد أصبحوا يسألون: 
من هو زرادشت؟ 

وكل من سكبْت قطرة من أناشيدك وعسلك في أذنه في يوم ما؛ 
كل المختبئين والنساك المتوحدين المنفردين منهم والمثنويّين» كلهم قد 
خاطيوا قلوبهم يصوت واحد: 


01۸ 


اتری زرادشت ما ر يزال حيا؟ لم يعد هناك من مبرر للحياة. فكل 
شىء سواء» والكل عبث ؟ - سوى أن نعيش مع زرادشت!» 
«لم لا يأتي إذا هذا الذي بشرنا بقدومه 2 طويل؟ هكذا 


E‏ نر بن الله وا علينا نحن أن نمضي 
النه؟) 


والآن ها أن الوحدة نفسها قد غدت هشةء وها هى تتفتّت من 
لدن نفسها مثل قبر ينشق ويتحطم ولم يعد قادرا على احتواء جثمان 
الميت الذي بداخله. وفي كل مكان يرى المرء اليوم منبعثين عائدين 
من ملكوت ال 

والآن هي ذي الأمواج ترتفع وترتفع حول جبلك يازرادشت. وآيًا 
كان علو مرتفعك فإته سيكون على الكثيرين أن يصعدوا إليك؛ ولن 
يظل زورقك طويلا يربض فوق أرض جافة جحود بعد الآن. 

أما أن نكون قد وفدنا نحن اليائسون على مغارتك ولم نعد 
يائنسين» فما ذلك إلا علامة وطالعا بأن آخرين ن¿ أفضل منا في طريقهم 
إلىك» 


إذء في طريقه إليك ب يمضي أيضا آخر ما تبقى من القبس الإلهى 


)١(‏ كلام الملك ما يزال محمّلا بصور الوعود الإنجيلية > وانتظارات البعث والنشور» حتى أنه 
يبدو وكأنه يخلط بين زرادشت ورسالته المتميزة وعودة يسوع المنتظر . قارن مع ما جاء في شي 
إنجيل متى ؛ الاصحاح ذا اك سورك : «وإذا حجاب الهيكل قد انشق إلى إثنين من فوق 
إلى أسفل» والأرض تزلزلت والصخور تشققت. والقبور تفتحت وقام كثير من أجساد 
القديسين الراقدين» وخرجوا من القبور بعد قيامته ودخلوا المدينة المقدسة وظهروا 
لكثيرينَ). لا غرابة إِذّا أن يرد زرادشت هذا الرجل واصحابه ويصارحهم بأنهم ليسوا من 
كان ينتظر هناك فوق جبله . وبالتالى فالإنسان الراقى ليس بإنسانه الأعلى . 


54۹ 


بين الآدميين؛ كل أصحاب الشوق الأعظم والقرف الأعظم والمتخمون 
ا 

كل أولئك الذين لم تعد لديهم من رغبة في الحياة سوى أن 
يتعلموا كيف يأملون من جديد ‏ سوى أن يتعلموا عنك الأمل الأعظم 
يا زرادشت!1. 

هكذا تكلم ملك الميمنة وأمكاك E‏ ويد E‏ هب ال أن 
هذا الأخير صذه عن ذلك وتراجع فزعا صامتاء وبدا فجأة كما لو كان 
ل ل 
مجددا إلى ضيوفه وراح ينظر إليهم بعينين صافيتين متفحصتين» ثم 
خاطبهم : 

ايا ضيوفي› اها الاس الر افون اريك أن أكلمكم بلغة ان 0 
وواضحة. لستم أنتم من كنت أنتظر فوق هذا الجبل . 

(ألماني وواضح؟! ليحفظنا الله! قال ملك الميسرة مخاطبا نفسه 
جانبا. واضح أنه لا يعرف الآلمان الأعرّاء هذا الملك القادم من بلاد 
المكدرق! 

لعله يعني «ألماني وفخ» ‏ ليكن! فليس هذا الخلط على أيّة حال 
اکر الأموق فسادا في الذوق في أيامنا هذه!). 


(#) عبارة «الكلام بلغة ألمانية» تفيد د في الاستعمال الدارج الكلام بوضوح ؛ بطريقة مباشرة ودون 
لبس أو تضمين رقت شلا رجا حرفا نا يسبت الجا امار اي منود يعدها. 
قارن أيضا مع ريتشارد فاغتر : ماذا تعني عبارة ألماني؟ من أوراق بايرويت قبراير 181/4 : 
"Das Worl, deutsch’ findet sich in dem Zeitwort bedeuten) wieder: (deutsch)‏ 
ist demnach, was uns deullich ist..."‏ 
ي بما معناه (أن عبارة «ألماني " تستمد جذورها من كلمة «يوضح»؛ وتبعا لذلك فألماني هو 

ما يعد واضحا بالنسية لنا). 


T° 


اتريدون جميعكم أن تكونوا من صنف الإنسان الأعلى» قال 
زرادشت مواصلا كلامه؛ لكنكم في نظري لستم بما يكفي من السمو 
والقوة لذلك . 

و«في نظري» هذه تعني : بالنسبة لذلك الصارم المتشدد الذي 
مت كن فى ن ا 
إذا ما كنتم تنتمون إلىّء فلن تكونوا بمكاتة ساعدي الأيمن” . 

ذلك أن من يقف مثلكم على قدمين ليّنتين ومريضتين» يرغب في 
المقام الأول. سواء كان على علم بذلك أم أخفاه عن نفسهء في أن 
يعامل برفق . 

غير اني لا أرفق بذراعي وقدميّ. وأنا لا أرفق بجنودي: فكيف 
يمكنكم أن تكونوا جنودا لحربي؟ 

معكم سأفسد على نفسي كل انتصار. والكثيرون منكم سيقعون 
مُعْمّى عليهم إذا ما سمعوا الدويّ الهائل لقرع طبولي. 


ثم إنكم لستم جميلين بما فيه الكفاية في نظري ولا من ذوي 


)١(‏ في مسودات كنشات شتاء 85/1884 تحت رقم 8 11 72 (المجلد ١١‏ من الأعمال 
الكاملة) نقرأ في هذا الموقع: «. . . لكنكم لستم بالخطر الهيّن عليّ ‏ هذا ما همس لي به 
حيواناي: «لتكن حذرا من هؤلاء اليائسين»ء قالت لى الحية همسا؛ فمعذرة عن هذا 
السار الغووا [ عن عرض حدقي عن سرا الما مسبم إلى العدت» وهكذا يرغتون 
في اليف سباح قري والح أقول لى إن الغرقن ينقضون بعماء وبكل قرة ايديم 
وأرجلهم على كل منقذ وذي نية طيّبة حتى أنهم يسحبون أقوى الرجال معهم إلى أعماق 
غرقهم. فهل أنتم أولتك الغرقى؟ / إني أمد إليكم إصبعي الصغير الآنء فالويل لي! آية 
أشياء أخرى ستأخذون مني بعدها وتنتزعون!ة / هكذا تكلم زرادشت وهو يضحك بكل 
عن وده هم ورا عله على عدن و الذي كاد شي إلى مان حدر كنا لو ان يويد 


أن يحمى زرادشت من أولئك الضيوف. . .٠.‏ 


05١ 


الطبيعة النقيّة والمنبت الرفيع. أريد مرايا صقيلة صافية لتعاليمي؛ وعلى 
سطحكم تتشوه صورني نفسها. 
زاوية خفية من أنفسكم يقبع قزم شرير ما. هناك رعاع حفيّ يختبئ في 
داخلكم انش أيضا: 
(E) 5‏ 

بصلخ لي اعوجاجكم ويجعلكم قويمين ٠‏ 

لستم سوى جسور؛ فليكن لآخرين أرقى منكم أن يعبروا فوقكم 
ال الضيفة الأخرى: درجات سلم أنتم؛ فلا تؤاخذوا ولا تلوموا إِذا 
من يعبر فوقكم متسلقا دربه إلى أعاليه ! 

وليكن لي من بذاركم في يوم ما إبن حقيقيَ ووريث حقيق بي؛ 
لكن ذلك ما يزال بعيدا» ولسعم بأولئك الذين ستعود إليهم 'تركتي 
ويكونون الحاملين لوسمي . 

لستم أنتم من أنتظر هنا فوق هذ الجبل» وليس معكم أنتم سيحق 
لي أن أنجز انحداري الأخير. كعلامة فقط أتيتم إلى وطالعا مبشرا بأن 
آخرين أرقى منكم في طريقهم إليَء - 

لا أصحابَ الشوق الأعظم والقرف الأعظم والإشمتزاز الأعظم. 
ولا ذلك الذي سميثموه بآخر ما تبقّى من القيس الإلهى بين الآدميين . 


(#) ليتأمل القارئ جيدا هذه الجملة؛ فكيف يمكننا بعد هذا الكلام أن نترجم لءومعمروط0 
ب#الإنسان الأرقى»؟ أما عن ترجمتها ب«الإنسان الراقي» فذلك ما لم يعد يستأهل حتى مجرّد 
التعليق! !! 


oY 


لا! لا! وألف لا! آخرين أنتظر هنا فوق هذا الجبل» ولن أزحزح 
قدمي عن هذا الموضع من دونهم» - 

اخويقء أرقن واصنلجة أك قدرة علي الانتضنار و اك مها 
أولئك الذين استوى كيانهم بنيانًا متيئا حصيئًا روحًا وجسدًا: أسود 
ضاحكة ينبغي أن تأتي إلى! 

أي ضيوفي! أيها الرجال العجيبون! ألم تسمعوا بعد شيئا عن 
أبنائي؟ هل هم الآن في طريقهم إليَ؟ 

لتحدثوني عن حدائقي» عن جزري السعيدة وعن نوعي الجديد 
الرائع» - لم لا تحدثوني عن هذه الأشياء؟ 

هدية الضيف للمضيّف هذه التي أتوسلها من حبكم؛ أن تحدثوني 
عن أبنائي. بهم أنا الآن غنىَء ومن أجلهم غدوت فقيرا معدما؛ أي 
شيء لم أنفق من أجلهم! 

وأي.شيء لن أنفق من أجل أن يكون لي هذا الشىء الوحيد: 
هؤلاء الأبناءء هذا الغرس الحىّ» هذه الشجرة؛ شجرة حياة إرادتى 
وأملي الأرقى!» ٠‏ 1 


هكذا تكلم زرادشت». ثم توقف فجأة عن الكلام؛ فقد استبد به 
شوقه فأغمض عينيه وأطيق فمه لفرط ما كان يهرّ قلبه من انفعالات. 
وصمت أيضا كل ضيوفه وظلوا يقفون هناك ساكنين يجمدهم الذهول؛ 
وحده الرائي العجوز كان يرسم حركات وإشارات بيديه. 


د * *« 


or 


العشاء السذي”"” 


عند هذا الموضع من الكلام قاطع الرائي كلمات الترحاب المتبادلة 
بين زرادشت وضيوفه. اندفع إلى الأمام مثل واحد في عجلة من أمره 
وأفيستك بيد زرادشت وصاح فيه: «لكن يازرادشت! 

هناك ذوها افر أكقر «ضروزة شع آم شهدا كنت تدا انك 
تفينك 1 7إذ1! قينا الآن أن اهم اة لن من كل کی2 رل 
كثيرون قد قطعوا طريقا طويلة؛ أم تراك تريد أن تطعمنا خطا؟ 

ثم إنكم ذكرتم جميعكم الكثير عن التجمّد والغرق والاختناق 
ونلذيا جبيدية «أخترى.عديدة؛ لكن لالد ذكر سائ آلا وهو 
الجوع...2. 

(هكذا تكلم الرائي» وإذا حيوانا زرادشت يفرّان مذعوريّن» إذ بدا 
لهما عندها أن كل ما جمعاه طوال اليوم لن يكون كافيا لسد فم هذا 
العرّاف الجائع) . 
)١(‏ الاستعارة التي تستند على واقعة العشاء الأخير ليسوع مع تلاميذه واضحة هنا. أنظر 


الأناجيل: متّى. الاصحاح 11/157 - ۳۰؛ مرقس. الاصحاح ۱۲/۱٤‏ -١5؛‏ لوقا 


oY 


E‏ العطك أ E N E‏ بولق كنت 
أسمع ماءً يسكب مثل خطابات الحكمة. إلا أنني ‏ أريد خمرا! 


قلمضا أكلنا شار > نام ها a e‏ الما الو كان دلق 
ذا نفع بالنسبة للمتعبين والذاوية أعوادهم: إنما خمرًا تتطلب حالتنا؛ إذ 


وهنا أخذ ملك الميسرة الصموت الكلمة بدوره الآن وهو يسمع 
الرائي يطلب خمرا: «أمَا عن الخمر فقد احتطنا لذلك آنا وأخي ملك 
الميمنة؛ إن لدينا كفاية منها؛ حمولة حمار بأكملها. وبالتالى فإنه لا 
ينقصنا غير الخبز» . ٠‏ 

«خبز؟ رد عليه زرادشت وهو يضحك. بل الخبز فقط هو ما لا 
يملكه الناسك. لكنْ ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان» بل وبلحم 
خروف جيّد أيضاء وها عندي إثنان هنا: 

فليُذبحا بسرعة وليبهرا ويطبخا في القُويْسة؛ إذ هكذا أحبَ لحم 
الخروف. ولا تنقصنا هنا أعشاب ولا فاكهة» فهناك ما يكفي حتى 
لأكثر الذواقين رهافة ومحبي الطيبات جميعا؛ ولدينا أيضا كفاية من 


الجوز وغيرها من مكسّرات الألغاز والأحاجي”" . 





)01 استعمال ساخر للمقولة الشهيرة ليسوع المسيح في رذه على المجرّب : می٠‏ الاصحاح 
٤/٤‏ : «فأجاب وقال مكتوبٌ ليس بالخبز وحده يحبا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم 
الله . 

(؟) قد تبدو هذه العبارة غريبة للقارئ العربي؛ لكنها مرة أخرى إحدى الألاعيب الكلامية التي 
يحبذها نيتشه. فعبارة عام اوولال2 تعنى حرفيا: الذي يكسّر الجوز. لكنها تعنى 
اصطلاحا فكاك الألغاز والأحاجي» وهي استعارة تقوم على تشبيه عملية فك الآلغاز بكسر 
القشرة من أجل الرصول إلى اللبَّ. 


2236 


سعد إذا بشرعة ولب عيدة» لكن فن يريد أن يسارك أكلنا 
فسيكون عليه أن يضع يديه في العملء سا فى :ذلك الجلوك م EE‏ 
يف زر و کک 

وقد وافق اقتراح زرادشت هذا هوى في نفس الجميع ما عدا 

«انظروا هذا الشره الذي يُدعى زرادشت! قال مشاكسًا ساخرا. أمن 
أجل إعداد مثل هذه الولائم يصعد المرء إلى الجبال العالية ويلجأ إلى 
المغارات؟ 

الآن أصبحت أفهم دون شك ما كان يعلمنا في مامضى إذ قال: 
«مبارك هو الفقر الصغير!» وكذلك لماذا يريد إبطال التسوّل». 

الکن أريحيا مكل أجابة ززاوشت : لتظل على عاداتك أيهنا 
الرجل الكريم : امضغ حبوبك واشرب ماءك واحمد خصال مطيخك ؛ 
إذا كان هذا مما يُسعدك! 

إنما أنا ناموس لأتباعى فقطء و ليت قانونا > للجميع. لكن من 
ينكلم إل عليه أن يكون ذا عظام صلىة» ودا قدمين خفيفتب: أيضاء 53 
مكنذا لجاب الحشاف اتتعنداذه لحيدة وجهل ررر اة 
ومعافی . 

لي ولأصحابي أفضل الأمور وأجودها؛ وإن نحن ما لم تُمنحهاء 
فإننا ننتزعها بأيدينا: أجود الغذاء» والسماء الأكثر صفاء والأفكار 
الأكثر قوةء وأجمل النساء!». 


0775 


أيسمع المرء مثل هذه الأشياء الذكية من فم حكيم؟ 

والح أقول لكمء إن أغرب ما في حكيم هو أن يكون ذكيا علاوة 
SE‏ ْ 
كلامه بخيث ونه مضمرة صارخا: اا 

وكانت تلك بداية وجبة مساءٍ طويلة تسمّى في كتب التاريخ 
ب«العشاء السري». لكن. لم يكن لحديث الجماعة خلال هذا العشاء 
من موضوع غير الإنسان الأعلى . 


¥ 


عن الإنسان الراقي٠“‏ 


عندما جئت إلى الناس اول مرة ارتكبت حماقة الناس م 05 





. لقد أدخل نينشه بعض التعديل على هذا العنوان خلال تخطيطاته الأولية للفصل اللاحق‎ )١( 
هذا العنوان: إلى الناس‎ ١884 من كنشات صيف وربيع‎ ]77١[1157 فقد جاء في الشذرة‎ 
الراقين : نداء منادي الناسك المتوحد"  بقلم فريدريش نيتشه . ثم نجد العنوان نفسه فى‎ 
لكن العنوان يرد بصيغة المفرد‎ . ۱۸۸١ من كنشات خريف 1888 _ بداية‎ ]٥[ ۲۹ الشذرة‎ 
«الانسان الراقى» ملحقا بعناوين فرعيّة هى : عن الفيلسوف/ عن‎ :]۳٠۸[۲٠١ فى الشذرة‎ 
قاتدي القطعان/ عن الاتقياء/ عن الفضلاء/ عن الفتانين. ثم يضيف عنوانا ثانيا (ليس‎ 
بعنوان فرعي): في نقد الإنسان الراقي".‎ 
- ۱۸۸٤ حول مفهوم «الإنسان الرافي» لننظر ما يرد في الشذرة ۸۹ من کنشات خريف‎ 
بداية 1845 : مخطط : أبحث وأنادي عن أناس يحق لي أن أفاتحهم بهذه الأفكارء أناس‎ 
لا يلقون حتفهم بسببها. «مفهوم الإنسان الراقي : ذلك الذي يعاني من الإنسان وليس من‎ 
نفسه فقطء ذلك الذي لا يسعه إلا أن يبدع #الإنسان» من خلال نفسه أيضا؛  ضذ كل‎ 
انسحاب ممتع وكل تهويمات أحلام المتصوّفة/  ضد «المتلائمين»/ أن تشلّص أنفسنا‎ 
نحن الذين منينا بالفشل! نحن النوع الأرقى! فذلك يعني أن نخاص «الإنسان نفسه»: تلك‎ 
هی «أنانيّتنا»!‎ 
der höhere Mensch لا بد من الإشارة هنا إلى أن نيتشه يستعمل في هذا الموضع عبارة‎ 
(الإنسان الأعلى) ولیس دن5اعطعط0] (أو كاثنه المحلوم والمنتظر الذي يسميه «الإنسان‎ 
الأعلى»). ونود جلب انتباه القارئ إلى متابعة الجمل الأخيرة من هذه الفقرة بانتباه لتبين‎ 
الفوارق اللفظية فى تسمية طائفة «الناس الراقين» التى بعثت إلى الحياة من جديد. لكنها‎ 


OA 


ON Sl SE O EET اللحوافة‎ A 
وعندما كنت أتكلم إلى الجميع لم أكن أخاطب أحدا. وفي‎ 
. المساء كان رفيقاي بهلواني وجثة» وكنت بدوري شبيها بالجثة‎ 


لكن حكمة جديدة أتتني مع صباح اليوم الجديد: إذ رأيتي أتكلم 
الطويلتين للرعاع؟» 

أيها الرجال الراقون» خذوا عنى هذه الحقيقة: فى ساحة السوق 
ليون هناك فت أحدك ومن بالإنشان الأعلى :وان كنم تريدون الكو 
تاك .فلكم ذلك العمتفيلوز! لکن )الب بظل ب كنا 
سواسية) . 

«أيها الرجال الراقون ‏ هكذا يغمز الرعاع ‏ ليس هناك من إنسان 
أعلى» ونحن جميعا سواسية» والإنسان هو الإنسانء وأمام الله كلنا 
سواسية !» 

أمام الله! ‏ لكن هذا الإله قد مات. ونحن لا نريد أن نكون 
سواسية أمام الرعاع. لتبتعدوا عن السوق إذا أيها الرجال الراقون! 


* ان * 


«ويسميه هنا بعبارة طعلصعص - عط . إن الانتباه إلى هذا الفارق سيمكننا من تلافي 
الوقوع في الخلط بين الإنسان الراقي والإنسان الأرقى من جهةء والإنسان الأعلى من جهة 
ثانية . 

.9- 7 أنظر «ديباجة زرادشت» (الكتاب الأول) الفقرات:‎ )١( 

(۲) أنظر العنوان الفرعي للكتاب : «كتاب للجميع ولغير أحد». 


o۲۹ 


۲ 

أمام الله! ‏ لكن ذلك الإله قد مات! وذلك الإله كان خطركم 
الأعظم آيها الرجال الراقون. 

وسيل أن عدا د “فى الق هذا قط نحي لحاس د 
الآن فقط حلت ساعة الظهيرة العظمى» والآن فقط غدا الإنسان الراقي 
نا 

هل ادر معنى هذه الكلمة يا إخوتي؟ مذعورون أنتم؛ هل 
تملك بقلوبكم الذوار؟ هل هي الهاوية فاتحة شدقيها أمامكم هنا؟ هل 

هيّا! إلى الأمام إِذَا أيها الناس الراقون! الآن فقط سيتمخض جبل 
المستقبل الإنسانى عن مولوده الجديد. إن الله قد مات؛ والآن نريد - 
اضيا الاساات ا اغ 


۳ 

إن أكبر سؤال من بين الأسئلة المحيرة اليوم هو: «كيف يمكن 
حفظ الإنسان؟2 لكن زرادشت يظل الوحيد والأول الذي يسأل: «كيف 
يمكن تجاوز الاإنسان؟» 

الإنسان الأعلى هو شاغلي» وهو غايتي الأولى والوحيدةء - وليس 
الآنسان”: لأ اقرب لابين ولا أفقن السعدمين ولا أك المحدين: 
ولا خير الخيّرين - 

أي إخوتيء إن ما يمكنني أن أحب في الإنسان هو كونه نُقَلة 
واتحدارًا. 8 أنتم أيضا هناك الكتير مما يجعلني أحب وأأمل. 


o 


أن تكونوا قد عرفتم الاحتقار أيها الناس الراقون» فذلك ما يجعلني 
أأمل. إذ أعظم المحتقرين في الحقيقة هم أعظم المجلين. 

أن تكونوا قد عرفتم اليأس» ففي ذلك الكثير مما يستحق الإكبار. 
ذلك أنكم لم تتعلموا الاستسلام» ولم تتعلموا الشطارات الحقيرة. 

فاليوم أضحى صغار الناس سادةً: وهؤلاء يكرزون الآن للاستسلام 
والتواضع والشطارة والكد والاحترام وسلسلة طويلة من «وغيرها 
الت ومن خليط الرعاع خاصة يريد الآن أن و مصير 
الإنسانية بكليتها ‏ يا للقرف! القرف! القرف! - 

كل هذا الرهط يتسائل ويتساءل» دون كلل ولا ملل : کہ يحمل 
الإنسان على أفضل وجه ولأطول مدة من الزمن وبأكثر ما يمكن من 
لاط انيلا د يون سناد کے ها ار 

لترتفعوا على منزلة سادة هذا الزمن يا إخوتى ‏ هؤلاء الصغار ؟ 
فهم أكبر خطر على الإنسان الأعلى! 

لتر تقعوا فوق فضائلهم الصغيرة وشطاراتهم أ لصغيرة وحبات رمل 
المراعاة وشؤون عجَاج النمل والارتياح البائس واسعادة عموم 
الناس» . ! 


)١(‏ أنظر المعرفة المرحة؛ الكتاب الأول الفقرةا . يرى نيتشه أن جل اهتمام الإنسان وفي 
حميع أوجه نشاطاته موجه إلى غاية «حفظ النوع" وذلك من منطلق غريزة ثابتة وقوية 
وعتيدة. بما يجعل ما هو سيء وضار يغدو نافعا بدوره بما هو يلعب بدوره دورا في هذا 
ا ا زر واک من ر زتها تراشي وق 
الاندفاعات الحيوية للإنسانية لتنتهي إلى الانقراض . 1 


05 


وإنه لأفضل لكم أن تكونوا يائسين من أن تستسلموا. والحق أقول 
لكم إنني أحبكم لأنكم لا تعرفون كيف تعيشون في هذا الزمن أيها 
الناين' الزاقوان! وسكا عالنات تون دغل اقل وخا 


تن * د 


3 
أشجعان أنتم يا إخوتي؟ أأشداء سديدوا القلب أنتم؟ ليس شجاعة 
ليست سديدة القلب في نظري كل الأرواح الفاترة وكل البغال 
الخوف أيضاء والذي يرى الهاويةء لكن بأنفة وكبرياء. 


من يرى الهاويةء لكن بعيني صمرء ومن يلمس قاع الهاوية 
بمخالب صقر: ذاك هو الشجاع . 


° 
«الإنسان شرّيره ‏ هكذا كلمني كل الحكماء والأكبر حكمة 
لمواساتى. أهء ليت ذلك ما يزال حقيقة فى وقتنا هذا! إذ الشر هو 
أفضل طاقة فى الإنسان. 
افاي تقوو ا و اكد كد ع 
الشر الأعظم ضروري لما فيه خير الإنسان الأعلى. 


230 أنظر ما وراء الخير والشر ؛ الشذرة ٥‏ (المحادثة بين نيتشه وديونيزوس) ‏ ديونيزوس := 


رفوك 


قد يكوت ذلك ناقعا بالعمية لوعاظ الضغار البسطاء أن بعألما 
ويحملوا على عاتقهم خطايا الإنسان . لكنني أفرح بالخطيئة العظمى 
كسلوتي الكبرى. - 

لکن هذا لس كلاما لطويللات:» ادن وليست كل كلمة ضالحة 
لأي شدق. إنها أشياء لطيفة وبعيدة المرامي؛ ليس لأظلاف الأغنام أن 
تطمع في الإمساك بها! 


5 

أيها الناس الراقون» أتعتقدون أنني هنا من آجل إصلاح ما لم 
تحسئوا صنعه؟ 

أو أننى أردت أن أحرص من هنا فصاعدا على تهيئة المراقد الوثيرة 
لک ابا الارن أ أن ابل انعم اها الین ل متشي لک 
والتائهون والذين أخفقوا فى التسلق» على مواطئ آمنة ودروبا أسهل 
لأقدامكم؟ 
إذ ينبغي أن تزداد حالكم سوء وشدة. وهكذا فقطء 


إن الإنسان في نظري حيوان لطيف وشجاع وذو طاقة على الابتكار/ ليس له من مثا 


على وجه الأرض» وما من متاهة هناك لا يجد طريقه داخلها. وأنا أكن له عطفا خاصا؛ 
وغالبا ما أفكر في الكيفية التي تجعلني أدفع به إلى الأمام وأجعله أكثر قوة وأكثر خيئا 
وعمقا مما هو عليه الآن». ‏ (أكثر قوّة وأكثر خبثا وعمقا؟» سألته مذعورا. «أجلء أكثر 
قوة وأكثر خبئا وعمقا؛ بل وأكثر جمالا أيضا». قال لي ثانية وابتسم ايتسامته الألقيونية 
ذلك الإله المجرّب كما لو أنه نطق باطافة عذية ساحرة. 

)١(‏ إشارة إلى المقولة المسيحية بأن يسوع يصلب ويعذب من أجل خطايانا. 


orf 


شكذا فقط ينمو الأنشاث وير تفي إلى الأغالى القن ثللاقية ها 
الصاعقة وتفتته : عاليا بما فيه الكفاية لملاقاة الصاعقة! 


نحو الأقل ونحو الأطول مدى» والأبعد تمضي رغبتي واهتمامي؛ 
مالي إذا وبؤسكم؛ صغيره وكثيره وقصيرء؟ 

إنكم لا تعانون بما فيه الكفاية في نظري! ذلك أنكم تتعذبون 
بأنفسكم ولم تتعذبوا بعد بالإنسان. وستكونوا كاذبين إذا ما ادعيتم غير 
هذا! إذ لا أحد منكم جميعا يتعذب بما عانيت أن . 


د ¥ 


۷ 
لجن افا ا ل أن و الا غير م و فاا ارك أن 
أحول مسارهاء بل عليها أن تتعلم كيف تعمل - لحسابي. - 


)١(‏ المعاناة لدى نيتشه من إحدى العناصر القارة فى فاسفة الاستجاية الاثياتية للحياة 
18 - نعم الاستجابة الإثباتية تعني لديه: ع للشو أيضا وللألم والمعاناة. لأن 
الآثبات لا يعترف بالبتر والإقصاء. ويمكننا أن نجد هنا تشابها مع الاستجابة الإثباتية لدى 
المتصوفة. وا لا اسع ا ) تستدعيها وتبتهج بها وتحتضنها 
ضمن العتاصر المكونة لسعادتها. كن نيتشه يضع (المعاناة ٠‏ المعاناة المبدعة في 
مقابل ما يسميه بالمعاناة الصغيرة 7 ا لعن ما وراء الخير والشر؛ 
ا و و الا اا مذو عنقا ا بالأحرى أعظلم 
وأسوأ مما كانت عليه في أي زمن مضى! إن الرفاه كما ترونه أنتم ليس بهدف البتة ؛ بل 
يبدو لي نهاية! وضع سيجعل من الإنسان كاثنا مضحكا وجديرا بالاحتقار. بل ويجعله 
يرغب في هلاكه . تربية المعاناة؛ المعاناة الكبرى ‏ ألم تعرفوا أن هذه التربية وحدها التي 
حلفت اعات ارتقاء | لانسان؟ ذلك التوتر الذي تة التق في الام والذي نولقي E‏ 
الشدّة ويغذي قوّتها وصلابتهاء وتلك القشعريرة التي تخترقها أمام مشهد الهلاك الكبير: 
وكذلك قدرتها على التدبير وبسالتها في تحمل الشقاء ومجالدته وتأوّله وامتغلاله. وکل ما 
ملحت من عمق وآسرار وأقنعة وعقل ومكر وعظمة؛ ‏ أليس كل ذلك من الهبات التي 
مُنحتها فى خضم المعاناة وتربية المعاناة الكبرى؟». 


ort 


وقتامة. هكذا تفعل كل حكمة سيكون عليها أن تولد صاعقة في يوم 
ما. 

أما أبناء هذا الزمن فلا أريد أن أكون نورا لهم ولا أن أدعى نورا 
بينهم . هؤلاء ‏ أريد أن أعمي أبصارهم : ولتفقاً أعينهم يا برق حكمتي 
الصاعقة”" ! 


۸ 
لا تطلبوا ما يفوق طاقتكم؛ هناك زيف خبيث لدى أولئك الذين 

يرومون أشياء تفوق طاقتهم› 
خاصة عندما يطلبون أمورا عظيمة! إذ هم يثيرون الاتياب في 

الا فون العنظيمة اولك الهرورون الزن 
حتى ينتهي بهم المطاف إلى أن يغدوا مزيّفين في أعين أنفسهم 

أيضا بنظراتهم الحولاء وخشبهم المنخور الملمّع بالشمع» مقتعين بحلة 
من الكلمات المدوية وبحلية من الفضائل الاستعراضية» وبأعمال برَاقة 

مزيهة . 

)١(‏ فى الشذرة ۳۱ [۳۸] من كئشات شتاء 1884/ ۸٥‏ نقرأ: «أردث أن تكون نورا لهؤلاء 
لكنك أعميتهم. إن شمسك نفسها هي التي فقأت أعينهم". نرى أن نيتشه قد حور هذه 
الجملة بما جعلها لم تعد نوعا من اللوم أو الندم: بل كما لو أنه يجيب نفسه: كلا ذلك ما 
أريده هم » وليس غير ذلك . 


oo 


اوک ار انها الناس الراقون! فليس ثمة شيء 
أغلى لديّ اليوم وأندو من ا 


أليس الزمن اليوم للرعاع؟ لكن الرعاع لا تفقه ما العظيم وما 
الحقير وما المستقيم وما الصادق ؟ إنها معوجة عن غير قصد ووعي؛ 


84 


لتكونوا شديدي الريبة فى هذا الزمن أيها الناس الراقونء أيها 
المفعمة قلوبهم شجاعة! أيتها القلوب الضادقة 'التزيهة! ولت موا علن 
براهينكم! فالزمن اليوم للرعاع! 

والذي تعلمته الرعاع في ما مضى دون براهين» كيف يمكن دحضه 
ببراهين؟ 


)١(‏ الصدق (النزاهة والأمانة الفكرية) قيمة أخلاقية مركزية فى فلسفة نيتشه كمقابل للتكلف 
والمغالطة وھی القيمة التى تحرر الفيلسوف من قيود المجاملة والمداراة والتحفظط 
والحرص على التلاؤم مع المواضعات الفكرية الاجتماعية والأخلافية والدينية . وفى كلمة 
هى الدعامة الأساسية التي تنبني عليها روح المخاطرة والفكر الصدامي . أنظر ما وراء الخير 
والشر؛ الفقرة ۲۲۷: «الصدق ‏ لنفترض أنه الفضيلة التي لا نستطيع أن نتخلص منها نحن 
العقول الحرة ‏ فإننا نريد أن نعمل بكل ما أوتينا من خث ومحبة على تغذيتها أكثر وتنميتها 
داخل أنفسناء وأن لا نكل أبدا من السعي إلى بلوغ «كمالنا» داخل فضيلتنا الوحيدة المتبقية 
لنا: وليكن لبريقها أن يظل مخيما مثل نور مسائي أزرق مذهب هازئ فوق هذه الحضارة 
الماضية إلى الشيخوخة» وجديتها القاتمة الثقيلة! وحتى إذا ما أصاب فضيلتنا التعب في يوم 
ما وراحت تمطط أعضاءها متنهدة» وهى تجد أننا قساة متمنية حالا أفضل وأرق وأخف 


o1 


في السوق العمومية يكون الإقناع بالحركات؛ لكن البراهين تثير 
ارتياب الرعاع . 

وإذا نا كني للعميقة أن ر ا خلكم أن نادلو پر 
مبرّرة: «أي ضلال مكين قد ناضل من أجل انتصارها؟» 

اروا ايفن من العلماء! إنهم يحقدون عليكم؛ ذلك أنهم 
عقيمون! إن لهم عيونا باردة وجافةء وكل طائر في عينهم مجرّدٌ من 
ال 

هؤلاء يتبجحون بأنهم لا يكذبون؛ لكن العجز عن الكذب لا يعني 
البتة حب الحقيقة . لتحترسوا إذا! 

إن التعافي من الحمّى لا يعني البتة وبالضرورة رسوخا في 


المعرفة! فأنا لا أؤمن بالعقول المتبرّدة؛ ومن كان غير قادر على 
الكذب لا يعرف ما هى الحقيقة. 


۱۰ 

إذا أردتم بلوغ الأعاليء فلتكن أرجلكم هي التي تحملكم إليها! لا 
تدعوا أنفسكم تُحملون» ولا تمتطوا ظهور ورؤوس غيركم! 

أما أنت فتصعد راكبا فرسا؟ وتصعد الآن راكضا نحو هدفك؟ 
ليكن يا صديقي! لكن رجلك المشلولة ترافقك هي أيضا على صهوة 
الفرس ! 

وعندما تكون أمام هدفك» وعندما تقفز عن ظهر فرسك؛ هناك 
فوق درجتك العالية ستتعثر قدمك - أيها الإنسان الراقي. 


وه 


1١١ 


أيها المبدعون» أيها الناس الراقون! إن المرء لا يحبل إلا بالولد 
الذي هو من صلبه. 


لا تدعوا أحدا يلقّنكم أو يوهمكم بقناعة. إذء من هو بالنهاية 
أقرب الأقربين إليكم؟ ولئن عملتم لفائدة «ذي القربى» أيضاء فإنكم لا 
تبدعون من 'أجله! 


لتزيحوا عن أذهانكم هذه ال«من أجل»ء أيها المبدعون؛ ففضيلتكم 
هى التى تريد أن لا يكون لكم عمل «ل) ومن أجل» والابسبب». 
ولتسدوا أسماعكم عن هذه الكلمات الصغيرة المزيفة . 

فضيلة أصاغر الناس فقط هى هذه ال«من أجل القريب»؛ وتعنى 
«المثل بالمثل» و«يد تغسل الأخرى»؛ ‏ وليس لهؤلاء الصغار من حقّ 

إن في أنانيتكم أيها المبدعون حذر الحُبلى واحتياطها الحازه”'“! 
تلك الثمرة التي لم ترها عين بعد. هي التي ترعاها كل محبتكم 
وتحفظها وتغديها. 

وحيثما تكون كل محبتكم مركزة على طفلكمء فهناك تكون كل 
فضيلتكم! عملكم وإرادتكمء تلك هي «أقرب الأقربين» إليكم؛ فلا 


تدعوا أحدا يلقنكم قيما زائفة! 


)١(‏ فى الشذرة ]۳۷[۳١‏ من كنشات شتاء 85/١18815‏ ترد هذه الجملة بضمير المخاطب: 
زرادشت مخاطبا نفسه: «فضيلتك هي حذّر الحبلى: إنك تحمي ثدرتك ومستقبلك 
المقدسين» . 


oA 


۱۲ 

أيها المبدعون» أنتم أيها الناس الراقون! من كان عليه أن يلدء فهو 
مريض؛ أما من TT‏ 

اسألوا السات فما مخ والحدة: تلد المععة تجدها الي اة وان 
الأوجاع لهي التي تجعل الدجاج والشعراء يقوقئون. ۰ 

أيها المبدعون» إن فيكم الكثير مما هو نجس؛ ذلك أنه كان 
عليكم أن تلدوا. 

مولود جديد؛ كم من قذارة جديدة ترافق مجيء كل مولود جديد 
إلى الحياة! تنخوا جانبا! ومن ولد ولذا عليه أن يغسل روحه 
ويطهّرها! 


۱۳ 

لا تكلفوا أنفسكم من الفضيلة ما يفوق طاقتكم! ولا تطالبوا 
آنفسكم بما يفوق الاحتمال. 

ولتقتفوا آثار فضيلة آبائكم! إذ كيف تريدون الصعود عاليا إن لم 
ترافقكم إرادة ابائكم في صعودكم؟ 

أما من أراد أن يكون أولاء فليحترس من أن لا يصير آخْرًا 
وحيث كانت لآبائكم خطيئة لا تحاولوا أن تكونوا قديسين. 

ومن كان أباؤه مولعين بالنساء والخمور المعتّقة ولحوم القنائص 
الوحشية» أيّ معنى سيكون لصنيعه إن هو أرغم نفسه على العفة 
والتبتل؟ 


ا 


الاصحاح9١/‏ ۰: اولكنٌ كثيرون أوَلون يكونون آخرينَ وآخرون أوَلِينَ». 


9۳۹ 


شقا سيكون ذلك! انه لکن هما أن ف هذا الا کیو ان 
يكون زوجا لامرأة واحدة أو إثنان أو ثلاثة فقط . ۰ 

وإذا ما بنى ديرا وكتب على بابه: «الطريق إلى القداسة»» فسأقول 
نمه وای عرشي اا إن هذه جنا ديد 

لقد شيّد هذا الأخير لنفسه سجنا وملجأ عزلة؛ فليطبٌ له المقام! 
أما أنا فلا أؤمن بهذا. 

ففي العزلة لا ينمو ويترعرع سوى ما أتى المرء به معه إلى هناك 
بما في ذلك الدابة الكامنة فيه. ولهذا السبب فإن الكثيرين لا يُنصحون 
بالعزلة . 

وهل وُجد إلى حد الآن ما هو أقذر من نسّاك الصحراء؟ فمن 
حولهم لم يكن الشيطان وحده هو الذي يرتع بلا قيدء بل الخنزير 
أيضا . 


4 

خائفين» خجولين مرتبكين» مثل نمر أخطأ قفزته: هكذا أراكم 
أيها الناس الراقون غالبا ما تتسللون منسحبين جانبا. لقد أخطاتم رمية 
نرد. 

لكن ما همّكم أنتم لاعبوا النرد! إنكم لم تتعلموا اللعب والسخرية 
كما ينبغي على امرئ أن يلعب ويسخر! ألسنا نجلس على الدوام إلى 
ا كبيرة؟ 

وإذا ما فشلتم في أمر عظيمء فهل يعني ذلك أنكم أنتم أنفسكم - 
فاشلون؟ وإذا ما كنتم فاشلين» فهل يعني ذلك فشل الإنسان؟ وإذا ما 
كان الإنسان هو موضوع الفشل؛ فحبذا! وإلى الأمام! 


غ0 


1° 

كلما ازداد أمر سِيمهوًا في نوعه» إلا وكان تجاحه نادرا. ااا 
كلكم هنا نموذجا ‏ للفشلء أيها الناس الراقون؟ 

فلتتقبلوا الأمر بمرح» ولا تبالوا! فلكم هناك من أشياء ما تزال 
ممكنة! ولتتعلموا كيف تضحكون من أنفسكم كما ينبغى لامرئ أن 
يضحك! 

ما الغرابة في أن تكونوا نماذج فاشلة أو تجربة نصف ناجحةء أنتم 
شبه المحطمين؟ ألا يتململ في داخلكم مستقبل الإنسان ويفحص 
بقدميه؟ 

كل ياء الإئسنان" الأكثر معدا والاكر عمف و الا كر علو ألا 
تضطرب جميعها وتغلي داخل مراجلكم؟ 

غا عا انكرت نادور و خط امهنا 
كيف تضحكون من أنفسكم كما ينبغي لامرئ أن يضحك. فكم هناك 
من الأشياء التى ما تزال ممكنة أيها الناس الراقون! 

والحنّ أقول لكمء لكم هناك الآن من الأشياء الناجحة! ولكم هي 
ثرية هذه الأرض بالأشياء الصغيرة المكتملةء وبالأمور الموققة! 

لتحيطوا أنفسكم بأشياء صغيرة مكتملة أيها الناس الراقون! إن 
نضجها الذهبىّ يشفى القلب . فالشىء المكتمّل يعلمنا كيف نأمل . 


15 


ما هي أعظم خطيئة من بين ما ارتكب على وجه الأرض إلى حد 


6١ 


الان؟ ت ل ذلك «القانا! :لوول لم بخ یخرن ف هذه 


الدننا !)207 


ألم يجد ذلك القائل في الدنيا ما يدعو إلى الضحك؟ إنه لم يبحث 
کا ينبعي إذا؛ إذ يوشم أئ طقل أن يجيد :هنا أكثر طن سمب 
للضحك . 

هذا الأخير ‏ لم يكن لديه ما يكفي من المحيّة؛ وإلا لأحبّنا نحن 
ضرق" الجن" كان عد 

أترى ينبغي على المرء أن يلعن حيث لا يحت؟ إن هذا ليبدو لي 
سلوكا عديم الذوق. لكنّ ذلك هو مافعله ذلك المتزمت؛ إذ من 
الرعاع كان مأتاه ومنبته . 

ولم يكن هو بدوره يحب بما فيه الكفايةء وإلا لما اغتاظ بذلك 
القدر من الحنق لأنه لم يُحَبَ. فكل محبة عظيمة لا تطلب حبًا؛ بل 
تريد أكثر من ذلك . 

لتتجتبوا كل هؤلاء المتزمتين! إنهم نوع بائس مريض». جنس 
رعاع ؛ ينظرون بخبث إلى هذه الحياةء وعينهم عين سوء على هذه 
الأرض. 

لتتجتبوا كل هؤلاء المتزمتين! إن لهم أقداما ثقيلة وقلوبا تختنق 


)١(‏ أنظر لوقا؛ الاصحاح 15/5: «ويل لكم أيها الفاحكون الآنء لأنكم ستحزنون 
وتبكون'. 

(۲) مى الآصحاح ١7/8‏ : «وأمَا بنو الملكوت فيُطرحون إلى الظلمة الخارجيّة . هناك يكون 
البكاء وصرير الأسنان1. 


ot 


رطوبة؛ ‏ لا يعرفون الرقص» فكيف للأرض أن تكون خفيفة بالنسبة 
لهذا النوع إِذَا؟ ! 


۱۷ 

عبر سبل ملتوية تبلغ كل الأشياء الحسنة غاياتها؛ ومثل القطط 
تحذب ظهورها وتهرّ في دخيلتها وهي تقترب من سعادتهاء - كل 
الأشباء الحسة حك 

إن خطو المرء ينبئك بما إذا كان يمضى على دربه الخاص؛ 
فلتنظروا كيف أمضى! أما من صار على مقربة من غايته فراقصًا يغدو. 

وحقا أقول لكم إنني لم أتحوّل تمثالاء ولا آنا أقف متييساء 
متجمداء متحجراء عمودا ثابتا؛ فأنا أحب الركض السريع . 

وبالرغم من أن هناك مستنقعات فوق الأرض وأحزان ثقيلة» فإن 
من له قدمان خفيفتان يعبر ركضا فوق الأوحال وهو يرقص كما لو 

ارفعوا قلوبكم يا إخوتي» عاليا وأعلى! ولا تنسوا أرجلكم أيضا! 
ارفعوا أرجلكم أيضا أيها الراقصون الممتازون؛ بل لتنتصبوا على 
رؤوسكم أيضا"'؟! 

۱۸ 

)5١( 8 : 7 0‏ ۶ . ء 

تاج الضاحك هذاء هذا التاج المكلل بالورود”'*؛ أنا الذي ألبست 
)١(‏ لكأنه نداء منصور الحلاج وهو يمضي راقصا في أسواق بغداد ويتلو مدائحه ومناجاته 


منتصبا عل رأسه كما تفيد بعض الروايات. 
)۲( إكليل الورد الذي يتوج به زرادشت نفسه كنقيض لإكليل الشوك الذي ألبسه اليهود ليسوع- 


oY 


نفسي هذا التاجء وأنا الذي أعلنت ضحكي مقدّسًا. وإلى اليوم لم 
ألتق بأحد له ما يكفي من القدرة على إتيان مثل هذا الأمر؛ 

لكننى آنا زرادشت الراقص» زرادشت الخفيف الذي يومئ 
بجناحيه جاهزا للطيران» ملوحا لكل الطيورء متأهبا جاهزاء مغتبطا 
نَرّقَا؛ 

زرادشت العرّاف صادق النبوءة» صادق الضحكة؛ لا نافد الصبرء 
لامتزمنّاء بل واحدا محبا للقفز والقفزات الجانبية؛ أنا الذي ألبست 


نفسي هذا التاج ! 


1 

ارفعوا قلوبكم يا إخوتي» عاليا وأعلى! ولا تنسوا أرجلكم أيضا! 
ارفعوا أرجلكم أيضا أيها الراقصون الممتازون؛ بل لتنتصبوا على 
رؤوسكم أيضا! 

ففي السعادة أيضا هناك دواتٍ ثقيلةء أقدام دببة بالولادة. أولئك 
الذين يجهدون أنفسهم بطريقة مضحكة» مثل فيل يحاول الانتصاب 
على رأسه. 

إنه لأحب أن يكون المرء أحمق من فرط السعادة من أن يكون 
مجنونًا شقاء؛ وأفضل أن يرقص الواحد بقدم ثقيلة من أن يمشى 
مجر جرا قدما عرجاء. ۰ 

لتتعلموا من حكمتي هذا الأمر إذا: أقبح الأشياء لها أيضا وجهين 


ميسن نه 


-المسيح قبل صلبه . إضافة إلى الفرق الآخر ذي الدلالة الفلسفية الكبرى وهو أن زرادشت 
هو الذي يكلل نفسه بنفسه كتتويج لمسار استقلاليته الفكرية . 


04 


- وحتى أسوأ الأشياء لها قدمان للرقص: فلتعلّموا أنفسكم إِذَا 
كيف تنتصبون سويًا على أقدامكم أيها الناس الراقون! 
ولتنسوا إِذَا أورام الكآبة وكل حزن الرعاع”؟! آه لك تندون: لبن 


كتيبين حزاتى ,هؤلاء: المهرجين الرعاع اليوم! لكن 'الزمن اليوم للرعاغ : 


۲۰ 


لتكونوا مثل الريح عندما تهب أعاصير قادمة من كهوف الجبال: 
على إيقاع صفيرها الخاص تريد أن ترقص وتجعل البحار ترتعش 


وتهتز تحت وقع قدميها. 





2000 شن فصل «محاولة نقد ذاتي» الذي جعله نيتشه مقدمة لطبعة جديدة من كتاب مولد 
التراجيديا نجد تعليقا على الفقرتين ١4‏ و5١‏ من هذا الفصل الذي نحن بصدده. فى الفقرة 
۷ بالعسديد اتن هذا النصل يطوى نقذ للروماسيية وما تخملة من كاية وتقاؤمة لصون 
جيلا ناميا يمتلك تلك النظرة التي لا تعرف الفزع وذلك الاندفاع البطولي باتجاه كل خارق 
فظيع » لنتصور الخطوات الجريئة لقاتل التنينات والشجاعة الابيّة التي يدير بها هؤلاء 
ظهورهم للتعاليم الهزيلة للتفاؤل كي يحيرا بكلية كليتهم «حياة إرادة ثابتة لا تنشني»: ألن 
يكرن من الضروري إِذَا أن يستدعي الإنسان المأساوي لهذه الحضارة فى غمار تربيته 
الذاتية على جدية المخاطر وفظيع الأمورء أن يستدعي له فنا جديدا؛ فن السلوان 
الميتافيزيقي: التراجيديا مثله مثل مثيلته وابنة نوعه هيليناء وأن يصرخ مع فاوست: «ألا 
ينبغي علي إذاء وبعنف الرغبة/ أن أعيد إلى الحياة ذلك الشكل الوحيد الذي ليس له من 
مثیل؟ . 

«ألن يكون من الضروري؟). . . لاء وألف لا! أيها الرومنطيقيون الشبّان: لا ضرورة في 
ذلك! لكن من المحتمل جدا ET‏ هكذاء أن تنتهوا أتتم هكذاء امغمورين 
بالسلوان» كما ينص على ذلك الكتاب . ان تغدوا بالنهاية وبالرغم من كل تربيتكم الذاتية 
على جدية المخاطر وفظاعات اا مغمورين ب«السلوان الميتافيزيقي»؛ أي في كلمة : 
مسيحيين كما ينتهي كل الرومنطيقيين. . . كلاء بل لک أن کی أوللا و اران 
الدنيويي ؛ عليكم أن تتعلموا الضحك يا أصدقائي الشبانء حتى وإن أردتم أن تظلوا 
متشاتمين كل التشاؤم. ولعلكم ستبعثون في يوم ما وأنتم تضحكون بكل السلوانات 
الميتافيزيقية إلى الجحيم» والميتافيزيقا في مقدمتها! . 


ه60 


الريح التي تمنح الحمير أجنحة وتحلب اللبؤات الشرسة؛ مباركة 
هي تلك الروح الخيّرة الهوجاء الاتية إعصارا عاتيا على كل الحاضر 
وكل الرعاع» ‏ 

- عدوّة رؤوس الدرّاج الشوكي ورؤوس الدواب وكل الأوراق 
الذابلة والأعشاب الطفيلية ؛ مباركة هي روح الإعصار الخيّرة المتوحشة 
الحرة التي ترقص فوق المستنقعات وأكوام الحزن كأنها تعبر راقصة 
فوق المروح! 

الروح التي تبغضها كلاب الرعاع المسعورة وكل تلك السملة 
المنقوصة القاتمة؛ مباركة هي روح العقول الحرة جميعهاء العاصفة 
الضاحكة الثن تذرؤ الراب فى أعين كل السوداويين والشبرقعية 
بالسّهام! ۰ 1 

أيها الناس الراقون. إن أسوأ ما فيكم هو أنكم لم تتعلموا كيف 
ترقصون كما ينبخي على امرئ أن يرقص؛ - أن تعبروا فوق أنفسكم 
راقضين ! وما ضركم إن أنتم فشلتم! 

نكم ما تزال هناك من الأشياء الممكنة! فلتتعلموا إذا أن تمضوا 
فوق أنفسكم ضاحكين! لترفعوا قلوبكم أيها الراقصون. عاليا وأعلى! 
ولا سوا أن" ی ها كيدا رفيا 

تاج الضاحكين هذا؛ التاج المكلل بالورودء إليكم أقذف بهذا 
التاج يا إخوتي! لقد أعلنتٌ الضحك مقدساء أيها الناس الراقونء 
فلتتعلموا أن تضحكوا! 


o7 


نشيا |1 كآبة0"© 


6 ی عرد اا معو على ا طن 
الأخيرةة لكنه بعد أن نطق ساحن كلماته انسل من أمام ضيوفه وه 
اف و 


(1) نشيد الكآبة قد نشأ في شكل قصيدة مستقلة بذاتها خريف 1884 . وفي مسودات زرادشت 
الثاني المحفوظة تحت رقم 2115 توجد شذرتان الأولى (۲۸ [۳]) تحمل عنوان اخحبث 
شمسئ" والثانية تحت عنوان «خرفان» وفى مسودات زرادشت الثانى الواردة تحت رقم 7 
١ 6‏ نجد تنويعات مختلفة في صياغة هذا العنوان: «خبث شمسي». ١لا‏ شيء سوى 
شاعراء «تائب العقل». كما نجد جزء كبيرا منها فى الشذرة ]۳١[ ١‏ من نفس المجلد. 
مع فارق أن القصيدة لم ترد مقطعة أبياتا قصيرة كما ترد هنا. وفي قصيدة ديثرامبوس 
ديونيزوس يعترضنا أيضا «لا شيء سوى أحمق! لا شيء سوى شاعر!». ونشير إلى هذا 
الحضور لنفس النص تقريبا في مواقع عديدة ومختافة كي يكون القارئ العربي على بينة 
من الجهود المتكررة وما يرافمها ا مراجعات وتغيير وتعديلاات يعقوم بها نِيِتّسّه قبل 
التحرير النهاثى لنصوصه. كما أن القارئ قد لاحظ بالتأكيد فى الهوامش السابقة ورود 
بعض الجمل وأحيانا مقاطع بأكملها من كتب أخرى لنيتشه قد ضمنها كتاب زرادشت بما 
يجعل من الواضح أن «هكذا تكلم زرادشت» يمثل بالنهاية عملا قد تجمعت فيه وتكثفت - 
فى شكل أدبى شعري هنا مجمل أفكار نيتشه الموزعة على كتاباته الأخرى. أي أنه 
خلاصة كل كتاباته . وليس بالغريب إِذَا أن يحظى هذا المؤلّف بالذات بكل حب نيتشه فهو 
يسميه أحيانا ازرادشتی» وأحيانا أخرى «إبنى زرادشت» - كما لو كان يقول: «خلاصتى». 


9¥ 


حولي! لکن أين هما حيواناي؟ إليَء إليّ يا نسري ويا حيّني! 


قولا لي إِذَا يا صديقيّ؛ أتكون لهؤلاء الناس الراقين المجتمعين 
هنا رائحة كريهة؟ يا للروائح النقية من حولي! الآن فقط أصبحت 
أعرف وأحس كم أنا أحبكما يا حيواناي!» 


كم كرو زراضية كلامه کا کی اجا يا رانا ۹ ودا 





)١(‏ حب الحيوانات. الذي يعبر عنه زرادشت لنسره وحيته. قد سبق أن لمسناه فى فصل 
«المتسول الطوعي»: "ما الذي حدث لي؟ قال زرادشت مسائلاء شيء دافئ وحيوي 
ينشطني الآن. شي 0 هنا. 
أحس بأنني اقل وحدة؛ رفقاء وإ بر E‏ لی وأنفاسهم الدافنة تداع 
أوتار روحى». / وینما كان یجول بنظرء فى ما حوله ا عن ذلك الذي كان يبعث 
الناوات في وخشة وخده» هاهو يرى أبقارا كانت تلفت متجتمعة فرق مرشع قذربعث قرا 
واا كلدت غك قن حت اا الات 
اللطيفات؟ ای زد ای وا E‏ أن نقول. وكما نستنح مما 
يرد مثلا في في المسيح الدججال؛ الفقرة ٠١‏ : لقد قلبنا معارفنا. وغدونا أكثر تواضعا على 
جميم الأصحدة - لم تعد نرجع بالإنسان إلى أصل واقع فى «العقل» أو في «الألوهية» 
وأعدناه إلى حظيرة الحيوان. إنه فى نظرنا أقرى حيوان» لأنه الاك ر مكرا: وتتيجةٌ ذلك 
هو ما يتمتع به من مدارك عقلية . اكه جن من فن المقا بل م لا 1 لغرور الذي نشعر أنه 
يحاول أن بعبر عن نفسه بصوت مرتفع هنا أيضا: كما لو أن الإنسان كان الغاية المقصودة 
من تطور الحيوان. إنه لا يمثل البتة أفضل الخليقة / أو تتويج الخليقة/ . وكل كائن آخر 

من الكائنات المجاورة له يتمتع بنفس الدرجة من الكمال. . . وإذ نحن نقدم 0 
فإننا تذهب في اعتبارنا إلى آبعد من ذلك : إن الإنسان. بصفة نسبية» لهو الخلقة الحير 
الأكثر فشلاء الأكثر هشاشة والذي عرف الانحراف الأكثر TT‏ 
وبهذا كله الحيوان الأكثر طرافة! ‏ وفي ما يتعلق بهذه الحيوادات فإن ديكارت قد عبر بجرأة 
ا الفكرة الجسورة التي ترى إلى الحيوان “machina il‏ : وکل علومنا 
الفزيولرجية تتجه بجهدها نحو البرهنة على هذه المقولة. ونحن بالتالى: منطقياء لا 

نستثنى الإنسان من هذه المقولة كما فعل ديكارت (. . .) ف ف نامض كان ار برف فل 
ان وفي «الروح» البرهان على أصله السامي» عا ر + ولكي* 


0۸ 


النسر والحية يندفعان إليه وهما يسمعان هذه الكلمات» ثم التصقا به 
وهما يرفعان عينيهما نحوه. وعلى تلك الحال ظلوا متلاصقين ثلانتهم 
صامتين معا يتشممون ويستنشقون الهواء النقيى. ذلك أن الهواء في 
الخارج كان أفضل مما هو عليه بين جماعة الرجال الراقين: 


ولم يكد زرادشت يضع قدمه خارج المغارة حتى نهض الساحر 


العجوز من مجلسه وجال في ما حوله بعين ماكرة ثم تكلم: «لقد 
خرج! 

وها أنا أيها الناس الراقون ‏ كي أدغدغ مشاعركم مثلما يفعل هو 
بهذا الإطراء وهذا اللقب المجامل ‏ ها آنا أجد نفسي مجددا تحت 


- الخصم”"“ اللدود لزرادشت: لتغفروا له! والآنء هو ذا يريد أن 


-يدفع بالإنسان نحو الكمال؛ كان ينصح أن يتصرف على طريقة السلحفاة بأن يسحب كل 
حواسه إلى الداخل وبالانقطاع عن كل علاقة بما هو أرضي» وآن يتخلص / يتجرد من 
الدرّقة الفانية : كي لا يتبقى منه غير المكونة الأساسية ؛ «الروح الصرف». وقد توفقنا إلى 
فهم أفضل في هذ المجال أيضا: إن الوعي المكتسبء و«العقل» تمثل في نظرنا عرّضا 
لنقص نسبي فى الكيان الجسدي» كمحاولة» وتلمس» وإخطاء للهدف» وكإجهاد للنفس 
تستخدم فيه كمية كبيرة من الطاقة العصبية ومن دون مرجب. . .». 
# نظرية «البهيمة الآلة» أو «الحيوانات الآلات) ‏ - "bötes - machines" "animaux‏ 
machine"‏ وهى نظرية ديكارت والديكارتين وبخاصة مالبرائش التى ترى إلى 
الخيؤانات: اقات ی بالآلات يها هن مشرفة موتك انساص يمن كل ترم بين 
العاطفة . أنظر القاموس الفلسفى - لالاند. 

(1)-:«الخصم» هى العبارة الانجيلية التي يسمى بها الشيطان؟ أنظر رشالة بطرس الأولى (العهد 
الجديد) الاصحاح 8/0 : «أصحوا واسهروا لأنْ إبليس خصمُكم كأسد زائر یجول متلمّسا 
من يبتلعه؟ . 


يمارس أفانين سحره أمامكم فهذه الآن ساعته. وعبثا أقاوم وأصارع 
هذا الروح الخبيث . 

أنتم جميعاء وأيّا كانت عناوين الشرف التي تتلقبون بهاء سواء 
تسمّيتم ب«العقول الحرة» أو «الصديقين» أو «تائبي العقل» أو 
«المتحررين من کل قرد» 0 «أصحاب الشوق الأعظم». 

- جمیعکم » انتم الذين تعانون من القرف الاعظم مثلي ١‏ انتم الدين 
أنتم جميعا أحباء الروح الخبيثة لشيطاني الساحر والمعرّزون لديه. 

إنني أعرفكم جميعا أيها الناس الراقون» وأعرفه هو أيضا ‏ أعرف 
أيضا ذلك الكائن الفظيع زرادشت الذي أحبه رغما عني؛ وهو غالبا ما 
يتراءى لي مثل قناع إلهي جميل»ء 

أو مثل حفل بأقنعة؛ حفل جديد بديع يجد الشيطان الكئيب 
لروحى الشرير متعة داخله؛ وغالبا ما يتراءى ك انق اج زرادشت 
إرضاء لروحي الشرير. 

لكن هو ذا ينقض عليّ»ء روح الكآبة» شيطان الغسق هذا ويستيد 
بى؛ وحقا أقول لكم أيها الناس الراقون إنه ليشتهي - 

- لتفتحوا أعينكم فقط! ‏ يشتهي أن يقبل علي عاريا؛ ذكرا كان أم 
الويل! لتتحفزوا بكل حواسكم إذا! 

هو ذا النهار يیمتصس صححبه ١‏ والأشياء جميعها تنتظر قدوم المساء 
بما فى ذلك أفضل الأشياء؛ لتصغوا الآن وتنظروا أيها الناس الراقون» 
أي شيطان هذاء رجلا أو امرأةء هذا الروح؛ روح الكآبة المسائية!» 


20۰ 


هكذا تكلم الساحر العجوز» ثم نظر بعين ماكرة من حوله وتناول 


قيثارته . 


: 
ساعة يغدو الهواء روقا نق 

وسلوان الندى يهبط على الأرض 

لامرئياء خافتا لا مسموعا؛ 

- إذ على نعال رقيقة وخفيفة يمضي الندى المعزّي. 
كل 5 ل الميلوان' الوا 

أتذكر؟ أتذكر أيها القلب المتوقد. 

کے كنت قطنا 

إلى دموع سماوية وقطرات ندى» 

محترّقا ومتعباء ظمتاناء 

ننتما قوق دروت الأعشات الضفراءة 


اأناآ ehelterعAb‏ عبارة غريبة شيا ما فى اللغة الألمانية مشتقة من فعل 4011١11١‏ وهو 
تعلق رلامان إلى مهل أت تافل الا الج ل مرا مك ادر احم لامر 
الذي اضطر أغلب المترجمين (أعني هنا الفرنسيين ‏ عدا مارتا روبرت - ومن ورائهم 
المترجمين العرب الذين يتسوقون من سوقهم) إلى تخمين المعنى منطلقين من تفكيك بنية 
العبارة كالآتي 1261168/ - 45 لينتهوا إلى الاستنتاج بآنها تعني خفوت النورء أو هبوط 
العتمة وهو عكس المعنى المراد من الكلمة. ترد العبارة في قاموس الأخوين غريم 
[cob und Wilhelm Grimm Demsches Worlerbch‏ فى معنى صفاء الهواء قياسا 
على الخمرة عندما تروق أو تغدو رؤقاً كما تقول العرب» أو صافية بعد أن يغادرها 
كدرها الأول. ويورد القاموس بيتين للشاعر الألماني فليمينغ (1509 - (۱٦٤١‏ يقابل 
فيهما بين «كدر» الهواء قبل ساعات ثم بداية صفاثه عند ارتفا الكدر. 


د١‎ 


تلقى 9 | 3 مه أذ دها القاسية 
تتراقص حولك متسللة من بين الأشجار الداكنةء 


تورات ةة من خم تله البصرة فة 


«طالب الحقيقة؟ أنت؟ ‏ هكذا كانت تخاطبك هازئة - 
کلا! ما أنت إلا شاعر! 

حيوان» ماكرء مفترسء متسلل» 

عليه أن يكذب دوماء 

حيوان يكذب عن وعي وقصد: 

متلهفا إلى الطريدة 

متذكرا تحت أقتعة ملوتة 

قناعا بدوره 

طريدةً نفسه - 

أهذا ‏ هو طالب الحقيقة؟ 

كلاء لا شيء سوى أحمق! لا شيء سوى شاعر! 
لا شيء سوى فم متكلم بأحاديث منمّقة» 

صارخا بمزيج من الألوان من تحت أقنعة المهرجء 
ا قوق جهو كرد كلمات كاد 

وأقواس قزح ملوّنة» 

عر رمعا هري 

وأرض مزيّمة» 


هه 


ھائماء مطوخا في كل فج» - 


أهذا _ طالب الحقيقة؟ 

لا ساكنا ا ل امس رل اروا 

لذ رلا ها 

أو غمردا منصويا للالهة: 

لا نصبا أمام المعابد 

حارسا على باب إله؛ 

لاء بل عدوًا لأصنام الحقيقة هذه» 

مستأنسا لكل الأدغال أكثر من ساحة أي معبدء 

ممتلئا بنزوات قط خبيثة ) 

قافزا عبر كل نافذة 

بسرعة البرق! في قلب كل صدفةء 

شما :كل الأدغال اکر 

مستعرا رغبة واشتياقا 

داخل كل الأدغال البكر كنت تركض 
الوحوش المفترسة المرقطة 

معافى معافاة آثمة» مزوّقا وجميلا 

تشذكئن يشيلاق اشقا 


o0 


مبتهجا هزءً» مبتهجا فظاعة» مبتهجا E‏ الدماءء 
منقضاء متسللاء مخاتلا مخادعا كنت تمضى؟ - 


أو كالنسر الذي يحدق طويلاء 

طويلا وبعين ساكنة في الهرى السحيقةء 
في هوی نفسه: 

وكيف تهوي نظراته» تنحدران وتغوصان» 
وتجولان في أعماق أكثر فأكثر عمقا! 
ٹم 

فجأة! بانطلاقة سهم ينحدر مستقيماء 
هبوطا ساحقاء ٠‏ 

ينقض على الخرفان مضطرما جوعا 
متقدا لهفة على لحم الخرفان» 

عدوًا لكل أرواح الخرفان» 

مستعرا ضد كل ما يتراءى بهيأة الخرفان» 
وأعين الحملان الوديعة» وفروة الخرفان» 
رمادياء وبطبع الخرفان الوديع! 


بطبع النسر وسجايا الفهد. 
كذا هى رغباتك من وراء ألف قناعء 
هي رع من ور ع 


همه 


EEE أكيا‎ 


انق الاق كيف ترق إلى الأسان 

إلها وخروفا على حد سواء: 

تمزّق أوصال الإله في الإنسان 

كما تمزّْق أوصال الخروف في الإنسان 
ضاحكا فنا الى ترق وف د2 


تلك» تلك هى غبطتك! 
غبطة نسر وفهد! 
غبطة شاعر واخ 


ساعة يغدو الهواء روقاً نقيَاًء 

عندما يتراءى هلال القمر 

شاحبا وحسودا يتسلل عبر حمرة الشفق؟ 
_ عدوا للنهار. 

حَفْيةَ يضرب بمنجله مع كل خطوة 
على أراجيح الورودء 

حاصداء إلى أن تهوي» 


ذاوية تهوي في هاوية الليل: 


هكذا هويت أنا أيضا ذات يوم 

من علياء جنوني المهوس بالحقيقة» 

من رغبات نهاري 

متعبا من النهارء منهكا بالضوءء 

- شاقوليًا هويت» منحدرا إلى قاع المساءء إلى العتمة» 
ابد فا ف وف 

وظمانا: 

ا ؟ اتدكر ااال ارقن 
كيف كنت تحترق عطشا انذاك؟ _ 

لأنني منبوذا كنت 

ون كل ج 

لا شيء سوى أحمق! 


60615 


عن العلهم”” 


هكذا أنشد الساحر العجوزء وإذا كل الجالسين هناك ينساقون 
جميعهم دون شعور منهم ليقعوا مثل العصافير في شراك رغبته الماكرة 
الكثيبة. وحده رجل التدقيق والتمحيص العقلي لم يدع نفسه ينساق 
إلى ذلك الخداع؛ وبسرعة اختطف القيثارة من يد الساحر وصاح: 
شينا من الهواء! دعوا هواء منعشا يدخل إلينا! لتدع زرادشت يدخل! 
إنك تسمم هواء هذه المغارة وتجعله ثقيلاء أيها الساحر المشؤوم! 


)١(‏ يمثل هذا الفصل نقدا للعلماء ذوي العقول الصارمة التى تدقق فى الأشياء والإنسان والعالم 
بطريقة ميكانيكية خالية من الاستقلالية الذهنية والقدرة على الإبداع. هؤلاء الذين 
يجسدهم هنا مثال «العاقة4: أو رجل التدقيق والتمحيص العقلي الصارم . ويسميهم نيتشه 
بميكانيكبى المعرفة: كما يمكن أن نقرأ فى الفقرة ۳۷۳ من الكتاب الخامس من المعرفة 
المرحة. التي وردت تحت عنوان «العلم؟ كفكرة مسبقة . ااينجم عن قوانين التراتب أن 
عددا من العاناء وبحكم انتمائهم إلى الفئة الوسطى للمثقفين لس بوسعهم البتة معاينة 
الإشكالات الكبرى رالأسئلة الجوهرية ؛ فلا شجاعتهم ولا نظرتهم تستطيعان المضي إلى 
تلك المواقع ‏ وبصغة آخص حاجياتهم التي تجعل منهم باحثين؛ وطريقتهم في ذلك 
الترقع والتمني الباطَنئِيُن في أن تتشكل الأمور على هذا النحو أو ذاك. وبذلك فان 
تخرفاتهم وآمالهم سرعان ما تجد هدوءها ورضاهاء وبأسرع مما بنبغي(. . .) والحكم 
نفسه ينطبق على تلك القناعة التي تحظى اليوم برضى العديد من الباحثين الماديين في 
العلوم الطبيعية» والتي تتمثل في الاعتقاد في وجود عالم يفترض أنه يجد له عاب 
ومعادلا في الفكر البشري وفي عالم المفاهيم القيّمية البشرية» الاعتقاد في شيء يدعى 
«عالم الحقيقة» بإمكاننا أن نتوصل إلى الإحاطة به نهائيا بواسطة عقلنا البشري المحدوده 


O2V 


إنك تفوي أبها المَريف الليق وتجر إلى وعبات غامضة وأحرائن 
مجهولة. والويل لنا إن غدا أناس من أمثالك يتشدقون بالحقيقة 
وينسبون آنفسهم إليها! 

الويل لكل العقول الحرة التي لا تحذر مثل هؤلاء السحرة! 
وعلى حريتهم السلام؛ فأنت داعية يغوي ويستدرج إلى العودة إلى 
السجون. 

- أيها الشيطان العجوز الكئيب» فى شكواك يرن صفير الغواية» 

هكذا تكلم رجل التدقيق والتمحيص؛ غير أن الساحر العجوز ظل 
ينظر من حوله مستمتعا بلذة انتصاره متغاضيا عن التغص الذي كانت 
تسبيه له كلمات رجل التدقيق و التمحيص . «لتسكت! قال بنبرة فاترة» 
إن الأغاني الجيّدة بحاجة إلى رجع جيّد؛ وبعد الأغاني الجيّدة على 

وذلك ما يفعله هؤلاء الناس الراقون جميعا. أما أنت» أتراك لم 


=الضئيل . ماذا؟ آنريد حقا أن نقبل بأن ينحط الوجود بهذا الشكل إلى منزلة التمرين 
الحسابي المهين ووضع التقوقع على الانحباس البيتي للرياضيين؟ لنحترس في المقام 
الأول من تجريد الوجود من طابعه الملتبس: إن ذلك ما يمليه علينا الذوق الرفيع أيها 
السادة؛ ذوق حس الاحترام أولا وقبل كل شىء - وهو ما يتجاوز أفقكم! أن يكون هناك 
تاريل واعلامشروع العا حت وكرت لی اورا مغ کرک د بحت د 
يمكن لامرئ أن يواصل بحثه وعمله بطريقة علميّة إلا وفقا لرؤيتكم وطريقتكم ( - تعنون 
بذلك ميكانيكيًا في الحقيقة؟)» الرؤية التي لا تسمح بطريقة أخرى غير العدّ والحساب 
والوزن والنظر واللمس ولا شىء غيرهاء فإن هذا لا يعدو كونه بلادة وسذاجةء إن لم نقل 
خللا ذهنيا وبِلّهًاه . ا 


مهمه 


«إنك لتطري علي بأن جعلت فارقا بيني وبينك» أجابه رجل 
التدقيق والتمحيص . وليكن كذلك! لكن e‏ الذي أرى فيكم أيها 
الرجال الآخرون؟ إني أراكم تجلسون جميعا بأعين تلتمع شهوةٌ ‏ : 

أين هي حريتكم» أيتها العقول الحرّة؟ إنني لأكاد أعتقد أنكم مثل 
أولئك الذين شاهدوا للتو مشهد رقصة طويلة فاحشة لفتاة عارية؛ 
وأرواحكم أيضا غدت ترقص هي الأخرى! 

أيها الناس الراقون» يبدو لي أن فيكم الكثير من ذلك الذي يدعوه 
الساحر بروح السحر والمغالطة: لا بد أننا مختلفون كثيرا. 

وحقا لقد تحادثنا وتفكرنا معا بما فيه الكفاية قبل أن يعود زرادشت 
إلى مغارته» كيما أظل جاهلا بهذا الأمر: إننا حقا مختلفون. 

نحن لا نطلب نفس الغاية حتى هنا فوق الجبل. أنا أبحث عن 
رند لاماق الذلك حنج إلى تززادقيف ا ما يرال الملعة 
الحصينة والإرادة الأكثر ثباتاء 

اليوم» حيث كل شيء يترئح والأرض بكليّتها ترتجٌ. أما آنتمء 
وكما أرى من نظرات عيونكم» فتبدون لي كما لو أنكم تبحثون عن 
مزيد من اللاأمان, 

- مزيدا من الارتعادء مزيدا من الخطرء ومزيدا من الزلازل. وإنه 
ليخيّل إليَّ تقريباء ولتغفروا لي خيلاء وثوقي هذا أيها الناس الراقون - 

- يخيّل إلي أنكم تشتهون الحياة الأكثر سوء وخطراء تلك التي لا 
شيء يوحي إليّ بالخوف أكثر منهاء إلى حياة الحيوانات الوحشية وإلى 
الأدغال والمغاور والجبال الوعرة ومتاهات الأودية السحيقة. 

ليشن اواك الذين يقودونكم خارج المخاطر هم أحب الناس 


06۹ 


إليكم» بل الذين يحيدون بكم عن كل السبل؛ الغواةً والمضللون 
تحبون أكثر من أي أحد. لكنء حتى وإن كانت هذه الرغبة واقعا 
وحقيقة فيكم فإن هذا يظل يتراءى لي أمرا مستحيلا مع ذلك. 

ذلك أن الخوف هو الشعور الفطري والأساسي في الإنسان؛ في 
الخوف تجد الكثير من الأشياء تفسيرا لها؛ الخطيئة الأصلية والفضيلة 
الأصلية. ومن صلب الخوف نمث أيضا فضيلتي التي إسمها: العلم. 

لأن الخوف من الحيوان الوحشي فيز م١‏ ننه ا لك بعك 
العصورء بما فى ذلك الخوف من الحيوان الذي يخبّؤه فى داخله ولا 
يطمئن إليه: - ذلك الذي يسميه زرادشت «الداية الداخلية» ٤‏ 

هذا الخوف القديم تعمد فى الزن وقد عدا هدن 
روحانيا وعقليًا؛ ذلك هو الذي يسمّى اليوم. في ما يبدو لي علما». 

هكذا تكلم رجل التدقيق والتمحيص العقلي؛ لكنّ زرادشت الذي 
عاد إلى مغارته للتو وكان قد سمع وحزر هذه الخطبة الأخيرة قذف 
إليه بقبضة من الورود وهو يضحك من «حقائقه». «ماذا؟ ما هذا الذي 
كنت أسمعه هنا؟ قال صائحا. حقا أقول لك إنه ليبدو لي أنك 
أحمق» أو أنني أنا الأحمق؛ أما «حقيقتك» فسأقلبها على رأسها حالا 
ودفعة وأحلة. 


فالخوف _ هو الاستثناء لدينا''. لكن الشجاعة والمغامرة والنزوع 


)01( يتطرق نيتشه في كتاب الفجر إلى مسألة الخوف من منظور الأخلاق . الخوف ليس حافرا: 
بل کا اللي وواه المعرقة الى ل بوكو أن عبد إلا اام عو کا 

CUNT ود ا مطل‎ OE E مترق‎ E تلطه‎ a a 
بر اة ف كل عل را ا إو سلطة الأحلاق کل ار فى ا ا‎ 


61 


إلى ارتياد المجهول وإلى كل ممتنع بعيد المنال» ‏ الشجاعة هي التي 
تكوّن مجمل التاريخ القبلي للإنسان في ما يبدو لي . 

هو الذي استهوته كل فضائل الوحوش الكاسرة وأكثرها شجاعة 
فاسترقها منها؛ بعدها فقط تحوّل ‏ إلى إنسان. 

تلك الشجاعة التي رفت بالنهاية وغدت مهذبة روحانية وعقليةء 
AN OEE‏ موا SNARES CRESS‏ 
e‏ 0 ي لحي * كي 

«زرادشت!» صاح كل المجتمعين هناك بصوت واحد وانفجرت من 
أفواههم ضحكة مجلجلة طويلة وقد ارتفع عنهم ما يشبه سحابة ثقيلة 
الوطأة. وحتى الساحر العجوز قد انخرط في الضحك هو أيضا ونطق 
بكلام ذكيَ: «مرحى! لقد ذهب عني الروح الشرير وتوارى! 

ألم أحذركم منه عندما قلت إنه ماكر» وإنه روح كذب وخداع؟ 

وخاصة عندما يظهر عاريا. لكن أي ذنب لي في أحابيله؟ أأنا 
الذي خلقته وخلقت العالم؟ 

هيا! لنعد إلى غبطتنا ومرحنا! وإن بدا زرادشت مغتاضا ‏ انظروا 
إليه! إنه حائق علي ؛ 


=يمكن أن يكون من الخطير أن يتم التفكير فيها بطريقة خاطئة ‏ : بهذه الطريقة تبرر سلطة 
الأخلاق نفسها أمام المعترضين عليها. خاطئ: يعني هنا اخطيرا»ء لكن خطيرا على من؟ 
عادة ليس الخطر الذي يتهدد العنصر الفاعل هو ما يضعه الماسكون بسلطان الأخلاق في 
الحسبانء بل ما هو خطر عليهم+ إمكانية تخليهم .عن السلطة وفقدان مصفاقيتهم إذا ما 
أسند للجميع حق التصرف بطريقة اعتباطية وبحمق» وبحسب الفهم الخاص لكل أحد 
صغيرا كان أم كبيرا: لكنهم. وفي ما يخصهم يسمحون لأنفسهم دون إشكال بالتصرف 
بطريقة اعتباطية وبحمقء - بل ويأمرون» حيث تكون الإجابة عن أسئلة «كيف يمكنني أن 
أعمل؟» أو «لأي غرض ينبغى على أن أعمل؟» أمرا صعبا للغاية أو مستحيلا ا 


051١ 


لكنه» وقبل أن يحل الليل سيكون قد عرف كيف يحبني من جديد 
ويمتدحني» إنه لن يستطيع العيش طويلا من دون أن يرتكب مثل هذه 
الحماقات. 

هو الذي يحب أعداءه؛ وهو الخبير بهذا الفن أكثر من أي أحد 
من _رأيت وغرفتم لبه يفف لذللك .من أضدقانه ا : 

هكذا تكلم الساحر العجوز وقابله مجمع الرجال الراقين بعبارات 
الاستحسانء وإذا زرادشت يمر بأصحابه يصافحهم بمزيج من الخبث 
والمحبة مثل واحد يطلب معذرة من الجميع ويكفر عن ذنب ما. لكن 
وهو يقترب من باب مغارته ها قد عاوده حنينه إلى هواء الخارج النقي 


وإلى حيوانيه» ‏ وإذا هو يهم بالتسلل خارجا. 


١ أنظر فصل ”عن الفضيلة الواهبة» الكتاب الأول من هذا الكتاب». والهامش رقم‎ )١( 
.١٠6١؟ص‎ 


01۲ 


بين فتاتين من بنات الصحراء 


١ 

«لا تنصرف عنا! خاطبه المسافر الجوّال» ذاك الذي كان يسمي 
نفسه ظل زرادشت. امكث معنا لثلا يعاودنا حزننا الثقيل القديم . 

فالساحر العجوز لم يبخل علينا بأسوأ ما لديهء وها هو البابا التق 
الطيّب قد غمرت عينيه الدموع وأبحر مجددا في محيط الكابة. 

ولئن كان بوسع هذين الملكين أن يظهرا أمامنا بهيأة متماسكة. 
ذلك أنهما كانا أكثر من تعلم من بيننا جميعا من دروس هذا اليوم 
فإني أراهن مع ذلك على أن اللعبة الشنيعة ستعاودهما هما أيضا لو 
وجدا نفسهما لوحدهما دون شهود؛ 

اللعبة الشنيعة للغيوم المتجوّلة والكابة الرطبة والسماء المغشاة 
والشموس المحجبة ورياح الخريف المولولة. 

اللعبة الشنيعة لعويلنا وصرخات استغاثتنا؛ لتمكث بيننا يا 
زرادشت! فهنا بؤس في كثير يريد أن يتكلم مساء ثقيل”''0 وغيوم 
كثيرة» وكثير من الهواء العطن الثقيل! 


)١(‏ أنظر لوقاء الاصحاح ۲۹/۲١‏ : يلتقي إثنان من الحواريين بيسوع المنبعث من الموت بعد 
ثلاثة أيام من صلبهء لكنهما لم يستطيعا التعرّف عليه وعندما يتظاهر بنية الانصراف 
يخاطبانه هكذا: «أمكث معنا لأنه نحوٌ المساء وقد مال النهارُ؛ . 


۳ 


4 طبق ال ا لك مجددا ا العقول لك 
1 ىة ! 

أنت وحدك تستطيع أن تجعل الهواء من حولك قويا ونقيا! وهل 
كان ! لي أن أجد في مكان ما من الدنيا كلها هواء نقيا مثل هذا الذي 
لقيت فى مغارتك؟ 

بلدانا كثيرة رأيتء وأنفي قد تعلم اختبار أنواع عديدة هخ الهواة 
وتمييزها؛ لكن هنا عندك كان لمنخريٌ أن يعرفا لذتهما الكبرى! 

عدا أجلء عدا هذه الذكرى القديمة! أوه لتغفر لى هذه الذكرى 
وهذا النشيد القديم؟ طبق. تحلية قد نظمته في ما مضى بين فتاتين من 
بنات الصحراء ؛ 

إذ لذيهما كان هناك عواء شرق طيتب وق وهتاك كنت أبعد.ما 
يمكن عن أوروبا العجوز الغائمة الرطبة الكثيبة! 

وف ااا حت تلك الات ا بات وتلق السياء الأخرى 

وإلنخ:تستطيعوا أن تتضدؤرا كيف كانتا تجلسان هناك لطفتين 
وودودتين عندما لا تكونا راقصتيّن» عميقتيّن لکن دون خواطر 
وأفكانه» معز كلقي جير شن عن الا رار مكل الغاز ملفوقة 
بالشرائط» مثل مكسّرات شهيّة - 

- مزركشات وغريبات حقا! لکن لا تكدرهن غيوم: ألغاز تمنح 
نفسها للقراءة؛ إكراما لتلك الفتاتيْن نظمت آنذاك هذا المزمور طَبَقّ 
تحلية لختام المأدبة؟. 


هكذا تكلم المسافر أو الظل؛ وقبل أن ينطق أحد من الجالسين 
بجواب تناول قيثارة الساحر العجوز وراح ينظر بسكينة ووقار الحكمة 
مد دول وهو حلمو ا و 
ببطء مختبرا مسائلا مثل واحد يتشمّم هواء جديدا في بلاد غريبة. ثم 
انطلق في الغناء بصوت شبيه بالدمدمة. 


۲ 
الصحراء تمتد وتتسع ؛ وويل لمن يحمل صحاري في داخله! 
ها! يا للمهابة! 
إنه فعلا لأمر مهيب! 
بداية لائقة! 
بمهابة إفريقية! 
نما يلبق باس 
أو بقرد يزعق بمواعظ أخلاقية - 
د الكنها: لا شاوی شيا أمامكما 
صديقتئ المحببتين» أنتما 
اللتيّن تسئى لي 
لأول مرةء 
أنا الأوروبي. 
أن اخ عند" اكد مكنا قفنت ا 


() فضلنا الإبقاء على عبارة «سلاه! الإنجيلية كما تترد مثل لازمة تهليل في المزامير (العهد- 


0710 


0) 


رائع حقا! 

ها أنا أجلس هناء 

قريبا من الصحراءء ومع ذلك 

أبعد ما يمكن عن الخلاءء 

لا متصحّرا مجدبا؛ 

بل هي هذه الواحة ابتلعتني» 

هذه الواحة الصغيرة التي فتحت فاها اللطيف متثائبة» 

ذاك الفم الصغير الذي يعبق طيبا ليس مثله في الأفواه من طيب: 
وها أنا أقع داخله» 

متحدراء هابطا - لأجدني بینکما» 


ايها الصديقتان المحيتان:.. .سلاه! 


طوبی»› طوبى لذلك الحوت» 
إذ يمنح ضيفه مثل هذه الغبطة! - 
أتفهمون إشارتى المتفقهة م 


طوبى لبطنه» 


-القديم)» والتي تعادل هللويا. » ولم نترجمها بكلمة عربية متداولة مثل: يا للروعة! أو 
مرحى! ومرة أخرى أجد ما يدعو إلى الضحك في بعض الترجمات العربية لهذه العبارةء 
عندما يقذفنا مترجما زرادشت» هكذا كو ان مئذنةء بعبارة «حئّ على الصلاة!» 
الإشارة هنا إلى قضة يونان الذي قى اة أيام ق جوف الحو ١‏ أنظر العهذ القديم” 
يونان +؛الإصحاح الأول/ ١۷‏ والإصحاح الثاني بكامله . 


0611 


إن كان بطنًا ‏ واحة لطيفا 

مثل هذه الواحة: لكنني أشك في ذلك 

- فنا قادم من أوروبا 

المهوسة بالشك أكثر من كل الزوجات المستات . 
ليصلح الرت حالها! آمين! 


وها أنا أجلس الآنء 

داخل هذه الواحة الصغيرة» 

مثل حبة تمرء 

سمراءء حلوة» مكتنزة ذهبا» 

تحن إلى فم فتاة» 

بل أكثر من ذلك إلى أسنان أنثى يافعة» 

بيضاءء باردة. قاطعة: إذ تلك 

هي التي تهفو إليها قلوب كل التمور المتوهجة. سلاه! 


شبيها بهذه الثمار الجنوبيةء 
أستلقي هناء ترف حولي 
حشرات مجنّحة صغيرة 

تلهو متراقصة» 

وأحلام وخواطر أصغر حجماء 
أكثر حمقا وأكثر خحيثاء ‏ 


01¥ 


محاطا بكماء أنتما 
أيتها الفتاتان؟ القطتان: الضامتتان المليكتان أسرارا والغانا: 
دودو وزليخة» 
Gv _‏ 5 5 
- مستهولا > کي أشحن حشدا من الاحاسيس 
فى عبارة واحدة: 
(ربي اغفر لي 
هذه الخطيثة اللغوية!) 
اا هنا مستنشقا أطيب الهواء. 
هواءَ فردوسيا بحق». 
هواء خفما مشعا» مطوّزا بالذهب» 
أرق وأطيب ما نزل من القمر من هواء 
- أمخض صدفة كان ذلك؟ 
أم فعل نزق وغرور؟ 
لكنني ١‏ آنا الشكاكء اضع ذلك موضع الشك› 
- فأنا قادم من أوروبا المهوسة بالشك 
(*) )ااطم5ج:[] عبارة ينحتها نيتشه اشتماقا من ×”ام؟5 إحالة لى أبي الهول الذي يطرح ألغازا 
مبهمة على من يعترض طريقهم . وفضلنا بدورنا وضع عبارة لا توجد في العربية تماشيا مع 
هذا الاشتقاق الغريب الذي يقوم به نيتشه. وبما أنه طلب مغفرة الرب لنفسه على «هذه 


الخطيئة اللغوية» فلا شك أن المغفرة ذاتها ستشمل مترجميه أيضا إذا ما تجرّأوا على 
التحرش مثله بمثل هذه البدع . 


01۸ 


أكثر من كل الزوجات المستّات ؛ 
ليصلح الربّ حالها! آمين! 


مشا لرك الا كر 'نقاة 

محر E E‏ 
بلا مستقبل» بلا ذكريات» 

هكذا أجلس هناء 

أيتها الصديقتان المحبّبتان» 

أنظر إلى النخلة 

تتمايل مثل راقصة» 

تنثنى وتنحني وتميد بخصرها 

- يحاكيها المتفرجء إن هو أطال النظر! - 
مثل راقصة ظلت طويلاء طويلا 

في ما يبدو لي» طولا يهدد بالهلاك› 
تنتصب على ساق واحدة دوماء 

دوما على ساق واحدة؟ 

- وإذا هي تنسىء كما يتراءى لي» 
تنسى ساقها الثانية؟ 

أو أنني على الأقلء 

عبئا. بحشت طويلا 

عن توأم الجوهرة المختفية 


0538 


- أعني تلك الساق الثانية - 

داخل الدائرة القدسية 

المحيطة بتنورتها ذات الحواشي المرصعةء 
الخافقة الطائرة الهفافة. 

أي تعم» صدقاني يا صديقتيّ ن الجميلتين : 
لقد أضاعتها حقا! 

لقد توارت واختفت! 

هاف تاورث واخ 

تلك الساق الثانية! 

وا حسرتاه على تلك الساق اللطيفة! 

ترى في أي مكان تستلقي الآن وهي تندب مصير وحدتهاء 
تلك المتروكة الوحيدة؟ 

يقضها الخوف 

من أسد شرس متوخش أصفر 

بفروة مجعدة شقراء؟ 

أو لعلها الآن ملقاة هناك» مقضومة 
مجرّدة من اللحم - 

مثيرة للشفقةء واحسرتاه! واحسرتاه! 
مقضومة. مجردة من اللحم! سلاه! 


أ له تكن 


OV. 


أيها القلبان الرقيقان! 

E 

قلبا التمر أنتما! وصدرا الحليب! 

ثديا رحيق السوس اللطيفين! 

كمي عن البكاعء 

يا دودو الشاحية! 

كوني كما الرجل يا زليخة! تشجعي! تجلدي! 
- آم ترز يلر متا هنا 

شيء منشطء شراب مقو للقلب؟ 

حكمة بعبارات معسولة؟ 


كلمة حماسيّة رثانة؟ 


هيًا! انهضي أيتها الكرامة! 
كرامة الفضيلة! كرامة أوروبيَ! 
لتنفخ » ولتنفخ مجدداء 

يا منفاخ الفضيلة ! 

ها! 

لتزأر ثانية» 

زئيرا أخلاقيا! 

أسدا أخلاقانيا 

يزأر أمام بنات الصحراء! 


آلاه 


ذلك أن عواء الفضيلةء 

أيتها الفتاتان المحبيتان» 

هو اکر نمق أ شيء سواهء مذار 
حماسة الأوروبي المتوقدة» 

وسعار الأوروبي المتأجج ! 

وها أنا أقف الآن هنا 


أوروبياء 
لخر ل قن للف :يكن :الله فى عرفا 
آمين ! 


الصحراء تمتد وتتسع ؟ وويل لمن يحمل صحاري في داخله! 


(0) = j 


١ 

على إثر نشيد المسافر الجوّال الذي يلقب أيضا بالظل امتلأ فضاء 
القغازة "فحنا وضحكا؛ ولا كان الضيوق" المجمعون: يتكلفون 
جميعهم في آن واحد بما في ذلك الحمار الذي وجد نفسه داخل هذا 
الجو المشجع يخرج عن صمته هو أيضاء أحس زرادشت بشيء من 
الاشمئزاز والهزء من ضيوفه؛ بالرغم من فرحته لمرحهم؛ إذ بدا له 
ذلك المرح علامة من علامات الشفاء. وهكذا انسحب خارجا ليتكلم 


إلى حيوانيه . 


)١(‏ طرحت ترجمة هذا العنوان بعض الإشكالات . فعبارة 8١سk)ءعسع‏ الألمانية تختلف عن 
عد Erwa‏ التى تعنى اليقظة أو المحوة. وقد تشابهت الأمور على المترجمين العرب فى 
هذا الامن نسي التشابه والداظ اللذزى تفيل لدئ المت مين ار تصن الف ترجا 
عنهم. فقد ترجم هؤلاء 8اناكاءء م8 ب الاثم في حين أن عبارة 6/61 هي الأصح. 
وتستعمل عبارة ۸٥٠۲ء‏ فى معنى الإيقاظ: ولس اليقظة. فى أيوب ۸/۳: اليلعله 
لاعنوا اليوم لإيقاظ التتين؛. أيقظ الشيء (الاهتمامء الحواس» مشاعر كراهية. . .) 
تختلف فى العربية عن استيقظ. لأن الأولى مصدرها خارجى والثانية متأتية من لدن 
ال سف وهنا كبن افق ج ا اللغه ا ا ا 
ال ١‏ | 
قد ذهب فايكس فارس إلى عبارة «الأنتباه وقد يكوك قرتحم عن ترجمة فرنسية استعملت 
عبارة 6۷81ء وتعني في العربية «إيقاظ» شيء أو أمر ما (أيقظ فضولهء أيقظ شكوكا. . . )= 


ov 


«أين ذهب اف يا ترى؟ قال متسائلا وقد انقشعت عنه هو أيضا 
سحابة مزاجه المعكر شيئا ما؟ ‏ يبدو أنهم قد نسوا صراخ استغاثتهم 
هنا عندي! 


- وإن همء للأسف. لم ينسوا الصياح مع ذلك. «ثم إن زرادشت 
أحكم يديه على أذنيه إذ امتزج للتو نهيق الحمار بصفة غريبة بصيحات 
الفرح التي كانت تتعالى من أفواه أولئك الرجال الراقين. 


-كما يمكن أن تعنى يقظة أيضاً (مثلا يقظة الأحاسيس) ولا يمكن أن تستعمل فى معنى 
الأحاء إو ف الات دة فى فة اة عو واه وي ف .هذه الا يقر 
استعمال عتارة اليقظلة :واتغتمل محمد الاج دة الا رهاب 41 لامكذا تکل زرادعك» 
منشورات إفريقيا الشرق ‏ المغرب١٠3)‏ ولا أدري آية أوهام بدت له آنها قد تبددت هنا 
والحال أن الأمر يتعلق فى هذا الفصل بإعادة إحياء طفوس العبادة و«إقامة» رت جديد هو 
الحمار . وعندما تثبتنا في الكلمة الألمانية وجدنا قاموس الآخوين غريم يحيل على مواقع 
كثيرة من الكتاب المقدس (العهد القديم: التكوين الاصحاح 8/548 التثنية الاصحاح8١‏ 
/۸. القضاة الاصحاحين 8/7١و‏ ”24/7 صموئيل الثاني ؟ الاصحاح ۷ أيوب 
الاصحاح ۳/ ۸ء الملوك الأول؛ الاصحاح ١5/١١‏ و١5/1١)‏ وفي كل هذه المواقع ترد 
العبارة كالآتي و(أقام الرت نسلا" أقام الرب لهم قضاةء وأقام لسليمان خصما. . 
وبما أن نيتشه ينهل كثيرا من لغة الأناجيل من جهةء ولأن المشهد الذي يصوره هذا الفصل 
يتعلق بتنصيب رب جديد هو الحمار وإقامة الصلاة لهذا الرب فإننا ارتأينا أن نستعمل 
عبارة «البعث»» إذ يتعلق الأمر هنا ببعث رب للوجود؛ أو إن أردنا أن الجساعة قد أقاموا 
لهم ربا بلغة الأناجيل ‏ أي بعثرا ربا إلى الوجود بعد إعلان موت الله منذ بداية الكتاب. 
وفي لسان العرب ترد عبارة الث في معنى الإيقاظ «وبعثه من نومه بْعَثاء فالبعث: أيقظه 
وأهته» ثم نجد «وتأويل البعث: إزالة ما كان يحبسه عن التصرّف والانبعاث». ثم: 
«والبغث إثارة بارك أو قاعدٍ. والبعث أيضا الإحياء من الله للموتى ؛ ومنه قوله تعالى : ثم 
بعثناكم من بعد موتكم : أي أحييناكم» . هكذا بدت لن عبارة «البعث» اقرب ما يكون لتأدية 
المعنى المقصود هنا من عبارة Ew٥) 1٩8‏ الألمانية . لكن هذا الاختار لم يتم دون تردد 
وذلك بسبب ما تمارسه عبارة «إحياء» من إغراء هنا أيضا إذ يمكننا أن نقول بآن الجماعة قد 
أحيوا ديانة ومناسك عبادة وأقاموا صلوات من جديد. كما يرد على لسان زرادشت الذي 
وقف مندهشا وهي يرقب طقسهم الغريب. في بداية هذا الفصل . نتمنى أن يسعف الحظ 
قارفا أو جا اخ کے ماو ا ا 


ع باه 


حساب مضيّفهم؛ ولئن تعلموا الضحك عنّي» فليس ضحكي آنا هذا 
الذي تعلموه. 

لكن ما أهمية ذلك؟ فهم رجال مسئون؛ يتماثلون للشفاء على 
طريقتهم ويضحكون على طريقتهم؛ وقد تعوّدت أذناي على أية حال 
سماع ما هو أسوأ دون امتعاض أو تأفف. 

يوم نصر هو هذا اليوم . روح الثقل › عدوي اللدود القديم يلسحب 
ويتراجع! ولكم ستكون سعيدة نهاية هذا اليوم الذي بدأ تعيسا وثقيلا! 

وإنه فعلا يريد أن ينتهي ٠‏ إذ هو ذا المساء يتقدم ؛ ممتطيا صهوة 
جواده يطل من وراء اليحر» ذاك الفارس المقتدر! و کیف يتمايل هذا 
العائد السعيد فوق سرجه الأرجواني! 

من فوقه تلتمع السماء صافية» والعالم د يستلقى عميقا من تحت: 
إنه لمفيد أن يقيم المرء عندي هناء أيها الغريبون القادمون عليّ!» 


الراقين من المغارة؛ وإذا هو يعود إلى الكلام: 
عدوّهم اللدود: روح الثقل. وهاهم الآن يتعلمون كيف يضحكون من 
أنفسهم ؛ تراني لا أسمع حقا ما أسمع؟ 

غذائي الصلب يفعل مفعوله وكذلك نسغ كلماتي المقوؤي؛ والحق 
أقول لكمء إنني لم أغذهم بنباتات تنتفخ بها البطون! بل بغذاء 
محاربين» غذاء غزاة: رغبات جديدة أيقظتٌ فيهم. 


OV5 


آمال جديدة تسري في سواعدهم وأرجلهمء وقلبهم يتمطط الآن 
ويتسع . كلمات جديدة تحضرهم» وعما قريب سيتنفس عقلهم عبئا 
فرتعا 

غير أن مثل هذا الغذاء قد لا يصلح للصبية ولا للإناث المولهات. 
ات ر جا عق عد السرا فكلك الآناك. طرق ای اسب 
بصفة أفضل وإقناع أحشائهن؛ ولستٌ الطبيب ولا المعلم الاس 
0 

کو ا فيحن عو هوا ا چا ا ا یا اند 
انتصاري. واثقين غدوا في مملكتي» وكل الخجل السخيف ينقشع 
عنهم وينسحب؛ إنهم يطرحون الآن ما في دواخلهم. 

يفرغون قلوبهم؛ يستعيدون لحظات سعيدة؛ يحتفلون ويجترّون: - 
لقد أصبحوا معترفين بالجميل. 

وإني لأرى في هذا خير علامة أن يغدوا معترفين بالجميل» وعما 
قريب سيفكرون في إقامة أعياد وسيشيّدون تُصّبا لأفراحهم القديمة. 

إنهم ناقهون! هكذا خاطب زرادشت قلبه مغتيطا وهو ينظر إلى 
الخارج ؛ لكن هاهما حيواناه يلتصقان به معبّريّْن عن إكبارهما لسعادته 


و عه 


۲ 
غير أنْ أذن زرادشت أصابها الذعر فجأة» إذ هاهي المغارة التي 


كلاه 


جنائري؛ وها أنف زرادشت يشتم رائحة دخانٍ معَطر وبخور شبيهة 
بقلت الى تاي هن اسعزاق فار الصتويرء 

«ما الذي يحدث؟ ماالذي يفعلونه ياترى؟ تساءل زرادشت وتسلل 
إلى مدخل المغارة حيث غدا بإمكانه أن يشاهد ضيوفه دون أن يروه. 


«إنهم غدوا جميعهم أتقياء من جديد. إنهم يصلون! لقد جتوا!» 
قال زرادشت وهو يتعجب منتهى العجب . وبالفعل كان كا آولئك 
الرجال الراقين؛ الملكان والبابا العاطل والساحر السىء الصيت 
والمتسول الطوعي والمسافر الظل والرائي العجوز وأقبح الآأدميين» 
راكعين جميعهم مثل أطفال أو مؤمناتٍ العجائزء ميتهلين بالصلوات 
إلى الخمار. وللئو شرع أقبح الآدمثين يخرغر ويزبد كما لى أن شينا 
مما لا يقال يحاول أن يصدر عنه ولا يستطيعء ثم ها هو يفلح أخيرا 
في النطق بما كان يغرغر به ويزبد» وإذا هو نشيد ديني غريب في 
مديح الحمار الذي كانت تلف حوله عجاجة من الصلوات والبخور. 
EEE‏ لياف E E‏ 


AN E Ea‏ والقية لياه 
NAY‏ 


- ويجيبه الحمار: إي 0 


)١(‏ أنظرء رؤيا يوحنا؛ الاصحاحلا/ 1١‏ : «آمين! البركة والمجد والحكمة والشكر والكرامة 
والقدرة والقوّة لإلهنا إلى أبد الأبدين». 

(؟) ستجعل ابتداء من هنا إي 1 الألمانية التي تعبر عن نهيق الحمار» إي - ها لتقريبها من 
تصويت نهيق الحمارء عوضا عن ”نعم». 


IVY 


يحمل أثقالنا وقد اتخذ هيأة الخادم وهو عميق الصير وأبدا لا 
تقول لاك وان عن تك رو 

- ويحيبه الحمار: إي ‏ ها. 

صموت لا يتكلم إلا ليكون كلامه دوما نعم للعالم الذي حٌى ؛ 
وهكذا يثني على خليقته. حكمته في كونه لا يتكلم؛ وهكذا لا يأتي 
خطأ إلا في ماندر. 

- ويجيبه الحمار: إي _ ها! 

متواضعا يمضي في الدنيا يكاد لا يُرى؟؛ رمادي هو لون جسده 
الذي يحجب به فضيلته. وإذ ما كان له عقل فإنه يخفيه؛ لكن الجميع 
يعتقدون في أذنيه الطويلتين. 

- ويجيبه الحمار: إي - ها! 

أية حكمة خفيةء أن تكون له أذنان طويلتان وعلى الدوام يقول 
نعم» ولا تسمع منه أبدا كلمة لا! ألم يخلق العالم على صورته؛ أي 
كأسخف وأغبى ما يكون؟ 

- ويجيبه الحمار: إي ‏ ها! 


(1) أنظر رسالة يوحنًا إلى العبرانين؛ الاصحاح 5/١5‏ 5: «وقد نسيتم الوعظ الذي 
يخاطبكم كبنين يا ابني لا تحتقر تأديب الربٍ ولا خُر إذا وبّخك. لآن الذي يحبّه الرت 
يؤدبه ويجلد كل ابن يقبله». لكن نيتشه يقلب المبدأ الإنجيلي؛ إذ يصبح المحبّ لربه هو 
الذي يوذب ربّه . وعلى الربّ الذي جُسْد هنا فى صورة الحمار أن يكون صبورا ويتحمل 
يحمل الأوزار ولا يقول أبدا لا وهو الذي يجيب دوما: نعمء لعم. أنظر البيت 
الموالى . 

(؟) لعل في هذا البيت إشارة إلى استحسان الله لخليقته بعد أن فرغ من خلق العالم كما يرد في 
سفر التكوين من العهذ القديم ؛ الاصحاح :7١ /١‏ «ورأى الله كل ما عمله فإذا هو حسنٌ 
جدا. 


OVA 


إنك تسلك سبلا مستقيمة وأخرى مواربة ولا يهمك كثيرا ما الذي 
يعراءئ للتامن استقامة أو اعوجاجا. في ما وراء الخير والشر تقع 
مملكتك. وإنما تلك هى براءتك أن لا تعرف ما هى البراءة. 

- ويجيبه الحمار: إي - ها! 

أنظر كيف إنك لا ترد أحداء لا المتسوّلين ولا الملوك؛ تدع 
لاال ان الك “ وعندها يسع الع الحا إلى غرارعلك: فاتك 
تقول بكل بساطة : إي ‏ ها. 

- ويجيبه الحمار: إي - ها! 

إنك تحب إناث الحمير والتين الطري» ولا أنت بكافر أو من 
غات اوقلت كن بالأشواك عدا تكون جاتنا إن فى ذلك 
لحكمة إلهية . 

- ويجيبه الحمار: إي ‏ ها. 


)١(‏ متى + الاصحاح ١4/194‏ : «أما يسوع فقال دعوا الأطفال يأتون إليَ ولا تمنعوهم لأن لمثل 
هؤلاء ملكوت السماوات». 


0۹ 


عيد الحمار 


١ 
نفسه وإذا هو ينهق بدوره: إي  ها وبصوت أعلى من صوت الحمارء‎ 
ثم يقفز وسط ضيوفه الذين طار بهم الجنون الآن. «ما هذا الذي‎ 
تفعلونه هنا يا بني الإنسان؟ صاح فيهم وهو يقتلعهم من وضع الركوع‎ 
الذي كانوا عليه. الويل لكم لو أن أحدا اخر غير زرادشت يراكم‎ 

الآن! 

إن أي إنسان سيظن أنكم أكبر الكفرة أو أكثر العجائز خرّفا وحمقا 
بعقيدتكم الجديدة هذه! 

أنت 1 ٤‏ ؟. 5 ۱ $ 00 5 5 3 ا ا [ء 

وأنت ايها البابا كيف تسمح لك نمسك بان تصلي وتبتهل لهذه 
الصورة صلاتك لإلهى والحال أند حمار؟). 

«أي زرادشت» أجابه الباباء إنه لأفضل أن يُعبّد الله في هذه 
الصورة من أن لا تكون هناك أية صورة! تفكرٌ في هذه المقولة يا 
صديقى الجليل» وستدرك بسرعة أن الحكمة كل الحكمة تكمن فى 
هذه المقولة. 

إن ذلك الذي قال إن «الله روح»ء قد أنجز الخطورة الكبرى 


SA‘ 


والقفزة الأبعد باتجاه الكفر: وإنها لمقولة يصعب جبر ما أحدثته من 

إن قلبي ليقفز وينط فرحا إذ ما يزال هناك شيء يعبد فوق هذه 
الأرض . لتغفر يا زرادشت لقلب بابًا عجوز تقيّ!» 

«وأنت! قال زرادشت مخاطا المسافر الظل › لست من يتصور 
نفسه ويدعو نفسه بالعقل الحر؟ وتمارس هنا مثل هذه العبادات الوثنية 
والحركات التي تحاكى عبادة الأصنام وشعائر السخف؟ 

اتلك رف هنا اموا عا كي ع ب راان الاك أنها 
المؤمن الجديد الث نيع !) 

«أمر سىء بما فيه الكفاية؛ معك حق يازرادشت» لكن ما ذنبى 
آنا؟ فالإله القديم عاد إلى الحياة مجددا يا زرادشت» ولتقل ما تريد. 

إن أقبح الآدميين هو المسؤول عن كل هذا؛ فهو الذي بعثه من 
جديد. ولئن قال بأنه هو الذي قتله فى ما مضىء. فإن الموت بالنسبة 
للآلهة سجرد فكرة مسبقة » ا 
ومن تراه سيؤمن بك بعد الآن في هذا الزمن الحرء إن كنت تؤمن 
بمثل هذه الألوهيّات الحميريّة؟ 

سخف هذا الذي كنت تفعله؛ فكيف تسمح لنفسك» أنت الرجل 
الماك اداح بعل :هذه الا 


)١(‏ وردت هذه الجمل الأخيرة بتنويعات عديدة في مواقع مختلفة من كنشات نيتشه إلى أن 
انتهت إلى هذه الصياغة الأخيرة داخل هذا الفصل. نجد فى كنشات صائفة خريف- 


OA! 


ای زرادشت» أجاب الساحر العجوز الماكرء معك حىّء» كان 
ذلك سخافة حقا؛ - وإن ذلك ليثقل على قلبى الآن بما فيه الكفاية». 


وأنت يارجل التدقيق والتمحيص العقلي على وجه الخصوص. 
تَفْكَرْء وضع إصبعك على أنفك”''! آلا تجد شيئا مما يستثير ضميرك 
في كل هذا؟ أليست روحك أكثر نقاء من أن ترضى بمثل هذه العبادة 
وبأبخرة العوانس؟2. 
إصبعه على أنفه. بل هناك شيء ما في هذه المسرحية يرتاح له 
هذه الصورة بدو لی أكثر مصذاقية . 


إن الله دائم الوجود حسب ما جاء في شهادات الأتقياء؛ ومن كان 
لديه متسع من الوقت يتمهل ولا يستعجل أمره. إنه يمضي بأكثر ما 


الكائن أذ نحق اك التجاهات. 


۱۸۸۲+ الشذرة رقم ؟[4]: «كيف تخول لك نفسك يمثل هذا السلوك؟ قال أحد 
الأصدقاء لرجل ذكي 9 إن هذا لحماقة! ‏ «أجل. إن هذا ليكثقل على قلبى يما فيه 
الكفاية أنا أيضاًء أجابه ذلك الرجل» . ثم نجد فى كنشات شتاء +۸١ /١18488‏ الشذرة 7١‏ 
[83] أن ال التي كانتت صقاطب: زرادشت هكذا: لکن كيف تسمع لفك بهذا 
السلوك يا زرادشت وأنت الحكيم الماكر! إن ذلك لحماقة! قالت له الحية. ‏ أجلء لقد 
غدا هذا الأمر يتقل على قلبى بما فيه الكفاية». 

10 عاو رك يداف من اهلك اسن و ا 
نقفسك. واعترف بخطك . 


ومن كان له فائض من عمل يستهويه الولع بالحمق والسخافات. 
لتفكر في نفسك قليلا يا زرادشت! 

انت تفشلك نك جما تا ها كك لحن :تواتك وجك أن 
و ا 

ألا يحبذ الحكيم مكتمل الحكمة المضيّ طوعا على أكثر الدروب 
اعوجاجا؟ وإن ما يمنح فة للغيان لدليل على دلا أي زو ادش 
ما يمنح نفسه للعيان من شخصك!4». 

«وأنت أيضاء قال زرادشت وهو يلتفت إلى أقبح الآدميين وهو ما زال 
منطرحا على الأرض رافعا يده باتجاه الحمار (وكان يقدم له نبيذا يريد أن 
ا کن آبيا الذي لآ ی شا هذا الذى دا 

متبدّلا تبدو لي؛ عينك مشعّة وعلى قبحك ينسدل الآن معطف 
ال ES‏ 

أصحيح ما يقوله هؤلاء من أنك قد بعثته للحياة من جديد؟ ولأي 
غرضن؟ الدوها ميب وجه فل 'قبلها وابد 

إنك تبدو لى منبعثا من جديد أنت أيضا؛ فماذا فعلت؟ أية ردة 
حذيت الليك؟ وما الذي ردك إلى الإيمان؟ تك إا أيها: الذي لآ سم 
له!». 

«أي زرادشت. إنك حمًا دجّال! أجابه أقبح الآدميين. 

إن كان ذاك الذي تتكلم عنه ما يزال حياء أو عائدا إلى الحياق؛ أو 
ميتا دون رجعة؛ من منا نحن الإثنين أعلم بذلك وأدرى؟ هكذا 
أسألك . 

لكر هناك أمرا أعرفة-وقد تعلمت ذلك منك بي زوادشت :مين 
يريد أن يقتل قتلا جذريا لا بد أن يضحك. 


OAT 


"ليس بالغضب يقتل المرء» بل بالضحك» _ هكذا قلت فی ما 


مصی - 


الخطير. إنك دخال!) 


۲ 

لكن هو ذا زرادشتء مندهشا أمام مثل هذه الأجوبة الماكرة» يقفز 
متراجعا نحو باب مغارته» ثم يصرخ بكل قوة في وجه ضيوفه : 

«آيها المهرّجون العابثون جميعكم والماكرون! لِم تتظاهرون 
وتتستّرون على حقيقتكم أمامي؟ 

لكم تخفق قلوبكم وتضطرب فرحا وخبثا لكونكم عدتم بالنهاية 
مثل الأطفال؛ أي أتقياء ورعين» - 

- لكونكم أصبحتم مجددا تفعلون ما يفعله الأطفال؛ صليتم 
وبسطتم أكفكم وناديتم «إلهناء ربنا العزيز»! 

أما الآن فلتتركوا بيت الأطفال هذاء مغارتي التي غدت اليوم مأوى 
لكل الضياتيات: 

ولتخرجوا لتبريد كل حماستكم الصبيانية وكل صخب قلوبكم بعيدا 
هناك ! 

وبالفعل إنكم لن تلجوا ملكوت السماء مالم تعودوا صبية”'' (وكان 
زرادشت يشير بإصبعه إلى الأعلى) . 

لكننا لا نريد البتة أن نلح ملكوت السماء: رجالا صرناء ‏ وهكذا 
فنحن نريد مملكة الأرض». 


)١(‏ متى؛ الاصحاح 7/18: «الحقّ أقول لكم إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد فلن تدخلو! 
ملكوت السماوات». 


5 

ومرة أخرى شرع زرادشت في الكلام قائلا: «أي أصدقائي الجدد؛ 
أنتم أيها الرائعون» لكم أنا معجب بكم الآن أيها الرجال الراقون؛ 

منذ أن عاودكم مرحكم! إنكم حقا مشعّون بهجة؛ وإنه ليبدو لي 
أن مثل هذه الأزهار تستوجب إقامة أعياد جديدة» 

حاف م ی ا عا اد عل ا روجا هنا قرعا 
عجوزا يدعى زرادشت» ريحا عاصفة تكنس الكدر عن أرواحكم. 1 

لذ تتبوااهدة الليلة ولا ف الاو اا ا ل الراقون! “نقد 
ابتدعتم هذا الأمر هنا عندي» وإنني لأعتبر ذلك علامة حسنة وطالع 
خير» - فمثل هذه الأشياء لا يبتدعها سوى نقيه مقبل على الشفاء! 

وإذا ما أعدتم إقامة هذا العيد ثانية فلتفعلوا ذلك من أجل أنفسكم» 
ولتفعلوه من أجلي: ومن أجل ذكراي!»“ 


هكذا تكلم زرادشت . 


)١(‏ أنظر رسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس؛ الاصحاح١١/‏ "1 ۔ :۲٤‏ «.. .إت الرت 
يسوع في هذه الليلة التي أسلم فيها أخذ خبزا وشكر فكسّر وقال خذوا كلوا هذا هو 
جسدي المكسورٌ لأجلكم. اصتعوا هذا لذكري». 


OA0O 


نشيد التهوام الليلي“ 


١ 


في هذه الأثناء كان الجماعة قد تسللوا الواحد تلو الآخر خارج 
المغارة إلى الهواء الطلق والليل الطريّ الحالم؛ وكان زرادشت نفسه 
يقود أقبح الآدميين ممسكا بيده ليريه مشهد الليل والقمر الكبير 
المستدير والشلالات الفضية من حول مغارته. ثم ها هم يقفون أخيرا 
هناك جميعهم معا صامتين؛ كوكبة من الرجال المسئّين لكن بقلوب 
مفعمة سلوانا وشجاعة» مندهشين في أعماقهم لشعورهم بالغبطة فوق 
فده الأرن» لکن ا ية الليل كانت ترت رويد زويدا إلى 
دواخلهم. ومجددا رأى زرادشت»نفسه يفكر في ما بيته وبين نفسه: 
«لكم يعجبني هؤلاء الرجال الراقون الان!» ‏ لكنه كتم ذلك ولم ينطق 
به أمامهمء ذلك أنه كان يحترم سعادتهم وصمتهم. 

لكن ها قد حدث الأمر الأكثر مفاجأة في ذلك اليوم المليء 
بالمفاجآت؛ فقد شرع أقبح الآدميّين مجددا في الغرغرة والهديرء 


000( يرد هذا الفصل بعنوان «نشيد السكران/ النشوان» في بعض النسخ . لكن كوللي ومونتيناري 
يثبتان العنوان الأصلى فى الطبعة الدراسية النقدية (1254) 


OA 


وعندما أفلح بالأخير في النطق بما كان يغرغر به ويزبدء هو ذا سؤال 
صقيل وواضح يندلف من فمه» سؤال صاف عميق ومصيب هر قلوب 
لأول مرة سعيدأ بأن عشت كل هذه الحياة . 

وان جرف الشنهادة بذلك الان بدو لى اعرا غير كاف إن المدياء 
فوق هذه الأرض أمر جدير بالعناء: يوم واحد» حفل واحد مع 

«هل كانت تلك هي الحياة؟» أريد أن أسأل الموت. «ليكن! ولنعد 
الكرة إذا!». 

ما رأيكم يا أصدقائي؟ ألا تريدون أن تخاطبوا الموت مثلي: «هل 
كانت تلك هى الحياة؟» ليكن! ولنعد الكرة إذاء من أجل 
زرادشت ٩!‏ . 

هكذا تكلم أقبح اللآدميّينء ولم تكن تفصل الناس عن منتصف 
أن استمع الرجال الراقون إلى سؤاله غدوا فجأة على وعي بالتحول 
قفزوا جميعهم نحو زرادشت شاكرين مكبرين متمسحين يقيلون يديه 
كل على طريقته؛ فمنهم من كان يضحك ومنهم من كان يبكيء اما 
العراف العجوز فكان يرقص من شّدة الطرب. ور كان عندها ممتلتعا 


. ١ أنظر فصل «الرؤيا واللغز» من الكتاب الثالث: الجدلة ما قبل الأخيرة من الفقرة‎ )١( 


OAY 


نيرك اطول تكسو نا راف N‏ "تقاف كان دون ناك سنا 
أكثر بحلاوة الحياة وقد دفع عنه کل تعب . وهنالك حتى من يذهب 
إلى القول بأن الحمار قد يكون رقص هو الآخر في تلك الليلة؛ إذ لم 
او نكن 30 3 ی (TY)‏ ارق 
يكن عبتا أن سنقاهة اقبج الادهيين حمره فيل جن" 0 وعلى اية حال 
فأيّا كان سلوك الحمار عندهاء وحتى لو افترضنا أنه لم يرقص في 
الحقيقةء فقد حدثت مع ذلك أشياء نادرة في تلك الليلة وأكثر غرابة 
وعجبا من رقصة حمار. وباختصار» وكما يمول مغل رادت الأية 
أهمية فى ذلك؟» 


۲ 

لكن زرادشت» وهو يرى ما كان يحدث لأقبح الآدميين» ظل 
متسهرا فی مكانه مثل سكران؛ عيناه منطفئتان ولسانه معقود ورجلاه 
مترنحتان. ومن له أن يحزر أية خواطر كانت تعبر روحه لحظتها؟ غير 
أنه كان واضحا أن عقله قد فارقه لحظتها وراح يحلق في أصقاع نائية 

(TD, i 5 ؛‎ 

كما لو كان يهيم «فوق مرتفع بين بحرین» حسب ما ورد سابقا ؟ 
«مثل سحابة ثقيلة متنقلة بين ما مضى وما هو آت». لكنء وبينما 


)١(‏ إشارة إلى كتاب العهد الحديد ‏ أعمال الرسل؛ الاصحاح؟/ 17 : «وكان آخرون 
يستهزئون قائلين إنهم قد امتلاآوا سلافة» . مع الإشارة إلى أن العبارة في الإنجيل المترجم 
إلى الألمانية (لوثر) ترد هكذا: «قد امتلأوا نبيذا حلوًا». 

(۲) يلاحظ كارل لوفيث في «نيتشه فيلسوف العود الأبدي للشىء نفسه» أن هذه الصورة 
النالخزة لجمان الدقيل كن أن زرل فى اجان 1 نمطي الال الديوتوزي الل ب 
البق التسيني السلوج الع من الوت رفي القائل العامة فى مشا الزذاع : 
«وأقول لكم إِنّي من الآن لا أشرب من نتاج الكرمة هذا إلى ذلك اليوم حينما أشربه معكم 
جديدا فى ملكوت أبى». ‏ متّی ۲۹/۲۹ . 

89 قصل #الأحخام السيعة ا شيك صم رای وزاذعدت اقات 


SAA 


كان الرجال الراقون يضمونه ويحتضنونه» راح يستعيد وعيه رويدا 
رويداء ويدفع عنه أولئك الرجال المتكالبين عليه إجلالا وانشغالا؛ 
لكنه لم ينطق بكلمة مع ذلك. وفجأة أدار رأسه بسرعة» وكان يبدو 
كما لو أن صوتا ما قد تناهى إلى مسامعه: وعندها وضع سبابته على 
شفتيه وقال: «تعالوا!ا 

رفي الحتيق: كان ضمت من حولينم وسكون: قافن لكن شيغا 
فشيئا صعد من قاع الوادي رنين جرس يقرع . ٠‏ راح زرادشت يصغي 
بانتباه وكذلك الرجال الراقون من حوله؛ ثم هو ذا يضع سبابته على 
شفتيه مجددا ويقول ثانية: «تعالوا! تعالوا! إن ساعة منتصف الليل على 
وشك الحلول!» وكان صوته قد تغيْر. إلا أنه ظل متسمرا لا يتحر 
من مكانه: ثم غدا كل شيء أكثر صمتا وغموضاء وكل شيء يصغي 
في سكون بما في ذلك الحمار والنسر والحية: حيوانا الشعار الشرفي 
لر رادت وكدلك شكازة اززاففتة والعمو الكثين السشاك توالا 
نفسه. لكن ها هو زرادشت يضع إصبعه ا الثالثة على شفتيه 
ويقول : 

«تعالوا! تعالوا! تعالوا! دعونا نهيم الآن! لقد حلت الساعة: دعونا 
نهيم في الليل!». 


5 
أيها الرجال الراقون. ساعة منتصف الليل موشكة على الحلول» 
واتتى أزيد أن امسن لكم بشيء كما همس لي الجرس العتيق بذلك. 
ا ی والحميمية» بنفس الفظاعة وينفس الود 
الدين كى نيه جرس ستصب اليل ذلك الذي عافن وخر أك مين 
أ اسان 


9A۹ 


ذلك الذي عد كل نبضات الألم في قلوب آبائكم ‏ آه» آهء كيف 
العتيق ! 

سكونا! سكونا! هي ذي ايا تُسمع الآنء أشياء لا يمكن أن 
ترفع صوتها في النهار؛ بل الآن فقط داخل الهواء الطريّ حيث كل 
شيء بما في ذلك نبض قلوبكم قد غدا صامتا ساكناء 

الآن تتكلم تلك الأشياءء والآن تُسمع صوتهاء وتتسلل إلى 
الأرواح الليلية اليقظة : آى ام كيف تتنهد! و کف تضحك فى حلم 
ا 

آلا تسمع كيف تتكلم إليك بسر وحميمية» بفظاعة وبود» ساعة 
منتصف الليل العميقةء العميقة العتيقة؟ 


انتبة أيها الإنسان! 


ويحي! إلى أين مضى الزمن وتوارى؟ ألم أقع داخل بثئر عميقة؟ 
نائم هو العالم الآن ‏ 

أواه» أواه! الكلب يعوي» والقمر ساطع. وإنه لأحبّ إلى أن 
أموت؛ أن أموت أحبٌ إلى من أن أفاتحكم بما يختلج في قلبي الليلي 
الآن من أفكار . 

بل إننى قد متّ فعلاء وانقضى كل شىء. أيها العنكبوت ماذا 
تراك تنسح من حولي؟ أتريد دمًا؟ آه» آه! هو ذا الندى يتساقطء 
والساعة قادمة ‏ 


24 


الساعة التي يقضني فيها البرد والرعدة» وهي تسأل وتسأل وتسآل: 
«من له ما يكفى من الشجاعة لهذا الأمر؟ 

عض E a‏ كاوق له أن شرل 3 كنا 
ينبغي لك أن تجري أيتها السيول الكبيرة والصغيرة!» 

<"الشاعة ky‏ انعية :يها N‏ انك أيها TOY‏ إنه 
حديث للأذن المرهفةء لأذنك أنت؛ 


- بماذا تحذدث ساعة منتصف الليل؟ 


° 


فرت مون دا غل ال رک 

القمر بارد» والريح صامتة. أواه! أواه! هل ارتفعتم عاليا في 
طيرانكم؟ لقد رقصتم؛ لكنّ القدم ليست جناحا. 

انتهت كل متعة أيها الراقضون البارعون» الخمرة غدت خميرا 

لمْ تطيروا عاليا بما فيه الكفاية» والآن هي ذي القبور تلجلج: 
«خلصوا الأموات! لِم طال هذا الليل؟ ألا يُسكرنا القمر؟» 

خلّصوا القبور إِذَا أيها الرجال الراقون وأيقظوا رفات الأموات! أواه 
ما للدود لا يتوقف عن النبش؟ إن الساعة تقترب وتقترب ) 

الجرس يدمدمء والقلب ما يزال صر وسوس الخشب يقضم ؛ 
سوس القلب. أواه! أواه! إن العالم عميق! 


5۹۱ 


5 

أيتها القيثارة العذبة! أيتها القيثارة العذبة! أحبّ نغمتك» نغمتك 
التي تحاكي صوت الضفدع السكران! ‏ من أي زمن بعيدء ومن أية 
أصقاع نائية ا نغمتك؛ من غدران المحبة البعيدة! 

أي زلا مود A‏ المتفارة العدك EE‏ كلياق قل 
الأوجاع : آلام الآباء. وآلام الأجداد وآلام الأسلاف القدامى؛ ناضجة 
غدت كلمتك» 

- ناضجة نضح فاك و فو ل حريف ذهيية ا مكل قات 
ارد الذي اجملديية افا انها اذكه وله :ااك 
نفسه قد بلغ النضجء والعنب تخضبت بالسمرة. 

ا نيوريه اذا وت ا ا 
ذلك أيها الرجال الراقون؟ ثمة رائحة تتصاعد حفية في الأرجاء 

- عطرٌ ورائحةٌ أبديّة؛ رائحة خمرة ذهبية بغبطة الورودء رائحة 
سعادة عتيقةء 


سعادةٌ موت ساعة انتصاف: الليل 6 سعادة سكرى تغتى ` 


إن العالم عميق › وأعمق مما ظن النهار. 


۷ 
دعني ! دعني! إنني أنقى من أن تمسني يداك! ألم يغخد عالمي 
E A a E‏ المفاوق 
الرطي الاق ااه الست اع مت اللبن أف إا 
و صا 


o4۲ 


الرجال الأكثر نقاوة هم الذين ينبغي لهم أن يكونوا سادة على 
الأرض. أولئك النكرات المعمورون والأكثر قوة» أرواح منتصف 
الليل الأكثر صفاء وأكثر عمقا من أي نهار. 

أتتلمس آثاري أيها النهار؟ وتسعى لملامسة سعادتي؟ أثريٌ آنا في 
نظرك؟ وحيذء کر مَعمور ومستودع ذهب؟ 

أوتريدني أيها العالم؟ أدنيويٌ أنا؟ روحانيٌ أنا فى تظرك؟ فدسي؟ 
لكنكما ثقيلان» أيها النهار وأنت أيها العالم» 

ل لادان أكثر كيطارة ولتو قا الى اة سحادة عي 
وشقاء أعمق» لتنشدا أي إله» ولتدعا السعي إلى ملامستي أنا: 

سعادتي» مثل شقائي» عميقة أيها النهار العجيب» لكنني لست إلها 
مع ذلكء ولا آنا بكهف إله : عميق هو وجع شقائي وسعادتي. 


۸ 

ألم الإله أعمق أيها العالم العجيب! لسع إلى ملامسة ألم الإله 
إذاء ولتدغني أنا! فأي شيء أنا بالنهاية؟ قيثارة عذبة سكرى» 

قيثارة منتصف الليل» دندنة جرس لا يفهمه أحدء وعليه أن 
يتحدث مع ذلك :مام صُمْء ذلك أنكم لا تفهمونني أيها الناس 
الراقون! 

وداعا! وداعا! أيها الشباب! أيتها الظهيرة! أيتها العشيّة! والآن قد 
حل المساء والليل ومنتصف الليل» الكلب - الريح يعوي: 

أليست الريح كليا؟ إنها تئنّ» تتبح» تعوي. أواه! أواه! كيف 
تدا وقيف تضهك! وای هریز تهر واي لمات ناهت شاغة 
منتصف الليل ! 


0۹۳ 


بای يان كدت هذه الشاعرة الستكوئ :الآن تاها اغ قت كن 
الشررب تيا ين الويف كر امعو ١ a‏ 

ساعة منتصف الليل العميقة العتيقة تجتر في الحلم وجعهاء 
وأكثر منه غبطتها. ولئن كان الوجع عميقاء فالغبطة أعمق من معاناة 
القلب . 


۹ 

أيتها الكرمة! لِم تمتدحينني أيتها الكرمة؟ ألم أقطغك؟ قاس أنا 
وأنت' تنزفين؛ ما الذي يريده مديحك .من قسوتى السكرى إذا؟ 

«كل ما غدا مكتملاء وکل ناضج يريد أن يموت!» هكذا تکلمت؛ 
مبارك» مبارك هو مقص الكرّام'''! لكن كل ما لم يبلغ النضج يريد أن 
بحيا: الويل! 

«مرّ واندثر!ء يقول الألم» مر واندثر أيها الوجع!» لكن كل ما 
يتألم يريد الحياة» أن يصبح ناضجا وممتلثا رغبة واشتياقاء 

- ممتلئا شوقا إلى البعيد والمرتفع والمضيء. «أريد وَرَنَةَا» هكذا 
يتكلم كل ما ال «أريد أولادا؛ لا أريد نفسي» . 

لكن الغبطة لا تريد ورَنَّةَ أو ولداء بل نفسّها تريد؛ تريد الخلود. 
تريد العؤدء وتريد كل شيء ‏ على ما هو عليه إلى الأبد. 

الآلم يقول: «تحطم. انزف أيها القلب! تنقلي أيتها القدم! وطرْ 
أيها الجناح ! وامض عاليا وأعلىء آيها الألم! مضيًا! إلى الأمام يا قلبي 
العجوز: «مر واندثرٌ يقول الألم!». 


2000 أنظر فصل «(عن الشوق الأعظم» : «أن تنثري في دفق من الدموع وجع فيضك ووجع 


2344 


۱۰ 

كيف ترونني أيها الرجال الراقون؟ آراءِ أنا؟ واحد سكران؟ حالم؟ 
جرس ساعة منتصف الليل؟ 

قطرة ندى؟ بخار وعطر خلود؟ ألا تسمعون؟ ألا تشتمّون؟ لقد بلغ 
عالمي الاكتمال الآنء ومنتصف الليل هو الظهيرة أيضاء ‏ 

الألم غبطة أيضاء واللعنة بركةء والليل هو أيضا شمس» ‏ 
لتنصرفوا عني إِذَا لئلا تتعلّموا أن الحكيم مهرّج أحمق أيضا. 

هل قلتم مرة نعم للغبطة؟ أي أصدقائي فقد قلتم إِذّا نعم لكل 
الآلام أيضا. إذ الأشياء جميعا مترابطة متداخلة متعاشقة. 

أأردتم في يوم ما أن تكون المرة الواحدة مرتين» أقلتم ذات مرة 
«إنك تعجبينني أيتها السعادة! أيتها اللحظة! 

كل الأشياءء مجددا وإلى الأبدء مترابطةً متداخلة متعاشقةٌ؛ هكذا 
كنتم تحبون العالمء 

هنبا جغالدا أبننا اسهموه أنه الخالدون؛ وللألم أيضا قلتم: مر 
لكن لتعد ثانية! ذلك أن كل غبطة تريد الخلود! 


۱۱ 
كل غبطة تريد الأشياء جميعها خالدة» تريد عسلا وتريد خميرة» 
وتريد ساعة منتصف ليل سكرىء تريد قبوراء تريد دموع مواساة على 
القبور» وتريد شفقا ملتهبا يلون الذهب؛ 
أيّ شيء لا تريد الغبطة؟! عطشى هيء أكثر عطشا وأكثر حناناء 
أكثر جوعاء أكثر فظاعة وأكثر حميمية من كل ألم؛ تريد ذاتهاء تعض 
على نفسهاء وفي داخلها تضطرب إرادة دائرة العودء 


040 


تريد حبّاء وتريد كراهية» وهي ثريّة تهبء تبدد» تتوسل أحدا 
يتناولهاء تشكر المتناول» وتود أن تُبغض»ء 

ثريّة هي بما فيه الكفاية كي تتعطش إلى الآلم» إلى الجحيم» إلى 
الكراهية» إلى العار وإلى ااا إلى الدنياء ‏ وإنكم لعلى معرفة 
هذه الدنيا! 

أيها الرجال الراقون» إليكم تحنّ الغبطةء تلك الجامحة السعيدة؛ 
إلى الامكم أيها الفاشلون. إلى ما هو فاشل تحن كل غبطة خالدة. 

ذلك أن كل غبطة تريد نفسهاء لذلك هي تحب آلام القلب أيضا! 
أا البعادة!' عا الآ ا مرق أنه بوكر :ذلك أيه 
الرجال الراقون: إن الغبطة تريد الخلود. 

خلودا لكل الأشياء تريد الغبطة؛ تريد خلودا عميقاء عميقا تريد! 


۱۲ 
هل تعلمتم الآن نشيدي؟ هل حزرتم ما الذي يبتغيه؟ مضيًا إذا! 
إلى الأمام أيها الرجال الراقون! ولتغنوا معي أغنية رقصة الحلقة! 


(1) قارن مع سلوك الملاماتيّة من المتصرفة . 
(؟) جمع المتناقضات واحتضان الحياة بكل جرانبها المتقابلة من أسس الفلسفة الأبيقورية 
لنيتشه : فاسفة الاستجابة الإثباتية الحق. لا استجابة انعم؟ الحمارء ولا العدمية والتشاؤم 
والتفجع الرومنطيقي الذي ينتقده بشدة كما ألمحنا لذلك في الهامش رقم .5١١‏ من هنا 
هذا الترابط والتداخل بين المتناقضات الذي يمثل في الحتيقة النسيج الطبيعي لتحياة. 
يضيف كوللي ومونتناري في التعليقات هذه الجماة المتممة التي حذفها نيتشه في ما بعد: 
"إلى الأقبح يهفو الجميل؛ وإلى أكبر الشرور يهف الخير. والذي خلق أكثر العوالم غباء 
كان بالتأكيد أكبر الحكماء: فالغبطة هي التي استمالته ودفعت به 3 ذلك . الغبطة تدقع 
لى كل ضروب الحماقات؛ هي التي تدفع الله إلى التحول إلى خليقة. والحيران إلى 
إنسات؛ والخبطة هي التي تدفع باللذة للتحول إل ا 


201 


ولتغنوا بأنفسكم تلك الأغنية التي تدعى «مرة أخرى!»» والتي 
تعني إلى أبد الآبدين»» لتغنوا أغنية زرادشت الراقصة رقصة الحلقة 
أيها الرجال الراقون! 

أنتبه أيها الإنسان! 

بم يحدث منتصف الليل العميق؟ 

القد نمت» لقد نمت » 

من حلم عميق أفقت: 

عميق هو العالم» 

وأعمق مما كان يظنَ النهار 

عميق ألمّه؛ 

والغبطة أعمق من آلام القلب: 

مر واندثز! يقول الألم. 

لكن كل غبطة تريد الخلود» 

- خلودا عميقاء عميتا تريد!» . 


۹¥ 


العلامة 


في صبيحة اليوم الموالي لهذه الليلة قفز زرادشت من مخدعه وشد 
ا ثم خرج 10 متوهّجا قويا مثل شمس الصباح الطالعة 
من وراء الجبال القاتمة . 

«أيها الكوكب العظيم! هكذا خاطب الشمس كما سبق أن خاطبها 
في ما مضىء «أية سعادة ستكون لك أيها الكوكب العظيم لو لم يكن 
لديك هؤلاء الذين تضيؤهم بنورك» يا عين السعادة العميقة!». 

ولكم ستستاء وتكور ثائرة حيائك الأبئ. لو أن هؤلاء ظلوا 
منحبسين داخل غرفهم بينما أنت المستيقظ تأتي لتهب وتنثر وتوزع! 

هيا إذا! إنهم ما زالوا نائمين أولئك الرجال الراقون» بينما أنا 
صاح: كلاء ليسوا رفاقي الحقيقيين! وليس هؤلاء من أنتظر هنا فوق 

إلى عملي أريد أن أمضي وإلى نهاري؛ لكنهم لا يفقهون علامات 
نهاري» وخطوتي ليست منبه الصحو بالنسبة لهم. 

ما زالوا نائمين داخل مغارتي وحلمهم مازال يقضم ويجتر منتصف 
)١(‏ صورة إنجيليّة . أنظر الملوك الأول (العهد القديم)؛ الاصحاح ٤1/1۸‏ : «وكانت يد 

الرب على إيليَا فشدّ حَمُويْه وركض أمام أحآبَ حتى جاء إلى يزرعيل». 


(؟) أنظر بداية الكتاب : «ديباجة زرادشت». 


04۸ 


ليلي . لکن الأذن التي : تصغي إليّ؛ الأذن المطيعة. - ذاك هو ما 
يفتقرون إليه». 

دعيذه الكلمات حخاطت: زرادشتف قله عيدما ارفك اله م 
وراء الجبال؛ وعندها تطلع إلى السماء باحثا بعينيه» إذ سمع النداء 
الحاد لنسره فوق رأسه. «هيّا! صاح زرادشت باتجاه الصوتء إن هذا 
هو ما يروقني ويلائمني؛ حيوانيّ صاحيان وأنا صاح . 

نسري صاح.ء ومثلي أنا يسبّح بآيات الإجلال للشمس. بمخالب 
فر يعارل .أن نمق على القرر الجفية قمعتي اناق الا 
إنني أحبكما. 

لكن ما زال ينقصني رجالي الحقيقيّون!». 

هكذا تكلم زرادشت؛ وفجأة» ها قد حدث شيء جعله يشعر كما 
لو أنه غدا محاطا بما لا يحصى من الطيور الحائمة فوقه وحول رأسهء 
لكنّ حفيف ذلك العدد الهائل من الأجنحة وذلك الزحام الذي كان 
يضطرب حول رأسه جعله يغمض عينيه. وحقا كان هناك ما يشبه 
سحابة قد هبطت عليه فجأة. سحابة شبيهة بعدد لا يحصى من النبال 
التي يقذف بها عدو جديد. غير أنها كانت سحابة محبّة تنهال على 
رأس صديق جديد. 

«ما الذي حدث لى؟» قال زرادشت مخاطبا قلبه المغمور بالدهشة» 
ت عاج بيط بطع د ما على ا ادي ا 
بالقرب من مدخل مغارته. وبينما كان يحرك يديه فى كل الاتجاهات 
تن #در قن ووه خوكف: اليه بتعا E‏ كرقة O‏ 
عليه بوداعة وتحنانء ها قد حدث أمر آخر أكثر غرابة؛ فقد وقعت 
بده فجأة ودون إرادة منه داخل لبدة كثيفة ذافتة» وفى اللحظة نفسها 
ارتفع من أمامه زئیر أسد؛ لكنه كان زئيرا خفيفا مستر سلا ناعما. 


۹۹ 


«هى ذى العلامة قادمة». قال زرادشت وقد تغيّر قلبه. وعندما 
ا ا أمام عينيه وجد حيوانا أصفر هائلا رابضا أمام قدميه 
وقد أسند رأسه إلى ركبتيه لا يريد الانفصال عنه ولهًا ومحبةء مثل 
كلب قد عثر من جديد على سيّده القديم. ولم تكن طيور الحمام أقل 
حماسة من الأسد في إظهار محبتهاء وفي كل مرة يلامس جناح 
إحداها خطم الأسد كان يهر برأسه متعجبا وهو يبتسم. 

أمام هذا كله لم ينطق زرادشت بغير هذه الكلمات: «آبنائي» إن 
أبنائي يقتربون!»ء ثم ابتلعه الصمت من جديد. لكن قلبه قد تخلص من 
كدره الان» ومن عينيه كان سيل من الدموع ينهمر ويتساقط فوق يديه 
وقد ذهل عن كل شىء من حوله فظل جالسا هناك ساكنا لا يتحرك» 
ولم يعد هي اليلق E‏ وكانت الحمائم تحوم من 
حوله» تقع على كتفيه وتداعب شعره الأبيض ولا تكل من الملامسات 
الرقيقة ومداعبات المرح. أما الأسد الضخم القوي فلم يكن ليتوقف 
عن لعق الدموع التي كانت تتساقط على كفي زرادشت» مدمدما 
ومزمجرا. هكذا كانت تفعل تلك الحيوانات. 

استمرت هذه الحال لمدة طويلة ‏ وقد تكون قصيرة أيضا؛ إذ في 
الحقيقة ليس هناك من زمن على الأرض بالنسبة لهذه الأشياء - . لكن 
في الأثناء كان الرجال الراقون قد استيقظوا داخل المغارة» وكانوا 
يتهيأون للإقبال على زرادشت ليقدموا له تحية الصباح وقد لاحظوا 
عند يقظتهم أنه لم يكن بينهم داخل المغارة. لكنهم عندما بلغوا 
البوابة» وكان وقع خطاهم يسبقهم إلى الخارج» انتفض الأسد بعنف 
واسنثداز فجاة غين زرادشت وقفر نحو المغارة م جرا بتهدة: راذا 
أولئك الرجال الراقون وهم يسمعون زئيره» يصرخون جميعا بصوت 
واحد ويرتدون على أعقابهم مذعورين ليختفوا دفعة واحدة. 


e» 


مذهولا وحيرانا نهض زرادشت عندها عن مقعده وظل واقفا مكانه 

«ما هذا الذي كنت أسمع باتوی ؟ ما الدی :جد ت ی قد ین 
هكذا تكلم أخيراء 

وإذا هو يستعيد فى الحين ذاكرتهء وفى لحظة أدرك كل ما حصل 
بين الأمس واليوم. «هنا الصخرة التي جلست فوقها صباح يوم أمس» 
قال لنفسه وهو يمسح بكفه على لحيته؛ وهتا جاءني الراتى » وهنا 
سمعت الصرخة لأول مرةء هذه الصرحة التى كنت أسمعها قبل قليل؛ 

أيها الرجال الراقون» إنما هو آساكم ذلك الذي تنبأ لي به الرائي 

وبأساكم كان يريد أن وی ویو ی ایز رایت انيت 
لاتوك إلى طك ا ال ل 

إلى خطيئتي الأخيرة؟ صاح زرادشت وانفجر ضاحكا بحنق من 
كلمته هذه: وأيّ شيء وفرته على نفسي كي يكون خطيئتي الأخيرة؟ 

- ومرة أخرى انغمس في خواطره» ثم جلس على الصخرة الكبيرة 

«الشفقة! الشفقة على الإنسان الأعلى!» هتف صارخا وقد تغيّرت 
سحنته وصار وجهه من حديد. «ليكن ! لقد كان لهذا الأمر - وقته! 

أية أهمية لألمى وشفقتى! فهل أنا أتوق إلى السعادة؟ بل إلى عملى 


اتوق ! 


هيا إذا! لقد جاء الأسدء وأبنائي يقتربون» وزرادشت أصبح ناضجا 
وساعتى ات تن 

هو ذا صباحي» ونهاري طالع الآن: إنهضي إذا! د نهضي أيتها 
الظهيرة العظمى !» . 


سا الف ب وراد ET‏ 


انتهى الكتاب الرابع والأخير من هكذا تكلم زرادشت. 


و 


خطب زرادشت ده 8ه هاه دواع 8هاة عه 6 304883 88 ان واد واعا ع دع ف ددهت 2ه فافع ددرو ع ف عن ا دناء ا دن 


عن التحؤلات الثلاثة 0 1111111 


1۳ 


فوق جبل الزيتون a aê‏ 


فخ المتووى الفا 12100111111 


ومور«وممموووووم مودي مموووووه 


مممس عام مم ممملمموء مارم موود رد درن موه 


#عوعومووو هم روه جو مم مدي ردم مي مرو ءرد 


لعموردوومةءءءمسوم مر مم مه مدا مب ء ه509 


ممعممم مم ممرر م موعوم ندر مم ململممم مله 


ومعقلم ممم مم يمد مم هوم ممم موود ءمم يديره 


0غ 


ممع ءمميمم مي وم مهمون ومومميري ررم ممه تممه 


وووفموهوو وم فودوووموووووويوومم وميه 


#ومععم مم ووه ووووويمروومد ريم سوروةيم ووه 


وموو رمعو رور مم مد مهم مدوم ووووممءردمية 


هذا الكتاب 


لم يعد لي من إحساس بما تحسون: وهذه السحابة التي آراها 
تحتي» هذه القتامة والثقل التي أضحك منها ‏ تلك هي سحابة 
ترنون بأعينكم إلى الفوق وأنتم تطلبون العُلىء وأنظر إلى الأسفل 
لذت في الامالى. 

من منكم بمستطاعه أن يضحك ويكون في الوقت نفسه ساميا؟ 
الذي يصعد إلى الجبال الشواهق» يضحك من كل المآسيء